قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع

رواية معشوقتي المجنونة ج3 للكاتبة ابتسام محمود الصيري الفصل التاسع

عزمت سوسن الذهاب إلى دانيه، حتى تجهز معها متطلبات سبوع أنيس، صممت فريده على الذهاب مع والدتها، صعدت السلم مسرعة قبل فريده، ثم طرقت على الباب الخشبي، فتحت أبنتها، وسعدت جدا برؤية والدتها صافحتها وهي تعانقها بسعاده، ثم قالت وهي تحاول أخذ انفاسها بتحذير: - دانيه خلي بالك أختك متعرفش العمليه فشلت.
- كده أحسن، لحد ما ربنا يفرجها من عنده.

ثم رأت فريده تصعد السلم بأعياء، تغمز لوالدتها: - ادخلى يا مامتي منوره البيت والله، حتى أنيس بيدور عليكى وكل شويه يقول عايز تيتا ادخليله.
فهمت سوسن، ثم قالت: - اه يا بكاشه هو لحق يفتح حتى عينه
تقرب فريده بأبتسامه: - صباح الفل يا أم أنيس.
ردت بأبتسامه: - صباح النور يا أحلى والذ خالتو.
يدخلن سوياً ثم تقول بكسوف: - معلش يا دانيه سبتك في وقت تعبك، وعملت أنا كمان عمليه، المفروض كنت أخدمك وأكون جنبك.

- حبيبتى أنا يهمني سعادتك، وأنا الحمدلله مش تعبانه.
تدخل الأم عندها في غرفة الإستقبال، فتتكمل كلامها: - البركه في ماما هي اللى طالع عينها معاكى، ومعايا ومع الأستاذ أنيس.
- أنا مش تعبانه ده أعز الولد ولد الولد.
تنهض فريده بفرحه وهي تنظر على أنيس: - هاتيه يا مامتي، وحشني اووي.
تقترب إليها وتقول وهي تبسط يدها لها: - سمي يا بنتي.

تاخذه بحب وهي تقول: - بسم الله ماشاء الله، ربنا يقرعينك بيه يا دانيه، والله بكره هيبقى أحلى سبوع لأحلى بيبي.
- عقبالك يا فوفا تجبنا بنت عسوله عشان نخطفها منك.
ردت سوسن مسرعة: - أهم حاجه عندى تقوم بالسلامه، وصحتها تكون كويسه.

بعد محولات كثيره من نايا، حتى تصل لمكان الحجز فشلت.
حتى الأيام تسابقة في الذهاب، ولا يتبقى من المهله إلا يوم واحد فقط، فكيف تتصرف؟ هل تخبر زوجها؟ ضربت رأسها بعرض الحائط من كثرة التخطيط والتفكير.

سطوع شمس آخر يوم من المهله المحدده، تتمنى أن تظل تنظر على الساعة حتى يمشى الوقت ببطئ، لكن حتى وهي تتطلعها كانت الثوانى تكاد تكون داخل حلبة مصارعه، تتركها من يدها، وتجلس على فراشها تمسك رأسها من شدت الصداع، فهي لا يغمض لها جفن، رن هاتفها بجوارها، لم تلتفت إليه، اغمضت عيناها بشده حتى ينتهي عن الضجيج، لكن تعالا صوت الرنين من جديد، أمسكت الهاتف تضغض على زر الإجابه تستمع للمتصل: - اخس عليكى يا نايا من ساعة ما روحت البيت مشوفكيش ولا مره.

ردت بصوت مضطرب: - اعذريني يا دانيه عندى شغل.
- هعمل النهارده سبوع أنيس، اعتذري كمان.
صحة نايا بدأت في التدهور، نبضات قلبها تصل ل 160 نبضه في الدقيقه، و أنفاسها تصل ل40 في دقيقه، كانت غير قادره على فعل اي شئ همست بأعتذار وهي تحاول تمنع سقوط دموعها: - دانيه سامحيني بالله عليكى مش هقدر، النهاردة عندى شغل كتير اووي.

ردت بتصميم: - النهاردة مافيش أعذار، وغير كده مهيمن جاي، أنتى إيه بقى اللى وراكي يا ست المهمه.
زردت ريقها بصعوبة فلم تلاقى اي مفر: - هو قالكم أنه جاي، خلاص ان شاء الله هاجي
-أيوه كده.

عندما أنهت المكالمه، سمحت لهطول شلالات دموعها، التي لا تملك غيرها في هذا الوقت، حتى ذكائها تخلى عنها، لم تقدر على فعل اي شئ غير النحيب، تعالا رنين هاتفها من جديد، معلن عن مكالمه جديده، حدقت بهاتفها بفزع، قلبها زاد نبضاته، بطنها تقلصت، حست بأختناق، يكاد أن العالم أصبح علبه صغيره مظلمه، أمسكت الهاتف بأيد مرتعشه وهمست بنبره مرتجفه: - الو.

- أحببت أن أذكرك أنه آخر يوم لكي، يا يأتى الراجل الذي قولت لكى عليه، يا أما هتتفجروا جميعكم اليوم.
قالها الذي خطفها من قبل بصوت ساخر، وعندما أنهى حديثه أطلق ضحكات مستفزه.
تحممت وهي تمسح دموعها بأناملها: - ان شاء الله سيكون عندك على اتناشر صباحا.
- وهذا ما أتمنى، سي يو.

مرت الساعه بسرعة البرق حتى أصبحت السادسه مساءً، قامت بتبديل ثيابها وثياب توتا.
- اميراتي جهزوا؟
كان صوت مهيمن قالها وهو يقفل أزرار بذلته، التفتت إليه بوجه أصفر يظهر عليه الإرهاق، ترد بأقتضاب: - اها.
يقترب إليها مندهشا: - قلبي مالك؟
ردت بتهرب من نظرات عينه، وهي تدقق النظر بعيداً عنه: - يلا يا روحي، مافيش.
تركض توتا بفرحه أمامهما: - يلا يلا يلا، أخيراً هشيل البيبي، ياس.

يضع يده اليسرى على ذقن نايا ويقوم برفع وجهها، قائلا بقلق: - قلبي لو تعبانه بلاش ننزل.
أجابته وعينها لم تثبت على اي شئ، تتحرك بسرعة: - لا، أنا كويسه يلا.
هو يعلم جيداً حركات البؤبؤ الغير منتظمه، هي علامة التوتر والكذب، تأكد من شعوره هي ليست مريضه كما يظن طوال الأيام الماضية، يوجد بداخلها سر كبير، فعليه أن يعرفه، لم يلفت أنتباهها بأي شئ من الذي شعر به، افسح لها الطريق حتى ينزلون،.

طوال الطريق صوت الصمت رهيب بينهم، كان يتفحصها جيداً، سب نفسه أنه لم يأخذ باله طول الفتره السابقه، كيف اقتنع إنها مريضه؟ الكذب يظهر في عيناها، وعلى وجهها في حركات جسدها، تعصب جداً من داخله فشتد قبضة يده على المقود بقوه، فلا يوجد أمامه اي شئ غيره يفرغ به طاقة غاضبه، بدأت توتا تقطع الصمت بمشاكستها، لكن لم أحد منهم يرد عليها، حتى شعرت بالزهق وظلت تتطلع الطريق من النافذه.

قطع صوت الصمت مهيمن قائلا: - حمدلله على السلامه اتفضلوا.
قالها بصوت مرتفع، بعد ما قالها أكثر من مره بنبره هادئه.
فزعت من شرودها، ثم نزلت من غير اي حديث.
صعدوا في صمت من جديد حتى وصلوا بيت دانيه، تقترب دانيه و فريده إليهم بفرحه يصافحهم، ثم يدخل مهيمن و توتا داخل المنزل ويصافحون الحاضرون.

- معلش يا بنات والله كنت مفحوته في الشغل، قالتها بأسف وبنبرة ضعيفه مهزوزه، ثم نظرت لفريده بحزن قائله: - والله يا فريده على عيني اسيبك في الوقت ده، بس ربنا عالم بحالي.
رجعت دانيه خطوه خلف فريده ولوحة بيدها لنايا حتى تكف عن الثرثره.
لم تفهم ماذا تريد، لكن صمتت، فهي في حاجه إلى الصمت، ردت فريده: - أنا كويسه، و مش زعلانه خالص منك، شوفي بس أنتى صحبتك هي اللى مقموصه، عشان محضرتيش حاجة السبوع بأيدك.

تقدمت نحوها تبلغها بأعتذار: - والله مقدرش على زعلك أبدا.
ثم أرتمت داخل حضنها، نعم هي كانت في أحتياج حضن صديقتها والتطبطبه، لكن لا تود أن تفسد فرحتها بمولدها، اكتفت بثواني وابتعدت عنها، حتى لا تخونها العبرات، فتفوهت دانيه: روحي هاتي أنيس لنايا يافريده.
- بس كده من عونيه.
تنصرف بجلب أنيس فتقول نايا بأستغراب: - فيه إيه؟! مشغله ال?يبريشن ليه؟
- هفهمك بعدين، بس المهم أوعى تقولي لفريده أن العمليه فشلت.

فجأه صوت أكواب زجاج تنصدم بسطح الأرض، نظرا خلفهما، أتسعت عينهما من الذهول، فكان منظر فريده يكفي عن أي كلام، فبدلا من أن تحض الصغير، جلت لهم عصير، وقفت مذبهله ووجهت نظرها لشادي بأتهام وعتاب، حتى ما فقدت وعيها وارتطمت حاضنه الأرض الصلبه، التي تحملها دائما ولم تتركها، اطلقت دانيه صرخه هزت أركان العماره: - فريده قومي، فريده...

اتنفض شادي من مكانه وفي ثانيه وصل إليهن، نظراتها له من قليل، كانت تكفي تهز جبل، وما اقساه من قلب عاشق لمحبوبته حد النخاع! يقول بتسأل وهو يحملها: - حصل ايه؟
تجيب دانيه بدموع: - والله مكنتش أعرف إنها هتيجى بسرعة كده؟ والله مكنش قصدى إنها تسمع؟
يضعها على أريكة داخل غرفه بهدوء، عكس ما داخله من نيران تأكل قلبه، لكن نبرة صوته بها حده: - ممكن أفهم حصل إيه؟

ردت نايا بأرتباك: - أنا مكنتش أعرف إنها متعرفش، فدانيه مشيتها؛ عشان تقولى اخد بالي.
ردت دانيه بدموع: - والله ماكنت أقصد يا شادي.
يحبس عبراته ثم يشار أليهن أن يهدوأ قائلا: - حصل خير، عجلاً ام اجلاً كانت هتعرف.
يمسح وجه بكف يده، ثم ينهض ينظر لفادي قائل بهمس وهو يحك حاجبه الأيسر بطرف أصابعه: - معلش ممكن يا فادي تفضى الأوضه دي، مش عايز حد يشوفها لما تفوق، وبالذات ماما سوسن.

تفهم الموقف، فيهز رأسه بالموافقه، وخرج الجميع، أعترضت والدتها بشده، لكن وضع فادي يده على كتفها يخرجها بهدوء بدون نقاش، عندما خرج الجميع عانق دانيه قائلاً بحب وهو يمسح دموعها: - يا حبيبتي أهدى، خلاص اللى حصل حصل، وأنتى أكيد مش هتبقى قصده توجعي أختك.
- صعبانه عليا، فريده حساسه أووى.

تجلس سوسن على المقعد بحزن على حال أبنتها، كان مهيمن لا يشغله ما حدث، كل همه يتابع نايا وجدها تنظر إلى ساعة يدها كثيراً، وجسدها بأكمله ينتفض بقوه، قائلا بقلق: - انتى متأكده أنك تمام؟!
ردت وأسنانها تتخابط في بعضهما، يكاد يوم قاصى البروده، ولا يوجد من مدفأه حولها، وكان صوتها مضطرباً: - مافيش يا مهيمن، بس اللي حصل وترني.
همس بشك وضيق: - يلا نروح.
- اطمن بس على فريده.

فقبل أن يفوقها كان يحاول يفكر كيف يبرأ نفسه، كيف يبرر الذي حدث؟ تمكن أن يسيطر على أعصابه حتى لا يرد على اي شئ يخرج من ثغرها، فهو أخرج الجميع حتى لا تتعصب أمام أحد، فهو سيتحمل غضبها وثورتها مهما حدث منها، جلس بجانبها وبدأ يفيقها، حتى أفتحت أعينيها، صرخت بأعلى صوت قائله: - كلكم كذابين وبتكذبوا عليا.

يمسك يداها يقيد حركتها، تحاول تضربه، وهي تقول بوجع: - ليه بتدينى أمل؟! ليه بتعشمني وتسبني أحلم!؟ ليه تطلعني سابع سما، وبعدين ترميني على الأرض، تكسرني وتموت جوايا أي طاقة نور من تاني.! ليه ياشادي توجعني كده.! ليه بيحصل معايا أنا كده بالذات.! كل مشكلتي في الحياه؛ إني أكون أم، ليه كده ذنبي إيه ياربي؟
ثم تكمل كلامها وهي تصرخ: - أنا مش عايزه أشوفك تاني، سبني في حالي.

رد عليها بحزن: - لو سمحتي أهدى، العمليه ممكن تتفتح من كتر العصبيه.

ردت بصوت مبحوح: - أبعد عنى بقى، أنت ليه بتتعمد توجعني وتكسرني؟ ليه عيشتني في وهم؟ ليه خدعتني؟! أنت ليه بتعمل فيا كده! أنا مش بحبك ولا عايزه أشوفك، فلت يداها من بين قبضت يده، تضربه على صدره بقوة، يمسكهما مره ثانيه يضمها إلى صدره قائلاً: - أنا بحاول أسعدك، أنا مش عايز أوجع قلبك واشيلك هم يتعبك، أنا بحبك أنتى وبس، يا فريده ليه مش عايزه تقتنعي وجودك في حياتى أهم من ميت طفل، أنا من غيرك ولا حاجه أفهمي بقى.

بعدت عن حضنه تقول وهي تبكي: - بس أنا نفسي أكون أم.
- أنتى بقى عندك أكبر مشروع أغاثة طفل، وبقى عندك لحد دلوقتى تلت أطفال، غير چيسي اللي هبه من عند الله لينا.
مسحت دموعها بطف أناملها قائله: - لو سمحت عايزه أبقى لوحدي ممكن ولا مش من حقى.

هز رأسه بالموافقة، ثم نهض من مجلسه مغادر الغرفه، أقترب من سوسن التي دموعها لم تجف على حزنها يكاد أن تعمى من كثرتها، ربت شادي عليها قائلاً: - ماما هي كويسه اطمني عليها، كام يوم و ترجع زي الاول.
ثم نظر لفادي: - معلش على اللى حصل.
- فريده مش اخت مراتي وبس، أنا بعتبرها أختى الصغيره وحصل خير، والسبوع يتعوض، المهم فريده عامله ايه؟
رد بأقتضاب: - هتتحسن مع الوقت.
فتقول نايا: - هدخلها ممكن؟

أشار لها شادي بالموافقة.
تركتهم متوجهه للغرفه التي بها وفتحت الباب ودخلت، أقتربت منها، ثم اخذتها في حضنها: - فريده أنا مش هتكلم كتير بس أكيد ربنا شيلك الأحسن، الإبتلاء نعمه من عند ربنا، أصبري يا فوفا وبكره هيبقى احسن.
كانت تصبرها على أبتلائها، وهي تحتاج من يصبرها على مصيبتها، ردت عليها بصوت متلعثم: - ليه بيعملوا فيا كده؟
ثم تردف من بين صوت شهقاتها المرتفعه: - أنا زهقت من الدنيا كلها ونفسي امو.

تقاطعها بحده: - بعد الشر يا حياتي، إحنا من غيرك هنعمل ايه؟ و أنا مين يضحكني!؟ ومين هيقعد مع البت توتا؟! ومين هيمشي مشروع إغاثة طفل غيرك؟!
يا فوفا أنتى كل حاجه لينا، إحنا من غيرك ولا حاجه، ده غير العيال دول كلهم مين هيربيهم؟! ها ردي مين غيرك عنده خلق للدلع والمداديه.
تمسح دموعها، وتهمس بصوت ضعيف: - ربنا يبارك فيكم، ومتحرمش منك ابدا.
- يارب يا فوفتنا.

ثم تنظر إلى ساعتها وهي ضمها ثم تبعد بهدوء قائله: - فوفا أنا لازم أنزل مشوار مهم فيه حياه وموت، غصب عني والله هسيبك.
- روحي يا نايا ربنا يقويكي.
جلست فريده وحيده تاركه دموعها تسيل على وجنتيها تطفئ حرارة حسرتها.
بعد أن خرجت تبلغ شادي: - اطمن هي هديت شويه، ربنا يقويكم.
ثم تحول بصرها إلى زوجها قائله: - يلا.

نهض حامل توتا التي نامت على قدمه، ثم نزلوا ليصعدوا السياره، أخبرته بصوت مرتبك وهي تحك مقدمة أنفها: - ودينى عند ماما هبات عندها.
عقد ما بين حاجبيه قائلا بتعجب: - وده من أمتى يانايا بتنامي بعيد عن حضني؟!
بلت شفتيها بتوتر: - معلش يا روحي ماما تعبانه شويه، هروح اطمن عليها.
رمقها بنظرات عدم تصديق، وانطلق بالسياره وهو يحرك رأسه بالموافقة.

ظلت تنظر إليه شزرا حتى وصلوا من غير ما يأخذ باله أو هي معتقده ذلك، صعد معهما لباب المنزل وصافح هاله ثم يقول: - أخر مره هسألك مالك يا نايا؟
تحمحت وهي تعبث في شعرها قائله: - أنا مالى يعني؟
حدقها بحده: - أنا اللى بسأل على ما أظن؟ يعنى محتاج أجابه صريحه من حضرتك؟
ردت وهي تزرد ريقها: - أنا كويسه.
اومأ برأسه ثم انصرف من أمامها، ثم دخلت غرفتها مسرعة تفكر بتدبير.

كانت فريده جالسه حزينة تحاول ان تحبس دموعها حتى لا يلاحظ أحد، اقترب منها زوجها لياخذها ليتوجها إلى المنزل، نظرت له بعيناي بهما الحزن الدفين وقالت: - أنا محتاجة أكون لوحدي شوية ياشادي، هنزل اتمشى شويه، حاسه إني مخنوقه.

حاول الجميع معها أن تجلس معهم، لكنها اصرت على رأيها، ثم تنزل من بيت أختها محبطه نفسياً، ترفض نزول أي أحد معها حتى زوجها الذي أثر، تركب سياره أجره، وقالت له أن يسير على البحر حتى تهدى من صدمتها، طلبت من السائق أن يقف عند بحر بمنطقه شعبيه، جلست وسط المراكب تبحلق الأمواج المتراطمه حتى سمعت صوت خناق، التفتت على مصدر الصوت، وجدت شاب يعنف امرأه كبيره، ويمسك بيده سلاح ابيض صغير، ولم أحد يتجرأ الأقتراب منهما حتى يخلص المسكينه من برثان الأسد المتوحش، قامت هي بضيق، تصب عليه غضبها: - انت يا بني أدم اعتبرها زي امك.

-غوري يا بت من هنا.
قالها الشاب وهو يزجها، أردفت بحده: -تصدق أنك مشوفتش ساعه تربيه.
ردت عليها المرأه بتألم: -عندك حق، ما اللي بيعمل كده في أمه يبقى معداش اصلا ولا سمع عنها.
صدمت فريده وفتحت فاها كيف يكون أبنها ويفعل بها كل هذا؟ ثم تقول المرأه لأبنها ساخطا: - يا بنى كفايه بقى قلة القيمه والأهانه اللي كل يوم قدام الناس.

رد عليها بأسلوبه البلطجي والفاظه البذيئه: - بقولك اخلصي هاتي الغويشه دي، لأقطع إيدك.
ثم حدق فريده: -وأنتى ابعدي لازعلك يا حلوه.
لم تهدى فزاد ضيقها من أسلوبه الخالي من الأحترام: -هو محدش عجبك، طايح في الكل، متحترم نفسك، حد يعمل كده في أمه اللي طلع عينها عليه.
- بقول غوري من وشي الساعه دي.

قالها وهو يضرب رأسه بيده بقوه، فأردفت بحده وهي تريد أن تنقض عليه تقطعه بأسنانها: - يارتها كانت قعدت عليك وهي بتولدك فطستك.
أمسكها من معصمها بقوه، فنحرته بستياء: -أوعى كده سيب أيدي، وسيبها لاخليك تندم.
امسكها رجل يقف بالشارع يعرف الشاب جيدا، يبلغها بتحذيز: - ابعدي عنه ده شراني وشمام ودماغه مش فيه.
حدقته بذهول وهي تضرب صدرها من ندالة الواقفين: - وانتوا عارفين ده كله! وواقفين تتفرجوا على الست الكبيره.

- بس بس سبهالي، ومين الحلوه اللي هتندمني.
لوحت بيدها في الهواء جعلت يده التي تمسكها تلتف، قائله له بثقه وتحدٍ: - لو راجل سبها، وستنى على رزقك ربع ساعة تشوف اللي هيندمك، بعينك اللي هتشوف بيها لاخر مره.
ترك أمه وأقترب نحوها بخطوات ونظرات بها وقاحه قائل ساخرا: - ليه دراعك اتشل ولا هتجبيلي ميدو؟
زجت صدره بقوه وهي تبلغه بعنف: - لا يا ظريف دراعي فل، بس بقول ميدو هو يعرفك مقامك أفضل برضو.

- طب وماله لما نستنى ميدو اهو راجل والواحد يصطبح عليه ويرسمله مايه وحداشر، ويبيع أعضائه.
قالها وهو يجلس على رصيف، وكان يمشي السكين الصغيره على وجهه، فتقدمت منها أمه تمسك الهاتف التي أخرجته من حقيبتها، وتقول بخوف: -اوعي يا بنتى تتصلي بحد ليصفي دمه، إحنا مش نقصين نصايب.
-لا هتصل وساعتها هنشوف مين اللي دمه هيتصفه، من الرعب.
-يا بنتى شكلك بنت ناس وأكيد أهلك ملهمش في البلطجه.

قالتها أمه بترجي وخوف على أبنها وعلى من يأتي، ربتت عليها وهي ترفع الهاتف على أذنها: -اهدى يا طنط.
ثم أتاها صوت من أتصلت به، بعد أن بعد عن زوجته وحماته حتى لا يسبب لهم القلق، فتخبره هي: - فادي تعالى حالا الانفوشي.
- فريده فيه ايه؟ وايه الدوشه دي!
- لما تيجي يا فادي هتعرف.
- طيب خلي بالك من نفسك خمس دقايق وأكون عندك.

نزل من منزله يركض حتى وصل لسيارته صعد ومشى بأقصى سرعة، وعندما وصل، قام الشاب يستقبله عندما رأها تهرول عليه، قائل
- اهلا بسيد الرجاله، والله منور الحته اللي دمك هيغرقها حالا.
كان يتقدم عليه وهو يرفع عليه السلاح، رجع للخلف فادي متفادي الضربه، ثم ظل يتقدم نحوه ويحاول أن يصيبه، بضربات متتاليه، و فادي يبتعد بتفنن، ثم ابتسم له بتهكم وهو يقول: على ما أظن لعبنا شويه، يلا كفايه عليك كده، هات السلاح.

لم يستجب له وقال بسخريه: - تعبت يا ميدو؟
- ضحك وهو يبلغه: - شاطر عرفتها لوحدك، يا حلتها.
ثم أمسك يده لوحها بقوه جعلت الشاب أعصابه ترتخي ويقع السلاح، رقع أرضا بخوف وهلع مستسمحه، أمسكه بقوة من شعره، فهرولت أمه عليه تقول بترجي: - معلش يا باشا حقك عليه أنا.
ذهلت فريده من رد فعلها، فقتربت منها تبلغها باستغراب: - ايه اللي بتقولي ده يا طنط، سبي ياخده القسم يتربى.

مالت تقبل يد فريده بقلب أم منفطر ألما: - والنبي يا بنتى ماليش غيره، هو اللي طلعت بيه من الدنيا، هو خلاص اتربى واتعلم الأدب، ومش هيعمل كده تاني.
ثم ضربت أبنها على كتفه قائله: -صح ياولا يا سيد.
-ايو ايوه، صح ياما.
نظر فادي لفريده، التي دموعها انهمرت، قائله: - جاتها نيله اللي عايزه خلف، كل اللي عمله فيكى وخايفه عليه.
- معلش يا بنتي، ده أبني برضو.

لم تصدق ما تسمعه، فالأم تفعل المستحيل حتى تحمي أبنها، والأبن لا يهمه ألا نفسه، شكرت الله عز وجل، على ما قدمه لها من حرمانها من الأطفال، وفهمت أن الخيره فيما فعلها الله، ماذا كانت ستفعل إذا أتاها طفل ضال، نعم لا يكلف الله نفسنا فوق وسعها، شكرت الله وهي تأذن لفادي أن يتركه، اومأ رأسه وفلت يده، نهض سيد يجري هاربا منه، وظل يلعن ويسب وهو يجري بعيدا، مشيت بجوار فادي وهي تحمد الله وتشكره، حتى اوصلها فادي إلى بيتها، تجد شادي مهموماً حزيناً، تقدمت نحوه ثم أمسكت يده قبلتها بأعتذار، وجسلت على قدمه واضعه رأسها داخل صدره، تشبث بها وهو يستنشق عبيرها ويمسد على شعرها، فتقول: - أنا مش عايزه عيال، أنت أبني وحبيبي وأخويا وأبويا، ربنا ميحرمني منك ابدا.

عناقها بقوة وهو يخبرها: - وأنتى كل حاجه ليا.

لم تجد نايا حلا، فابدلت ثيابها إلى كاچول، ثم خرجت قائله بلهجه سريعة: - ماما هنزل شغل.
ردت هاله بزعل: - أنا مصدقت تيجى، تقولي هنزل شغل؟
تقترب إليها تقبل رأسها: - معلش بقى تتعوض، أنتى عارفه الشغل، دعواتك.
قالتها وهي بداخلها خوف لا مثيل له.
- ربنا يريح بالك ويوقفلك في طريقك ولاد الحلال.
تغمض عينها برعب: - اللهم آمين.

ثم نزلت ركبت الأسكوتر متوجهه إلى مركز القوات الخاصه، دخلت مكتبها وظلت تخبط رأسها بالحائط، حتى توصل لفكره توصلها بالعميل، دخل عليها عسكري: - حضرتك تأمري بأي خدمه؟
نظرت إليه بتفحص، ثم خاطرت فكره داخل رأسها قائله: - هاتلي زي عسكري بسرعة.
رد بأستغراب: - اجيبه من فين دلوقتى سيادتك؟!
ردت بعصبيه: - أنزل المخزن دور، اتصرف، متجبيش غير بيه.
رد بقلة حيله: - أوامر جنابك.

تركها متوجه إلى المخزن، وبعد عشر دقايق صعد بزي عسكري، أخذته منه خبتهم داخل ثيابها، ثم نزلت الزنزانه بكل ثقه وهيبه، قائله: - افتح الزنزانة دي.
كان العسكري واقف انتباه مبيتحركش، تخبره مره ثانيه بحده: - أنت أنا بكلمك، أفتح الزفت ده!
رد العسكري وهو لا ينظر إليها: - ممنوع.
تنظر ناحية الشمال تتمالك أعصابها وتقول من بين أسنانها: - عايزه أتكلم مع المتهم.
رد بدون اي حركه: - ممنوع.

هتفت بقوه وهي تخبط الباب بقدمها: - بقولك أفتح.
- أنا ماعنديش أي أوامر بكده، أنا ممكن اتحول محكمة عسكريه.
ردت بثقه: - معايا إذن تفتيش عليه.
وأخرجت ورقه من جيبها، قربتها على عينه، ثم طوت الورقه وقامت بأدخلها جيبها، العسكري مقدرش يشوف ولا حرف، من قرب الورقه على عينه، لكن بقلة حيله فتح، دخلت مشيت طرقه طويله ودخلت يمين فتحت الباب و دخلت قائله بحده: - أنت دكستير.؟!

اومأ رأسه وهو يتفحصها بوقاحه، فأردفت وهي تتلفت حولها: - أخلص قوم البس الهدوم بسرعة.
ثم خرجت وقفت على الباب تحدث العسكري الذي واقف أمام الطرقه وهي تعطي مبلغ من المال: - روح هاتلي مايه.
- أوامر جنابك.
قالها وهو يأخذ المال، وفاه متسع على أخره من السعاده، فأخرج دكستير رأسه من بين الباب: - أنا جاهز.

أشارت إليه أن يطلع، ثم مسكة ورقه في يدها، تمثل الأنشغال بها وكانت تحدث دكستير بحده وهيبه، وتشار على الورق، حتى خرجوا من الزنزانة ومن المركز، فقالت وهي تمشي خطوات سريعة وجسدها يرتعش: - أنا كده عملت اللى عليا وعربيه اللى جايه علينا هتاخدك.
- بس لسه الجيم مخلص يا سكر؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة