قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الخامس والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الخامس والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الخامس والعشرون

وكان يشعر في قرارة نفسه أن هذه السعادة ليست كاملة
كان يشعر ب وجود سوس ينخر فيها
سوس صغير ولكنه نشيط...
وكان السوس يأكل قلبه في هذه اللحظة...
إسودت عينا أرسلان ب ظلام دامس إلا أنه إبتعد عنها ب هدوء ثم نهض وإستدار يواجه قُصي المذهول والمُتجهمة ملامحه واضعًا يديه بجيبي بنطاله ليردف ب نبرةٍ غليظة، باردة
-نورت يا حضرة الظابط...

نظر إليه قُصي بغتةً وكانت ملامحه قاتمة ك نظراته لكنه عاد يولي إهتمامه لسديم ثم أشار ب إزدراء إلى أرسلان وهدر
-كُنتِ بتعملي إيه ف حضنه!
-تلعثمت سديم: م. م
-ضحك أرسلان ب قسوة وقال: متمأمأيش. قوليله كُنتِ بتعملي إيه ف حُضني!..
إقترب قُصي ب خُطىٍ سريعة ناحية سديم وبدى على وشك إفتراسها إلا أن يد أرسلان القوية أعاقته ثم دفعه بعيدًا وهدر
-هتتهجم على مراتي يا حضرة الظابط ولا إيه!

-قبض قُصي على تلابيبه وصرخ ب شراسة: من أمتى كانت مراتك ها! مش أنت أخدتها مني إنتقام مش أكتر!..
إبتسم أرسلان بلا مرح ثم أردف وهو يُبعد يدي قُصي عن ثيابه
-من ساعة الحفلة وهي بقت مراتي قولًا و فعلًا...
تجمدت عيني قُصي للحظات قبل أن يلتفت إلى سديم المُنكمشة على نفسها ب خوف و صدمة ثم قال ب بهوت
-هو قصده إيه! قصده إيه رُدي!..

صرخ ب سؤالهِ الأخير ف إنتفضت متأوهة. كاد أن يقبض على عُنقها ولكن أرسلان كان ب المرصاد إذ أمسكه من كتفه و دفعه إلى الحائط مُثبتًا إياه ب قوة ثم أردف ب نبرةٍ ك الفحيح
-من النهاردة لو شوفتك بتحوم حولينها هنسى إنك أخويا
-دفعه قُصي وقال ب إزدراء ونفور: خليهالك. مش عاوزها...
شعرت سديم ب قبضة أثلجت قلبها ما أن أردف ب عبارته ونظرته المُميتة ثم أدمى ما تبقى من أشلاء قلبها وهو يهتف ب حُزن مُتألم.

-خيبتي ظني فيكِ. يا خسارة حُبي ليكِ...
عَدّل من وضع ثيابه ثم خرج صافعًا الباب خلفه. مسح أرسلان على خُصلاته وإبتسم ب سُخرية هاتفًا ب برود
-درامي أوي حضرة الظابط...
حينها إلتفتت إليه سديم ونظرت إليه ب نظرات مُحملة ب الكُره والحقد ثم أردفت ب نبرةٍ تشي ب كُل ما يعتمل داخلها من مشاعر نافرة
-بكرهك. بكرهك أكتر من أي حاجة...

نظر إليها أرسلان ب ملل على الرغم من تلك النظرة السوداء التي تلوح بين حدقتيه إلا أن نبرته خرجت هادئة، باردة إلى حد يُثلج القلوب
-هشوف الدكتور هيكتبلك خروج أمتى...
ثم تحرك ب خُطاهِ الهادئة ولكن حين خرج من الغُرفة صفع الباب ب قوة جعلتها تشهق ب رُعب تصحبها إنتفاضة ف تأوهت ب ألم إلا أن ذلك الألم الجسدي لا يُعادل ألم روحها الذي تشعر به لأجل قُصي. حطمته وأرسلان حطمها. تبخر العشق ب ثوان وإنتهت قصة لم تبدأ.

إنقلب السحر على الساحر. أرادت الإنتقام منه ف خسرت هي. كيف لم تلمح أنها مُعادلة غيرُ متوازنة على الإطلاق. خسرت الرهان وخسرت قُصي والأهم خسرت نفسها.

خطى داخل المشفى ب ثقة لا تتلائم مع وجهه المكدوم حتى وصل إلى غُرفتها. طرق الباب ثم دلف وعلى وجهه أبتسامة خبيثة
كانت المُمرضة تنهي تضميد جراح رأسها ثم لملمت أشياءها هاتفة ب إبتسامة مُجاملة
-حمد لله ع السلامة يا دكتورة
-الله يسلمك...
نظرت سديم إلى الضيف الغيرِ متوقع. يحمل باقة أزهار بيضاء ويتكئ إلى الجدار مع إبتسامة خبيثة جعلت جسدها يقشعر.

تقدم ب خُطىٍ بطيئة ف قبضت على الغطاء ب قوة تستمد منه صلابة زائفة. وضع نزار الباقة قُرب ساقيها وأردف ب فحيح
-حمد لله ع السلامة. مكنتش متوقع إنك هتفلتي منها
-إبتسمت هازئة: عُمر الشقي بقي...
إزدادت إبتسامته الخبيثة ليقترب ويجلس على طرف الفراش ثم أكمل ب ذات النبرة
-بس تصدقي لسه حلوة زي ما أنتِ
-صرت على أسنانها وهدرت: عاوز إيه؟!..

ضحك وحك ذقنه ثم قال وهو يتمعن النظر ب وجهها المُحتقن ب غضب على الرغم من إرتعاش جسدها الواضح
-هعمل معاكِ صفقة. وهخصلك من الشيطان من غير أي خساير
-المُقابل!
-مط شفتيه وقال: مفيش مُقابل...
حينها ضحكت سديم هذه المرة وأردفت ب خُبث أُنثى
-متعودش ف حياتي أشوف حد بيعمل خدمة من دون مُقابل
-إبتسم ب إعجاب وقال: ذكية وبعترف...
رفعت أحد حاجبيها ب إستهجان لتتسع إبتسامته وهو يتحدث ب خُبثهِ المُعتاد.

-عمومًا كُنت هطلب خيانتك ليه. سلميه ليا على طبق من فضة هتاخدي مُكافأة دهب...
تمعنت سديم ب ملامحهِ المكدومة وعلى الرغم من خُبثها إلا أنها إستطاعت أن تلمح ذلك الحقد الدفين تجاه أرسلان ف قررت أستفزازه. رغم أنها تكره زوجها وما يفعله معها إلا أن ما تعرضت له عائلته لن تدعها تخونه أبدًا.

-أنت مفكر إني أقدر أضحك عليه! حتى مفكر نفسك إنك ممكن تهزمه! دا دخل بيتك و وسط حراستك وعمل من وشك خريطة. ف جاي ليا أنا وبتقولي أخونه! أه عاوزة أخلص منه بس مخصرش حياتي...
رأت عيناه تحتقن ب غضب قبل أن يردف وهو يصر على أسنانه حنقًا لتلك المرأة التي ترفض عرضه بل وتهينه
-أخر كلام!
-مطت شفتيها وقالت: معنديش غيره
-إبتسم ثم همس وهو يدنو منها: مش خايفة لأقتلك دلوقتي؟

-إبتسمت ب إصفرار قائلة: أنا شيفاك أذكى من كدا...
إتسعت إبتسامته ثم قال وهو ينهض مُتجهًا إلى الباب
-عندك حق. أنا أذكى من إني أقتلك دلوقتي. لسه دورك مجاش...
ثم فتح الباب وخرج. ضربت سديم الفراش ب يدها السليمة وأغمضت عيناها ب غضب غلف ثنايا عقلها الذي لم يخرج من صدمة الساعات الماضية.

كان ب طريقهِ إلى سيارته المصفوفة وقبل أن ينهض الحارس من مكانه يفتحها وعلى بُعد أمتار قليلة كانت السيارة تنفجر مُطيحة بما حولها ب الهواء بمن فيهم نزار
صرخات عمت المكان. هرج ومرج ساد وأشخاص تركض. وأشخاص تبتعد. وقدمي شخص تقترب منه ب بُطء مشوش الرؤية ليكتشف هويته ولكنه لم يحتج أكثر من ثانيتن عندما همس ذلك الشخص.

-جراءة منك إنك تيجي هنا وب كُل بجاحة طالع لمراتي من غير حتى أما تتخفى وكأنك مش عارف مين هو أرسلان الهاشمي...
إتضحت الرؤية لنزار قليلًا ثم نظر حوله ليجد المكان فارغ عداهما ورجاله المُحاصرون ب رجال أرسلان. عاد ينظر إليه وهمس ب تأوه
-اللي بيحصل دا مش هيعدي على خير
-ربت أرسلان على منكبه وهمس بفحيح: وأنا عاوز أشوف هتعمل إيه. متحضرش مارد مش هتعرف توقفه...

نهض أرسلان ولكنه قبض على تلابيب نزار وسحبه فوق الأرضية الصلبة وهو خلفه يصرخ ب ألم إلا أن الأول لم يأبه بل وجد نفسه تتلذذ لصوت صرخاته المُتألمة ومعالمه تغدو أكثر قساوة، قتامة و رُعب قُذف ب قلوب المتواجدين حتى رجاله
تركه أمام إحدى سياراته ثم قال بفحيح وهو يركله ب قسوة
-متخافش مفيهاش قُنبلة زي ما عملت مع مراتي. أنا نزيه حتى ف إنتقامي
أشار لرجاله ب الرحيل ليعود هو إلى المشفى يصعد إلى حيث سديم
بعد يومين.

حينما تعافت قليلًا أصرت على العودة ف لم يُجادلها أرسلان. ف مُنذ ذلك اليوم الملعون وهو لم يتحدث معها أبدًا وكانت هي أكثر من مُمتنة ف إن تحدثت ف ستفقد عقلها ورُبما حياتها
ترجل من السيارة ثم إنحنى إلى نافذة سيارتها وقال ب جمود
-هتعرفي تنزلي ولا أنزلك!
-فتحت الباب وقالت ب إزدراء: أوعى من وشي...
صر أرسلان على أسنانه وفجأة فتح الباب ثم جذبها ب قسوة ف صرخت ب ألم وقبل أن تتحدث كان هو يهدر ب غضب ناري.

-حذاري تتكلمي معايا ب الطريقة دي. ساعتها مش هتدخلي المُستشفى لأ أنتِ هتدخلي القبر...
ثم دفعها بعيدًا عنه ف ترنحت ولكنها عادت تتماسك لتتكئ إلى السيارة وتتحرك ب عرج طفيف. إحتقن وجهها غضبًا لمعاملته الدونية لها ولكنها آثرت الصمت ف حالتها الصحية لا تسمح لها ب نشوب شجار
وصلت إلى الداخل وصعدت إلى غُرفتها ب مُساعدة إحدى الخادمات ثم تمددت فوق الفراش تتأوه ب تعب.

أحضرت الخادمة بعض الثياب وساعدتها في التبديل ثم قالت قبل أن ترحل
-تحبي أحضر لحضرتك أكل!
-تمتمت سديم ب تعب: لأ مش عاوزة...
إنحنت الخادمة ب إحترام و رحلت. بقت سديم ب مُفردها ولا يوجد ب ذهنها سوى قُصي تلك الضربة القاسية التي تلقاها. أغمضت عيناها ب يأس ف قد حاولت لأكثر من مرة الإتصال ولكنه لا يُجيب وعندما تيأس تبعث ب رسالة نصية ولكن كل ما تلقته لا شئ إلا مُنذ ساعتين رسالة نصيها منه مفادها كلمة واحدة.

خائنة
إنقباض غريبة شعرت بها حينما قرأت هذه الكلمة. لم تبكي ب حياتها إلا عند موت والدتها وشقيقها ومرة من أجله وهذه المرة من أجله أيضًا. لم يُحاول أن يسمعها ويسمع تبرأتها مما أُتهمت به ف قررت الإنسحاب ومحاولة تمزيق تلك الصفحة. أما إنتقامها من أرسلان يزيد من نيرانها المُستعرة.

لم تتحمل البقاء أكثر ف قد شعرت ب إختناق ف نهضت ثم إتجهت إلى شُرفة غُرفتها وجلست فوق السور تتكئ إلى الجدار الجانبي و تضم ساقيها إلى صدرها
أزالت عبراتها وبقت تُحدق ب حديقة المنزل لساعات حتى لمحت سيارته تعود ويترجل منها تبعته إمرأة. عقدت حاجبيها ب تساؤل ولم يلبثا أن إرتفعا وهي ترى تلك المرأة تتلعق بذراعه ب حميمية. إنطلقت شرارات حارقة وهي تنهض وتهبط الدرج إلى أسفل.

لم تعلم أنه قد تصل به الوقاحة ليُحضر نساءًا غيرها إلى المنزل. وقفت أسفل الدرج وبقت تنتظرهما رافعة أحد حاجبيها ب غضب
حينما دلف هو وجميلة وجدها تقف ب مواجهته وتنظر إليه ب نظرات قاتلة. ولم يخفَ عليه نظراتها المُدققة تجاه جميلة
أدار يده حول خصرها ف رأى النيران تشتعل ب زرقاويها المتوهجتين ب تلك الشُعلة الزرقاء
تقدما منها ثم قال ب خُبث وهو يُحدق ب سوداويهِ ب زرقاويها
-بنفسك بتستقبلينا.

-تجاهلت حديثه وتساءلت ب غضب مكتوم: مين دي!..
كانت جميلة تُحدق ب سديم ب نظراتها الهادئة. لم تمضي مُدة طويلة مُنذ أن علمت ب زواجهِ وحينما عَلِمت. غضبت وثارت. إحترقت وإحترق قلبها معها. لم تظن أن تُشاركها أُخرى به ولكنها عادت لتهدأ عندما عرفت أنه لا يكن لها الحُب. ف لا توجد معركة من الأساس وهي الرابحة حتمًا.

أفاقت من شرودها على صوت أرسلان المُتشفي وهو يقول ب قوة ب عينين تُحدقان ب خاصتي سديم دون أن يحيد عنها
-جميلة...
وكادت أن تفتح فاها وتتساءل إلا أنه أخرسها ب كلمتهِ المُختصرة والهادئة إلا أن وقعها كان ك السكاكين التي تنخر عظامها
-مراتي،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة