قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل السابع والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل السابع والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل السابع والعشرون

رغم حُطام قلبك يومًا ما سيزهر الحُب فيه و يُرممه...
فيودور دوستويفسكي
تسارعت دقات قلبها وهي ب مفردها الآن معه. معه و فقط حتى أن أيمن قد أخذ وليد معه حتى يتركهما ب مفردهما وليته لم يفعل.

إنتفضت عندما سمعت صوت إنغلاق الباب ولكنها لم تجرؤ على الإلتفات. لا تُصدق أنها وافقت على عرضهِ الغريب والمُفاجئ ب طلبه لزواج منها. ترددت كثيرًا ورفضت ولكن شقيقها ألح عليها ألا ترفض ف قُصي مثال ل الرجل الشهم وأنه سيصونها. وهي شابة في مُقتبل العُمر لمَ تترك نفسها تغرق ك المرساة ب المياه! عليها أن تترك نفسها ل الرياح ف رُبما تُسقطها ب أرضٍ خصب تُزهر روحها.

تقدم قُصي منها وقال ب خفوت أجش دون أن ينظر إليها أو يُديرها إليه
-تحبي تتعشي الأول!..
سرت رجفة بجسدها عندما نطق الأول. هل يعني أن هُناك ثانيًا؟ تصلب جسدها ثم أخفضت رأسها وهي تستدير قائلة ب تشنج
-مرسيه مش جعانة. لو أنت جعان أحضرلك العشا!
-حرك رأسه نافيًا ثم قال ب هدوءِ المُعتاد: أنا بسأل عشانك أنتِ...

أومأت ب رأسها دون أن ترفعها إليه. بينما قُصي ترك لنفسهِ العنان ب تأملها. شابة لا تكاد تُتِم العقد الثالث لها. إلا أن هيئتها لا تدل إلا أنها ف الأربعين. خُصلاتها السوداء الثائرة، و المُفعمة ب الطاقة عكس ملامحها الفاترة. رحمة شابة أجبرتها الحياة أن تشيخ مُبكرًا
تنهد ب ثقل و ب داخلهِ توتر يأبى أن يعترف به لذلك وضع يده خلف عنقه وقال ب إبتسامة
-طب مش محتاجة تغيري هدومك
-صرخت ب خجل: مرتاحة كدا...

صدرت عنه ضحكة مكتومة جعلتها تعض شِفاها السُفلى ب حرج إلا أنه أكمل
-مرتاحة إزاي! خُشي غيري وأنا هستناكِ هنا
-صدقني مرتاحة كدا
-بس أنا مش مرتاح. خشي غيري يا رحمة
-إبتلعت ريقها ب توتر قائلة: طيب...
إستدارت لتدلف إلى الغُرفة ف وجدت حقيبتها فارغة و موضوعة أعلى خزانة الثياب. يبدو أنه أفرغها. إبتسمت ب إمتنان ولكن سُرعان ما زال وهي تتذكر ثيابها الداخلية. لذلك وضعت يدها على فمها ثم شهقت رادفة ب خجل.

-شوف القليل الأدب!..
ظلت دقيقتان حتى توجهت إلى الخزانة لتُبدل ثيابها إلى أكثر ثياب مُحتشمة أحضرتها معها. ف كانت ترتدي منامة حريرية سوداء ذات أكمام قصيرة و مشقوقة ليظهر ذراعيها ب سخاء. و تُعقد حول عنقها ب حبلين مُتعاكسين مُظهران عظمتي الترقوة وما أسفلها ب قليل. وبنطالها أسود اللون يصل إلى كاحليها. ثم وضعت فوق الكنزة شالًا من الصوف لتحمي نفسها من البرد.

تشنجت عندما سمعت صوت طرقات هادئة. لتحبس أنفاسها لثوان قبل أن تسمع صوته يهتف من خلف الباب
-رحمة! خلصتي؟!
-خرج صوتها مبحوحًا: آآ. أيوة
-طب هدخل...
وب الفعل حرك مقبض الباب لتُغلق رحمة عيناها سريعًا. على الرغم أنها إمرأة متزوجة قبلًا ولكن ذلك الخجل الفطري يجعلها فتاةولم يسبق لها الزواج أبدًا.

أغلق الباب خلفه وإتكئ إليه ينظر إليها ب هدوء. عكس روحه الثائرة والمُنطفئة ب الوقت ذاته. سديم تركت به جرح غائر لم يندمل. سديم كانت العشق الأسرع والأكثر نقاءًا ولكن هُدم كل ذلك ب لحظة كان يعلم أنها لن تُقاوم سحر أرسلان الهاشمي وكيف لأُنثى أن تقف أمامه! ولكنه لم يتوقع أن يكون هذا أسرع من إستعادتها إليه.

وكانت رحمة الطريق الأمثل ل إطفاء ذلك الحريق و وسيلة إنتقام فعالة ولكن مع هذا الإحساس ب الذنب قتله لأن يجعل تلك الصغيرة هي أداة إنتقام رخيصة سيفقد لذتها ب مرور الوقت ولكن ستبقى مرارتها ك العلقم ب حياتها هي
وفي خضم تفكيره كانت هي قد فتحت عيناها ظنًا منها أنه قد خرج عندما يئس من تصلبها ك تمثال حجري. إلا أنه خيب ظنها وأفقدها صوابها وهي تراه عاري الصدر و يقف مُحدقًا بها ب شرود.

تراجعت إلى الخلف ف إصطدمت ب الفراش ليخرج قُصي عن شرودهِ إثر صوت تألمها. إقترب منها وتساءل ب قلق
-جرالك حاجة!
-أشارت ب يدها أن يقف وقالت ب توتر: أنا كويسة متقلقش...
توقف قُصي على بُعد خطوة واحدة منها ليجدها مُخفضة رأسها أرضًا مُتحاشية النظر إليه. هُنا وقد لاحظ أنها لم تنظر إليه الليلة أبدًا. لذلك وضع يده أسفل ذقنها مُتجاهلًا رعشتها و ذهولها ثم تساءل مُحدقًا ب عينيها.

-مبتبصليش من ساعة أما دخلنا البيت دا ليه!
-همست ب توتر: مش. مش كدا...
لم تستطع تكوين عبارة ليبتسم قُصي ف عضت على شِفاها السُفلى ب خجل مُتحاشية النظر إليه. وبقى هو مُبتسم تنتقل سوداويه ما بين شفتيها و ملامحها لتستقر بعدها على ملامحها
تلاشت إبتسامته وهو يقترب منها ولا يزال ذقنها حبيس إصبعيه حتى مست شفتيها خاصتها في قُبلة تمنى أن يحصل عليها مع سديم.

وعند ذكرها فتح عيناه سريعًا ثم إبتعد مُسرعًا عن رحمة المذهولة لاعنًا قلبه الأحمق. شد خُصلاته ب جنون ليهدر وهو يخرج عن الغُرفة
-أسف مش هقدر...
تركها هكذا ب طعنة قاسية لأنوثتها مُغلقًا الباب خلفه ب قوة جعلتها تنتفض ثم إرتمت فوق الفراش تتساقط عبراتها ب صمت.

في صباح اليوم التالي
فرقت جفنيها ب نُعاس لتجد أن الشمس قد أشرقت. داهمتها أحداث أمس ف تصلب جسدها المُقيد ب يده. رفعت أنظارها إليه مصعوقة لتجده يغط في سُباتٍ عميق
ظلت هكذا تحتبس أنفاسها ونظراتها مُعلقة به. هي عرضت جسدها أمس لتحصل على إنتقام أحمق من قُصي والذي لن يعلمه البتة. ولكن هكذا صور لها شيطانها الإنتقام.

إبتلعت ريقها ب توتر وحاولت النهوض ولكن يده كانت ك الكِلاب حقًا عجزت عن إبعادهِ. إتسعت عيناه وهي تجد شفتيه ترتفع ب إبتسامة لأول مرة تُبصرها. كان كمن وجد راحته أخيرًا. كمن بلغ نهاية المطاف. إبتسامة رائعة، رجولية صارخة. إبتسامة جعلت خفقة لعينة تهرب من بين خفقاتها العادية جعلت يدها تتلمس زوايا شفتيه القاسية وكأنها تتأكد من إبتسامتهما.

وهو لا يشعر ب كل ذلك بل حُلمهُ السعيد جعله يبتسم. لأول مرة مُنذ سبع سنوات يزوره حُلم عكس الكوابيس التي تُداهمه
صغيرة تفتح باب غُرفته ب صعوبة نظرًا لقِصر قامتها. ثم تركض لتقفز فوق ظهره العاري. وتبدأ تضربه ب خفة ب كفيها الصغيرين صارخة بضحكة طفولية سالبة للأنفاس
-أرسلان. أرسلان. قوم بقى بقينا الصُبح. يلا عشان توصلني المدرسة...
وهذا الشاب يفتح عيناه ب نُعاس ثم يبتسم قائلًا ب تحشرج
-صباح الخير يا قردة.

-ضحكت الصغيرة وقالت: صباح النور يا أرسلان. يلا دا أول يوم مدرسة هتأخر...
صرخت عندما وجدته يسحبها من ذراعها ثم يُلقيها فوق الفراش. ليقول ب مكرٍ بعدها
-بابا لو سمعك بتقولي أرسلان كدا. هيعلق
-زمت شفتيها ب حنق ثم قالت ب دفاع: بس إحنا لوحدنا. وبابا مش هيعرف
-وإفرضي فتنت!..
كشرت عن أنيابها إلا أنها عادت تبتسم ثم قالت ب تهديد
-هقوله إنك بتعاكس بنت البواب
-ضرب رأسها وقال: سوسة. أنتِ سوسة...

ثم هجم ب فمه إلى معدتها ودغدغها لتصرخ هي ب ضحكات صارخة
-خلاص أسفة يا أبيه. أسفة مش هعمل كدا تاني...
إبتعد عنها لتركض ف أتاها صوته
-إلبسي وأفطري عشان أوصلك...
عادت تنظر إليه من شق الباب ثم قالت وهي تُخرج لسانها
-برضو هقول لبابا...
ثم تركته وركضت ليضحك أرسلان لشقيقته التي تعلم عنه ما لا يعلمه غيرها رغم أنها لم تُكمل التاسعة ولكنه يعشقها وكأنها محبوبته.

فتح عيناه بعدما إنتهى الحُلم ليجد سديم تُحدق به ب شرود ف بقى ساكنًا عله يسبر أغوارها
أما سديم ف لم تُلاحظ تلاشي إبتسامته. بل حفرتها ب عقلها علها لن تراها مُجددًا. أرسلان يملك روحًا مشوهه لا أكثر سلبوا منه الكثير ف لا بأس ب الإنتقام. حقًا تحسده لصلابته وعدم فُقدانه لرشده بعد ما عاناه. لو كانت هي ل جُنت بلا أدنى شك
تنهدت ثم قررت النهوض ولكنها تيبست على صوتهِ الماكر، والذي يطغى على نغمته النُعاس.

-قايمة ليه! كملي فُرجة وأنا هعمل نفسي مش واخد بالي...
شهقت ب فزع ثم نظرت إلى عينيه ب تركيز هذه المرة وقالت ب تلعثم
-مش قصدي. كنت سرحانة
-إلتوى فمه ب شبه إبتسامة وقال: صباح الخير
-ص. صباح النور...
إنتظرت أن يتركها أو أن يُبعد عيناه الصقرية عنها ولكنه لم يفعل. لتقول هي ب توتر و لعثمة
-مم. ممكن إيدك عشان أقوم...
لولهة ظنت أنه لن يتركها ف عيناه كانت تُحدق بها ب تدقيق و غموض. إلا أنه تركها ب النهاية.

أحاطت جسدها ب الملاءة ثم جذبت قميصه المُلقى ترتديه. تصلبت وهي تشعر ب يدهِ تلتف حول خصرها وشفتيه اللتين تهمسان ب القُرب من عُنقها ف تلفحه أنفاسه الساخنة
-ندمانة!..
تشنج جسدها الذي ضربته البرودة لثانية إلا أنها عادت ترتخي ثم أجابت ب صلابة
-أنا اللي عرضت نفسي عليك. مينفعش أندم...
إنتفضت لتلك القُبلة التي زرعها على عُنقها المُدمغ ب علاماتهِ وأكمل همسه ولكن خرج هذه المرة قاسي
-أحسنلك متندميش...

نهض هو الآخر ليرتدي بنطاله ثم قال ب هدوء
-جهزي نفسك عشام هاخدك مشوار
-حكت عنقها وقالت: فين!
-لما أخدك هتعرفي...
زفرت ب قنوط ف وجدته يتجه إلى الخارج ف أوقفته دون تفكير
-أنت هتطلع كدا!
-إلتفت أرسلان إليها وتساءل: كدا اللي هو إزاي!..
أشاحت بوجهها بعيدًا علها تُخفي تلك الحُمرة ثم غمغمت ب خفوت و خجل
-يعني مش. مش لابس تقيل والجو برد. هتتعب.

-إبتسم أرسلان ب تسلية ولكنه قال: متقلقيش عليا. مبتأثرش ب البرد. بتأثر بس ب حاجات تانية...
إلتفتت إليه ب جنون وهدرت من بين أسنانها
-بلاش قلة أدب
-حك ذقنه وأكمل ب عبث: واللي بينا إمبارح دا مش قلة أدب!..
لجمتها الصدمة ب خجل. الوقح لن يترك ثانية إلا وذكرها ب أمس. يتباهى بما حدث. فتحت فمها تنوي إلقاء بعض السباب ولكنها عادت تُغلقه ف لا تجد فائدة من الجدال معه لذلك همست ب يأس
-من فضلك إطلع عشان أجهز
-عنيا...

قالها ب تسلية ثم خرج وعلى وجهه ذات الإبتسامة التي رأتها مُنذ قليل. وضعت يدها على صدرها ثم همست بذهول
-أنت قلبي ب يدق بسرعة كدا ليه!،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة