قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

حاولت مايا تجنب مهيب طيلة اليوم فلم تذهب الى مكتبه ولا حتى اقتربت منه، كانت شاردة فى افكارها فاذا بصوت مهيب يقطع شرودها وهو يقول:
لحد امتى هتهربى منى؟
رفعت عينيها اليه لتراه يقف على باب حجرة مكتبها متكئا عليه، يتأملها فى شوق، تنحنحت قائلة:
احم، أنا مش بهرب ولا حاجة، انت بس اللى بتهيألك.

اقترب منها حتى وصل اليها لينحنى أمام وجهها ويخلع عنها نظارتها الطبية ذات الاطار الأسود قائلا:
هنكدب من أولها؟
اضطربت مشاعرها وهى تواجه عينيه، تشعر بأنفاسه على وجهها، تمالكت نفسها بسرعة وهى تأخذ منه نظارتها لترتديها وتبتعد عنه قليلا قائلة فى توتر:
انا مبكدبش، أنا فعلا مبهربش منك أنا بتجنبك عشان مفتكرش اللى حصل انبارح ومخلينى مش عايزة أشوفك.

اعتدل وهو يعقد حاجبيه قائلا:
وانا عملت ايه يخليكى مش عايزة تشوفينى، وبعدين بتقوليها كدة فى وشى خبط لزق، هنت عليكى يامايا؟
قالت مايا بحدة:
انت اكيد بتهزر؟
قال مهيب:
لأ مبهزرش، انا عايز اعرف بجد أنا عملت ايه يخليكى زعلانة منى بالشكل ده؟
عقدت مايا ذراعيها امام صدرها قائلة:
جالك زهايمر مثلا ونسيت انك بوستن، .

لتقطع كلامها وهى ترى نظرة مهيب الخبيثة لتدرك انه كان يوقعها بالكلام، خاصة وهو يقول:
ما تكملى، نسيت انى ايه بقى؟هاتى اللى بعده؟فهمينى
قالت مايا بعصبية:
لأ ده انت بتهزر بجد، انت شايف ان ده وقت هزار؟
اقترب منها يمسك يديها وينظر مباشرة اليها قائلا:
خلاص ياستى نسيبنا من الهزار ونتكلم جد شوية.

أحست انها أسيرة عينيه وهو يستطرد قائلا فى عشق:
اللى حصل انبارح ما بينا، كان تعبير عن اللى بيحصل جوانا من فترة، عن مشاعر حاولنا ندفنها كتير بس فى لحظة خلاص معدناش قادرين
رفع يده يتلمس وجنتها بحنان قائلا:
أنا وانتى بنحب بعض يامايا، وخلاص حسينا بالحب ده ولازم نكون مع بعض لأننا مش ممكن نرجع زى زمان.

أفاقت من سحر عينيه لتبتعد عنه قائلة فى مرارة:.

لازم نكون مع بعض؟مع الأسف لسة أنانى يامهيب ومبتفكرش غير فى نفسك ومشاعرك وبس، اول ما حسيت بحبك لية قررت نكون مع بعض، ومش سائل فى مين ممكن ينجرح بارتباطنا، مراتك مثلا، بالظبط زى ما سألتش فية زمان، تعرف انا بحبك من امتى؟، من وانا لسة عيلة بضفاير، وقعت تحت تأثيرك ياابن خالى، وبقيت عايشة فى محراب حبك وانا مش داريانة، وشوية بشوية وكل ما كنت أكبر حبة كنت بعرف ان احساسى ده اسمه الحب، انا عايزة أسألك وتجاوبنى أنى خلاص تعبت، كنت فين انت وانا بتألم وبتعذب من تجاهلك لمشاعرى؟كنت فين وأنا بتقطع وانت بتقولى انك بتحب واحدة تانية وعايز تتجوزها، وكنت فين وانا بنهار وانا شايفة حبيبى يوم فرحه بيرقص ومبسوط بس مع واحدة غيرى؟فاكر لما تعبت وجالى انهيار عصبى، كنت انت السبب، فرحك السبب، ضياعك منى السبب.

كانت تصرخ بوجع وهى تقول جملتها الأخيرة حتى ان مهيب أحس بالصدمة من كلماتها، من كم الألم فى صوتها، من ادراكه لعشقها الذى أسرته فى نفسها منذ زمن بعيد، الى جانب ذلك الوجع فى قلبه هو لعدم ادراكه لذلك العشق قبل الآن، لتخرجه مايا من افكاره وهى تشهق من وسط دموعها مستطردة:.

تعرف كنت بحس بإيه كل ما تيجى تحكيلى عنها وتفضل تكرر اسمها أدامى؟، كنت بحس انك بتقطع فى قلبى بسكينة تلمة حتة حتة، كنت ببقى عايزة أصرخ ساعتها وأقولك اسكت، كفاية، مش عايزة اعرف حاجة يا أخى، مش عايزة، مش عايزة.

لتصمت مجددا لا تستطيع الكلام من وسط دموعها، لتترقرق الدموع فى عينى مهيب، يراجع بمرارة شريط حياتهما سويا، لقد كان أعمى القلب والبصيرة، لم يدرك مشاعر كليهما تجاه الآخر والتى تعود الى زمن بعيد، لم يدرك مشاعره مطلقا حتى شعر بالغيرة وخشى عليها من ارتباطها بآخر، ليخبره قلبه انه عاشق يغار على محبوبته ويرفض اقترانها بسواه، ان ما بينهما هو العشق، بآلامه وأفراحه وأشواقه، العشق فى أقوى صوره...

مسحت مايا دموعها قائلة فى جمود:
للأسف يامهيب، اتأخرت أوى، أوى، انت دلوقتى راجل متجوز يعنى خلاص مبقتش حر نفسك، بقى ليك بيتك ومراتك وبكرة يبقى عندك كمان أطفال.

لتصمت شاعرة بالمرارة لأن هؤلاء الأطفال لن يكونوا منها ويشعر هو بالسخرية من حاله، فديالا ليست تلك الزوجة التى تسعد زوجها بانجاب طفل منه، لتأخذ مايا نفسا عميقا وهى تستطرد:
انسانى يامهيب، انسانى وسيبنى أعيش حياتى اللى مش عارفة أعيشها بسببك.

نزلت دمعة منه أوجعتها وهو يقول:
انا فعلا كنت غبى وأنانى ومفكرتش غير فى نفسى وفى الوهم اللى كنت عايشه، ومشفتش حقيقة واضحة أدامى وضوح الشمس، بس طمعان تسامحينى يامايا، وعشان خاطرى متطلبيش منى أعمل حاجة مستحيلة، أنا مش هقدر أنساكى وفى نفس الوقت مش هقدر أكمل حياتى مع واحدة وقلبى مع غيرها، ده ظلم ليها قبل ما يكون لية، وخصوصا انى مش سعيد معاها من قبل ما اكتشف مشاعرى.

عقدت مايا حاجبيها قائلة:
يعنى ايه الكلام ده؟
قال مهيب فى تصميم:
يعنى انا هطلق ديالا يامايا.

قالت مايا بصدمة:
انت بتقول ايه؟
لمعت عيناه قائلا:
بقول اللى كان لازم أعمله من أول يوم جواز، هطلق ديالا وهتجوزك يامايا.

اتسعت عينيها من الصدمة وكادت ان تقول شيئا ولكنه وضع اصبعه على فمها قائلا:.

عشان خاطرى متتسرعيش فى الرد علية وعايزك تكونى متأكدة انى فكرت فى الطلاق من قبل ما اكتشف مشاعرى ليكى، يعنى انتى ملكيش ذنب فى اى حاجة، ولازم تعرفى بردو انى مش ممكن هسيبك ولا أبعد عنك، يعنى ياتستسلمى لقدرك وعشقك اللى هو أنا، يااما بردو هتستسلمى لنفس القدر والعشق واللى هو بردو أنا، فكرى كويس وردى علية، وانا هستناكى، لو عمرى كله هستناكى يامايا.

ثم طبع قبلة رقيقة على وجنتها وغادر الحجرة تتابعه عيناها فى دهشة وهى لا تستوعب حتى الآن كل ما يحدث.

دلفت وجد الى حجرة كارمن لترى ذلك المشهد الذى هز قلبها، كان ولدها الأكبر ينام بجوار كارمن، يحيط برأسها بذاع واحد بينما يمتد ذراعه الآخر بجواره، بجانبه طبقا به بعض الماء وقطعة قماش بيضاء لتدرك وجد أن أدهم قد سهر بجانب كارمن طوال الليل يسوى لها الكمادات، ابتسمت وجد بحنان لتغلق الباب وتقترب من أدهم بهدوء وتهزه برفق قائلة:
أدهم، اصحى ياابنى.

فتح أدهم عينيه بصعوبة ليرى والدته، ألقى نظرة على محيطه لينتفض عندما أدرك انه نام الى جوار كارمن من التعب وأن والدته قد شاهدته هكذا ليقول بارتباك:
أنا، انا، .
قاطعته والدته باابتسامة حانية وهى تقول:
كنت سهران جنبها بتعملها كمادات طول الليل ونمت من التعب، حنين ياحبيبى زى باباك بس ياريت متعملش زيه وتخبى حنيتك ورا قناع مش لايق عليك.

زفر أدهم بقوة وهو يدرك ما تحاول والدته أن تلمح اليه، ليقول بتعب:
أنا هقوم آخد شاور ياماما عشان أفوق وأروح الشغل، الظاهر انى اتأخرت
قالت وجد بحنان:
خد أجازة انهاردة ياابنى، انت شكلك تعبان
فرك أدهم وجه بيده قائلا:
مش هينفع ياماما، عندنا اجتماع مهم، انا هشرب قهوة وهبقى تمام متقلقيش.

نهض مغادرا الحجرة لتستوقفه كلمات امه وهى تقول:
متنساش تاكلك حاجة قبل القهوة ياابنى
ابتسم لحنانها قائلا:
هاكل ساندوتش
ثم نظر الى كارمن نظرة أخيرة لتقول والدته:
متقلقش، كارمن فى عينية
أخفض ادهم عينيه خجلا من ظهور مشاعره على وجهه ليغادر بهدوء، وهو يدرك أنه لابد وأن يفعل شيئا تجاه تلك المشاعر.

دلفت جورى الى الكافيتريا، تبحث بعينيها عن أيهم، وجدته يشير اليها مبتسما لتتقدم باتجاهه وهو يقف لاستقبالها، جلسا سويا لتقول هى على الفور وهى تحاول أن تتناسى وسامته القاتلة وتلك الابتسامة الرائعة:
ادينى جيت أهو ياأيهم، خير؟

قال لها فجأة:
بحبك
نظرت اليه بصدمة وقبل ان تتفوه بكلمة استطرد قائلا:
مش عايز اسمع كلام عن امتى وازاى حبيتك، انا نفسى مش عارف، كل اللى أعرفه انى من أول ما شفتك وأنا عرفت انك نصيبى، حسيت انك انتى اللى عايز اكمل عمرى معاها وكنت بدور عليها فى كل بنت عرفتها.

أفاقت من صدمتها على مشاعر غيرة اجتاحتها من كل فتاة عرفها ولكنها نحت تلك المشاعر جانبا وهى تقول بهدوء يخالف دقات قلبها الفرحة باعترافه لها ويخالف مشاعرها التى تدركها جيدا:
كلامك حلو ياأيهم وكان ممكن أصدقه لو مكناش لسة متعرفين على بعض من، .

قاطعها قائلا:
من يومين، مش عايزة تقولى كدة؟
أومأت برأسها ليستطرد قائلا:.

الكلام ده مش مظبوط، احنا اتربينا مع بعض، عارفين وحافظين بعض كويس، واكيد مشاعر بالقوة اللى انا حاسس بيها متولدتش فى يومين، أكيد كان فيه مشاعر بينا وانا محستش بيها غير لما شوفتك تانى، انا طول عمرى بحس ان ليكى مكانة فى قلبى يمكن عشان كنا اطفال انا مفهمتهاش بس كل اللى فاهمه ومتأكد منه انى لما شفتك فى الحفلة واتكلمت معاكى لقيت فيكى كل حاجة اتمنيتها فى البنت اللى هرتبط بيها، وقلبى قاللى انى مش هقدر ابعد عنك وان اسعد يوم فى حياتى يوم ما تقبلينى شريك لحياتك.

نظرت اليه جورى لا تصدق ما يقوله، ان ما يحدث الآن حلمها الذى ظلت تحلم به لسنوات ولكنها لم تتخيل أن يتحقق أبدا أو ان يكون بهذا الجمال، فها هى مشاعرها لها صدى بقلب حبييها، ولكنها خائفة، وقررت ان تخبره بمخاوفها ربما تنتظر منه وعدا بالأمان او كلمة تنهى بها تلك القصة قبل أن تبدا لتقول بتردد:.

انت فكرت كويس فى اللى بتقوله، آخد بالك بالفرق الكبير ما بينا، انا جورى بنت نوال الدادة اللى لا يمكن والدك يوافق عليها
ابتسم ايهم فكلام جورى يعنى انها هى نفسها لا تمانع وانما تخشى رفض الآخرين لها ليقول بحنان:
معتقدش بابا يهمه الكلام ده ياجورى، الاهتمام بالفروق الطبقية، بتهيألى كان زمان مش دلوقتى.

قالت جورى بحزن:
يبقى انت اللى مش عارف باباك، او عشت برة زيادة عن اللزوم وده خلاك تنسى ان اهم حاجة عند الطبقة الراقية هى انهم يناسبوا من نفس مستواهم
أمسك يدها قائلا:
ولو افترضنا اعتراضه ياجورى، انا مستعد أقف أدام العالم كله واقولهم انك حبيبتى وانى متمسك بيكى لآخر يوم فى عمرى بس لو احس للحظة، لحظة واحدة، ان فى قلبك مشاعر من ناحيتى، مشاعر شفتها فى عنيكى وحاسسها فى رعشة ايديكى تحت ايدى دلوقت.

سحبت يدها بخجل ليمدها اليها مجددا دون ان يلمسها، وهو يبتسم قائلا:
ايدى أهى ممدودالك لو مسكتيها يبقى قررتى تكملى معايا لآخر الطريق بس لازم تكونى متأكدة انك لو قررتى تمسكيها انى مش هسيبها لآخر لحظة فى عمرى، يعنى هتكون مسكتك لإيدى وعد منك انك هتكونى معايا لحظة بلحظة لآخر نفس، وانك هتواجهى اى حاجة واى حد يقف فى طريق سعادتنا، ها، قلتى ايه؟

نظرت جورى الى يده الممتدة اليها بحيرة فأمامها حبيبها، حلمها المستحيل يدعوها اليه، يدعوها لأن تستسلم الى العشق، مستعدا لمواجهة العالم من اجلها، تعلم انها ان وافقت ستندلع الحرب، فهل هى على استعداد لخوض تلك الحرب معه ام انها أضعف من ذلك؟، نظرة واحدة الى عينيه جعلتها تدرك شيئا واحدا، أنها له ولن تكون لغيره أبدا، إما هو أو لا أحد، لذا ظهر العشق والتصميم بعينيها ليبتسم أيهم وهو يشعر بموافقتها لتمد يدها وتمسك يده برقة قائلة:.

معاك ياأيهم، معاك.

لتتشابك أصابعهم فى عشق وجورى تعترف بمشاعرها التى اخفتها طويلا بقلبها قائلة:
بحبك ياايهم، بحبك من زمان اوى، ولآخر نفس فية هفضل معاك ومستحيل اسمح لحد يفرق ما بينا
قال أيهم بفرحة طاغية:
قلبى كان حاسس والله، يلا بينا على مامتك اطلبك منها حالا
ابتسمت قائلة:
مش هينفع.

عقد حاجبيه فى تساؤل لتستطرد قائلة:
لازم اهلك يعرفوا الأول، كلمهم ياأيهم واقنعهم، لازم ييجوا معاك والا ماما مش ممكن توافق ابدا على ارتباطنا، انت ناسى انها مرت بنفس التجربة وفشلت، ناسى اد ايه اتعذبت من رفض اهل جوزها، اكيد ماما مش هتحب انى اعيد نفس التجربة، ومادام انت واثق انك تقدر تقنع والدك ووالدتك يبقى نعمل الأصول ياأيهم.

ابتسم ايهم قائلا:
معاكى حق، تعالى هوصلك واروح أفاتح اهلى فى الموضوع، واكيد هقنعهم وهنيجى نطلبك ياجورى، كلنا، كلنا ياحبيبتى
كان يقول كلماته بثقة حاول بثها فى قلب جورى ولكن كلماته رغما عنه خرجت مهزوزة تنبع من خوفه من رفض والده الذى يعلم انه رغم طيبة قلبه الا انه يتمسك بأشياء قد عفا عليها الزمن، لكنه كما قال لجورى سيدافع عن ذلك العشق وذلك الارتباط حتى آخر نفس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة