قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع والأربعون

خيوط!
إنها الخيوط، خيوط عشقنا وجرحنا وما بين هذا وذاك سقطت أنا صريعا لكِ
قيلت لي كثيرا احذر الهوى!
فيا ويلي حين يعلموا أن الهوى قتل فتى هوى فتاة لم تهوه يوم ما
تملكني العشق وحُسم أمري فلو كان ثمن حبك الهلاك فأنا هالك لا محالة، وإن كانت النجاة في بعدك لا أريدها مهلكتي.
صغيرتي حطمتي قيودي وصنعتِ قيود خاصة بكِ فقط حتى صارت روحي لا تتغنى إلا بكلمة واحدة هي، أنتِ.

التهمت السيارة الطريق إذ كان يعرف وجهته جيدا أما هي فلا علم لها حتى نطقت متسائلة:
هو أحنا رايحين فين؟
تطلع إليها ضاحكا على إصرارها الذي لم يقل: ما أنا قولتلك هوديكي لزينة ونيرة وبقية الشعب.
أيوة ما أنا عرفت عايزة أعرف بقى المكان فين؟
تحدث بجملة اكتنفها الغموض فأثارت قلقها: في مكان لو إنسان فضل يدور عمره كله مش هيلاقيه.
انقبض قلبها حين نطق بكلماته هذه فسألت مترقبة إجابة تخفف من دق طبول فؤادها:.

ليه؟، ما البيت اللي كنا فيه كان كويس.
تابع الطريق أمامه بتركيز وهو يجيب استفسارها بهدوء بث الطمأنينة داخلها:
استقرارنا كلنا هيكون متوقف على قعادكم هناك فترة، علشان أكون متطمن عليكم.
أخرجت هاتفها وكادت تنخرط في النظر إليه ولكنها سمعت قوله: التليفون هيتاخد منك، محدش هناك فيكم هيكون معاه تليفون ولو احتاجتوا حاجة هنا هتبلغ الحرس وهما هيبلغوني.

تابعت هاتفها وهي تقول بعدم اهتمام متجاهلة أوامره: إن شاء الله نبقى نشوف الكلام ده لما نوصل.
وجدت رسالة على بريدها ففتحته لتجدها من إحدى الصفحات التي تواصلت معها من قبل من أجل إرسال قائمة بمصنوعاتهم كاملة
سألها باستغراب لصمتها الذي استمر لأكثر من دقيقتين: إيه مركزة في إيه؟
أجابته وهي مازالت على حالتها: دي بيدج بيعملوا شغل حلو أوي بالورد المجفف فبتفرج على شغلهم.

أتاه إتصال قطع حديثه معها، أما هي فكادت تغلق هاتفها حتى وقعت عيناها على تلك الرسالة القديمة التي أُرسلت لها ولم تستطع فك شفرتها، فتحتها تحاول مجددا متذكرة كل الطرق التي تعلمتها من أجل هذا، فمجال عملها بالحاسوب واسع ويحوي الكثير، دققت التركيز وتسارعت أصابعها على شاشة الهاتف وهي تحاول بكل طريقة ممكنة حتى كسا الانتصار تقاسيمها وهي ترى الرسالة قد تم إزالة شفرتها.

قرأتها بتحفز وقد وجدتها باللغة الإنجليزية: بداية النهاية في هذا المكان (، )، الذي يُعد مأوى فارس مختار، فارس البداية ومن خلفه يكمن وجوده في تتبع سمية.
قطع تركيزها صوت زوجها المعنف والذي ظهر انفعاله جليا فسألت بقلق: في ايه يا حامي؟
تابع هو حديثه مع المتصل مردفا بشراسة: أقفل وأنا جايلك، علشان عيلة صغيرة مش قادرين تحطوا عينكم عليها.

اضطربت كليا من جملته أما هو فأغلق الهاتف وألقاه بغضب ولم يجب، لم تعلم هل تتفوه بما لديها أم تصمت وهي لا تعرف ما سبب حالته هذه، الأمر يأتي بغتة وكذلك كان حديثها حين استرسلت فيه:
من فترة اتبعتلي مسدج على ال e-mail بتاعي بس كانت مشفرة ومعرفتش أفك الشفرة بتاعتها وقتها مكنتش مركزة في الموضوع، المسدج دلوقتي قدرت أفتحها.

رمقته لتعرف إثر حديثها فوجدته انتبه كليا وهو يحثها على المتابعة فوضعت هاتفها أمام نظره وهي تحدثه:
ده اللي إتبعت.
سيطر على الأجواء ترقبها أما هو فخيوط عقله تشابكت لتكون عقد إن شاهدها أحد أيقن إستحالة فكها بل وأقسم أن صاحب هذا الرأس هالك لا محالة.

كل القديم دافيء، وكذلك كان هذا المنزل جدران قديمة تُظِهر نقوشها أن الزمن مر وهي بقت، تلفاز توسط الصالة وأساس بسيط أريكة وعدة مقاعد حتى ذلك الذي يغطي الأرضية رغم قدمه ولكنه يشع حنان، منزل يشبه منزل جدتك في يوم جمعة اجتمعتم فيه عندها وسكنت روحكم في زواياه.

كانت صوفيا تجلس على الأريكة أمام التلفاز وجاورتها هنا التي انشغلت في مشاهدة الفيلم العربي القديم واحتساء كوب الشاي الساخن، قطع اندماجها سؤال صوفيا:
هي عائشة فين؟
يحيي قالي حامي هيجبها النهاردة.
سألتها مجددا بقلق: وهو حامي فين؟
ابتسمت هنا برنامج ووضعت الكوب الخاص بها على الطاولة وهي تقول بمزاح:.

أنتِ قلقانة ليه يا ست أنتِ، حامي قالي عنده كام مشوار هيخلصهم مبيحبش يقلقك عليه، وبعدين إبنك صاحب حق وصاحب الحق ميتخافش عليه.
رمقت صوفيا السوار المحاوط ليدها والذي كان هدية من ابنها وسألت بأمل:
تفتكري قدر يسامحني، ولا بيمثل إنه قدر علشان خايف عليا.

حركت هنا رأسها بتعجب مشيرة إليها أثناء تحدثها: أديكي قولتيها خايف عليكي واللي بيخاف على حد بيغفرله، أنتِ قلب ابنك اتنفض يوم ما جابك البيت، صحيح عائشة كسرت كتير من الوحش اللي جواه بس ابنك قلبه ما حنش غير لما بقيتي موجودة عينيه الخايفة بقت متطمنة علشان بقيتي معاه.

ابتسمت صوفيا بحب وهي تستعيد ما حدث ناطقة بشكر للخالق: حد كان يصدق إني هشوف عيالي تاني بعد ما استسلمت واتخليت عنهم، أنا لما صحيت ولقيت رضوان حابسني انهارت الموت عندي كان أرحم، السنين اللي عشتها وأنا محبوسة دي كانت بتعذبني كان كل هدفه يدمرني، كانت كل علاقتي بالدنيا الأكل والماية حتى دول زهدت فيهم، حاولت كتير أهرب وحتى الانتحار حاولت أكرره لكن كنت بفشل بسبب الممرضة اللي محاوطاني ليل نهار لحد ما جت كريمان عيلة صغيرة كان عايزلها نفس مصيري أنا اللي شيلتها على إيدي واتعلقت بيا كان المشترك بيننا إن احنا الاتنين محبوسين مرميين هنا بالاجبار، لما لقيته مبيجبلهاش لبن ولا حتى بيفكر فيها بقيت بعيط علشانها عيلة صغيرة وجعانة لحد ما الممرضة قالتلي إن في حقن بتدر اللبن ممكن تتصرف وتجبها تديهاني وأحاول أرضع كريمان وفعلا عملت كده والحمد لله البنت رضعت عاشت معايا كانت الأمل اللي بيقولي إني هخرج من سجن رضوان، الممرضة كانت زيه بالظبط أول ما بتحس اني ههرب بتاخد احتياطها يمكن موقفها الوحيد الكويس الحقنة، بعد ما كريمان كبرت شوية حاولت أهرب أنا وهي لكن للأسف مسكنا وحرمني منها وعشت في عذاب جديد أصعب من الأول ده غير الأدوية اللي بقيت اتحقن بيها لحد ما بقيت تايهة كنت عارفة انهم بيدوني حاجة غلط بس كنت ساكتة علشان خلاص مبقاش في حاجة اليأس اتمكن مني كان كل هدفه يحبسني وبس يحرق قلبي كل يوم مية مره وبس علشان ما اختارتهوش هو.

صمتت عن الحديث فتحركت هنا مسرعة ناحيتها واحتضنتها ممسدة على ظهرها بإشفاق حقيقي مما عانته:.

معلش يا حبيبتي ده أمر الله، والله يوم ما انتحرتي في الشقة مكنتش أعرف أي حاجة ولا انتِ حكتيلي، هو الوحيد اللي كنت أعرف انه صاحب جوزك علشان كده خدت رقمه من تليفونك واتصلت بيه يلحقك، جه خدك وعمل نفسه متسربع ونزلت أجري وراه ملحقتوش ركب عربيته ومشي، فضلت ألف عليه كعب داير وأتصل بيه ليل نهار وأدور هنا وهنا لحد ما لقيته داخل عليا يقولي إنك موتي ودفنك ربنا يكسره زي ما شرد ودمر عيلة كاملة...

بقولك ايه بلاش غم وحزن بقى حتى علشان صحتك اتفرجي معايا على الفيلم يلا
ضحكت صوفيا بينما اقتحم الجلسة نيرة و زينة لتتفوه نيرة وهي تنظر لشاشة التلفاز:
فيلم ايه اللي تتفرج معاكي عليه نهر الحب، أنتِ عايزة تجيبي لأمي اكتئاب.
سألت زينة بحماس وهي تتابع المشهد باستمتاع: هو إيه نهر الحب ده يا نيرو إيه قصته شكله so romantic.

ضحكت نيرة ساخرة وهي تكرر بتهكم: هو so romantic جدا فعلا، ده الفنان زكي رستم عليه واحدة أنتِ لازم تخجلي من نفسك يا نوال، وتطولي في نوال دي وتتخني صوتك كده، الجملة دي تقطع عنك النوم يومين تلاتة.
ضحكت هنا وارتفعت قهقهات صوفيا ليتبعها قول هنا: هو عمر جابك هنا ليه انتوا لحقتوا تقضوا يومين مع بعض حتى.

مطت نيرة شفتيها بحزن وهي تبثهم شكواها معترضة: آه والله بقى في عروسة شهر عسلها يوم ونص، انتوا ضحكتوا عليا في الجوازة دي على فكرة وقال إيه عنده شغل.
أردفت هنا وقد عادت لمتابعة الفيلم: معلش ربنا يعينه بكرا يعوضك.
خرجت دنيا هي الأخرى من غرفتها لتأخذ موضعها على الأريكة واضعة كفها على وجنتها فسألتها زينة بغيظ:
مالك يا دنيا انتِ كمان عندك حد بيقولك اخجلي من نفسك يا نوال؟
تطلعت لها باستغراب سائلة: نوال مين؟

لم تجبها زينة بل تابعت الفيلم باهتمام فنظرت دنيا هي الآخرى لتصرخ بعد قليل باستنكار:
ايه الراجل المتوحش ده ازاي اتجوزته شايفة أصلا بيقول اسمها ازاي، بليز يا جماعة قولولي إن النهاية سعيدة.

ابتسمت نيرة بشر وحاولت هنا ردعها ولكن لم تفلح ونيرة تقول: سعيدة جدا جدا، نوال دي هتحب واحد ظابط على جوزها، جوزها بقى هيعرف بس مش هيفضح نفسه علشان داخل على انتخابات وهو راجل شراني أصلا وخبيث وسوسة فبيصور البت نوال والواد الضابط علشان يهددها لو ما سكتتش واتنازلت عن ابنها ونسيت ان عندها ابن هيرفع عليها قضية وبعد كل البؤس ده الظبوطة بيموت في الحرب، ونوال بتنتحر قدام القطر، والراجل المخوفاتي جوز نوال ده هيعيش بقى باقي حياته يطلع عقده على ابنه، يلا ملناش دعوة المهم إن ده يعلمنا منتجوزش واحد بيقول يا نوال ويتخن صوته فيها.

اعترضت زينة بغضب شديد: مامي من فضلك تسكتي نيرة عمالة تفصلني من الفيلم، شوفتي يا دنيا بيقول عليها ايه وهي نايمة؟
هزت دنيا رأسها مرددة بهيام: ملاك نائم.
رمقتهم نيرة بغيظ مستنكرة: عيال مايعة طب أحب أفكركوا تاني بقى إنهم هيموتوا.

عنفت صوفيا نيرة حتى تكف عن إزعاجهم فمطت شفتيها بحزن وجلست صامتة حتى انتقل المشهد إلى أخر فأرادت التحدث ولكن كممت زينة فمها وثبتتها دنيا حتى لا تفسد عليهم مشاهدتهم بتعليقاتها المستمرة.
تكورت الصغيرة على نفسها في هذا المكان العفن تبكي بصمت تتذكر كيف أخذها هذا اللعين بكل بساطة
flash Back
أنزلها صغير من على الأرجوحة فوقفت بتذمر وسط هذا الحشد حتى سمعت صوت أحدهم يقول:.

تعالي معايا يا ليو هركبك المرجيحة التانية.
سألته ببراءة: هو أنت تعرفني يا عمو؟ انت اسمك إيه؟
اه أنا عمو فارس صاحب حامي.
هللت بحماس فرحة: بجد هو هنا؟
أجابها وهو يزيد من أملها: لا مش هنا، بس أنا رايحله كمان شوية تعالي بقى أركبك المرجيحة التانية بدل الزحمة دي.
اعترضت وهي تقول بأدب: طب ثواني يا عمو هقول لمامي.
حملها بين ذراعيه ناطقا بضحكة ماكرة: لا يا روحي كده مش هنلحق في حد تاني هيركبها ويسبقنا.

حاولت التملص منه وهي تردد باعتراض: استنى هقول لمامي الأول.
أما هو فلم يأبه لكلماتها بل خرج بها مسرعا وأدخلها سيارته غالقا الأبواب جيدا، استدعت أمل أن يكون سيذهب بها إلى حامي ولكن صدمها بالأسوء.
Back.

دخل فارس مكانه العفن ليجد الصغيرة تبكي بصمت فجذب مقعد وجلس عليه قائلا بضحك ماكر:
ايه يا لين هو أنا وحش أوي كده؟، كل ده عياط.
رمقته الصغيرة ببغض لم تتخلص منه حتى عندما قال: هخليكي تكلمي حامي.
ظن فرحها وتوسلها ولكن خرجت منها جملة واحدة كساها غضبها الطفولي: إسمي لينا
وضع الهاتف على أذنها ضاغطا بعنف فخافت الصغيرة.

حتى سمعت الصوت الذي طمأنها فأسرعت تقول بلهفة باكية: حامي، صاحبك ده وحش وضربني تعالى خدني أروح.
نطق حامي سريعا بثبات شديد ونبرة بثت في الصغيرة الطمأنينة: ليو يا حبيبتي متخافيش، ليو شاطرة صح؟
أنا هاخدك متخافيش، وعد.
اطمأنت الصغيرة كثيرا ولكن
انتشل الهاتف متحدثا بسخرية: أنا حبيت نكمل كلامنا اللي سيبتك ومكملناهوش يومها بس ايه رأيك في طريقتي؟

ظن أنه سيقابل صوت ثائر ثورة عارمة ولكن اصطدم بصوت واثق ومتمكن يقول:
فاتورة حسابها غالية أوي وما اعتقدش إنك أدها، فاكر إنك كده بتلعب بقى لما تدخل عيلة صغيرة في لعبتك، أنا حامي العمري يعني حتى لو حفرت لنفسك حفرة ودفنت نفسك فيها هجيبك منها، أنا مش عايز أعرف مكانك وعارف إنك هتخلص وترمي الخط ده استمر بقى واستناني.
أثار غضبه بثقته الزائدة عن حدها هذه ولكنه تحدث مستهزئا: هستناك، وابقى قابلني لو جيت لوحدك.

انتهت المكالمة حينما أغلقها حامي فتذكر فارس كيف استطاع التملص منه يوم قصر البارون فلقد أنقذه أحدهم حين اقترب من حامي مرحبا فاستطاع بسهولة معرفة أنه أحد شركاء عمله، فترك حامي ملابس فارس التي كان قابضا عليها واستدار للرجل مرحب بود خارجي وغضب داخلي ففر فارس مسرعا من المحيط حيث تولت السيارة في الأجواء دور النجاة لتبعده عن لقاء لا يرغبه الآن يجب أن يثبت قدراته أولا.

همس لنفسه بتأفف: إياك نخلص بقى من الليلة دي علشان نفوق لمصالحنا.
خرجت سمية من المنزل متخفية خلف نظارة شمسية أخفت معظم وجهها، وغطاء أخفى جزء من خصلاتها وفستان واسع لم يكن يوم من نظام ملابسها، كانت تنظر حولها كل ثانية حتى تتيقن من أنه ليس هناك من يتابعها أو يفتضح أمرها ولكنها غفلت عن تلك العيون التي تتابعها جيدا
همست سالي للذي يجاورها: هي الست دي عمالة تتلفت حواليها كده ليه لتكون هرشت إننا بنراقبها.

حثها بغضب ناطقا بغيظ: سالي اسكتي، اكتمي خالص أنا مكنتش عايز أخدك متخلنيش أندم، ده غير إننا ممكن نكون متراقبين زينا زيها فلازم ناخد بالنا كويس أوي.
صمتت عن الحديث مرددة بضجر: سكتت خلاص، واسمع بقى أنت تحترمني محدش ليه عند التاني حاجة أنا بقالي أسبوع مقعداك في بيت خالتي المسافرة يعني كان ممكن نتفضح في أي ثانية وأنا ضحيت.

-انزلي يا سالي هاتي ميكرفون وقولي للناس فيه انك فتحتي بيت خالتك المسافرة بمفك ومقعداني فيه، يلا يا ماما في شوية لسه مسمعوش.
تحدثت مسرعة وهي تنبهه: سوق بسرعة، ركبت التاكسي.
بعد فترة من الوقت كانت قد وصلت إلى وجهتها، فنزل علي وتبعته سالي سريعا وقفا خلف جدار في الزاوية ليشاهداها تحتضن أحدهم عند مدخل البيت مرددة باشتياق:
وحشتني أوي يا روحي.

شهقت سالي عاليا وهي تهمس بصدمة: هو انت مش قولتلي الست دي متجوزة وجوزها مختفي، مين الراجل ده!
لم يجبها بل أخرج هاتفه يلتقط صور لهما في وضعيتهم هذه فهمست سالي:
طب ده جوزها؟
هز رأسه نافيا فضربت على صدرها مرددة بعدم استيعاب: يعني الست دي بتخون جوزها!
في نفس التوقيت
أوقف سيارته ليخرج منها مغلقا الباب خلفه، كان يسير بخطوات واثقة يعرف وجهته جيدا، أتاه اتصال فأجاب ليسمع أحد حراسه يقول:.

اتأكدنا يا باشا موجود في المكان اللي بلغتنا بيه.

هز حامي رأسه بهدوء وتحرك مكملا خطواته ناحية بوابة هذه الغرفة التي يحاوطها الخلاء من كل ناحية، لم يكلفه الأمر كثير فالمكان لا يأمن فارس أن يعرفه أحد حتى الحرس، ضرب حامي الباب بقدمه وأعاد الكرة ثانيا حتى انفتح على مصرعيه، وجد فارس يقف أمامه يخفي عدم توقعه وصدمته بمعرفة المكان فالمكان لا يعرفه أي شخص سوى هو نفسه كما أنه متيقن من عدم المراقبة، نفض كل هذا ورسم ابتسامة على ثغره تبعها بقوله:
نورت.

شاهد حامي الصغيرة المتكومة على الأرضية تغط في سبات عميق فذهب ناحيتها حاملا إياها بين ذراعيه وباتصال أجراه مسرعا حضر حارسه إلى المكان، رمق حامي فارس وهو يعطي الصغيرة للحارس قائلا:
خدها واستاناني في العربية.
هز رأسه بأدب وهو يحمل الصغيرة مغادرا ليعود حامي ويغلق الباب، تحرك بهدوء ناحية مقعد وسط نظرات فارس المتفحصة جلس عليه واضعا الساق فوق الاخرى حتى سمع فارس يقول:.

أنت اللي خلتني أعمل كده على فكرة، مش كنت تقولي عايز تقابلني كنت هقابلك بدل ما تجيلي قصر البارون وتتعب نفسك وفي الاخر برضو معرفتش تتكلم معايا كلمتين، شوفتني أنا بقى علشان تعرف بس انك مش أنت لوحدك اللي بتعرف تجيب أي حد في أي وقت، جبت البت الصغيرة هنا علشان تعرف بس إن أي أسلوب هتستخدمه هستخدم زيه.
لم يجد إجابة من حامي فجلس أمامه على المقعد الخشبي المقابل متابعا حديثه:.

بقولك إيه تعالى نجيب من الأخر، صدقني أنا مش عايز أذى ليك مش علشان بحبك ولا حاجة بس علشان نفضها ونخلص، أنت لماح وعرفت إني جاي علشانك وأنا عارف كمان إنك تعرف إني أنا اللي بعتت فيديو القتل لمراتك، ونقدر نعمل أكتر من كده على فكرة أصل بص الكترة تغلب الشجاعة وبدل ما تحصل أبوك ويتعمل في مراتك قصاد عينك اللي أتعمل في أمك قصاد أبوك، أنا رأيي تسمع الكلام هتاخد ضعف ثروتك عارف ده معناه إيه؟، يا شيخ ده يا ريتني كنت أنا والله ويغور أي حاجة بعد الفلوس دي كلها، ومش فلوس بس هتاخد ضعف ثروتك ومركز مهم في البلد يعني مال وسلطة كمان هتدعمه وهنسلملك رقبة رضوان اللي عمل كده في أبوك وأمك تعمل فيه ما بدالك بشرط بقى تبطل تدور على اللي ورا رضوان علشان كده احنا هنزعل وأنت هتزعل بس إحنا هنزعل ونكسب وأنت هتزعل وهيبقي مصيرك معروف، فكر ولو عايز تستشير وتسأل مراتك اسألها بس عرفها نهايتكم برضو علشان يبقى اللوحة كاملة قدامها.

هز حامي رأسه وقد اتقدت عيونه بنيران تلتهم الأخضر واليابس وارتفع على ثغره ابتسامة زادته شراسة وهو يقول:
أنا فعلا هسأل.
مين؟
كان سؤال فارس ولكنه لم يتوقع الإجابة أبدا حين دفع حامي المقعد الخشبي أمامه بقدمه بغتة فانتفض فارس وحامي يستقيم واقفا وهو يجيب سؤاله بسخرية برز فيها عنفه:
أمك.

استقام فارس ولكن باغته بركلة في إمعائه، تصنع فارس أنها لم تأثر به وتأهب للصراع فكور قبضته ولكن مسكها حامي قبل أن تصل إليه ناطقا وزيتونيتاه يقبضا على عيون غريمه:
قالولي إنك ملاكم، أنا بقى...
دفعه حامي إلى الحائط وأسرع في القبض على عنقه مختتما بثقة وقلب اتقد نارا لتسوده العتمة المهلكة:
جزار، جزار وإسمه حامي محمد صادق العمري...
ولو بينك وبين الموت خطوة، الخطوة دي احفظ إسمها كويس أوي...

فقد فارس أنفاسه وهو يحاول التملص فلم يعد قادر على استنشاق الهواء فترك حامي عنقه ودفعه برأسه مرددا بشراسة:
إسمها حامي محمد صادق العمري.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة