قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

خير، شر، صلاح، فساد، أبيض، أسود
كلها متناقضات تمليء عالمنا ولكن ماذا إن اجتمعت تلك المتناقضات في زاوية واحدة!
من منا يملك خيوط حياته، إنما نحن كحبات الرمل تحركنا الحياة كيفما تشاء، فنرسم حياتنا، ونخطط أحلامنا وفي النهاية نجد أنفسنا في مكان لم يقع اختيارنا عليه من البداية.

في عالم يسوده الظلم والفساد وقلوب فاسدة تتطاحن على أن تكون أسوأ، الشر هنا متجسد على هيئة أشخاص ربما كانوا بشرا يوما ما ولكن المؤكد أنهم الآن لعنة تقتل بدمٍ باردٍ.
عالم غامض لايقتحمه سوي من تخلى عن حياته وألقى قلبه بعيدا وصنع من نفسه وحشا لايعرف الرحمه...
دلفه هو بمحض إرادته حتى يصبح أقوي، ليعذب مثلما تعذب، وليسلب الحياة من أشخاص لا دخل لهم ولكنهم وقعوا في طريقه.

وليعيش في عالم مظلم ظلام كالح كظلمة قلبه!
وفي وسط كل هذا أتت ووطأت أولى خطواتها نحو هذا العالم ولكن ليس من أجل إن تصبح مثل أصحابه ولكن لتدمره!
تقابلت الأعين في لحظة مهيبة، وهرولت الأقدام نحو الأمان بعيدا عن كل هذا الخوف، لم تتحمل دقيقة واحدة في هذا العالم فلقد فرت بكل سرعتها بعيدا ولكن هل سيتركها تفر؟!
أم سيأخذها صاحب القلب المظلم معه إلى الهاوية!

في إحدي ليالي تشرين الباردة وداخل تلك الغرفة الباردة التي يعمها السواد من كل جانب
كان حامي يسير على إحدي آلات السير بسرعة فاقت المسموحة، أخذ العرق يتصبب منه وعلا رنين هاتفه، فبدأ يهديء من سرعة الآلة حتى توقفت تماما.
التقط منشفته يزيل بها قطرات العرق المتساقطة، وارتشف الكثير من الماء ثم نطق متضجرا بعد أن أضاء هاتفه مرة ثانية: أوووف بقى، عايز ايه ده كمان!
التقط هاتفه وضغط على زر الإجابة و: أيوا يارياض.

( حامي احجز اول طيارة نازلة مصر حالا)
انكمشت ملامحه بإستغراب ونطق ب: وده ليه بقى؟!
آتاه الرد قائلا: هنتقابل لما تنزل وهتعرف المطلوب.
أغلق حامي هاتفه دون رد وألقاه بإهمال قائلا بضجر: كانت نقصاك أنت كمان.
-وكسبت، وكسبت، وكسبت كمان مرة
وقفت عائشة تهتز بفرح عقب فوزها في لعب الأوراق (الكوتشينة) مع صديقتها المقربة نيرة.
نطقت نيرة بغيظ: خلاص يااختي عرفت انك كسبتي، بس بقولك ايه بلاش بالله عليكي الحكم.

قهقهت عائشة بسخرية قائلة: انسي ياماما هتنفذي الحكم حالا.
قطع حديثهم سماع صوت شجار في خارج الغرفة
فهمست نيرة ب: سمعت اللي انا سمعاه
عاونتها عائشة ب: اه سامعة
قفزت نيرة من الأريكة واتجهت إلى الباب بخطوات وئيدة وهي تقول: الظاهر كده عمر أخوكي بيتخانق مع أم أربعة وأربعين
فتحت عائشة باب الغرفة بحذر وهي تقول: هش خلينا نسمعهم
في خارج الغرفة.

نطق عمر بعصبية: يعني ايه ياسالي والدك عايز يغير المؤخر ويخليه 2 مليون جنيه.
شهقت نيرة من الرقم بخضة وفتحت عينيها على وسعيهما هامسة ب: 2 مليون ايه!، ده الأميرة ديانا نفسها ماااتدفعش فيها الرقم ده.
جذت عائشة على أسنانها وهي تقول بإشتعال: سالي بنت نحمدوا عايزة مؤخر 2 مليون جنيه.
اشتد الصراع في الخارج فاانتبها مجددا
جلست سالي فوق الأريكة بتعالي وهي تقول: أنت ليه شايف الرقم كبير!، ده ضمان ليا ياعمر.

رفع عمر حاجبه تلقائيا و: ضمان ليكي!، هو انتي معتبرة جوازتنا صفقة ياسالي، ضمان ايه بالظبط
علي الجانب الآخر وصلت عائشة إلى قمة اشتعالها فحاولت نيرة مساعدتها، فربتت على كتفها قائلة: اهدي ومتتعصبيش مشاكلهم يحلوها سوا.
ولكن لاحياة لمن تنادي، فتحت عائشة باب الغرفة على مصرعيه وخرجت إلى الردهة قائلة بعنف إلى أخيها: أيوة هي معتبراه صفقة، اعملك ايه تاني علشان تصدق إنها واحدة طماعة مابتحسش.

هبت سالي من مكانها قائلة بغضب: عجبك كلام أختك ياعمر
اتجهت إليها نيرة وجذبتها بعنف من ذراعها قائلة: تعالي بس انتي ياحبيبتي معايا الأوضة اهديكي اصل العصبية وحشة عليكي.
نطقت سالي ب: بس يا بتاعة انتي!
اشتعلت حماسة نيرة وهي تقول بعنف: أنا مش هحاسبك على الكلمة دي بكلمة زيها، علشان احنا رجال أفعال لا أقوال.
رفعت سالي رأسها بغرور وهي تردف ب: وريني هتعملي ايه.

التقطت نيرة كوب العصير من المائدة وقذفته في وجهها على حين غرة قائلة بتشفي: هعمل كده
صرخت سالي بفزع وهرول عمر ناحيتها معنفا نيرة و عائشة: مبسوطين كده!، اتفضلي خدي صحبتك وانزلي عقبال ما اصلح اللي ههببتوه ده.
التقطت نيرة حقيبتها، وارتدت عائشة حجابها قائلة: أنت الخسران!، وأنا بقولك اهو دي مش جوازة دي جنازة.
ثم وجهت كلماتها إلى نيرة قائلة بدلال متعمدة إغاظة سالي: يلا يا نيرو ننزل نشرب عصير بدل اللي اتدلق.

ثم انفجرت ضاحكة هي وصديقتها وهم يعبرون إلى خارج المنزل، وأغلقت نيرة الباب محدثة جلبة عالية.
استدارت عائشة إلى نيرة وهي تقول بتدبير: احنا مش هنمشي، احنا هنقعدلهم هنا في بير السلم، وأنا هعرف ازاي أطفش بنت نحمدوا وأبوها
في إحدي الفنادق الضخمة (جراند نايل تاور) المطلة على نهر النيل العظيم حيث جزيرة الروضة...

كان حامي يجلس بإسترخاء في حوض الاستحمام الساخن، يشغل عقله تلك المهمة العاجلة التي حضر إلى مصر من أجلها.
مشاهد سوداء تمر من أمامه، ذكريات مؤلمة، طفولة مشردة، فقدان هوية، صقيع يضرب بلا رحمة
وضع يده على رأسه صارخا ب: بس كفاااااية...
صعد من المرحاض ووقف يرتدي ملابسه بعصبية شديدة وبعد انتهائه وقف أمام ذلك اللوح الزجاجي الضخم يزيل البخار بيده عله يري وجهه الحقيقي به.

رواده سؤال في نفسه من أنت، لم يعط لنفسه أي فرصة للتدبر بل نطق بدهاء وثقة: حامي العمري...
ثم كررها ثانية قائلة هذه المرة بإبتسامة جانبية بزغت على وجهه: حامي العمري اللي ولا حد هيقف في طريقه، واللي هيحاول بس هيندم ندم عمره كله!
استدار من أمام اللوح الزجاجي واتجه إلى الخارج عائدا إلى غرفته في هذا المكان المريح للنفس!

جلست عائشة على إحدي درجات السلم تجاورها نيرة أخذت عائشة تضغط على يدها بغيظ، وتهز نيرة قدمها في حركة انفعلاية.
-أنا عندي فكرة!
صرخت بها عائشة قاطعة هذا الصمت الذي أصابهم بالملل
نظرت لها نيرة بحماس لتتابع فقالت عائشة: احنا نعد من 1 لحد 10 لو مخرجتش ندخل تاني
فقالت نيرة وقد انكمشت ملامحها بغيظ: لا فكرة وحشة، احنا نقتلها أحسن
علت ضحكاتهما معا وتوقفا فجأة بعد أن سمعا صوت باب المنزل يُفتح.

هرولت عائشة تتبعها نيرة إلى ذلك المكان المظلم في آخر الدرج، وأخذوا يتابعون هبوط سالي بتبختر وهي تلف إحدي شعيراتها على يديها
نطقت عائشة بهمس مندهش: نيرة، انتي مش، لما وقعتي العصير ع البت دي شعرها باظ
أومأت نيرة و: اه باظ
تابعت عائشة وقد استدركت ماحدث: امال شعرها رجع سايح كده تاني ازاي؟!
اجابتها نيرة وهي تجتهد في كتم ضحكاتها: يمكن رباني.

وخزتها عائشة في كتفها بغيظ وهي تقول: لا وحياتك ده السشوار بتاعي، أكيد الباشا اداهولها.
خرجا الإثنتان من ذلك المكان بعد أن خرجت سالي وقال نيرة بترجي: بقولك ايه سيبك منها يلا نروح ناكل أنا جعت.
عدلت عائشة حقيبتها و: يلا والله الأكل أحسن منها مية مرة.
في ذلك المطعم الدوار المطل على نهر النيل، كان الآلات تعزف الموسيقي من كل جانب في وسط طبيعة خلابة حيث تحتضن السماء هذا المكان.

جلس حامي على إحدي الطاولات منتظرا وصول رياض، فقطع خلوته النادل قائلا بتهذيب: طلباتك ايه يافندم؟!
خلع حامي نظارته الشمسية ووضعها أمامة ونطق بتروي: قهوة سادة
أومأ النادل بتهذيب وغادر راحلا، ثم ظهر رياض في المكان مهللا ب: وأنا أقول مصر نورت ليه
ابتسم حامي بسخرية و: منورة بأهلها يارياض، اقعد
جذب رياض أحد المقاعد وجلس عليه بهدوء وهو يقول: أخبارك ايه يا حامي.

التقط حامي إحدي قلادة مفاتيحه عابثا بها وهو يقول بهدوء: بخير، المهم في ايه علشان تخليني انزل مصر.
قال رياض بتخطيط: في كتير، عمليات كتير اووي هتكون هنا الفترة الجاية شغلنا كله هيكون هنا، وفي حاجة مهمة حصلت!
ارتشف حامي قليلا من قهوته و: حصل ايه؟!
بدأ رياض السرد قائلا: كان في شحنة المفروض هنستلمها من يومين، بس الموضوع باظ!
بدي الاستغراب على وجه حامي وهو يقول: و باظ ليه؟!

زاغت أعين رياض على إحدي الفتايات التي تجلس على الطاولة المقابلة لهم، استدار حامي ليري ما ينظر له وبعد أن أكتشف الأمر ضحك ساخرا وهتف بضجر: رياض، ركز هنا وسيبك من اللي بتعمله ده
انتبه رياض مرة ثانية وتابع: نرجع لكلامنا، الشحنة باظت علشان في واحد بلغ عنها اسمه صابر
نطق حامي مكملا: وطبعا انتوا معرفتوش تجيبوا الراجل ده أو بمعني تاني انتوا عايزين تجيبوا اللي مشغل صابر ده لأن أكيد معرفش لوحده.

نطق رياض بإعجاب: تسلم دماغك الألماظ
هب حامي واقفا والتقط نظارته وقلادة مفاتيحه قائلا بآلية: النهاردة الساعة 2 الفجر هبعتلك مسدج فيها مكان تجيلي هناك وتجيب رجالة.
وقبل انصرافه نطق رياض بااندهاش: انت سايبني ورايح فين؟!
-نازل الجيم وبعدين أنت مش هتغلب هنا، have fun يا رياض.

في الواحدة صباحا، كانت العتمة تحل أجواء المكان، والبرودة القاسية تحلق على الجميع، تأكدت عائشة من عدم وجود أخيها بسبب عمله، ووقفت أمام خزانتها التقطت إحدي الفساتين الصوفية الثقيلة باللون الأسود. ووقفت ترتديه على عجالة، ثم التقطت حجابها ووقفت تثبته. ودقات قلبها تتصارع في الخفقان، أخذت تهمس ب: يارب.

سارت إلى حقيبتها. وضعت فيها آلة التصوير الخاصة بها وأغلقتها، وانحنت تربت حذائها ذو اللون البني المميز، ثم استقامت وهي تردف ب: كده تمام.
حملت حقيبتها والتقطت وشاحها الذي ابتاعته لها صديقة فلسطينية، فتحت البوابة ببطيء شديد حتى لاتحدث أي جلبة تؤدي إلى إيقاظ من حولهم، ثم خرجت بهدوء متمتمة ب: عديها على خير النهاردة يارب زي مابتعديها دايما.

في الساعة الثانية صباحا وداخل أحد الأماكن المهجورة والمظلمة وقف هؤلاء الرجال متراصين حول ذلك الرجل الذي يجلس متهالكا لاحول له ولا قوة، مكبل بالأحبال ومنحني إلى أسفل في ذعر وخوف من كل شيء وفي وسط هذا الصمت شق صوت مقيت الأجواء
رياض: ها يا صابر لسة برضوا مش عايز تقول عامل قلق ليه؟!
صابر بخوف: ياباشا أنا معملتش حاجة
رصاصة هادرة شقت الأجواء متجهة صوب قدم صابر فأطلق صرخة مفزعة.

اقترب صاحب ذلك العيار الناري بتؤد ناحية صابر ومال عليه وقد انعكس ذلك الضوء الخافت على عينيه فأصبحت كالنار المشتعلة
حامي بفحيح: أكتر حاجة بكرهها في حياتي الكدب.
كان الرجل يصرخ من آلامه والرعب الذي أصابه من ذلك الذي يبدو وحشا يفتك بمن يقابله
جذبه حامي من خصلاته وهو يقول بعنف: متعيطليش زي النسوان. ياتنطق وتقول مين اللي قالك على معاد الشحنة يإما...

قال صابر بصوت مفزوع باكي: والله مااعرف أي حاجة عن اللي بتتكلموا عن ده
همس حامي: جميل جدا
ثم أطلق طلقه هادرة مرة آخري من سلاحه وفي هذه المرة مرت بجانب رأس الرجل تماما، كادت أن تخترق رأسه
فاانفزعت ملامح صابر وأصبح كالأموات وتبع صوت ذلك الدوي الناري صوت صرخة نسائية دوي صداها في المكان.
التفت حامي تلقائيا إلى الخلف ناظرا إلى رياض الذي قال بقلق: سمعت اللي أنا سمعته.

حامي بتركيز وهو يضع سلاحه في جيبه الخلفي: خليك هنا، راجعلك
تركهم وهرول إلى أحد الأشجار في مكان منزوِ مصدر تلك الصرخه، تخطي هذه الشجرة وإذ به لم يجد خلفها إلا إحداهن تهرول بأقصي سرعتها غير عابئة بما خلفها تبعها هو وهرول خلفها سريعا فالتفتت ليمليء الذعر قلبها عندما وجدت أحدهم قد اكتشف أمرها، فزادت من سرعة هرولتها ولم تفيق سوي على يده التي تقيدها!

كانت فتاة ذات عين رصاصية حادة ولكن امتلئت بالذعر لايظهر من وجهها سواهم وباقي وجهها تغطيه بوشاح مميز يشبه تلك التي يرتديها أحرار فلسطين.
التقت الأعين في لحظة فاصلة في حياة كل منهم وقبل أن تلمس يده وشاحها ليزيله كان قد ضربته ضربة قويه على حين غرة وأكملت فرارها هاربة.
تركها تهرول ولكن لاحظ ذلك الحذاء المميز الذي ترتديه!
أخذت تتمتم وقد قاربت أنفاسها على الإنقطاع: يارب، احميني منهم يارب.

وأكملت طريقها بعيدا عن هذا المكان.
عاد هو إلى حيث رياض مرة آخرى فتسأل رياض بلهفة: لقيت إيه؟!
قال حامي بغموض: لاقيت واحدة بتلعب في عداد عمرها
اكتست ملامح رياض بالتعجب وهو يقول: قصدك إيه.
ابتسم حامي بمكر وهو يقول: متشغلش بالك.

استدار لينظر نحو ذلك الرجل القابع خلفهم يعاني من آلام قدمه وخوفه من القادم فاافترب منه حامي وهو يقول بتمثيل اصتنعه جيدا: متخافش كده، خلاص ياسيدي أنا مش عايز أعرف مين قالك على الميعاد، وهسيبك تروح كمان
انفرجت أسارير الرجل بعد كلمات حامي وبعد أن نظر إلى رجاله قائلا بأمر: فكوه وجيبوله دكتور يعالجه
جأر رياض بغضب: حامي ايه اللي بتعمله ده؟!

تبع قول رياض إشهاره سلاحه إطلاق طلقة غادرة أصابت الرجل في منتصف رأسه فسقط صريعًا
صرخ حامي بعنف وقد استشاط غضبا: موته ليه كده أنت بوظت كل حاجة.
استقام رياض قائلا ببرود: كان لازم يموت، ده أمر!
صوب حامي عينيه نحو رياض وهو يقول بثبات: وأنا مباخدش أوامر من حد وأظن إنك عارف، أنا لو ماشي ورا حد مكانش زماني بقيت حامي العمري.
استشاط الوضع بينهما وقال رياض: افتكر كويس أنا مين يا حامي.

اقترب منه حامي خطوتين مردفا بشر وعين تلتمع بالثقة: أنت عارف جدي دايما كان يقولي خاف من اللي مستبيع، اللي معندوش حاجة يخاف عليها علشان ده بيبقي فاجر!، قعدت طول عمري أدور على واحد زي ده ويوم ما لاقيته طلع أنا!
أتي رياض ليقاطعه فعارضه حامي قائلا: أنت مش قولت ان جالك أمر دلوقتي تقتله، يبقي أكيد عرفتوا مين وراه، بس ابقي بلغهم إن أي مصايب هتحصل بعد موت الراجل ده حامي العمري مش هيتعامل فيها.

أردف رياض ب: يعني ايه؟!
استدار حامي راحلا وهو يهتف ب: يعني سلام يارياض
كانت الساعة السادسة صباحا، أخذ الطريق من ذلك المكان المهجور إلى منزل صديقتها وقت طويل ولكن كان منزلها هو الأقرب.
دلفت إلى منزل صديقتها المقربة وهي تجأر ب: نيرة، الحقيني.
هوت إلى أقرب مقعد وقع في طريقها أخذت تشق أنفاسها طريقها للعنان بعد أن حبستها لدقائق مرت عليها كالسنوات.

خلعت ذلك الوشاح الذي كانت تغطي به وجهها سريعا وعدلت من هيئة حجابها قبل خروج صديقتها المقربة.
خرجت صديقتها وقالت بفرحة عارمة: الندلة اللي مبتجيش بيتي إلا في المناسبات، و جيالي ستة الصبح كمان!
التقطت عائشة إحدى ثمار الفاكهة وبدأت في قضمها وهي تهتف بنبرة مرحة: مشاغل يااختي والله، المهم الحقيني بقى بالفطار علشان جعانة.

التقطت عين نيرة ذلك الوشاح الملقى على الأريكة فنظرت له بدقة ثم قالت: أنا شوفت البتاع ده قبل كده
ارتبكت عائشة، خطأ فادح وقعت به، حاولت ألا تلفت النظر فجذبت الوشاح وقالت بنبرة مرحة: حبيت أقلد البنت اللي مشهورة اليومين دول دي بإنها بتحارب الفساد وتصور الصفقات المشبوهة فااشتريت وشاح زي اللي بتغطي بيه وشها وهي بتصورهم.

قهقهت صديقتها عاليا وقالت: بس تصدقي والله نفسي أشوف وش البنت دي جدا، حيرت البلد كلها بكشفها للفساد ولحد دلوقتي محدش شاف وشها، غريب الوشاح بتاعها
صوت شق حديثهم هاتفا ب: نيرة
بمجرد ماوقعت عين نيرة عليه هرولت ناحيته بحماسة شديدة وهي تحتضنه مهللة: حامي حبيبي، وحشتني أووي، ازاي ماتقولش إنك راجع من السفر.
قبلها حامي وهو يحتضنها بشدة ويقول: أنتِ كمان وحشتيني، محبتش أشغلك بيا.

بمجرد مارأت عائشة هذا الشخص تبدلت حالتها رأسا على عقب، امتلأت ملامحها بالذعر وهبت من مقعدها سريعا وقالت بنبرة مرتبكة: نيرة أنا ماشية.
التفتا لها وبمجرد رؤيتها رمقها بنظرات كالذئب كاد أن يختل توازنها ولكنها تماسكت مع قول نيرة: لا طبعا هتفطري معانا وبعدين مش تسلمي على أخويا ده أنتي عمرك ماشوفتيه من ساعة ماكنا صغيرين.

كانت عيناه تجول على ذلك الوشاح بيدها لاحظت هي ذلك فقالت سريعا: معلش مش هقدر أقعد وحمد الله على سلامتك.
قال بنبرة غامضة: الله يسلمك
أطلقت لقدميها العنان وهي تخرج سريعا وقفت في الخارج تربط حذائها فلاحظ هو هذا الحذاء وذلك الرداء الأسود الذي شاهده البارحة. خطأ آخر وقعت به.
استشفت نظراته فلم تكمل ماتفعله بل هرولت سريعا ودلفت داخل الأسانسير وقبل انغلاق باب الأسانسير كانت نظراته مثبته على عينيها بقوة.

انغلق الباب!
كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة تكاد تموت خوفا وذعرا، لايمكن أن يكون هو وماهي إلا ثوان معدودة حتى وجدت باب الأسانسير يُفتح ويدلف هو للداخل وعلى وجهه ابتسامة غامضة.
ويشهر سلاحه مصوبه تجاه رأسها وهو يبتسم من زاوية فمه و يقول بمكر: صاحبة الوشاح الشرسة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة