قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثاني والعشرون والأخير

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثاني والعشرون والأخير

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل الثاني والعشرون والأخير

- يضرب الطاوله التي أمامه بقوه ثم ركلها بقدمه بعنف، فيقوم يلوح بيده قائلاً: - انتوا كلكوا عليا النهاردة، هي فره وجتلكم، جرى إيه يا مستقبل! كل ده عشان زعقتلك، خلاص هتكبر عليا، وعايز تسيب البيت؟

يرد عليه ببرود مصطنع، فإنه تعود على حالة ثوران أبيه، وليس شئ جديد عليه: - مش عشان أنك زعقتلي في المدرسة قدام أصحابي، ولا عشان أول مارجعت كنت هتضربني بالحزام، ولا عشان من شوية كنت هتموتني، ولا عشان قطعت السلسله ودبحتني، ما أنت كل يوم بتعمل كده، إيه الجديد! أنا عايز أروح المكان اللى بحبه وأرتاح ف...

يقاطعه وهو يصرخ ينادى على نايا بصوت حاد ومرتفع: - يا نايا تعالي شوفي أبنك، اللي كل ما اكلمه تزعلي عشانه، تعالي ردى عليه أحسن ما اخلصلك عليه خالص.
تسمع صوته الغاضب، تهرول مسرعة تنزل على درج السلم، تكاد أن تقع، ترمق بنظرها أبنها المتسرع دائماً: - أنت برضو عملت اللي في دماغك وقلت ليه؟!
- على ما اظن اتناقشنا بما فيه الكفايه.
قالها مستقبل بسخرية.

حرك مهيمن نظره عليهما متسائل: - يا ما شاء الله يعني انتوا تناقشتوا وقرارتوا، وأنا آخر من يعلم، شكل حضرتك واخد قرارك، وجي تعرفني مش أكتر.
- مش كده يا مهي...
يقاطع مستقبل امه بحده: - فعلا أنا أخدت قراري، ومش هتنازل عنه، واهو اريحك بدل ما كل يوم تفضل تهاتي ميت مره في اليوم، وفي الأخر تنزل صورك في الجرنال ويتكتب تحتها، الأب الذي قتل أبنه الطايش المتهور بدون قصد.

يرفع مهيمن يده يفرغ طاقة غضبه على الحائط، فيقول بقلة صبر: - غور من وشي.
يضحك مستقبل بسخرية، ثم يرد بتهور وحزن: - بتضرب الحيطه ليه؟ ما تضربني، أنا قدامك أهو، أضرب معاليك براحتك.
تمسك نايا إبنها تبعده من أمام والده متحدثه بهدوء وترجي: - مستقبل امشي دلوقتي ارجوك.
يترك لهما الفيلا ويغلق الباب خلفه بقوه.

تبكى نايا بحرقه وتردف بحزن لمهيمن: - شوفت وصلته لأيه؟ شوفت معاملتك العنيفه معاه خلته عايز يسيب الدنيا كلها ويمشي، ياما قولت ليك اتكلم معاه بشويش صاحبه، ان كبر ابنك خاويه، لكن كنت دايما ترمى عليا اللوم وتقول دلعك، تخيل بقا لو أنا وأنت عليه؛ كان زمانه مات مكتئب، ولا اتلم على عيال صايعه بجد وضاع مستقبله، أنا برغم رفضي أنه يسافر ويبعد عن حضني، بس لازم نشجعه أنه يدرس حاجة بيحبها عشان يتفوق فيها، ويبدع، يمكن يطلع مخترع في يوم من الأيام.

كان يستمع لها، ولم يتفوه بحرف جلس على الاريكة بتعب، يكرر ما سمعه من حديث، ويحلله بدقه في رأسه، بعد وقت طويل لم يعرف كم مضى من الوقت، حتى أنه لم يشعر بعدم وجودها بجانبه، واجه نفسه بشجاعة كالمحارب الشريف الذي يعترف بهزيمته أمام عدوه بكل شرف، كأنه يقف أمام مرآه يرى نفسه بداخلها، ويقوم بجلدها؛ فزوجته حقاً محقه فيما تحدثت به، لماذا دائماً منذ أول لحظه وقعت عيناه عليه شبه بجنون معشوقته، وحكم عليه أنه مثلها؟ لماذا دائماً يرى أفعاله المتهوره متناسياً أنه طفل، ومتسرع، ويجب عليه احكامه، بكل عقل وحكمه، وليس بالعنف والضرب، لماذا لم يفكر يوماً أن يكون قريباً منه؟ يقوم بعمل سيطرة ولجام لكل تصرفاته؟

نعم هو السبب في كل ذلك! هو من بنا جسر عالياً فولازياً لا تستطيع هدمه! لا تلوم أحد غيرك!
يجب عليه تصحيح اخطاءه بكل شجاعه وقوة، يجب أن يتقرب له ويصاحبه، فليس من العيب أن نصاحب أولادنا؛ فهم فذة اكبادنا، وعلينا تحملهم في كل حالاتهم، وبث الثقه داخل أنفسهم، هذا هو دورنا الحقيقي، فردف بهمس: - هأجاهد لحد ما أرجع بيننا الثقه والصداقه.

وإذا به ينتبه لدلوف وجود، يجلس بجواره قائلا: - بابا على فكره اللي حصل النهاردة أنا السبب فيه، حاولت أقولك بس مستقبل رفض أنك تشوفني أنا كمان متهور.

أغمض عينه شعر بالذنب أكثر فأبنه يحب أخيه ويخاف عليه من حكم أبيهما، تأكد أن أبنه رجل حقاً فهو من صلبه مهما يرث من أمه، يرث الشهامه والرجوله منه، بعد وقت طويل دخل مستقبل الذي ألقى التحيه عليهما بلامباله، فتبسم له بحنان، باسط له يده حتى يجلس بجواره ينظره بنظرات حب، تلقاها بتعجب، لكنه ردها وجلس بجواره، وضع مهيمن يده علي كتفه: - ممكن نتكلم راجل لراجل، وتحكيلي براحه كده كل معلوماتك عن موضوع ناسا دي؟

تهللت اساريره من السعادة لحديث والده، وقص عليه كل شئ بخصوص الإعلان، فقد كان يتحدث وبداخله حماس وشغف كبير، متمني أنه يقبل في الاختبارات المطلوبه هناك، ويتم قبوله من ضمن المتطوعين للدراسه هناك.

كان يستمع له باهتمام وتركيز شديد، فلاحظ انفعالات وجهه، وعيناه، ليعلم مدى صدقه احقاً يحب هذا المجال؟ ام هروب منه؟ وحين أنتهى من حديثه، ربت على قدميه بحنان، فقال وهو ناظراً داخل مقلتيه: - أنا طول عمري بحبك يامستقبل، إذا كنت شديد شويه عليك، فده والله يابني عشان عايزك أحسن الناس، وبخاف من تهورك، واندفاعك لتأذي نفسك وتضرها، وساعتها أنا اللي قلبي هيوجعني قبل أي حد، وتأكد إني عمري ما هقف قدام طريقك اللي بتحلم بيه، أوعدك إني هعمل تحرياتي بخصوص الإعلان، واتأكد من مدى صحته، ولو كل شئ تمام، أنا بنفسي اللي هيسافر معاك واقدملك فيها، فتح عيناه وحدقهما بشده، غير مصدق حديث والده، ثم ابتلع لعابه وقال: - بابا أنت بتكلم بجد؟!

ضحك بشده وهو محتضنه وردد: - جد الجد كمان يامستقبل، بس ليا طلب واحد عندك وعايز وعد منك؟
- طلب أية؟
نظر لعياله الاثنين ممسك يدهما يبلغهما،.

- عايزكم توعدوني من اللحظه دي نفتح صفحه جديده مع بعض؛ مش اب وعياله؛ لأ بين أصدقاء، هنكون أصحاب بجد، والصاحب له حقوق وواجبات عند صديقه، النصيحه، الأمانه، الصراحه، منخبيش حاجة على بعض ابداً، حتى لو أنت سافرت يا مستقبل تحكيلي على كل شئ حتى لو كوارث؛ وتأكد إني هكون الناصح ديماً ليك ها موافقين؟

وعند هذه اللحظه قفزه بداخل احضانه، شعر مستقبل كأنها المرة الأولى، التي يعانقه فيها، فكان له مذاق مختلف، شعر بحنانه وحبه الصافي، بدون أي نبرة أوامر او تعنيف، فكان حضنه أكبر رد شعر به مهيمن، وندم أنه لم يفعل ذلك من زمن، برغم حزن قلب وجود على فراق توأمه عنه، لكن سعد جداً ان أبيه سيحقق حلمه وسعد أكثر بمعملته الجديده لهما.

في الصباح الباكر توجهه مهيمن لحازم، وذهبا كلية الشرطه، وبعد أختبارات كشف الهيئه وقام الطبيب بتفحص جسده جيدا ولم يجد به عيب، ثم توجه لقفزة الثقه، فهو بارع في القفز من مسافه عاليه إلى الماء، ثم دخل وأختبرات لياقه بدنيه وظل يعمل الضغط وبطن وركض وبعض التمارين، ونجح بمهاره، وأخيرا جلس أمام أربع ظباط بمفرده في أختبار الثبات الأنفعالي، وظل كل واحد منهم يقترح عليه اسئله تجعله يتعصب من جرأتها ووقحتهم، وهو يتماسك بثباته الأنفعالي، حتى قال له أحدا منهم: - لو دخلت ولقيت أمك في وضع مخل تصر...

وقبل أن يكمل قام مندفعاً من مكانه يمسكه من تلبيب قميصه ويبوخه بأفظع الشتائم بعد ما مجموعة من العساكر أمسكوا حتى لا ينقض عليه، فكان مهيمن يقف بعيدا يتابع كل ما يحدث، ثم زفر أنفاسه بقوه وهو يبتسم على نجاح خطته، ثم رسم على وجهه الجديه، وتقدم نحو حازم وبجمله واحده جعلته يهدى من ثورانه: - والله عال، أمال عايز تشتغل ظابط أزاي.

أنتبه لنفسه وأنه بمجرد يوجد بمكان الثبات الأنفعالي، وكان عليه يتحمل كل ما يقولوا هؤلاء الرجال حتى ينجح ويدخل الكليه، لكنه فقد عقله وثباته والكليه، فأخذه وأنصرف قائلا له: - على فكره اللي حصل عدى عشان خاطري، أنا ياريت بقى تفوق كده، وأنا لسه بقدم ليك عرضي.
صمت قليلا ثم اومأ برأسه بالموافقه، فقال وهو يصافحه: - مبروك عليك الصاله، تحب نروح نقدم في كلية ايه؟

شرد يفكر فيما يختار بعد خسارة حلمه الثاني بعد توتا، وكان مهيمن سعيدا بنجاح خطته مع ظباط اختبار الثبات، فهو الأن ام يجعل طرفا حزين منه، وافق على ما طلبه حازم، وجعله يترفض بحنكه وذكاء، وفعل ما طلبته نهال منه، ونفذ وصية صديقه أن لم يلحق أبنه بمجال الشرطه، كان حازم لازال يفكر ماذا يدخل غير كلية الذي احتلت عقله من الصغر، فضحك وهو يقول: - دكتور أصابة ملاعب.

فهذا افضل اختيار يدرب ويعالج في نفس ذات الوقت، أبتسم إليه وذهبا إلى الكلية وانهى كل شئ يخص الجامعه، ثم توجه إلى قاعة تدريب كبيره، اعترت السعادة وجه حازم، فعانقه بحب وهو يشكره.

مرت الأيام و مهيمن يبحث عن فتح باب وكالة ناسه لأستقبال متطوعين، وقد تحقق من الإعلان وجديتة، فقام بحجز تذكرتين لهما، ودلف إلى الفيلا وقدمها له، وعليه تجهيز حقيبته استعداداً للسفر بعد ساعتين.

نزل الخبر عليهم كالصاعقه الكهربائية التي أصابت الجميع، شعور وأحاسيس مشتته، قلب توأمه انقبض، حس أن يوجد أحد يضغط على قلبه ويعتصره، حس أن روحه ستتركه ويبقى جسداً بلا روح؛ لأن روحه سيتركها في جسد اخاه، رمقه بنظرات وداع لا يفهمها سواه، كأنه يقول له لا تترك روحي فأنت توأمي وروحي؟ كيف أحيا بدونك يامن عشت معه سنوات عمري لا شئ يفرقنا؟ وصلت كل هذه المعاني والمشاعر له، فقترب مستقبل منه محتضنه بشده، واعده أنه سيحدثه يومياً، وفي كل وقت يريده ستتلاقى ارواحهم تلبي النداء، فلا يوجد شئ يفرقهما أبدا.

توجه النظر لأخته، فرأي الدموع تتساقط من عيناها، جففها بحنان: - العيون الحلوه دي اتخلقت عشان تضحك، مش تبكي! أنا سايبك هنا خلفتي في الشقاوة، اضحكي عشان اطمن يابت.
تبسمت غصب عنها ودعت له أن يرجع بالف سلامه.

اما والدته كانت تشاهد كل هذا، وهي واقفه كالجبل الذي تراه صامتاً، متحملاً كل الحمول عليه، لكنه بالداخل محطم، هش، فقد كانت مثل جبل متكون من الرمال البلله، فإذا أتت موجه ثائره هدمته كأنه لم يكن، حاولت نايا جاهده أن تحبس دموعها داخل مقلتيها، حتى لا تضعف من عزيمته، اقتربت منه، ووضعت يداها على وجنتيه ونظرت في عيناه، تحفر وجهه وتنقشه داخل قلبها قائله: - عايزاك ترفع راسي أنا وأبوك يامستقبل، عايزة الكل يحلف أن ابن مهيمن ونايا اد المسئولية، وهيتخرج ويحقق كل اللي بيتمناه في المجال اللي بيحبه، أوعى تفتكر أن سهل عليا بعادك عن حضني، لكن مستقبلك ياقلبي عندي أهم من أي مشاعر هتعذبني، أوعدني ترجعلي زي ما هسيبك دلوقتي ابني اللي بيحبنى، واللي هيرفع رأسي لفوق.

هز رأسه فلم يستطع كبت دموع عينه، وردد بوعدها، وانه سوف يحقق كل أحلامه وما تتمناه فيه.
أنصرف لتجهيز حقيبته، ثم نزل ووقف أمام والده قائل: - أنا جاهز يابوب.

تبسم مهيمن واخذه تحت جناحه، ثم القى عليهم السلام، نادي عليه وجود وعانقه بشده، طالبا أن يقوم بتوصيله، لكن مهيمن رفض شفقاً عليه من لحظات الوداع، عانق الجميع، ثم توجه إلى المطار منتظرين معاد إقلاع الطائره، ومر الوقت وأنهى كل شئ، واستقلوا الطائره، وبعد عدة ساعات وصلت إلى وكالة ناسا، وتقدم مستقبل للاختبارات المطلوبه منه، فكانت نظرات مهيمن له تبث بداخله الثقه والطمأنينه، فهو كان بمثابة العون له، والأب الجدير بحبه.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة