قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثامن عشر

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثامن عشر

الجزء الثاني من بنت القلب

أوصل شقيقته «رنّة» إلى الجامعة الخاصة بها ثم انطلق إلى منزل عائلة نيران، ترك سيارته وطرق على الباب ففتحت له الخادمة الباب وقالت بسعادة:
- أهلا أهلا طيف باشا .. اتفضل وأنا هطلع أبلغ أمجد بيه
ابتسم وتقدم إلى الداخل وهو يتذكر هذا المنزل الذي حضر فيه حفلة عيد ميلادها وأيضا عندما تقدم لطلب يديها من والدها، ابتسم بألم قبل أن يأتي «أمجد» من خلفه ويقول مرحبًا:
- أهلا أهلا يا طيف ياابني .. واقف كدا ليه ! تعال اقعد..

تقدم طيف وجلس على المقعد المجاور له وقال بلطف:
- ازيك يا عمي أخبارك ايه وأخبار حماتي ؟
ربت على كتفه وقال بابتسامة رغم الحزن الذي بداخله:
- الحمدلله كويسين بس حالتنا صعبة أوي بعد اللي حصل خصوصًا أنهار علشان بنتها ونيسان علشان خطيبها وأختها
نظر إلى الأسفل للحظات قبل أن يرفع رأسه ويقول:
- والله ياعمي اللي حصل ده غصب عني .. أنا جوايا نار بتحرق فيا كل يوم ومش هتخمد غير لما ألاقيها حتى لو كان التمن حياتي..

- أنا عارف ياابني إن اللي حصل ده أنت مالكش دخل فيه وإن ده حصل غصب عنكم ونيران مش أول مرة تقع في مصيبة بس المرة دي غير أي مرة وواثق إنك زي ما ساعدتها قبل كدا هتساعدها دلوقتي وترجعها
هز «طيف» رأسه بالإيجاب وقال بثقة:
- إن شاء الله ده اللي هيحصل ياعمي .. حياتي كلها فدا نيران وهعمل أى حاجة علشان أرجعها..

في تلك اللحظة جلست «أنهار» وقالت:
- ازيك يا طيف يا حبيبي .. مفيش أخبار عن نيران بنتي ؟
ابتسم بلطف كي يبث الطمأنينة في قلبها وأجابها بهدوء:
- الحمدلله يا حماتي .. نيران هترجع قريب أوي إن شاء الله أوعدك، أنا هتابع كل حاجة بنفسي وهوصلها هى وفهد، اتطمني أنتِ بس وطمني نيسان وكل حاجة هتعدي بإذن الله..

انهمرت دمعة من عينيها وهي تقول:
- يارب ياابني .. يااارب
نهض «طيف» وبدل نظراته بينهما وهو يقول:
- أستأذن أنا بقى .. بعد اذنكم

دلف إلى غرفته وجلس على المقعد أمام سريره وأردف بابتسامة:
- حمدالله على سلامتك ياوحش
ابتسم «نائل» بضعف وقال:
- الله يسلمك
كان على وشك استجوابه لمعرفة من تسبب في ذلك لكنه فضل أن يخبره بهذا الأمر أولا فابتسم قائلًا:
- أنا بعت عربية تجيب والدتك وأختك هنا المستشفى علشان الدنيا ليل ومايقلقوش عليك..

- أنا مش عارف أقولك ايه والله .. أنا كنت شايل هم مجيهم جدا بس الحمدلله .. تسلم
ربت على كتفه بود وأردف:
- على ايه يا نائل ده أنت اللي دافعت عن الشركة وحصلك كل ده بسبب كدا أنا اللي المفروض أشكرك .. صحيح عايزك تقولي بقى مين اللي عمل كدا وحصل ايه بالظبط وبالتفصيل الملل
سرد كل ما حدث عليه ولم ينس شيء فتبدلت ملامح «زين» وظهر الغضب والضيق على وجهه ليقول:
- أنا كنت حاسس إن ده اللي حصل وكنت متأكد إنه هيحصل بس مش بالسرعة دي .. تمام وحياة أهله لأعلمه الأدب وأسجنه..

وقف واستعد للرحيل إلا أن «نائل» أوقفه:
- بلاش .. سيبه وأنا هحاول أنهي الخلاف اللي بينا بعد ما أخرج، هنهيه خالص علشان كل واحد فينا يستريح
اتسعت حدقتيه بتعجب وقال بعدم تصديق:
- بتدافع عنه بعد اللي حصل ! خلاف ايه اللي يوصل للقتل ده ! لو أنت مسامح في اللي حصلك فـ أنا مش مسامح في اللي حصل لشركة أختي، توصل بيه أنه يقتحم مكتب أختي وكمان يطعن واحد شغال فيها ! أنا بقى هعرفه مين زين الجيار، بعد اذنك يا نائل وألف سلامة..

تركه ورحل فنظر هو أمامه بحزن فهو لم يظن أن الأمور ستسوء إلى تلك الدرجة وأثناء تفكيره دلفت والدته إلى الغرفة بصحبة ابنتها واقتربت منه بلهفة قائلة:
- ابني حبيبي وروحي أنت كويس ؟
أمسك يديها بحب وأجابها بابتسامة حتى يبث الطمأنينة في قلبها:
- أنا بخير ياست الكل ايه القلق ده كله ده أنا زي القرد وكويس أهو..

ظلت تقبل رأسه وتضمه بلهفة وحنين قبل أن تجلس وتقول متسائلة:
- احكيلي حصل ايه ومين اللي عمل فيك كدا؟
بدأ في سرد ما حدث ولكنه أخفى الجزء الذي يتعلق بشقيقه حتى لا تنشغل بخلافاتهما معًا ويزيد قلقها:
- اتفاجئت بحرامي في الشركة وضربني بالمطواة وهرب بس الحمدلله الجرح سطحي ومفيش حاجة، مفيش داعي للقلق ده كله يا ماما..

ابتسمت وأخرجت مصحف من حقيبتها ومدت يدها به إليه وقالت:
- خد يا حبيبي جبتلك المصحف بتاعك معاك علشان تقرأ فيه وقت قعدتك في المستشفى
ابتسم وقبل يدها بحب قبل أن يقول بسعادة:
- تسلمي ياست الكل فعلا ماكنتش عارف هقضي الوقت اللي هقعده في المستشفى ازاي ...

وصل إلى مديرية الأمن وتوجه إلى مكتب والده وقبل أن يطرق الباب تفاجأ بـ «رماح» الذي تقدم تجاهه وهو يقول:
- يا ألف مرحب بالشبل الصغير .. المديرية نورت من تاني
ابتسم «طيف» وأردف:
- تسلم يا باشا على الاستقبال الحافل ده بس فرحان علشان جيت ولا علشان هترجع تدربني تاني ؟

اتسعت ابتسامته وأشار بأصبعيه قائلًا:
- الاتنين ياأبو الأطياف .. بعون الله هخرجك دبابة بشرية من تحت ايدي .. تدخل تضرب عشرين واحد وأنت مفيش في قلبك ذرة خوف
ارتفع حاجبيه بدهشة وأردف مازحًا:
- ده أنا هبقى خارق بقى .. ما تحولني ايرون مان أنا بحبه أوي
اختفت ابتسامته واستقام في وقفته قائلا برسمية:
- احنا هنهزر ولا ايه! يلا شوف شغلك وبلاش مرقعة..

ثم تركه ورحل، استعت حدقتيه بصدمة وهو يقول لنفسه:
- ما كان بيهزر ومبسوط دلوقتي ماله اتحول فجأة كدا ليه ! هو الراجل ده مجنون ؟ كانت ناقصاه على الصبح
ثم توجه إلى مكتب والده ودلف إلى الداخل بعدما أذن له بالدخول ووقف مرحبًا:
- يا ألف مرحب بالشبل الصغير .. حمدلله على سلامتك يا وحش، المديرية نورت من تاني
جلس وهو يقول بصوت خافت غير مسموع:
- أنتوا متفقين على الجملة دي ولا ايه !

رفع «أيمن» إحدى حاجبيه ليقول متسائلا:
- بتقول ايه؟
رسم ابتسامة خفيفة على وجهه وقال:
- لا أبدا يا بابا بقول نورك، قُل لي بقى وصلتوا لايه في قضية نيران ؟

تبدلت تعابير وجهه وتجهمت فعرف «طيف» أنهم لم يصلوا لشيء لكنه قرر الصمت والاستماع لما سيقوله والده، سادت لحظة من الصمت قبل أن يجيبه والده قائلًا:
- ادينا ماشين في القضية وكل واحد ماسك جزء وإن شاء الله قريب هتسمع أخبار كويسة
لوى ثغره وهز رأسه بعدم رضا قبل أن يقول بحزن:

- عدى أسبوع هاا يا بابا ايه اللي حصل ... شغالين في التحقيقات وهنوصلها إن شاء الله، عدى شهر هااا يا بابا حصل ايه في القضية .. لسة ماوصلناش لحاجة بس قريب هتسمع خبر كويس، عدى شهر هااا يا بابا ايه اللي حصل هشوف مراتي تاني ولا لا .. لسة كل واحد ماسك جزء في القضية .. لغاية امتى هستنى يا بابا ! لغاية امتى هفضل حاطط ايدي على خدى ومستني الفرج !

لغاية امتى هفضل أتخيل نيران وهي بتتعذب وأنا مش قادر أعملها حاجة ! لغاية امتى هفضل أحلم بكوابيس ! لغاية امتى هفضل عايش في الكابوس اللي مالهوش نهاية ده ؟ أنا عارف إن الغلط كله عليا علشان سيبتهم ياخدوها بس والله غصب عني .. حاولت اخدها منهم .. حاولت أروحلها رغم الضربة اللي شلت جسمي كله عن الحركة .. حاولت أروحلها حتى بعد الضربة التانية على دماغي .. ولو كان فيا وعي كنت هحاول أزحف وراهم .. ماكنتش متخيل إن حاجة زي دي هتحصل، يا بابا أنا بحاول أهزر وأضحك وأتكلم على طبيعتي زي زمان لكن أقسم بالله أنا جوايا نار بتحرق فيا وبتموتني بالبطئ ..

بضحك لكن من جوايا بتوجع ألف مرة تعرف لو كانت بعد الشر ماتت كانت النار دي هديت شوية مع الوقت اينعم هبقى موجوع طول عمري بس مش بالدرجة اللي أنا فيها دلوقتي لكن أنا معرفش هي عايشة ولا ميتة ! بتفكر فيا وفي الهروب من المكان اللي هي فيه ولا لا ! بيعذبوها ازاي ! بتاكل ولا مجوعينها، جوايا ألف سؤال وطول ما أنا ماشي بحاول أطمن نفسي وأجاوب على الأسئلة دي إجابات تريح لكن الواقع غير كدا .. هو أنا بيحصل معايا كدا ليه يا بابا ! هو أنا وحش ؟ أنا ماعملتش حاجة وحشة في حياتي بس يمكن فيا حاجة وحشة وأنا مش واخد بالي .. رد عليا يا بابا أنا وحش ؟

تأثر والده كثيرا بكلام ابنه الذي تساقطت الدموع من عينيه، نهض من على كرسيه وجلس على الكرسي المقابل له قبل أن يربت على فخذه ويقول بحب:
- أنت عمرك ما كنت وحش ياطيف ولا عمرك هتكون وحش ..

أنت شخصية نقية صعب تكون موجودة كتير في زمن زي ده، اوعى تفتكر إن كل اللي بيحصلك ده بسبب إنك وحش أو عقاب من ربنا ليك .. ليه ماتقولش ده اختبار من ربنا علشان يشوف صبرك وإيمانك .. مش أي حاجة وحشة تحصلنا نقعد نقول أنا عملت ايه وحش في حياتي وتقعد تفتكر أنت عملت ايه، ده بيبقى اختبار من ربنا وربنا بيبتلي اللي بيحبه علشان لو صبر يرفعه درجات ويهاديه ويكسب في النهاية، أنت اتحمل واصبر وأنا واثق إنك هتلاقيها وكل حاجة هتتحل أما بقى عن الدموع دي فـ أنا مش هحاسبك علشان اللي أنت فيه لكن مفيش ظابط شرطة بيعيط،أنت راجل وكمان ظابط يعني تقف على رجلك ومهما جت الرياح الشديدة وخبطت فيك تفضل واقف في مكانك أسد ..

أنا عايز ابني يكون راجل يتحمل اللي يحصله ويقف يواجهه بقلب جامد مش يعيط زي الحريم، فوق يا طيف وفكر في اللي قلته ليك وعايزك زي أبوك مهما حصل مايهمكش وقاوم، أنت عارف لو ظابط عيط قدام اللواء اللي شغال تحت أيده بيعمل ايه؟ أقلها هيروحك تقعد جنب أمك ده لو ماسجنكش أو حولك للتحقيق كعقاب .. هنا مكان الرجالة وبس .. عايز قلبك يقوى وتتحمل مفهوم
نهض «طيف» من مكانه استعدادًا للرحيل وقال برسمية:
- تمام سعادتك

عاد «يوسف» إلى منزله ودلف إلى الداخل، لم تساعده قدماه على التوجه إلى غرفته في الأعلى فجلس على المقعد بالطابق الأول ووضع وجهه بين يديه بخوف وقلق مما حدث، دلف والده إلى الداخل ولاحظ وجود ابنه وهو في تلك الحالة فاقترب منه وقال بتعجب:
- يوسف ! قاعد كدا ليه! مالك ؟

رفع رأسه وقال بخوف شديد بينما كانت يده ترتجف:
- قتلته يا بابا .. قتلت نائل
اتسعت حدقتيه بصدمة مما سمعه واقترب منه أكثر حتى جلس بجواره وقال متسائلا:
- قتلته ! حصل امتى ده وازاي يا يوسف ؟ ازاي تتصرف من دماغك كدا !

نظر إلى الفراغ وقال بخوف:
- كنت في مكتب ياسمين بعد ما كله خلص شغل والشركة قفلت وفجأة لقيته في وشي معرفش ايه اللي رجعه تاني .. شدينا مع بعض في الكلام واتعصبت عليه وضربته بالمطواة .. معرفش حصل ايه وهل لسة عايش ولا مات بس حد هناك بلغني إن الشرطة مالية المكان وعربية إسعاف خدت نائل .. مش عارف أتصرف ازاي وأعمل ايه، زين مش هسيبني..

ربت والده على كتفه ليطمئنه وأردف:
- ماتقلقش .. زين أنا هعرف أتصرف معاه وإن شاء الله مايكونش نائل مات لأنه لو مات هضطر أسفرك برا .. قُل لي جيبت حاجة أو معلومات من الكمبيوتر بتاعها ؟
هز رأسه بالإيجاب ودس يده في جيب بنطاله وأخرج ذاكرة خارجية "USB" ثم مد يده بها إلى والده وهو يقول:
- كل معلومات الشركة وأي حاجة تخص الشركة على الفلاشة دي..

ابتسم وتناولها منه وهو يقول:
- كويس أوي .. دي بقى اللي هتبعد زين عنك
قطب جبينه بتعجب وقال بتساؤل:
- ازاي يعني ؟
اتسعت ابتسامته أكثر وقال:
- هتشوف بنفسك ..

في تلك اللحظة خرج «زين» من سيارته وطرق على الباب الخارجي للفيلا فتقدم الحارس وفتح الباب وهو يقول:
- أهلا زين باشا ..
لم يجبه وقاد سيارته إلى الداخل بغضب ثم ترجل منها وتقدم ليطرق بغضب على الباب، أسرع «محمد» وفتح الباب وهو يقول بغضب:
- ايه الهمجية اللي أنت فيها دي يا زين ! في حد يخبط على الباب بالطريقة دي ؟

لم يجبه وأشار إلى الداخل وهو يقول بحدة وغضب:
- عايز ابنك .. ابنك فاكرها سايبة ودخل مكتب أختي في الشركة ولما نائل شافه طعنه وهرب، نائل اللي هو المفروض ابنك هو كمان بس أقول ايه
رفع أصبعه في وجهه وقال محذرًا وبحدة:
- اسمع يا زين .. ماتتدخلش في اللي مالكش فيه وابني أنت مش هتاخده من هنا علشان لو لمسته بس شركة أبوك وأختك اللي فرحان بيها دي هتفتحوها كشك .. كل حاجة عن الشركة معايا وقسما بالله لو قربت من يوسف لأخليك تفلس أنت وأختك .. جرب وشوف..

لم يصدق أنه يهدده مثل هذا التهديد، لم يكن يعرف بأنه حصل على معلومات الشركة لذلك تراجع عن فكرة إلقاء القبض على «يوسف» ليس خوفًا منه بل خوفًا على الشركة والعاملين بها .. سيتركه في الوقت الحالي لكنه سيعود له وقبل أن يرحل نظر إلى «محمد» بتحدي وقال:
- أنا هسيبه بس أقسم بالله الشركة لو اتضرت بأي شكل أنا هضيع مستقبل ابنك ده في السجن، هحسرك عليه وعلى فكرة أنا حقي وحق أختي لسة مجاش وابنك ينسى إنه كان خاطب أختي .. كل حاجة انتهت ولو شوفته في الشركة تاني هخليك تتحسر عليه
تركه ورحل وسط أجواء متوترة وقلق شديد من قبل «محمد» الذي لم يكن ينوي وضع «زين» في قائمة الأعداء في الوقت الحالي خاصة أنه ضابط شرطة ولن يترك ابنه...

نظر إلى الفراغ ولم يجد إجابة لأسئلة كثيرة غزت عقله، أصبحت تلك القضية غامضة خاصة بعد اختفاء الشاهد الرئيسي بها وكأنه لم يكن له وجود، اقتربت منه ووضعت يدها على كتفه وقالت متسائلة:
- مالك يا غيث سرحان كدا ليه ؟ أول مرة أشوفك سرحان ومش حاسس بالعالم حواليك كدا..

نظر إليها قبل أن يجلس على المقعد ويقول:
- اديكي شايفة يا ليان .. بندور على إبرة في كوم قش ومعانا كل المعلومات عن القضية وشهادة الناس وقتها لكن ولا واحد فيهم عايش واللي عايش محدش يعرف عنه حاجة واختفوا كلهم..

نظرت إلى الأسفل بحزن ثم رفعت رأسها وقالت:
- أكيد هنلاقي حل الناس دي اينعم طريقتهم جديدة وغريبة لكن أكيد منظمة من ضمن المنظمات العالمية، اللي أنا كنت شغالة فيها كان ليهم طريقتهم ودول بقى ليهم طريقتهم المختلفة بس اللي مش عارفة أفسره هم بيعملوا ايه ولا بيخططوا لايه ... دول لو أشباح مش هيبقوا كدا
رنت الكلمة في رأسه واتسعت عينيه ووقف بعدما ارتسمت ابتسامة على وجهه وعاد كلمة «ليان» مرة أخرى:
- أشباح .. السر هو ده السر..

وقفت هي الأخرى وضيقت عينيها بتعجب وهي تقول متسائلة:
- سر ايه يا غيث ! مش فاهماك
نظر إليها ومسكها من كتفيها وهو يقول بحماس كبير:
- فاكرة طيف قال غارم ده شبه نفسه بايه !
صمتت قليلًا لكي تتذكر ثم قالت على الفور:
- شبح .. قال على نفسه شبح
ترك يدها وأشار بأصبعه قائلًا:
- بالظبط كدا شبح .. ازاى ماأخدتش بالي قبل كدا !

ظل شاردًا بمكتبه إلى أن تفاجأ بـ «فاطمة» التي دلفت إلى داخل المكتب وجلست على المقعد أمامه وأردفت:
- ايه يا باشا سمعت إن رماح شقلطك واداك وش خشب .. هل هذا الكلام صحيح !؟
نظر إليها بعدما رسم ابتسامة على وجهه وقال:
- والنبي خلي خطيبك ده يهدا عليا شوية أنا مش قده .. ده أنا ما صدقت بقى يهزر ويفك شوية هوب ألاقيه زعق وقلب .. صدق اللي قال يامستني رماح يبقى فرفوش يا مستني الأسد يشوف الخروف وماياكلوش...

ضحكت بشدة على جملته الأخيرة وقالت:
- وربنا أنت مصيبة ده ا...
قطع كلامها صوت وصول رسالة على هاتف «طيف» الذي أسرع وفتحها ففوجئ أنها رسالة صوتية .. شعر قليلا بالقلق لكنه ضغط على زر تشغيل ليتفاجأ بما سمعه، هذا الصوت يعرفه جيدا .. هذا صوت «نيران» !

"طيف أنا في مكان ضلمة أوي .. أنا خايفة .. أول مرة أكون خايفة كدا، أنا اتخطفت .. أيوة اتخطفت، طيف أنا سامعة صوت برا .. صوت خطوات بتقرب مني .. طيف خليك فاكر إن العهد الأول تم تنفيذه"

كانت شاردة وغير مدركة بالعالم من حولها، كانت تفكر في المصائب التي حلت عليها وعلى عائلتها فـ لقد فقدت شقيقتها وخطيبها في وقتٍ واحد وأثناء تفكيرها تلقت رسالة على هاتفها فاستيقظت من شرودها وأمسكته ففوجئت بأنها رسالة صوتية، ضغطت على زر التشغيل وكانت ..

" نيسان أنا فهد .. أنا في مكان ضلمة أوي .. أنا معرفش حصل ايه وجيت هنا ازاي .. أنا معرفش ازاي معايا موبايل أصلا .. أنا سامع صوت خطوات بتقرب مني .. نيسان خليكِ فاكرة إن العهد التاني تم تنفيذه"

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة