قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل السادس والثلاثون

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل السادس والثلاثون

الجزء الثاني من بنت القلب

أنهى المكالمة ثم قام بتسجيل رسالة صوتية إلى والدته عبر تطبيق واتس آب، أكمل الطريق إلى أن وصل، ترجل من سيارته وسار في هذا الشارع إلى أن وجد المنزل الذي أخبرته عنه فاقترب وطرق الباب بخفة، فتحت له وهي تقول بلهفة ووجه خائف:
- تعال ادخل
بالفعل دلف إلى الداخل والتفت وهو يقول:
- هي في ...

قاطعته بطعنة قوية من خنجر بيدها وهي تقول:
- مفيش حد
نظر إلى هذا الخنجر وإلى الدماء التي تسيل منه ورفع رأسه لينظر إليها بصدمة وألم في آن واحد:
- ليه؟
ابتسمت ابتسامة انتصار وقالت وهي تتلذذ برؤيته يتألم:
- أخيرا اليوم اللي حلمت بيه .. اد ايه كان تحقيق الحلم صعب بس اهو اتنفذ وأنت هتموت
وضع يده على مكان الطعنة بأم وقال بتساؤل:
- ليه ! حلمك إنك تموتيني ؟ أنا عملتلك ايه؟ أنا حبيتك !

عبست ملامحها وقالت بغضب وصوت جهوري:
- ليه ! وأنت ليه رميت أختي في السجن لغاية ما انتحرت وماتت مسمومة ؟ حبيتني ! هو اللي زيك يعرف الحب ؟ اللي زيك مايستحقش إنه يعيش أصلا .. ضحكت على أختي وفهمتها إنك بتحبها وفجأة علشان تخلص منها بلغت عنها واتسببت في موتها .. فاكرها ! هايدي
صعبت أنفاسه قليلًا فانخفض وجلس على ركبتيه وكانت الدماء تسيل بغزارة حتى غرقت يده التي يضعها على مكان الطعنة وملابسه بالكامل، التقط أنفاسه بصعوبة وقال:

- أنا معترف إني عملت كل حاجة غلط في الدنيا وأذيت ناس كتير بس موضوع هايدي مش زي ما أنتِ متخيلة .. أيوة أنا كنت أعرفها كمتعة بس مابلغتش عنها .. ماحصلش ده والله، أنا اتحولت لواحد تاني من ساعة ما عرفتك، قلبي نضف وحياتي بقت أحسن لما حبيتك .. اتغيرت 180 درجة علشان القلب الطيب اللي عرفته .. وثقت فيكِ لأقصى حد وفي الآخر تعملي كدا ؟

هزت رأسها بابتسامة ساخرة وقالت:
- بلغت مابلغتش ده مش هيفرق معايا أما بقى موضوع الحب فده، فدي كانت الطريقة اللي أوصلك بيها علشان أنتقم منك، مثلت عليك إني ملاك برئ وطاير في السما وأنت زي الأهبل صدقت، خليتك تثق فيا بكل حاجة قلتهالك سواء تصحيحك لغلطاتك أو مرواحك لأخوك، وصلتلك وسحبتك وخلصت عليك .. دي آخرتك
أدمعت عيناه وقال بصعوبة:

- أنا اتخيلتك مراتي ! كنت هاخد منك رقم والدك علشان أكلمه ! أنا في أسبوعين بقيت مهووس بحاجة اسمها مى، كل ده كان تمثيل ؟ أنتِ عارفة أنا مش ندمان إني اتبدلت للأحسن على واحدة ممثلة زيك بالعكس أنا كدا فرحان .. اعتذرت لأخويا الصغير نائل واعتذرت لياسمين والأسبوع اللي فات ده حاولت أصلح حاجات كتير غلط عملتها يمكن نهايتي اه على ايدك بس ربنا بعتك ليا علشان يهديني وأموت وأنا مستريح ويكون راضي عني ..

شعر بالألم أكثر فقال بتعب:
- رغم اللي عملتيه مخي مش راضي يستوعب، لسة بحبك لدرجة إن عقلي بيصورلي إن ده حلم، حبيتك وبحبك أوي .. لا اله إلا الله محمد رسول الله
شعر بالدوار وسقط على وجهه فقامت هي بضبطه لينام على ظهره ونظرت إلى جثته بابتسامة:
- ماتستحقش تعيش .. كل اللي زيك و همه على مصلحته ونفسه مايستحقش يعيش أبدا..

ثم طعنته مرة أخرى بقوة وسحبت السكين وطعنه لمرة ثالثة وأخيرا نهضت ونظرت إلى جثته وهي تقول:
- وبكدا تنتهي قصة يوسف الهواري وتستريح هايدي في تربتها ..
ألقت السكين من يدها وسحبت هاتفها قبل أن تنقر عدة نقرات على شاشة الهاتف، رفعت الهاتف على أذنها وانتظرت لثوانٍ وهي تقول:
- عايزة أبلغ عن جريمة قتل ..

بدأت الاستعدادات لتنفيذ تلك المهمة الخطيرة والتي يتابعها قيادات عالية وسرية، اتجه «أيمن» إلى «طيف» و «نيران» ومد يده بدعوتان لدخول المحفل وهو يقول:
- دي الدعوات اللي هتحتاجوها للدخول، ركبنا أجهزة ميكروفون في الأقنعة علشان تقدروا تتواصلوا معانا وبمجرد ما تقولوا كلمة السر هنهجم على طول .. كلمة السر اوعوا تنسوها لأنها لازم علشان دخولكم المحفل .. ماتنسوش «كن ملاكي»، مش لازم حد يشك فيكوا نهائي .. اتعاملوا بطبيعتكم وامنعوا الكلام الزيادة لأنهم بيشكوا في أقل كلمة مفهوم.

ردد الاثنان معًا بجدية وثقة:
- تمام سعادتك
ربت على كتفيهما وهو يقول بتشجيع:
- يلا روحوا البسوا اللبس المخصص للمحفل .. ربنا معاكم يا أبطال.

بالفعل ارتدا ملابسهما المخصصة للحفل وكانت عبارة عن رداء طويل باللون الأسود خاص بـ «طيف» ورداء طويل باللون الأحمر خاص بـ «نيران» وكلٍ منهم قام بدهن وجهه بهذا اللون الأبيض ثم ارتدا القناع، نظرت إليه وقالت:
- شكلنا مرعب أوي
ضحك وقال بمرح:
- أنا حاسس نفسي مصاص دماء وهتحول خفاش كمان شوية.

ضحكت وأكملت ارتداء ملابسها وما إن انتهت حتى قالت:
- هيا بنا إلى المحفل أيها الفامباير
نظر إلى نفسه في المرآة وقال:
- الموقف ده بيفكرني بفيلم الكارتون بتاع فندق ترانسيلفانيا لما دراكولا جاب جوني ودهن وشه أبيض علشان يدخل الفندق ويفتكروه وحش زيهم
ابتسمت وقالت:
- تصدق صح .. ادينا هنبقى زي جوني وندخل للوحوش على أساس إننا وحوش زيهم.

اعتدل ونظر إليها قبل أن يمسك يديها بحنو شديد وقال:
- إن شاء الله القضية دي تخلص على خير ونكمل شهر عسلنا اللي مالحقناش نتهنى بيه ده يا مصاصة دماء قلبي
اقتربت منه أكثر حتى شعرت بأنفاسه وقالت:
- إن شاء الله يا حبيبي بس بلاش نقرب أكتر من كدا علشان الصراحة أنا خايفة منك باللبس اللي أنت لابسه
ضحك بصوت مرتفع ورفع سترته وهو يقول بصوت مخيف:
- أنا دراكولا بلا بلا بلا.


رفعت إحدى حاجبيها وقالت معترضة:
- لاحظ إن دراكولا كان بيتضايق من كلمة بلا بلا بلا دي
اقترب منها مرة أخرى وقال مازحًا:
- ما تيجي تعتبريني أنا جوني وأنتِ ميفيس ونعيش قصة الفيلم
دلف «رماح» إلى الغرفة وما إن رآهم حتى انفجر في الضحك، اندهش الاثنان من ضحكه وقال «طيف» متعجبًا:
- هو رماح اللي بيضحك ولا ده من تأثير قناع الأشباح اللي أنا لابسه.

لوت ثغرها بعدم تصديق وأجابته:
- مش عارفة استنى كدا أجرب أشيل القناع
هدأ ضحكه قليلا وحاول رسم الجدية مرة أخرى لكنه لم يستطع وانفجر في الضحك مرة أخرى مما دفع «طيف» لأن يقول:
- لا ما هو اللي يضحكك كدا يبقى فعلا شكلنا يضحك .. استهدى بالله كدا يا باشا احنا قلنالك اضحك بس مش انشكح بالطريقة دي.

حاول رسم الجدية مرة أخرى وهو يقول:
- الصراحة افتكرت فيلم فندق ترانسيلفانيا شكلك جوني وهي ميفيس
رفعت «نيران» حاجبيها بدهشة وهي تقول:
- استنى بس يا طيف ده طلع تافه زينا وبيتفرج على كارتون
انتبه «رماح» وقال بتوتر:
- هااا أصل ..
قاطعته وهي تقول ضاحكة:
- أصل ايه يا رماح ياابن خالتي بس خلاص فضيحتك بقت بجلاجل .. نخلص المهمة دي بس والمديرية كلها هتعرف إنك بتتفرج على كارتون..

حاول تبرير موقفه ليقول بقلق:
- والله دي نرد أختي كانت فاتحاه وشوفته صدفة يعني
اقترب «طيف» منه وردد مازحًا:
- بس خلاص يا باشا ماتبررش اللي حصل حصل وبعدين مش عيب لما تتفرج على كارتون ما عندك أنا أهو ماسيبتش فيلم كارتون إلا لما شوفته .. بيس بيس
رفع إحدى حاجبيه وقال بدهشة:
- بيس بيس ! طيب يلا بينا علشان مانتآخرش أكتر من كدا.

انطلقت قوة ضخمة من الشرطة ووقفوا على بعد كبير من مكان الحفل بينما قاد «طيف» سيارة قاموا بتسليمها له وكانت بجواره «نيران» التي شعرت كثيرًا بالقلق لأن هذا لم تعتاد عليه، وصل إلى المكان المحدد وكان عبارة عن بناية ضخمة، ترجل من سيارته بتلك الملابس واتبعته هي أيضا، أمسك بيدها ثم نزل إلى مرآب السيارات ومنه توجه إلى بوابة ضخمة يقف أمامها رجلان تابعان لهم وكانا يرتدينِ نفس الزي، اقترب الاثنان منهما وأشهرا دعوتهما، تفحص الأول دعوته وتفحص الآخر دعوتها ثم نظرا إليهما وقالا في صوت واحد باللغة الإنجليزية:
- ماهي كلمة السر ؟

تعجبت «نيران» من نطقهم الإنجليزية فرددت:
- be my angel (كن ملاكي)
وكذلك «طيف» الذي ردد بثقة:
- be my angel

هز الاثنان رأسهما بالإيجاب وأفسحا لهما الطريق لكي يمرا، سارا في رواق طويل وكان في نهايته مصعد إلكتروني فدلفا إلى داخله وأخذهما بشكل تلقائي إلى الأسفل لمسافة طويلة، نظرت «نيران» إلى «طيف» ورددت بصوت منخفض:
- المكان تحت الأرض
هز رأسه بالإيجاب وأكد ذلك قائلًا:
- أيوة ملاحظ .. احنا نزلنا مسافة طويلة أوي.

فُتح باب المصعد ليكشف عن عالم آخر تحت الأرض، كان المكان ضخمًا للغاية وإضائته خافتة وباللون الأحمر وكان مزدحمًا بعبدة الشيطان الذين كانوا يرتدون نفس الذي، خرجا من المصعد وهما ينظران إلى المكان بدهشة وهنا تحدثت «نيران»:
- المكان ضخم أوي، ازاي المكان ده كله تحت الأرض.

جاب بنظره المكان وهو يقول:
- مش عارف عملوها ازاي دي
همست بصوت منخفض عندما وجدته يجوب بنظره المكان:
- كفاية تلفيت ماتخليهمش يشكوا فينا
انتبه لها وثبت بصره وهو يقول:

- حاضر حاضر اديني سكتت بس هنعرف قيادتهم منين ! المكان زحمة ومفيش غير التمثال الضخم اللي شبه إبليس ده وأمن في كل مكان والناس اللي واقفين بيتكلموا مع بعض دول
هزت رأسها بعدم فهم:
- مش فاهمة الصراحة ايه اللي المفروض يحصل أو هم بيلبسوا نفس اللبس ولا لا، ادينا واقفين وهنعرف كل حاجة

في تلك اللحظة ارتفعت موسيقى غريبة فاصطف الجميع بجوار بعضهم وهم ينظرون في اتجاه واحد ثم دلف اثنان إلى المحفل وفي المنتصف أنثى جميلة ترتدي زي أبيض هادئ على عكس الجميع واقتربوا من هذا التمثال الضخم الذي يرمز للشيطان، وقفوا ليوجهوا بصرهم تجاه جميع الحاضرين وقال أحدهم باللغة العربية الفصحى:
- باسم حامي العهود وحامي الأقدار، بسم لوسيفر المعظم نقدم أضحيتنا لهذا المحفل ونتمنى أن يقبلها وأن يسامحنا على تقصيرنا.

وما إن انتهى حتى أشهر سيف فتحدث الآخر بنفس اللهجة:
- فلتكونوا شاهدين .. فلتكونوا حاضرين .. فلتكونوا لنا عين، لتكون أقدارنا معلقة وعزيمتنا مُثبتة، ليكون لوسيفر شاهد علينا أننا هنا لأجله ولأجل إعلاء اسمه، لتكون ضحيتنا من أجل إرضائه
وأشهر سيفه هو الآخر بينما تقدمت تلك الفتاة ونامت أسفل هذا التمثال، نظرت إليه وقالت بخوف وتردد:
- طيف احنا لازم نعمل حاجة دول هيدبحوها !

نظر إليها وقال بصوت غير مسموع:
- ماينفعش يا نيران لو عملنا كدا هنموت أنا وأنتِ والمهمة هتفشل وكأننا ماعملناش حاجة
نظرت إليه وقالت بغضب:
- أنت عايز تفهمني يعني إننا هنسيبها تتدبح ؟
أجابها بتلقائية وهدوء:

- أظن دي رغبتها، هي جزء منهم وبتعمل ده علشان تقدم نفسها أضحية نقوم احنا ندافع عنها علشان المهمة تبوظ ! دي مش بعيد لو أنقذتيها تشتمك وهي اللي تقتلك، مفيش عواطف هنا يا نيران .. احنا هنا علشان نخلص من القضية دي بعد معاناة طويلة ولازم نخلصها
لم تستطع الرد عليه وتابعت هذا المشهد بخوف وقلق شديدين، اقترب أحدهم ووضع حد السيف على رقبتها من جهة وتقدم الآخر أيضا ولكن من الجهة الأخرى وقام بوضع حد السيف على رقبتها وبدأ الجميع في العد بطريقة مخيفة:

- مجد لوسيفر بعد 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0
وفي تلك اللحظة التي نطقوا فيها رقم صفر قام الاثنان بسحب السيف على رقبتها بقوة كلٍ منه في جهة وارتفعت الدماء التي تطايرت في الهواء كأنها شلال، أغمضت «نيران» عينيها ولم يستطع «طيف» متابعة ما يراه فنظر إلى الأسفل ولم يتابع ما حدث بعد ذلك.

اقترب أحدهم من «طيف» وقال بجدية:
- أرى أنك لا تقوم بمتابعة تنفيذ شروط الأضحية
شعرت «نيران» بالقلق كثيرا وازدادت ضربات قلبها خوفًا مما قد يحدث.

أسند رأسه على الوسادة ونظر إلى سقف الغرفة بتأمل وفجأة شعر بقبضة في قلبه مما جعله يعتدل في جلسته ويقول بصوت مسموع:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قلبي اتقبض كدا ليه ربنا يستر
نهض من مكانه وأسرع إلى غرفة شقيقته ليطمأن عليها فوجدها نائمة وبتلقائية اتجه إلى غرفة والدته لكنه تذكر ما حدث ووقف بحزن وهو يقول:
- ربنا يرحمك يا ماما..

عاد إلى غرفته مرة أخرى وأمسك هاتفه ثم نقر على شاشته عدة نقرات وتردد في الاتصال لكن قبضة قلبه تلك أشعرته بالقلق وأبعدت عنه الراحة، انتظر لثواني حتى أجابته بتعجب:
- نائل في حاجة ؟
أسرع وقال:
- لا أبدا بس حبيت أطمئن عليكِ .. أنتِ كويسة ! آسف لو صحيتك من النوم
أجابته بدهشة:
- أيوة كويسة ولا ماكنتش لسة نمت، مال صوتك !

هز رأسه وسند ظهره على وسادته وهو يقول:
- معرفش بس فجأة لقيت نفسي قلقان وقلبي اتقبض مرة واحدة وأنا لما بيحصلي كدا بيبقى في مصيبة أو كارثة هتحصل أو حصلت .. ربنا يستر وتعدي الليلة دي على خير
اعتدلت في جلستها وقالت بهدوء:
- اهدا بس يا نائل إن شاء الله مفيش حاجة ممكن قلق عادي وهيعدي..

نظر أمامه بقلق وحاول إظهار الطمأنينة في صوته حتى لا تشعر بالقلق:
- إن شاء الله خير خلاص أنا بقيت كويس روحي نامي وأنا هحاول أنام علشان الشغل الصبح
رغم طمأنته لها إلا أنها شعرت بالقلق في صوته لكنها أنهت المكالمة وهي تدعو الله بأن لا يصيبه هو وعائلته أذى..

أنهى المكالمة معها وبتلقائية جلب رقم أخيه الذي أعطاه إياه في الصباح وهاتفه ثم انتظر إجابته لكنه لم يجب فحاول عدة مرات ولكن لا يوجد رد وهذا ما أشعل الخوف والقلق بداخله مرة أخرى، نقر على رقم والده لكنه تفاجأ بأنه مغلق، نهض من مكانه وظل يتحرك في الغرفة بقلق شديد ولكنه لم يتحمل وارتدى ملابسه بسرعة ثم أمسك هاتفه وقام بمهاتفة «زين» لكنه لم يجد منه رد فحاول عدة مرات إلى أن أجاب على مكالمته بتعجب:
- في حاجة يا نائل ! أنا قلقت.

خرج من باب شقته ونزل إلى الأسفل وهو يقول:
- سعادتك فين ؟
نظر إلى القوة أمامه وأجابه:
- في مهمة تبع الشغل .. معلش هضطر أقفل ولو في حاجة مهمة كلم ياسمين وهي هتساعدك
وأنهى المكالمة في الحال بينما نظر «نائل» إلى الهاتف بتعجب ونقر على زر الاتصال مرة أخرى بـ «ياسمين» فأجابته على الفور وهي تقول:
- نائل أنا لبست وجايالك .. الصراحة مااستحملتش أفضل كدا وأنا قلقانة، بتتصل ليه في حاجة ؟

سار بسرعة إلى نهاية شارعه بخطوات أشبه بالركض وهو يقول:
- زي ما قلتلك حاسس بمصيبة هتحصل أو حصلت، أنا إحساسي ده مابيخيبش أبدا وحصلتلي كتير منهم في اليوم اللي ماما ماتت فيه، أنا اتصلت بـ يوسف كذا مرة لكن ماردش وكلمت بابا تليفونه مقفول، لو تعرفي تيجيلي علشان أروحله البيت اطمئن عليه
هزت رأسها بالإيجاب ونزلت إلى الأسفل بسرعة قبل أن ترفع صوتها وتقول:
- هانم ! هانم ؟

حضرت «هانم» بسرعة وهي تقول بلهفة:
- أيوة يا ست ياسمين في حاجة ؟
أجابتها وهي تتجه إلى باب الفيلا:
- أنا رايحة مشوار ومش عارفة هرجع امتى .. خلي بالك من رقية ولو حصل حاجة بلغيني
- تمام يا ست هانم

كان يقف في الجهة الشمالية لمكان المحفل ويقود قوة من الشرطة حسب أوامر اللواء «أيمن» وعندما هاتفه «نائل» استمع إلى صوت في جهاز اللاسيلكي الخاص به مما جعله ينهي المكالمة بشكل سريع ورفعه على أذنه ليسمع ما يُقال وكان صوت «رماح»:
- في حاجة بتحصل يا فندم، في تشويش على الصوت ومش سامعين حاجة .. نهجم على المكان ولا نستنى..

ظهر صوت اللواء «أيمن» الذي قال بجدية:
- محدش يتحرك غير بأوامري .. أكيد في حاجة بتحصل جوا بس أنا واثق إنهم هيقدروا يتصرفوا
- تمام سعادتك

ترك «زين» الجهاز من يده ووجه نظره إلى قوات الشرطة وقال بصوت مرتفع ليزيد من عزيمتهم:
- اجهزوا يا رجالة، كلها دقايق وهنهجم
رددوا كلهم في صوت واحد ومرتفع:
- تمام يا فندم

على الجهة الأخرى بداخل المحفل تسارعت دقات قلب «نيران» التي كانت على وشك التحدث نيابة عن «طيف» لكنه أمسك بيدها بمعنى انتظري ونظر إلى هذا الرجل ذو الوجه الشيطاني وردد:
- أنا أتابع تنفيذ الأضحية وأقوم بتلك الشروط، لقد سقط خاتمي الذي كنت أقوم بلفه من شدة حماسي وكنت أبحث عنه
بدل نظراته بينه وبين «نيران» وقال بجدية:
- أنا أصدقك ولكن نريد أن تكون أنت أضحيتنا الثانية لهذا المحفل المنير .. هل تقبل ذلك.

هنا تحدثت هي نيابة عنه وقالت بتهور:
- أليست التضحية بأنثى !
وجه نظره له وحرك رأسه يمينًا ويسارًا بشكل مخيف قبل أن يقول:
- أنتِ زوجته أليس كذلك ؟
أجابته بصرامة:
- نعم نحن كذلك
تحرك خطوتين تجاهها ثم قال بصوت هادئ:
- نحن نضحي نعم بأنثى وأيضا نضحي بالأزواج، ألا ترغبين بوهب روحك لـ لوسيفر المعظم ؟

تجمدت مكانها وشعرت أنها النهاية التي كانت ترفض الاعتراف بها في السابق وأمسكت يد «طيف» بيدها المرتجفة بينما هو قبض عليها بقوة وهو يقول:
- ماتقلقيش .. ماتقلقيش
ثم نظر إليه وقال بثقة:
- هذا شرف عظيم لنا، يسعدنا كزوجين وهب أرواحنا لـ لوسيفر .. هذا ما كنت أتمناه منذ سنوات طويلة..

اتسعت حدقتا «نيران» بصدمة لكنه قبض على يدها بمعنى "انتظري ولا تتسرعي" ففضلت الصمت أما عن ذي الوجه الشيطاني فصرخ بصوت عالي وهو يقول:
- ومفاجأتنا الثانية لتلك الليلة هي وهب أرواح زوجين وحبيبين كأضحية لملكنا وحامي أقدارنا
صرخ الجميع بصوت مرتفع فرحين بهذا الأمر ورددوا كلهم في صوت واحد عدة مرات باللغة الإنجليزية:
- do it .. do it .. do it (افعل ذلك).

قادهم إلى هذا التمثال وفي كل خطوة يشعر الاثنان بالخطر أكثر وأكثر حتى «طيف» الذي ظن أن هذا مجرد اختبار له لكن لم يحدث ذلك وهما الآن يُقادان للذبح كالخراف !
وصلوا إلى أسفل تمثال الشيطان وردد هذا الرجل:
- استرخيان .. كلها ثوانٍ وستكون أرواحكما مباركة..

نظر الاثنان لبعضهما البعض وهز «طيف» رأسه بالإيجاب لتفعل ذلك فنفذت ونامت أسفل التمثال بجواره وكانت تغمرها الثقة في أنه يفعل ذلك لشيء ما يخطط له أما هو فكان لا يملك خطة لكنه كان يأمل أن تكون قوات الشرطة قد استمعت لما يقال ويأتون لإنقاذهم لكن لم يكن يدري بأنهم في الخارج لم يستمعوا لأي شيء

وضع الأول سيفه على رقبة «طيف» والآخر على رقبة «نيران» وبدأ العد مرة أخرى:
- 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0
ومع نطق الصفر سحب كلٌ منهم سيفه وفعلا كما فعلا مع تلك المرأة وتطايرت دمائهما كالشلال ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة