رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل الثالث والثمانون
علمت عزة بما حدث لعمر، في نفس الوقت وصل الخبر لعبد الرحمن وعلم ما حدث لسميرة، وهنا أنكشف السر لعبد الرحمن وعزة.
عبد الرحمن: بقى انتى كنتى مرات عمر اللى أتجوز سميرة؟
عزة: عمرى ما كنت أتخيل إنى هاتجوز جوز الست اللى خربت بيتى.
عبد الرحمن: أما الدنيا دى صغيرة صحيح، ده إحنا لو قاصدين نرد لهم اللى عملوه فينا ما كناش هنتقابل كدة.
عزة: الحياة ساعات بيبقى فيها حاجات أغرب من الخيال.
عبد الرحمن: على قد ما سميرة عذبتنى بس عمرى ما كنت أتمنى أنها توصل لكدة، أما ربنا صحيح منتقم جبار، في وقت معين كنت باتحايل عليها عشان تقعد في وسط ولادها، قلت لها هانسي كل اللى قولتيه وخليكى عشان خاطر ولادك رفضت، تخيلى كانت جاية لى يوم الحادثة تترجانى أوافق أنها تكون زوجة تانية عشان ولادها.
عزة: سبحان الله، أنا كمان لما عمر قرر يتجوزها طلبت منه يسيبنى على ذمته أربى بناتى رفض وقال سميرة مش عايزة يكون لها ضرة، دلوقتي موافقة يكون لها ضرة؟
عبد الرحمن: ليهم من ربنا اللى يستحقوه.
الحياة تأتى لنا بما هو أغرب من الخيال، بما هو أبعد عن خيال أكثر كاتبى الدراما عبقرية، ما نخاله محال يحدث بترتيب الخالق ونحن لا نملك سوى أن نتفرج على ما تفعله بنا، وليتنا نتعظ.
تحسنت صحة أم عبد الرحمن كثيرا بفضل الله ثم العلاج الطبيعى، بالاضافة إلى رعاية عبد الرحمن لها، وأصبحت تمشى بدون مساعدة أحد، طلبت من ابنها أن يوفى بالنذر الذي نذره، كان عبد الرحمن قد نذر أن يذبح ذبيحة عندما تشفى والدته، يوزعها على الفقراء في مسقط رأسه بالزقازيق، وعندما قرر الزواج طلبت أمه منه أن يضاعف الذبيحة، ولأن الأفراح لا تأتى فرادى، فقد نجحت حبيبة وكانت من العشرة الأوائل على الجمهورية، فكانت الفرحة مضاعفة والعطاء مضاعف.
الأم: وشك حلو يا قدم السعد.
عزة: ألف مليون مبروك لحبيبة.
الأم: عقبال بناتك.
عزة: في حياتك، عقبال حجة لكى ونكون سوى إن شاء الله.
الأم: عبد الرحمن قال لك؟
عزة: أيوه إن شاء الله نسافر يوم الجمعة نكتب الكتاب في البلد، وندبح حلاوة نجاح حبيبة.
الام: وحلاوة جواز ابنى منك، انتى الفرحة الكبيرة، خدى بالك انتى اللى هتطبخى، أنا عايزة اتباهى قدام قرايبى وحبايبى بيكى، أنا عارفة أنك هتشرفينى.
عزة: من عينى حاضر.
الأم: تسلم عينك يا غالية، سبحان الله ربنا عوض صبر ابنى خير.
عزة: وصبرى أنا كمان.
قررت سميرة الذهاب إلى شقتها الخاصة التي اشترتها من ميراثها للعيش فيها بعيدا عن مكان الحادث حتى تتجنب نظرات الناس، لكنها فوجئت أن العقار صدر له قرار إزالة، لأنه بنى بالمخالفة على أرض من أملاك الدولة، لم تستطع الحصول على أى تعويض حيث تم سجن صاحبه، جن جنون سميرة، هذه ثانى صفعة تتلقاها في شهور، توالت الصفات على وجه سميرة، فقدت الرجل الذي تحدت الدنيا وباعت أولادها وهدمت بيتها من أجله، لم يعد لديها مليما واحدا، مدخراتها بالكامل استولى عليها زميلها بالعمل وهرب للخارج، والآن الشقة التي ظنت أنها أمانها للزمن سيتم هدمها، لم يعد لها مكان في منزل أسرتها، تذكرت كلمات شقيقها وهو يقول لها أن نصيبها متروكا لها للزمن، يومها تحدته وقالت أنها لا تخاف من الزمن ومعها عمر، الآن لم تعد تخاف من شئ بقدر خوفها من عمر، عمر الذي كاد أن يقتلها.