قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول بقلم فاطمة حمدي

رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع

( رواية بونسوار سابقا )

بعد مرور ستة أشهر
ذرفت عبرات ساخنة تكاد تحرق روحها ..وصرخت صرخات مكتومة كي لا يشعر بها أحد ..وباتت في عتمة شديدة لم تر فيها أي بصيص للنور .. هل الدنيا متقلبة بهذه السرعة؟
ولا يدوم حال أحد ...لقد تبدل حالها من سيء لأسوء !
وهي التي كانت تخشى هذا اليوم ..الذي تجد وجودها مهمش ..وتتنحى لتأتي الأخرى تتربع في مكانتها ..

ذهبت إلى شرفة غرفتها ووقفت تبكي وحيدة ككل ليلة ..تتذكر إهانته يوميا ..نظراته التي تميت كل شيء داخلها ..ازدراءه منها ..نفوره ...
هل أصبحت شيئا يبغضه بقوة ؟ هل محى الحب من قلبه لها ؟
واستطاعت "تمــــارا" أخذ حبيبها منها بمنتهى السهولة ...فلمَ هي مازالت تنتظر هنا ؟!
لمَ لم ترحل تاركة خلفها كل شيء ...ألم يعدها بأن الجحيم سيكون حياتها معه ...ولا مجال للحب بينها مرة أخرى!

راحت تلكمُ قلبها بقبضة يدها وهي تتنهد بألم قاسي جدا على نفسها ..ثم ترفع وجهها إلى السماء قائلة:
-ياااه يا أدهم ..معقولة كرهتني ..مبقتش حتى طايق تبص في وشي ..
أصدرت شهقة عنيفه وأستكملت بارتجافة:
-بس أنا السبب ...أنا اللي ضيعتك من إيدي ...ومش هقدر أمشي وأخسرك للأبد ..مش هقدر يا أدهم ..

كان يقف في الشرفة وملامحه متجهمة للغاية ..يزفر أنفاسه بعنف وغيظ في آن ..

أتت هي من خلفه تسير على أطراف أصابعها ..شبت قليلاً كي تتمكن من احتضان ظهره ..أراحت رأسها على ظهره ..تكلمت برقة كعادتها:
-أنا أسفة يا علي ..
شعر أن كل خلاياه تنهار من قربها ورقتها ورائحتها التي تصيبه بجنون ..
لم يلتفت لها ...حيث أنه غاضب الآن ..
إنما قال بعتاب:
-ممكن تبعدي عني دلوقتي يا ميرال ..ابعدي بقى ..

زفرت زفرة قصيرة وابتعدت قليلا قائلة بتذمر:
-طيب يا علي ..خليني أموت بقى وأخلص من حياتي دي ...
أنهت الجملة واندفعت خارجه من الشرفة إلى السرير وارتمت تبكي بنعومة شديدة ..
ويندفع خلفها ضاحكا متناسيا غضبه منها ..حبيبته المدللة التي يطيب العيش بها ..
حبيبته الصغيرة كإبنته ..
الجميلة كحوريته ..

تستخدم دائما معه اسلوب الضغط هذا،تتدلل وتجعله هو المخطئ في النهاية ..تعلم أنه لا يريد ابقائها حزينة ولن يتركها حزينة مهما حدث ..
-ودا إيه دا إن شاء الله؟ أنا اللي زعلان منك مش أنتِ !
هكذا قال وهو يجلس جوارها بهدوء،فاعتدلت في جلستها واقتربت تلتصق به قائلة بعفوية:
-ما أنا من الصبح بحايل فيك ..وأنت مش راضي ..أنت قاسي جدا ..
قهقه ضاحكا وضمها إليه بحب قائلا:
-أنت قلبك قاسي أوي أوي ..

لحن جملته بمشاكسة فجعلها تضحك بسعادة وهي تتشبث به قائلة:
-رخم يا علي ...
-كمان رخم بعد كل دا ؟،إيه الافترا دا يا قلب علي ؟
ضحكت مجددا وهي تقول:
-يا علي مش بيبقى قصدي أزعلك صدقني ...بس ...
قاطعها هادئا:
-بس بتحبي الشوكلاتة أكتر من علي وتقدري تزعلي علي بس الشوكلاتة لا تزعل إزاي !

يولع علي بقى ما هو هيزعل شوية وبعدين هيسلم نمر أول ما يشوفني ببكي عشان هو بيموت فيا وأنا بقى هتعب شوية بس مش مشكلة هخف تاني المهم إني رضيت نفسي المجرمة دي ودوقتها الشوكلاتة صح يا قلبي ؟ مش دا السيناريو اللي في دماغك الحلوة دي !

دفنت وجهها في كتفه ..وضحكت بخفوت ..هو يفهمها أكثر من نفسها ...ويحبها بشدة ..يدللها كثيرا ..يخشى عليها بقوة ..
وهي تقدر كل ذلك وتبادله الحب بالحب، لكن نفسها تقودها إلى أكثر شيء تعشقه بشدة" الشوكولا".. رغم مرضها الذي يهدد حياتها بين الحين والآخر ورغم تعليمات الطبيب و"علي" !

لكن ماذا تفعل حين تشتهي أكلها ؟!
-بحبها يا علي طب أعمل إيه ؟
علي بتفهم:
-قلنا حتة صغيرة من نفسك لكن مش كتير وتكوني معرفاني مش من ورايا ..ودا آخر تحذير ليكي بعد كدا هقلب على الوش التاني تمام ؟
ابتسمت له ابتسامة صافية:
-تمام ... ممكن بقى تصالحني ؟
-أنا ؟
-أيوة !

-بس أنتِ اللي مزعلاني مش أنا يعني المفروض أنتِ اللي تصالحيني ..
ولم تتردد ميرال في أن تقبل وجنته برفق وتعتذر بنفس خالصة مع قولها:
-آسفة يا أجمل "علي" في الدنيا كلها ...

ابتسم وراح يقبل جبينها بحنو مردفا:
-بحبك والله ... وماعنديش استعداد أعيش من غيرك ممكن أموت فيها ..
وضعت يدها على فمه قائلة:
-بعد الشر عنك يا حبيبي ..
وجد باب الغرفة بعد ذلك يُفتح على مصراعيه دون سابق إنذار..فنظر إلى شقيقته بغضب ونهض قائلا:
-إيه دا يا چنا؟ إزاي تفتحي كدا بدون ما تخبطي ؟ أنتِ اتجننتِ؟

چنا بتأفف ولا اكتراث:؛
-عادي يعني هو أنا فتحت إيه يعني ؟ ولا أنت بقى يا علي معتبرني غريبة في بيتك ؟
علي وقد اتجه ناحيتها هاتفا بغضب:
-چنااا إيه الأسلوب دا ؟
أسرعت ميـرال تهدئه قائلة:
-خلاص يا علي حصل خير .. هي يعني عملت إيه مافيش مشكلة يا علي ..
بينما ترد چنا بغضب:
-والله ماحدش قالك تدخلي بينا مالكيش دعوة!
لا أنتِ كدا قليلة الأدب يا چنا بجد !

هكذا قال بغضب وهو يقبض على ذراعها بعنف.. فتألمت من قبضته لكنها ردت بتمرد:
-أنا مش قليلة أدب هي إيه اللي يدخلها بينا وبتتكلم ليه !
-بت أنتِ مجنونة ؟ في إيه لمي نفسك بقى !
دخلت والدته في هذه الأثناء قائلة بقلق:
-إيه اللي حصل في إيه يا علي ؟!
فأجابت چنا بحدة:
-علي يا ماما بهدلني عشان خاطر مراته ..ومش طايق إني أدخل أوضته !

زفر علي بحدة عارمة ولم يتحرر من صمته وهو يناظر شقيقته فقط ..
فأخذتها الأم وخرجت من الغرفة معتذرة لـ علي وميـرال ..فأغلق علي الباب مجدداً وعاد يجلس بصحبتها ... بينما قالت ميرال وهي تمط شفتيها:
-هي ليه چنا دايما عصبية كدا يا علي ؟ وبحس إنها مش طيقاني خالص !
-عادي متحطيش في بالك هي بس نفسيتها مش متظبطة من يوم وفاة بابا ..
هزت ميرال رأسها بتفهم مع قولها:
-أنا حسيت بدا فعلا ...بس أنا بحبها وبحاول أصاحبها وهي بترفض ..

ابتسم وقال:
-هتبقى كويسة معاكي متشعليش بالك ..المهم إنك متزعليش منها ..
-لأ مش زعلانة والله يا علي.
تابع علي وقال:
-كمان مش عاوزك تضايقي إنهم عايشين معانا الفترة دي حقك عليا ..
ميرال بعتاب:
-عيب والله يا علي دا بيتهم وبيتك يا علي دول على راسي والله ..
راح يقبل جبينها بحب:
-ربنا يبارك فيكِ يا ست البنات...

وفي الخارج قالت والدتها برفق:
-چنا يا حبيبتي التصرفات بتاعتك دي غلط جدا وكدا أخوكي هيزعل مننا كفاية إننا قاعدين عنده وهو شايلنا على راسه ..
فردت چنا بضيق:
-هو لما بيتنا اتحرق كان المفروض نقعد عند مين في أزمتنا ؟ مش لازم أخويا اللي ملناش غيره ؟ فليه بقى محسساني إن له فضل كبير علينا !
-لا إله إلا الله.. يا حبيبتي أخوكي متكلمش وعمره ما حسسنا بكدا وليه أنتِ مصممة تبوظي الدنيا ؟

صاحت بدورها:
-أنا مصممة أبوظ الدنيا ؟ طبعا ما هو إبنك اللي أنتِ بتخافي عليه أكتر مني وبتفضليه عليا ..
والدتها (سميرة) بعتاب:
-أنا يا چنا بعمل كدا ؟ على العموم مش هتكلم عشان إحنا مش في بيتنا ومينفعش صوتنا يعلى ونزعج الناس !
نهضت چنا وتركتها داخلة إلى الغرفة ..
ثم راحت تطل من نافذة الغرفة وانطلقت دموعها المحتجزة داخل عينيها الحزنتين دائما ...لا تعرف لما تكره ميرال بهذه الطريقة منذ الوهلة الأولى ؟!
هل هي ذات قلب قاسي للحد الذي يجعلها تبغض الذي أمامها ؟!

أم أن ميرال إنسانة لا تروق لها فقط ..؟!
أم أنها تقارن نفسها بها دائما فتشعر أنها المتفوقة عليها في كل شيء؟!
ربما جمال ميرال الآخاذ ؟ عمرها الصغير ...حب علي لها ..مستواها الاجتماعي ..دلالها... كل شيء... كل شيء عكسها ..هي على النقيض تماما من ميرال ..ولذلك هي ثقيلة جدا على نفسها ...
نفسها ؟!

تشعر كمن يعيش بلا معنى ..لقد تزوجن جميع الفتيات وهي تخطى عمرها التسع وعشرون عام ...لا يوجد أحد قد نظر لها نظرة اعجاب واحدة ..أو تقدم لخطبتها ..أو شعرت ذات يوم أن آخر يرغب بها .. تود في تكوين أسرة مفعمة بالحب والعطاء..
تود في حياة بصحبة شريك حنون يحتويها فلا يجعلها تشعر بما تشعر الآن ..فيغنيها بحبه عن العالم أجمع ..

ومنذ مات والدها ..تشعر بأنها فقدت انسانيتها .. فقدت كل جميل بها وحولها ..كان والدها يشكل لها حياة ..أمان .. حاول "علي" بشتى الطرق أن لا يجعلها تشعر بما تشعر... لكنها ترفض وتصم أذنيها..
ظلت تبكي بكاءً متواصلا إلى أن شعرت بالارهاق التام ..فما كان منها إلا أن توجهت إلى سريرها واستلقت لتغط في نوم عميق...

صبيحة يوم جديد ...
خرجت ملك من غرفتها في حرج .. شديد وقررت اليوم وبشجاعة بعد عدة أيام أن تتناول وجبة الإفطار معهم في الأسفل ...
توجهت إلى المائدة فوجدت السيدة چيهان تقوم برصها فحاولت أن تساعدها قائلة:
-ممكن أساعد حضرتك ؟
نظرت لها مطولا ثم أخبرتها وهي تربت على ذراعها:
-أيوة يا حبيبتي.. كويس إنك هتفطري معانا النهاردة ..

ملك وقلبها ينبض بوجل:
-أنا خايفة أدهم يضايق من وجودي ويقلب عليا ..
حركت چيهان رأسها نافية وأخبرتها باطمئنان:
-لا يا حبيبتي متخافيش أنا معاكي ..
قالت ملك بامتنان:
-شكرا. لحضرتك ربنا يجازيكي خير ..

منحتها چيهان ابتسامة وأكملت ما تفعله ..وبعد قليل كانت تنزل (تمـارا) الدرج وهي تضع يدها على بطنها المنتفخ قليلا ...وتبتسم باستفزاز كعادتها حين وجدت ملك ..
تغنجت في خطواتها حتى وصلت إلى الطاولة قائلة بصوت مائل للميوعة::
-صباح الخير يا أنطي ..
ردت چيهان بإيجاز:
-صباح الخير يا تمارا ... فين أدهم ؟

قالت:
-حبيبي نازل ورايا أهو ..أصلنا كنا سهرانين طول الليل ..
وراحت تختم جملتها بضحكة خافتة ..استفزت ملك لأبعد حد ..كادت تبكي قهرا ..لقد انتصرت تمارا عليها وببراعة ..ونفذت وعدها بأن تجعل أدهم يحبها ..وها هو ..يتعامل وكأنها كل حياته ..وهي كأنها لم تكن يوما في حياته !
أتى (أدهم) بعد ذلك متجهاً إلى المائدة وانضم إليهن بعد أن ألقى نظرة نارية على "ملك" كانت كفيلة بإيصال الرعب داخلها منه ..لقد أصبح قاسياً جدا معها ..هذا ليس هو بالتأكيد ..ليس حبيبها !

وجدته يُقبٌل رأس تمارا ويمنحها ابتسامة خاصة تشبه تماما الابتسامة التي كانت تخصها يوما ...
ويطعمها بيده كما تطعمه تمارا أيضاً... وكأنه يتعمد جرحها ...كما جرحته !
-حبيبي تحب أعملك إيه على الغدا النهاردة؟ ..
سألته تمارا فأجاب مبتسما:
-اللي تعمليه بس بلاش أكل محروق الله يخليكي !
ضحكت قائلة:
-يا قلبي خلاص اتعلمت ..متقلقش خالص من الموضوع دا ..

-إذا كان كدا ماشي ..
بينما قالت السيدة چيهان باهتمام:
-مش بتاكلي ليه يا ملك ؟
حركت ملك رأسها نافية وهي تحبس عبراتها بالكاد مع قولها:
-ماليش نفس ..
ثم نهضت وقد انفجرت دموعها المحتجزة ولم تعد قادرة على احتجازها أكثر من ذلك ..ودّ أدهم لو يركض خلفها ...فيخبرها أن جُرحه من جُرحها ..لكنه يأبى ذلك ..هي من فعلت وصنعت تلك الفجوة بينهما فلتتحمل عقباها وحدها ...
وحدها ؟!

هو يتألم ..يموت كل ليلة جراء ما فعلت ..فجأة خسر هو وهي وكانت المنتصرة "تمارا الجزار "!
-أدهم !
كانت والدته الناطقة بإسمه ..لينظر لها ويقول بهدوء:
-نعم يا ماما ؟
فقالت بعتاب:
-كفاية كدا على ملك يا أدهم عشان خاطري..متكسرش بخاطرها وراضيها ..

ابتسم متهكما مع قوله:
-أراضيها ؟ ...ملك ملهاش خاطر عندي يا أمي ...وقلت لها بدل المرة عشرة هطلقك وهي اللي قاعدة بمزاجها أنا خلاص مبقتش طايق أشوفها حتى !
-مش للدرجة يا أدهم ..
-للدرجة يا أمي ومن فضلك مش عاوز كلام في الموضوع دا بعد كدا تاني ..
نهض ما إن أنهى جملته ذاهبا إلى عمله ..فنهضت تمارا خلفه كما تفعل في الأونة الأخيرة قائلة بدلال:
-أدهومي ..

رد باتزان:
-خير يا تمارا ..
لفت يديها حول عنقه عندما علمت أن ملك تقف في الأعلى حيث شرفة غرفتها تتابعهما بعينيها المذبوحتين...
ثم قالت:
-حبيبي النهاردة عاوزة أروح أزور ساندرا مع مامي ..ممكن ؟
أومأ برأسه موافقا وقال بهدوء:
-ماشي يا تمارا ..ادخلي يلا وخلي بالك من نفسك ومن البيبي ..

التفتت تمارا وراحت ترفع عيناها إلى الأعلى وتبتسم تحاول كيّدها ...وولجت إلى الداخل ..بينما رفع أدهم عينيه الجامدتين يرمقها بنظرة لا يفهمها إلا هي ..وهو ...تحمل الكثير والكثير..ما بين العتاب والاشتياق والحب والغيظ ...
مشاعر عدة أرسلها لها في نظرة واحدة ..من طعنته عمداً مازال القلب يعشقها ..وبكل قوة ..
يتذكر جملته التي ألقاها عليها منذ فترة كبيرة .."لا تمارا ولا غيرها يملوا عيني" ..

وقد كان ..لكن الحياة قلبت الموازين لتجعله مقيد مع تمارا ...لا يستطيع الرجوع بقلبه إلى ملك ..حبيبته الأولى ...والأخيرة!
وما كان منه إلا أن استدار ماشيا بصمت مؤلم حيث مقر عمله ..وعادت ملك إلى غرفتها بقهر مميت لم تشعر بمثله قط ..
لكنها تعاتب نفسها أولا وتحاسب نفسها على ما فعلت ..لقد كانت مخطئة ...وجرحته تعلم ذلك ..فهل من غفران ؟!

يا من لقلبي سلطان ..
ولونت حياتي بأجمل الألوان ..
عد لي وكن كما كنت الأمان ..
واسقني كما كنت تفعل بالحنان ..
فلا تهجرني وقدم لي النسيان ..

ماذا ؟!
هل ما رآه صحيح ..تمارا ها هي أمامه بالدليل ..تضعه أمامه وتبتسم بانتصار شديد ...
ملك ؟!
حرك حينها رأسه بعنف وهو يسألها باقتضاب:
-إيه دا ؟! أنتِ بتستهبلي كمان بتتبلي على ملك ؟!
ضحكت تمارا بتهكم مخبرة إياه:
-لا مش بتبلى عليها ..روح واسألها وأنت هتعرف ..أنا دخلت أوضتها وهي مش موجودة وقلبتها كلها ولقيت شريط حبوب منع الحمل دا ..مراتك اللي أنت بتحبها أوي دي يا بيبي مش عاوزة تخلف منك ..وبتاخد منع الحمل ... شوفت بجاحة كدا يا أدهومي ؟!

نظر إلى هذا الشريط الملعون الذي بيده وتساءل في قرارة نفسه لمَ ؟!
لمَ لا تريد منه الإنجاب ولم تخبئ عنه هذا الأمر ؟! أليس أحق بالمعرفة ؟..
لم يكن يعي شيء في هذه اللحظة إلا أن يسألها هذا السؤال ..ولم ينتظر أكثر حيث اندفع إلى غرفتها ودلف كالمجنون ..
كانت جالسة على الفراش تتابع شاشة التلفزيون.. فراح يجرها إليه من ذراعها فنظرت له بفزع ولم تكد تتكلم حيث رفع الشريط أمامها بيد ترتجف من شدة غضبه مع قوله الغاضب:
-دا بتاعك ؟

حملقت به بصمت رهيب ...شعرت أن قدميها لم تعد تحملانها... الدماء وكأنها هربت من عروقها وأنفاسها تسارعت وتصارعت من شدة خوفها ..
وكان يتابعها بعينين متوسلتين رغم غضبه الجلي ..يتمنى أن تنطق بـ "لا" ..فقط ..أن تكون خدعة من تمارا ..وهي تريد الإنجاب منه ..ولكن كانت الخيبة حين قالت ...
-أيوة ...
فقط ونكست رأسها في خزي ...وبمنتهى الهدوء سألها:
-ليه؟
لم تستطع الرد ...ماذا تقول الآن ؟!
فأخذ يهزها بعنف مع استطراده:
-ردي !

تحررت من صمتها ويا ليتها ظلت صامتة ...
-عشان كنت عايشة معاك وأنا خايفة يا أدهم ...
نظر لها بذهول ؟! ماذا ؟!
هذا يعني أنه لا يمثل لها أمان ؟،ولتلك الدرجة ؟! لا تريد منه أولاد ...وهو الذي صبر عامين وهي تخدعه بمنتهى البساطة ..تزعم أنها تُعالج لدى طبيبة خاصة !
هل تلعب بمشاعره ؟! ..ليس لها أي مبرر ... خادعة كاذبة ..وقاسية !
-خايفة يا ملك ؟

سألها بضياع وحاجباه معقودان بشدة ...لترد بتبرير:
-كنت خايفة من باباك وكانت حياتنا مش مستقرة يا أدهم صدقني أنا اختارت الأنسب لينا صدقني ..
-والعلاج ؟ والدكتورة ؟ والصبر ؟ كل دا كذب ؟! بتكذبي عليا ؟! لدرجة دي يا ملك أنا طلعت مغفل !؟
حاولت أن تتحدث مرة أخرى ..توسلت أن يسمعها لكنه استدار وأولاها ظهره ممتنعا عن النظر إلى عينيها الكاذبتين ...

لتقول ببكاء:
-أنا كنت هقولك ..أدهم اسمعني ..
ليلتفت فجأة ..ويصفعها بقسوة ..ثم يهتف بألم شديد:
-مش عاوز أسمع منك حاجة أنت طعنتيني...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة