قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الرابع

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الرابع

الجزء الثاني من بنت القلب

قبل قراءة الفصل رددوا هذا الدعاء:
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال

لم يستطع النوم بسبب تفكيره كثيرًا فى هذا الأمر، لقد وعد صديقه بأنه سيبذل قصارى جهده فى إلقاء القبض على هذا الرجل والآن هو بين قبضته ولكن ليس بيده أى دليل، نظر إلى نيران فوجدها نائمة فنهض على الفور وبدل ثيابه بثياب صيفية أخرى وقرر النزول إلى الأسفل، خرج من المصعد الكهربائي وهو يضع كلتا يديه بجيب بنطاله وتجول فى استقبال الفندق لعله يصادف «يوسف»..،

تقدم بضع خطوات ليجده يتحدث مع مشرف الاستقبال فأسرع وسحب هاتفه وبدأ يتصفحه كى لا يلفت انتباهه لشيء فوجد رسالة من صديقه مازن، ابتسم بعدما خطر بباله فكرة حيث ظل ممسكا بالهاتف الذى كانت شاشته تظهر محادثته مع مازن وعندما أصبح بالقرب منه لاحظه «يوسف» فهتف مناديًا عليه:
- طيف باشا
مثل «طيف» الدهشة بوجوده وتقدم بابتسامة حتى وصل إليه وترك الهاتف على القطعة الرخامية الموجودة أمام موظفي الاستقبال وصافحه قائلًا:
- أهلا يوسف باشا..

صافحه «يوسف» بحرارة وهتف متسائلا:
- ها طمنى، كل حاجة مظبوطة وعجبت المدام ؟
هز رأسه عدة مرات ليؤكد قائلًا:
- عجبتها جدا تسلم على الشغل العالى ده..

وأثناء حديثهما رأى مازن أن طيف قد شاهد رسالته ولم يرد فقرر الاتصال به عن طريق تطبيق "ماسنچر" فظهرت صورته على شاشة هاتفه الموضعة على القطعة الرخامية وبحركة تلقائية نظر «يوسف» حيث رنين الهاتف فتفاجأ بصورة «مازن» على شاشة هاتفه، ابتسم طيف بلطف وسحب هاتفه وهو يقول:
- طيب بعد اذنك..

ابتعد عنه وهو يجيب بصوت مرتفع متعمدًا وصول اسمه إلى «يوسف»:
- أيوة يا مازن، معلش يا معلم كنت هرد بس انشغلت
أتى صوت مازن على الجهة الأخرى قائلًا:
- ايه ياعم اتصلت بيك فى وقت غير مناسب ولا ايه؟
هز رأسه وهو يرمق «يوسف» من بعيد قائلًا:
- أبدا، أنت اتصلت فى الوقت المناسب أوى..

- ها طمنى ايه أخبار شهر العسل معاك، الجواز حلو ولا ايه قبل ما ألبس
جلس على مقعد بالاستقبال وهو يجيبه قائلًا:
- حلو جدا يا باشا، اتجوز بقلب جامد
- طيب ياعم أنتم السابقون ونحن اللاحقون
ارتفع حاجبيه وأردف معترضًا على جملته قائلًا:
- ايه يا مازن هو أنا بقولك موتنا فى حادثة ؟

ضحك من جملته الأخيرة وردد:
- خلاص ياعم روح لعروستك وادعيلى اتجوز أنا كمان على خير
- ماتقلقش يا كبير نحن السابقون وأنتم اللاحقون

ما إن أنهى المكالمة حتى ألقى بهاتفه أمامه بعدم اكتراث فاعتدلت «هايدي» ورمقته بضيق قبل أن تقول معترضة:
- مش هنخلص من حوار الست ياسمين بتاعتك دى ؟
ابتسم بحب لها وهو يمسح على يدها كي يبعد أي فكرة برأسها وأردف:
- يا حبيبتي أنتِ عارفة إن اللى بيني وبين ياسمين مصلحة مش أكتر، أبوها كان واكل السوق بالشركة بتاعته وقربى منها هيساعدني أضحك عليها وأخدم شركتي .. ماتقلقيش بمجرد ما أوقع الشركة بتاعتها وأسيطر أنا على كل الشغل هرميها وأفسخ الخطوبة وبعدين أنا بحبك أنتِ ولا أنتِ عندك شك في كدا ؟

نظرت إليه بابتسامة وقد انطفت النيران المشتعلة بصدرها وهدأت بفضل كلماته المعسولة لها، رفعت كفها وقبضت على كفه الذي يداعب كفها الأيسر وأردفت بحب:
- لا ماعنديش شك يا حبيبي، يارب كل حاجة تعدي بسرعة علشان نخلص منها بقى

- بصى بقي يا رورو احنا هنمشى خطوتين بس ونعكس الطريق ولو غلطتي ودوستى برا المربع تخسري تمام ؟
قالتها «نايا» التي كانت تلعب مع الصغيرة «رقية» التي كانت وحدها بالفيلا في هذا الوقت حيث يكون «زين» بعمله وأيضًا «ياسمين» بالشركة، أومأت الصغيرة رأسها بالموافقة وكادت أن تبدأ اللعب إلا أنها توقفت عندما رأت شقيقها الأكبر «زين» يدخل بسيارته من الباب الخارجي للفيلا فرددت بصوت مرتفع:
- زين جه..

التفتت «نايا» برأسها لتتفاجأ به بالفعل مما جعل تلك الابتسامة تتسرب إلى وجهها بشكل تلقائي، انتظرته حتى ترجل من سيارته واتجه إليهم وهو يقول:
- أنا ماما الله يرحمها كان بتقول روح ياابنى ربنا يسعدك ويريح قلبك، دلوقتى بس اقتنعت إن الدعوة استجابت لما جيت ولقيتك هنا ده غير وشك الجميل اللى بقيت أشوفه كل يوم
ابتسمت بخجل ووقفت لتستقبله وهي تقول متسائلة:
- ايه اللى رجعك بدرى أوى كدا !

جلس على أرضية الحديقة وسحب يدها لتجلس هي الأخرى وما إن تأكد من اعتدالها فى الجلوس حتى أجابها:
- أصل عندى مأمورية كمان ساعتين ولقيت نفسي فاضى قلت اجي أجيب شاحن الموبايل علشان هيفصل وبالمرة أتطمن على رورتى
ثم نظر إلى الصغيرة «رقية» وداعب وجنتيها بحب فردت هي عليه قائلة بصوت طفولى محبب:
- أنا بحبك يا زين علشان بتحبنى وبتلعب وبتهزر معايا لكن مش بحب ياسمين لأنها بقت وحشة..

اقترب منها أكثر وضمها إلى حضنه ورفع وجهها برفق حتى تنظر إليه وأردف بابتسامة:
- ياسمين حلوة مش وحشة يا رورو بس هي تعبانة الأيام دى شوية ومش بتقدر تلعب معاكى، ينفع لما نلاقي حد تعبان نقول عليه وحش !؟
هزت رأسها بالنفى قائلة:
- لا مش ينفع
هنا ابتسم وداعب وجنتيها بحب وهو يقول:
- خلاص يبقى ياسمين حلوة مش وحشة صح ؟
أومأت رأسها بالإيجاب قائلة:
- أيوة ياسمين حلوة..

كانت تنظر إليه بحب وقد غرقت كليًا فى سحر حبه، كانت تراقب كل حرف يتفوه به إلى تلك الصغيرة، كان الكلام يخرج منه ويعرف طريقه إلى قلبها وليس أذنها، أحبت معاملته الحنونة لتلك الطفلة البريئة .. ظلت تتابعه بصمت وعلى ثغرها تلك الابتسامة التي لم تفارقها قط حتي نظر هو إليها وتعجب لنظراتها لكنه سرعان ما حاول تجاهل ذلك حتي لا يشعرها بالحرج ومن ناحية أخرى تحدث بغزل إليها:
- أما بقى عن طفلة قلبى التانية فـ هي ساكنة جوا قلبى ومش راضية تمشى أبدا، تدري ليش ! لأنى بحبها حب مش عادى..

نظرت إلى الأسفل بحرج فرفع وجهها إليه برفق وتابع:
- بعشق الكسوف ده
احمرت وجنتيها وحاولت التهرب من غزله الذي لم ولن ينتهى لذلك ذكرته بعمله قائلة:
- أنت مش قلت عندك مأمورية ! قوم يلا علشان متتأخرش
قالتها رغمًا عنها فهي لا تريد رحيله أبدا من جوارها، ودت لو يبقى هكذا بجوارها دائمًا فهي تجد فيه ملجأها ومسكنها كما تشعر بالحب والأمان بجانبه ...

- يا هدير قلتلك مية مرة إن المشروع ده مش أنا اللى مسئول عنه نهائى
قالها جاسر لـ هدير التى أصرت على طلبها له فأخفضت صوتها وقالت بهدوء شديد يجذبه:
- يا حبيبى عارفة بس باباك هو اللى مسئول وأنت دراعه اليمين فى الشغل ومش بيرفضلك طلب، ممكن بقى تكلمه فى الموضوع ده علشانى !
أضعفت قوته بتلك الكلمات الممزوجة بالدلال فابتسم لها قائلًا:
- حاضر يا هدير هكلمه علشان خاطرك، يلا بقى أوصلك

«جاسر أمجد الخياط»، الابن الوحيد لرجل الأعمال «أمجد الخياط»، توفت والدته بمرض السرطان وتولى والده تربيته حيث قام بتربيته على شدة الطباع والعمل الجاد، ابن خالة «نيران، رماح، نرد» لكنه بعيدًا كل البعد عن عائلة والدته خاصة بعد وفاة والدته

عاد إلى منزله مرهقًا بشدة بسبب يومه الطويل وما إن وصل حتى فوجئ بوجود «نرد» التى كانت تلعب مع كلبه بحديقة الفيلا فاقترب منها برفق حتى وصل إليها وردد:
- نرد ! بتعملى ايه هنا
تركت الكلب يرحل والتفتت إليه لتواجهه قائلة:
- بتعملى ايه هنا ؟ طيب قل لى ازيك عاملة ايه تشربى ايه ليكى وحشة يا بنت خالتى
ابتسم مجاملًا قبل أن يقول:
- معلش أصل جاى تعبان من الشغل، طمنينى عاملة ايه ؟
رفعت كتفيها لتجيبه قائلة:
- الحمدلله بخير، ايه محدش بيشوفك ليه..

تحرك وجلس على المقعد لكى يريح ظهره وهو يقول:
- معلش غصب عنى انشغلت وأنتِ عارفة أنا اللى ماسك الشغل كله وبابا رامى الحمل كله عليا
ابتسمت بمكر وهى تضيف:
- سمعت إنك خطبت أو ارتبطت
رفع إحدى حاجبيه بتعجب والتفت نصف التفاتة وأردف:
- مين اللى قال الكلام الفارغ ده ؟ أنا مش فاضى لارتباط ولا خطوبة
نظرت إليه بنصف عين وهى تضغط على أسنانها بقوة:
- كلام فارغ ! اه طيب ياابن خالتي

حان وقت الاستراحة لجميع موظفي الشركة، منهم من توجه إلى الكافيتريا ليتناول وجبة خفيفة مع كوب من الشاي أو فنجان من القهوة ومنهم من بقى مكانه لينهى عمله الذى لم ينته، أُضِيء هذا المصباح الصغير باللون الأحمر مع جرس خفيف فنظر إليها «نائل» متعجبًا وهو يقول:
- عم وحيد اللمبة دى بتنور وبتطلع صوت
أسرع إليها وضغط على زر أسفلها وردد:
- أيوة يا ست ياسمين تؤمري بحاجة..

ظهر صوت ياسمين التي لم تترك مكتبها منذ الصباح:
- عايزة ليمون يا عم وحيد وياريت اللي يجيبه ناهل
- حاضر يا بنتى
ثم ترك الزر مرة أخرى ونظر إلى «نائل» وقد كتم ضحكاته فوضع هو يديه على رأسه وردد بقلق:
- عايزة ايه من نائل ! كدا الحكاية وضحت .. عايزة ليمون علشان متعصبة وعايزة تهدا وبالمرة تهزقنى شوية وبكدا الليمون وأنا نبقى عامل تهدئة ليها .. واضحة زى الشمس وبعدين ناهل ايه بس..

لم يستطع كتم ضحكه لأكثر من ذلك وانفجر ضاحكًا قبل أن يربت على كتفه بحنو قائلًا:
- ياابنى ياسمين طيبة جدا، ماأظنش إنها عايزة تهزقك .. يلا اعمل الليمون وروحلها، يلا خايف كدا ليه
تركه وتوجه ليقوم بتجهيز طلبها وهو يدعى الله بأن تمر تلك المقابلة بينهما على خير، انتهى أخيرًا من تجهيز كوب الليمون الخاص بها واتجه إلى مكتبها بخطوات متمهلة وقلقة، وصل إلى المكتب وطرق الباب فصاحت من الداخل:
- ادخل..

فتح الباب بحذر شديد ثم تقدم إلى الداخل وقام بوضع الكوب أمامها مباشرة وهو يقول:
- الليمون يا أنسة ياسمين
ثم أدار وجهه مستعدًا للرحيل قبل أن تتحدث لكنها أوقفته على الفور قائلة:
- استنى
أغلق عينيه وعلم أنها ستفرغ شحنة غضبها فيه، التفت بحذر وهو يقول:
- أيوة يا أنسة ياسمين في حاجة تانية ؟
رمقته بغضب ثم رجعت لتستند بظهرها على مقعدها بأريحية وأردفت:
- أنا قلتلك أمشى ؟

هز رأسه بالنفي ليجيبها قائلًا:
- لا، آسف ماكنتش أقصد و ..
تأففت بضجر ثم رفعت يدها فى الهواء وهي تشير إليه بالصمت ثم قالت:
- ششش بس خلاص ماتحكيليش قصة حياتك، خد دول مبلغ ".." نص مرتبك علشان عم وحيد بلغنى إنك محتاج الشغل علشان محتاج فلوس وكدا
مد يده ليأخذ المظروف من يدها وهو يقول مبتسمًا:
- تسلمى يا ست ياسمين والله..

أشارت إليه ليصمت وتابعت:
- ده بعيد عن الخزنة علشان هي مقفولة بس هيتخصم من مرتبك فى نهاية الشهر
أومأ رأسه ثم تراجع بظهره وهو يقول:
- الله يكرمك، تؤمرينى بحاجة تانية ؟
هزت رأسها بالنفى ثم نظرت إلى المستندات الموضوعة أمامها ورددت:
- لا، اتفضل على شغلك..

عاد إلى الكافيتريا مرة أخرى وعلى وجهه ابتسامة رضا وسعادة فاتجه إليه عم «وحيد» ليطمئن منه على الوضع وماحدث معه فى الداخل فلاحظ تلك السعادة الغامرة التي هو بها فهتف متسائلًا:
- ها ياابنى طمنى قالتلك ايه؟
أجابه بابتسامة:
- اديتنى نص المرتب ياعم وحيد، لا فعلًا عندك حق .. هى اينعم عصبية شوية بس قلبها طيب، ياااه الفلوس دي جت في وقتها والله..

ربت على كتفيه بحب وردد بابتسامة:
- الحمدلله، مش قلتلك ربنا كريم وهيفرجها .. يلا تعالي ساعدنى بقى فى الطلبات علشان ده وقت البريك وكلهم هنا
أومأ رأسه بالإيجاب واتجه ليساعده بحماس شديد فهو في الصباح كان في أشد الحاجة إلى المال والآن استجاب الله لدعائه ورزقه من حيث لا يحتسب..

نظرت «مايا» إليه وتابعته بنظراتها ثم نظرت إلى صديقتها «سمر»
وأردفت:
- صاحبنا خام خالص، مالهوش في أي حاجة
نظرت إلى حيث يوجد هو وأكدت على حديث رفيقتها:
- فعلًا باين عليه، بيقول لأي حد يا فندم .. بقوله عايزة شاي راح قايلى تحت أمرك
ضحكت الاثنان معًا فاقترب منهما «جاسر» ورمقهما بتعجب وهو يقول متسائلًا:
- ايه مالكم من ساعة ما قعدتوا وأنتوا مابطلتوش ضحك، ضحكونى معاكوا..

أشارت «مايا» باتجاه «نائل» وأردفت:
- صاحبك الجديد قطة مغمضة
نظر إلى حيث تشير فوجده يعد ما يريدون من مشروبات ساخنة أو غيرها من المشروبات فنظر إليها وهو يقول بعدم رضا:
- شكله محترم وابن ناس ومش هتعرفوا تجيبوا سكة معاه ده لو بتفكروا يعنى
رمقته «مايا» بتحدى وقالت بثقة كبيرة:
- أسبوع واحد وهيقع، والقط المغمض هيبقى مز مفتح وهفكركم

سار فى الرواق الطويل المؤدى إلى مكتب اللواء «كامل» وما إن وصل حتي طرق على الباب بخفة ثم دلف إلى الداخل وهو يقول:
- تمام يا فندم القوة جاهزة ومستنيين إشارة من سعادتك علشان نتحرك
نهض اللواء «كامل» من مكانه وتحرك إلى أن وقف مقابلًا له وردد بجدية شديدة:
- زين المهمة دى لازم تنجح، لازم تقبض عليهم متلبسين من غير غلطة نهائى لأنك لو ماقبضتش عليهم متلبسين القضية هتضيع وهيبقى مالهاش لازمة نهائى ده غير إننا مش هنعرف هيخططوا للتسليم تانى امتى لأنهم هياخدوا حظرهم مننا..

أومأ رأسه بالإيجاب ليقول بجدية:
- ماتقلقش سعادتك .. هنمسكهم متلبسين وقت التسليم
ربت على كتفه كنوع من التشجيع وأردف:
- تمام يا زين، ربنا معاكوا يا أبطال

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة