قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملاك الأسد للكاتبة إسراء الزغبي الفصل الثامن عشر

رواية ملاك الأسد للكاتبة إسراء الزغبي الفصل الثامن عشر

رواية ملاك الأسد للكاتبة إسراء الزغبي الفصل الثامن عشر

أسد بصدمة: إييييه
همس بإستغراب: في إيه
جنى بابتسامة: إنتى همس مش كدة؟
وقبل أن ترد عليها ارتفع صوت أسد
أسد بغضب وصراخ: متنطقيش اسمها
انتفضت جنى وحزنت بشدة، فكم تتمنى أن تكون هي همس، ولكنها لن تتخلى عن حبها، ظلت تفكر لعدة أيام في كلام الجد حتى وافقت على التحدى وعادت، وقد أقسمت أن تجعله يحبها
همس: مالكوا في إيه أنا مش فاهمة حاجة، ومين دى.

جنى بابتسامة مصطنعة: إزيك، أنا جنى بنت خالة أسد وخطيبته وهبقى مراته كمان شهر
همس بصدمة وقد ترقرقت عينيها بالدموع: إيييه؟
نظرت لأسد نظرة لن ينساها أبدا، نظرة حزن وخذلان، جعلته يلعن نفسه وجده وكل إنسان على هذا الكوكب بالطبع غير ملاكه
حاول التبرير لكن سبقه الجد
ماجد: حفيدتى، ممكن نتكلم لوحدنا
أسد بسرعة وخوف: لأ، ملاكى مش هتروح مع حد، أنا هشرحلك كل حاجة، والله..
قاطعته همس ببكاء: يلا يا جدو.

ذهبت من أمامه وذهب قلبه معها، تجمعت الدموع بعينيه سرعان ما تحولت لشرارات وجهها لتلك المبتسمة بسماجة، اتجه نحوها وهو مستعد لقتلها ولكن منعه عمه
سعيد: اهدى يا أسد، اهدى، دى بنت خالتك متنساش
حاول الهدوء اكراما لخالته فقط
في غرفة الجد
ماجد: اقعدى يا حفيدتى
جلست أمامه سرعان ما انفجرت في بكاء مرير وهي تشهق بشدة وقد احمر وجهها.

ماجد مواسيا: اهدى، صدقينى دى سنة الحياة، أسد دلوقتى عنده 25 سنة يعنى بقى راجل واعى ولازم يتجوز، وصدقينى عمر علاقتكم ما هتتغير، إنتى دايما هتكونى بنته اللى رباها، مينفعش تكونى أنانية، متنسيش إنه فكر في مصلحتك كتير وضحى عشانك، يبقى لازم تردى الجميل
ظلت تبكى لفترة ثم توقفت بعد سماع كلماته القاسية.

معه حق، لما تكون أنانية مع من أكرمها دائما، من كان لها خير العون والسند، العشق يعنى التضحية، فإذا كانت تعشقه، فيجب أن تفكر به أولا وتضحى لأجله، ستوافق على زواجه، أو قتلها بالمعنى الأصح، إذا استطاع تركها فهى لا تستطيع أبدا، هو نفسها، هو روحها، هو، هو قلبها
همس: حاضر يا جدو
ماجد بسعادة: شطورة، أنا هنادى جنى تقعدوا مع بعض وتتكلموا شوية، هي طيبة وهتحبيها
هتحبيها رددت هذه الكلمة في عقلها بسخرية.

كيف ستحب غريمتها، كيف ستحب مالكة عشيقها، لا يهم إذا كانت ستحبها أم لا..
المهم ألا يحبها هو، ألا يعشقها أبدا
خرجت من أفكارها على نهوض الجد وخروجه لينادى جنى
بمجرد خروجه، انهمرت دموعها مرة أخرى، ولكن أشد وأمر، لا مهرب الآن، كانت تعلم أنه لن يظل الحال هكذا طويلا، ولكن كان يوجد أمل ولو بسيط أن يحبها، والآن لا أمل، لا حب، لا أسد
خرج ونادى جنى غير مهتم بكتلة الغضب أمامه.

ماجد: تعالى يا جنى، ادخلى لحفيدتى اتعرفوا على بعض يلا
أسد بعصبية وغضب: دا على جثتى إن حد يدخل لملاكى، إنتوا مجانين صح، أنا مستحيل إنى أكون ملك لحد تانى غيرها، ليه مش عايزين تفهموا إنى من غيرها ميت، وإنتى، لو مفكرة إنى ممكن أحبك في يوم تبقى مجنونة، أنا قلبى ليها هي، وياريته قلبى بس لأ دا أنا عقلى وقلبى ونفسى وروحى وكيانى كل حاجة ليها، حتى جسمى هيكون ليها أول ما تتم 18.

جنى بهدوء متجاهلة إيه: أنا هدخلها يا جدو
توجه لها بغضب يود الفتك بها لكن أوقفه صياح جده
ماجد بصراخ: أسد أنا لسة عند تهديدى وممكن أنفذه عادى ودلوقتى حالا
تراجع بغضب أشد، فكر لوهلة أن يقتله وبذلك يتخلص من كل العقبات، لكنه تراجع واستغفر ربه، فبجانب أنه جده وأنها جريمة لا يسامح الله عليها، إلا أنه سيلوث يده التي تمسك بيد ملاكه وهو لن يسمح بذلك أبدا
اتجهت جنى لغرفة الجد حيث همس
دخلت عليها لتجدها تبكى بشدة.

جنى مواسية: اهدى يا هم، اهدى
هل تظنون أنها قد تنطق اسمها مرة أخرى..
حتى لو لم يكن موجودا، يستحيل!
همس ببكاء وغضب: ملكيش دعوة
حاولت أن تتماسك أمامها حتى لا تخسر من اول التحدى، يجب أن تجعل تلك الصغيرة في صفها حتى تكسب أسد
جنى ببعض الحدة: احترمى نفسك، عيلة زيك هتهزقنى ولا إيه
دفعتها بحدة وركضت للخارج بغضب
سمع صوت خطواتها لينظر لها بلهفة
اتجه لها بسرعة محاولا احتضانها لكنها أبعدته عنها.

همس ببعض الحدة: أنا عايزة أقعد لوحدى
خرجت إلى الحديقة حيث حوض الورد التي زرعتها مع أسدها
نظر إلى ظلها بصدمة ألتلك الدرجة أصبحت تنفر منه، يا الله لا تجعلها تكرهنى..
هذا العذاب بحد ذاته
نظر للموجودين بغضب وخذلان ثم صعد لغرفته حتى يراقب ملاكه من الشرفة
تطلعت منار إلى حمدى بخوف
منار بهمس: يا نهار اسود دا هيتجوز.

حمدى: متقلقيش، مش هيمشى همس الواضح إنه متعلق بيها أوى وشكله بيحبها كواحدة ست مش بنته ودا كويس أوى لينا
منار في نفسها: يعنى دلوقتى بقى عندى منافستين مش واحدة بس. والله لتكون ملكى برضو يا أسد
جلست أمام الحوض تبكى بشدة غير واعية لذلك العاشق المنكسر الذي يراقبها
ظل يراقبها وقلبه يتحطم لملايين القطع حتى وجدها هدأت ودخلت القصر
أحس بارتياح لتوقف دموعها وانتظرها لتدخل الغرفة
ولكن مرت نصف ساعة ولم تأتِ.

قلق بشدة فخرج ليتفاجئ بالخدم يجهزون غرفة بجانبه
اتجه للغرفة ليجد ملاكه جالسة على الأريكة والخدم يجهزون الفراش
ذهب لها بسرعة وهو يمسك كتفيها
أسد بقلق: إنتى بتعملى إيه؟!
همس ببرود: بنقل لأوضة تانية، إنت خلاص هتتجوز يعنى حضنك من حقها هي
أسد بغضب: كل حاجة فيا من حقك إنتى بس فاهمة ولا لأ
همس بحزن: بالله عليك سيبنى، أنا تعبانة وعايزة أرتاح، اطلع برة وسيبنى لوحدى.

حزن بشدة عليها، كاد يبكى، ولكنه تماسك لأجلها، قبل جبينها وخرج دون كلمة أخرى
مرت ساعات الليل بصعوبة على كليهما، اعتاد كل منهما على رائحة الآخر، اعتادا احتضان بعضهما حتى يستطيعا النوم
ظل يتململ في فراشه، يشتاق لها، رائحتها مخدر، تنسيه آلامه وتساعده على النوم
نفذ صبره، تحرك بهدوء إلى غرفتها، فتح الباب واغلقه بحذر
وجدها نائمة في الفراش كالملائكة.

اتجه لها وحملها بهدوء ثم وضعها فوقه وهو نائم على الفراش، دقيقة واحدة وغط في نوم عميق
إذا نظرت له لن تصدق أنه من كان يناجى النوم منذ ساعات طويلة
رفعت رأسها بعدما أحست بنومه لتتأمله، لم تستطع النوم هي الأخرى، تريده بجانبها، شعرت به فلم تتحرك فهى في أشد الحاجة لحضنه الدافئ، آااه وأخيراً حصلت عليه
لم تأخذ وقتا طويلا هي الأخرى حتى غطت في نوم عميق
مرت العديد من الأيام ما يقارب أسبوعين والحال لم يتغير كثيرا.

اتفق سامر وشريف أن يتزوجا مع أسد
منار وحمدى كما هما منغمسان في نعيم القصر.

جنى تشترى كل شيء، بدون مساعدة أسد ولو بكلمة حتى، لم تنسى أول مرة سألته رأيه عن إحدى ملابس النوم التي اشترتها، ظنت أنها تغريه وتجعله يشتاق لها، ولكن حدث العكس فلم يمر وقت طويل ووجدت الثوب قد مزق لقطع صغيرة، لم يكتفى بذلك بل رماها بوجهها مسمعًا إياها أبشع الكلمات عن كونها عاهرة وغيره من السباب القذر، آلمتها كرامتها بشدة ولكنها صبرت نفسها أنها مازالت في البداية.

ترنيم كما هي في حيرتها، لما تشتاقه، لما تشتاق قربه، لماذا حزنت عند تحديد موعد زفافها، وحزنها الأكبر لعلمها بزواج سامر أيضا
لا تعلم الإجابة أبدا
بينما رحمة تحاول كسب سامر في صفها تنجح أحيانا وتفشل كثيرا ولكنها لا تيأس
سامر كما هو حزين بشدة على زواج ترنيمته، لا ينكر إعجابه البسيط لرحمة، ولكن حب، أبدا، يشعر أنها أخته المسئولة منه، يدعو الله أن يكتب له الخير دائما ويسانده في محنته.

شريف يعيش حياته بسعادة، فأيام ويتوج حبه بالزواج
أما عاشقنا الولهان فقد طفح به الكيل، أسبوعان وهي تتجاهله، لا تجلس معه في مكان أبدا كأنه وباء قاتل، لا تتكلم أبدا إلا للضرورة وبكلمات مختصرة جدا، يأتى لأحضانها خلسة ليلًا كما يعتقد ويذهب فجرًا خوفا من استيقاظها فتغضب أكثر.

يحاول الجلد ولكنه لا يستطيع، كل جزء به يناديها، كل ذرة بجسده تحتاج قربها، يحتاجها بشدة، أصبح يعمل بالمنزل وسامر وشريف بالشركة حتى يحصل على أكبر فرصة لرؤيتها
في المطبخ
تقف همس وهي محتارة وتبكى، فقد أخرجت كل الخدم حتى تصنع كعكة بالشوكولاتة
لكن فجأة وأصبحت هي الكعكة، ملامحها الغير واضحة سواء بسبب الدقيق أو الشوكولاتة، وبعد كل هذه المعاناة يقع القالب منها
ظلت تبكى بطفولية على حظها السيء.

مر على المطبخ صدفة فسمع بكائها
انطلق مسرعا ليفاجئ بمنظرها الطفولى، كادت تفلت منه ضحكة على شكلها اللطيف ولكنه تماسك كى لا تغضب أكثر
أسد بحنان وهو يقترب: ملاكى بتعيط ليه
همس ببكاء وقد نست الخلاف: الكيكة باظت يا أسدى
كاد أن يرقص بسعادة وجنون فقد تحدثت معه ونست خلافهما وعادت لطبيعتها
أسد بحب وسعادة: تحبى أساعدك
نظرت له بعيون متسعة وبريئة كالقطط: بجد
أسد بهيام: بجد
تعالت ضحكاتها الطفولية وسحبته حتى يبدأ.

صنع الكعكة لها وهي تساعده بأشياء بسيطة جدا وسط ضحكاتهما
سامحته تماما، اتخذت قرارها، لن تضيع اكثر من ذلك، ستظل بجانبه حتى لو تزوج مليون مرة
أخرجا الكعكة معا لتفرح همس بشدة، بالطبع لم ينسى مشاكستها ليرى غضبها الطفولى
مرت الأيام بسعادة فقد استطاع أسد إقناع ملاكه بأنها الأهم دائما كما أخبرها أن زواجه من جنى مجرد صفقة ومن المستحيل أن يلمسها لم يخبرها الحقيقة حتى لا تقلق أو تخاف.

كم سعدت بشدة بكلامه وقررت تجاهل جنى تماما ستنتظر أن يطلقها حتى لو اضطرت الإنتظار مدى الحياة
اليوم هو يوم الزفاف المشترك
كان زفافا للبعض وجنازة للبعض الآخر
قضى أسد اليوم كله مع ملاكه ليعوضها، اختارت هي بدلته كما اختار لها فستانا رائعا وبالطبع معه الحجاب خاصته فقد قرر ألا يرى أى حد شعرها حتى لو والديها، لا أحد له الحق برؤيتها غيره هو
في غرفة أسد بعدما ارتديا ملابسهما
نظر لها ليجد الدموع في عينيها.

اقترب منها وحملها
أسد بحنان: ملاكى، أنا قولتلك دى صفقة وبس ووعدتك مش هلمسها أبدا وحتى هقضى اليوم ده وكل الأيام معاكى إنتى
همس بابتسامة رقيقة: بجد يعنى مش هتحضنها
انفجر في الضحك وهو ينظر لها بفخر، فقد أرضى غروره ورجولته أنها بريئة لا تفهم شيئًا
أعجبه ذلك كثيرا، فهو ينتظر بفارغ الصبر ليعلمها كل شيء بنفسه
نظر لها وقبل جبينها مردفًا: أيوة بجد يا ملاكى
أنزلها أرضا بعد إصرارها وخرج ممسكا بيدها.

خرج للحشد الكبير وهو غاضب ومتوتر فقد قرر ألا تحضر ملاكه الزفاف ولكنه تراجع بعدما ظلت تبكى وهي تردف أنه يتخلى عنها لأجل تلك الملعونة، غبية! ألا تعلم عشقه وغيرته المميتة، ولكن لا بأس فقد أمر حراسه بتفتيش جميع الحاضرين وأخذ الهواتف والكاميرات ليضمن ألا يتم تصوير ملاكه فيراها عدد أكثر
خرج معها، سلم على الجميع وهو يخفيها وراءه
بعد الانتهاء.

استمر في التحدث معها والضحك ليساعدها على نسيان هذا اليوم الصعب، ولكن من يساعده هو على نسيانه؟
أما سامر فهو واقف في نهاية درجات القصر وبجانبه شريف وسعيد
بينما هو حزين ومهموم، اليوم ستتوج ترنيمته باسم غيره، حاول أن ينساها بكل الطرق ولكن لم يفلح أبدا
هبطت الثلاث حوريات فكن جميلات حقا
تمنت ترنيم لو تتجه لسامر مثلما تمنى هو
لا تعلم لماذا ولكنها تشعر أنها تنتمى له هو.

تسلم كل منهما عروسته بينما جنى تبحث عن أسد لتجده يمرح مع تلك الشمطاء
جنى بعصبية: شايف يا جدو عمل إيه، منظرى دلوقتى يبقى إيه
ماجد بتنهيدة: معلش يا جنى إنتى عارفة من الأول المشاكل اللى هتواجهك
زفرت جنى بحنق وتوجهت لمقعدها وهي تجلس بعصبية وتنظر بحسرة لكل عروس وزوجها
اتجه ماجد لأسد واستطاع بصعوبة اقناعه أن يجلس بجانب عروسه
اتجه لمقعده ومعه ملاكه بالطبع
جلس وأجلسها بينه وبين تلك الغبية.

جنى بصراخ لهمس: فستانى يا متخل..
تراجعت بعد رؤيتها تلك النظرة التي أقسمت أنها كادت تقتلها
بينما تلك الصغيرة أخرجت لسانها لها وهي تسخر منها بسخريتها المعتادة: نانانانا
انفجر ضاحكًا على مشاكسته الصغيرة
وهكذا مر الزفاف ولم يتركها أبدا حتى في رقصة العروسين، حملها ورقص معها هي بينما جنى تكاد تنفجر من الغيظ والغيرة
انتهى الزفاف وذهب سامر وشريف لقضاء شهر العسل بباريس
حملها صاعدا لأعلى ليوقفه صراخ جنى.

جنى بصراخ: طب أهنتنى في الفرح وماشى، مفيش شهر عسل برضو ماشى، لكن ليلتى لأ
أسد ببرود: لو مش عجبك أطلقك حالا عادى
ضحكت همس بسعادة وهي تصفق بيديها الصغيرتين بطفولة
لينظر لها بحب
أسد بسعادة ومشاكسة: هههه يوغتى كميلة، عجبتك يا ملاكى
هزت رأسها بإيجاب واحتضنته وهو مازال حاملًا إياها
صعد بها لأعلى غير مهتم بتلك الشعلة خلفه
زفر ماجد وسعيد بحنق لتصرفات أسد.

ماجد لسعيد: مراتك بقالها أكتر من شهر غضبانة عند أهلها، مش هترجع ولا إيه
سعيد بقرف: أحسن سيبها تغور في داهية، قال إيه يا إما أنا في القصر يا إما حمدى ومنار، ولية نكد صحيح
ماجد: ههههههههه طب يلا اطلع نام يابنى
وهكذا انقضت الليلة كغيرها من الليالى
مرت أيام تليها أيام حتى أصبحوا أكثر من أربع سنوات
فقد..
يتبع..
الفصل ده تعويض عن التاخير
الفصل 17
شعر بالضياع وأنه على وشك الإنهيار وقد امتلأت عينيه بالدموع.

أسد بهمس متقطع: ملا، كى
ظلت تصرخ وقدارتعش جسدها
تنتفض في مكانها
برزت عروق رقبتها وجبهتها
الطبيبة بصراخ في الممرضة: جهزى حقنة مهدئة بسرررررعة
ناولتها الممرضة إياه
اقتربت من همس التي ما إن رأتها حتى ازداد رعبها وهلعها أكثر وأكثر فهى تخاف بشدة من الإبر والحقن
وأخيراً خرج من صدمته على اقتراب الطبيبة من ملاكه فركض بسرعة ناحيتها ودفع الطبيبة حتى سقطت
احتضنها بشدة وهو يهدئها.

أسد بدموع تمردت عليه فتساقطت: ملاكى، ملاكى أنا آسف والله مش همد إيدى عليكى تانى إهدى أرجوكى، ملاكى خلاص أنا مشيتها محدش هيقرب منك، اهدى، أرجوكى اهدى
ظل يهدئها ولكنها كما هي تنتفض وتصرخ بشدة وكل ما تراه هو لحظة اعتدائه بالضرب الشديد عليها
دخلت عائلة ضرغام على الصراخ لتنصدم مما رأوه
فأسد جن بالتأكيد! يحتضنها بشدة لدرجة أن اختنقت وقد انهار مثلها وهو يحاول يهدئها كالمجنون الذي لا يعرف ولا يدرك شيئًا.

انطلق شريف وسامر ناحيته محاولين سحبه عنها ليصرخ بشدة عليهم
أسد بصراخ: ابعدوا عنى، ابعدوا هي محتاجانى جنبها، سيبونى، ملاااكى
استطاعا إبعاده عنها ولكنه فك قيده واتجه لها بسرعة
وأخيراً عاد لوعيه ورأى ما فعله بملاكه التي تشهق بصوت عال من البكاء والاختناق معا فقد شدد على احتضانها بعنف
ليسقط على الأرض بانهيار وهو يصرخ بشدة ويبكى.

ينادى باسمها علها ترحمه، يضرب الأرض بيديه حتى نزفت مرة أخرى واغرورقت الأرض بدمائه
هدأت شهقاتها لتعلو شهقاته هو، نظرت له بصدمة
أول مرة ينهار بتلك الطريقة أمامها، وما إن تلطخت يديه بالدماء حتى تذكرت ما فعله.

ولكن تلك المرة مختلفة فقد تذكرت حنانه تجاهها، إسعاده لها، حمايتها من كل شيء، ستسامحه، أجل لن تكون أنانية وتعاقبه بل ستشفع له، لقد علمت سبب تملكه الغريب، علمت ما هو مرضه الذي يتحدثون عنه، علمت أنه مريض، مريض نفسى، فقد سمعت الجد ذات مرة يتحدث مع سعيد أنه ذهب لطبيب نفسى بعد وفاة والديه ولكن لم يكمل علاجه، ونتيجة ذلك هو تملكه الغريب ناحية طفلة، احتاج الحنان والبراءة في حياته، ولسوء الحظ اجتمعا في تلك الطفلة، لكن هي، لا يهمها مرضه، لن تجبره أن يتعالج، ستكون هي العلاج، ستكون الحضن الدافئ وتعوضه عن أمه، ستكون الأمان والحماية وتعوضه عن والده، هو يستحق مسامحتها، وليس مرة واحدة بل مليون مرة، يكفى عشقها وجنونها به ليشفع له عندها.

قامت من الفراش برغم ألمها واتجهت له وهي تتحامل على قدميها الملفوفتين بشاش
ظل على حاله من الصراخ والانهيار حتى شعر بتلك اليد الصغيرة على كتفه، إنها يدها، هو لا يحلم، لا لا مستحيل أن يكون حلمًا
ولكنه خاف، خاف أن يستدير فلا يجدها أمامه، بل على الفراش وتحيطها هالة الرعب والهلع
أغمض عينيه بشدة كأن بإغلاقهما يغلق عليها باب قلبه ليأسرها به للأبد. ولكن زاد تشبث تلك اليد به.

نظر خلفه ببطئ ليجدها أمامه ببرائتها المعتادة
تقوس شفتيها وعلى وشك البكاء
وفي جزء من الثانية كانت بين أحضانه أو لنقل بداخل ضلوعه، فقد سحقها بين زراعيه
لم تمانع أبدا بل شددت هي الأخرى على احتضانه بيدها السليمة
ظل يضحك بسعادة وقد استحت الدموع من الظهور مرة أخرى، فعند ظهور ملاكه..
كل شيء يختفى
استمرا على ذلك الحال لفترة طويلة.

اقتنع الجد قليلا أنهما لا يستطيعان الابتعاد عن بعضهما أبدا، ولكنه مازال مصرا على ألا يكونا عاشقان، هذا دمار وموت لكليهما
أسد بهمس خافت فقد أتعبه كل شيء: سامحينى
حزنت وغضبت من نفسها، كيف تفعل هذا بأسدها، كيف تكون السبب في انهياره، أقسمت ألا تكرر أى شيء يحزنه أبدا
همس بحزن: أنا مسامحاك يا أسدى
أطلق زفيرا براحة شديدة بعد سماع لقبه المحبب.

همس وهي تكمل بحماس حتى تسعده: أسدى، إنت عارف، أنا شوفتك في أحلام كتير، كنا بنجرى ورا بعض في جنينة حلوة أوى، متزعلش منى يا أسدى، والله أنا عايزاك إنت مش عايزة الناس دى كلها، أنا هختارك إنت دايمًا..
بس لما إنت سألتنى أختار مين، وقتها كنت بعيط جامد، وإنت عارف لما بعيط مش بقدر أتكلم خالص، أنا آسفة مش هكرر ده تانى أبدا
وضعت إصبع يدها السليمة عند طرف أذنها كإعتذار.

يا ليتها لم تبرر، ضربها وعنفها على اللا شيء، كيف نسى أنها لا تستطيع التحدث عند بكائها..
أذى صغيرته وها هي تعتذر بكل براءة بالرغم من خطأه هو في حقها
احتضنها مرة أخرى وأجلسها على قدميه وهو مازال جالس على الأرض وقد سقطت دمعة ندم من عينه
همس وهي تقوس شفتيها بحزن: خلاص متزعلش بقى بالله عليك، لو عايز مش هطلع أبدا من الأوضة ومش هتكلم مع أى حد تانى.

جاء ليرد عليها بسعادة، فماذا يريد أكثر من ذلك، ملاكه تطلب منه بكامل إرادتها أن تكون له وحده، يجب عليه استغلال الفرصة
تحطمت آماله عندما سارع جده بالرد
ماجد بسرعة وخبث: لا يا حفيدتى أسد بيخاف عليكى وعايز يفرحك دايما عشان كده هيخليكى تكلمى والدك ووالدتك وإحنا عادى، مش كدة يا أسد ولا هتحرمها من حقها في الاختلاط بالناس
نظرت له بأمل وبراءة أن يؤكد على قول جدها
سبه بأبشع وأقذر السباب في نفسه.

أسد: طبعا يا ملاكى بخاف عليكى، هسيبك تتكلمى عادى بس مش كتير يعنى، تمام
أومأت له بسعادة ليحملها متحركًا بها للفراش مرة أخرى
وضع الغطاء فوقهما وقبل أن يعدل وضعية نومهما
أسد ببرود وفظاظة للواقفين: هتفضلوا كدة كتير، عايزين ننام، يلا برة
تطلع الكل إليه بصدمة ثم خرجوا بسرعة عندما وجدوا تحول نظرته من البرود للاشتعال وهم يسبونه ويلقبونه بالمجنون
ضحكت همس عليهم برقة
حملها أسد من على الفراش وجعلها فوقه كالعادة.

أسد بابتسامة عاشقة: مبسوطة
هزت رأسها لتؤكد على كلامه ثم أضافت
همس بخبث: أيوة مبسوطة بس لسة زعلانة شوية
أسد بحنان وهو يقبل جبينها: وأعمل إيه لملاكى عشان ترضى عنى
همس برجاء: عايزة أول ما أطلع من المستشفى أكون أنا الكبيرة ليوم واحد بس والله
أسد باستغراب: مش فاهم كبيرة إزاى
همس: يعنى أنا أعمل كل حاجة بيعملها الكبار وأبقى دايما أكبر واحدة في السن حتى لو معانا جدو العجوز.

أسد بضحك شديد: عجوز؟ والله أول مرة تقولى الحق مع إنه ناقص شوية بس يلا بكرة تقولى الحق كله، وحاضر يا ملاكى أوامر مجابة، حاجة تانية
همس بنعاس: لأ، سيبنى أنام بقى
تأملها وهي نائمة وملس على شعرها الناعم الحر
الحر؟! هل رأوها هكذا؟! حسنا سيحاسبهم فيما بعد
ظل على حاله من التأمل حتى سقط في نوم عميق لأول مرة منذ أكثر من أسبوع
مرت أيام وهو يدلل ملاكه ويعوضها عن كل شيء.

يعلم أنها سامحته تماما، ولكنها تمثل أحيانا الحزن حتى تضمن أن ينفذ شرطها، غبيةألا تعلم أنه ينفذ ما تقول دون شروط فهى تشير فقط ويأتى لها بالكون
تم كل شيء أعده مع مازن ليرتاح قلبه قليلا
خرجت همس من المشفى بعد إزالة الشاش من قدميها وبعض أنحاء جسدها وتبقت يدها المكسورة فقط
استطاع بصعوبة اقناعها أن ترتاح يومين في المنزل ثم ينفذ شرطها
مر اليومان الإضافيان وهذا اليوم المنشود بالنسبة لها.

استيقظت في السادسة صباحًا على غير عادتها فقد كانت تتعبه كثيرا في إيقاظها
ظلت تنظر له بحب وتتلمس أجزاء وجهه الوسيم سواء حاجبيه الكثيفان أو رموشه المعتدلة لا طويلة ولا قصيرة، أنفه الأرستقراطى المرفوع بشموخ، شفتيه الجميلتان والتي تصبح مثيرة جدا أثناء كلامه
هزت رأسها بسرعة من أفكارها المنحلة في رأيها، فما بالها بأفكار أسدها الخادشة للحياء، بل لكل شيء وليس الحياء فقط!

نهضت بهدوء واستحمت وارتدت فستانا محتشمة باللون الوردى ذو فصوص من الألماس والفضة معا فكانت كالملكة المتوجة ولم تنسى ربط شعرها بالطبع، وضعت طوق له فروع أشجار متشابكة باللون الذهبى
اتجهت إليه توقظه حتى استيقظ أخيرا
فتح عينيه وتمنى لو لم يفعل، كيف سيمر اليوم دون أن يؤذيها، يا الله ألهمنى الصبر حتى تبلغ 18 عاما ثم خذه مرة أخرى، فأنا لن أحتاج له بمجرد أن تكتب على اسمى
أسد بهيام: إيه القمر ده.

ردت بخجل: شكرا يلا بقى قوم متضيعش يومى
أسد بغيرة شديدة: إنتى هتخرجى كده، وبعدين مش اتفقنا تتحجبى
همس برجاء: بالله عليك، انهاردة بس، وبعدين إحنا مش جيبنا طرح ليا
أسد: ماشى انهاردة بس، صليتى الأول
همس: أيوة، يلا بقى خد شاور عشان نبدأ
قام وقبلها من وجنتها ثم اتجه للمرحاض تاركا تلك الهائمة به
أفافت على نفسها: يخربيتك اليوم هيضيع فوقى بقى.

بعدما استعد كل منهما جلسا يمزحان معا ويضعا خططا للمذاكرة حتى تعوض ما فاتها..
أصبحت الساعة الثامنة فهبطا لأسفل للإفطار
تناولاه دون تعليق أى أحد من أفراد العائلة وبالطبع تجاهل منار وحمدى للجميع، يؤلمها تجاهلهما لكن أسدها يعوضها كل شيء
سحبته معها وذهبت للسيارة آمرة إياه أن يذهبوا لمطعم أسبانى، أجلسها على قدمية رغم خجلها كل مرة
في المطعم
جالسان في المطعم الخالى من أى شخص عداهما.

جعلها تجلس على قدميه بالرغم من تذمرها ولكنه أصر
جالس يكتم ضحكته بصعوبة وهو يراها تحاول أن تقرأ بالإسبانية لكنها سالب وليس صفر فقط
همس: بيو، بوى، بيويو، أووووف أنا مش فاهمة حاجة
انفجر ضاحكا هو والنادلة على لطافتها
أسد: ما أنا قولتلك يا ملاكى أساعدك
همس باستسلام: ماشى، لا لا لا لا هات ده هات ده بسرعة
أسد بصدمة: اهدى بس هو إيه اللى هات ده، وإشمعنا ده اللى اختارتيه.

همست له في أذنه وكأنها تخبره أسرار حربية: الكلمة طوييييلة أوى يبقى أكيد الأكلة كبيرة خالص
انفجر ضحكا قائلا: هو أى حاجة كبيرة وخلاص يا طفسة، إنتى عارفة إن اللى اخترتيه ده نوع من السلطات، يا أم وجبة كبيرة خالص
قال آخر جملة وهو يقلدها بسخرية
همس بضيق: أووووف، خلاص اختار إنت بس شوف وجبة كبيرة
أسد بحب: حاضر يا ملاكى.

وهكذا كان اليوم وسط مشاكساتهما وحبهما الخفى فقد اختارت العديد من الأماكن ومنها الملاهى والسينما وغيرها وغيرها
عادا للقصر وهما يضحكان أثناء تشبثه بيدها
كأنها طوق النجاة خاصته
دخلا القصر فسمعا ضحكات عالية في غرفة الصالون
فتح باب الغرفة ليصدم بالجميع يجلس مع، مع جنى، ما الذي أتى بها؟!
ماجد بسعادة: تعالى يا أسد، جنى خلاص وافقت
أسد بصدمة: إييييه؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة