قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل العشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل العشرون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل العشرون

وقفت هاجر تتطلع إلى تلك الملقية على الارض غائبة من الوعى لكن فور ان لاحظت الدماء المتسربة من اسفل رأسها انفجرت باكية تنتحب بقوة لاطمة خدييها ظناً منها انها قد قامت بقتلها.
جلست على عقبيها بجانبها تضربها برفق على خدها هاتفة باسمها بصوت مرتعش من بين شهقات بكائها محاولة افاقتها لكن لم تستجيب لها حيث ظلت ساكنة بمكانها مما جعل انتحاب هاجر يزداد و الخوف بداخلها يزداد اكثر و اكثر...

اسرعت بالنهوض بتعثر على قدميها متجهة نحو طاولة الزينة تختطف من فوقها زجاجة عطر و عادت تنحنى فوق صدفة تضع العطر امام انفها ظلت صدفة ساكنة لا تستجيب عدة لحظات قبل ان يرتجف جفنيها باستجابة مصدرة انين متألم من بين شفتيها و هي تفتح عينيها ببطئ لتنهار هاجر جالسة على الارض تضع يدها فوق صدرها موضع قلبها متنفسة براحة و هي لازالت تنتحب بشهقات مختنقة...

جلست صدفة ببطئ و هي تنظر اليها باعين غائمة بينما لازالت ت الرؤية امامها مشوشة شاعرة بألم رهيب يضرب خلف رأسها اندفعت نحوها هاجر ممسكة بيدها هامسة ببكاء
=و الله ما كنت اقصد اضربك، انا محستش بنفسى لما لقيتك هتتصلى براجح...
ابتلعت باقي جملتها عندما نفضت صدفة يدها بعيداً برفض واضح ثم نهضت على قدميها ببطئ وهي تضع يدها فوق رأسها التي كانت لازالت تنزف...

اسرعت هاجر منتفضة واقفة بجانبها تمسك بها عندما بدأت تترنح بمكانها هامسة برجاء
=علشان خاطرى يا صدفة متقوليش حاجة لراجح هيموتنى...
لتكمل وهي تنحنى على يدها تحاول تقبيلها
=ابوس ايدك طيب اسمعينى الاول قبل ما تقوليله حاجة...
نزعت صدفة يدها بعيداً عنها قبل ان تلتف و تتجه بخطوات مترنحة نحو الطاولة التي تضع عليها هاتفها الذي تناولته بين يديها المرتجفة الممتلئ بالدماء...

لتسرع هاجر باللحاق بها هاتفة بعجز و قد تملك منها الخوف عندما رأتها تضع الهاتف على أذنها
=توفيق، توفيق ماسك عليا صور و بيهددنى بها علشان كده بسرق الفلوس و اديهاله علشان اسكته...
اخفضت صدفة الهاتف فور سماعها كلماتها تلك و قد تجمدت الدماء بعروقها من شدة الصدمة التفت اليها هامسة بصوت يملئه الرعب و التوجس
=صور ايه بالظبط اللي ماسكها عليكى،؟!

تطلعت اليها هاجر بارتباك و اعين ممتلئة بالخوف فور ادراكها مدى خطورة كذبتها تلك، فهى لا تنكر ان توفيق قد هددها ذات مرة منذ مدة بعيدة بصور كانت قد ارسلتها له بسبب الحاحه الشديد عليها و كانت تلك الصور لها بملابس منزلية عارية بعض الشئ وقتها هددها بها عندما اخبرته انها ستتركه عندما رفض تطليق زوجته لكنه بعدها قد اخبرها انه قد ندم على فعلته تلك و انه ما فعلها الا من يأسه عندما ظن انه سيخسرها و هي صدقته بالطبع.

خرجت من افكارها تلك هامسة بصوت مرتبك
=صور، صور. أأا...
قبضت صدفة على ذراعها تضغط عليه بقوة رغم شعورها بالاعياء و الدوار مزمجرة بشراسة.
= ما تنطقي صور ايه، عريانة ولا ايه بالظبط؟!
اجابتها هاجر سربعاً بتلعثم و فزع و قد ازداد شحوب وجهها اكثر و اكثر.
=لا، لا، عريانة ايه مش للدرجة دى...
. دى. دى صور ليا و انا، و انا بلبس البيت و بشعرى كنت بعتهاله و احنا بنتكلم...

دفعتها صدفة بحدة للخلف و هي تهتف بغضب بينما تسقط جالسة على المقعد بترنح و تعب
=الله يخربيتك، الله يخربيتك يا شيخة، دى مصيبة اخوكى و ابوكى لو عرفوا هيقتلوكى...
ربتت هاجر بيدها فوق صدرها باسترجاء و هي تهمس باكية
=علشان خاطرى متعرفيش راجح حاجة...
زجرتها صدفة بغضب و حدة و هي لا زالت لا تصدق ما فعلته فكيف لها ترسل صور خاصة بها بتلك الجرئة الى رجل غريب...
فاذا علم راجح شئ كهذا لن يتردد بقتلها...

شعرت بالدوار يصيبها مما جعلها تجلس على احدى المقاعد هامسة بينما تشير نحو الدماء و الزجاج المتناثر على الارض
=شيلى الازاز ده و امسحى الدم ده من على الارض خالينى اكلم راجح يجى يخدنى المستشفى...
هتفت هاجر بهلع و خوف و قد
=هتقوليله، و حياة اغلى حاجة عندك يا صدفة بلاش
قاطعتها صدفة بحدة و ضيق.

=مش هتنيل اقوله حاجة بس اخلصي و اعملى اللي بقولك عليه انا مبقتش حاسة براسى، و لو جه و شاف الازاز و الدم ده هتبقي مصيبة فعلاً...
غمغمت هاجر بشك و هي تتفحص الدماء المنسابة على جانب وجهها
=طيب هتقوليله اتعورتى ازاى...
اجابتها صدفة بضيق وقد بدأ الالم يزداد برأسها اكثر
=هقوله اتزحلقت في الحمام و اتخبطت في البانيو، اخلصي بقى.

تنهدت هاجر براحة بينما تنهض مسرعة تنفذ ما امرتها به صدفة كانت تمسح الارضية عندما اخذت تستمع باهتمام إلى صدفة التي تتحدث مع راجح بالهاتف و تخبره بانها قد سقطت بالحمام و ضربت رأسها بحوض الاستحمام
ثم سمعتها تغمغم مسرعة
=راجح اهدى...
لتكمل صدفة كاذبة محاولة تهدئته عندما سمعت الهلع بصوته
= اهدى يا حبيبى مفيش حاجة لكل ده هو مجرد خبطة بسيطة بس دايخة شوية...

لتكمل سريعاً بقلق و خوف عليه و هي تسند على ذراعها رأسها الذي اصبحت تشعر به ثقيل كالحجر الضخم
=راجح سوق براحة انا مش بموت يعنى دى مجرد خبطة بسيطة، اطمن و الله...
انهت صدفة المكالمة مع راجح في ذات الوقت الذي انتهت به من تنظيف الارضية...
نهضت مسرعة نحو باب المنزل ترغب بالمغادرة قبل قدوم راجح و هي لا تبالى بتلك التي كان يظهر عليها الاعياء بوضوح تدفن وجهها بين ذراعيها التي كانت تضعها فوق الطاولة.

=صدفة انا هنزل بسرعة قبل ما راجح يجى، و نبقي نكمل كلامنا بعدين...
همهمت صدفة بالموافقة بصوت ضعيف و هي مازالت مغلقة عينيها بتعب...

و لم تمر سوا دقائق قليلة و انفتح باب الشقة و دلف راجح إلى المنزل بوجه شاحب و عينين قلقة اتجه نحوها و قلبه يعصف بداخله من شدة الخوف فور ان وقعت عينيه عليها جالسة على احدى المقاعد تدفن وجهها بين ذراعيها اقترب منها على الفور يهزها برفق و هو يهمس اسمها بلهفة و خوف لترفع رأسها من بين ذراعيها تنظر اليه باعين مشوشة ليصعق فور ان رأي الدماء التي على جانب وجهها هتف بقسوة و هو يكاد ان يجن.

=هى ده اللى خبطة بسيطة يا صدفة...

ليكمل و هو ينزع حجابها من حتى يتفحص جرحها الذي وجده ليس كبيراً كما تخيل لكن رغم ذلك لم يهدئ قلقه او خلفه عليها حيث قام بعقد حجابها مرة اخرى حول رأسها من ثم ساعدها على النهوض و الهبوط إلى الاسفل حتى يذهب بها إلى المشفى التي ما ان وصلوا اليها قام بفحصها الطبيب و اخبره انه ليس جرحاً خطيراً او عميقاً و ان سبب هذه الدماء الغزيرة التي كانت تغطى رأسها و وجهها هو انها تعاني من ما يسمى بسيولة الدم...

لكنها ايضاً بحاجة إلى ان يخيط الجرح بأثنين من الغرز الطبية و فور ان سمعت صدفة بذلك ارتعبت امسكت بيد راجح و الخوف مرتسم على وجهها بوضوح بينما كامل جسدها ينتفض بخوف و عينيها ممتلئة بالدموع...
مما جعل راجح يقف بجانبها يمسبيدها بين يديه يضغط عليها برفق هامساً باذنها بصوت منخفض بانه معها و لاتخف.

ظل ممسكاً بيدها بينما كان الطبيب يقوم بتخيط جرحها و فور ان انتهى الطبيب اخبره بانه يمكنه يصطحبها الى المنزل و يجب عليه ان يراقبها خلال الساعات القادمة فاذا شعرت بالغثيان او الأغماء فيجب عليه احضارها على الفور للمشفى، فرغم انه تم الاطمئنان من عدم وجود اي ضرر قد تسببت يه السقطة لها و ذلك من خلال الاشاعة التي تم اجرائها لها فور وصولهم للمشفي الا ان هذا اجراء مهم. و من الافضل ان تظل مستيقظة خلال الساعات القادمة حتى يستطيع مراقبتها...

عاد بها راجح إلى المنزل والقلق و الخوف عليها يسيطران عليه.
قام بمساعدتها على تبديل ملابسها ثم جعلها تستلقي فوق الفراش انحني عليها ممرراً يده بحنان فوق وجهها مبعداً خصلات شعرها المتناثرة إلى خلف اذنها
=هروح اعملك حاجة خفيفة تاكليها...
اومأت برأسها بالموافقة بصمت بينما تشعر بالتشوش في رؤيتها فقد كانت عينيها ثقيلة للغاية و ترغب بالنوم.

عاد راجح إلى الغرفة بعد عدة دقائق يحمل صحن به عدة شطائر و كوب من العصير لكن تجمدت خطواته و قد دب الرعب اوصاله فور ان رأسها منحني على صدرها وعينيها مغلقة بينما يحل عليها سكون بث الرعب بداخله...
ركض نحوها على الفور واضعاً الصحن من يده على الطاولة قبل ان يحيطها بذراعيه و الفزع يسيطر عليه ظناً منه انها قد اصيبت بالاغماء كما حذره الطبيب هتف اسمها بصوت يملئه الخوف و الهلع و هو يهزها...

لكن هدأ هلعه هذا فور ان رأها تفتح عينيها هامسة بصوت اجش
= ايه في ايه يا راجح،؟!
احاط وجهها بيديه مغمغماً بلهفة بكلمات غير مترابطة بينما عينيه الممتلئة بالقلق تمر على انحاء وجهها محاولاً الاطمئنان من انها بخير
=انتى كويسة.؟ حصلك حاجة، اغمى عليكى.؟!
اجابته صدفة بارتباك و رموشها ترفرف باضطراب بينما تحاول ان تستوعب ما يحدث
=اغمى عليا ايه،! انا بس نمت غصب عنى وانا قاعدة...

لتكمل و هي تعتدل في جلستها واضعة يديها فوق يديه التي تحيط وجهها محاولة اطمئنانه
=اطمن يا حبيبى انا و الله كويسة...
زفر راجح براحة مقبلاً اعلى رأسها بحنان
=مينفعش تنامي يا صدفة، انتي سمعتي الدكتور لازم تفضلي صاحيه ع الاقل لبكرة الصبح علشان. لا قدر الله حصل حاجة نلحقك على طول
هزت رأسها هامسة بتعب
=بس انا مش قادرة يا راجح، عايزة انام
جذبها الى ذراعيه يحتضنها بقوة مربتاً على ظهرها بحنان.

=معلش يا مهلبيتى استحملي علشان خاطرى، و انا هفضل سهران معاكي هنعقد نتكلم سوا ونتفرج على التلفزيون و كلها كام ساعة و يعدوا بسرعة.
اومأت برأسها بالموافقة لتندس اكثر بين ذراعيه تحتضنه بقوة بينما تغرق وجهها بصدره مستمتعة بدفئه و حنانه الذي يغدقها بهم دائماً.

ظل راجح طوال الساعات التالية يتحدث اليها حتى تظل مستيقظة و منتبهه ثم شاهدوا التلفاز و عندما لاحظ ان النعاس اصابها خرج بها إلى الشرفة و جلسوا بها عدة ساعات يتحدثون و يضحكون بصوت منخفض حتى لا يصل صوتهم إلى الجيران النائمين...
فى وقت لاحق من ساعات الفجر الباكر كانت صدفة جالسة بجانب راجح الذي كان يضم جسدها بين ذراعيه بينما يشاهدون التلفاز...
غمغمت بينما تعدل من موضع رأسها الذي كان يستند الى صدره.

=راجح اقلب القناة المسلسل خلص.
لكن لم يصلها اجابة منه مما جعلها ترفع وجهها اليه لتجده شبه نائم حيث كانت عينيه تغلق ببطئ بينما رأسه ينحني للامام لكنه سرعان ما رفع رأسه و اجبر عينيه على ان تفتح و يظل مستيقظاً، مما جعل شعور بالذنب يجتاحها فقد كان مستيقظاً لاكثر من 24 ساعة حيث قد استيقظ بفجر الامس حتى يذهب للوكالة لاستلام البضاعة من ثم اضطر ان يظل مستيقظاً معها...

اعتدلت في جلستها مقتربة منه هامسة بحنان اليه و هي تضم رأسه إلى كتفها
=نام يا حبيبي، و متخفش انا هفضل صاحية...
تنهد راجح و هو يفرك وجهه بعنقها قبل ان يطبع قبلة حنونة عليه
=لا انا صاحى، هانت كلها كام ساعة و نام، انا كده كده مش رايح الشغل النهاردة...
دفنت اصابعها بشعره تدلك رأسه بحنان بينما تقبل جبينه و قلبها يرتجف بداخلها من شدة الحب الذي تشعر به نحوه بهذة اللحظة فقد كان كل شئ بالنسبة اليها.

فلم تكن تتخيل عندما تزوجته ان تصبح حياتها بهذا الشكل الرائع فراجح رغم عصبيته في بعض الاحيان و غيرته الجنونية عليها الا انها لم تقابل بحياتها رجل في مثل حنانه و لين قلبه عليها...
تنهدت وهي تحيط خصره بذراعها تضمه اليها بينما تتابع معه المسلسل الذي بدأ على شاشة التلفاز...
بعد مرور يومين...
طرقت صدفة باب غرفة هاجر قبل ان تدلف إلى الداخل لتجدها جالسة على مكتبها الخاص تدرس لكن تجهم وجهها فور رؤيتها لها.

=في ايه يا صدفة.؟!
اجابتها صدفة بهدوء بينما تتقدم لداخل الغرفة
=قومى يلا البسي و تعالى معايا علشان نشوف حل مع الزفت توفيق ده...
انتفضت هاجر واقفة هاتفة بفزع
=هنقابله هنعمل ايه،؟!
لتكمل بفزع و خوف اكبر
=انتي ناوية على ايه يا صدفة بالظبط اوعي تكوني ناوية تفضحيني...
اقتربت منها صدفة مربتة بلطف على ذراعها مغمغمة بهدوء محاولة تهدئتها
=متخفيش، احنا هنروحله الأچنص بتاعه و انا هخليه يمسح صورك كلها، بطريقتي...

قاطعتها هاجر بحدة و ارتباك واضحين و هي تشعر بالخوف من ردة فعل توفيق عندما يعلم ما اخبرته لصدفة فهي حتى الان لم تخبره بما حدث
=طيب ما تروحي انتي لوحدك ليه لازم اجي يعنى معاكي...
لتكمل بأصرار و هي تهز رأسها بقوة
=مش هينفع اجى معاكى، روحى لوحدك
ظلت صدفة تتطلع اليها عدة لحظات بصمت قبل ان تغمغم بتردد.

=بصي انا هقولك الصراحة، انا مبعرفش اقرء و لا اكتب يعني لو اداني تليفونه علشان امسح الصور مش هعرف اعمل حاجة علشان كده لازم تبقى معايا...
اتسعت عينين هاجر بصدمة
=ايه ده بجد انتى مبتعرفيش تقرى و لا تكتبى،؟!
امتقع وجه صدفة من شدة الخجل و الحرج و هي تجيبها بارتباك
=أاا. ايوة...
لتكمل سريعاً و هي ترفع اصبعها بتحذير بوجهها
=خدى بالك ده سر محدش يعرفه حتى راجح...

ثم همهمت بعصبية سريعاً محاولة تغيير الموضوع بينما تتجه نحو الباب
=و يلا يلا انجزى خالينا نروح و نرجع قبل ما راجح يرجع من فرع المنصورة...
اومأت لها هاجر بارتباك بينما تشاهدها و هي تغادر الغرفة و فور ان اغلقت خلفها الباب اسرعت و تناولت هاتفها تتصل بتوفيق الذي ما ان اجاب اخذت تخبره بكل ما حدث ارتعدت من الخوف فور ان وصل اليها صوت صراخه الغاضب
=قولتيلها ايه يا روح امك...
همست هاجر بارتجاف و خوف.

=طيب كنت اعمل ايه يا توفيق مكنش قدامى حل تانى. هي سمعتنى و انا بكلمك...
قاطعها بوحشية مما جعل يدها التي تحمل الهاتف ترتجف
=تقومى تلبسينى مصيبة، انتى غبية ولا بهيمة مبتفهميش
هتفت هاجر بحدة و قد اشتعل الغضب بداخلها فور سماعها كلماته المهينة تلك
=ده على اساس ان ده محصلش يعنى ما انت فعلاً هددتنى بالصور اللي معاك قبل كده، و لا نسيت.

ارتبك توفيق فور سماعه كلماتها تلك غمغم باضطراب فور تذكره لتهديده لها منذ فترة بعيدة بالصور التي ارسلتها له في احدى الايام...
فعندما رغبت ان تنهى العلاقة التي بينهم به بسبب رفضه لتطليق زوجته لم يجد امامه سوا تلك الصور حتى يهددها بها
=الكلام ده من فترة بعيدة، بعدين انتى عارفة انا عملت كده من حبى ليكى مقدرتش استحمل انك تسبينى...

ليكمل زافراً بحدة و هو يحاول ايجاد حل للمشكلة التي اوقعته بها. فصدفة اذا اخبرت راجح فلن يتردد بقتله ولو لدقيقة واحدة
=هنعمل ايه دلوقتى،؟!
اجابته هاجر قائلة بهدوء رغم غضبها منه
=ولا حاجة هنجيلك الأچنص و هي هتهددك علشان تمسح الصور اللي معاك في التليفون و هناخد التليفون نمسح اللي عليه و خلاص...
هتف بها بقسوة
=اها يعنى انتى بتستغلى الليلة علشان تمسحى الصور مش كدة، طيب انا بقى مبسلمش تليفونى لحد...

قاطعته هاجر بحدة
=انا مبستغلش حاجة، بعدين انت مش أكدتلى انك مسحت الصور دى من زمان...
غمغم توفيق بارتباك
=هاااا...
ليسرع قائلاً بكذب حتى يتدارك هفوته تلك
=طبعاً حذفتها، ما ده اللي بقول عليه ازاى هديها تليفونى علشان تمسح الصور، و الصور اصلاً مش عليه
تنهدت قائلة و هي تفرك جبينها من شدة الالم الذي اصبح يعصف به.

=متقلقش انا اللي هاخد التليفون و همسح اللي عليه صدفة لا بتعرف تقرا و لا تكتب اصلاً، يعنى همسك التليفون ألعب فيه دقيقه ولا حاحة و هقولها حذفتهم...
غمغم توفيق بارتياح
=اها اذا كان كده ماشي...
ليكمل بهدوء ينافى الغضب المشتعل بداخله
=اهو نخلص من زنها و بعدها بقى ربنا يبقي يحلها و نتصرف معاها...

همهمت هاجر بالموافقة قبل ان تسرع بالاغلاق معه عندما طرقت صدفة على بابها تستعجل اياها لتسرع هاجر بارتداء ملابسها و الخروج لمقابلة صدفة بالخارج.
في وقت لاحق...
وقف كلاً من صدفة و هاجر امام توفيق داخل مكتبه بمتجر السيارات الخاص به
=طلع الصور و خالينا نخلص في يومك الاسود ده.
غمغم توفيق ببرود و هو يتراجع في مقعده باسترخاء
=قولتلك ممعيش صور، بعدين صور ايه اللي بتتكلمى عليها، انا مش فاهم.

هتفت به صدفة بقسوة و هي تشير نحو هاجر الواقفة بجانبها بمكتبه الخاص
=انت هتستعبط صور العيلة اللي ضحكت عليها و فهمتها انك بتحبها...
لتكمل بازدراء و هي ترمقه من الاعلى للاسفل بنظرات نافرة
=يا اخى لو محترمتش صاحبك و العشرة اللي بينكوا طيب احترم الشعر الشايب اللي في راسك ده انت يا ناقص لو كنت اتجوزت بدرى شوية كنت خلفت قدها...
احتقن وجه توفيق فور سماعه كلماتها تلك هاتفاً بشراسة.

=ما تلمي لسانك يا بت انتي، بدل ما اقوم اكسرلك نفوخك...
اسرعت صدفة بنزع نعالها من قدمها و امسكت به بين يدها ملوحة به بتهديد امام وجهه الذي كان يرتسم عليه معالم الشر و الغضب و هي تهتف بصوت مرتفع
=قسماً بالله يا توفيق يا كخه انت لو الصور بتاعت البت دي ما اتمسحت من تليفونك دلوقت لهنسل الشبشب ده على جتتك و هصوت و هلم عليك الحي كله، و وقتها بقي راجح هو اللي هيتصرف معاك...

امسكت هاجر بذراع صدفة تضغط عليها و هي تهمهم بخوف من ان يجذب صوتها انتباه العاملين بالخارج
=صدفة اهدى مش كده...
نزعت صدفة ذراعها من قبضتها هاتفة بحدة
=اوعي يا بت انتى ما تتدخليش و مالكيش دعوة...
زجرها توفيق بقسوة و اعين تلتمع بالقسوة و الشراسة قبل ان يلقي بهاتفه نحوها قائلاً بغضب
=عندك الزفت اهو، امسحي اللي تمسحيه و غوروا من وشي...

تناولت صدفة الهاتف و وضعته بين يدي هاجر التي اخذته منها و اخذت تعبث به تحت نظرات صدفة التي كانت تتابع باهتمام حركات يدها على الهاتف لكنها كانت لا تفهم ما تفعله لكنها حاولت الا تظهر هذا لتوفيق الذي كان يرمقها باعين تلتمع بنظرات وقحة فاضحة يتفحص بها جسدها من الاعلى للاسفل ببطئ
وضعت صدفة حذائها فوق المكتب بحدة مصدراً ضجة عالية كتهديد واضح له...

مما جعل توفيق يعتدل في جلسته متنحنحاً بصوت مرتفع و هو يشيح بعينيه بعيداً عنها و عن نظراتها التي كانت ممتلئة بالاحتقار و الغضب...
همهمت باضطراب هاجر التي كانت جاهلة عن حرب النظرات المتبادلة بينهم
=خلاص مسحتهم...
سألتها صدفة بينما تضغط على مرفقها برفق
=مسحتى كل حاجة. متأكدة؟!

اومأت هاجر رأسها بصمت بينما تتبادل مع توفيق نظرة ذات معنى تنهدت صدفة متناولة الهاتف منها و ألقته نحو توفيق قائلة بحدة و تهديد صريح
=لو شوفتك او لمحتك بتتكلم معاها او حتى بس بترمى عليها السلام قسماً بالله لهقول لراجح كل حاجة عن وساختك مع اخته و شوف بقي وقتها هيعمل فيك ايه.

شحب وجه توفيق فور سماعه تهديدها هذا و قد دب الرعب بداخله لكنه رغم هذا لم يظهر لها خوفه هذا هتف بقسوة بينما ينتفض واقفاً بحدة جعلت مقعده يسقط على الارض محدثاً ضجة عالية.
=مش اتنيلتى عملتى اللي عايزاه غوري بقي من هنا يلا، و ورينا عرض كتافك...
جذبت صدفة هاجر معها متجهه نحو الباب لكنها توقفت قبل ان تلتف اليه قائلاً بتحذير له و هي ترمقه بنظرات ممتلئة بالنفور.

=افتكر كلامى كويس، علشان وربنا ما هقفل بوقي تانى...
ثم خرجت من مكتبه تجذب هاجر معها تاركة توفيق يتطلع إلى اثرها باعين تلتمع بالغل والحقد قبل ان يطيح ما فوق مكتبه و هو يزمجر بشراسة.
بوقت لاحق من اليوم...
استسلم توفيق اخيراً و اجاب على الهاتف الذي ظل يرن لأكثر من ساعة متواصلة مغمغماً بضيق و حدة
=خير. عايزة ايه تانى بعد ما لبستني في مصيبة مع مرات اخوكي...
همست هاجر بصوت مختنق.

=عايزاك متزعلش منى و الله انا مكنتش اقصد اللي حصل، هي اللي دخلت عليا و انا باخد فلوس من درج راجح و سمعتني و انا بكلمك و اصرت تتصل براجح و تقوله فضربتها على راسها علشان امنعها و بعدها اضطريت اعمل اللى عملته مكنش قدامي حل غيره و الا كنا هنروح في داهية...
قاطعها توفيق بقسوة و عصبية مفرطة
=تقومي تلبسينى في مصيبة معاها افرضى اخوكى راجح عرف، ده مش بعيد يقتلنى...
همست هاجر من بين شهقات بكائها الممزق.

=بس راجح معرفش حاجة و الموضوع خلاص عدى...
زمجر بقسوة وشراسة و يده تضغط بقوة على الهاتف حتى كاد ان يحطمه بين قبضته
=مين قالك انه خلص. انتى فاكرة انها هتسكت على اللي حصل و لا المصيبة اللي بغبائك لبستينى فيها، بدل ما تتنيلى تسكتي و تلمى الدور معاها لا لبستنى في مصيبة اكبر معاها و مع راجح اللي مش هيرحمني لو عرف اللي عملته، يعنى ممكن في اى وقت تقوله و نروح في داهية...
ليكمل بصوت ممتلئ بالعنف و الاصرار.

=البت دي لازم نخلص منها، قبل ما تقول حاجة لراجح...
لهثت هاجر بقوة هامسة بارتباك و خوف
=نخلص منها ازاي يعني، مش فاهمة
اجابها توفيق على الفور و عينيه تشع بالغضب
=يعني لازم تخرج برا حياة راجح و مش تخرج كدة بس لا دي لازم تخرج بمصيبة كمان...
قاطعته هامسة بتردد و هي تشعر بالقلق من كلماته تلك
=بس. بس يا توفيق...

قاطعها توفيق و هو يغير من لهجته الحادة معها و يتبع اسلوبه اللين الذي يستخدمه دائماً عندما يرغب باقناعها بفعل شئ ما
=يا هاجر انتي عارفة اني بحبك قد ايه، و مش هستحمل ان حاجة تفرقنا عن بعض، اخوكى لو عرف باللي حصل مش بعيد يقتلني...
همست هاجر بلهفة و قد ارعبتها تلك الفكرة
=بعد الشر عليك يا حبيبي...
بس صدفة مش هتقدر تقول لراجح حاجة هتخاف...
غمغم بخبث و هو يعلم جيداً كيف ستتأثر بكلماته تلك.

=لا طبعاً ممكن تقول لراجح على كل حاجة خصوصاً لما اجى اتقدملك. و اطلبك للجواز تفتكري هتسكت.؟
شحب وجهها فور سماعها ذلك و هي تدرك ان هذا ما سيحدث بالفعل فصدفة لن تصمت اذا تقدم توفيق لخطبتها سترفض علاقتها به بسبب فرق السن الكبير بينهم و كذلك بسبب تهديده لها بالصور
لذا يجب عليها ان تتخلص منها فلن تسمح لأي شئ يبعدها عن حبيبها.

ابتلعت الغصة التي كانت تسد حلقها قبل ان تهمس بصوت منخفض مرتجف وقد اخذت ضربات قلبها تزداد من شدة الخوف مما هي مقبلة عليه
=عايز تعمل ايه و انا معاك...
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى توفيق و الانتصار يلتمع بعينيه فبموافقتها تلك سوف يحقق هدفين في ذات الوقت.
= اسمعي بقى اللي هقوله و ركزي فيه كويس...
بعد مرور اسبوعين...

كانت صدفة و راجح يجلسون بطاولة الطعام بمنزل والدى راجح مع باقي العائلة حيث قامت نعمات بدعوتهم مبدية رغبتها بلم شمل اولادها على طاولة واحدة بالبداية رفض راجح لكنها اصرت عليه بالحضور واخبرته ان لم يحضر فسوف تلغى العشاء و لن تقيمه مما جعله يوافق بالنهاية حتى لا يتسبب باحزانها.

تسلطت عينيه على تلك التي كانت تجلس بجانبه تتحدث بحماس إلى شقيقته هاجر حيث اصبحوا بالفترة الاخيرة اصدقاء يمضون معظم اوقاتهم سوياً مما بث بداخله الراحة و الفرح...

اخذت عينيه التي كانت تلتمع بالشغف تمر عليها متأملاً ادق تفاصيلها غافلاً عن جميع الجالسين بالطاولة حيث كان انتباهه مسلط عليها وحدها فقد اصبح عالمه ينحصر بها هي فقط هي منبع فرحته الوحيد بهذا العالم فقبل ان يتزوجها كانت حياته ليس بها اى شئ يثير حماسه او فرحته فقد كان يصب كامل اهتمامه على العمل و عند انتهائه منه يعود للمنزل للنوم لكن منذ ان دخلت هي حياته غيرت كل شئ بثت السعادة بحياته و بقلبه العاشق لها...

كانت صدفة تتحدث الى هاجر عندما التفت تلقى نظرة عابرة على راجح الجالس بجانبها لكنها توقفت تنظر اليه باستفهام عندما رأته ييتطلع اليها و نظرة غريبة تلتمع بعينيه ابتسمت قائلة و هي تهز رأسها باستفهام
=في ايه، بتبصلى كده ليه.؟!
ابتسم قائلاً وهو لا يزال ينظر اليها بنظراته الممتلئة بالاعجاب
=مش عارف، حاسك احلويتى بزيادة اليومين دول
اتسعت ابتسامتها فور سماعها ذلك اقتربت منه اكثر هامسة بصوت منخفض.

=احلويت ازاى.؟!
اجابها و عينيه تلتمع بالشغف و هو يتأمل باعجاب واضح وجهها الذي اصبح اكثر امتلاءً من قبل و وجنتيها المشعتين بالحمرة
=وشك بقي منور اكتر...
اخفض رأسه هامساً بأذنها بصوت أجش مثير
=و بقيتى ملبن اكتر...
ارجعت صدفة رأسها للخلف بعيداً عنه هاتفة بحدة وهي تقطب حاجبيها بغضب
=اهاااا قصدك انى تخنت يعنى، و بقيت فشلة
امسك بيدها من اسفل الطاولة يشبك اصابعهم ببعضها البعض قبل ان يهمهم بصوت منخفض.

=يا هبلة بقولك ملبن، يخربيت دماغك...
نزعت يدها من يده مشيحه بوجهها بعيداً و هي لازالت مقطبة مغمغمة بغضب
=لا انا فاهمة قصدك كويس، انت عايز توصلي اني تخنت بس بطريقة كويسة
لتكمل بعصبية مصطعنة وهي لازالت تشيح وجهها بعيداً و هي تتصنع الغضب فقد كانت تعلم مقصده لكنها كانت تستفزه
=عمتاً يا سيدي انا هعمل رچيم و اخسس نفسى...
قاطعها راجح بحدة و عينيه تشتعل بنيران حارقة.

=رچيم، ايه يا ام يا رچيم ده انا ادبحك فيها يا صدفة...
انتفضت في مقعدها شاهقة بخفوت عندما شعرت بذراعه تحيط خصرها بينما يمرر يده على جانب جسدها من اسفل الطاولة اخذت تتلفت حولها خوفاً ان يلاحظ احد ما يفعله بها
همست بخوف بينما تحاول نزع يده من حولها لكنها لم تستطع
=شيل ايدك يا راجح انت بتعمل ايه...
همس بالقرب من اذنها بصوت اجش غاضب.

=عارفة لو جرام واحد منك بس نقص، عليا النعمة يا صدفة ما هرحمك، و الكيلو اللى هتخسيه هخليكى تتخنى مكانه خمسة
زفرت صدفة بحنق مصطنع مبعدة يده بحدة بينما تحاول ان تخبئ الابتسامة المرتسمة على شفتيها
=هو بمزاجك، هعمل اللى عايزاه، و ورينى هتعمل ايه
هتف بحدة بينما يديرها نحوه
= ما تتعدلى في كلامك، يا بت في ايه مالك...

لكنه قطع جملته عندما رأي الابتسامة المرتسمة على شفتيها بينما تتلاعب بحاجبها قائلة بمرح بينما عينيها تلتمع بشقاوة و عبث
=اهدى. اعصابك يا باشا...
زفر راجح قائلاً بغضب
=بتشتغليني...
اتسعت ابتسامتها مطلقة ضحكة منخفضة عندما رأت التعبير الغاضب و المنصدم المرتسم على وجهه لكن فور سماعه ضحكتها تلك اختفى غضبه على الفور و ابتسم لها قائلاً بعجز حقيقي
=طيب اعمل ايه في حلاوة اهلك اللي هتجنني دي قوليلى...

امسكت صدفة بيده من اسفل الطاولة تضغط عليها برفق و قلبها يعصف بداخلها من شدة حبها و عشقها له.
كان عابد جالساً يتابع تهامسهم و ضحكهم هذا باعين تلتمع بالغضب و السخط فقد كان مشاهدته لسعادتهم الواضحة تزعجه بلا تشعل نيران الغضب بداخله اشاح عينيه بعيداً عنهم محاولاً التحكم بغضبه
و يشغل نفسه بالتحدث إلى نعمات التي كانت تجلس بجانبه محاولاً تجاهلهم...

بينما شعرت مايا الجالسة بجانب خطيبها بالغيرة من تقاربهم هذا لتبدأ بالتحدث إلى مروان و الضحك بصوت مرتفع مبالغ به
همست صدفة باذن راجح و هي تتابع باعين متسعة ضحك مايا العالى المبالغ به و حديثها الصاخب
=هي بتعمل كده ليه،؟!
اجابها راجح و هو يلقي نظرة على شقيقه
=سيبك منها، الله يكون في عون مروان و الله دي هتطلع عينه...
همست له بشقاوة بينما تضغط بيدها على يده التي لا تزال يحتضنها اسفل الطاولة.

=زي ما انا مطلعة عينك كده، يا رجوحتى
ابتسم قائلاً و هو يمرر اصبعه ببطئ براحة يدها...
=انتى،! لا انتي حاجة تانية يا مهلبية، انتى مفيش زيك مطلعة عينى اها بس على قلبي زي العسل...
توقف قليلاً قبل ان يكمل
=لا عسل ايه بس، على قلبي زى المهلبية يا مهلبية...

مما جعلها تضحك بصوت منخفض لكن اثار هذا المشهد غضب عابد الذي لم يعد يستطع التحكم في اعصابه اكثر من ذلك عندما سمع راجح يضحك هو الاخر على شئ قالته له زوجته مما جعله يهتف بقسوة وهو يضرب بيده طاولة الطعام
=ما كفاية بقي مسخرة وقلة ادب انت و هى...

استدار اليه كلاً من صدفة و راجح فور سماعهم هاتفه الحاد هذا ظنناً منهم انه يتحدث إلى مايا التي كانت تضحك بصوت صاخب رنان لكن قطب راجح حاجبيه فور ان رأه يتطلع اليه هو و صدفة بنظرات ممتلئة بالغضب
=انت تقصد مين...
اجابه عابد بقسوة و فظاظة و الغل يملئ قلبه
=هكون اقصد مين، اقصدك انت يا خويا انت و السينايورا بتاعتك...
قاطعته نعمات بحدة التي تدخلت فور ان رأت وجه راجح يتصلب بالغضب.

=جرى ايه يا عابد، هو مفيش غير راجح و مراته اللي بيضحكوا...
لتكمل وهي تشير نحو مايا و مروان
=ما مروان و مايا بيضحكوا من ساعتها، لو عايز تتكلم اتكلم على الكل
زمجر عابد بصوت مخيف مظلم و تعبيرات وحشية على وجهه
=و انتى مالك و مال مروان بعدين انتى ايه حكايتك بالظبط. من يومك بتيجى على عيالك علشانه، وتبقيه عليهم ماسك علينا ذله مثلاً، بطبليله ليه...

اغمض راجح عينيه بقوة معتصراً قبضتيه و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة وهو يحاول التحكم في غضبه قبل ان ينتفض واقفاً يجذب صدفة معه مغادراً الطاولة...
امسكت صدفة بيده محاولة تهدئته عندما رأت تحفز عضلات صدره والتي كانت تشير بانه على حافة غضبه تشددت يده على يدها بينما يتجه بها إلى الخارج...
لحقت بهم نعمات تقبض على ذراع راجح قائلة بتوسل
=وحياة امك عندك ما تزعل، حقك عليا انا يا ضنايا...

التف اليها راجح و هو يغصب شفتيه على رسم ابتسامة حتى يهدأ من حزن والدته
=مش زعلان ياما متخفيش...
ربتت على صدرها هامسة بصوت لاهث مختنق بالبكاء
=طيب تعالي ارجع كمل اكلك انت ماكلتش حاجة...
ربت راجح على ظهرها قائلاً بهدوأ يعاكس ما يعتلى بداخله
=معلش ياما هطلع انام علشان عندى شغل بدرى انتى عارفة، و كده احسن بدل ما نمسك في بعض.
همست نعمات ببكاء مرير
=حقك على يا نور عيني...

احتضنها راجح بلطف بين ذراعيه مقبلاً رأسها مغمغماً
=تصبحي على خير ياما...
ربتت على ظهره هامسة بحنان
=و انت من اهل الخير يا عين و قلب امك.
ثم وقفت تراقبه و هو يغادر ممسكاً بيد زوجته وعينيها ممتلئة بدموع مريرة هامسة بألم
=منك لله يا عابد، ربنا يعكنن عليك زي ما عكننت عليه يا بعيد...
ثم اتجهت الى غرفتها رافضة العودة إلى طاولة الطعام و الجلوس معه بعد ما فعله...

فور دخولهم إلى شقتهم الخاصة اتجه راجح مباشرة إلى غرفة النوم حيث قام بتبديل ملابسه ثم استلقي على الفراش بوجه متجهم مرتسم عليه الحزن و الضيق.

وقفت صدفة تراقبه و هي تشعر بقبضة تعتصر قلبها لا تستحمل حزنه او ألمه اتجهت نحوه جالسة على عقبيها على الارض بجانب الفراش مررت يدها بشعره مقبلة جبينه بحنان ليفتح عينيه ويلتقي بعينيها ينظر اليها محيطاً وجهها بيديه متلمساً خديها برفق ادارت رأسها و قبلت راحة يده هامسة بصوت مرتجف محاولة مراضته
=عندى محشي و بط في التلاجة هقوم اسخنهم علشان تكمل اكلك...
ابتسم لها برفق قائلاً و يده مستمرة بتحسس خدها بحنان.

=مش جعان ياحبيبتى.
ليكمل و هو يجذبها من يدها برفق ويجعلها تستلقي بجانبه على الفراش ثم قام بدفن رأسه بصدرها محيطاً خصرها بذراعه ليصبح كالطفل الذي يستلقي بحضن والدته.
=كل اللي عايزه بس ان انام في حضنك...
ضمته اليها تحتضنه بقوة دافنة اصابعها بشعره تدلك رأسه بلطف هامسة بصوت مختنق
=مش عايزاك تزعل، علشان خاطرى. انا خايفة عليك...
لتكمل كاذبة و هي تحاول ان تخفف من حزنه و من حدة الموقف عليه.

=انت عارف ابوك دمه حامى و بيقعد يزعق على الفاضي و المليان لكن مش بيبقي قصده حاجة...
اجابها راجح بصوت منخفض
=مش زعلان منه...
ليكمل و هو يرفع رأسه من فوق صدرها ليستلقي على وسادتها ليصبح وجههما لا يفصل بينهم شئ احاط وجهها بيديه
=مش زعلان منه و لا يفرق معايا لا هو و لا غيره...
صمت للحظة قبل ان يتابع بصوت اجش ملئ بالعاطفة بينما يسند جبينه فوق جبينها يتشرب انفاسها الدافئة بشغف و هو يتطلع داخل عينيها.

=انتى الوحيدة اللى تفرقي معايا يا صدفة، و انتى الوحيدة اللي تقدرى تجرحنى و تكسرينى، انتي بقيتي حياتي كلها، مقدرش اعيش من غيرك
امتلئت عينيها بالدموع تأثراً بكلماته تلك شاعرة بقلبها يخفق في صدرها بجنون قبلت جبينه بشفتين مرتجفة قبل ان تعقد ذراعيها حول عنقه و يتشبث جسدها به بينما تتطلع إلى عينيه الممتلئتين بالتوسل بالا تألمه كما فعل الاخرين...
اخذت نفساً طويلاً مرتجفاً قبل ان تهمس بصوت ممتلئ بالوعد.

=و انا عمرى ما اتسبب في أذيتك ده انت الروح. و القلب يا راجح العوض اللي ربنا رزقني بيه و لو طولت اشيلك في عينيا هشيلك...

اخذت ضربات قلبه تزداد بشدة تأثراً بكلماتها تلك. انحني نحوها ممرراً يده برقة فوق وجهها يرسم ملامحه باصبعه ببطئ قبل ان يضغط بشفتيه على شفتيها يقبلها برفق قبلة حنونة ممتلئة بالعاطفة التي تعصف داخل قلبه مشدداً من احتضانه اياها بين ذراعيه قبل ان يعاود بدفن رأسه بصدرها كالطفل الصغير الذي يناشد الحنان و الاطمئنان من والدته...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة