قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث والثلاثون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث والثلاثون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث والثلاثون

قالت بغضب، وهي تهب فيه بانفعال.
- واكثر من قرف.
ثم تابعت بوجع.
- قائلة بعتاب له. لما حضرتك تتعمد انك تهني وتوجعني بالطريقه دي.
- انت ليه خبيتى خطوبتك. وكأنك عملتى حاجه غلط عايزه تداريها.
- اخبي او ادري دى حاجه تخصني لوحدي. متخصش حد تانى.
قال بعتاب لها، وهو حزين بشدة من تهميشها له.
- هو انا بقيت حد في حياتك.
قالت بقسوة، وهي تتجاهل نبرة الحزن الواضحة في صوته.

- كل اللي يجمعني بيك يا مستر اديم هو الشغل مش اكثر.
قال بذهول، وهو مصدوم من كلامها بشدة.
- شغل!
- اه شغل هو في حاجة تانية.
- لا مافيش حضرتك. بس انتى اللي كنت بتهتم اوي. حتى تفاصيل حياتى حفظاها.
- غلطت وبصلح الغلط اللى كنت بعمله.
- وايه تانى حضرتك؟
قالت بصرامة. وهي تضغط على حروف كلمة بشدة ؛ لتجعله يعانى ولو بالقليل من الوجع الذي تركه بداخلها.

- لو سمحت حضرتك ماسمحلكش تقول على شخصى كده او تعيب في اخلاقي. انا مستحيل ابوص لحد تاني غير خطيبي ؛ لانه مالي عيني ومالي قلبي.
- وحضرتك فاكرة انى هعتذر عن الكلام اللى انا قولته.

- وانا ما طلبتش من حضرتك اعتذار انا بس كنت عايزه اوضح ليك اني مبسوطه مع خطيبي وبحبه. وعن اذنك. قالتها بكل ادب، وثم انصرفت من امامه. بعد ان لقنته درس في الاحترام والتقدير غير طبيعى، وتوضيح له بانها تعشق خطيبها، واذا كانت اهتمت به فهذا كنوع من العمل، كما وصفت علاقتهما بانها عبارة عن عمل، ولا يجب عليه ان يخترق قوانين حياتها ايا كانت الاسباب، فنسمة اصبح لها شريك، يشاركها الاحزان قبل الافراح، تقطع قلبه ويتمزق من حدتها وقسوتها عليه، هو يكاد ان يجن توا بشعر بانه اصبح غير طبيعى، فقدت فهمت الان اننى فقدتك، على اساس انك طوال العمر ستكونى معى، مع الاسف لم تحبينى ابدا مثلما كنت تتدعى، ارجوك عودى كما كنتى معى، فالحياة متعبة من دونك وقاسية، فلسانك اصبح فخا لى في جرحى ووجعى، انت دمرتينى ايتها الظالمة...

اما هي فجلست على مقعد مكتبها، وكانها تجيب عليه...
انا من دمرتك واين انت في ذلك، كنت كل شىء بالنسبة لى، لكن انا لا شىء بالنسبة لك...
من قال لك ذلك فانت.
-...

لماذا صمت الان، لا يوجد لديك رد فورود كل شىء، تمسك دموعها اجبارا، وضعت يدها على قلبها تساله، قل لي يا قلبي كيف خنا وعدنا، واحببنا من لا يستحق حبنا، كيف نسجنا احلام لم تكن من حقنا، وصدقنا وعود كانت مزيفة في طريقنا، اه يا قلبي، الحب لا يريدنا، لو استمريت في حبه ساصبح جثة هامدة، سارحل لكن كيف، ابكى يا قلبي قبل دموعى، ربما تريح ولو القليل من همك، لكن اصمت حتى لا يسمع احد المك ووجعك، وياتى العدو والحبيب يشفق علينا، ابكى في داخلك بصمت كما اعتدت انا في حبى المزمن، حتى لا يشمت فينا احد، يكفينا ما يحدث توا.

استيقظت من النوم بجوارها، رفعت الغطاء عنها، ونزلت اقدامها على الارض، وبعد ان اعتدلت عدلت الغطاء عليها بهدوء، كانت تنظر لها وهي نائمة في سبات عميق، لقد حزنت عليها جدا، عندما راتها بتلك الحالة التي لا ترضى العدو او الحبيب، حتى الكافر لا يطيق ذلك المنظر الموجع، كانت تصرخ وتصرخ، وتضع يدها على اذنها، وكأنها تسمع اشياء تخيفها، فتحاول بكل الطرق ان تمنع عنها الكلمات الموجعة، تسال نفسها ما الذي فعلته لها امها، جعلها تفعل ما فعلته ليلة البارحة، وما هو سبب الخلاف الذي بينها وبين زوجها، هما اصدقاء وحبايب، لكن في تلك الازمة لم تخبرها بكل التفاصيل مجرد قشور ليس اكثر، دعت لها ان تقوم بالسلامة ويفك الله كربها، وتركتها تستسكمل نومها في هدوء وسكينة، ذهبت الى غرفتها وتوضات في المرحاض، وادت فرضها بايمان وخشوع، وبعد ذلك بدلت ملابسها، وذهبت لتمارس رياضتها المفضلة، حتى تحافظ على رشاقتها وجمال بشرتها، وهي تترجل الدرج بهمة ونشاط، طرق جرس الفيلا فذهبت الخادمة لتفتح وجدت امامها كريم محمد النوار رحبت به بحفاوة، رد عليها ودلف الى الداخل وجد تلك الجميلة بملابسها الرياضية المثيرة، وشعرها النادى المشرق في جمالها، سلط انظاره عليها بكل حب واشتياق، لم ترتبك من نظراته الوقحة المصوبة باتجاهها، نزلت الدرج بكل قوة وشجاعة، ذهب اليها ووقف امامها ينظر اليها بلهفة وحب، لم تتغير فجمالها يزيد يوم بعد يوم، ضحكتك اللئيمه مازالت كما هى، وشعرك الناعم ثابت في مكانه وكأنه ارض خصبة، لم تتاذى من التغيرات المناخية، مهما يمر من الزمن مازال قلبه يدق من اجلها كلما رائها، انت الاغلال التي علقتها على رقبتى طوال السنوات الماضية، انت الاشتياق الذي عانيته مثل بحيرات الجبال، انت الارق الذي طاردنى في نومى كل ليلة، احترق واحترق واحترق واعيش لحظات اقرب من الموت في غيابك، ونارك تحرقنى وتحرقك ايضا، انت من يكفينى في الغابات التي لم ترى النور، انتى العمر الذي اضفته على عمرى، في البحار والزوابع المجنونة كنت ابحث عنكى بينهما، انت من تذوقت معها طعم الحب على يديها، لقد ختتمت على صدرى، وخباتك من عثرات الحياة، اين هي الارض، واين هي السماء، واين انا، لقد ضاع كل ذلك، واصبحت ملكا لشخصا اخر...

- قالت باستهزاء، وهي تقطعه من وصلة نظراته الحقيرة التي ليس لها اول من اخر. مبروك يا عريس.
- ومالك بتقوليها بسخريه كده.
- ولا سخريه ولا حاجه. اصلا غريبه واحد راح يتجوز وبنته كانت تعبانة.
قال بقلق، وعينيه تتسع بصدمة.
- هي مين اللى تعبانة؟
- هو انت عندك كام بنت؟
- تارا مالها اى اللى جرالها؟
- ما اعرفش.
هب فيها بانفعال.
- قائلا بنفاذ صبر. صافى بطلى لف ودوران ايه اللى جرى مع بنتى؟

- هو حضرتك فاضي تعرف بنتك تعبانه ولا كويسه. ما انت بتفكر في الجواز، يمكن تكون بتفكر انك تخلف. صحيح انك بجح.
- قال باستفزاز لها، فهو يريد ان يغيظها. وانتى مالك محروقه اوي كده
ارتبكت من كلامه، ونظرات عينيه المصوبة باتجاهها، وكأنه فهم سر ضيقها منه. ولكنها لم تدع له المجال.
- قائلة ببرود مصطنع. وانا اتحرق من ايه؟ تولع انت وهى.
ضحك بسخرية في داخله عليها.

- ثم قال ببرود ليشعل غضبها. انا اسمح ليك تغلطي فيا عادى واعديها بمزاجي. لكن انك تغلطي في حبيبتي ده بقي مستحيل.
حزنت من كلامه بشدة، خاصة انه متعمد ان يجرحها بالحديث.
- قائلة بغيرة. هي اوام كدة بقت حبيبتك.
- واكتر من كدة كمان.
- فين بقى انا بحبك يا صافي. ما اقدرش اعيش من غيرك يا صافي. انا ميت من غيرك يا صافي صحيح انك ممثل كبير.
- لسه كل ده موجود بس انت اللي بعتى.
هبت فيه بانفعال شديد.

- قائلة بمرارة. بطل كذب بقى يا كريم انا مابقتش صغيره على الكذب ده.
قال بصدق، وهو ينظر لها بحب.
- صدقينى لو قلتلك انى لسه بحبك. والاكيد ان هو اكتر من الاول.
صرخت فيه بعنف.
- كفاااااااااااااااااااااايه.
ثم تابعت بامر.
- قائلة بسخرية شديدة، وهي تضغط على حروف كلمة جدو. اطلع شوف بنتك التعبانه بدل ما انت بتفكر في الجواز يا جدو
- جدو طب هعديها. هي حصل معاها ايه؟

- والله بقى السؤال ده تساله لمرات حضرتك. اللي واضح انها عملت لها عقده كبيره في حياتها.
قال باستفهام، وهو يضم حاجبيه باستغراب.
- عقدة ايه؟ وايه دخل شاهيناز في الموضوع.
قالت صافى ببرود.
- ما انا قلت ليك السؤال ده تسالوا ليها، ولا ليا ولا لبنتك.
تضايق من لهجة البرود التي تتحدث بها.
- قائلا بتوضيح. ما حدش قالك انك مستفزه.
- اول واحد زيك قالها ليا. بس عادي.
كان يريد ان يعرف ردة فعلها على زواجه.

- قائلا بفضول. لما سمعتى الخبر عرفتى تنامي.
لم تعطى له المجال ليشمت فيها.
- قائلة بلامبالة. وكاني ما سمعتش حاجه ما تتجوز كل يوم يا كريم. انت اصلا طلعت من حياتى من بدري.
حزن من ردها. ولكنه ماذا يتوقع منها ان تعترف بانها ظلت طوال الليل تبكى وتنوح على قراره ولم تغمض عينيها لحظة غير ساعتين فقط.

- قائلا بهمس، وهو ينظر في عينيها. واضح اوي ان انا طلعت. عينيكى فضحاكى. لسه زي ما انتى ماتغيرتيش. لسانك بيقول كلام وعينيكى فيها حاجة تانية.
- يا سلام ولو انا ما اتغيرتش لسه انت بتجري في عروقك الستات مافيش حاجة بتملى عينك.
قال بهمس، وهو يرمقها نظرة عشق.
- مافيش الا ست واحدة اللى تملى عينى وهو انتى.
- مهما يعدي عليك العمر هتفضل خاين بتخطب واحده. و متجوز واحده تانية. وبتكلم واحده صحيح بجح.

- كل اللي انت قلتيه ده حقيقي. عن اذنك بقى اروح اشوف بنتي. قالها باستفزاز. وتخطاها وذهب الى ابنته.
قالت صافى بغيظ منه، وهي تلتفت له، وهو يصعد الدرج في عجالة من امره...
- حيوان.
بعض الاشياء لا يمكن مسامحتها، والعشق والخيانة لا يبقيان في بيت واحد، لقد قطعت علاقتنا كالقطع بالسكين، لا يمكننا سماع دقات قلبنا مرة اخرى...
قل لى. الذي يرمى نفسه من الهاوية هل يمكنه ان يعود؟

قل لى. هل يمكن للطائر المكسور جناحه ان يطير؟
قل لى. ما الذي تبقي من هذا الحب؟
كم مرة سامحتك من اجل الحب؟
اه يا وجع قلبى، وحبى اللعين لذلك الخائن، انسانى، كما انا ساحاول فعل ذلك، انسانى، لكى لا تخذل التي بجانبك، الذاهب هو الخاسر، لقد ذهبت وخسرت، رجاء لا تقترب منى حتى لو مسافة مدينة...

بعدما انتهى من الميزانية، اخذ ملفها وذهب الى مكتبه، وجد نسمة على مقعد مكتبها، في عالم غير العالم تنظر الى ما لا نهاية، والحزن يخيم على اعماق قلبها، سائلة نفسها عدد لا نهائى من الاسئلة، ماذا فعلت حتى يهينها بتلك الطريقة الموجعة، قلبها اللعين مازال يعشقه ويدق من اجله...

تركها زين ودلف الى مكتب اديم، نفس المشهد الذي كانت فيه نسمة من دقائق، هو نفسه اديم تائه ضائع ويتنهد بحزن يتذكر كل كلامها الموجع له، نادى عليه زين بهدوء، نظر له اديم وعينيه كلها عتاب وحزن. قال زين بقلق، وهو يجلس قبالته على مقعد مكتبه.
- ما لك يا ابني.
قال بكذب، وهو يتنهد بحزن.
- مافيش متضايق شويه.
- وايه اللي دايقك. الاجتماع كان ماشي كويس.
- لا مش الاجتماع اللى مضايقنى. اصل تارا تعبت امبارح.

قال بقلق، وهو يقوم من على مقعده بخوف.
- تارا ايه اللي حصل لها.
- حالتها كانت غريبة امبارح. بقولك ايه سيب الشغل وروح اطمئن عليها.
اردف بعجالة.
- قائلا باستعجال. دى اكيد. انا عملت الميزانيه وريح اشوفها.
- تمام.

وضع ملف الميزانية على مكتبه، وفتح باب المكتب وركض اليها، تارا بالنسبة له ليس مجرد زوجة تزوجها، وانجب منها فهى حياة كاملة عشها معها، وتعرف من خلالها على السكن والود والنبض والدفء والحنان، لا يجوز ان يقول انها شىء، فهى روح وجسد يجعله ينبض حتى الان، هي كل شىء في حياته، اليوم من غيرها لا يكتمل، يعترف انه كان قاسى عليها في السنتين الماضتين، ولكنه كان مجبر على ذلك عندما رائها مع شخصا اخر، ولكنه عندما اكتشف الحقيقة خجل من نفسه بشدة، وقرر ان يعاملها بافضل طريقة حتى يعوض معاملته القاسية عليها، يا من يتساقط الحب من هوائها ومائها، لدى حبيبة بلون الورد، لو وهبونى الدنيا بكل ما فيها، لن يكون بقدر قيمتك، حبها الذي يرن في روحى، اسمعها في كل صوت، تلك الروح التي حبها يدوى في داخلى، استنشقها في كل نفس، انت عشقى الاول والاخير والروح التي اعرفها، حبيبتى الوغية، عندما اتقاسم همى معك، تساعدينى على تخطى الازمة، فانت هبة عمرى...

كان يقود السيارة بسرعة جنوينة، كان في كل مرة يتعرض للحادثة ولكن الله سترها عليه، وفي الاخر وصل الى بيت اديم، رن الجرس باستعجال، فتحت له الخادمة، سال عليها الخادمة، اخبرته انها مع والداها في غرفتها، ركض على السلم فورا، طرق على باب غرفتها، ودخل لها كانت جالسة مع والداها في حضنه على السرير...

عندما رائه امامه، سلم عليه باحترام. ثم تركهما سويا للحديث معا، بعد خروجه جلس بجوارها على السرير قال زين بحنية، وهو ياخذها في حضنه بلهفة.
- ايه اللى جرى يا حبيبتى.
اردفت تارا برقة.
- قائلة بتوضيح. الحالة مع الاسف رجعت امبارح.
قال باستغراب، وهو يخرج من حضنها.
- طب ليه ماكنتى ماشية كويسة.
- انفعلت غصب عنى.
- تارا ما تيجى نغير جو.
- جو ايه انا تعبانة.
- ما هي حالتك النفسية هتفضل كدة لو ماسفرتيش.

- حضرتك بقيت دكتور.
- طبعا وشايف احنا نسافر فرنسا مع اديم.
- انت كمان اختارت البلد. طب البنات ومدارسهم.
- طبعا هيجوا معانا. واذا كان على المدارس تتاجل كام يوم.
- هي فكرة كويسة بس اكلم الدكتور.
- كلمى ورايه هيكون من راى.
- بابى هيتجوز.
قال بعدم فهم، وهو يرفع حاجبيه باستغراب.
- بابى مين.
- بابى انا يا زين.
- ليه هو عرف حقيقة مامتك.
- لا بس لقيته خد القرار دى فجاة.
- وانتى هتفضلى ساكتة عن حقيقة مامتك كدة كتير.

- مع الاسف اه.
- اللى تشوفى اهم حاجة تكونى مرتاحة.
- ايه اللى عرفك بتعبى.
- مين غيره؟ اديم.
- فضل طول الليل سهران هو وصافى على دماغى. وبعد كدة راح نام وهي نامت معايا.
- يا بختها صافى نامت معاكى وانا لا.
ارتبكت من كلامه.
- زين انت بتقول ايه.
- تارا احنا بقي عندنا بنتين.
هزات كتيفها ببراءة.
- قائلة برقة. مااعرفش دى طبع فى.
قال بحب، وهو ياخذها في حضنه.
- ودى حاجة تسعدنى.

لم تهتم ان تستاذن منه في الذهاب، وبعد ان انتهت من عملها، ذهبت الى منزلها دون ان تخبره برحيلها، فيكفى الى هذا القدر من الاهانة والتجريح فيها...
فتحت لها امها الباب، واعلمتها بوجود فؤاد في غرفة الصالون، ذهبت على الفور لتسلم عليه، عندما رائها سعد بشدة، خاصة انه ظل فترة طويلة لم يتقابلوا، من اخر يوم لهما وهي خطبتهما...
اردفت بترحاب به.
- قائلة بادب. وهي تدخل عليه. اهلا وسهلا يا دكتور.

- اهلا بيكى يا نسمة واحشتينى.
قالت بتردد، وهي تجلس قبالته على الاريكة.
- وانت اكتر.
- عاملة ايه في الشغل.
تنهدت بحزن من صدرها.
- قائلة بضيق. الحمد لله زفت.
- ليه ايه اللى حصل.
لا تستطيع ان تخبره بكلامه الجارح لها. فقالت له شيئا اخر.
- مستر اديم طالب منى اسافر معاى علشان الشغل.
بكل هدوء تحدث فؤاد.
- قائلا باستفهام. وانتى شايفة ايه؟
- بقي قليل الادب وبقى عنده قلة ذوق.

- ايه اللى خلاى كدة ما انتى بتقولى ان هو محترم وذوق جدا.
- راجع من السفر متغير بالكامل.
- عرف بخطوبتك.
قالت بايجاب، وهي ترفع حاجبيها باستغراب.
- اه عرف. بس ايه علاقتها بطريقته.
- ممكن يكون غيران مثلا.
هبت فيه بانفعال.
- قائلة بعصبية. انت بتقول ايه يا فؤاد هيغار من ايه. هو اصلا خاطب.
صمت قليلا ثم تحدث معها بحدة.
- قائلا بمكر. نسمة من يوم ما انخطبنا مالكيش سيرة الا على اديم.
- ما انت بتتكلم على مزرعتك وشغلك.

- اه بتكلم بس مش كل شوية اديم.
انصدمت من كلامه المهين لشخصها.
- قائلة بانفعال. انت مستوعب كلامك يا فؤاد.
- اهم حاجة تكونى انتى اللى مستوعبة.
-انا مابقتش هتكلم معاك في حاجة تانية تخص الشغل.
بكل وقاحة قال فؤاد بتمنى.
- يكون افضل لان حياتنا ماتستحقش كتر كلام على اديم.

رمقته نظرة ضيق ولم تعلق على كلامه. اول مرة تكتشف انها لم تكن تعرف فؤاد نهائى، فمن اول يوم في خطبتهما، هو بنفسه الذي طلب منها ان تتحدث معه في كل شىء، حتى التي لا تعنى لها فهى تعد ذو قيمة لديه، ولانها عفوبة جدا فتحت قلبها له، وبدات تكلمه عن العمل وحياتها، وكان معظم الكلام عن اديم وتعامله الراقي والطيب معها، لكن في ثوانى خرج من عبائة التحضر ونفر تماما الحديث عن ذلك الاديم، الذي اصبح يحتل كل الكلام معهما، اقتحمت امها عليهم الغرفة...

- قائلة باحترام. يلا يا فؤاد الاكل جهز.
اردف بادب.
- قائلا بصدق. تعبتى نفسك ليه يا طنط.
- تعبك راحة يا حبيبي هو انت كل يوم بتيجى ليكى.
قالت نسمة بادب وهي تنصرف من امامهما...
- عن اذنكوا هغير هدومى واجى.

ام هو توجه الى غرفة الطعام. وجلس على الطاولة، وبدا في تناول الطعام دون ان ينتظرها، هذا موضوع بسيط ولكنه كنوع من الاحترام والتحضر، ان ينتظرها ان تبدل ملابسها، مثلما فعلت دلفت اليه مباشرة بعد العمل دون ان تذهب الى غرفتها وتتركه...

(اليوم التالى)
دلفت اليه ببعض الاوراق ليمضى عليها، لم ينظر لها ولم يعلق على ذهابها دون ان تستاذنه، اخذ منها الاوراق بكل الاحترام وبداء بالامضاء عليها، كانت تريد ان تتحدث معه، ولكنها خائفة من ردة فعله، حيث انه اصبح في الاوانة الاخيرة ينفخا نارا، ولكنها حسمت امرها، وتمسكت بكل شجاعتها.
- قائلة بقوة. مستر اديم عايزة اتكلم مع حضرتك.
قال بعدم اكتراث، وهو لم يعرف راسه عن الاوراق.
- اتفضلى اتكلمى.

- حضرتك ماهقدرش اسافر.
قال بضيق، وهو ينظر لها على الفور.
- ليه ان شاء الله. مامتك تعبانة.
- لا الحمد لله هي كويسة.
تحدث بنبرة ساخرة.
- قائلا باستفهام. اومال ايه حضرتك؟
- خطيبي رافض.
ترك ما بيده بعصبية شديدة. وقام من على مقعده. ودار حول مكتبه. ووقف امامها.
- قائلا باستهزاء اكثر. خطيبك رافض.
- ايوا حضرتك فشوف حد تانى.
هب فيها بانفعال.
- قائلا بصراخ في وجهها. هو احنا بنلعب عنها.
ارادت ان تعاقبه على صراخه عليها.

- قائلة ببرود. غصب عنى اصله رافض.
نظر في عينيها ؛ ليخترق ما في داخلها.
- قائلا بهمس معاتب. هو انتى ليه اتغيرتى.
- فين اللى اتغيرت ما انا زى ما انا.
- انتى شايفة كدة.
- ايوا.
- نسمة انتى اتغيرتى ومن غير كدب قولى ليا سبب دى كله.
- مستر حضرتك مكبر الموضوع.
لم يعد يتحمل برودها وكذبها الواضح عليه.
- قائلا بعصبية. لم اقولك نسافر وحضرتك ترفضى يبقي ايه.
- بمنتهى البرود قالت بكذب. خطيبي رافض.

قال بغبظ، وهو يعض على شفتيه بضيق.
- اه خطيبك.
- وانا ماقدرش اكسر لى كلمة.
- لكن تكسرى كلمتى عادى.
- حضرتك صاحب الشركة لكن هو خطيبي وجوزى في المستقبل.
- ناقص تقولى هو كل حاجة بالنسبة ليا.
- لا هو مش ناقص لان دى الحقيقة.
- اممممم في حاجة تانية عايزة تضيفها.
- اتمنى من حضرتك تتفهمنى.
هب فيه بانفعال شديد.
- قائلا بعتاب. تعطلى شغلى ودى كله علشان حتة واحد.
لم تقبل اهانته في خطيبها.

- قائلة بحزم ممزوج بامر. ماتقولش على حتة واحد دى دكتور محترم. وخ
- وخطيبك ويمكن كمان يكون حبيبك.
- اه حبيبي زى خطبتك ما هي حبيبتك كمان.
قال بقسوة، وهو ينظر في عينيها بعشق.
- لا دى مش حبيبتى دى عمرى كله.
حزنت من كلامه، كأنه خنجر شديد احتل خلايا قلبها المحب له.
- قائلة بوجع. كويس ربنا يسعدك ويسعدها.
- خلاص خلصتى.
- خلصت اى حضرتك؟
- الهرى اللى كنتى بتقولى.
- انا ما بقولش هرى.
- اومال رفضك السفر معايا يبقي ايه.

- حضرتك بقولك خطيبي رافض الموضوع نهائى اعمل ايه.
- افسخى الخطوبة.
انصدمت من طلبه الغير متوقع نهائيا.
- قائلة باستغراب. افسخ خطوبتى علشان ايه.
- علشان الشغل.
- الشغل ما يعنيش ليا قد ما فؤاد يعنيلى.
- شوفتى انت ازاى متمسكة بى.
- اومال هتمسك بمين غيره.
- نسمة بطلى تعاندينى.
- طب حضرتك ماتشوف حد غيرى.
- واشوف ليه وانتى موجودة.
- مستر ماهينفعش.
قال بعتاب، وهو يرمقها نظرة ضيق.

- وتقوليلى ماتغيرتش. رافضة تيجى نكون مع بعص. نسمة انا...
- نكون مع بعض؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة