قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الرابع

صدح صوت عابد القاسي الذي اتخذ عدة خطوات نحوها
=مين يا بت اللي عمل فيكي كده.؟!
فور سماعها لسؤاله هذا شحب وجهها بشدة وقد تجمدت الدماء بعروقها فهي لا يمكنها اخبارهم بان اشرف من اعتدي عليها و حاول اغتصابها فهم بالطبع سيصرون عليه ان يتزوجها كما فعلوا بابنة الزيات عندما حاول احدي الشباب الاعتداء عليها زوجوها له و ذلك بأمر من الشيخ ناصر و عابد الراوي...

ظلت صامتة تتطلع إلى الفراغ باعين متسعة ممتلئة بالفزع حيث كان يمر امام عينيها صور لمستقبلها البائس اذا ذكرت اسم اشرف...
لكنها خرجت من شرودها هذا منتفضة في مكانها بفزع عندما صرخ بوجهها عابد
= ما تنطقي يا بت ساكتة ليه...
هزت رأسها ببطئ هامسة بصوت منخفض مرتعش
=معرفش. مشوفتهوش...
قاطعها عابد بقسوه وغضب
=كدابه ازاي متعرفيش، اكيد شوفتيه...

ليكمل قائلاً بنبره ذات معني و هو ينظر بقسوه نحو راجح الذي كان يقف بالخلف يراقب بصمت ما يحدث بينما عينيه مثبته فوق صدفة
=انطقي خايفة من مين، متخفيش...
تقابلت عينيها بعينين راجح الذي كان يرمقها بنظرات جليدية حاده.

مما جعلها تخفض عينيها سريعاً وقد تسارعت نبضات قلبها خوفاً فور ادراكها ان راجح قد يكون رأي اشرف اثناء هروبه اخذت ضربات قلبها تقصف داخل اذنيها من شدة الخوف من ان ينطق باسمه اخفضت رأسها محاولة ايجاد مخرج من ورطتها تلك عندما سمعت عابد الراوي يزمجر بحده جعلت رأسها يرتد للخلف بصدمهة
=راجح، راجح ابني اللي عمل فيكي كده،؟!

تصلب جسد صدفة من الصدمة اخذت تمرر نظراتها المندهشة بين راجح وعابد الذين كانوا يقفون امامها مباشرة وهي لا تصدق ان عابد الراوي قد اتهم ولده بهذا الاتهام الشنيع خاصة راجح الراوي الذي تهتز له شوارب الحي بأكمله. جذب انتباهها توتر جسد راجح برغم انه كان يحاول الا يظهر ذلك من خلال طريقة وقوفه المتصلبة همت ان تجيب بالنفي و تبرئته لكنها تراجعت باخر لحظة و قد اتاها صوت داخلي بان هذه فرصتها للهروب من الزواج بأشرف الحقير فيمكنها اخبارهم بانه كان راجح و وقتها عابد الراوي سوف يكتم على الامر و يجعلها تذهب للمنزل بعد ان تعده بألا تخبر احداً بما حدث فهو بالطبع لن يزوجها ولده البكري و ذراعه الايمن...

شعرت بتأنيب الضمير لما تنوي ان تفعله لكنها ذكرت نفسها بانه ليس امامها خيار اخر...
اومأت رأسها بالموافقة على سؤاله وهي تخفض عينيها بخوف من ردة فعل راجح الوشيكة على اتهامها الباطل له.
حضرت نفسها لسماع صراخه و سبابه لها حتى انها توقعت انه سيقوم بضربها.

لكن لمفاجأتها لم يبدر منه اي ردة فعل حيث ظل واقفاً مكانه يتطلع اليها بصمت بعينين تندلع منها شرارت الغضب يطبق على فكيه بقوة كما لو كان يحاول السيطرة على غضبه هذا.
مما ارعبها الأمر اكثر فلو كان قد صرخ بها كان اهون عليها من صمته المخيف هذا.
هتف عابد بصوت مرتفع كما لو كان قد حقق انتصاراً عظيماً من اثباته لإدانة راجح
=شوفت، شوفت يا شيخ ناصر مش قولتلك...

ثم التف إلى راجح ينظر اليه باعين تلتمع بالتشفى مزمجراً بصوت منخفض
=مش قولتلك الدم النجس بيجري في دمك...
اشتد وجه راجح بغضب بينما يتطلع اليه بنظرات عاصفة ثابتة زمجر من بين اسنانه المطبقة بقسوة
=مبروك وصلت اخيراً للي طول عمرك بتحاول تثبته فيا...
غمغم عابد بحدة و هو يقطب حاجبيه متصنعاً عدم الفهم
=تقصد ايه.؟

اشاح راجح نظره بعيداً عنه متجاهلاً صراحةً سؤاله هذا ليركز نظراته على تلك الجالسة على الارض بوجه محتقن وجسد مرتجف
=عرفى متولي جوز امك اني جاي بكره اتقدملك...
انتفضت صدفة واقفة بفزع على قدميها المرتجفة فور سماعها كلماته تلك بينما الصدمة تجتاحها
و هي لاتصدق بانه قد عرض عليها الزواج بالفعل.
و ما ان حركت شفتيها حتى ترفض قاطعها صوت صراخ عابد الذي اهتز له ارجاء المكان.

=تتقدم لمين. انت اتجننت عايز تفضحنا وسط الناس. على جثتي فاهم...
ليكمل بصوت غليظ خشن و هو يضرب بعصاه الارض بقوة
=علي جثتي تتجوز بتاعت الطعمية...
تجاهله راجح كما لو انه لم يتحدث اتجه نحو صدفة متقدماً نحوها ببطئ مخرجاً من جببه هاتفه امراً اياها بصوت قاسى لاذع
= هاتي رقم متولي جوز امك...

تراجعت صدفة للخلف بتعثر و هي تحدق في وجهه بخوف من لهيب الكراهية و الغضب الذي يلتمع بعينيه ظلت تحدق به باعين متسعة بالذعر و وجه شاحب غير قادرة على فتح فمها او النطق بحرفاً واحداً حيث قد شلها خوفها منه.
لكنها انتفضت في مكانها بفزع عندما هتف باسمها بعنف مكبوت و هو يزمجر بقسوة
= قولتلك هاتي الرقم...

اندفع الشيخ ناصر الذي كان يراقب بصمت ما يحدث منذ البداية قائلاً و هو يقف حائلاً بينهم عندما لاحظ خوف صدفة الواضح
=انا معايا الرقم هدهولك...
خرجت صدفة من تجمدها فور سماعها هذا صارخة بصوت ضعيف مرتجف
=انا مش هتجوزك...
لتكمل بصوت باكي وهي تمسك بذراع الشيخ ناصر بيدين مرتجفة
=انا. انا مش موافقة يا شيخ ناصر، مش مواف...

لكنها ابتلعت باقي جملتها متخذة عدة خطوات إلى الخلف عندما رأت راجح يقترب منها بخطوات سريعة غاضبة. لتطلق صرخة متألمة عندما قبض على ذراعها يعتصره بقسوة بين قبضته الصلبة مزمجراً من بين اسنانه بغضب
=اكتمي...
ليكمل وهو يعتصر ذراعها بقسوة اكبر ستترك كدمات بذراعها في المستقبل
=اكتمى خالص و مسمعش صوتك، و الا قسماً بالله هدفنك مكانك...
ثم التف إلى الشيخ ناصر قائلاً بحده
=هات الرقم يا شيخ ناصر...

قام شيخ ناصر سريعاً باخراج هاتفه يبحث به عن الرقم.
لكن تدخل عابد هاتفاً بغضب و هو يحاول جذب الهاتف من يد الشيخ ناصر
=انت بتعمل ايه يا ناصر انت هطاوعه في الجنان اللي عايز يعمله...
نفض الشيخ ناصر يده الممسكة بالهاتف بعيداً عن متناول يد عابد الذي كان يحاول اخذه منه باستماته مجيباً اياه بحده و صرامة
=بعمل الصح يا عابد. و اللي انا و انت حكمنا به على ناس كتير في مواقف كتير زي دي، ده حق ربنا.

صاح عابد ثائراً مقاطعاً اياه بعنف وقد احتقن وجهه من شدة الغضب وهو يشير باصبعه للأعلي
=حق ربنا ان ابني انا، عابد الراوي...
ليكمل وهو يشير نحو صدفة الواقفة بوجه شاحب وجسد مرتجف خلف ظهر الشيخ ناصر
=يتجوز دي...
هز الشيخ ناصر قائلاً بصرامة
=ايوه مادام ابنك غلط يبقي لازم يصلح غلطه...
ليكمل بقسوة و نبرة يتخللها التهديد الصريح و هو يرمقه بنظرة ذات معني.

=و انت عارف كويس اني مش هسكت لو حصل غير كده حتى لو انت صاحب عمري مش هسكت...
ثم التف نحو صدفة
=يلا يا بنتي علشان اوصلك بيتك الوقت اتأخر...
لكنه توقف عندما لاحظ ملابسها الممزقة توقف متردداً قليلاً قبل ان ينزع عبائته التي كان يضعها فوق كتفيه ليضعه فوق جسدها مغطياً عري جسدها جاذباً اياها معه للخارج قائلاً موجهاً حديثه لراجح.

=راجح بعتلك رقم متولي، حدد معاه بكرة ميعاد نزورهم في البيت علشان تتقدملها و لو ابوك مش عايز يجى معاك كلمني و انا هاجي معاك...
ثم غادر بصمت متجاهلاً نظرات عابد الغاضبة التي يسددها نحوه...
اندفع عابد نحو راجح فور ان تأكده من ذهاب كلاً من الشيخ ناصر و صدفة قابضاً على كتفيه قائلاً بصوته الهادئ الذي اعتاد على استخدامه دائماً عندما يرغب السيطرة او التأثير عليه.

=يا بني، يا بني بلاش تتهور و تضيع حياتك انا خايف عليك...
قاطعه راجح بقسوة وهو يتراجع إلى الخلف بعيداً عن مجال يديه مظهراً بوضوح عدم رغبته بأي اتصال جسدى به.
=ابنك.! ابنك ايه بقي ياحاج عابد بعد اللي قولته و عملته...

ليكمل بحدة و هو يعلم ان ما سيفعله خطأ. فهو بزواجه منها يثبت ارتكابه لتلك الجريمة، و بدلاً ان انكاره لأتهامها ظل صامتاً مثبتاً على نفسه جريمة لم يفعلها و ذلك بسبب الكلمات القاسية التي القاها والده عليه.

فقد شعر وقتها بأن عالمه بأكمله ينهار فوق رأسه فقد شبهه بأكثر انسان يكرهه و يحتقره حسان والده الحقيقى الذي اغتصب والدته التي لم تكن تبلغ من العمر وقتها اكثر من تسعة عشر عاماً، لا يعلم كيف استطاع ان يرميه بتلك الاتهامات القذرة رافضاً الاستماع اليه او إلى انكاره للأمر كما لو كان ينتظر هذه اللحظة طوال حياته اليوم، اللحظة التي سيثبت بها انه قذر مثل ابيه.

لذا قرر الزواج من تلك الفتاة حتى يعاند اياه. راغباً ان ينتقم منه و من اتهامته القاسبة تلك...
=و فر كلامك و طريقتك دي مش هتجيب نتيجة الموضوع انتهي، وهتجوزها يعني هتجوزها...
اردف بسخرية لاذعة رغم الألم و الغضب اللذان يعصفان بداخله
=بعدين يا حاج عابد اعتبر اني بحاول اعمل الصح اللي ابويا معملهوش من 30سنه...
صاح عابد مقاطعاً اياه و هو يحاول الاقتراب منه مرة اخري مغمغماً بارتباك.

=ايه حاج عابد. حاج عابد اللي انت عمال تقولها دي. انا ابوك، فاهم ابوك...
هز راجح رأسه بقوه بصوت مرتجف بعض الشي و القهر ينبثق منه...
=الكلام ده كان زمان قبل ما تدبحني بسكينه تلمه من اللحظة دي لا انت ابويا و لا انا ابنك و اظن انك بينت ده كويس النهارده، انت الراجل اللي طتر خيره خدني حته لحمة حمرا و رباني في بيته بدل ما كنت اترمي في الشوارع وكلاب السكك تنهش فيا.
ليكمل و هو يضع يده فوق رأسه.

=وجميلك ده هيفضل فوق راسي و هيفضل دين في رقبتي و ربنا يقدرني و اسدده...
انهي جملته تلك ثم التف مغادراً المكان على الفور تاركاً عابد يتطلع بغضب و قسوة بأثره و هو يدرك مدي حماقة ما فعله بكلماته القاسية التي ستجعله يدفع الكثير و اكبر هو فقدان السيطرة على راجح...
بوقت لاحق...
كانت صدفة تدفن وجهها بصدر ام محمد التي كانت تعد بمثابة شقيقة كبرى لها...

كانت تبكي بشهقات ممزقة بينما كامل جسدها يرتجف بقوة بينما اخءت ام محمد تربت على ظهرها بحنان محاولة تهدئتها.

فقد اقنعت صدفة الشيخ ناصر بان يقوم بايصالها إلى منزل ام محمد بدلاً من منزلها حتى لا يراها زوج والدتها بحالتها المذرية تلك، لكنها في الحقيقة كانت خائفة من العودة إلى ذات المنزل الذي به اشرف و البقاء معه تحت سقف واحد بعد ما حاول فعله بها لا تعلم ما الذي يمكنه فعله فقد يكرر محاولاته و وقتها قد ينجح فيما فشل به سابقاً.

ربتت ام محمد على شعرها بحنان محاولة تهدئتها فمنذ وصولها وهي لم تكف عن بكائها بهذا الشكل الهستيري.
=اهدي يا حبيبتي اهدي، كل حاجه ولها حل...
همست صدفة من بين شهقات بكائها الممزقة
=انا وحشة اوي يا ام محمد. مش عارفه ازاي قدرت اتبلي عليه كده قدام ابوه والشيخ ناصر...
لتكمل و بكائها يزداد بقوة.

=بس كنت هعمل ايه، عقلي وقف وقتها مشوفتش نفسي غير وهما بيجوزوني للكلب اللي اسمه اشرف ده بالغصب. خوفي شل تفكيري و اول ما الحاج عابد سألني اذا راجح اللي عمل فيا كده. كنت عامله زي الغريق اللي رموله طوق نجاة.

قولت انه هو اللي عمل كده على اساس ان الحاج عابد هيعدى الليلة و يداري اللي حثل علشان خاطر ابنه بس راجح الراوي هو اللي اصر يتجوزني و اللي رعبني انه منكرش كلامي و لا نطق بحرف واحد عن الحقيقة فضل ساكت...
لتدفن وجهها في حضن صديقتها اكثر وهي تهمس بألم و خوف
=انا مش فاهمة حاجة. و خايفة اوي...
ابعدتها ام محمد بلطف عن حضنها
=انا عارفة ان اللي انتي عملتيه ده غلط...

لتكمل وهي تمسح بيدها على وجهها بحنان مزيلة الدموع العالقة به
=بس انتي لو كنت نطقتي باسم الكلب اشرف ده كان أصر الحاج عابد والشيخ ناصر انه يجوزك له. زي ما عملوا مع البت عواطف و سيد العطار، و وقتها الحرباي، ه اشجان مش هتسكت و هتفضحك في المنطقة كلها انك كانت ماسية مع ابنها بمزاجك ز هتقول عليكي اوسخ الكلام انتي عارفها...
ضمت صدفة يديها إلى صدرها هامسة بصوت مرتجف و الخوف يملئ عينيها بينما تهز جسدها بقوة.

=كله الا اشرف، انا عندي اموت نفسي ولا اني اتجوز الحشاش ده و لا انه يلمسني.
انفجرت باكية وجسدها يهتز بقوة و قد بدأت تتذكر هجوم عليها و محاولاته في لمسها هامسة برعب
=طيب انا ازاي هعقد معاه في بيت واحد بعد اللي حصل ده، ده ممكن يعملها تاني...
لتبدأ بالتحدث إلى نفسها بعجز و هي تنظر للفراغ الذي امامها باعين غائمة بالدموع التي كانت تنحدر على وجهها بغزارة.

=اروح فين، اسيب البيت، أشوفلي اوضة اسكن فيها، بس محدش هيسبني في حالي وكلاب السكك كلها هتنهش في لحمي و مش بعيد هو نفسه يتهجم عليا هناك اعمل ايه يا ربي.
احتضنتها ام محمد بحنان بين ذراعيها محاولة تهدئتها تاركة اياها تبكي و تخرج كل ما بصدرها و عندما توقفت شهقات بكائها
دفعتها بلطف فوق الفراش مساعدة اياها بالاستلقاء و إ راحة رأسها على الوسادة.

=نامي دلوقتي و ريحي نفسك انتي شقيانه من الصبح و زمان حيلك مهدود...
لتكمل وهي تجذب الغطاء فوق جسدها المرتجف
=و متخفيش المخفي جوزي مش هنا مسافر شغل في بورسعيد و مش هايجي الا على اول الشهر الجاي قعدي معايا الفترة دي لحد ما نشوف حل...
لتكمل و هي تربت على رأسها بحنان
= و الله هنلاقي لها حل. ربك كريم
تقوقعت صدفة على نفسها تضم ساقيها إلى صدرها مغلقة عينيها بقوة محاولة ابعاد كل ما حدث عن عقلها...

في صباح اليوم التالي...
استيقظت صدفة على اصوات مرتفعة تأتي من الخارج لكن و قبل ان تعي ما يحدث فُتح باب الغرفة بعنف و دلف زوج والدتها إلى الغرفة هاتفاً بقسوة
=بتصل بيكي من الصبح مبترديش على تليفونك ليه يا بنت الرفدي انتي.
ليكمل و هو يتقدم داخل الغرفة بينما تتبعه ام محمد بعينين مترقبة بخوف.

= راجح الراوي طلبني امبارح و قالي انه جاي البيت عندنا و طالب انك تبقي موجوده، هببتي ايه يا بوز الأخص انتي علشان يجيلنا البيت اكيد عملتي مصيبة من مصايبك
هزت صدفة رأسها بينما تعدل بيد مرتجفة العباءة المنزلية التي ترتديها والتي اخذتها من ام محمد بليلة امس بدلاً من ملابسها الممزقة
=معملتش حاجة. و معرفش جاي ليه...
غمغم بحدة بينما يقبض على ذراعها جاذباً اياها منه
=طيب قومي خالينا نروح، زمانه على وصول...

نفضت صدفة ذراعها بعيداً عن يده متراجعة إلى الخلف بخوف على الفراش بعيداً عنه
=انا، انا مش هروح في حته لو عايز تقابله. قابله انت.
صاح متولي مقاطعاً اياها بقسوة وغضب
=يبقي عملتي مصيبة. و خايفة منها ليلة امك هتبقي سودا لو اشتكي منك تاني. احنا مش قده علشان كل يوم تعملي مصيبة معاه ده اجدعها راجل في المنطقة ميقدرش يرفع عينه فيه و انتي بقي عمالة تعاندي فيه وشغالة قلة ادب...
هتف بحده وهو يكمل.

=قومي. قامت قيامتك خالينا نشوف نيلتي ايه معاه تاني...
اخذت صدفة تهز رأسها بقوة رافضة وهي تصرخ بهسترية
=مش هروح معاك في حته...
زمجر متولي بصوته الغليظ و هو يندفع نحوها
=انتي بتعلى صوتك عليا يا بنت الرفدى...
قبض بيده على شعرها بقوة كادت ان تقتلع خصلاته جاذباً اياها منه لتسقط من الفراش على الارض الصلبة بقسوة و هي تصرخ متألمة جذبها من شعرها على الارض رغم مقاومتها له غير ابهاً بصراختها تلك وهو يهتف بشراسة.

=هاتيجي غصب عن عين اهلك، فكرك اني هقف قدام راجح الراوى علشان واحدة زيك، اللي قاله لازم يتنفذ...
صرخت صدفة باكية و هي تحاول التشبث بالارض رافضة الذهاب معه و خوفها من مواجهة راجح يسيطر عليها
=ياخي يلعن. ابوك. لأبوه...
ضربها متولي بقدمه في بطنها عدة ضربات قاسية وهو يهتف بعنف
=بتشتميني يا بنت الكل، ب يا فاج. رة...

اندفعت ام محمد هي تهتف بفزع ممسكه بذراعه محاوله جذبه بعيداً عن تلك الملقي على الارض تأن بألم و هي تمسك ببطنها
=علشان خاطري يا عم متولي كفاية، كفاية...
ابتعد متولي عن صدفة ماسحاً جبينه المتعرق بيده مزمجراً من بين انفاسه اللاهثه
=و رحمة امك اللي معرفتش تربيكي لأعلمك الادب بس بعد ما راجح الراوي يمشي، هفضالك حاضر...
ليكمل وهو يلتف إلى امينه يتطلع اليها ممرراً عينيه التي كانت تلتمع بالشهوه على جسدها.

=علشان خاطرك بس يا ام محمد انا هسيبها خدي بالك...
اومأت له ام محمد وهي ترسم ابتسامه مرتجفة على شفتيها.
تنحنح بصوت مرتفع وهو يستدير نحو صدفة التي لازالت ملقية على الارض قائلاً بصوت خشن غليظ
= انا هطلع برا و 5 دقايق و القيكي لبستي و حصلتيني...
ثم التف مغادراً الغرفة لترتمي على الفور ام محمد بجانبها تطمئن عليها من انها لم تتأذي...
ارتمت بين ذراعيها صدفة تنتحب بينما جسدها ينتفض بقوة
=مش عايزة اروح معاه...

ربتت ام محمد على ظهرها هامسه لها بصوت منخفض
=معلش علشان خاطرى روحي معاه ده شراني و مش هيرحمك...
لكنها ابتلعت باقي جملتها منتفضين سوياً انتفضوا عند سماعهم صوت متولي الغليظ يهتف من الخارج
= ما تخلصي يا روح امك هفضل مستنيكي كتير الراجل زمانه على وصول...
ساعدتها ام محمد على الوقوف مخرجة احدي عبائتها السوداء مساعده اياها في ارتدائها ثم اخرجت واحدة لها وقامت بارتدائها هي الاخري قائلة بتصميم مربته على كتفها.

=انا جاية معاكي متخفيش. هكلم الواد محمد يجيب اخته ويجولنا على بيتكوا لما يطلعوا من المدرسة
اومأت لها صدفة بالموافقه محتضنه اياها هامسه بصوت مرتجف
=ربنا يخاليكي ليا يا ام محمد...
ربتت ام محمد على ظهرها بحنان
=انا بعتبرك بنتي الكبيره يا هبله
لتكمل بمرح وهي تنكزها في ذراعها بخفه محاولة اخراجها من حزنها
=اي نعم الفرق بنا 18 سنه، بس يلا اديني بكبر نفسي لاجل عيونك يا جميل...

ارتسمت شبه ابتسامة مرتجفة على شفتي صدفة شبكت ام محمد ذراعها بذراع صدفه قبل ان تأخذها و يخرجوا للخارج.
قطب متولي فور ان رأي ام محمد معها غمغم قائلاً
=معلش يا ام محمد مش هينفع تيجى معانا اصل اشجان هناك و انتي عارفها مبطقيش. اصلها وليه غياره
ليكمل وهو ينحني نحو ام محمد قائلاً بغزل
=بتغيير من اللي احلي منها...
تراجعت ام محمد مبتعده عنه للخلف بنفور مرمقة اياه بحدة و غضب.

مما جعل يتنحنح بحرج قبل ان يستدير إلى صدفة ويقبض على ذراعها جاذباً اياه معه لخارج المنزل...
في وقت لاحق...
غمغم متولي بصدمة بينما ينقل نظراته بارتباك بين كلاً من راجح و الحاج عابد الذي اضطر ان يحضر حتى لا ينفذ الشيخ ناصر تهديده و يذهب هو معه و وقتها سيتسبب ذلك في فضيحة لهم اذا علم الناس خاصة و الشيخ ناصر كان معروف عنه انه يقوم بتزويج البنات بمن خدوعهم و سرق عذريتهم فوقتها سيخمن الناس ما حدث.

=صدفة مين اللي عايز تتجوزها يا باشا، مش فاهم؟!
ليهمس بصوت منخفض محدثاً نفسه
=صدفة، صدفة ازاي بس اللاه بَين ودنك عايزة تتسلك و لا ايه يا متولي...
وضع اصبعه باذنه يهزه بقوة كما لو كان يسلك اذنه حتى يتأكد من انه سمع جيداً راجح الراوي ذات نفسه يطلب الزواج من صدفة خاصتهم
قاطعه راجح الذي كان يجلس بجانب والده بوجه مكفهر
=لا سمعت صح، يا متولي، انا بطلب ايد صدفة بنت مراتك.

حك متولي رأسه و هو يحدث نفسه و عقله لا يزال لا يستوعب ما سمعه
=طيب ازاي، ازاي بس يا اخواتي انا هتجنن، راجح باشا و البت صدفة.!
هتف عابد بغضب و هو يضرب بعصاه الارض بقوة
=ما تخلص يالا يا متولي انت هتظيط قوم انده عليها وخد رأيها خالينا نخلص...
ليكمل بسخرية لاذعة وهو يرمق بقسوة راجح الذي كان يتجاهل وجوده بصمت
=مع اننا عارفين رأي السانيورا كويس...

زفر راجح بحده وهو يشيح برأسه بعيداً معتصراً قبضتيه بقوة محاولاً السيطرة على نفسه و عدم الاجابة عليه.
بينما اخذ متولي ينقل نظراته بينهم بارتباك قائلاً باستفهام و هو يلاحظ العصبية و الحدة التي بينهم
=ايه؟ و انتوا عرفتوا رأيها منين؟!
اجابه عابد بحدة و هو يحاول تدارك فهوة لسانه
=الحاجة ام راجح سألتها امبارح و هي قالت موافقة...
اشرق وجه متولي بفرح قائلاً بلهفة و هو يسرع بفتح يديه.

=حيث كده بقي نقرا الفاتحة...
نكزه عابد بعصاه في ذراعه محاولاً جعله يخرج من الغرفة حتى ينفرد براجح حتى و لو لعدة دقائق و بداخله أمل ان ينجح فيما فشل به بالأمس و بصباح اليوم و هو اقناع راجح بتغيير رأيه و عدم الزواج من تلك الفتاة.
=قوم، اتحرك و اسألها و خد رأيها...
هتف متولي وهو يضحك فاركاً ذراعه مكان نكزت العصا
=و اسألها ليه يا حاج مش بتقول موافقة...
هز عابد رأسه قائلاً بنفاذ صبر.

=برضو لازم تسألها، و نسمع كلنا ردها بودننا...
نهض متولي متجهاً نحو الباب وهو يغمغم
=اللي تؤمر به يا حاج عابد، حاضر
ليكمل هامساً بسخرية و عينيه تلتمع بالجشع فور تخيله لكم المال الذي سيجنيه من وراء تلك الزيجة بالاضافة إلى الشقه التي سوف تصبح ملكه
=قال يعني لو موافقتش كلمتها هتمشي، دي توافق و الجزمه فوق راس اهلها كلهم هي تطول بنت المستخبى...

راقب عابد متولي باعين تلتمع باللهفة متولي وهو يغادر الغرفة قبل ان يلتف إلى راجح قائلاً
=يا بني فكر كويس بلاش تنشف راسك...
ليكمل باشمئزاز و هو يشير بعصاه بانحاء الغرفة
=ملي عينك كويس وشوف الناس اللي هتناسبهم وتقع فيهم...
ظل راجح صامتاً لا يجيبه مما جعله يهتف بعجز و غضب
=هدي للبت 50 الف جنية و هخليها متفتحش بوقها عن عملتك دي و اطمن انا...

لكنه ابتلع باقي جملته عندما انكسر فجأة الكوب الزجاجي الذي كان بيد راجح اثر ضغطه القاسي عليه...
شاهد عابد باعين متسعة بالصدمة راجح و هو يضع قطع الزجاج الملتصقة بيده على الطاولة التي امامهم مخرجاً منديلاً من جيبه يلفه حول الجرح الذي كان ينزف بيده قبل ان يلتف اليه قائلاً من بين اسنانه بغضب
=وفر فلوسك. يا حاج عابد.
ليكمل ضاغطاً بقسوة على حروف كلماته.

=و عملتي السودا. زي ما بتقول انا قادر احلها، و اشيل ليلتى لوحدي.
ضغط بقوة على المنديل الذي براحة يده المصابه وهو يردف بسخريه لاذعة
=بعدين المفروض تفرح ان اللقيط اللي ربيته في بيتك مش هيعمل زي ابوه و يهرب، و يسببلك فضيحة
هتف عابد بحدة و قد احمر وجهه من شدة الحرج والارتباك
=ايه اللي انت بتقوله ده لقيط ايه انت ابني...

لكنه ابتلع باقي جملته عندما فتح الباب فجأة و دلفت اشجان زوجة متولي بوجه شاحب واعين محتقنة فمنذ ان اخبرها زوجها عن رغبة راجح الراوي بالزواج من صدفة وهي تشعر بالنيران تشتعل بصدرها تحرق قلبها من شدة الغيظ والغضب.
جلست على المقعد بعد ان القت التحيه عليهم تطلع اليها عابد بغضب من مقاطعتها اياهم وعندما هم ان يطلب منها ان تتركهم بمفردهم تحدثت بصخب
=انا جاية انصحكوا لله...

لتكمل سريعاً و عينيها تتطلع باضطراب نحو باب الغرفة خوفاً من يأتي متولي باي لحظة
=البت دي متنفعش تدخل بيتكوا الأصيل.
ايه بس يوقعكوا الوقعة السودا دي بقي راجح باشا زينة الشباب يتجوز واحده زي دي.
تركها عابد تتحدث وعلى وجهه يرتسم الاستحسان و عينيه مسلطة على راجح بأمل ان يتأثر بكلماتها تلك...
=بعدين دي لا مال ولا جمال تتجوزها ازاي بس يا راجح باشا ده انت...
لتكمل وهي تضرب بيدها على ساقها.

=ده انا اللي مربيها و عارفة كل بلاويها و لسانها الطويل اللي عايز اصه ازاي واحدة زي تدخلوا بيتكوا من الاساس كيب انتوا عارفين دي...
قاطعها راجح بخشونة و حدة
=قومي شوفيلنا جوزك اتأخر ليه، عايزين نمشي...
همهمت اشجان بصدمة
=ههاااا،؟!
زمجر بغضب و هو يشير نحو الباب
=اخلصي قومي...
انتفضت اشجان واقفه فور سماعها كلماته الحاة تلك تتلملم في وقفتها و قد احتقن وجهها من شدة الانفعال هامسة بحرج و خوف منه في ذات الوقت.

=حاضر، أمرك، أمرك يا راجح باشا...
ولكن ما ان همت بالتوجه نحو الباب فُتح و دلف متولي إلى الغرفة بوجه مشرق بينما تتبعه صدفة بعبائتها السوداء المهترئه الفضافضة...
وقفت صدفة بمنتصف الغرفة تمرر عينيها بارتباك بين كلاً من راجح و عابد الراوى شعرت برجفة من الذعر تمر بداخلها فور ان تقابلت عينيها بعينين راجح العاصفة التي كان يسلطها عليها بنظرات قاتلة سامة. ممتلئة بالاحتقار و الغضب...

اشاحت نظراتها بخوف بعيداً عنه بينما يتردد في الغرفة الصوت الغليظ لعابد الراوي بينما يرمقها هو الاخر بنظرات رافضة حاده
=مقولتلناش رأيك ايه يا سانيورا،؟!
ابتلعت صدفة الغصة التي تشكلت بحلقها محاولة استجماع شجاعتها هامسة بصوت مرتجف بالقرار الذي اتخذته بعد تفكير طويل بليلة أمس
=مش، مش موافقة...

ارتسم الارتياح على وجه عابد فور سماعه كلماتها تلك بينما صاح متولي زوج والدتها بغضب بينما يضربها بقبضته الضخمة في ظهرها مما جعلها تصرخ متألمة
=بتقولي ايه يا بنت الكل. ب. انتي اتجننتي.
صاحت صدفة بحده بينما تحاول الابتعاد عن ضرباته الغاشمه لها
=ده اللي عندي مش عايزه اتجوزه، انا حرة
اندفع نحوها متولي هو يزمجر بغضب محاولاً الامساك بها و الهجوم عليها مرة اخرى
=ليه هو كان بمزاجك يا بنت الرافدي...

قاطعه الصوت الصارم لراجح الذي انتفض واقفاً بينما عينيه مسلطة على صدفة بقسوة
=سيبونا لوحدنا...
هتف عابد بينما يقف هو الاخر موجهاً حديثه لولده
=يعني ايه نسيبكوا لوحدكوا، هتتكلم معاها في ايه ما خلاص قالت رأيها، و انتهينا
تجاهله راجح كما لو انه لم يتحدث قائلاً بصرامة و قسوة و عينيه لا زالت مسلطة على صدفة الواقفة بوجه شاحب
=قولت سيبونا لوحدنا...

جذب عابد طرف عبائته بحده واضعاً اياها فوق كتفه زاجراً راجح بغضب متمتماً بكلمات قاسية لاذعة قبل ان يخرج من الغرفة ليتبعه سريعاً كلاً من اشجان و متولي الذي اسرع بغلق الباب خلفه تاركاً اياهم بمفردهم...
شعرت صدفة بضربات قلبها تتقافز داخل صدرها من شدة الخوف ظلت متجمدة مكانها تشعر بقدميها كالهلام غير قادرة على تحريكهم...

بينما وقف راجح يتفحص تلك المخادعة التي اتهمته بأكثر تهمة وضيعة ممكن ان يتهم بها الرجل الا وهو محاولة اغتصاب امرأة ما...
فمنذ صغره اتخذ على نفسه عهداً بالا يسمح لشهواته ان تتحكم به بقيادته و الا يجرح امرأة حتى و لو بنظرة واحدة متخذاً على نفسه عهداً الا يصبح كالرجل الذي انجبه...
لكن اتت تلك و اتهمته بما لم يفعله و لن يفعله ابداً بحياته لتجعل منه بنظر والده نسخة من الرجل الذي
اغتصب والدته.

راقبته صدفة باعين متسعة ممتلئة بالذعر بينما يتقدم نحوها بخطوات بطيئة متمهلة لكن ما بث الرعب بداخلها الغضب و الشراسة المرتسمان على وجهه مما جعلها تتراجع إلى الخلف بتعثر لكنها تجمدت بمكانها عندما شعرت بالحائط يضرب ظهرها من الخلف مما جعلها محاصرة بينه و بين جسده الصلب الذي اصبح يقف امامها مباشرة اخذت دقات قلبها
تزداد بعنف حتى ظنت بان قلبها سوف يغادر جسدها بأي لحظة من سدة الخوف.

انتفضت صارخة بفزع عندما انحني نحوها قابضاً على عنقها بيده يضغط عليه بقوة هامساً بالقرب من اذنها بصوت شرس يملئه الغضب
=سامعينى بقي كنت بتقولي ايه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة