قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الثلاثون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الثلاثون

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل الثلاثون

استمرت صدفة بالاقتراب من رنين حتى اصبحت تقف امامها لتقبض فجأة على شعرها بين يديها هاتفة بشراسة وهي تجذبها منه بقسوة حتى كادت ان تقتلعه من رأسها
=سمعينى بقى كدة يا حلوة كنت بتقولى عايزة تاخدى جوزى و عيالى ازاى...
انهت جملتها تلك دافعة اياها بقسوة من شعرها لتسقط مرتمية على الارض بقسوة وهي تصرخ متألمة...
لكن ازداد صراخها هذا بشكل هستيري عندما رفعت صدفة ما بيدها عالياً استعداداً لألقاءها به...

اخذت تنتفض على الارض بحركات عصبية شبة هستيرية محاولة ابعاد سائل البنزين الذي كانت صدفة تسكبه عليها من خلال الزجاجة الكبيرة التي تمسك بها.
اتسعت عينيها بالفزع و قد جفت الدماء بعروقها فور ان رأتها تلقى الزجاجة بعيداً بعد ان افرغت جميع محتوياتها و تخرج من صدرها قداحة صغيرة و التي ما ان ضغطت عليها انبثقت منها لهيب صغير من النيران مما جعلها تطلق صرخة مدوية وهي تتراجع بتعثر للخلف بعيداً عنها...

اقتربت منها صدفة و هي تلوح بالقداحة بيدها امام وجهها قائلة بصوت منخفض مظلم
=قوليلى بقى كنت هتدينى كام علشان اسيبلك جوزى و عيالى...
انفجرت رنين باكية بينما تهز رأسها بخوف و الارتعاب واضح على وجهها صرخت بها صدفة بينما تقرب القداحة ببطئ من ملابسها
=انطقى...

لم يستطع راجح الوقوف صامداً مكانه اكثر من ذلك و هو يشاهد ما تفعله تلك المجنونة اندفع نحوها مختطفاً القداحة من يدها متجاهلاً صرختها المعترضة ثم احاط جسدها سريعاً بذراعيه مكتفاً يديها امام صدرها بيده عندما اخذت تنتفض مقاومة اياه وهي تصرخ بغضب
=سيبنى، سيبنى يا راجح...
هتف بها وهو يحاول السيطرة على جسدها الذي كان ينتفض بقوة محاولة التحرر حتى تهاجم رنين مرة اخرى
=اهدى، و بطلى الجنان بتاعك ده...

استغلت رنين تقيده لها ونهضت على قدميها وهي تنفض بيدها ملابسها الغارقة بسائل البنزين قائلة باشمئزاز و هي تتطلع الى صدفة بغضب و ازدراء
=بقى هي دي اللى شعرة منها تساوى كنوز الدنيا عندك...
لتكمل بغل وهي تزجرها بنظرات سامة ممتلئة بالحقد و الكراهية
=دى و احدة زب. الة و هم. جية. تربية ش. وارع صحيح...
اشتعلت النيران بعروق راجح فور سماعه كلماتها زمجر بشراسة و.

=تصدقى انك، عيلة قلي. لة الادب و مش مت. ربية و انا غلطان انى ببعدها عنك...
ليكمل و هو يحرر صدفة من قبضته مشيراً برأسه نحو رنين
=صدفة. شوفى شغلك...
لم تنتظر صدفة ان تستمع الى باقى كلماته حيث اسرعت بالهجوم على رنين تقبض على شعرها تجذبه بقوة مما جعلها تصرخ باكية لكن ذلك لم يخفف من غضب صدفة التي نزعت من قدمها نعالها و اخذت تضربها به في انحاء جسدها وهي تهتف بها.

=قولتيلي، بقى مين دى اللى تربي. ة شوارع يا روح امك...
لتكمل وهي تضربها بالنعال على جانب جسدها ضربات متتالية
=تربي. ة الشوارع دى هى. اللى زيك تدخل بيوت الناس و تحاول تخط. ف راجل متجوز من مراته. ده انتى خط. افة رجالة يابت و عينك ت. دب فيها رص. اصة...
صرخت رنين بينما تحاول دفعها بعيداً وهي تتلوى في قبضتها
=بس، بقى اوعى...
جذبتها صدفة من شعرها وهي لازالت تضربها بالنعال.

=وحياة امك ما هسيبك الا لما تقولى حقى برقبتى...
استمرت بضربها حتى اضطر اخيراً راجح ان يتدخل و يجذبها بعيداً عنها لكنها رفضت و ظلت تقاومه بعنف حتى تعاود مهاجمتها لها مما جعل راجح يزمجر بحدة وهو يقبض على كتفيها محاولاً السيطرة
=خلاص، كدة كفاية
هزت كتفيها محاولة نفض يديه الممسكة بها بعيداً و هي تهتف
=لا، لازم اربيها و اعرفها قي.
قاطعها بصرامة و هو يشدد يديه من حولها
=قولت خلاص. يبقى خلاص...

جعلتها كلماته الصرامة تلك تهدئ في مكانها على الفور بينما التف هو الى تلك الملقية على الارض بملابس ممزقة و شعر اشعث قد دمر تماماً
=و انتى يلا غورى من هنا...
نهضت رنين ببطئ و هي تطلق انات منخفضة بسب الالم الذي يعصف بانحاء جسدها.
بينما وقفت صدفة التي كانت ملفوفة بذراعى راجح تزجرها بنظرات سامة قاتلة و صدرها يعلو و ينخفض بسبب شدة انفعالها لكن فور ان مرت من جانبها محاولة الهرب نحو الباب.

حاولت تسديد لها ضربة اخرى مما جعل رنين تتراجع الى الخلف بخوف و هي تطلق صرخة مرتعبة
ليسرع راجح بجذب جسد صدفة بشدة نحو جسده محاصراً اياها بين ذراعيه و هو يزمجر بها
=وبعدين قولت ايه...
ليكمل ملتفاً نحو رنين الواقفة بوجه مرتعب
=عدي، عدي يلا متخفيش...
ركضت رنين على الفور نحو باب الغرفة و منه نحو باب الشقة هاربة باقصى سرعة لديها.

راقبتها صدفة حتى اختفت عن الانظار قبل ان تلتف نحو راجح تتطلع اليه باعين مشتعلة تنبثق منها النيران نفضت يده بعيداً عنها متراجعة الى الخلف هاتفة بحدة
=اهى مشت خلاص ارتحت.
اجابها بحدة مماثلة وهو يتقدم نحوها لكنها استمرت بالتراجع بعيداً عنه
=عايزة تعملى فيها ايه اكتر من اللى عملتيه...
ليكمل وهو يحاول الامساك بها لكنها هربت منه لأقصى الغرفة.

=بتغرق. يها ببنزين، و عايزة تول. عى فيها، ايه عايزة تودى نفسك في داهي. ة، انتى مجنون. ة.
وقفت خلف المقعد تحتمى به مغمغمة بعصبية
=تستاهل الواط. ية خط. افة الرجالة...
لتكمل وهي تصرخ بينما تتفادى بصعوبة يده التي حاولت الامساك بها لكنها تفادته بصعوبة
=ايه عايزنى اسيبها، بعد اللى قالته ده كله، ده المفروض كنت قت. لتها و شربت من دم. ها...

وقف راجح اخيراً يلهث بشدة و قد يأس من ملاحقته لها فقد كانت كالذئبق تنفلت من بين يديه كلما كاد ان يمسك بها اشار لها بيده يحثها على الاقتراب و هو يحاول التقاط انفاسه
=طيب تعالى. تعالى يا صدفة، متخفيش هتكلم معاكى براحة...
هزت كتفيها بينما استمرت بالتراجع بظهرها بعيداً عنه
=لا يا خويا، انت بتقول كدة علشان تضحك عليا، فاكرنى هبلة، و لا هبلة...

دون ارادته وجد نفسه يبتسم على حركاتها و كلماتها تلك. فقد كان ملعون ضعيف نحوها لا يستطيع الغضب منها اكثر من دقيقتين على الاكثر فدائماً تفعل او تقول شئ يجعل غضبه منها يتبخر كأنه لم يكن...
اقترب منها قائلاً بهدوء بينما يتقدم منها ببطئ محاولاً اغفالها حتى يمسك بها
=هو انتى جبتى البنزين ده منين، صحيح...
اجابته مضيقة عينيها بتركيز على حركات قدميه التي كانت تقترب منها.

=كنت جيباه معايا قبل الجواز مع بودرة العفريت و حاجات كتير علشان كنت خايفة منك، و مكنتش مأمنالك بصراحة...
توقفت خطواته و قد تجمد في مكانه فور سماعه كلماتها الصادمة تلك غمغم بنبرة يتخللها الصدمة
=يا نهار ابوكى اس. ود، انتى كنت ناوية تولع. ى فيا...
لم تستطع صدفة ان تفعل شئ سوى الضحك فور رؤيتها صدمته تلك اجابته من بين ضحكاتها الرنانة واضعة يدها فوق بطنها المنتفخة...

=بصراحة اها، يعنى لو كنت وقتها عملت فيا حاجة كدة و لا كدة كنت عملتها...
انهت جملتها صارخة بفزع عندما رأته يندفع نحوها محاولاً الامساك بها و هو يتمتم بكلمات غاضبة منفعلة لتركض هاربة من الغرفة باقصى سرعة لديها و هي تضحك
بينما وقف راجح يراقب هروبها هذا باعين متسعة لكنه خرج من صدمته تلك هاتفاً خلفها بخوف بسبب ركضها و حركاتها الزائدة تلك خوفاً عليهاو على اطفالهم
=بت، بت متجريش الله يخ. ربيتك. العيال...

ليكمل وهو يندفع راكضاً خلفها عندما استمرت بالركض دون ان تستمع اليه
=يا بنت المجان. ين...
لحق بها على مدخل غرفة النوم قبض على ذراعها على الفور قائلاً بلهاث
=بس. قفشتك...
حاولت التملص منه لكنه جذبها على الفور نحوه محيطاً اياها بذراعيه
=انسى...
ليكمل و عينيه تضيق عليها بغضب
=بقى. كنت عايزة تولع. ى فيا...
تنهدت فور ادراكها انها لن تستطيع الهرب منه احاطت عنقه بذراعيها مسندة جسدها على جسده قائلة.

=الكلام ده كان لراجح. المفت. رى اللى اتجوزته و انا خايفة منه...
لتكمل بصوت منخفض وهي تقرب شفتيها من شفتيه تطبع قبلة ناعمة على شفتيه
=لكن راجح اللى معايا دلوقتى ده حبيبى. و قلبى. و ابو عيالى و سندى اللى افديه بروحى و عمرى كله...
همس بصوت اجش لاهث و يده تمر برفق على جانب عنقها مقرباً وجهها منه مما جعل شفتيه تلامس شفتيها
=هتجنينى بشقاوتك دى. و مبقتش عارف اخد منك لا حق و لا باطل...

ابتسمت قائلة بدلال و هي تمرر يدها فوق صدره من خلال فتحة قميصه
=علشان بتحبنى...
همس و عينيه تشتعل بالنيران تأثراً بحركة يدها تلك
=و بم. وت فيكى. يا مهلبية...
انهى كلماته منقضاً على شفتيها يقبلها بجوع و شغف جاذباً جسدها اكثر فوق جسده قبل ان ينحنى و يحملها بين ذراعيه متقدماً بها الى داخل الغرفة.
فصلت صدفة قبلتهم هامسة بصوت اجش
=نزلنى يا راجح انا بقيت تقيلة عليك. ظهرك هيوجعك.

شدد من يديه حولها و هو يتقدم للداخل قائلاً بجدية
=تقيلة ايه يا مهلبية، ده انتى زى الريشة...
انهى جملته واضعاً اياها برفق فوق الفراش من ثم التقط شفتيها في قبلة اخرى ليغيبا سوياً الى عالمهم الخاص...
بعد مرور يومين...

كانت صدفة مستلقية بين ذراعى راجح على الاريكة التي بغرفة المعيشة يشاهدان فيلم اجنبى كان راجح يحثها بلطف على قراءة الترجمة لكنها كانت بطيئة للغاية حيث لم تسطتع سوا قراءة كلمة واحدة من كل تلك الكلمات...
=أ. أ. أب، أبى...
زفرت بحنق قائلة و هي ترفع وجهها اليه
=انا زهقت يا راجح انا مبلحقش اقرأ غير كلمة واحدة و بالعافية...
اخفض رأسه طابعاً قبلة حنونة على جبينها قائلاً بهدوء.

=انتى لسه في الاول، و انك تقرى حتى و لو كلمة واحدة في الفترة القليلة دى يعتبر انجاز...
ليكمل وهو يمرر يديه على ذراعها يفركه بحنان
=دماغك حلوة يا مهلبية، بس عايزة تذاكرى كويس
دفنت وجهها بعنقه تقبله بلطف وهي تهمس بشقاوة
= البركة في المدرس بتاعى، شاطر و زى القمر...
لتكمل و هي تسحب جسدها للأعلى حتى اصبح وجهها يقابل وجهه هامسة باغراء امام شفتيه
=و يستاهل مكافأة...

زمجر راجح مستولى على شفتيها يقبلها بنهم وشغف محيطاً خصرها بذراعه يجذبها نحوه...
لكن كسر سحرهم الخاص هذا صوت جرس الباب. تجاهله راجح بالبداية و استمر فيما يفعله...
لكن ظل صوت الجرس يصدح بالارجاء مما جعله يضطر الى فصل قبلتهم طابعاً قبلة حنونة على جبينها هامساً باذنها ان تعدل من ملابسها...
نهض مسرعاً متجهاً نحو باب الشقة يهتف بغضب وحنق
=طيب. طيب ايه الدنيا هطير...

لكنه ابتلع باقى جملته عندما فتح الباب و وجد والدته تقف امامه ظل يتطلع اليه بصمت عدة لحظات و الألم بسبب خيانتها له و تخليها عنه بسهولة ضربه من جديد ممزقاً قلبه.
لكنه تنحنح قائلاً ببرود بالنهاية و هو يحاول ان يبدو متماسك
=خير. يا حاجه نعمات في حاجة،؟
رأى الالم يرتسم على وجهها فور سماعها كلماتها تلك لكنها اجابته بهدوء
=عايزة اتكلم معاك شوية...
هز راجح رأسه قائلاً و يده تضغط بقوة على اطار الباب.

=نتكلم في ايه،؟!
تلفت نعمات حولها ناظرة الى اسفل الدرج قبل ان تغمغم بقلق واضح
=نتكلم جوا احسن...
اومأ راجح متيحاً لها المجال حتى تعبر الى الداخل.
دلفت نعمات الى غرفة المعيشة لتجد صدفة جالسة على الاريكة بوجه محمر اقتربت منها في الحال قائلة بفرح و هي تضمها اليها
=ازيك يا صدفة. ازيك حبيبتى...
لتكمل ويدها تمر على بطنها المنتفخةو قد امتلئت عينيها بالدموع.

=مبروك، الف مبروك انا لما عرفت من عابد انك حامل الفرحة مكنتش سيعانى...
ابتسمت صدفة لها و عندما همت بالرد عليها قاطعها راجح على الفور قائلاً بحدة
=اقعدى يا حاجة نعمات خالينا نتكلم زى ما انتى عايزة. علشان عايز انام بدرى
التفت اليه نعمات قائلة بغضب مشتعل
=ايه، حاجة نعمات. اللى انت مسكهالى دى...
لتكمل وهي تجلس بجانبه ممسكة بيده مما جعل راجح يضطرب
=انا امك، غصب عن عينك و عن اى تخين. انا امك، فاهم.

قاطعها راجح بحدة و هو يسحب يده من يدها
=بس ده مكنش كلامك معايا في اخر مرة اتكلمنا فيها...
انفجرت باكية فور تذكرها كلماتها القاسية له
=كان على عينى يا بنى انى اقولك الكلام ده، بس كان غصب عنى عابد كان قاعد جنبى، و كنت عايزة اثبتله انى معاه مش معاك، علشان اعرف اجيبلك حقك
لتكمل من بين شهقات بكائها الممزقة و هي تضع بين يديه عدة اوراق
=امسك يا قلب امك...
نظر راجح باضطراب الى الورق الذي وضعته بين يديه.

=ايه ده...
اجابته بصوت مرتجف و هي تمسح عينيها بيديها
=ده ورق ملكية الوكالة و 5 محلات نقلتهم باسمك...
شحب وجه راجح و قد تسارعت انفاسه بحدة بينما شهقت بصدمة صدفة التي كانت تجلس تتابع ما يحدث بينهم بصمت.
التف راجح الى والدته قائلا بارتباك و عدم فهم
=ازاى، بقوا باسمى...
ربتت نعمات على ذراعه بحنان قائلة.

=انا هفهمك يا ضنايا كل حاجة، عابد من كام سنة اضطر يكتب الوكالة و ال 5 محلات دول باسمى علشان الضرايب و ساب ال 4 محلات التانين باسمه هو.
كان خايف من الضرايب بعد ما جاله في سنة مبلغ كبير اوى، فاتفق معايا يعمل كدة ومحدش يعرف غيرنا، وخالانى اعمله توكيل عام يعنى كان مخونى انت عارفه حب يضمن نفسه. المحلات باسمى لكن يبقى معاه توكيل عام يقدر يتحكم فيهم و يرجعهم لملكيته في اى وقت...

همس راجح و هو يعقد حاجبيه بقوة
=علشان كده كان مُصر انى ماليش دعوة باى حاجة لها علاقة بالضرايب او الفلوس اللى داخلة و خارجة من الشغل...
اومأت نعمات قائلة بهدوء.

=كان خايف انك تعرف حاجة زى دى فتأثر عليا و اكتبلك الحاجة، المهم اليوم اللى انت ضربت هاجر فيه مسكنى و قعد يحكيلى انت عملت ايه كأنه كان بيحاول يكرهن. ى فيك، و انا كنت عارفة انه كداب في معظم اللى قاله بس اضطريت اعمل نفسى مصدقاه و انى معاه و كلمتك و سمعتك الكلام السم ده يومها...
اختنقت في نهاية جملتها لتنفجر باكية بمرارة هامسة وهي ترتمى بين ذراعى ولدها تحتضنه.

=حقك عليا، يا نور عين امك بس انا كنت عايزة اجيبلك حقك، صعب عليا انك بعد مرمطتك و شقاك طول السنين اللى فاتت دى كلها ياكل حقك...
وانا و الله حاولت اكلمك بعدها و افهمك اللي بيحصل بس انت مكنتس بترد عليا، و مكنتش عارفة اجيلك هنا لأنه كان بيراقبنى كان مخونى لحد فترة قريبة و اول ما اطمن انى فعلاً معاه بدأ يقلل مراقبته ليا و طلعت على اقرب محامى وخلصت كل حاجة...
لتكمل من بين شهقات بكائها.

=كان على عينى يا حبيبى و الله اسيبك كل الفترة دى. تفتكر انى مش عايزاك، و انى مش بعتبرك ابنى، ده انت حتة من قلبى يا راجح و نور عينيا اللى بشوف بها...
تأثر راجح بكلماتها تلك احتقنت عينيه بالدموع احتضنها بقوة يبكى كالطفل الصغير بحضن والدته فقد كان اكثر ما ألمه من كل ما حدث انه كان يظن انه قد فقد والدته و انها لم تعد ترغب به حقاً احتضنته نعمات بقوة تبكى بشكل ممزق و هي تقبل رأسه قبلات متتالية حنونة.

بينما جلست صدفة تراقب هذا المشهد و الدموع تغرق وجهها فقد كانت تعلم كم افتقد والدته رغم انه حاول ان يظهر ان الأمر لم يفرق معه لكنها كانت تعلم جيداً انه يشتاق اليها.
بعد مرور عدة دقائق رفعت نعمات وجه ولدها من حضنها تمسح بيديها على وجهه الغارق بالدموع تزيل دموعه بينما امسك هو يدها يرفعها الى فمها يقبلها بحنان
=ربنا يخليكى ليا ياما...
صمت للحظة قبل ان يتابع بنبرة متحشرجة.

=بس عابد لو عرف اللى عملتيه ممكن يطلقك مش هيعديها...
لوحت نعمات بيدها قائلة بعدم اكتراث
=مش فارقة، انا كدة كدة كنت عايزة اطلق منه، ده راجل ناق. ص و بتاع ن. سوان، عرفت من فترة انه كان بيخونى...
قطب راجح حاجبيه قائلاً بصدمة مصطنعة فقد كان يعلم بخيانة عابد لها مع تلك التي تدعو سماح لكنه لم يرغب باخبارها حتى لا يتسبب بألامها
=عرفتى منين،؟!

نظرت بتردد نحو صدفة لتفهم الاخيرة على الفور انها لا ترغب بالتحدث امامها مما جعلها تنهض قائلة
=هروح اعملكوا عصير ليمون يهدى اعصابكوا...
ابتسم لها راجح وعينيه تلتمع بامتنانه لتفهمها رغبة والدته بينما غمغمت نعمات قائلة بحنان
=تسلمى يا حبيبتى يا رب، المهم براحة و انتى ماشية و على مهلك علشان اللي في بطنك...
اومأت لها صدفة مبتسمة قبل ان تغادر الغرفة و تتركهم بمفردهم.

التفت نعمات الى راجح قائلة بصوت منخفض هامس
=عارف عابد بيخونى مع مين...
هز رأسه بالنفى و هو لايزال يتصنع عدم المعرفة. اقتربت منه هامسة باذنه بصوت منخفض للغاية
=اشجان مرات متولى...
تراجع رأس راجح للخلف هاتفاً بصدمة
=ايه، اشجان،!
ضربته برفق بذراعه و هي تغمغم بخوف و هي تتطلع نحو باب الغرفة بقلق
=واطى صوتك لا مراتك تسمع. تبقى مصيبة...
فرك وجهه بعصبية قبل ان يهمس بصوت منخفض.

=عرفتى منين ياما، انتى متأكدة دى تبقى مصيبة...
اجابته نعمات وقد اغمقت عينيها بالألم.

=عرفت قبل اليوم اللى حصل فيه المشكلة بينك و بينه و قال انك ضربته و ضربت هاجر، خالتك شافتهم نازلين من عمارة سوا و كانوا شغالين ضحك و مرقعة، انا مصدقتش لما خالتك قالتلى بس روحت يومها بليل وقفت عند العمارة اللى قالت عليها و فضلت مستنية لحد ما لقيتهم راجعين في عربيته و طلعوا سوا العمارة وكان منظرهم يقرف كانوا سكرانين طينه انا كنت ناوية اواجهه تانى يوم و اسيبه بس حصل الموضوع بتاعك و اضطريت افضل معاه لحد ما اخدلك حقك اللى كله عليك...

ضغط راجح على فكيه بقوة وهو لا يزال لا يصدق ما سمعه
=ده ايه الق. رف و العك ده، انتى ازاى اتجوزتى واحد زى ده ياما...
تنهدت نعمات قائلة وهي تقف على قدميها
=النصيب يا بنى، ما اقوم انزل.
نهض راجح هو الاخر قائلاً بحدة
=تنزلى تروحى فين، انتى هتقعدى معايا هنا، معتش ليكى عيشة مع الراجل ده...
ربتت على ذراعه بحنان قائلة.

=ده اللى هيحصل بس هنزل ألم هدومى و حاجتى و اطمن على هاجر. هو كده كده، مش في البيت اتصل و قال انه هيبات النهاردة برا قال ايه عنده شغل تلاقيه مع المقرفة اللى زيه...
لتكمل و هي تتجه نحو الباب
=انا هقعد عندك يومين، بس بعدها هروح اقعد في البلد مع اخواتى...
غمغم راجح معترضاً بحدة و هو يتبعها للخارج
=لا ياما، انتى مكانك في بيت ابنك...
قاطعته قائلة و هي تلتف تنظر اليه.

=سيبنى على راحتى يا راجح، انا عايزة اريح اعصابى شوية...
ظل يتطلع اليها بصمت عدة لحظات قبل ان يومأ برأسه اخيراً موافقاً
=طيب استنى انزل معاكى...
هزت رأسها قائلة برفض
=لا خاليك هنا، انا هلم حاجتى و هاجى على طول هو اتصل بيا و أكد انه هيبات برا يعنى متخفش...
احتضنته برفق بين ذراعيها قبل ان تلتف و تغادر الشقة...

بينما ظل راجح يتطلع إلى اثرها قبل ان يلتف على صوت صدفة التي خرجت من المطبخ و هي تحمل صنيه بها اكواب العصير التي اعدتها
=ايه ده هي مشيت000؟!

اومأ برأسه مقترباً منها بصمت متناولاً من بين يديها و الصنية واضعاً اياها فوق الطاولة قبل ان يجذبها بين ذراعيه يحتضنها بقوة دافناً وجهه بعنقها يتنفس رائحتها بعمق فقد كان يحتاجها بهذا الوقت اكثر من اى وقت مضى حتى تهدئ ما يثور بداخله من خوف و قلق فهو كل مدى يعلم مدى قذارة الناس المحيطة به...
اخذت صدفة تربت بحنان على ظهره محاولة تهدئته و امتصاص حزنه فقد كانت تعلم مدى صعوبة ما يحدث عليه.
فى ذات الوقت...

كانت نعمات منشغلة بتجميع اشيائها و وضعها بحقائبها الخاصة عندما انفتح باب الغرفة و دلف عابد الذي وقف منصدماً عندما شاهد ما تفعله هتف بحدة مما جعلها تقفز في مكانها مرتعبة
=بتعملى ايه يا وليه انتى،؟! بتلمى هدومك ليه.؟!
التفت اليه نعمات قائلة بحدة و هي تحاول تخبئة ارتجافة يديها
=همشى، كفاية اوى لحد كدة...
اقترب منها قائلاً بعصبية و خشونة
=يعنى ايه هتمشى، ليه ايه حصل،؟!

اجابته بحدة و هي تستدير لكى تغلق الحقيبة
=انت عارف كويس ايه اللى حصل...
لتكمل بصوت لاذع حاد
= اشجان، اللى انت بتخونى معاها تحب اوضح اكتر من كدة و لا انت فهمت...
شحب وجهه فور سماعه كلماتها لكنه حاول تدارك الامر و قرر الهجوم لعله يجعلها تشك بالأمر
=مين، اللى قالك الكلام ده، اكيد الواد اللى اسمه راجح سلط حد يقولك كده علشان يوقع ما بنا. ده عيل زب. الة و ك. داب و انا...
قاطعته نعمات على الفور هاتفة بغضب.

=اخ. رس قط. ع لسانك، متجيبش سيرة ابنى ابداً بالوح. ش...
ضيق عينيه بغضب محدقاً بها قبل ان يغمغم بشك
=الله، الله ده انتوا اتصالحتوا بقى...
ليكمل سريعاً و قد دب الذعر بداخله
=اوعى، اوعى يا نعمات تكونى عملتى اللي في بالى...
لوت شفتيها في شبه ابتسامة و هي تجيبه بخبث
=قصدك، انى كتبتله المحلات باسمه.؟
لتكمل و هي تهز رأسها بينما تتطلع إلى عينيه بتحدى و تشفى
=اها يا عابد. الوكالة و ال 5 محلات بقوا بتوع راجح...

تحول شحوب وجهه الى لون رمادى كما لو كان قد فقد الحياة فور سماعه كلماتها تلك همس بشفيتن مرتجفة
=عملتى ايه،؟!
ليكمل صائحاً بشراسة و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة و غضب عاصف يشتعل داخل صدره يجعل عروق عنقه تتنافر بينما يزداد وجهه احتقاناً من عنف و وحشية افكاره في تلك اللحظة اندفع نحوها على الفور يجذبها من شعرها بقسوة
= عملتى ايه، يا بنت الكل. ب انطقى...

صرخت نعمات وهي تضربه بقبضتها فوق يده المحيطة بشعرها محاولة جعله ان يبتعد عنها ويفلتها
=اللى سمعته. رجعت لراجح حقه...
فقد عابد اعصابه عند سماعه كلماتها تلك صفعها بقوة على وجهها صارخاً بها بشراسة و هو في حالة شبه هستيرية
=بتبعينى، بتبعينى يا بنت الكل. ب، بتبعينى بعد العمر ده كله
صرخت باكية بينما تضع يديها فوق وجهها لتحميه من صفعاته تلك.

=انا مبعتكش، انا اديتله حقه. اللى انت كلته، حقه اللى مفروض اكتر من كدة...
لتكمل وهي تحاول ان تدفعه في صدره
=انت نسيت نفسك كنت ايه. قبل ما راجح يشتغل معاك، ده انت كنت جعان و حاف. ى. كنت بتستلف من الناس علشان تعرف تجيب حق سيجارة واحدة.
صرخ وهو يقرب وجهه منها ينظر اليها بعينين تلتمع بوحشية مما جعلها تخفض عينيها في ذعر
=اخرسى يا وليه يا بومه، مسمعش صوتك...
ليكمل بشبه هستيرية و هو يلاقيها على الارض بقسوة.

=مسمعش صوتك، مسمعش صوتك...
اخذ يصرخ كلماته تلك و هو يسدد لها الضربات المفترقة بجسدها بقدمه مما جعلها تصرخ بأعلى صوت لديها متألمة لكنه لم يبالى بألامها تلك حيث ظل يضربها و هو ينعتها بافظع الشتائم.
اقتحم الغرفة على الفور راجح الذي ما ان وصل اليه صوت صراخ والدته هرع راكضاً الى الاسفل.

اهتز جسده بعنف كما لو صاعقة قد ضربته فور ان رأى والدته ملقية على الارض تبكى و تصرخ بينما ذلك الحقير مستمر بضربها و تعذيبها لم يشعر راجح بنفسه الا و هو يندفع نحوه يجذبه من عنق عبائته مسدداً اليه لكمة جعلته يسقط على الفور ارضاً لكنه لم يتح له الفرصة حتى لكي ينهض حيث هاجمه و لم يدعه حتى يدرك ما يحدث حيث انقض عليه يسدد له لكمات سريعة قوية متتالية اسالت الدم. اء من انفه و فمه و هو يصيح به بشراسة.

=كله الا امى، كله الا امى...
ظل يسدد له الضربات حتى اصبح وجهه غارقاً بالدماء حاول عابد دفعه بعيداً لكنه لم يستطع حيث كان راجح كالاعصار الغاضب الذي لا يوجد شئ يمكن ايقافه.
ظل يضربه بقسوة و شراسة حتى تحرك اخيراً و نهض من فوقه وهو يلهث بقوة محاولاً التقاط انفاسه التف نحو والدته ليجد صدفة جالسة بجانبها تحتضنها بقوة محاولة تهدئتها
=خديها و اطلعوا فوق يا صدفة...

رفعت صدفة رأسها نحوه لكنها اطلقت صرخة فازعة عندما رأت عابد ينهض و يخرج اداه تشبه السكين من من جيبه و يحاول الهجوم عليه صرخت باعلى صوت لديها و الفزع والخوف يسيطران عليها
=حاسب يا راجح...

التف راجح في الحال فور سماعه تحذيرها هذا لينجح بالقبض على ذراع عابد الممسكة بالسكين قبل ان تصيبه ضربه بساقه في بطنه بينما يده تعتصر يده مختطفاً السكين منه واضعاً اياها بجيب بنطاله على الفور قبل ان يستدير نحو عابد و يسدد له لكمة قاسية اصابت فكه.
مما جعل عابد يجن جنونه حيث اخذ يصرخ بوحشية وهو يحاول الهجوم عليه
=رجعلى محلاتى، رجعلى محلاتى، هتقبل على نفسك مال حرام...

ابتسم راجح مكشراً عن اسنانه قائلاً بصوت مخيف مظلم
=اها هقبل مال حرام...
ضربه عابد بصدره و هو يصرخ بشراسة و قد احتقن وجهه حتى اصبح بلون الدماء من شدة الانفعال والغضب
=هتقبل مال حرام عادى كده. و بتقولها عادى يا بجحتك...
ليكمل و عينيه تلتمع بالحقد و الغل و هو يحاول الضغط على نقطة ضعف راجح
=اقول ايه ما انت زى ابوك النج. س، عيل ابن ح. رام زيك ابوه مغ. تصب هيبقى ايه...

انتفضت نعمات واقفة فور سماعها كلماته تلك هاتفة بشراسة و قد تناست الألام التي تعصف بجسدها
=بتقول ايه،؟!
هجمت عليه تمسك بياقة عبائته تعتصرها بقوة و هي تصرخ بشبه هستيرية و عينيها تتقافز منها شرارات الغضب و قد تناست خوفها السابق منه
=سامعنى بتقول ايه يا ناقص...

فرت الدماء من عروق عابد و قد شحب وجهه بشدة فور ادراكه انه نطق بتلك الكلمات الكاذبة امام نعمات فقد ظل طوال حياته يسمع راجح تلك الكلمات لكنه كان حريصاً دائماً على الا تصل إلى مسمع نعمات التي كانت تعرف الحقيقة بأكملها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة