قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف20 والأخير

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف20 والأخير

رواية متى سيهتدي الوصال ( الجوكر والأسطورة 5 ) للكاتبة آية محمد رفعت ف20 والأخير

تباهت الشمس بردائها الذهبي، وخاصة بذاك اليوم المميز، فغطت العالم باشعتها المشرقة، لتتسلط على اعمدة القصور الخمس..

بداخل قصر ريان عمران وبالأخص بغرفة إياد، دفعت المقعد بيدها حتى السور الخارجي، فتحمل على ذراعيها الممدود حتى نهض ليعبئ رئتيه بالهواء العليل، وضعت سارة اطباق الطعام الشهي على الطاولة المستديرة، فعاونتها صباح بودٍ، حتى يارا أتت بالمشروبات لتسكبها بالأكواب الستة المتفرقة، هبط ريان متعجلاً للذهاب لعمله، فخطف قبلة سريعة على يد زوجته وهو يخبرها بصوته المنخفض:
تسلم أيدك يا روحي..

التفتت يساراً ويميناً بخجلٍ، ثم قالت بابتسامة عشق:
الف هنا على قلبك يا حبيبي..
اقترب ريان من أخيه ليعاونه على الجلوس، فأسنده من كتفيه الايمين، فأنضم لهم مروان هو الاخر ليعاونه على الجلوس، جلست الفتيات جوار أزواجهن، ليتناولن كلاً منهما الطعام بجو من المرح والغزل وثالثهما العشق الذي بدد القلوب..

عاونت حنين أشجان على أن تبدل للصغير ثيابه لاعتبارها أكثر خبرة منها، فتركتها تبدل ثيابها هي الاخرى بمفردها وخاصة بأن ولادتها مختلفة عن الجراحة فهي قادرة على الوقوف والخطى بمفردها، ولجت نجلاء للغرفة بصحبة ريم و نغم، باحثة عنها وهي تردد بقلق:
صحيح اللي سمعته من البنات ده!، شجن ولدت امبارح وأنا كنت فين!.
اجابتها حنين قائلة بمرحٍ:.

كنا كلنا بنحلم احلام وردية يا نوجة، وبعدين الحاجات دي مفهاش زعل، يعني الولية كانت بتولد تقول للواد استنى لما اعرف العيلة اني بولد!.
تعالت ضحكات ريم، فدنت من شجن لتحتضنها وهي تتحدث لزوجة أبيها:
عشان تعرفي أننا بنحبك اد أيه، أول ما حنين بلغتنا جنالك وش الصبح اهو..
حملت نجلاء الصغير من نغم التي تقدمه لها، لتجيب ريم بابتسامة واسعة:
انتِ روح قلبي دايماً يا ريمة..

احتضنت نغم اشجان وهي تهنئها بمولودها الاول، فدعت لها الاخرى بأن تسر برؤية جنينها بمشيئة الله، أستأذن طلعت زيدان بالدخولٍ بلهفةٍ لرؤية حفيده، فقال وعينيه تبحثان عنه:
حمدلله على سلامتك يا بنتي..
اجابته باحترامٍ وقد غطت بحجابها خصلات شعرها:
الله يسلمك يا عمي، أتفضل..
اقتربت منه نجلاء بالصغير، فوضعته بين لائحة يديه وهي تردد بفرحةٍ:
سمي..
ردد بانصياعٍ والدموع تتلألأ بعينيه لرؤياه:.

بسم الله الرحمن الرحيم، ما شاء الله تبارك الرحمن قمر...
سألتها ريم بفضولٍ:
هتسميه أيه يا أشجان؟.
ردت عليها باسمه المختار:
زين!.
قال طلعت وهو يطبع قبلاته على جبين الصغير:
زين رحيم زيدان..
مسحت نجلاء دمعاتها سريعاً، وهي تراقب فرحته بسعادةٌ أدمعت عينيها، تود رؤيته يبتسم هكذا لأخر عمرها...

جذبت حنين، نغم و ريم للخارج وهي تردد جملة واحدة كل دقيقة:
عايزاكم في مهمة قومية، ماليش غيركم خليكم عارفين ده..
زفرت نغم بضيقٍ، فقالت وهي تتبعها:
ماشين وراكي من ساعتها وكل ما بنسالك بتقولي مهمة قومية، ما تفهمينا يا بنتي سحلنا وراكي ليه!.
أطبقت يدها حول معصمها واليد الاخرى حول معصم ريم، فولجت للجناح الخاص بها، ثم اغلقت الباب سريعاً لتشير لهما ببسمةٍ مرتبكة:.

ولا حاجة، القصة وما فيها أننا حضرنا الفطار وبنستنى رحيم و مراد ينزلوا يفطروا ومحدش نزل..
أجابتها ريم باستغرابٍ:
طيب وفيها أيه ما تستنوهم ينزلوا زي كل يوم..
أخرجت حنين المفتاح العالق بالباب الاسود الضخم الخاص بالجناح ثم قالت وهي تقف على عتبته:
ما احنا بنعمل كده، بس الموضوع وما فيه انهم نايمين في اوضتي وأنا عايزة ادخل أغير هدومي ولو مراد اللي نايم لوحده كنت دخلت عادي لكن ده مش هينفع فدي مهمة مين بقا؟.

واستطردت كلماتها بعدما خرجت من الجناح لتغلق الباب عليهن سريعاً، ثم اغلقته بالمفتاح لترفع صوتها من الخارج قائلة:
مهمتكم يا اختي انتي وهي على الأقل أنتوا أخوات لكن أنا هدخلهم بصفتي أيه؟!
ابتلعوا ريقهم بخوفٍ شديد، فقالت نغم بغضبٍ:
حنين أفتحي الباب متهزريش.
أجابتها من الخارج:
مبهزرش والله ادخلوا صحوا أخواتك علشان يفطروا، مش هتخرجوا من هنا غير كلكم فاهمين!.
زفرت نغم بضيقٍ:
مجنون وأد كلامها..

ردت ريم بخوفٍ وعينيها تتنقل على باب الغرف من أمامها:
وبعدين هنعمل ايه، ده انا حتى نسيت شنطتي في أوضة أشجان، كنت ممكن أرن على سليم يجي يخرجنا..
مصمصت شفتيها بسخريةٍ:
يادي سليم اللي محياره معاكي ومحتارة تعملي بيه أيه!.
ثم أشارت بيدها وهي تستطرد حديثها:
ويعدين فيها ايه لما نصحيهم، هما على فكرة اتغيروا..
واجلت حبالها الصوتية بقوة مصطنعة:
توكلنا على الله، بينا.

لحقت بها فتركتها تستكشف الغرف حتى وجدت المنشودة، فولجت من خلفها للداخل، ازدردت ريقها الجاف بصعوبةٍ حينما وجدت كلاً منهما مستلقي على ظهره بحركةٍ متشابهة، فأشارت لها نغم بالاقتراب من مراد، فأومأت برأسها، لتتجه للاتجاه الاخر من الفراش، أما نغم فوقفت جوار رحيم، رفعت اصابعها للاعلى لتشير لريم بالعد التنازلي الذي سينتهي بالعدد الثالث وبالفعل، أخذت تعد على أصابعها حتى العدد ثلاث فقامت كلاً منهن بنخز أصابعهما بكتفيهم العارية، فتح كلاً منهما عينيه، النوم مستيقظ لأي حركة خاصية اكتسبوها بالاجبار من سمات عملهم، انكمشت ملامح مراد وهو يردد بنومٍ:.

ريم!.
أسرعت بالحديث بجسدٍ يرتجف خوفاً:
أنا ماليش دعوة والله، حنين اللي قافلت علينا الباب وقالت لازم نصحيكم..
ابتسم وهو يتأمل حالة الذعر المسيطرة عليها، فنهض ليقترب منها وهو يردد بمرحٍ:
طيب اهدي أهدي، هو انا بقولك مين اتسبب في موت خالتك!.
جلس رحيم على الفراش باستقامة، فالتقط قميصه الملقي لجواره، ارتداه وهو يتطلع لنغم الثابتة من أمامه وكأنها لم تفعل شيئاً، فقالت بثباتٍ:
الفطار جاهز..

نهض عن الفراش ليقترب منها، فلف يديه حول كتفيها وهو يخبرها بابتسامة:
وأنا ميت من الجوع، يلا..
اتبعته للخارج فسألها باهتمامٍ:
يوسف فين، مجاش معاكي؟!
أجابته بابتسامة مشرقة:
لسه مكلمني من شوية وقال بيحضر مفاجآة لشجن بمناسبة البيبي..
ثم أضافت:
الف مليون مبروك يتربى في عزك يا حبيبي..
احتضنها رحيم بحبٍ وهو يجيبها:
عقبال ما تقومي بالسلامة ان شاء الله..
خرجت ريم بصحبةٍ مراد هي الاخرى، فقالت بانزعاجٍ:.

تفتكر حنين هتفتح الباب ولا هتعمل فينا ايه تاني!.
اتسعت بسمته وهو يشير لها بسخريةٍ:
الباب مكنش مقفول أصلا، هي عملت كده علشان الابتسامة على وشوشنا دي.
ثم قال بمكر:
مش انتي اتبسطتي وأنتي بتصحيني!.
انفجرت ضاحكة فشاركها الابتسامة ليلحق بهما للاسفل، لينصموا جميعاً على طاولة الطعام، بجو من البهجة والسعادة وخاصة بعد أن انضم اليهم يوسف..

جلست بالغرفة تنتظر صديقتها بالوصول للمشفى، كان يامن لجوارها، يديه تحتضن يدها، شعر بارتجافها بين يديه، فانحنى على مقعدها قائلاً بضيقٍ:
فاطمة مفيش داعي لوجودنا هنا، صدقيني الموضوع مش فارق معايا..
أجابته بابتسامة رسمتها لتمنحه الراحة:
بس أنا اللي هيفرق معايا...
احتضنها وهو يربت على ظهرها بحنانٍ، ليهمس لها بعشقٍ جوار اذنيها:
أنا هكون جانبك مش هسيبك!.

تمسكت بقميصه من الخلفٍ وكأنه تخبره بالا يتركها، دقائق مبسطة ووصلت صديقتها الطبيبة، لتخبرها بأنها على أتم الاستعداد، ابدلت ثيابها لتتجه للغرفة ويديه مازالت ملتصقة بيدها، كان لجوارها منذ بداية الجراحة لنهايتها، كان يقف جوار رأسها، يشتتها بحديثه المرح وكلماته المعسولة، لم يكن يحبذ ان يخضع حبهما لمثل هذا الاختبار ولكنه يمتلك اليقين بأنها معضلة وستمر مثلما مر الكثير من العوائق..

انتهت الجراحة وبالفعل تم فض الغشاء المطاطي بنجاحٍ، لتنتقل بعدها لغرفة عادية، فما أن انتهت الممرضة من تغطيتها حتى ولجت الطبيبة، لتخبرها بضحكة رقيقة:
حمدلله على سلامتك يا دكتورة فاطمة..
أجابتها بتعبٍ بدى بصوتها:
الله يسلمك يا دنيا، بشكرك على واقفتك جانبي..
عاتبتها بمحبةٍ:
متقوليش كده ده احنا عشرة عمر، بس انتي اللي اختارتي تدخلي قسم اطفال وتبعيني..
ابتسمت وهي تجيبها:
ما انتي عارفاني بموت في الاطفال..

القت على مسمعها اقتراح افتراضي، فقالت بمزح:
طيب اتجدعني أنت بس وهاتيلنا حتة عيل..
انتقلت نظرات فاطمة ليامن الذي طالعها ببسمة مكر، فاصطبغ وجهها بحمرةٍ الخجل، سحبت عينيها لباب الغرفة حينما فتح لتجد أخيها من أمام عينيها، دنا منها جان وهو يضع باقة الزهور البيضاء على الكومود من جوارها، ليتساءل باهتمامٍ:
الجميل أخباره ايه؟.
بصوتٍ هزيل اجابته:
الحمد لله بخير يا حبيبي..

جلس على المقعد القريب منها، فتساءلت بلهفةٍ:
طمني على سلمى بقت كويسة، وخالد عامل ايه؟.
رد عليها بصوته الرخيم:
بخير الحمد لله، شيدي انتي بس حيلك واخرجي..
قالت باستياء:
كان نفسي والله احضر سبوعه بس كله خير..
ابتسم وهو يخبرها ما حدث من قرارات حاسمة:
لا هتحضري، لان طلعت زيدان أمر بنفسه ان حفلة استقبال خالد هتكون مع زين ابن رحيم..
رفعت حاجبها بتعجبٍ:
هي اشجان ولدت!.
اومأ برأسه قائلاً:
امبارح..

قطعت الممرضة جلستهما حينما اقتربت من المحلول الموضوع بوريدها، فنهض جان ليشير ليامن بالانسحاب معللاً:
ما تيجي ننزل نشرب قهوة ونسبها ترتاح شوية..
أشار له هو الاخر:
ياريت، تعال..
وهبط كلاً منهما للاسفل..

يوم يليه الاخر دون أي جديد الا من أقصوصة العشق التي نبضت بقلب علي تجاه فاطمة، رغم انه يعلم بالمشاكل التي سيواجهها مع والدته الا انه سيعافر لاجل ذاك، طوال الفترة الماضية لم تجدي حالة فطيمة أي تحسن، ورغم ذلك مازال يصمم على معالجتها والخوض في ماضيها لمعرفة ما واجهتها ليجعلها هكذا، لذا اخبر يارا برغبته بمعالجتها فوافقت على امل أن يحقق هو ما فشلت القيام هي به، فأقنعت مراد بأن سفرها مع علي هو الصائب لحالتها النفسية، فسمح له بذلك وأخبره بأنه سيكون على تواصل دائم به لمعرفة تطورات حالتها بنفسه، وإن اضطر الامر سيسافر اليهما كل فترة للاطمئنان عليها، لذا سافرت فطيمة مع علي لانجلترا، بلد العشاق التي ستشهد أقصوصة عشق فريدة من نوعها، (نوڤيلا صرخات أنثى «فطيمة»)...

بتلك الايام الماضية تحسنت صحة إياد كثيراً حتى صار يخطو بذاته دون الاعتماد على أحداً، حتى فاطمة استردت جزء كبير من عافيتها ولملم ذاك البعد الجسدي بينها وبين زوجها شتات الماضي، فكانت فرصة كبيرة للتقرب من بعضهما البعض، لذا عاد قلبها ليتقبله من جديد، عاد ليخفق رغبة بالتقرب منه، فما أن سمح بذلك حتى تقاربا، مزقوا صفحة الماضي المفجع ولم يبقى سوى سطور العشق الفارغة التي ملاها الشوق والحنين، سمحتله بالاقتراب ومنحته الفرصة، فعوضها عما فقدته من شغف اللقاء والقرب منه، جعلها تذوب بين أحضانة، تردد حبها علني مثلما يردده هو، حتى صار عالمهما واحد...

حركت الطبيبة الجهاز على بطنها برفقٍ، فرأى مراد بوضوحٍ ما تحمله باحشائها، ابتسم بفرحةٍ وهو يتابع ويستمع لصوت نبضات القلب فشعر بأنه اتصل بقلبه، كالوريد، ضغط بأصابعه على يد حنين المتشبثة به، ليقبلها وهو يردد بعشقٍ:
بأحبك...

بادلته الابتسامة ببسمة ترسمها بالكد وعينيها مليئة بالآف الكلمات، رأها مراد بوضوحٍ فأراد الخروج من هنا سريعاً ليعلم ما تود قوله، انتهت الطبيبة من اخبارهما بالارشادات اللازمة وضرورة تناولها الفيتامينات وغيرها من أكلات صحية مفيدة لها وللجنين، فخرجوا سوياً لينجرف مراد بالسيارة بمكانٍ هادئ أمام النيل، فاستدار بجسده تجاهها، ثم التقط يدها ليمرر أصابعه بحلقاتٍ دائرية قشعر جسدها لأجلها، فقال بصوته الرخيم:.

مالك، مش حاسس أنك مبسوطة ليه؟.
لازمت الصمت، فخمن هو سبب خوفها فرفع بيديه ذقنها وهو يناديها:
حنين، بطلي تفكري في أني هبعد عنك والكلام ده، أنا جانبك ومعاكي لحد أخر نفس خارج مني..
ابتسمت وهي تتطلع له مطولاً، فمازحها قائلاً:
حفظتي ملامحي ولا لسه؟!
قالت باسمة:
حفظتها من زمان بس ده ميمنعش احفظها تاني عشان اللي في بطني تيجي شكلك زي مرين..
قال بابتسامة حالمة وعينيها تجوب بطنها المنتفخة بعض الشيء:.

مارال، هنسميها كده..
ضيقت عينيها بذهولٍ:
اسم غريب. معناه أيه؟!.
أجابها بعجرفةٍ:
يعني الغزال، اسم جديد ومش منتشر وصاحبة الاسم بتتمتع بشخصية طيبة القلب وقوية، سريعة البديهة وذكية، بتحب الحياة الحرة بعيداً عن القيود..
أعجبت كثيراً بمعناه، فقالت:
كل مرة بتختار اسم مميز عن اللي قبله..

احتضنها ثم استرخى بمقعد السيارة للخلف، فاغلق عينيه تأثراً بالهواء النقي الذي يلفح وجهه، بارتباكٍ نادته وكأن وقت الافصاح عما يجول بخاطرها قد حان فقالت:
مراد..
أجابها بنعاسٍ:
أممم..
قالت بتوترٍ ملحوظ:
أنت مش زعلان اني هجبلك بنت لتاني مرة!.
فتح عينيه على مصراعيه بصدمةٍ من قولها لذلك، فابعدها عنه وهو يتطلع لها بحدةٍ اتبعته بلهجته الحازمة:
أيه اللي بتقوليه ده يا حنين، أنا بجد مصدوم اني بسمع الكلام ده منك!.

قالت بارتباكٍ وهي تنظر لذراعيه الموضوعة حول كتفيها:
أنا فرحانة اني هخلف منك لتاني مرة ومش فارقة معايا بنت ولا ولد، بس أنا خايفة تكون انت زعلان يا مراد.
أجابها بغضبٍ:
بلاش هبل، أزعل ايه، أنا طاير من الفرحة ان هيجيلنا بنت، أنا فعلاً بعشق البنات ومؤمن أنهم لما يتربوا كويس بيبقوا أفضل من الولاد مية مرة، البنت ربنا بيخلقها وجواها حنان وحنية تكفي عالم بأكمله، ربنا انعم عليا بنعمتين ازاي ازعل!.

ابتسمت بفرحةٍ وراحة، فلفت يدها حول عنقه لتحتضنه بقوةٍ، رغم عصبيته الشديدة مما قالته الا انه لف يديه حولها ليبادلها الاحتضان، ومن ثم تطورت الامور بينهما ليغابى سوياً بلحظاتٍ سريعة اقتباسا بها رحيق الغرام المزروع بغصونٍ متشابكة..

انقضت تلك المدة المحددة واتى اليوم المنشود، اقيمت حفلة استقبال لابن رحيم زيدان و جان زيدان بترتيبات من أرقى ما يكون، امتلأ القصر باكمله ببلايين ملونة باللونين اللبني والأبيض، وقفت الفتيات تعلقها بفرحة والاخريات يناولن أزواجهن الزينة، تعالت الموسيقى الخاصة بالاطفال الموليد بالقصر بأكمله، لتنتطلق الكاميرات بالتقاط الصور المميزة لعائلة زيدان باكملها، سلطت الكاميرات باكملها على الدرج المتوسط قصر طلعت زيدان، حيث هبطت صباح أولاً حاملة ابنها جان الصغير مرتدياً زي أبيض مثل باقي الاطفال بعد اتفاق صريح من الفتيات، ومن ثم هبطت حنين بفراشتها الصغيرة مرين التي ترتدي فستان أبيض كعروس تزف بليلة زفافها، ومن بعدهما هبطت سلمى بابنها خالد، لتلحق بها شجن بابنها زين ذاك الطفل الغامض ذو المصير المجهول..

هبطوا جميعاً ليشير لهما المصور بالالتفاف حول الاطفال بعدما وضعوهم على الطاولة بالغربال المزركش، انضم رحيم لمعشوقته ليطوفها بذراعيه ومن ثم التف حول الطاولة العملاقة، ومن خلفه مراد الذي يحمل صغيرته بين يديه وباليد الاخرى يحتضن حنين التي اشعلت شمعة كبيرة واخذت تلهو كالطفلة الصغيرة وهي تصرخ بمرح:
حلقاتك برجالاتك يارب يعيش يارب يعيش..

تعالت ضحكات مراد وهو يراقبها بدون جدوى، فابتسم رحيم وهو يلتقط ابنه ليحمله بين ذراعيه ومن ثم قربه من محبوبته قائلاً بمكرٍ:
عقبال ما نخويه ولا رأيك ايه؟!
حدجته بنظرة نارية، فتعالت ضحكاته الرجولية باستمتاع لرؤية غضبها، احتضنت شجن اخيها قائلة بتذمرٍ:
جاي متاخر ليه يا يوسف..
اجابها وهو يخرج السلسال الجلدي الذي يحمل اسم المولود ليضعه حول رقبته:
الطريق كان زحمة وواقف بس ولا يهمني في الاخر جينا..

تعالت الضحكات بينهما، فسلمت عليها نغم ثم انضمت ليوسف، فاقترب منهما فارس و مروان لينولهم مروان شمعة، ثم اشعلها فارس بالقداحة مشيراً لهما بمرح:
اللي يدخل من الباب ده يولع شمعة ويلف لفتين، يلا يا حلوة منك ليه..
اشار لهما يوسف:
كده، ماشي يا عيل منك له..
لحق يوسف بمراد ورحيم، فراقب مروان الباب، ليشير لرفيقه:
المتر شرف أهو..
اشار بيديه بحماس:
فرجت اوي..

اقترب منهما يامن، فناولوه الشموع هو وفاطمة، ومن ثم دفعوهم على الطاولة، كانت الضحكات مسيطرة على العائلة باكملها مما يفعلوه مروان وفارس من مشاكسات منحت للاجواء رونقاً، ابتعد فارس ليجد جان يقف بالخارج يتبادل المباركات والتهنئة من اصدقائه فجذبه للداخل بقوة، ثم دفعه على قارس قائلاً بسخرية:
لقيت ده بره، ولعله وخليه يدور..
تحرك فكيه ناطقاً بعصبية:
يولع لمين ده انتوا ليلتكم سودة..

اتى ريان من خلفه ليلتقط شمعه من اخيه وهو يوجه حديثه لجان المتعصب بابتسامة واسعة:
ولع ولف وفكها يابو العريس ده الليلة هنهيص مش كده ولا ايه يا شباب..
تعالت الصيحات فيما بينهما فاتى آدم من خلفه ليلتقط الشمعة هو الاخر، قائلاً بسخرية:
فنولع ونلف ونغني كمان ويارب يا ربنا يكبر ويبقى ادنا ويجي يعيش وسطنا وسط الحبايب..
تعالت ضحكات جان، فقال وهو يراقب آدم الذي التقط يد سما ليدور بهما من خلفهم:.

عوض عليا عوض الصابرين ياررب..
جان مش هتلف معايا ولا ايه!
كلمات متذمرة قالتلها سلمى فتبددت بسمته، ليغمز له ريان بمرحٍ وبكلماته المعتادة فيما بينهما:
البس عشان خارجين..
امسك يدها وهو يجيبها بابتسامة واسعة:
نلف منلفش ليه..
أتت سارة هي الاخرى وهي تخبر مروان بتذمر:
هو الشمع ليكم انتوا بس ولا ايه!.
منحها مروان شمعة وهو يجيبها بمشاكسة:
حد يقدر على زعلكم، خدوا كل الشموع المهم انكم تفرفشوا لنتدشدش أحنا..

أشار له يامن بغمزة ساخرة:
كده فهمت الكار..
صعق فارس حينما وجد سليم يقف من امامهم، فوضع القداحة من يديه على الطاولة، ثم تطلع له فوجده يتطلع لما يحمله مروان، فاسرع اليه لينتشل منه الشموع ثم وضعها جوار القداحة وهو يضيف بخوف مصطنع:
احنا كبار على الحاجات دي متعصبش نفسك يابو نسب..

فاسرع تجاه منة ليحملها بين ذراعيه ويدور بها حول الطاولة فكاد ان يسقط بها مراراً وسط ضحكات الشباب والفتيات، ابتسم سليم وهو يلتقط الشموع والقداحة بغرور، ليتجه لريم الغاضبة ثم قدم لها ما بحوزته قائلاً بتعجرف:
شوفتي السيطرة جبتلك كل اللي معاهم..
تبدل حزنها لسعادة فاشعلتهما ثم اخذت تدندن مع الاغاني فالتفوا جميعاً من حول الطاولة بفرحة غمرت القلوب قبل ان تمس الوجوه..

اعلى الدرج وقف طلعت زيدان يوزع نظراته بين الوجوه، ابنائه وابناء أخواته بفرحة، عاش عمراً ليختبر تلك السعادة التي غمرت الجميع بوحدتهم، ولجواره نجلاء التي تربت على كتفيه كالحصن القوي، قبل يدها وضمها لصدره ليقفوا بالاعلى يرقبون حماس الشباب وفرحتهم المتبادلة بين الوجوه بأكملها، ليته تمكن من اصلاح ما اتلفه أبيه، وان كان متاخراً ولكنه بالنهاية تمكن من ذلك...
تمكن من زرع الوحدة بين ال عائلة زيدان !.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة