قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

رحلة طويلة انتثرت أولى بذورها منذ عام، حامي العمري ليس مجرد بطل في رواية، أو شخصية وهمية يتمتم البعض داعيا أن يجدها على أرض الواقع، أبطالي لم يكونوا أوهام يوم ما، حامي العمري شخصية حقيقية تعيش معنا هنا في هذا العالم وعلى هذه الأرض فقط بإختلاف الإسم، ذلك الصراع الأبدي بين الخير والشر، الحقد والرضا، الكره والحب تتلخص جميعها في معاناة حامي العمري، القشرة الصلبة هذه لم تتكون من فراغ فلقد عاني حتى أظلم قلبه، دمر الظلم برائته وشوهت الحياة طفولته وقتلت شياطين الإنس كل أمل سعى إليه حتى يبتعد عن طريقهم، حامي يعيش معنا وبيننا شخاص الروايات ليست وهمية إنما هي واقع مؤلم نسرده بألم لا يضاهي شقاء أصحابه.

ربما لم يقرأ صاحب الشخصية الحقيقية كلماتي، ولكنه متواجد ربما يقرأها بعد يوم، شهر، عام ولكن كلي يقين أنها ستصل إليه يوم ما، سمعت ذات مرة مقولة مغزاها أن أبطال الروايات ماهم إلا شخصيات حقيقية تتلاقي خواطرهم مع كاتب العمل الأدبي فيكتب عنهم، والآن اعترف ان صاحب القلب المظلم قد سلب قلمي وعقلي وقلبي لينثر بيداه خطوط عذابه وبدايات توبته، غير في الكثير وعلمني أكثر وأهم قاعدة رسخها في ذهني أن الثقه كنز غال لا يمنح بسهولة وإلا ستكون ضحية لخطأك اللعين.

ياصاحب القلب المظلم، ممتنة للحظة التي جمعت بين عقلي وعقلك وللثانيه التي امتزجت فيها القلوب ولليوم الذي أعرتني فيه شخصيتك لأتحدث بلسانك.
يا وحش الأساطير وبطل الحقائق ممتنة لك.
تتابع رجال الشرطه في محاولة لدخول الحفل فوقف حراسه أمامهم كرادع يمنعهم، حتى نطق أحد الضباط بغضب: وسع ياابني انت الطريق ده.
لم يتزحزح الحارس قيد أنملة حتى أتاه صوت رب عمله الحازم: افتحوا الطريق.

تقدم أحد الضباط وحاول اقتحام الحفل وهو يهتف: أنا عايز اعرف ايه اللي بيحصل جوا بالظبط.
أوقفته يد حامي التي تصدت له معيدة إياه إلى مكانه، رمقه الضابط بإنزعاج في حين ابتسم حامي ابتسامه صفراء هاتفا: خير!
نطق الضابط بتأفف من تلك الطريقه المستفزة: انت حامي محمد صادق العمري.
هز حامي رأسه وتلك الإبتسامه المستفزة لا تفارق فمه فنطق الضابط بمحاولة لإكتساب الصبر: نادر عبد الحميد تهامي مطلوب للتحقيق معاه.

رفع حامي حاجبه الأيسر متصنعا الإستغراب وهو يهتف بفظاظة: وانا مالي، ولا تكونوا عايزني اجي احققلكم معاه!
تنهد الضابط عاليا وهو ينطق: نادر مختفي ومش لاقيينه في أي مكان، واخر مره نادر ظهر فيها كان المفروض انه رايح حفل خطوبة آنسة نيرة محمد صادق العمري بدعوه من حضرتك.

مط حامي شفتيه دلاله على أن الحديث لم يروق له البته وهو يردف: أولا مفيش حفلات، الحفلة كانت المفروض اول امبارح في مكان عام وهيحضرها كل الشخصيات العامه بما فيهم الصحافة لكن انا كنسلت الحجز يعني مكانش في حفلة اصلا نادر يحضرها، ثانيا بقى أنا مبعتش دعوة لنادر اصلا.
اندفع الضابط يخرج أحد كروت الدعوه من جيبه هاتفا بإستجواب: امال دي ايه؟!

التقطها منه حامي وتصنع التفحص وهو يهتف: دي مش الكروت اللي كان معزوم بيها الناس.
أخرج حامي هاتفه ليفتح أحد الصور رافعا إياها للضابط هاتفا: ده شكل ال invitation اللي كانت المفروض تتبعت للناس ومتبعتتش اصلا علشان زي ماقولت الحفلة اتلغت، حابب تتأكد تقدر تتواصل مع اللي عمل ال invitations
امال مين مصلحه يبعت دعوه عليها اسمك ليه قبل خطفه بكام ساعه.

ضحك حامي بسخرية وهو يردف: والله ده مش شغلي، اظن انا اللي المفروض اسأل السؤال ده.
هتف الضابط بغيظ: طيب ايه هي اسباب ان الحفلة اتلغت.
رمقه حامي بملل وهو يقول: هو استجواب ولا ايه!، على العموم انا هريحك، العروسة محبتش البارتي تكون كبيرة وفيها صحافة، فااكتفينا ببارتي صغيرة هنا فيها معارفنا وبس.
طب معلش انا عايز ادخل.
خرج الشيخ في هذه اللحظة وحينما مر جوار حامي هتف: زفاف مبارك ياابني.

بزغت ضحكة حامي وهو يقول بنبرة مثيرة لغيظ الماثل امامه: اظن كده اتأكدت ان في فرح جوه ومش محتاج تدخل.
نطق الضابط بنفاذ صبر: وانا ايه يضمنلي ان نادر مش موجوده جوه!
هتف حامي بمكر: لو كان موجود كنت هخرجهولك بنفسي، معقول هبخل عليكم بخدمه زي دي!، وعامة حابب تتدخل تتأكد تقدر تدخل.

نطق الأخيرة وهو يشير ناحية البوابة التي تؤدي نحو الداخل، فرمقه الضابط للحظات بإنفعال ثم سريعا ماتحرك نحو الخارج يلعن بغضب، هتف حامي بنبرة لعوبة: مع ألف سلامه، ياريت تبقوا تنورونا تاني، وضحك.
في نفس التوقيت، كانت عائشة تستمع للحوار من الداخل وبمجرد دلوفه من البوابة وقفت أمامه هاتفه بتحدي: انت عارف مكانه؟!
نطق بثبات انفعالي: انتي مش سمعتي اللي اتقال!

هتفت وقد علت نبرتها لتماثل الصراخ: بس انا متأكده انك عارف مكانه، شكلك، طريقتك، حتى ضحكتك اول ما سمعت صوت العربية ولا اللي كأنك كنت مستني المجية دي.
صرخ بها وقد نفذ صبره وأرسلت عيناه لها الشرارات الغاضبة: عائشة.
نطقت بإنفعال ووجه مكفهر: ايه، ايه. ايه.
نطق بغضب: انتي عايزة ايه.
انت اللي عايز تعمل ايه!

سحبها من مرفقها ولم يأبه بإعتراضها ليدلفا معا إلى الحفل مره آخرى وسط همسه الغاضب: اظن نيرة مش هتكون مبسوطة أبدا لما تشوف لعب العيال اللي انتي عاملاه ده في يوم زي ده.
رمقته بإنفعال في حين أجلسها هو جوار الفتيات مشيرا ل يحيي: تعالى عاوزك.
راقبت عائشة تحركهم نحو أحد الزوايا فهمست ل لينا: قومي معايا.
قفزت الصغيرة من مقعدها لتلقط كفها بحماس فأسرعت هنا: راحه فين يا عائشة؟
لينا مش عارفه طريق الحمام هوديها.

شهقت الصغيرة عاليا في حين أسرعت عائشة تجاه المرحاض قبل أن يفتضح أمرها وخاصة و لينا تهتف: انا مش عايزة ادخل ال WC ياعيوش، انتي بتكذبي على هنا ليه؟!
دلفت عائشة إلى المرحاض فوجدت مطلبها بوابة اماميه تخرج للقاعه، و خلفيه نحو الطريق المؤدي للشارع الرئيسي.
هتفت بتودد: خلاص ياليو ارجعي، انا بس كنت خايفه اجي لوحدي هنا.
لا انا هقف استناكي.

جذبتها عائشة من يدها وهي تهرول نحو الطريق الخارجي تنظر حولها بحذر فهتفت لينا بصدمه: ايه ده احنا مروحين من هنا ليه؟!، وانا مش عايزة اروح دلوقتي، انا هرقص مع حامي الأول.
حملتها حتى تتخلص من خطواتها الرافضة لإستكمال السير وهرولت بها حتى أقرب سيارة أجرة توقفت أمامهما، جلست عائشة في الداخل تتمتم حامده أن كل شيء تم كما أرادت واستطاعت الخروج من تلك البوابة التي لا يقف عليها حراسه.

ثم سريعا ما أملت للسائق عنوان الفندق وهي تهديء من حده اعتراض لينا هاتفه: ليو انا هزعل منك وهخاصمك كده.
نطقت الصغيرة بضجر: انا اللي زعلانة منك، متكلمنيش.
يبقي احسن برضوا.
هتفت بها عائشة وهي تنظر من النافذة تدعوا بخوف أن تستطيع إتمام ما خرجت لأجله.
وانتي بقي يابنتي هربانه من فرحك ليه؟
فاقت من شرودها على صوته لتنظر له بصدمه ثم سريعا ما رمقت ثوبها الأبيض، فنطقت بغيظ: ماتخليك في حالك ياحاج.

نطق السائق بفضول: قوليلي عادي احنا بقينا ستر وغطا على بعض.
شهقت بإستنكار معيده كلمته: ستر وايه، هو انا اعرفك اصلا ياعم انت، بقولك ايه ياتخليك في الطريق يإما تنزلني.
نطق السائق بغيظ: يا سبحان الله تصدقي بالله انا اللي غلطان اني ركبتك، وكمان البت اللي معاكي دي عمالة تعيط كده ليه انتي خاطفاها ولا ايه!
لم تحتمل أكثر من ذلك فصرخت فيه: نزلني، نزلني هنا بقولك.
خلاص يا أستاذة هسكت، ربنا يشفي.

قهقهت الصغيرة حينما أدركت مقصده في حين جحظت عين عائشة التي شهقت بصدمة وهي تلقي عليه سهام غيظها وتدعوا أن ينتهي طريقها مع هذا السائق اللعين.
جلس رضوان في غرفة مكتبه ينظر أمامه ترتكز عيناه على نقطه معينه، وتصاعد دخان سيجاره الفخم ماهو إلا صورة مصغرة من تصاعد لهيب غضبه
قطع خلوته دلوف رياض بوجه مكفهر وتمثيل خيبة الأمل وهو يهتف: دورت عليه في كل حته وبرضوا مش لاقيه.

أطاح رضوان بكل محتويات المكتب أمامه فا انتفض الماثل أمامه وهو يبتلع ريقه بتوتر في حين صدح صوت رضوان العنيف: يعني ايه مش لاقيه، انتوا مش اخر مره كنتوا رايحين الزفت مع بعض!
هتف رياض بقلق: ولقينا القاعه مقفوله ومفيش حفلات، وهو قالي انه هيرجع ع الشركه، وبعدين البوليس كمان قالب عليه الدنيا اديك شوفت الهجوم اللي حصل على الشركه من شوية.

كانت عين رضوان تلتمع بشر دفين وكأن الشيطان تمثل في هيئته وخصوصا حينما تذكر
Flash Back
صارت صدمته جلية وخاصة حينما صرحت تلك الفتاة أنها ابنته بل والأدهي تصريح ابنه أن نادر قام بالإعتداء عليها
بنتي ازاي يعني؟!، أنا معنديش حد غير علي
هتفت دنيا بنبرة مغلفة بالعتاب واللوم: بنتك من مراتك الأولانيه اللي فضحتك وقالت انك مبتخلفش، واللي انت بهدلتها ورمتها في الشارع.

أمي الله يرحمها ماتت وهي بتولدني بس قبل ماتموت لجأت لعلياء الرفاعي علشان تساعدها، علياء فاكرها؟
ملحوظة (علياء هي نهله، بس قبل ما تسافر غيرت اسمها من علياء لنهلة علشان محدش يتعرف عليها)
أعادت بكلماتها هذه شريط طويل من الذكريات أمام
عينيه، علياء تلك التي اختفي أثرها من بعد اشتراكها في مقتل والد ووالدة عائشة معهم بالإجبار والتحايل.

تابعت دنيا بمرارة: الست يشهد ربنا مأثرتش اول ما ماما ماتت خدتني وانا لسه عيلة وسافرت بيا وغيرت اسمها كمان علشان تبعد عن أي عين ممكن تبقى عليها.
ساند علي شقيقته وتابع هو: السنادي لما سافرت تركيا في التدريب الصيفي، قابلت دنيا هناك كانت مع مدام عليا في المستشفي و اتعرفنا على بعض.

و لأن مدام عليا كانت حالتها خطيرة تقريبا بتودع قررت تحكي لدنيا الحقيقه علشان لو ماتت تقدر تدور عليك، وبحكم ان انا ودنيا اصحاب هي جت حكتلي على كل حاجه طبعا اتصدمت وبعدت علشان اقدر استوعب ايه كل اللي بيحصل ده، الفترة اللي بعدت فيها كان نادر في تركيا بيخلص شغل ساعتها شوفته بالصدفه وقالي انه جاي يومين بالظبط وراجع علشان عندكم صفقه مهمه في مصر، ساعتها ملقتش قدامي غيره حكتله كل حاجه وازاي طلعلي اخت كده فجأه، طلب مني عنوانها ووعدني انه هيتأكد من الموضوع ده قبل ما يرجع مصر، دنيا كانت قاعده في شقة مدام عليا لوحدها كانت نادرا لما بتروح البيت ومعظم الوقت بتكون في المستشفي مع عليا، الحقير استني الوقت اللي هي كانت فيه في البيت.

أكملت دنيا بتصنع البكاء: طلعلي واقنعني اني لازم اروح معاه و اقابلك علشان نحل كل حاجه، قالي انك نزلت تركيا لما عرفت بالموضوع واننا هنقابلك في الشركه، واللي خلاني ماترددتش لحظة انه مدام عليا كانت حكيالي عن نادر ده وانه كان صاحبكم في الكلية.

نزلت روحت معاه وبعد ماركبنا العربية لقيته قطع مسافه كبيره اوي وموصلناش مكان بدأت اسأل وصوتي يعلى خدرني، و فوقت لقيت نفسي في مكان زباله طلع شقه مأجرها، استنجدت انه ميعمليش حاجه لما اترجيته يسيبني وفكرته اني بنت صاحبه، قالي مش مهم ابوكي ال عملها قبل كده مع مراة صاحبه وقدام عنيه.

قالت آخر كلماتها بتصنع الانهيار فخرت على الأرضية تذرف الدموع بسلاسة في حاله يقهر القلب لها، هوى رضوان على مقعده لايعرف ما يقول حتى النطق لا يقدر عليه فقط هتف بحزم: على خد اختك وارجعوا على اليلا.

قطع اي نقاش في حين ساعد على دنيا على القيام واتجه بها نحو الخارج وهما يتبادلا النظرات بنجاح خطتهم، فحادثة الإعتداء هذه لم تحدث حتى المقابلة بين على ونادر لم تتم كل هذا جزء من خطة حامي حتى يتذوق هذا اللعين آلم انتهاك العرض، حتى يصول ويجول باحثا عن نادر لإسترداد حق ابنته ويشعر بالعجز عندما لم يجده، حتى يشعر ولو بقدر بسيط بالنار التي اشتعلت في صدر حامي وكان اطفاؤها صعب للغاية.
Back.

فاق رضوان من شروده على صوت رياض المنبه له، فنطق بغل دفين: مليش دعوة يا رياض تقلب الدنيا وتعرفلي نادر اختفي فين، استني!
نطقها عندما ادرك نقطة ما، كيف ذهبا للحفل ولم يجدا حفل إذا لماذا تم إرسال بطاقات الدعوه لهم، هناك شيء مريب حول حادثة الاختفاء هذه.
هتف رضوان: تراقبلي حامي العمري وتخليك وراه زي ضله وإياك رجالته او هو يلاحظ سامعني!

هو رياض رأسه بتردد خائفا وهو يتمتم داخليا: الليلة دي شكلها مش هتعدي على خير.
جلست عائشة أمام نهلة ترمقها بنظرات ثابته في حين استغربت الأخيرة من قدوم عائشة إلى غرفتها
تأكدت عائشة من نوم الصغيرة ونقلتها لغرفتها، ثم ادركت انه لم يتبق إلا قليل على وصول حامي والعائلة للفندق فأسرعت تستغل الوقت
صوفيا فين؟!

سؤال نطقت به عائشة جعل نهلة تنتفض من مكانها وتدور عيناها في أنحاء المكان بإرتياب وهي تهتف بتردد: الله يرحمها.
ابتسمت عائشة بسخرية وهي تتابع: انتوا ازاي شياطين كده، ازاي قادرين تعيشوا بمليون شكل ومليون صوره، قادرين تخبوا وتكدبوا وتنافقوا حتى ابشع جريمة على وجه الأرض، القتل بتعملوها بدم بارد، انا سمعت المكالمة قوليلي صوفيا فين بدل مااقول ل حامي ويبقى الله يرحمك انتي.

لم تتأثر نهلة بحديثها أبدا بل ارتفعت ضحكاتها مما أصاب عائشة بالذهول في حين قامت الأخيرة واقتربت منها هاتفه: لو عايزة تقوليله كنتي هتقولي من بدري، لكن انتي مش هتقوليله.
وايه اللي مخليكي واثقه اوي كده؟!

نطقت نهلة بهدوء واثق: حامي شخص صعب يتفهم ومع ذلك انتي اكتر حد فاهمه، بالنسبة لأي إنسان طبيعي لما يعرف ان امه اللي هو مفكرها ماتت عايشة هيفرح، لكن حامي اللي اتكوي سنين بفراقها واتقطع حتت علشان يعمل كل اللي هو فيه ده هيبقى رد فعله نار تحرق الكل وبعد مايحرقنا هيحرق نفسه علشان كده انتي مقولتيلوش مش خوفا علينا لكن علشان انتي خايفه عليه اكتر ما خايفه على نفسك، نظراته ليكي بتقول انك نقطة ضعفه طلعتي بنت شاطرة زي ماعرفت عنك طول السنين اللي فاتت.

نطقت عائشة بغضب: أد ايه انتي حقيرة!، انا ندمانه على اني اشفقت عليكي للحظة واحده.
ابتسمت نهلة مردفه: وبرضوا لسانك طويل زي ماعرفت عنك من سنيني معاكي.
هتفت عائشة بغضب: سنين ايه ياست انتي، انا لسه عارفه عنك من يومين اتنين.

نطقت نهلة بمكر: علشان تدمر حد لازم تستخدم واحد مقهور منه، انتي ذكية بس للأسف الذكاء فواح سهل اوي انك تعرفي اللي قدامك ده ذكي، علشان كده رضوان كان بيتعامل معاكي بحذر جدا، علشان ادمر رضوان من بعيد كان لازم استخدمك، بنت ليها نشاط تطوعي كبير بتحب الخير وتحارب الفساد، بدأت اخلى ناسي في مصر يبعتولك من ارقام مختلفه اماكن فيها تسليم شحن مخدرات وسلاح وغيره كلها كانت بتبقى تبع ناس انا على صلة بيهم وسهل اوي اعرف شغلهم ايه وماشي ازاي.

وكنت متأكده انك هتروحي لما يتبعتلك مسدج زي ده، وفعلا روحتي وبقيتي تصوري كل حاجه وتنشريها على المدونه بتاعتك على الانترنت بإسم مستعار صاحبة الوشاح، و فتحتي مجال كبير للبوليس انه يكشف الناس دي ويقبض عليهم، كل حاجه كانت ماشيه صح لحد اللحظة اللي استنيتها يوم ماكنت فاكرة ان رضوان هيسلم شحنه وخليت رجالتي بعتولك مسدج بالمكان والعنوان علشان تبقى انتي القشة اللي هتقطم وسط رضوان، بس للأسف وعلى عكس توقعاتي طلع مفيش شحنه وانهم مسكوا الراجل بتاعي صابر وجايبين حامي علشان يقرر الراجل ويعرف مين اللي وراه، كل حاجه اتعكت بظهور حامي في الصورة، اللحظة اللي حامي بقى فيها مبقتش قادرة استخدمك تاني، حامي كان محاوطك من جميع النواحي وخسرتك انا، عرفتي بقى ياعائشة مين اللي كان بيبعتلك اماكن الصفقات المشبوهة علشان تروحي تكشفي الفساد وتبقى بطلة قوميه.

هزت عائشة رأسها بغير تصديق تنظر حولها بدموع هل كانت ضحيه للعبة قذرة كهذه!، هل كانت مجرد أداة لها لتحقيق مخطط لعين.
قامت عائشة من مكانها ترمقها بتحد غاضب هاتفه: اسفه بس انا المره دي هخالف توقعاتك، انا هقول لحامي كل حاجه بس لما اقدر اوصل انا لصوفيا الأول.
في نفس التوقيت.

كان المكان معتم للغاية في هذا السجن اللعين بل هو مقبرة ولكن الفرق ان يسكنها حي، الحشرات هنا وهناك، هو مكبل يجلس ذليلا على الأرضية يبكي وينوح، قطع نواحه تسلل بعض الضوء الذي تبعه صوت: لا لا لا مكنتش مفكر ان عضمك طري او كده يا نادر.
عرفه من بحة صوته، من نبرته الحازمه، من حروفه التي تقطر سخريه وابتسامته الساخره التي لم يراها ولكنه استطاع تخيلها من نبرته جيدا.

هتف نادر بغضب وهو يحاول استعادة جزء من ثباته: عايز ايه يا حامي؟!
هتف حامي بنبرته الخبيثة: بيننا حساب قديم وانا عايز اصفيه.
اقترب منه بخطوات وئيده كان نادر يراقبها متصنعا اللامبالاة ولكن قلبه يرتجف خوفا، أخرج حامي من جيبه شيء ما متابعا: بس انا عايز كل حاجه تكون صوت وصورة علشان وقت مااحس اني زهقان استمتع وانا بتفرج ع اللي عملته فيك.

ابتلع نادر ريقه بذعر جلي وخاصة حينما ثبت حامي هاتفه على الحامل المعدني وفتح تلك الخاصية حتى يصبح التسجيل صوت وصورة، التفت له قائلا بنبرة شرسه: مبيفكركش بحاجه الكلام ده!
صوفيا كيف اعتدي عليها رضوان وقتل زوجها امامها وهو وقف يصور مايحدث بدم بارد، كان هذا التصوير كارت حتى يضغطوا به على المسكينه بعد ذلك حتى تصمت، ثم احتفظ نادر بنسخه منه لأن كل منهما لا يثق في الآخر البته.

قطع شرود رضوان هذا لكمه قويه في وجهه أطاحت به للجهة للجانب و حامي يقول بغل: انا هخرجك من هنا مش نافع لحاجه تاني، علشان تعرف مين حامي العمري.
هتف نادر بصعوبة: رضوان هيلحقني.
ارتفعت ضحكات حامي الساخره ثم سريعا ما جذب نادر من خصلاته بعنف فصرخ الآخر عاليا وحامي يهتف: رضوان فعلا بيدور عليك دلوقتي، بس مش علشان يلحقك، علشان يقتلك.

نطق بالأخيرة ليطيح به برأسه، تلوي أرضا فضغط حامي بحذائه على معدته، والآخر يصرخ: هموت، ارحمني حرام عليك.
قهقه حامي عاليا وهو يقول بسخرية: رحمه!، ربنا يرحمك بقى ولو اني اشك انك هتشوف رحمه سواء دنيا او آخره.
ركله عنيفه بقدمه أطاحت بنادر تبعها بلكمات متعدده في أنحاء متفرقه من جسده فتكوم على نفسه في حين لمعت عين حامي وهو ينظر هاتفا: ده كله حساب اللي صور بس، تخيل بقى معايا كده حساب الو التاني.

أخرج سلاحه لتخرج منه طلقه هادره أصابت كف نادر الذي فقد حتى القدره على الصراخ بينما نطق حامي: دي علشان ايدك القذرة اللي صورت بيها اللي حصل.
طلقه آخرى أصابت كفه الآخر وحينها صرخ عاليا في حين اقترب حامي منه هاتفا: ودي علشان خاطر امي اللي استنجدت بواحد و زيك وانت وقفت تصور.
آخرى أصابت قدمه ونظرات الشر تلتمع في عين حامي وهو يتابع: ودي علشان حق عائشة اللي موتوا اهلها علشان سعوا يقولوا كلمة حق.

عيار ناري آخر يخترق قدمه الآخرى وحامي يهتف بعروق بارز وعين اختلطت بوعاء من الدم فصارت جزء منه: ودي حق سارة اللي حرقت قلبها على ابنها.
هنا فقط وقف حامي بشموخ يهدر بعنف: كل اللي فاتوا دول كان مسامحين في حقهم، بس علشان هما مني انا مسبتش حقهم ده، اما حقي انا فمش مسامح فيه، هخلي كل علامه في جسمك تسمعلك اسمي كل يوم.

كان نادر يصرخ ببكاء يترجاه ويستعطفه ويهاب ان يكون العيار القادم في صدره، في حين أخرج حامي من هذا رنين هاتفه المستمر، فااتجه نحو الخارج هاتفا بشر: متطمنش اوي لسه ليلتنا طويلة مع بعض.
اجاب على هاتفه وأنفاسه تتصارع من هذا المجهود العنيف الذي بذله: ألو
أجاب الطرف الآخر: أيوا يا حامي، أنا الملازم حسام.
خير؟!
هتف حسام بهدوء: نادر فين يا حامي؟!
نطق حامي بملل: معرفش.

حامي انا وصلت للمكان اللي نادر بيستغل الأطفال فيه، في بنت النهارده جت واعترفت بكل حاجه عنه مقابل انها تكون شاهد ملك، وقالت ان انت اللي بعتها، باقي بس نقبض عليه ونحقق معاه في كل البلاوي دي.
أدت الفتاة دورها بنجاح فبعد أن حاولت قتل عائشة بأوامر من نادر استخدمها حامي كوسيلة جيده وخاصة بعدما عرف انها تعلم أسرار كثيرة.

هتف حامي بثقه: طيب اظن انك شايف اهو اني ساعدتكوا كتير علشان تقبضوا عليه، مش معقول هخبيه!، مع اني اشك في تقبضوا عليه دي، نادر بشوية فلوس هيعرف يخرج من كل ده ويلبسها لواحد من رجالته.
هتف حسام مسرعا: صدقني مش هيحصل، هيتعاقب وخصوصا انك وعدتني تديني الميموري اللي عليه كل الأوراق اللي تخص شغله هو ورضوان وبكده هنقدر نمسك الاتنين.

تابع حسام بطفيف من الأمل: لو نادر معاك سلمه، نادر دلوقتي في نظر القانون مجرم ولو معاك يبقى انت كده بتتستر عليه.
مط حامي شفتيه بتفكير وصمت قليلا وهو يفكر جديا في شيء ما.
بعد مرور عدة ساعات
كانت تهرول في هذا الطريق الخالي من البشر وقلبها يدق بعنف ويلاحقها هؤلاء الوحوش البشرية.

صرخت عائشة عاليا وهي تتابع هرولتها وتنظر خلفها بأنفاس متقطعة، هم يلاحقونها كوحوش ضارية، ابعدت عينيها عنهم واكملت هرولتها حتى لا يستطيعوا اللحاق بها آتت تنظر للخلف مرة ثانيه فتعركلت في هذه الصخرة مما أدي إلى سقوطها على وجهها وصراخها العالي إثر اصتدام وجهها بقطعه من الصخور، كان فستانها لا يساعدها على القيام في حين جاهدت هي ان تهرول مجددا ولكن قبض على كفها أحدهم.

أخذت تصرخ عاليا وتحاول الفكاك منه بكل ما اوتيت من قوة ولكنها لم تستطع، ضربة قوية على رأس هذا الرجل اسقطته ارضا، في حين سحبها حامي من يدها منه، تأمل جرح وجهها لثانيه فشعر برغبة عارفه الصراخ، لم يكن هناك اي وقت حملها سريعا واخذ يهرول بها من هؤلاء الذين يلاحقونهما.
استطاع أن يصل بها إلى مكان بعيد بعض الشيء، فأخفاها خلف الجدار هاتفا: اوعي تتحركي من هنا.

تشبثت في كفه كطفل صغير هاتفه ببكاء: لا مش هسيبك لا.
هتف بحده وهو يضغط على كفها: اهدي، تفضلي واقفه هنا متتحركيش، طول ماانا مطمن انك كويسة هقدر اتعامل معاهم، لو حسيت للحظة انك بره اعرفي انه هلاكي يا أسيرتي.

ترك كفها حينما سمع خطوات أحدهما فأسرع يطلق الرصاصات الهادرة عليهم وقد خرج مواجها لهم، ضرب الواقف أمامه، وركل الآخر، كانت نظراتهم لاتكن له سوى الشر، كانوا ثلاثه قضي على الأول وبينما هو يضرب الثاني اقترب ثالثهم منه بسلاح ابيض ليطعنه في معدته طعنه غادره، وضع يده على معدته لم يظهر ألمه بل تظاهر بالثبات وهو يستدير للآخر لم يعطه فرصه بل آتي صديق لهم من بعيد أطلق رصاصه هادره اخترقت صدر حامي، كانت نظرات حامي له لاتنسى أدرك ذلك اللعين أن صاحب تلك النظرات الحاده إذا بقى حي سيكون هلاكه على يده وإذا توفي كتبت له النجاه.

بعد سقوط حامي أرضا على وجهه صرخ زعيمهم فيهم واسرعوا يفروا هاربين، بينما خرجت عائشة مسرعه بمجرد ان اختلط سمعها بصوت الرصاص لتجده متكوم أمامها هكذا على الأرضية، أخذت تصرخ عاليا وهي تقترب منه تجلس جواره على الأرضية صارخه: حامي لا، انت كويس
صرخت عاليا عل أحد يسمعها: ياناس ساعدووونا
اقتربت منه ثانيه تتحسس وجهه الذي تصبب عرقا وهو ينطق بصعوبة: خلصت كده يا عيوش.

نطقت بنبرة باكية وهي تمسح على وجهه: لا مخلصتش لا، انت هتعيش، مش هسيبك.
مسح على وجهها متحدثا بتقطع: لو عيشت هيبقى قدري ومصيرك اللي مربوط بحديد فيا، ولو روحت هتفضلي الحسنة الوحيدة في حياة حامي يابنت الزيني.

قال هذه الكلمات و اغمض عينيه حتى يسترخي قليلا من الوجع بجسده بينما قامت هي تهرول في المكان تبحث عن المساعده وسط صراخها و دموعها وشريط ذكرياتها يحاوطها، همسته الأولى: صاحبة الوشاح الشرسة، و همسته الآن بنت الزيني.
النار مشتعلة، والحي مزدحم، والقلب يصرخ هاتفا: هل من معين؟!
قلبي يراودني، روحك تحاوطني، والعالم يصرخ بالوعيد، وصوته يطرب أذنها في كل مرة دندن فيها لها
غني للناس للحب غنيلي غني.

غني لدقه قلب غنيلي غني
غني لرفيق الدرب غنيلي غني
غنيلي غني غني غني غني
غني لقلب مشتاق ناطر عنار
غني لحلم عوراق بعدو ما صار
غني لايلول و فراق ياخد قرار
غنيلي غني غنيلي
غني لبال مشغول منو عبال
غني لعيون بتقول حكي ماتقال
غني الجواب عطول باقي سؤال
غنيلي غني غنيلي
غني للناس للحب غنيلي غني
غني لدقه قلب غنيلي غني
(غنيلي غني، ماجده الرومي).

تنبيه مهم جدا: مش كل الأحداث وضحت ياجماعه اخر مشهد عملتلكم ان في مرور زمني بعد كام ساعه حصل كذا احنا منعرفش حصل ازاي ومين دول وكل ده هنعرفه في الجزء التاني.

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة