قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثلاثون والأخير

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثلاثون والأخير

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثلاثون والأخير

بعد ترك عمار لسارة بمفردها، نهضت الأخيرة بغضب لتوصد الباب ثم إتجهت للمنضدة لتخرج هاتفها و تتصل بزعيم العصابة، صرخت به فور إجابته على اتصالها
- ايها الغبي، كيف جعلتهم يصلوا إليك، قم بتجهيز النهاية، الآن، فهم في طريقهم اليك
- حسنا سيدتي
- لا اريد أي خطأ
اغلق الطرف الآخر الخط و إتجه بخطوات سريعة للبوابة في حين قال بصوت مرتفع
- سيتم تنفيذ النهاية، هيا تحركوا.

تبعثرت حركة الرجال حوله ليحضر كل منهم ما يجب أن يحضره لهذه العملية بينما الزعيم و بضع رجال دخلوا البوابة.
حين سمعت نيروز صوت المفاتيح أمام البوابة نهضت و هي تحدق بالأخير بقلق، تراجعت للخلف و هي تبلع ريقها بخوف حين ظهر الرجال امامها و هم مكممون، هتفت بصوت مرتجف حين وجدت نصفهم يتقدمون منها
- ماذا تريدون مني؟
توقفوا و اجاب ذلك صاحب الصوت الأجش
- نريد تجهيزك لقتلك، هل تسمحي لنا؟!
- ماذا!

زاد خوفها و تراجعت للخلف أكثر، هزت رأسها وهي تصرخ بزعر و قد سالت دموعها و بكت ايضا
- لا لا، ارجوكم اتركوني، لااا.

امسك بها رجلين من ذراعيها فحاولت الفرار و التحرر من قبضتهما لكنها فشلت، و لكنها لم تيأس، توقفت عن الحركة و هي تتابع الرجلين الآخرين و هم يحملون صندوق كبير و قد وضعوه امامها لكن بعد أمتار منها، تقدم منها زعيمهم بعد ان حصل على الحبال، جثى على ركبتيه امامها ليربط قدميها، لكنه تلقى ركلة منها اصابته و كادت أن تسقطه لكنه تماسك، نظر لها و الغضب يتطاير من عينيه، حك جبينه و هو يتنفس بخشونة ثم نهض و صفعها بقوة جعلت الدماء تسيل من انفها فبكت نيروز من شعورها بالألم و الإهانة و القهر.

انتهى من ربطها، و كمم فمها، حملوها و وضعوها داخل الصندوق و اغلقوه و هي بداخله.

أصبح رجال الشرطة و عمار و صفوان و زملائه أمام المكان الذي توجد به نيروز، كان رجال الشرطة موزعون في أرجاء المكان و قد كانوا حذرين.
- المكان محاصر، الأفضل لكم أن تخرجوا و انتم معلنون استسلامكم حتى لا يتأذى احد
كرر هذا القول المفوض عبر مكبر الصوت، و لكن لا يوجد استجابة، تقدم الأخير بحذر للبوابة و خلفه رجلين شرطة مسلحين.

تعالى رنين هاتف صفوان في جيبه فأخرجه و اجاب، سمع صوت عائشة و هي تحذره بخوف و عجلة
- لا أحد يفتح البوابة، فهناك فخ لكم، ستقتلونها
نظر عمار لصفوان بصدمة فقد كان صوت عائشة مرتفع فسمع عمار ايضا قول عائشة، تسارعت أنفاس و ضربات قلب صفوان و هو
يرفع بصره لينظر للمفوض الذي وضع كفه على قبضة البوابة الحديدية، صرخ و هو يهرع لهم و خلفه عمار
- لا تفتحه، هناك فخ، لا تفتحه.

تراجع المفوض و نظر لصفوان و عمار الذين كانوا يهرعون إليه، تساءل
- فخ!، ماذا تقصد؟
تعالى رنين هاتف صفوان مرة أخرى، اجاب الأخير سريعاً و هو يلهث، ظل صامتا مستمعا بعناية لعائشة
- لقد قال لي زوج ريهام انهم فعلوا فخ لقتلها، سيجعلوكم انتم القتلة، إذ فتحتهم البوابة سيفتح الصندوق المعلق و ستقع من فوق و هكذا ستكونوا قتلتوها، جدوا طريقة أخرى للدخول
- كيف علم هو هذا!
- لم يخبرني كيف علم هذا، و ايضا هذا لا يهم.

الآن
- سأغلق الآن
أثناء حديث صفوان على الهاتف أمر المفوض رجاله ان يبحثوا عن مدخل آخر لهذا البناء، و مع انتهاء و بعد اعلامهم بما قالته عائشة اتى أحد رجال الشرطة و قال
- هناك نافذة لكنها صغيرة، و هناك باب آخر لكنه مغلق بالأسمند و الحجارة
- إذا لنقم بهدم الحجارة سريعا
قالها عمار و هو متوتر، اومأ المفوض برأسه و قال
- سنفعل ذلك حالا.

بعد مرور ساعة كاملة و بذل جهد كبير قاموا بهدم الحجارة و قد استطاعوا دخول المبنى، كان عمار و صفوان في المقدمة و خلفهم المفوض و رجال الشرطة، نظروا جميعا
للأعلى فوجدوا الصندوق يتحرك جرأة خفيفة و قد استنتج عمار سريعا أن نيروز تحاول فك قيودها إذ كانوا يقيدونها لكن إلا تعلم أن هذا خطر!، تقدم بخطوات سريعة و هو يهتف محذرا اياها بنبرة قلقة خائفة
- لا تتحركِ بعنف، لا تتحركِ أبدا حتى لا يسقط الصندوق.

توقف الصندوق عن الحركة، بينما تابع صفوان بدلا من عمار ليطمأنها
- نحن سنخرجكِ لذا لا تقلقي
- هيا تحركوا، لماذا واقفون!
صرخ عمار بذلك، فأجابه المفوض بإنزعاج
- نحن نحضر ما يلزم لإنزالها سليمة من ذلك الصندوق، لذا لا تتعجل في الأمور.

كانت نيروز خائفة جدا داخل ذلك الصندوق، تشعر انها ستموت حقا، تريد أن تحرر نفسها من هذه القيود حتى تحاول أن تساعد نفسها على الخروج، لم تكن تعلم انها معلقة في الهواء.

حين سمعت صوت المفوض الذي لا تعرفه شعرت بالأمل لوجود احدهم، و أرادت أن تصرخ لتخبره انها في الداخل لكن هذا لم ينفع بسبب أن فمها مكمم، و قد دبت السعادة في داخلها حين سمعت صوت عمار و صفوان، شعرت بالراحة لكونهم استطاعوا ان يصلوا لها، إنها لن تمت!
لا يهم ما شعرت به من زعر و رعب، لا يهم ألمها الجسدي و النفسي، إن الأهم انهم الآن هنا، وجودهم فقط يبث بداخلها الراحة.

كم تمنت ان يحدثوها فقط لتشعر بالأطمئنان قليلا، و قد حقق لها عمار امنتيها و كأنه كان يدركها
، كان يتحدث بكلمات لطيفة دافئة لينسيها ما هي به.
شعرت بعد مرور بعض الوقت بإهتزاز الصندوق فتملكها الخوف، ماذا يحدث!، أتاها صوت عمار ليطمأنها
- نحن ننزلكِ، لذا لا تخافي
طمأنها ايضا صفوان
- دقائق و سنحررك تماماً.

- هيا اخبرني، هل تم؟
سألت سارة عبر الهاتف و هي تنتظر الإجابة بلهفة من زعيم العصابة، أتتها الإجابة التي لم تكن تنتظرها أو تحبذ سماعها.
- لم تتم الخطة كما أردتِ، لقد كشفت، اسف
- ماذا؟، كيف هذا؟
تمتمت بحيرة و عدم تصديق، ثم صرخت به بغضب
- كيف هذا؟، كيف كشفوا الفكرة أيها الغبي؟
- لا أعلم كيف
اجابها بجفاء، و اردف بقول جعلها تغتاظ.

- انا و رجالي قمنا بعملنا على أكمل وجه و ليس لنا دخل في ان خطتك فشلت، و ايضا ستعطينا أكثر مما اتفقنا عليه من النقود لتدخل الشرطة، لذا الآن جهزي النقود خلال ساعة لتسليمها لنا.

و اغلق الخط بعد ان انهى قوله، نظرت سارة للشاشة بصدمة، اغلق الهاتف قبل ان تنهي ما تريد قوله!، اخذت تسبه و تلعنه، ألقت بالهاتف بغضب و اخذت تجوب الغرفة ذهاباً و إيابا تفكر ماذا ستفعل الآن!، كيف ستتخلص من نيروز؟، يجب أن تتخلص منها قبل ان تخبر الشرطة عنها
.
طرق الطبيب على باب غرفتها معلنا دخوله ثم دخل، ظلت سارة تحدق به لدقيقة كاملة ثم قالت بخبث
- طبيب، اريد مساعدتك.

أنزل الصندوق و قد أسرعوا في فتحه و قد هرع عمار ليحمل نيروز و يخرجها من داخل ذلك الصندوق، جلس بها على الأرض و اخذ بتفحص وجهها الذي كان ينزف بالدماء بألم وعجز أثناء حل الحبال عن رسغيها، قام صفوان بمساعدته حيث اخذ يحل الحبال عن قدميها و هو ينظر لها بألم و شفقة لما حدث من فوضى في وجهها.

كانت نيروز تحدق بعمار و الدموع تسيل ببطء و بلا توقف، تأوهت أكثر من مرة أثناء محاولته لحل الحبال لشعورها بالألم، انتهى عمار و نظر
لرسغيها فوجدهما مزرقتين فطبق جفونه بألم ثم فتحهما ليعود ببصره لوجهها، همس لها بصوت معذب، معتذر و نادم
- اسف، اسف لكل ما حدث لكِ بسببي
إبتسمت بفتور و صعوبة، ثم طبقت جفونها ليرتخى جسدها و تفقد وعيها.

في المستشفى
التف الجميع حول الفراش الذي يحمل جسد نيروز متلهفين، والدتها و اسماء و غادة و ايضا ميساء، بينما عمار مع الطبيب و صفوان مع المفوض.
انتهى صفوان من حديثه مع المفوض و قد أخبره الأخير انه سيأتي حين تستيقظ نيروز و تصبح
في حال أفضل ليحقق في الأمر، و قد أخبره ايضا انه ترك رجلين من الشرطة لحمايتها.

إتجه صفوان لزين و زملائه و شكرهم على كل ما فعلوه لأجله و لأجل إيجاد أخته، و قد طلب من زين أن يوصل شكره إلى سيدتهم صفا و هو سوف يذهب لها غداً ليشكرها مرة أخرى بنفسه.
و بينما في طريق عودة صفوان إلى غرفة نيروز قابل عمار و هو عائد من عند الطبيب فسأله
- ماذا قال لك الطبيب؟
تنهد عمار و اجاب بعد لحظات.

- لقد وضع لها بعض المحاليل لأن جسدها قد ضعف و جف، و قد كان جسدها مليء بالجروح و قد اهتموا بذلك، بالاختصار قد قاموا بفحص شامل لها للتأكد من صحة جسدها
هز صفوان رأسه و أكملوا سيرهم حتى توقفوا أمام باب غرفتها، وضع الأخير سريعا كفه على
قبضة الباب و لكنه لم يفتحه، نظر لعمار و قال بنبرة خشنة بعض الشيء
- نحن لم نتحاسب بعد، لتعلم.

ثم فتح الباب و دخل، تنفس عمار بعمق و دلف خلفه لكنه ظل واقفاً بعيداً ينظر لها و يترقبها بحذر و تردد و هي تفيق.
فتحت نيروز جفونها و هي تشعر بثقليهما، احتاجت دقيقة كاملة حتى تستطيع ان ترا من امامها بوضوح، شعرت نيروز بيد والدتها المرتجفة التي تناولت كفها و ضغطت عليه فتأوهت نيروز بفتور، كثرت فوق رأسها أسئلة الجميع عن حالها، و كيف تشعر، و هل انتِ بخير؟

حاولت جاهدة ان تتحمل هذا الإزعاج و الذي يزيد من اختناقها و ضيقها و ألمها الذي استيقظت بهما و لكنها لم تستطع، لذا بكت و
علت الدهشة وجوه الجميع، ماذا بها!، تساءلوا.
- لا أتحمل ارجوكم
قالتها بصوت باكي يكاد يسمع أثناء رفعها لذراعيها لتخفي نصف وجهها، اسرع صفوان بقوله
- لنتركها ترتاح
- لكن...
اتت ان تعترض اسماء لكن صفوان قاطعها بنظراته الحريصة التي فهمت معناها، تمتمت
- حسنا، سننتظر في الخارج.

و غادر جميعهم الغرفة ماعدا صفوان الذي جلس على طرف فراشها و عمار الذي ظل واقفا مكانه
بلا حراك، سأل صفوان نيروز بنبرة قلقة
- هل هناك شيء يؤلمك؟، هل استدعي الطبيب؟
منحته الإجابة بعد لحظات
- لا اريد طبيب
- إذا ما الذي يؤلمك اخبريني؟
- كل شيء
- أعلم أن ما مررتِ به كان صعباً لكنه انتهى الآن، لذا تستطيعين الاسترخاء
استنكرت و هي تبعد ذراعيها عن وجهها.

- كيف لي أن استرخي!، أنا كدت ان اموت من الخوف قبل إن يقتلوني بحق، لقد كنت أعتقد ان هذه نهايتي
حاولت نيروز أن تعتدل قليلا فساعدها صفوان على ذلك، نظرت له بحدقتيها الباكيتين و الباهتتين و سألته بقهر و حيرة
- هل يجب أن ارتاح لأني فقط حية!
امسك صفوان بيدها بحنان و قال
- نعم، يجب أن تشعري على الأقل بالراحة لأنكِ مازلتِ حية، أعلم أنه من الصعب نسيان ما.

حدث لكِ و الخوف الذي شعرتِ به و انتِ في مكان لا تعرفينه وسط رجال مخيفين، لكن عليكِ المحاولة
لم تقل شيئا حيث ظلت صامتة إلى أن سألت فجأة
- اين عمار؟
- هنا
اجابها صفوان وهو يدير رأسه و يشير عند الباب و لكنه دهش حين لم يجده، تمتم بحيرة و هو يعود لينظر لها
- لقد كان هناك، لابد أنه غادر، هل تريدين رؤيته؟
- ألا يريد هو ذلك!
سألت بحزن و قد تجمعت الدموع في مقلتيها مرة اخرى و سالت، فأسرع صفوان بقوله.

- لقد كان خائف جدا عليكِ و كان متلهف لرؤيتك، سأذهب و أرى اين هو
اومأت برأسها و هي تشعر بالإحباط و الحزن، فهل مازال عمار كما هو!، ألن يعود عمار الذي تعرفه!، هل و هي في هذه الحالة ايضا يفضل الابتعاد و القسوة!
غادر صفوان الغرفة فوجد اسماء و والدته فقط فسألهما
- اين البقية؟
اجابته اسماء
- لقد أمرهم عمار بأن يغادرا و غدا يعودا
- و أين ذهب هو؟
- لا أعلم، لقد قال هذا لأمه و أخته ثم غادر سريعا في هذا الاتجاة.

و أشارت يمينا، فأومأ صفوان برأسه و قال
- انتم ايضا غادرا، ادخلا لها و اجلسوا معها قليلا و عندما اتصل بكِ يا عمتي اعلمي اني انتظركم في الأسفل لأوصلكم
- سأظل معها، لن اترك نيروز بمفردها
قالتها والدته، فقال صفوان بتعب
- انها ليست بمفردها، انا معها و زوجها ايضا
- حتى إذ انتم معها هي ستحتاجني
حرك صفوان رأسه بنفاذ صبر، قال و هو يبتعد
- لا تتأخروا علي حين اتصل بكم.

و في طريق صفوان للبحث عن عمار اخرج هاتفه ليتصل بالاخير فوجد اكثر من ثلاث مكالمات فائتة من عائشة، فعاود الإتصال بها سريعا.
- اسف، لقد رأيت مكالمتك الان
- بل أنا الأسفة لاني ازعتجك، لكني كنت أريد أن اطمأن على اختك، كيف حالها الآن؟
- انها بخير، شكرا لسؤالكِ
اردف حين سمع ضوضاء من حولها
- اين انتِ؟

- في الطريق، لقد كنت انوي أن اتي لك لذا ذهبت لأشتري شيء لأدخل به وانا اتية لكني تذكرت اني لا أعرف أي مستشفى اخذتموها لذا اتصلت بك و لكنك لم تجب
- اعتذر
- نعم يجب عليك ان تعتذر فأنا الآن عالقة في هذا الازدحام بسببك
مزحت معه، فإبتسم و سألها
- إذا اين انتِ بظبط؟
- لا أعلم، انتظر أسأل السائق
و سألت السائق و قد أخبرت صفوان الإجابة، فقال الأخير
- حسنا انتظريني عندك، سأتي لكِ
- نعم!، لماذا؟، لا داعي لهذا.

- سأتي، لن اتأخر
ثم اغلق الخط، و في طريقه لخارج المستشفى
اتصل بأسماء و خلال خمس دقائق كان بجانبه.
- سوف اوقف سيارة أجرة لتوصلكم
اخبرهم صفوان بذلك، فتمتمت اسماء
- حسنا
بينما تساءلت والدته
- ألم تكن ستوصلنا انت؟
- يجب أن أذهب لمكان ما لذا لن اوصلكم
- و اختك هل ستتركها؟
هتفت والدته بقلق، فطمأنها صفوان
- لن اتأخر عليها، لا تقلقي
بعد ان أمن ذهابهم إتجه لسيارته ليصعدها و يذهب ل عائشة.

أمام غرفة نيروز، أيقظ الشرطي زميله النائم حتى يخبره
- سأذهب للمرحاض، كن متيقظا
اومأ الشرطي النائم برأسه بكسل و فور مغادرة الآخر عاد للنوم، فلم يشعر بتلك التي تسللت من جانبه و دخلت الغرفة.

كان عمار في المرحاض، انتهى من غسل وجهه بالماء، كانت عينيه محمرتين أثر بكاءه أو قربه لذلك، فهو يشعر بالألم بداخله و الذنب و يلوم نفسه على ما حدث لنيروز، و لكن بعد سماعه لحديثها الذي لم يستطع أن يكمل سماعه زاد لديه شعور الذنب، و الألم.
اخرج عمار هاتفه من جيبه لينظر للرسالة التي اصدر هاتفه صوتا ليعلمه بوصولها منذ خمس دقائق، و فتحها فوجدها رسالة من صفوان، قرأها.

- نيروز تنتظرك، انا قد غادرت و لن اتأخر لذا اذهب سريعا حتى لا تكن بمفردها، لا تجعلها
تنتظر كثيرا والا ستندم.

ظل واقفا لدقيقتين متردد في الذهاب اليها، ماذا إذ لامته و عاتبته بقسوة هو لن يتحمل ذلك، لن يتحمل ايضا رؤيتها و هي ترتجف من الخوف حين تقص عليه ما حدث، لن يكون مستعد لذلك كله، كيف سيواسيها!، كيف يجب أن يعتذر و عن ماذا بظبط!، هل يسألها إذ يريد أن ينفصل عنها!، هل سيكون ذلك صائبا!، بل هل سيستطيع هو تركها و الابتعاد عنها!

كان يفكر بذلك كله بطريقة مبعثرة شاقة، و لكن ما كان شاق عليه اكثر هو اشتياقه لها، كم يود أن يذهب ليعانقها، ليشعر بوجودها و بدقات قلبها لتطمأنه انها الأن بخير و أنها بجانبه و أنه يستطيع أن يلمسها.
تنهد و هو يشعر بثقل بداخله و اختناق، إتجه للباب و قد اتخذ قراره، لن يتركها تنتظر أكثر
، سيذهب فقط و لن يفكر بشيء، لن ينظم كلماته و جمله، سيتركها تخرج بتلقائية، مبعثرة، سيتركها حرة فقط.

وصل أمام غرفتها، نظر الشرطي النائم لبرهه و قام بإيقاظه ليوبخه.
- هل انت نائم حقا!، كيف ستقوم بمهمتك و انت كسول هكذا!، سأخبر رأيسك عنك، انك مهمل
ثم تركه و دخل الغرفة، وجد الغرفة هادئة مظلمة، قام بفتح الأضواء و نظر للفراش فوجده فارغ فأعتلته الدهشة التي سرعان ما تحولت لصدمة بعد ظهور سارة و هي تخرج من الشرفة و معها نيروز كرهينه بهذا السلاح الذي تمسكه سارة، إبتسمت له و قالت بإنزعاج.

- لا أعلم لماذا هي محظوظة هكذا، كلما أخطط لقتلها احدهم يظهر لأنقاذها، لكن ليس هذه المرة
قالت جملتها الأخيرة بإصرار، حاول عمار أن
يكون هادئا ليفكر دون تهور، قال بثبات
- دعينا نتحدث
- لا تقلق سنتحدث لكن بعد ان أقتلها
- ماذا ستستفيدين من قتلها!، لا شيء
- بل هناك شيء، بل هناك الكثير
و تابعت وهي تقسي قبضتها على نيروز لتتألم الأخيرة
- سأحصل عليك، و على مكانها في فراشك، و على مكانتها في قلبك و على..

- انكِ لن تحصلي على أي شيء من هذا حتى بعد قتلي
قالتها نيروز بسخرية رغم تألمها، صرخت بتألم حين دفعتها سارة لتسقط أرضا، فزع عمار و اتى أن يسرع لها لكن سارة حذرته بنظراتها و بتصويب السلاح على نيروز، لذا تراجع خوفا على الأخيرة، لكنه يدرك أيضا انه لا يجب.

عليه أن يظل واقفا هكذا حذرا من قتل سارة لها فقط، يجب أن يتصرف، حاول إخراج هاتفه أثناء انشغال سارة بإلقاء ما بداخلها من حقد و كره لنيروز، و ضغط على شاشة هاتفه دون أن يعلم بمن هو يتصل فعليا، لكن ما يهم ان يأتي أحد.

اوقف صفوان سيارته جانبا و ترجل منها، رسم على شفتيه إبتسامة و هو يتقدم من عائشة التي نهضت بعد ان كانت جالسة على الكرسي الخشبي و هي مبتسمة، توقف امامها و قد ظل صامتا للحظات، مرتبكا!، نظر حوله و قال
- اين السائق، هل غادر؟
- لا، إنه داخل السيارة ينتظر
اجابته بهدوء، فقال
- اجعليه يغادر، أنا سأوصلك
- لا داعي لذل..

لم تكمل جملتها لتركه لها و ذهابه للسائق، رفعت حاجبيها بدهشة حين وجدته يعود بعد دقائق و قد حرك السائق السيارة ليغادر، عاتبته حين توقف امامها
- لماذا جعلته يرحل، هكذا انت ستتأخر على اختك لإيصالي
- زوجها معها، لا تقلقي
غمغمت عائشة متفهمة، و ساد الصمت للحظات إلى أن قطعته
- لقد علمت كيف علم زوج ريهام بمكان اختك، لقد أخبره رئيس العصابة بذلك و لكن بطريقة غير مباشرة
- حقا!، و لماذا يفعل ذلك؟
- لا أعلم.

اومأ صفوان برأسه متفهما و ساد الصمت مرة اخرى و طالت نظراته لها فإضطربت، اخذت تلعب بأصابعها و فجأة هتفت لتنهي هذا الصمت المتوتر
- حسنا، لماذا أردت رؤيتي؟
- أردت أن أشكرك، فقط
إبتسمت عائشة و قالت ببساطة
- لا داعي لذلك، لقد فعلت ما كان يجب علي أن افعله
تنهد ثم أخذ يتحدث و هو لا يعلم لما يخبرها بذلك، أو قد يعلم!
- لقد كنت خائف حقا، لقد شعرت للحظة بأني طفل و انا أحاول أن اتماسك و أن أواسي نفسي و اطمأنها.

صمت لوهلة و هو يتعمق في النظر لحدقتيها لعلها تشعر بما يشعر، لعل يصل لها طلبه
- لقد شعرت للحظة ايضا اني أرغب بأحد بجانبي ليمدني بالقوة، رغبت بعناق!
انهى قوله مع تلاشي صوته و حدقتيه تفضح امره، هزت عائشة رأسها متفهمة و هي تبعد نظراتها عنه بشيء من الخجل!، تنهدت بقوة و همست
- أفهمك
- لا، انتِ لا تفهمين
قالها سريعا و بعتاب، عادت لتنظر له و ضحكت بخفة، هزت رأسها و تمتمت
- هل تريد عناق!

لم يجيبها، فقط إبتسم و هو مازال يعانق نظراتها، مسحت وجهها بكفها سريعا و تمتمت و هي تقترب منه و تعانقه
- كم انت عنيد
إتسعت إبتسامته و بادلها العناق، اخذ يشم رائحة
شعرها الذي يفضلها، ظلا متعانقين إلى أن تعالى رنين هاتف صفوان في جيبه فأبتعد عنها ليخرجه و يرى من المتصل فوجده اتصال من عمار، فأجاب
- ماذا...

توقف ليستمع لما يقال في الجهه الأخرى و قد عقد حاجبيه مسائل بحيرة بداخله ما هذا؟، إتسعت حدقتيه بفزع حين قال عمار للذي امامه
- اتركي السلاح يا سارة، أن قتلك لنيروز لن يفيدك
- ماذا هناك؟
سألته عائشة بخفوت قلق، فنظر لها و قال بريبة
- سارة هناك، عند نيروز
- ماذا؟، أليست هذ...
لم تكمل استنتاجها لتلحق بصفوان الذي اسرع لسيارته، صعدت بجانبه و سألته و هي ترتدي
حزام الأمان
- هل اتصل بالشرطة؟

لم يجيبها، أدار المقود و قاد السيارة بأقصى سرعة.

- إذ لم تتركيها...
اكملت سارة قول عمار السابق بدلا منه
- سأفعل ما لن يعجبك، أليس كذلك؟
ضحكت عندما انتهت، كور عمار قبضته بغضب و اتخذ خطواته للأمام، حذرته بقولها
- سأطلق عليها إذ اقتربت أكثر
- توقف، قد تفعل ذلك حقا
حذره الشرطي الذي أصبح بينهم منذ دقائق بعد شعوره بشيء مريب داخل الغرفة، لكنه لم يستطع فعل شيء إلا ان يوجهه سلاحه على
سارة ليهددها و يأمرها بأن تنزل سلاحها لكنها لم تخضع.

لم يكترث عمار و اسرع في خطواته لتصبح نيروز خلال ثوان بين ذراعيه يحميها، نظر لسارة بتحدي و قال بحزم
- أطلقي الآن
- ماذا تفعل؟!
سألته نيروز هامسة بتعب، فنظر لها و إبتسم لها فقط ليطمأنها، عاد ليوجهه بصره لسارة التي سخرت
- هل تعتقد أنك هكذا تحميها!
- نعم، هذا اعتقادي
صمتت سارة للحظات بعد قول عمار، قم إبتسمت بجفاء و هي تقول
- لقد خطر على بالي فكرة جيدة، نهاية عظيمة، سأقتلك كما ترغب، و سأقتلها، ثم سأقتل.

نفسي و هكذا سيكون قد مات مثلث الحب، إنها نهاية عادلة، تتفق معي؟
اجاب ببغض
- لا اتفق، فهذه ليست نهاية عادلة لكِ، ان الموت ليس عقاب كافي لأمثالك
ضحكت بتهكم، ثم حركت رأسها يمينا ثم شمالا و قالت و هي تسحب مطرقة السلاح بأصبعها للخلف فيصبح جاهز للإطلاق
- ابدء بمن؟، بك أم بها؟
- ستقتلنا حقا
همست بها نيروز بصوت مرتجف لعمار الذي نظر لها و إبتسم، همس لها أيضا
- الا يكفيكِ أن نموت سويا!
- عمار!

نطقت بإسمه بإمتعاض و عتاب، ضحك ثم لمس وجنتها بأصبعيه و هو يهمس لها ليطمأنها برغم
عدم يقينه بذلك
- سيلحق بنا احدهم، لا تقلقي
- هل انتهيتما من توديع بعضكما؟!
سخرت سارة بنبرة حادة، تمسكت نيروز بعمار و طبقت جفونها بقوة، صوبت السلاح على نيروز، فهتف عمار
- اقتليني انا أولا
و كأنه لم يتحدث، لم تنظر له حتى، قالت سارة قبل أن يدوي صوت طلق النار
- لن أشفق عليكِ يا نيروز.

توقف الزمن فجأة، و عاد، و ظل الهدوء عامم و لا يقطعه شيء الا صدى صوت الطلق الناري، تساءلت نيروز بسذاجة، لماذا لا تشعر بالألم؟، هل صعدت روحها بهذه السرعة؟، ام ان الطلق قد إتجه ل...
لم تكمل التفكير و فتحت عينيها بفزع لتنظر
لعمار بريبة، صرخت و لا تعرف كيف أتتها تلك القوة لتصرخ!
- عماااار!
تجمعت الدموع سريعا في مقلتيها و قبل أن تسيل وجدت عمار يرفع رأسه و ينظر لها، حدقت به و حدق بها، قالا في نفس الوقت.

- هل انت بخير؟
التفت عمار برأسه لينظر لسارة فوجدها ملقا على الأرض و الدماء اسفل رأسها!، همست نيروز بريبة
- كيف هذا؟!
نظر عمار للشرطي الذي سألهم
- هل انتم بخير؟
ادرك عمار أن الشرطي هو الذي أطلق النار على سارة فقتلها، نقل نظراته لصفوان الذي اقتحم الغرفة و قد هربت الدماء من وجهه من
كثرة الخوف و قد كان يلهث.
تنهد صفوان براحة حين وجد نيروز سليمة، و كاد أن يبكي، ربتت عائشة على كتفه و همست بجانب اذنه.

- انها بخير، الحمدالله
نظر لها و اومأ برأسه.

اليوم التالي
في المستشفى
حرص عمار و صفوان وقد حذروا نيروز على عدم اخبار و معرفة عائلة الطرفين بما حدث حتى لا تتوتر الأجواء اكثر، لذا حين أتوا ليروا نيروز أخذهم صفوان و حاول أن يشغلهم إلى أن يغادر المفوض و رجال الشرطة من عند نيروز
.
خرج المفوض من غرفة نيروز و خلفه عمار، أمر المفوض رجاله بأن ينتظراه بالأسفل، سأل عمار المفوض ليستفسر
- ماذا سيحدث الآن في جثة سارة؟، و الشرطي ايضا ماذا سيحدث له؟

- لقد أعلمنا والدها بما حدث و قد استلم جثتها بالفعل
و اردف
- لا تقلق بشأن الشرطي فهو لن يضر لأنه كان مضطر لفعل ذلك لحمايتكم، هذا احتمال كبير
غمغم عمار براحة، ثم مد يده ليصافح المفوض
- شكرا لكم
هز المفوض رأسه و صافحه، ثم غادر، فأخرج عمار هاتفه و ارسل رسالة لصفوان ليعلمه انهم غادروا، و عاد لنيروز.
حين دخل الغرفة وجد نيروز تحاول النهوض فأسرع لها و هو يهتف
- ماذا تفعلين؟

نظرت له بإنزعاج و عادت لتجلس على الفراش، توقف بجانبها و سألها مرة أخرى
- ماذا هناك؟، لماذا هذه النظرات؟
رفعت حاجبيها و هي تقول بحزم
- نحن لم نتحاسب بعد
ضحك عمار و قال
- انتِ و أخيكِ!
- ماذا تقصد؟
سألته بحيرة، تلاشت إبتسامته و هو يمسك بكفها، اعتذر
- اسف
اخفض رأسه و ابعد بصره عنها و هو يتابع
- كل ما حدث لكِ و كل ألم سببته و كل حظ
سيء و خطر و اذى الحقته لكِ، اعتذر لأجله
حدقت به، بينما تابع حيث اخذ يذم في نفسه.

- ادرك اني زوج سيء، لا أصلح لكِ بل لا استحقك، لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء و قد عاملتكِ بقسوة لكن رغم ذلك انتِ ظللتِ متمسكة بي، متمسكة بحبنا الذي انا ضحيت به و اوصلته للهوية أكثر من مرة
تنهد و أضاف بإستياء
- لذا اتوقع بعد كل ما قمت له انا، ستطلبين الطلاق، لكن رغم ذلك سأحاول أن اتمسك بكِ هذه المرة و اتسول اليك إذ لزم الامر، لا أريدكِ أن تتركيني.

قال جملته الأخيرة و هو يعيد نظراته لها، و ساد الصمت لدقائق، اخفضت رأسها و هي تمتم بإنزعاج
- لم أطلب منك الطلاق سابقاً إلا مرة و بتردد،
هل سأطلبه الآن!
نظرت له بضيق و تابعت بإنفعال خفيف
- اتفق معك في كل ما قلته انت في حق نفسك، انت قد اذيتني و انت لا تستحقني
تنهد بقوة و جذبته ليجلس على الفراش، اردفت
- هل تعلم لما سامحتك؟، لما تمسكت بحبي لك على عكس ما فعلت انت!، لقد فعلت ذلك لأني وعدتك.

عقد حاجبيه، فإبتسمت بسماحة و تابعت
- ليس من الضروري أن يكون وعدي لك قد نطقت به شفاهي، قد يكون من القلب، نظرات عينينا، لمسات يدينا
شابكت اصابعها بأصابعه و تعلقت النظرة بالنظرة أثناء متابعتها
- اتعلم، كنت انظر ليدينا المتشابكة و أقول بداخلي أن يدي لن تترك يدك أبدا سيظلا
متشابكتان، و قلبي الذي تعهد بحبك و تفرغ لذلك
قبل ان تكمل قال عمار بهيام
- منذ متى و انتِ تتحدثين بهذه الطريقة الشاعرية!، لقد تأثرت حقاً.

اومأت نيروز برأسها برقة و تمتمت بتباهي
- ألم تكن تعرف أم ماذا!
- يبدو أن هناك الكثير الذي اجهله
و أضاف بخبث
- و سأكتشفه حين نعود لمنزلنا
ضربته بخفة على صدره، فضحك و شاركته ذلك، توقفت و سألت
- كيف حال قدمك؟!
- تحتاج قبلتكِ
- عمار!
هتفت نيروز بإنزعاج و خجل، فقهقه بإستمتاع..

و حين انتهى تنهد بقوة و هو ينظر لشفتيها، اقترب منها و قبل أن تلامس شفتيه شفتيها فتح الباب فأنتفض عمار بفزع و توتر و شعرت نيروز بالخجل، فضحكت أسماء و غادة الذين رأوا ذلك، بينما نظرت ميساء و والدة نيروز بإستغراب و حيرة لضحكهم المفاجئ.

وصل صفوان لفيلا صفا و إتجه لمكتب الأخيرة، رحبت به صفا و سألت عن حال أخته نيروز و تحدثا قليلا عن الأمر ثم اصبحا يتحدثان عن العمل رغم أن صفا كانت تفضل تأجيل ذلك لأن صفوان متعب لكن الأخير أصر أن يتحدثا عن العمل، و بعد أن انتهيا طلب صفوان مقابلة عائشة فسمحت له صفا، و قبل أن يغادر غرفة مكتبها اخبرته.
- أن عائشة مصرة أن تتم الخطبة التي اخترعناها انا وانت، ماذا سنفعل؟
- سأخبرها بالحقيقة.

صعد صفوان درجات السلم و هو يحاول ترتيب كلماته، وصل أمام غرفتها و طرق بعد لحظات ثم دخل دون أنتظار الأذن، توقف لبرهه لينقل نظراته حوله فلم تجدها، قبل أن يتساءل ظهرت و هي تخرج من المرحاض و قد كانت تلف منشفة صغيرة حول شعرها الأحمر المبلل فأدرك انها كانت تستحم فشعر بالحرج، سعل بخفة لينبهها انه في الغرفة.
- ما هذا؟، منذ متى و انت هنا؟
تساءلت عائشة، فأجاب صفوان
- الآن.

اومأت برأسها و اكملت خطواتها لتصل لمنضدة الزينة، سألت
- هل كنت تريد شيئا؟
- نعم، اردت أن أتحدث معكِ
- بماذا؟
استفسرت و هي تزيل المنشفة، حك جبينه ثم قال بجدية
- سأنتظركِ في الأسفل، حين تنتهي الحقي بي
نهضت سريعا أثناء قولها
- لا انتظر، تحدث هنا، و الآن
- و شعركِ!
- في وقت لاحق
غمغم بهدوء و ساد الصمت، قالت
- الن تقل ما اتيت لقوله؟، اذا لأخبرك، لقد طلبت من والدتي أن أذهب لأقبل...
قاطعها بجدية
- أتيت لهذا الأمر.

- حقا!
دهشت، ثم اقترحت
- ما رأيك أن تأتي معي؟، حين اذهب لأقابله
- هل تريدين حقا أن اتي معكِ!
- نعم
تعمق صفوان في النظر لها، ثم قال
- إذ قلت لا تذهبي!، لن تذهبي؟
- لماذا لا اذهب؟
سألته بحيرة، فأتى أن يجيبها
- لأن...
لكنها قاطعته
- سأذهب حتى إن قلت لا تذهبي
رمقها بضيق، و سأل مباشرةً
- هل انتِ متحمسة لمقابلته لترفض طلبي!
- نعم
اجابته بصراحة، فسألها بحنق
- هل تحاولين اغاظتي؟
- لِما أفعل ذلك؟!

قالتها ببراءة مسالمة، فضغط على قبضته و هو يرمقها بحنق و غضب استدار ليغادر فأسرعت بقولها
- هل تريد مني ان اضيع فرصة أن أقضي معك بعض الوقت؟
توقف لوهلة ثم استدار، اضاق عينيه و سألها
- من أين علمتِ؟
- سيدتك اخبرتني عن خططك
إبتسمت و أضافت بإعجاب
- اعجبتني فكرتك، كانت ستكون مثالية بالنسبة لي، لكن ماذا سنفعل!، لقد كشفت
هز رأسه بأسف و ابتسم، اتخذ خطواته اتجاهها إلى أن توقف امامها، قال.

- إذا من الجيد اني احضرت هذا
و اخرج من جيبه علبة قطنية، فضحكت عائشة
و تمتمت بعدم رضى
- جيد، لكن هناك شيء سيكون أفضل
- ماذا هو؟
عقد حاجبيه أثناء تساؤله، فعبست و لم تجيب، استدارت و جلست امام منضدة الزينة و قالت بإقتضاب
- أنسى الأمر
ظل واقفا يفكر، و إتجه للباب حين قالت
- هل ستغادر أم ستظل واقفا!
نهضت لتغلق الباب خلفه، وجدته يضع قدمه ليعيقها من إغلاقه، نظرت له فإبتسم و همس
- احبكِ، هذا ما أردتِ سماعه!

فإبتسمت له.

بعد مرور أسبوعين، في عصر اليوم
في فيلا أحمد فريد
دخل عمار المطبخ بخطوات خفيفة ليصل لنيروز التي كانت واقفة تقطع الخضراوات، عانقها من الخلف فجأة مما افزعها، عاتبته
- حرام عليك يا عمار، افزعتني
قبل وجنتها بقوة و اعتذر، ثم اردف
- لا أعلم لما تصرين على طهي الطعام اليوم بنفسك
- كما تعلم أن امي لا تحب طهي الخدم و تشكك به، لذلك اطهي، هل تساعدني؟
عرضت عليه بلطف، فقبلتها مرة أخرى من وجنتها و تمتم
- بالطبع.

اخذ منها السكين ليقطع الخضراوات بدلا عنها بينما اتجهت هي لتقلب الحساء، سألته
- هل اخذت دواءك؟
- لا
كذب ليمازحها، فوبخته بجدية
- لماذا يا عمار؟، لماذا أنت معمل في صحتك؟، لماذا تشعرين انك طفل!
ضحك و قال
- اهدأي، كنت امزح، لقد اخذته
- انك زوج سيء
نظر لها بطرف عينيه و قال بخبث
- هل انتِ واثقة من ذلك؟
- لست واثقة
ضحكت و هي تجيبه.

بدأ الليل يسدل ستائره
تجمع الجميع حول السفرة و كان من ضمنهم ايضا عائشة، عائشة التي أصبحت فردا من العائلة الآن بإعتبارها خطيبة صفوان.
- كم أن الطعام لذيذ حقا
قالتها عائشة لنيروز التي إبتسمت بسعادة و قالت
- سعيدة لأنه اعجبك
- انا قد ساعدتها ايضا
فجأة هتفت ميساء بذلك القول، و اتبعها عمار بقوله
- و انا ايضا، لقد قطعت الخضراوات
ضحك الجميع، قالت أسماء
- تسلم يداكم جميعا
- هل حددتم موعد الزفاف؟

سألت نيروز عائشة و صفوان، فأجاب الأخير و هو ينظر لعائشة بحب
- قريباً جدا
ساد الصمت لدقائق، تنهدت غادة براحة قبل أن تقطع هذا الصمت بقولها
- و قد اجتمعنا جميعاً على سفرة واحدة، و قد مضت ايام الحزن، كم انا سعيدة حقا
وافقها الجميع، قالت والدة نيروز لأبنتها
- فقط ننتظر خبر من احدهم لتكتمل سعادتنا
إبتسمت نيروز بخجل، فقال عمار بدلا عنها
- قريبا بإذن الله
ثم نظر لنيروز و امسك بيدها فنظرت لها، سألها بلطف.

- الا تريدين طفلاً؟
- بالطبع اريد
ابتسم بخبث و اشار لها بعينيه إلى السلم، فوكزته بخفة و هي تتذمر
- عمار
فقبل يدها و اندمجا مع الأجواء العائلية السعيدة.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة