قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل الثالث والعشرون

إن النفس ضعيفة أمام الخوف
و، الحُب!..
أيعقل أن يستسلم العقل! ولكن عقلها حقًا إستسلم لذلك التفكير الذي أطاح بها لمدة ثلاثة أيام. مُنذ قُبلتهم ب المرحاض وهي لم تره أبدًا وكأن الأرض قد إنشقت وإبتلعته
تلك الذكرى التي تُداهمها ليلًا وب أحلامها تعيش ذلك الإحساس ومذاق قُبلته. لتنتفض بعدها ب فزع وهي تتحسس شفتيها ف تحمد الله أنه لم يكن سوى حُلم.

والآن وب سيارتها تتجه إلى مسقط رأسها كما طلب والدها تتحسس شفتيها ب شرود غريب عليها. تنبهت إلى صوت السائق الذي حمحم ب حرج
-يا هانم تليفون حضرتك بيرن من زمان. جايز يكون الباشا!..
هوى قلبها لإفتراض السائق أن يكون هو. لذلك أبتلعت ريقها ب تردد ثم أخرجت هاتفها وإذ بها تجد رقمًا غيرُ مُسجل. تنهدت ب راحة ثم أجابت ليأتها صوتٍ غريب
-الدكتورة رايحة فين من ورا جوزها! أوعي يكون لحضرة الظابط؟

-قطبت جبينها وتساءلت ب توجس: مين معايا؟!..
سمعت صوت ضحكات أسارت ب بدنها الخوف لذلك آثرت الصمت حتى يُفصح عن هويته. ثوان لتسمع تنهيدة طويلة ثم أتبعه حديثه المُخيف
-تلات أيام وأنتِ لوحدك ف البيت والباشا مسافر وسايب مراته فريسة سهلة لأي حد عاوز ينتقم منه فيها. تلات أيام وأنا مستني تتطلعي من الجُحر مع إني كُنت أقدر أأذيكِ فيه. بس حبيت ألعب شوية...

إرتجفت شفتيها وتلفتت حولها وخلفها إلا أنها لم تجد أحد. أمسكت مقبض باب السيارة وهمست ب تحشرج
-مين! نزار مش كدا؟!..
سمعت صوت تصفيقه من الجهة الأُخرى ثم أردف ب فحيح أفعى
-اسمي طالع من بؤك زي الشهد اللي كان نفسي أدوقه
-هدرت من بين أسنانها: عاوز إيه؟!..
وعلى الجانب الآخر
أرجع رأسه إلى ظهر المقعد وتأرجح به ثم قال ب خفوت
-بقولك أخر أُمنية ليكِ. مش هتقدري تشوفيه. بس إفرحي هتقابلي أمك وأخوكِ قُريب.

-شحب وجهها وتساءلت: قصدك إيه!
-همس وكأنه سر: العربية فيها قُنبلة. حابب أخلص عليكِ عشلن ميبقاش فيه عائق بيني وبين جوزك...
إبتلعت ريقها ب صعوبة وتندى جبينها ب قطرات العرق على الرغم من الطقس البارد. سمعت صوت قهقهته ثم حديثه الخبيث
-عقرب الساعة بيمشي تك توك. تك توك. للأسف مش هيقدر يلحقك...
صمت قليلًا ثم قال ب خُبث كأنه تذكر شيئًا ما.

-أه وب المُناسبة لو العربية وقفت أو قللت سُرعتها. بووووم. العربية هتتفرتك. سلام يا قمر...
تهدلت يدها ليسقط الهاتف من بين يديها. كان وجهها يُحاكي شحوب الموتى. تساقطت عبراتها وتيقنت أن نهايتها إقتربت. إن لم تكن حانت
نظر إليها السائق ب غرابة من المرآة الأمامية ثم تساءل ب تعجب
-في حاجة يا هانم!..
لم تدرِ أن صوت أفكارها قد ترجمته شفتيها وهي تهمس ب شرود و صدمة
-العربية فيها قُنبلة
-إيه!..

قبل أن يصل إلى المنزل أتاه إتصال من سائق زوجته الخاص ف أجاب ب فتور
-خير!
-أتاه صوت السائق الذي تملكه الهلع: إلحق يا باشا. فيه قُنبلة فالعربية. والهانم معايا.
تجمدت عيناه وتيبس جسده لثوان قبل أن يهدر ب غضب
-ومستني إيه. وقف العربية وإنزل يا مُتخلف
-مش هينفع. لو العربية وقفت القنبلة هتنفجر...
ضرب أرسلان المقوّد ب غضب ثم على حين غُرة أدار السيارة لتسير ب الإتجاه المُعاكس ليزيد من سُرعته. صرخ ب جنون.

-أنتوا فين!
-مبعدناش عن البلد
-عاد يضرب المقوّد ثم هدر: حافظ على سُرعتك وأنا جايلك. لو مراتي حصلها حاجة هدبحك قبل ما تنفجر العربية بيك...
أغلق الهاتف ثم قذفه ب قوة وهو يزأر ب غضب أسود. كان يزيد من سُرعته حتى وصلت إلى الحد الأقصى. كل ما يدور ب خلدهِ هو أن يلحقها
وعلى الجانب الآخر
كانت سديم تبكي ب صمت والسائق يُهدئها. إلا أن مؤشر البنزين قد أشار قُرب إنتهاءه. ضرب المقوّد ثم قال ب توتر.

-يا هانم! يا هانم اسمعيني
-همست ب صوتٍ مبحوح: في إيه!
-خلل يده ب خُصلاتهِ وقال بهلع: دلوقتي البنزين هيخلص...
إتسعت عيناها وبدأ جسدها يهتز ب نشيج. إلا أنه أكمل حديثه ف أولويته هو حياتها
-إفتحي الباب ونُطي. مفيش حل غير كدا...
نظرت إلى الطريق الذي يتسابق مع سيارتهم ثم نظرت إليه وهمست
-طب وأنت!
-رد ب سُرعة: متخافيش. هحصلك. بس يلا أبوس إيدك. العربية هتقف ف أي وقت...

ب أيدٍ مُرتعشة. فتحت الباب وترددت كثيرًا إلا أن صوت السائق أفزعها
-يلااا...
أخذت نفسًا عميق ثم دفعت ب نفسها خارج السيارة تبعها السائق. وعلى بُعد عدة أمتار قليلة إنفجرت السيارة نتيجة تباطؤ سُرعة السيارة ف تناثرت الشظايا ب القُرب منهما
كانت السيارة تشق الطريق ب سُرعة تُسابق الرياح. حتى لمح تلك الألسنة والأدخنة السوداء المُتصاعدة على قارعة الطريق.

ضغط المكابح ب قوة حتى أصدرت صريرًا عال. ثم ترجل سريعًا. وضع يديه ب خُصلاتهِ يشد عليها ب قوة. كانت عينيه مُتستعتين، شرستين، مذهولتين لذلك الحدث الذي لم يحسب له حسابًا
سيارتها تشتعل نيرانًا تشق عنان السماء. ومن هول المشهد زأر ب صوتهِ كُله إلا أن ذلك الجسد المسجي أرضًا لفت إنتباهه ليركض ب أقصى سُرعته وهو يصرخ
-سديييييييم!..

تسمع صرخته، صوته القوي واسمها الذي خرج من بين شفتيه ب لهفة جعلت عيناها تُفتح ب بُطء
جثى أمامها ثم رفع رأسها إليه وهتف ب قوة و صوتٍ أجش
-سديم!..
لأول مرة مُنذ زواجهما تسمع اسمها منه. وخاصةً تلك النبرة التي تملأها اللهفة. أما هو ف دارت عيناه المُظلمة على ملامحها المكدومة ثم شفتيها التي همست ب تعب و خفوت
-أنا كويسة...

ضم رأسها إلى صدره مُحتضنًا إياها إليه. مدد ساقيه وجذبها إليه. بقى مُشددًا لعناقها عدة دقائق إستعاد بها نبضاته المسلوبة ثم أبعد رأسها عن صدره الذي تلطخ ب دماءها ليجدها قد فقدت الوعي.

وضع يد أسفل ظهرها وأُخرى أسفل ظهرها ثم حملها بين ذراعيه. يُقربها إلى صدره دون أن يعي. مُشددًا على جسدها. خوفه عليها لا يتناسب مع ملامحه القاتمة ب درجة تبعث الرجفة. وعيناه المسودة ب غضب بُركاني يُهدد ب إطاحة الأخضر واليابس. وأنفاسه الهادرة ك إعصار قوي
وضعها ب السيارة ب حرص ثم عاد يتجه إلى السائق الذي نهض ب تثاقل. وجلس على جانب الطريق. وقف أمامه أرسلان ف لم يجد الآخر قُدرة على النهوض.

قذف أرسلان الهاتف ليلتقطه الآخر ثم قال ب جمود
-كلم حد من الرجالة يجيلك...
ثم تركه و رحل ليتجه إلى سيارته. عاد يقود ب ذات السُرعة ليعود إلى بلدته.

حملها بين ذراعيه ليدلف إلى المشفى والجميع ينظر إليه ب دهشة والخوف. إقتربت منه إحدى المُمرضات لتضع سديم ب مساعدته وإثنتين فوق الفراش النقال
توجهن بها إلى غُرفة الجراحة ب إنتظار أحد الأطباء. ولكن لم يأت أحد لذلك هرولت المُمرضة إلى الخارج ليوقفها أرسلان يتساءل ب صوتٍ قاتم
-في إيه!
-تلعثمت قائلة: م. م. مفيش جراحين متوفرين حاليًا. غير دكتور لسه متخرج جديد
-هاتيه...

كان صوته مُخيف ف لم تستطع سوى الهروب وإحضار الطبيب الذي هرول وهو يقول ب إستنكار ف لمحه أرسلان
-هعمل عملية إزاي يعني؟! أنا يُعتبر لسه تحت التدريب...
لم يُكمل حديثه إذ وجد من يطبق على تلابيبه ثم يدفعه ب قوة إلى الحائط جعلته يتأوه ألمًا ف صرخت المُمرضة ب هلع. نظر إلى عيني أرسلان المُرعبة ب خوفٍ جعل حدقيته تهتز. وإزداد إهتزازها مع تهديده.

-أحسنلك متطلعش من جوه إلا لما أسمع إنها كويسة. سامع ولا تحب أسمعك ب طريقتي!
-أومأ الطبيب ب هيستيرية قائلًا: س. سامع
-يلا غور...
دفع جسده الهزيل ليسقط الطبيب أرضًا ولكنه نهض مهرولًا ثم دلف إلى غُرفة الجراحة.

مرت ساعتين كاملتين وهو يجلس أمام الغُرفة ينظر إلى الأمام ب عينين مُشتعلتين ك الجمر المُلتهب يُذيب العظام. حتى خرج الطبيب يرتعش لينهض أرسلان ب جسدهِ الضخم ف تراجع الآخر خطوة. وقبل أن يسأله تكفل هو ب الشرح ب نبرةٍ مُهتزة
-الدكتور. م. آآآ. مفيهاش حاجة شوية رضوض وشرخ ف دراعها الشمال. بس كدا...
تنفس الطبيب بعدما أردف بما لديه دُفعةً واحدة ثم أكمل
-هي هتفوق من البنج ومفيش أي مُضاعفات إن شاء الله...

وهرب. بينما وقف أرسلان ينظر إلى باب الغُرفة ب ذات النظرة وملامح لا تُنذر ب الخير.

في صباح اليوم التالي
بدأت سديم ب إستعادة وعيها رويدًا. تأوهت ب ألم وهي تضع يدها على رأسها المُضمد ثم نظرت إلى أرسلان الجالس فوق المقعد جوارها. يضع يديه على مسندي المقعد وعيناه ك الصقر تُحدق بها
تململت ب تأوه ثم تساءلت ب صوتٍ مبحوح، مُتألم
-هو إيه اللي حصل!
-مال برأسه إلى الجانب وقال بخفوت خطير: أنا اللي المفروض أسأل...
مسحت على عينها اليُسرى المكدومة ثم قالت ب تأوه.

-مش فاكرة. مش فاكرة غير مُكالمة جاتلي قبل ما كل دا يحصل...
أومأ ب هدوء ثم نهض وإقترب منها ليضع يديه حول رأسها ثم إقترب منها. لم تخف بتاتًا لسببين كون الرؤية مشوشة لديها وأنها لم تستطع تبين ملامحه. والثاني هو تألمها الواضح ف الخوف لم يُشكل جانبًا من إنعقاد حاجبيها
ولكنه فاجئها قائلًا ب هدوء
-تحبي أنادي الدكتور!
-نفت قائلة ب خفوت: لأ. عاوزة أتعدل بس...

أومأ ب بُطء ليضع يده خلف ظهرها ب حرص ثم رفع جسدها وعدّل وضع الوسادة خلفها ثم عاد يضعها. جذب الغطاء وقال ب نفس النبرة الهادئة
-كدا أحسن!..
أومأت بخفة. ليجلس أرسلان جوارها. رفع يده وأعاد خُصلاتها المُشعثة خلف أُذنها وهمس ب جمودهِ المعتاد
-حمد لله ع السلامة
-الله يسلمك...

نظرت إليه مطولًا حتى إتضحت الرؤية ف لم تجد على ملامحه سوى الهدوء والغضب الدفين. بينما تلك النظرة الشيطانية التي تعلو عينيه أرسلت رجفة ب جسدها لتتساءل بخفوت مُخفضة رأسها إلى أسفل
-هو ليه عمل كدا!
-إبتسم ب سُخرية وأردف: نزار قصدك؟..
أومأت ب خفوت. ليقترب منها أكثر حتى بات على بُعد إنش واحدًا منها ثم قال ب جمود وسُخرية
-بيأدبني. بيعرفني إني ليا نُقطة ضعف وهخسر قدامه بسببها...

إتسعت عيناها إلا أنه ضحك ثم إقترب أكثر وهمس ب شيطانية
-بس أنا محدش يلعب معايا ويأذي حاجة تُخصني من غيرأما أأذن أنا ب كدة
-حبست أنفاسها وتساءلت: عملت إيه؟!
-أجاب وعينيه تأسر عيناها: لعبت أنا كمان...
إقترب ثم قَبّل عيناها المكدومة لتشهق هي ب فزع. إبتعد عنها ثم قال ب خُبث
-بس أنا بلعب من غير قوانين...
سار ب يدهِ على وجنتها لتعقد حاجبيها ب عدم فهم ثم تساءلت
-مش فاهمة. تقصد إيه!..

إقترب من أُذنها ثم أكمل همسه ولكن هذه المرة ب غموض
-يعني مينفعش حد يأذيكِ وأسكت،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة