قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل الثاني عشر

رواية لعبة عاشق الجزء الثاني يسرا مسعد

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل الثاني عشر

سماء مكفهرة ورياح غير مستقرة وصباحا غابت عنه أشعة
الشمس كما غابت عروسه عن فراشه قام واغتسل وداخله دوامة أفكار ومشاعر متضارية وغاضبة كالإعصار على وشك الفتك بمن يقترب منه
بل والفتك بنفسه ترجل الدرج ورأى طفليه يجلسان إلى الطاولة المستديرة قرب الشرفة مكانه المفضل حيث ركن زوجته الأثير المطعم بزهورها.

فاقترب منهم فاكتشف جلوس الجدة برفقتهم تضاحكهما وتتبادل معهم الأحاديث الخافتة وهم ينصتون لها بوجه مشرق مما دفع حاجبيه للإنعقاد فهذا التناغم بينهم كان غريبا، بل كان فريدا من نوعه . رفعت أمه أنظارها فجأة وكأنما استطاعت فك شفيراته قالت بصوت هازیء:

- صباحية مباركة يا عريس، إلا فين عروستك ؟ أشاح جاسر برأسه فهو لا يدري بالضبط مكانها ولم يهتم، فالأرق
نال منه ليلة كاملة وعندما غافله سلطان النوم استيقظ بعدها بساعات قليلة ليكتشف اختفائها، تجاهل الرد على أمه وسار
ليجلس لجوار أطفاله وهو يبتسم لهم: - صباح الخير یا سلیم، صباح الخير يا لومی
ردت سلمى بنبرتها الطفولية: - صباح النور يا بابا، هتاكل، اعملك سندوتش ؟ ! توجت الضحكة عرش فمه المزموم دوما وداعب رأس ابنته
الصغير وقبله والتفت لسليم الصامت وقال: - مش تصبح علي بابا یا سلیم زى ما هوا صبح عليك زم سليم شفتيه فصار نسخته المصغرة العابسة تماما وقال بخفوت
- صباح النور

كانت أمه تراقبه وحاجبيها مرفوعان للأعلى ولقنته درسا أمام
أطفاله: - قبل ما تطلب من ابنك يصبح عليك أولى تصبح على أمك نظر لها جاسر وحملق بها ثم رفع كفها بعد برهة وقبله وقال:
- صباح الخير يا أمي جذبت سوسن کفها دون رد ووجهت حديثها لأحفادها: - ياله خلصوا فطاركم عشان تغيروا هدومكوا، بعد كده وتروحوا
التمرين فقال جاسر معترضا:
- هما مش هيرحوا المدرسة ؟

نظرت له أمه بطرف عيناها وقالت بتقزز لجهله مواعيد دراسة
أطفاله: - النهاردة السبت، المدرسة أجازة
تنحنح جاسر والتفتت لطفلته ليحثها على تناول الطعام فيما كان سليم يتناول كوب الحليب صامتا فتابعت أمه حدیثها المتبرم
بشأنه: - طبعا أنت بتروح الشغل ولا تدري ولادك بيعملو إيه في حياتهم ترجع بس آخر الليل يا تلحقهم يا ماتلحقهرمش، بس وقتها كانت أمهم معاهم، تقدر تقولي دلوقت مين هياخد باله منهم معايا، نعمات كبرت وأنا كبرت والغندورة بنت . . . . . .
عندها قاطعها جاسر بصوت محتد: - أمي ياريت نأجل كلامنا لما نكون أنا وأنت لوحدنا، ثانيا
ماتقلقيش أنا أعرف أخد بالي كويس من ولادي دقت أمه الأرض بعصاها بعنف باعتراض واضح وقامت وهمست
بأذنه: - أنت ماتعرفش حاجة ثم رفعت صوتها حتى يسمعها الأحفاد:

- يالا يا سلیم خد أختك واطلعوا البسوا لبس التمرين، عم صالح
هيوصلكم النادي ودادة نعمات هتكون معاكم

لم تنم مجيدة ليلتها وبقيت ساهرة تفكر في أمر ابنتها الحبيبة، تراجع قرارها مرة بعد الأخرى حتى أنهكها التفكيير، أكانت محقة في تشجيع ابنتها ومنحها مباركتها على قرارها أم كان يتوجب عليها تهدئتها فقط ثم الحديث لها عن أهمية الحفاظ على أطفالها وبيتها والتنازل ریما لبعض الوقت حتى يأذن الله
بأمرا كان مفعولا ترکت فراشها وتوجهت لخارج غرفتها ودهشت عندما رأت ابنتها مرتدية ملابسها كاملة حتى وشاح رأسها وتقف في المطبخ
الصغير تعد طعام الإفطار لهما فقالت مجيدة: 

صباح الخير يا سالي، أنت لابسه ورايحه فين يابنتي ؟ ابتسمت لها بسمة جاهدت لتجعلها مشرقة ومع ذلك توسمت
بظلال حزنها الدفين وقالت:

- هنفطر سوا وبعدها أروح النادي . . الولاد عندهم تمرین
استبشرت مجيدة بتلك المعلومة وقالت:
- جاسر کلمك ؟
قطبت سالي حاجبيها واشتعل الغضب داخلها وقالت هازئة:
- لاء طبعا يكلمني ليه ؟
فقالت أمها بحيرة: - أومال أنت أزاي هتروحي مع الولاد ؟

ردت سالي بهدوء قدر استطاعتها: - ماما دول ولادي مافيش قوة في العالم هتمنعني منهم وأنا قولتهاله وبعدين أنا كنت متفقة مع الولاد أني هزورهم كل يوم بعد المدرسة أذاکرالهم وأعشيهم ويوم السبت هنقضيه في النادي
فقالت أمها بقلق: - طب وجاسر ؟
فهمت سالي ما ترمي إليه والدتها فقالت: - يوم مايرجع بدري بيكون على 9 يكونوا الولاد ناموا وشبعوا
نوم لكن معظم الأيام على نص الليل
فتابعت أمها تساؤلاتها القلقة:

- ومراته دي، اسمها إيه . . هتكون هناك ؟ عقدت سالي حاجبيها لدي ذكر الأخرى، فقالت هامسة اسمها
بحقد لم تتمالك أن تمنعه: - داليا . . . بیزنس وومن يعني أكيد مواعيدها هتكون زيه وبعدين
أنا مالي بيها أنا ليا ولادي ربتت أمها على كتفها وقالت بدعاء خالص لها: - ربنا يابنتي پرشدك للصواب ويصلحلك حالك
احتضنتها سالی وقالت بشبه بكاء: - أنا عارفه إنك يمكن من جواكي مش راضيه عن طلاقي، ويمكن أنا كمان مش راضيه بس أنا طول الإسبوع اللي فات
مانمتش ليله من ساعة ما قالي ولقتني كل يوم بحس أنه هوا ده
القرار الصح مهما كانت النتایج
تراجعت أمها للخلف وقالت مستنكرة: - أسبوع یا سالي وكاتمة في قلبك ماحكتیش ليا أنا أمك ؟ ! !

تمسكت بها سالي وقالت: - ماكنتش عاوزه أشيلك همي فاحتضنتها مجيدة بقوة وقالت:
- ومين يشيله معاكي إلا أنا . . مين ! ! ربنت سالي على كتف والدتها وقالت ضاحكة: - تعالي بقا أنا عملالك فطار ملوكي زي بابا الله يرحمه ماكان
بيعمله مشت مجيدة بضعة خطوات نحو طاولة الطعام وهي تردد باسی
هامسة: - الله يرحمك يا محسن

لم يستطع تناول فطوره ولم يكمل حتى فنجان قهوته ومضى نحو سيارته حتى وصل لأرض الشركة حتى دلف من الباب ملاحظا النظرات المتعجبة التي تلاحقه فقابلها ببرود تام إلى أن وصل للطابق الأخير فاستقبله وجه درية العابس والتي لم ترد عليه تحية الصباح فعاد عدة خطوات للخلف بعدما اجتازها قائلا بتصميم:
- أنا قولت صباح الخير يا درية نظرت له ببرود وشرعت بالطرق على أزره لوحة كتابة الحاسوب
دون رد، عندها قال بحنق:

- اطلبيلي فنجان قهوة وحالا رفعت درية حاجبيها وتنهدت بعمق تحت أسماعه فتركها واتجه للداخل مغلقا الباب بقوة مما أثار فزعها فالتفتت وأناملها تحك
بطرف ذقنها مرارا للباب المغلق بتوعد وبعد مرور نصف ساعة كاملة دخلت وقابلها بنظرة تحمل عنوان
" الصبر يا رب "
وضعت الفنجان على المكتب بحدة فتناثرت بضعة قطرات من القهوة فلطخته فنظر لها جاسر مستنكرا وتناول الفنجان الصغير ومسحه بمحرمة ورقية حتى زعق فيها:
- ده ساقع تلج فالتفتت له وتعبير الدهشة الكاذب يعلو ملامحها وقالت:
- هه معقووووول ! ! !

زم شفتيه غاضبا وقال بحدة: - خديه وهاتيلي واحد تاني سخن وحالا مش هستنا نص ساعة کمان
حملت الفنجان وسارت حتی النافذة وفتحتها وسقت النبتة
المستقرة خارجها بالقهوة الباردة ولاحظت الدهشة التي تعلو ملامحه فقالت بإبتسامة باردة:
- سماد
وانصرفت تاركة للشياطين حرية التصرف بنبض عروقه المتنافرة
وبعد مرور ربع ساعة أخرى رفع جاسر سماعة الهاتف وهو يفرك جبهته التي يكاد أن يفتك بها الصداع قائلا:
- فين القهوة يا درية ؟
ردت بهدوء: - البن خلص عندها صرخ:

- نعم باختي
فردت بنفس النبرة الهادئة: - أأقصد تاريخ صلاحيته خلص هيبعتوا يشتروا غيره
أخذ نفسا عميقا وقال بوعيد: - ورحمة أبويا درية اللي عمري مابحلف بيه، لو مجاتش القهوة
ومظبوطه زي مابشربها لأ . . . . . . .
عندها سمع دقا يتصاعد على الباب ونادل المشرب الخاص بالشركة يتقدم حاملا صينية لامعة تحمل فنجان قهوته ووراءه
تسير درية والتي ابتسمت له بسماجة وهي تقول:
- تؤمر حضرتك بحاجة تانيه يا جاسر بيه ؟ وضع سماعة هاتفه بحدة وهو يفرك كفيه وقال بعند محتد:
- للوقت الحالي لاء وضع الشاب الفنجان بهدوء وانصرف وتبعته درية بخطوات متمهلة ريثما تأكدت من تناول جاسر الفنجان بل وشرع في إرتشاف القليل منه فخرجت مسرعة مغلقة الباب ورائها بقوة
تفوق ذراعها أضعافا وسمعت صرخة جاسر من الداخل فتقدمت نحو مكتبها والبسمة تتسع على وجهها واتجهت لورقة بيضاء خارية وشرعت بالكتابة
بصوت مرتفع متلذذ: - جاسر صفر . . . اتنين درية
وتكررت فعلتها للمرة الثالثة على التوالي كلما خرجت من مكتبه أغلقت الباب بقوة فأطارت بصوابه فقام كأسد ثائر نحو الخارج
وهو ينذرها بإصبعه: - آخر مرة يا درية ترزعي الباب كده وأنت خارجه . . . أنت فاهمة ؟!

رفعت له عيناها المطعمة بعوینتها السميكة ذات الإطار الأسود
وقالت ببرود: - مش عاجبك إرفدني أو اقبل الإستقالة بغض النظر عن الشرط
الجزائي
حدق فيها جاسر مغتاظا والشرر ينبعث من عيناه ثم قال بتسلية
واضحة:
- لاء أنا هسيبك كده على مكتبك ده ومش هرفدك ولو زودتي يا
| درية هتشوفي . . . وأردف بتهدید واضح المعالم للمشقة التي سوف تلاقيها على يده:
- الله في سماه لأنقلك في كل قسم ومش هتقعدى فيه أكتر من
3 أيام بالكتير وابقي أعملي فيها جدعة بعد كدة واختفي داخل غرفته بعدما ركل الباب بقوة فأفزعها فقالت
بوعيد: - الأيام بيننا یابن سوسن

كانت قد استيقظت فجرا بعد الليلة المنهكة التي قضتها تحت وطأة ذراعيه وقامت دون أن تحدث ضجيجا وتوجهت للحمام واغتسلت فرکت جسدها لكأنما تمحو آثار إعتداءه عليها ولكن هيهات فالوحشية التي اغتال بها عذريتها رسمت آثارا وكدمات على جسدها البض فانهمرت دموعها كمدا وغيظا
، لعنته ولعنت قسوته والأكثر أنها لعنت إندفاعها نحوه کفراشة انجذبت نحو اللهب فاحترقت وسقطت أجنحتها
تشعر بأنها محطمة
تهشمت لألف قطعة
بعثرها وستجعله يدفع الثمن وخرجت وارتدت رداء زفافها وداخلها يخطط لحساب قریب مع
زوجها المتجبر لم يخلق بعد من یکسر " داليا الزهري " حتى هو، رغم العشق الكامن بصدرها نحوه
إلا كرامتها وغادرت القصر نحو شقتها بسيارة أجرة وعندما استقرت بها
بدلت ملابسها بأخرى عملية ثم أتمت زينة وجهها كما يفترض بعروس مشرقة وتناولت فطورا شهيا
وغادرتها نحو شركته وفي طريقها أجرت مكالمة هاتفية لمكتبه فردت عليها تلك المتحذلقة بنظرها فقالت:
- جاسر موجود ؟

ردت درية:
- مين معايا ؟
فقالت داليا ببرود:
- المدام فردت الأخرى بإستهزاء:
- أنو فيهم ؟ ابتسمت داليا وقالت ساخرة:
- الوحيدة ياروحي
فاتسعت عينا درية وقالت بصوت حانق يشتعل غضبا:
- ثانية واحدة
حولت لمكتبه المكالمة الهاتفية وحين سمعت صوته قالت زاجرة
وهي تشدد على لفظ " الوحيدة ":
- المدام الوحيدة على التليفون أغلق جاسر عيناه وأخذ نفسا عميقا وعندما هم بالرد لم يجد
إجابة فعبس مرددا:
- آلو، آلو . . داليا . . آلو ولكن لا مجيب وبعدها اقتحمت درية مكتبه وهي تسأله بحدة:
- أنت طلقت سالي ؟ ! !

رفع لها رأسه وقال معنفا: - مش شغلك وإياك تدخلي مرة تانية في حياتي الشخصية زمت شفتيها وأخذت بالعد على أصابعها تحت أنظاره حتی أصابت العشرون وهدأت أنفاسها نسبيا ثم لمعت عيناها وهي
تنظر له متوعدة: - افتكر إن أنت اللي طلبت
وضربت بتهديده لها عرض الحائط فأغلقت الباب ورائها بعنف مما دفعه للصراخ والطرق على سطح مكتبه بقوة قائلا:
- ياالله، الصبر وليته كان جادا بطلب الصبر والعون من الله فما هي إلا دقائق
حتى اقتحمت داليا مكتبه والغضب المستوحش يلمع بعيناها فقام واتجه نحوها فقال عازما توبیخها فالهجوم كان دوما أفضل
وسيلة للدفاع: - أظن مافيش عروسه تسيب بيتها . . . رفعت يدها أمام سيل الكلمات يكان يتلفظ بها وسارت حتى وصلت لسطح مكتبه وتموضعت عليه بجلسة مغرية تتنافي مع ملامح الصرامة المرسومة على وجهها وقالت بصوت لا يقبل الجدال ولا المقاطعة: - أولا ده مش بيتي وعمره ما هيكون . . ثانیا مافيش عريس يعامل عروسته العذراء بالشكل الهمجي اللي أنت اتعاملت بيه معايا امبارح . . ثالثا وده الأهم أنا مش كيس ملاكمة ياجاسر هتفرغ فيا غضبك وقت ماتحب وقامت وسارت بضعة طوات حتى لاصقته وقالت بصوت هامس و متوعد:

- أنا داليا الزهري وافتكر ده کویس فرق كبير بيني وبين أي
حد، فاهمني طبعا قبض على ذراعها برفق تعمده ومع ذلك سيطرته عليها كانت
واضحة المعالم وقال بهدوء: - أنا كمان فرق كبير بيني وبين أي حد یا داليا . مابتهددش ولا
بيضحك عليا بلعبة سحبت منه ذراعها ولفت كليهما حول رقبته وقالت بنعومة
وهمس خطير ينساب من شفتيها: - أنا ما بهددکش إحنا إيكوال زيي زيك بالظبط في الجوازة دي واتفقنا عليها ورضينا بيها مالكش حاجة عندي وماليش حاجة عندك غير الاحترام والتقدير يا جاسر
منطقها المستقيم غلب دفاعاته الملتوية فأخفض ناظريه وفاجأته
هي بقبلة رقيقة أعلى وجنته وقالت هامسة: - أنا عشان بحبك هسامحك على ليلة امبارح ومستنية منك تعوضني
نظر لها وقد جف حلقه وغابت كلماته وراء ضبابية تصرفاتها الفجائية فتابعت وهي تبتعد عنه لتوليه ظهرها مرسلة ناظريها
الخارج نافذته العريضة: - إحنا كمان لازم نحط النقط على الحروف أبسطها هنعيش فين . . أنا مقدرة أنه يلزمك وقت ترتب فيه أمورك وأنا هتنازل يا جاسر وهعيش معاك في القصر، لكن لوقت محدد وأتمنى ماتاخدش وقت طويل في تنظيم أمورك، والتفتت له وقالت:

- ده لمصلحتنا إحنا الأتنين هز رأسه موافقا ثم قال وهو يغير دفة النقاش:
- تشربي إيه ؟ ! ! أطلقت ضحكة خافتة ساخرة وقالت رافضة عرضها السخي:
- أنا ماشية، هعدي شوية على الشركة وهرجع على شقتي أرتب
شوية حاجات مستنياك تعدي عليا أما تخلص هز رأسه موافقا وراقبها وهي تغادر متعبا وداخله ندما يتصاعد
على ما زج به نفسه لقد كان يحيا حياة بسيطة مستقرة، بعثرها هو بلحظة غرور وعند
لا يضاهي ليخوض صراعا وتحديا من نوع جديد وإمرأة بمذاق ناري
مختلفة كليا عن لينة وطواعية زوجته السابقة جلس على مقعده وهو يعد نفسه أنها كسحابة صيف إلى زوال
وستعود له زوجته مرة أخرى وتستقر حياته.

تسابقت أرجلهم نحوها واحتضنتهم بشوق بالغ والدموع تتقافز
العيناها ابتعدت عنهم لليلة واحدة فكيف ستمضي ليالي العمر دونهم
غمغت بأحضانهم:
- وحشتوووني أووي أوووي أووووي أخذت تقبلهم وبالمقابل يطبعون قبلاتهم فوق وجهها بسخاء
وبقي سليم متعلق بأحضانها وهو يقول:
- ماتسيبناش تاني يا ماما وأصبحت كلماته كالخناجر تشق صدرها وتجلى الألم فوق معالم
وجهها وقالت: - أنا ماسيبتكومش ولا عمري هسيبكم يا حبايبي، فترة كده عبال
ما نقدر نتجمع تاني مع بعض
فقالت سلمى بحبور:

- یعنی هترجعي البيت تاني رفعت أنظارها لنعمات التي تراقبهم والدموع ترسم منحنياتها
فوق وجنتيها مستنجدة بها فنظرت لهم مجددا وقالت: - مش عاوزاكوا تشغلاو دماغكم بحاجة، إحنا مع بعض دايما، يالا بقا عشان تلحقوا التمرين
نکس سليم رأسه وسار بعيدا عنها وهو يغمغم:
- يبقا مش هترجعي البيت تاني
أمسكت بذراعه واستوقفته قائلة: - مش يمكن نروح كلنا نعيش في مكان تاني ارتسم الأمل على وجهه وقال:
- إحنا وبابا ؟ وتلك المرة لم تخذلها نعمات التي قالت بتصميم: - ياله یا سليم عشان تلحق التمرين بتاعك المدرب كده هيزعل
منك لو اتأخرت قبلتها سلمى قبل أن تنصرف وجلست سال تداري معالم الألم المنحوتة بدقة أعلى وجهها بكفها وعندما شعرت أنها لن تتمالك نفسها وضعت نظارتها الشمسية لتخفي عيناها وتحجبهم عن
أعين الناس تنحنحت نعمات قائلة:

- البيت وحش منغيرك ياست سالي والله ابتسمت لها سالی بعرفان وقالت:
- خلي بالك منهم يانعمات فاقتربت نعمات منها وقالت لتطمئن: - هوا أنت مش جاية بكرة تتغدي معاهم
هزت رأسها وقالت: - هاجي، أغديهم وأذاكرلهم بس الموضوع ده سر بيني وبينك فاهمة
هزت نعمات رأسها وقالت: - ماتقلقيش ماحدش هيعرف حتى الست سوسن ماتعرفش أنا ماجيبتلهاش سيرة وكدة ولا كدة هيا بتكون نايمة
عقدت سالي حاجبيها وقالت:
- هيا . . هما . . أأقصد ال أعفتها نعمات من نطق المزيد وقالت بتفهم:
- شفتها خرجت من القصر لوحدها وش الفجر، جاسر بیه صحی الصبح مادقش اللقمة قعد مع الولاد شوية وراح الشغل، أنا قلبي
حاسس أنه الجوازة دي استحالة تعمر وبكره . . . . . قاطعتها سالي فكانت لا ترغب في سماع المزيد من أماني خاوية لا تعني لها شيئا سوى أنها البديل عندما يفشل سيعود لها:
- ياعالم . . أنا هقوم اتطمن على الولاد

حلت ساعة الغداء فتركت كل مايشغل يدها يإهمال وتسابقت خطواتها نحو المصعد وفتح الباب فطالعت وجهه بمزيج من الدهشة والشوق الذي استنكرته ودلفت للمصعد صامتة فقال
متعجبا: - أنت كمان مش بتكلميني ؟ ! ! !
قالت ببرود: - هتكلم أقول إيه ؟
نظر لها وقال:
- على الأقل السلام عليكم يادرية
تنهدت وقالت: - السلام عليكم
باغتها قائلا:
- إيه حكاية الإستقالة دي لسه الورق واصلني النهاردة ؟
رفعت حاجبيها وقالت بإباء: - ده قراري ومش هتنازل عنه ؟
قال مستوضحا: - لقيت شغل في مكان تاني أفضل ؟ ! ! عزمت على الكذب ولكن خانتها شفتيها ونطقت:
- لاء بس هلاقي إن شاء الله
ضاقت عيناه وقال: - خلاص لو زعلانة من جاسر تعالي عندي أنا مش هلاقي
سكرتيرة أحسن منك
زمت شفتيها ونظرت له بتوتر وقالت عازمة رفض عرضه:

- شكرا . . بس أنا . . لم يمهلها وقتا للإعتراض فاندفع قائلا: - ما هو إحنا اللي لازم نصلحله غلطه مالهوش غيرنا يادرية وصل المصعد للطابق الأرضي فخرجت بخطوات بطيئة وقالت:
- یعني إيه ؟ وأنا صفتي إيه ؟
ابتسم لها: - نفس الصفة اللي أخدتي بيها قرار الإستقالة لما لقتيه بياخد
قرار غلط ازمت شفتيها وقالت حانقة:
- أنا أخدت قرار الإستقالة عشان . . . قاطعها مرة أخرى مقتربا منها وغير عابئ بالأنظار الفضولية التي
تراقبهم:
- عشان إحنا قريبين من بعض، ولما بنلاقي الناس اللي بنهتم
بأمرهم بيغلطوا بنقرب أكتر مش بنبعد ونسيبهم توردت وجنتها والتفتت بحرج لتواجه أنظار الجميع وقالت بجدية:
- هفكر سار لجوارها ولم يدعها تكمل خطة هروبها فقال متفکها:

- هاه هتغديني إيه النهاردة ؟ ! فالتفتت له متعجبة وقالت بفظاظة: - عندك الكافيتريا نقي منها اللي يعجبك فقال بعبث صبي في الحادية عشر: - أنا هاكل من اللي هتاكلي منه
عقدت حاجبيها وقالت حانقة: - على فكرة مايصحش كده، الناس بيوصلنا
فغمز لها:
- عشان كده أفضل تكملي كسكرتيرة لجاسر وأنا أبقا أطلعلك احمر وجهها وزجرته بنظرة نارية فقال مسترسلا بسرعة:
- یعنی لو احتجت حاجة في الشغل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة