قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي كاملة

رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي كاملة

رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي كاملة

تنويه: ليكن في علم القراء أن هذا الجزء غير مكتمل بسبب وفاة الكاتبة منى لطفي رحمها الله. (ثمانية فصول فقط)

تقديم الجزء الثاني

قرية خضراء في ربوع الجنوب، راسخة العادات، ثابتة التقاليد، يحكمها قانون الكبير بالعدل والحكمة، مغلّف بقفاز القوة.. من أهم قواعدهم.. لا تُهن ضيفا.. لا ترد ضعيفا يبغى نصرتك، ولا... تنسى ثأرا فتُهدر كرامتك!!...
هيَّ.. صبية زينة الملاح.. خدوها فدوُ.. لزينة الرجال.. بَكُوها يوم زفّتها.. كانّها للجَبِر رايحة..
وَجَفَت براس شامخة عصيّة الدمع، جالت أنا بت راجل وأخت راجل.. وتربية الرّجَال ما تخاف و لا تِجْزَعْ، لكن مالكها كان للجَسوة عنوان.. جلب ميّت.. دم حامي.. عنيد وعنادَهْ مالاَهْ مثال..
وتتلاجى الجميلة والوحش.. حاذري يا صبية.. للعشج سلطان.. ما يِّغلِبُهْ شَيّْ.. لكنه ما يمحي تار ولا يغفر دم.. وعشجًه هوَّ مَالاهْ أمان.. يِّسبيكِ وما تجْدري تجولي لاه... من مِيتَهْ والأسيرة تجدر تُهرب من جبضة السجّان!!!

مقدمة

تعالت صراخاتها بقوة وكأنها تستنجد بمن معها، قالت الممرضة للسيدة الخمسينية العمر بقلق:
- الحالة خِطرة يا ست نرجس، لازمن ضاكتور.
هتفت نرجس تلك السيدة ذات المكاانة المهابة وسط عائلة "الراجي" أكبر عائلات البلد:
- باه. وانت لازمتك ايه؟ انتي مش حكيمة برضيكي وياما ولدتي نساوين حِدانا اهنه في البلد؟

الممرضة وأوصالها ترجف رعبا فهي لا قبل له بالوقوف أمام نرجس الراجي فأعتى الشوارب ترتعد فرائصها أمامها، فهي شقيقة الشيخ عبد الرحمن الراجي كبير عائلته وابن أخيها يكون. "صالح الراجي". فارس العائلة الاسود. من لا قلب له ونظرة واحدة منه تجمد الدم في العروق:
- إيوة يا ستّنا الحاجة، لكن النبي حارسها حالتها خِطرة. العيل موروب. واكده عِفِش عليه.

زفرت نرجس بقوة وهي تهدر بغضب: - جَبْر يّلم العفش!
لتقول تلك الأم الشابة بصوت واهن ضعيف يحمل بين طيات ألم قاتل: - ابوس يدِّك يا عمة الحجيني. هموت يا عمة نرجس هموت.
فنهرتها نرجس قائلة وهي تشد على يدها بقبضة تشبه قبضة الرجال في قوتها: - واه. اجمدي اومال يا ماريام (مريم). هنتصرفوا ما تخافيشي.
وفي غضون دقائق كانت نرجس قد خرجت على عجل لتبلغ صالح شقيق مريم وابن أخيها بضرورة الذهاب بها الى المستشفى فحالتها حرجة للغاية، ليدلف شابا في أوسط الثلاثينات من عمره، أسمر البشرة للغاية، طويل وضخم البنية، ولكن دون شحوم زائدة، يهتف بصوته الجهوري الخشن:
- يا رب يا ساتر.
وسريعا كانت الممرضة والنسوة التي يساعدنها من العائلة يفسحن له ليدلف ويتجه الى الفراش حيث ترقد شقيقته فيحملها وكأنها وزن الريشة وليست امرأة حامل وعلى وشك الوضع، وفي غضون دقائق كان قد وصل بها الى سيارته الرباعية الدفع حيث انطلق الى المشفى بالمدينة التابع لها بلدتهم، يتبعه غفيره الخاص مع اثنين آخرين في سيارة اخرى.

ما ان وصلوا الى المشفى حتى كان الاخير على قدم وساق ما ان علموا بهوية المريضة، فلا قبل لهم بغضب صالح أو عمه الشيخ عبد الرحمن، ليتم استدعاء طبيب التوليد وبعد معاناة كبيرة وافق صالح على مضض أن يقوم "رجل" بتوليد شقيقته والتي تغيب زوجها لسفره في مأمورية تخص أعمال العائلة الى القاهرة، وتم ادخالها الى غرفة العمليات وما ان هم الطبيب الشاب باللحاق بها حتى أوقفه صالح والذي تعرف عليه ما ان شاهده، ليقول بلهجة تحمل انذار شديد محركا اصبعه أمامه:
- خل بالك يا ضاكتور سالم. أني وافجت بالضالين انك انت اللي اتولدها، عاوزها تخرج هي واللي ببطنها صاغ سليم من اهنه!

قطب الطبيب وقال وهو يشرع بالابتعاد: - ادعي لها يا صالح بيه. عن اذنك.
مرت الدقائق وكأنها ساعات ليخرج الطبيب مهرولا ويطلب من صالح الامضاء على الموافقة بتوليد السيدة قيصريا فحالتها حرجة للغاية، ليذعن صالح ويقوم بوضع اسمه بخطه القوي الواثق، فهو وان كان لم يتم تعليمه الدراسي مكتفيا بشهادة الدبلوم التجاري الا ان خطه ينم عن شخصيته القوية المسيطرة، لتمر دقائق اخرى حتى أوشكت الساعة على النفاذ خرج بعدها سالم وهو مطأطأ رأسه الى الاسفل، فتقدم منه صالح والذي قطب ما ان شاهد حالته حتى وصل اليه يسأله بخشونة وأمر:
- ايه الاخبار يا ضاكتور؟
رفع سالم رأسه ونظر اليه ليقول بشفقة: - البقاء لله.
صدمة عارمة ارتسمت على وجه صالح لتتحول الى غضب شرس عنيف فيهجم على سالم يقبض على تلابيب ثيابه وهو يهدر بشراسة:
- باه. انت بتجول ايه ياوِلد الناجي؟ انت إعملت في أختي إيه؟
حاول سالم ازاحة قبضتي صالح وهو يهتف قائلا: - وحّد الله يا راجل مش اكده!
ولكن صالح أبى أن يتركه ليهدر بعنف وشراسة قائلا: - أني هشرب من دمك. انت مش واعي ديه تبجى مين؟ ديه ماريام (مريم) الراجي. شجيجتي أني. صالح الراجي. اللي معيفرّطش في دمها واصل!.

سالم بذهول: - دم ايه ديه؟ ابعد ياصالح بكفياك خربطة. أني لومن اني عاذرك كان هيبجالي تصريف تاني امعاك.

صالح وهو يهزه بقوة هامسا بشرٍّ: - لا تاني ولا تالت. انت معيطلعشي عليك نهار بكرة. ديه تاري وأني لازمن آخده!
سالم بصدمة: - تار!. انت بتجول ايه؟ ديه أمر ربنا، وبعدين لو فيه حد مسئول يبجى انتم، لانكم جايبينها متأخّر. المفروض كانت جات من لوّل، دا غير طبعا مش محتاج أسأل اذا كانت بتتابع مع دكتورة نسا، لانه ضغطها العالي بالصورة اللي كات عليها ديْ بيجول انها مريضة ضغط مع ورم رجليها كومان، يعني من الآخر لو فيه حد مسئول عن إلى جرالها يبجى اهمالكم انتم!

نيران تصاعدت في صدر ذلك الأسد الغاضب بينما انبثقت من مقلتيه ألسنة لهب عاتية، ليزأر هادرا بوحشية:
- الكلام ديه تضحك بيه على عجول (عقول) الخواجات اللي زييك، تعوت (أصحاب) الكتب ومادْرِك ايه، لكن اللي أني أعرفه حاجة واحدة بس. اختي دخلت المخروبة دايْ على رجليها، فايجة مافيهاش خدش، داخله تولد كيفها كيف النساوين التانية. طلعت من عنديك على ضهرها. يبجى الغلط عنديكم انتم. انت السبب في اللي حوصلها. هتجول أعمار وأبصر ايه الحديت ديه ما ياكولش امعايا. اللي أعرفه أنه أختي ماتت على يديك انت. يعني تاري عنديك انت يا ابن الناجي. ومش صالح الراجي اللي يفوت تارَه واصل!

وبرقت عينا صالح بشراسة فيما اصطبغ بياضها بلون الدم. في حين اشتدت قبضته على عنق سالم، قاتل شقيقته. ليُصدِر حكمه الآني بوجوب القصاص لها، مقررا التنفيذ في التوِّ واللحظة!.

تصاعدت دقات متتالية على الباب الداخلي لصرايا الخولي، لتهرول الخادمة تفتح الباب، ثوان وكانت تركض مولولة، تدق الباب على سيّدها، والذي كان مستيقظا لصلاة قيام الليل كدأبه دائما، ففتح لها وما ان وقعت عيناه عليها حتى قطب وجهه المتغضن وقال بصوته الأجش الرزين بينما بياض لحيته ينافس بياض عمامته التي تحيط برأسه الاشيب:
- باه. مالك يا أسماء يا بتّي، ايه اللي حوصل؟
قالت أسماء ذات الخامسة عشر ربيعا بوجهها الشاحب مما سمعته من الغفير صابر: - ما تواخذنيش يا سيدنا، لكن صابر الغفير إهنه وعنديه خبر مش.
عبد الحميد الخولي وقد زادت عقدة جبينه: - مش ايه يا بتّي. ما تنطُجي!
قاطعه وقوف الحاجة فاطمة بجواره لتبصر أسماء فقالت بتساؤل: - واه. خبر يه يا بت يا أسماء؟ ايه اللي موجفّك إكده؟
أسماء وقد قررت القاء ما في جعبتها دفعة واحدة: - صابر الغفير بيجول أنه فيه حريجة جايدة في البلد، الضاكتور سالم الناجي جتل شجيجة سي صالح الراجي، وسي صالح أجسم (أقسم) أنه ياخد بالتار، ما عيجيشي (لن يأتِ) صُبح على سي سالم إلا وهو تحت التراب كيف أخته!

شهقت الحاجة فاطمة عاليا بينما هتف الحاج عبد الحميد عاليا وهو يقول: - واه!. كيف دِيه؟ ، همِّي يا بت جودامي روحي نادمي على سيدك عتمان من داره خلّيه يلحجني...

وبالفعل طارت أسماء لمناداة سيدها عثمان الخولي، بينما اتجه الحاج عبد الحميد لرؤية الغفير ومعرفة ما حدث تماما، بعد أن طمأن زوجته أنه سيتولى الأمر، فهو لن يسمح لكفر الخولي بالسقوط في بحر الدماء والذي كان قد جفّ منذ وقت طويل ولكن بعد أن حصد أرواح كثير من الابرياء!

سرعان ما وافى عثمان والده والذي وجده واقفا مع الغفير للوقوف على حقيقة الأمر، وما أن انتهى من سرد ما تناهى الى سمعه حتى نظر عبد الحميد الى ابنه الكبير وقال بهدوء آمر:
- خبّر ولد عمك عدنان خليه ييجينا اهنه، واتصل بولادك وجولهم ياجوا همّا وولد عمهم الليث حالا من موصر(مصر)، خلينا نلحجوا نطفوا النار جبل ما تجيد في البلد كلّاتها. انت خابر صالح الراجي زين، عجله (عقله) يابس كيف الصخر، والشيخ عبد الرحمن عمّه ما عيفوّتش اللي حوصل، ديه غير طبعا أنه الضاكتور من عيلة الناجي. وجدّه الشيخ عبد الحكم مهما كان هادي ورزين لكنه مش عيسمح لعيلة الراجي أنهم يمسوا ضوفر حفيداه، ولو حوصل والحرب بدت بين العيلتين هتحصد زينة شباب التّنيين (الاثنتين). ومش هنعرفوا نوجّفها!

عثمان بايماءة سريعة: - ما تجلجش يا حاج، أني هكلّم عدنان يلحجنا على بيت الراجي، وهبلّغ لولاد يتدلّوا البلد انّهاردِه. كلّاتها ساعات والنهار يشجشج، وبإذن ربنا هنجدروا نحلّوها، ما تنساشي أنك كابير البلد يا حاج، والكل بيعملك ألف حساب. الكابير جبل (قبل) الصغير.

تنهد الشيخ عبد الحميد قائلا بأسى: - لكن لمّن الموضوع يوصل للدم، العجول (العقول) بتوُجف (تتوقف)، ووجتيها معكونش (لن أكون) أني الكابير، لأنه التّار (الثأر) مالوش كابير يا ولدي. وحُكْماه (حُكمه) بيتنفّذ غصبٍ عن الكل، لو مالحجناش ووجفناه. يبجى ربنا يرحمنا برحمته. لأنه وجتها هتكون البلد اترمت في هويس الدم. وديٍهْ بيجرف الكل إفْ سكّتاه (طريقه) وما ممنوُّشيِ مهرب (لا منقذ منه)!

فصول رواية كبير العيلة الجزء الثاني

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الأول

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل السادس

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن

- رواية كبير العيلة الجزء الثاني للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع والأخير

تمت

أجزاء الرواية