قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لخبايا القلوب حكايا للكاتبة رحمة سيد الفصل العاشر

رواية لخبايا القلوب حكايا للكاتبة رحمة سيد الفصل العاشر

رواية لخبايا القلوب حكايا للكاتبة رحمة سيد الفصل العاشر

حاولت استجماع نفسها التي أبت ألا تبعثر، كأن رؤيته كفيلة بإحراق قشرة الثبات الظاهرية، وتأجج ما أسفلها من جراح غائرة.!
ثم رفعت رأسها، وهتفت بثبات تُحسد عليه رغم التبعثر الداخلي: -خير؟! حتى هنا مش سايبني في حالي.
أفصح عن السؤال المتوقع مذ وقعت عيناها عليه: -أنتي بتعملي إيه هنا؟
هزت كتفاها متظاهرة باللامبالاة التي كانت مفتقرة لها في تلك اللحظات حرفيًا: -هكون بعمل إيه! بشتغل.

ضيق عينيه ورأت الشك يحوم فيهما بوضوح: -بتشتغلي إيه هنا؟
زفرت أنفاسها بصوت مسموع، والضيق والنفور يفسحان مجالهما في باطن روحها وكلماتها، ثم تابعت: -هيفرق معاك ف إيه؟
شدد على حروفه وهو يقول: -ردي على سؤالي يا فيروز، بتشتغلي إيه هنا؟
أرادت أن تركض بحروفها لنهاية ذلك الحوار المقيت، وبعد أن أسعفها عقلها بالمخرج: -بشتغل مهندسة مع شركة وجايين هنا عشان المؤتمر، خلاص إرتحت؟

إنكمشت ملامحه بغضبٍ لحظي، فهذه الشركة معروفة بمعاداتها لشركتهم، تراها فعلت ذلك خصيصًا لتنتقم منه؟!
وقبل أن ينطق بالمزيد، كانت فيروز تغادر وهي تتمتم بكره: -ياريت تكون أخر مرة أشوفك.
ثم تخطته كما تمنت دومًا أن تتخطى ذكراه الشنيعة وأثرها، ولكن لم تفلح!
وهو الاخر تغضنت ملامحه بالضيق، ولا يدري ماذا عساه يفعل!

فمن جهة موعد طائرته قد اقترب جدًا فلا يسمح له وقته للبحث خلفها، ومن جهة اخرى لا يمكنه توكيل شخص بذلك البحث، فلن يقبل أن يعرف احدهم بشاعة ما فعل بالماضي.

في نفس الوقت توجهت فيروز صوت المرحاض، بللت وجهها وهي تتنهد بصوت مسموع، تمنع دموعها بصعوبة من التقافز لعينيها، ورغمًا عنها بدأ الماضي ينسج ذكرى ذلك اليوم بعقلها، اليوم الذي بدأ عنده كل شيء...

كانت لازالت طالبة في كلية هندسة، دخلت غرفة والدتها لتجدها جالسة ارضًا تبكي بانهيار، ركضت نحوها تسألها بارتياع: -مالك يا ماما في إيه؟!
ازداد نواح والدتها وهي تخبرها من بين دموعها: -لازم نسيب البيت.
عقدت فيروز ما بين حاجبيها بعدم فهم، فهذا البيت ملكًا لهم من والدهم: -نسيب البيت ليه؟!
غمغمت بحروفٍ متقطعة كروحها التي تناجي السكينة: -خالك، خالك آآ، أخد كل حاجة.

للحظات فشل عقلها في تحديد مقصدها وسألتها دون استيعاب: -أخد إيه؟!
-أخد البيت والمحل وكل حاجة، كل حاجة أبوكي كان سايبها لينا.
جاءت اجابتها مبحوحة، لتزيد من تجمد عقل فيروز الذي شلته الصدمة، صدمة القريب التي جاءت كالطعنة في الصميم، في صميم معتقداتها وانتماءها، وقلبها!
ثم تابعت اسئلتها: -أخدهم ازاي؟
-بالتوكيل اللي كنت عملاه له عشان يشغل المحل ويتابع كل حاجة.

ردت، ثم بدأت تضرب على فخذيها وهي تستطرد بحسرة والسؤال يدور كالحلزون دون اجابة: -عمل كده ليه! عمل كده ليه حرام عليه، حرام عليه.
ثم هزت رأسها نافية، وقالت من وسط دموعها: -أنا والله ما زعلانة على الفلوس قد زعلي إن اخويا اللي اديته ثقتي واعتبرته مسؤول عنكم بعد وفاة ابوكم يعمل كده، عمل فيا كده ليه! ده أنا شقيقته، ده أنا أشيل اللُقمه من قدام بوقي واديهاله!

لم تملك فيروز سوى أن تربت على كتفها برفق، وتضمها لأحضانها محتوية إياها بكل الدفء، علها تدفئ روحها التي أثلجها الجشع والصدمة.
ولكن والدتها مازالت تغمغم محدثة نفسها بقلة حيلة وقهر: -طب هنعمل إيه! هنروح فين، وهندفع مصاريف جامعتكم منييين؟!
أرادت فيروز وبشدة أن تخفف عنها ما يثقل كاهلها، أن تأخذ قسطًا من الوجع الذي تراه يُعشعش في عينيها، ولكن لم تستطع، تشعر بكُليتها مُلَّجمة أمام سطوة الموقف.

ابتعدت عنها ببطء وبعينين متورمتين أخبرتها بنبرة متحشرجة: -اطلعي وسيبيني لوحدي يا فيروز.
-يا ماما آآ...
كادت فيروز تعترض، ولكنها أصرت: -عايزه أقعد لوحدي إطلعي.
لم يكن امامها سوى الامتثال لطلبها، فخرجت بخطى بطيئة تجر اذيال الخيبة.
تَذكُر جيدًا بعدها كيف استيقظت والدتها في صباح اليوم التالي وقد إلتوى جانب وجهها، ولولا رحمة الخالق ربما كانت اُصيبت بذبحة صدرية!

تَذكُر كيف بدأت تبحث وتبحث عن عمل في كل مكان، تَذكُر كيف عاشوا لفترة في غرفة صغيرة تكاد تكون معدومة الاثاث.
تَذكُر الشفقة التي رأتها تظلل عيون مَن حولهم، وكيف عملت والدتها كعاملة تنظيف في المنازل لتحضر لهم الاحتياجات الأساسية.
لم يعيشوا يومًا مرهفين بعد ذلك اليوم، وهم الذين كانوا لا يغيب الترفيه عن حياتهم.

تذكر وتذكر وتذكر، لم تغفل الذكريات عن جلدها ليوم واحد، بل و رؤية ذبول والدتها امامها يومًا بعد يوم تكفل بالأمر!
ثم تذكرت كيف علمت بالشركة التي أسسها خالها بالشراكة، والنعيم الذي يعيش به، بعد أن تفضل عليهم بعد فترة كبيرة بزيارة يلقي لهم بضعة اموال لا تثمن ولا تغني من جوع.

وأصرَّت من بعدها أن تسلبه كل حقوقهم، ولكن للأسف علمت بعدها أنه يسافر خارج البلد معظم الوقت، فسلطت تركيزها على فارس، الذي يجب أن تكسب ثقته وبالتالي ثقة خالها دون أن يعلم مَن هي، حتى تستطع استرجاع حقوقهم وكل ما يملكه.

عادت من بحر ذكرياتها الأسود، تتنفس بصوت مسموع وكأنها تحاول النجاة من الغرق الداخلي، ثم بدأت تمسح دموعها بثبات، ولم تزدها رؤيته سوى حقدًا وإصرارًا على تحقيق ما أرادت...

حين كان فارس يأخذ قهوته، أوقفه عامل هناك في الخمسين من عمره، ذو وجه مُجعد أنارته طيبة استشفها فيه، اقترب منه ثم هتف بهدوء: -ثواني يا فارس بيه.
هز فارس رأسه بسماحة: -أيوه؟
خرجت حروفه منمقة وهو يمهد لما سيقول: -أنا كنت عايز أقول لحضرتك حاجة، عشان الساكت عن الحق شيطان أخرس.
اومأ فارس مؤكدًا على قناعته بكلامه: -طبعًا، اتفضل حضرتك أنا سامعك.

راح يخبره بجدية، حريص ألا يظلم الاخرى بظنونه في نفس الوقت: -البنت الموظفة اللي حضرتك شديت معاها وتقريبًا كنت بتطردها، دي ماعملتش حاجة، أنا شوفت اللي حصل، فعلًا الاستاذة التانية هي اللي وقعت القهوة وبدأت الشد بينهم.
ثم صمت برهه، وواصل مفسرًا لفارس الذي لم يصدر عنه رد فعل، وكأنه يفكر: -أنا مش عايز أكون شاهد على قطع عيش حد وأسكت، عشان ربنا مايحاسبنيش، وحقك عليا لو تدخلي ضايقك.

اعتلت ابتسامة بشوشة ثغر فارس وهو يربت على كتفه يطمئنه: -لا ضايقني ولا حاجة يا راجل يا طيب، ربنا يباركلك ويديك الصحة، وعمومًا متقلقش مفيش قطع عيش ولا حاجة.
بادله الاخر ابتسامته بأحلى منها وهو يقول مرتاحًا: -طيب الحمدلله، هستأذنك أنا بقا أروح أكمل شغلي.
اومأ فارس في احترام لفارق العمر بينهما: -اذنك معاك طبعًا، اتفضل.

أحس أن هذه اشارة ليضع حدًا لنغم، فهو يدرك أن رغبته بالثأر من فيروز وخداهها، جعلته يلطف من حدة التعامل بينه وبين نغم، وهذا ما لن يحدث مرة اخرى، فالفجوة التي تركتها في نفسه وكرامته ورجولته لم تُغلق بعد!

لذا توجه صوب المكان الذي كان تقطن به، فنهضت هي له مسرعة تردد بابتسامة متلهفة: -فارس، تعالى اقعد، عامل إيه؟
اجاب بوجه مقتضب: -أنا مش جاي أقعد.
عقدت ما بين حاجبيها بعدم فهم: -امال إيه؟ في حاجة أقدر أساعدك فيها؟!
لوى شفتاه ساخرًا: -اما تعرفي تساعدي نفسك الأول.
تناثر ثبات قسماتها ولاح فيهما التوتر، فهي ظنت أنه لا يدري بالأمة التي تمر بها شركتهم، ولكنها أضافت تسأله بجمود: -في إيه يا فارس؟!

اقترب منها خطوة اخرى، وخَفَّض من حدة صوته لأنهم في مكان، وراح يحذرها: -في إنك بتتدخلي في اللي ملكيش فيه، وحاطه المهندسين بتوعي في دماغك، خليكي في حالك يمكن يتعدل، وملكيش دعوة بفيروز بالذات، أنا سكت ساعتها عشان أنا حقاني وكنت مفكر إن معاكي حق، لكن أي غلط في حق حد يخصني مش هسكت!
أحست أن كلمة يخصني واسعة الشمول، وحدسها ينبئها أنها لا تخصه على المستوى العملي فقط!

ولكنها أبعدت أفكارها الانثوية النارية جانبًا، وهي تردف محاولة إمالته لكفتها من جديد: -أنت فاهم غلط يا فارس، أنا فعلًا معملتهاش حاجة وآآ...
أوقفها بكفه الذي ارتفع في وجهها، ثم استطرد بخشونة: -مش عايز أسمع حاجة تاني، هما كلمتين تحطيهم حلقة في ودنك وخلاص.
ثم استدار ليغادر، كالعاصفة التي هبت وعادت ادراجها، بعد أن نثرت هبوبها الضاري في وجهها.

جلست نغم مرة اخرى وهي تهز أقدامها بعصبية ملحوظة، ثم تمتمت لنفسها بغل: -مبقاش أنا نغم لو ما عرفت كل اللي يخص البت دي، وبيعمل عشانها كده ليه!

في منزل عيسى...
طال تجاهل كارما له، وهو الذي لم يعتد على مقابلة التجاهل خاصةً منها، ولا يدري لما أغاظه ذلك التجاهل، وأصر أن يفتته مذيبًا ما تحاول بناءه بينهما.
كانت جالسة أمام التلفاز، تأكل الفشار الذي صنعته لنفسها، لم تعرض عليه حتى أن يشاركها رغم تواجده!
لذا قرر التلاعب بها قليلًا.

نظر للفأر البلاستيكي الذي أحضره، ثم وضعه في جيب بنطاله، وتوجه بخفة نحو مفاتيح الكهرباء، ثم فصل الكهرباء في المنزل، ليعلن الظلام نفسه سيدًا للموقف، ويبدأ العبث...

-إيه ده النور قطع ليه.
رددتها كارما بصوت أحس فيه التوتر، فهو يعلم كرهها للظلام، منذ أن كانت تنام والنور مفتوح في الغرفة.
اقترب منها ببطء وهو يقول بضيق مصطنع: -مش عارف، بس شكل الحوار هيطول عشان تقريبًا في حاجة في الكابل عندنا، ولسه بقا هيجيبوا حد يصلحه.
تأففت بحنق حقيقي وهي تضع الفشار جانبًا: -اوووف بجد، الفيلم كان جميل أوي.
قال عيسى متشفيًا فيها: -أحسن عشان تبقي تتفرجي لوحدك كويس.

قلبت عيناها متوجسة: -طب إيه هنفضل في جو الخفافيش ده كتير؟!
هز كتفاه وهو يشير بيده للظلام من حوله، قائلًا بمكر: -ماله جو الخفافيش؟ ممتاز.
تجاهلته كارما والحنق يسع جوفها كله، ثم أمسكت بهاتفها تنظر به وتنوي فتح الكشاف، فتفاجئت لاعنة حظها داخلها: -يا نهار أسود، اهي كملت، تليفوني فصل شحن!
تمتم عيسى يشاكسها: -المنحوس منحوس لو ركبوا فوق راسه فانوس.

وجهت بصرها نحوه رغم أنها لا تراه، وسألته بغيظ من بين أسنانها: -بتقول إيه يا عيسى؟
سارع بالرد ببراءة: -بقول كفاية نورك طاغي على المكان يا غالية.
ابتسامة خفيفة نشبت في ثغرها، ثم ادارت وجهها لجهة مقابلة يأتي منها بصيص نور، لتنتبه لعيسى الذي نهض بعدما فتح كشاف هاتفه وكاد يتحرك نحو باب المنزل، فسألته مسرعة: -أنت رايح فين؟!
أشار بيده بلامبالاة ظاهرية وهو يجيبها: -هنزل بقا أقعد مع أي حد تحت.

فكشرت عن انيابها حين نهرته بعصبية خفيفة: -تقعد مع أي حد ليه وأنا كلبة قدامك مثلًا، منا حد! ما تقعد معايا.
اقترب منها مرة اخرى، وواصل متلاعبًا بحروفه الماكرة مثله: -أنا حسيت كده، احساس إنك قال إيه، مش عايزاني أقعد معاكي.
ردت بعفوية: -لا عايزاك.

ضيق عيسى ما بين عيناه، حتى لمع العبث فيهما وهو يردف بتوجس مرح رسمه بمهارة: -إيه الكلمة الثعلبية دي يا كارما، أنا كده هبتدي أقلق على نفسي منك على فكرة، هو عشان النور قاطع هتستغلي الموقف وتغرغري بيا!
إتسعت عيناها وهي تصيح فيه: -أغرغر بيك إيه أنت مجنون.
-أنا برضو يا خلبوصة.

غمغم بها بابتسامة تقطر عبثًا مشابه لسابقه، وبعد قليل من الصمت وحين كان عيسى يتظاهر بالانشغال بهاتفه، هتفت كارما بشيء من التردد: -عيسى ما تقرب هنا شوية.
بالطبع لم يخلو رده من المرح المخلوط بعبث صبياني يستحضر ضحكتها رغمًا عنها: -لا بقولك إيه! والله أنزل وأسيبلك البيت، كله إلا الشرف، أحنا ما حيلتناش غيره.

نهرته بجدية مصطنعة رغم الابتسامة التي تتهافت على شفتيها: -بطل قلة أدب، قرب هنا عشان الكشاف بعيد عني وتقريبًا لمحت حاجة ويارب ما يكون اللي في بالي صح.
بحركة دهاء قرَّب عيسى الفأر البلاستيكي من قدميها دون أن تلحظ، وسألها: -حاجة إيه؟
حين نظرت باحثة عند أقدامهم، ورأت ذلك الفأر الذي لم تترك لنفسها الفرصة لتتفحصه، صرخت بفزت: -يالهوي فار فار، فار في الضلمة، يا ليلة مش فايتة.

تظاهر عيسى هو الاخر بالنظر وهو يؤيدها متعمدًا بث التوتر فيها بنقطة الضعف المعروفة لدى جنس حواء بأكمله: -ده فار فعلًا أنا كمان لمحته، ارفعي رجلك بس احسن يعضك وقربي كده عشان الكشاف.

ودون وعي كان تطيعه غافلة عن المكر الذي كان يحتل قمم عينيه، حتى صارت شبه ملتصقة به يفصل بينهما إنشات قليلة، رفع عيسى ذراعه وأحاط بها برفق مستغلًا إنشغالها بالبحث عن الفأر، وراح يتشدق بمكر خفي: -اما فار قليل الأدب بصحيح بيستغل الموقف عشان النور قاطع الصايع.
عبست ملامح كارما وهي تدعو: -يارب النور يجي بقا.

قرَّب عيسى وجهه ببطء ماكر نحوها، وكانت هي تدير وجهها للناحية الاخرى، فداعبت أنفه رائحتها المُسكرة، التي صارت كبنزين يوضع جوار الكبريت، فالاقتراب منها هكذا يشبه التلاعب بشعلات نارية، تحرقه احيانًا بالعاطفة المنبثقة منها، والتي لم يعترف بماهيتها بعد!
أغمض عيناه متلذذًا باستنشاق عبيرها، ولكنه خشى حضور شيطانه الذي يهمس بأذنه بأشياء لو عرفتها تلك البلهاء جواره لطلبت له الشرطة متهمة إياه بالتحرش.

فقرر مشاكستها هامسًا بلهجة صبيانية: -كارما هو أنتي بتحطي إيه لشعرك؟
قالت بغرور وهي تمسك خصلاتها وتتشممها: -ريحته حلوه صح؟
نفى كاذبًا: -لا طبعًا، قولي بصراحة أنتي بتحطي جاز صح؟!
إتسعت عيناها ذهولًا وراحت تزمجر فيه غاضبة: -نعم! ده زيت ب120 جنية يا عديم الفهم والشم.
فبادلها الصياح هو الاخر بنبرة درامية: -120 عفريت اما ينططوكي، ماله كيس الچيل ابو 3 جنية.
-عيسى، اسكت. بالله عليك اسكت عشان هقتلك.

وبعد قليل من المشاكسات والدردشة التي فرضها عيسى بذكاؤه ومرحه على كارما، متيقنًا أنه بذلك قد دك حصونها بلا عودة!
كاد ينهض من جوارها ببطء متابعًا: -طب هقوم اشوف حوار الكابل ده.
تمسكت بأحضانه مسرعة دون وعي وهي تنفي بشدة برأسها: -لا طبعًا تروح فين بالكشاف خليك.
ولم تنجو من الخبث الذي أخذ يقطر من عينيه وهو يهمس بخشونة مقتربًا منها مرة اخرى: -طب مش تقولي من بدري.
سألته متوجسة: -أقول إيه؟!

-تقولي إنك هتموتي وتحضنيني.
ابتعدت عنه وأنزلت قدميها ارضًا وهي تقول مسرعة تنفي عنها التهمة: -لا طبعًا، اموت واحضنك إيه بطل جنان!
صرخ عيسى كاذبًا فجأة عمدًا ليفزعها: -اوعي الفار.
فصرخت وهي ترفع قدميها بسرعة مرة اخرى في مظهر جعل عيسى يضحك وهو يتابع كصبي في العاشرة من وسط ضحكاته: -عليكي واحد قرعتك ساحت.

اخذت كارما تضربه وهي تضحك رغمًا عنها، وتهدر فيه رغم تكذيب دواخلها لما ينطقه لسانها: -على فكرة أنت سخيف ودمك سم.
أمسك عيسى ملابسه يهندمها وهو يردد بزهو: -كدابة، أنا جميل ودمي خفيف وخليتك تفرفشي وتضحكي يا كئيبة ياللي كنتي بتتفرجي على فيلم يخلي الواحد يقطع شرايينه!

بعد مرور فترة...
عاد كل شيء لنصابه الطبيعية في الشركة بعد العودة من رحلة العمل التي كانت في أسوان، واستمر الشد والجذب الخفي بين فارس وفيروز.
ولكن فيروز رغم كرامتها التي كانت تنهرها محذرة إياها من اتخاذ أي خطوة نحوه، إلا أن عقلها كان يحذرها من نسيان السبب الرئيسي لتواجدها في تلك الشركة؛ ألا وهو التقرب من فارس وكسب ثقته.

انتفضت في جلستها حين جاءت السكرتيرة الخاصة بفارس وهي تخبرها بلهجة متعجلة بها لمحة من التوتر: -فيروز قومي بسرعة روحي لمستر فارس عشان طالبك.
سألتها فيروز وقد بدأ القلق يدب أظافره في قلبها: -طالبني ليه؟
هزت رأسها نافية بجهل: -مش عارفة والله، بس خدي بالك هو متعصب جدًا.
هزت فيروز رأسها وهي تفكر هامسة: -ربنا يسترها.
ثم توجهت نحو مكتبه بأقدام مترددة، تتساءل في داخلها، تراه علم عنها شيء مجهول؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة