رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل التاسع والسبعون
مايسة: خير يا أمين؟
أمين: طليقتى هتتجوز، وعايزة تدينى ابنى مروان.
مايسة: قصدك تجيبه يعيش معانا؟
أمين: لو ما عندكيش مانع؟ وسواء وافقتى أو رفضتى علاقتنا هتفضل زى ما هى.
مايسة: ياه يا أمين، الولد ده جه في وقته، صحيح ربنا كبير وبيراضى، هو فين يا أمين؟ انت جاى تستاذنى؟ قوم بسرعة هاته.
أمين: بأحبك قوى يا منى.
مايسة: مش أكتر من حبى ليك.
كثرت مشاجرات عمر وسميرة، أصبح من المعتاد أن يعلو صوت سميرة، فاض بعمر الكيل فمد يده عليها لأول مرة، لم تشفع لها دموعها ولا التمثيليات التي تجيد تأليفها، ألقى كل منهما الاتهامات على الآخر.
عمر: انتى أكبر خدعة في حياتى، منك لله خربتى بيتى، ياريتنى ما سمعت كلامك.
سميرة: بتقول الكلام ده بعد ما بقت الهانم مشهورة وبتطلع في التليفزيون؟
عمر: الهانم ربنا كرمها عشان طيبة وتستاهل، أما انتى شيطانة.
سميرة: فوق يا عمر، هي مش أحسن من عبد الرحمن، لو كانت حليت في عينك وعايز ترجع لها طلقنى، على الأقل أرجع لأبو ولادى أنا كمان.
عمر: دلوقتى افتكرتى إن لكى ولاد؟ والله ربنا كرم جوزك عشان بعد عنك، انتى شيطانة وتنحسى أى حد يقرب منك.
سميرة: طلقنى يا عمر.
عمر: ده بعينك.
سميرة: هاخلعك.
اشترت مايسة لمروان حجرة أطفال خاصة به، والكثير من الالعاب والملابس، اهتمت به اهتماما شديدا كما لو كان ابنها، لذا تعلق الولد بها وأحبها، وأصبح يناديها بالكلمة التي حرمت منها، ماما، فرح أمين بشدة بعلاقتهما، فقد كان يخشى أن تعامله مايسة بفتور، أو تغار منه.
تحسنت صحة أم عبد الرحمن كثيرا فتطوع بالتنازل عن موعد برنامجه بالنهار لعزة، فعادت تقدم برنامجها عصرا، وهو بعدها مباشرة، وفور علم عزة بهذا ذهبت له لتشكره.
عزة: الف شكر ليك يا شيخ عبد الرحمن، ربنا يبارك لك.
عبد الرحمن: العفو، بس ده مش عشانك، ده عشان أحباب رسول الله اللى عندك.
لم تع عزة قصده، فقال: أولاد أختك، خلى بالك منهم، دول بركة في بيتك، وسبب لدخولك الجنة إن شاء الله.
عزة: دول في عينيا يا شيخنا.
لم يطل الحديث، انصرفت عزة ومن جديد أسرت قلب عبد الرحمن الذي كان في كل مرة يراها يشعر إنه يعرفها منذ سنوات.
لم تستح سميرة أن تتصل بعبد الرحمن الذي لم يغير رقمه، طلبت منه رؤية أولادها.
عبد الرحمن: أما افتكرتى يا سميرة؟ بنتك بقت عروسة في الثانوية العامة، كانت محتاجة لك في السن ده.
سميرة بلؤم: يا حبيبتى يا بنتى، كانت وزة شيطان يا عبدو، أنا دلوقتى عرفت أن البصة في عيون ولادى بالدنيا.
عبد الرحمن: تقدرى تشوفيهم في أى وقت وفي المكان اللى تحدديه، هنا أو في الشرقية.
سميرة: بلاش الشرقية، خليها في أى مكان عام عندك، أنا عارفة إنك مش هاتوافق اجى بيتك.
عبد الرحمن: اختاري المكان اللى تقدرى توصلى له بسرعة.
سميرة: خليها حديقة الأزهر، أهو بالمرة أروح ازور السيدة زينب وأدعى ربنا يفك كربى.
قابلت سميرة أولادها بلهفة مصطنعة منها وفتور واضح منهم، فقد جاءوا مغصوبين من والدهم.
حاولت سميرة احتضان حبيبة ابنتها فابتعدت وسلمت عليها سلاما باردا، كررت نفس الشئ مع عبد الله فاستقر في حضنها كدمية خشبية وهي تمطره بقبلاتها، أما عائشة فقد ظلت تصرخ وتبكى فور رؤيتها فابتعدت سميرة عنها.
سميرة: إيه يا حبيبة ماما ما وحشتكيش؟
حبيبة: وحشتنى قوى.
سميرة بلهفة: يا حبيبتي أنا أكتر.
حبيبة: بس ده كان زمان.
سميرة: إيه ما بقتيش محتاجة ماما؟
حبيبة: برضو كان زمان، كنت محتاجة لك لما سيبتينى وأنا عندى 12 سنة أشيل مسئولية بيت لوحدى، وبدل ما ألعب مع أصحابى أقف على الغسالة وأنا مش طايلاها، كنت محتاجة لك لما بلغت وخرجت من الحمام منهارة وجربت على بابا أقول له الحق أنا اتعورت، ضحك وخدنى في حضنه وقال لى انتى كدة كبرتى وبقيتى آنسة، كان المفروض تكونى معايا، وتكونى أنتى اللى باجرى عليها، كنت محتاجة لك لما الاكتئاب كان هيدمرنى ولولا بابا كنت ضيعت، كنت محتاجة لك لما قلبى دق لأول مرة لزميلى وما بقيتش عارفة أعمل إيه وإلا أقول لمين، لصاحبة تمشينى في طريق الغلط، كان المفروض تكونى جنبى، بس الحمد لله أنك كنتى بعيد، انتى كان ممكن تقولى لى روحى اتجوزيه عشان ما تعمليش زيي وترجعي ترمى ولادك وتتجوزيه.
سميرة: أنتى ظالمانى يا حبيبة.
حبيبة بحزم: انتى اللى ظلمتينا كلنا ظلم كبير ومش ممكن نسامحك، الزيارة انتهت يا مدام، قومى عشان تلحقى ترجعى لجوزك حبيب القلب زمانه وحشك، وإلا عشان ابنك.
اتصلت حبيبة بوالدها الذي كان متواجدا بالقرب منهم.
حبيبة: من فضلك يا بابا تعالى بسرعة خدنا.