قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل العشرون

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل العشرون

وجع يضرب صدرها بقوة عندما رأت نفسها تتزين هكذا، ليس من أجله ولكن من أجل خطيبته الموقرة، تذكرت حديثه لها وتنبيهاته اللاذعة، مسحت دموعها برفق ثم عدلت من وضعية شعرها وجعلته يتمرد للخلف كحال تمرد قلبها، قلبها الذي يرفض الخضوع لعقلها، خرجت من الغرفة ثم بحثت بعيونها وجدته يجلس بضيق ومن الواضح انه تذمر من تأخيرها المقصود، تقدمت منه بخطوات بطيئة ووقفت أمامه لتقول: سوري اتأخرت في اللبس.

حدثها دون ان يرفع عيونه بها، واستمر النظر بالهاتف: يالا شوفي ايلين علشان اتأخرنا على علياء.
ظهر على وجهها علامات الامتعاض عندما ذكر اسم تلك الغبية، تخطته بخطواتها البطيئة وهي تقسم بداخلها انه سيرفع عيونه الأن يتفحصها من خلفها، وتأكدت من ذلك عندما شعرت بتلك السهام الحارقة بظهرها وذلك بسبب ثيابها الضيقة الى حد ما، تلك الثياب التي رفضت دوماً ان ترتديهم خارج المنزل لانها تستطيع رسم تفاصيل جسدها ببراعة، اتسعت عيناها بصدمة عندما وجدت نفسها أمام غرفة ايلين دون ان يقاطعها عمار، ماذا يعني هذا؟!، هل تغاضى عن ثيابها وعن ضيقها، هل سيجعلها ترتدي هكذا؟!، التفت برأسها لتجده مازال ينظر بالهاتف، جزت على أسنانها بغضب، ف خرج صوتها حاد: هما أهلها عارفين ان انا جاية ؟!..

رفع عمار عيونه يرمقها ببرود قائلاً: انا واخد معاد من علياء وهي هاتقنعهم يحضروا وانتي هاتعتذري عن الي حصل وان كل اللي قولتيه كان كذب..
رمقته بغضب ثم دلفت الغرفة تصفع الباب خلفها، انتفضت الصغيرة برعب وهي تحاول ارتداء حذائها: خضتيني يا مامي.
اقتربت منها خديجة وجثت على ركبتيها تساعدها في ارتداء حذائها قائلة بهدوء: أسفة يا روحي..
ربتت الصغيرة على شعرها قائلة: عادي يا مامي .

رفعت عينيها فاطلقت الصغيرة صفير نشاز دليل على اعجابها: وااااو مامي تجنني، ايه الحلاوة دي .
ابتسمت بتلقائية وفرحة اذ بما ان الصغيرة اقرت بجمالها اليوم وتميزها فهي جميلة ومميزة حقا طبعت قبلة على وجنتها قائلة: شكرا حبيبتي انتي اجمل طبعا .
اكملت الصغيرة تأمل والدتها التي لم تلدها ولكنها دوما مصدر الحنان والامان لها فتابعت متسائلة: عمار قاعد بره ؟
رفعت خديجة رأسها ثم لمعت عيناها مقررة تنفيذ خطتها الثانية، ولا مانع من مساعدة بسيطة وصغيرة من ايلين، جذبت ايلين نحوها لتقول بهدوء: ايلين مش انتي بتحتبي عمار أوي.

هزت الصغيرة رأسها بقوة: اه أوي.
ابتسمت خديجة بمكر لتُكمل حديثها: طيب ولو قولتلك ان في واحدة وحشة وبتكرهنا عاوزه تاخد عمار مننا ومنك ومش عاوزه يجي عندنا ولا يلعب معاكي..
قطبت الصغيرة حاجبيها بضيق طفولي لتقول: مين الوحشة دي!.
أشارت لها خديجة قائلة: تعالي أقولك مين دي واسمها ايه ونعمل ايه علشان نمشيها ونخليها تكره عمار، وعمار يكون لينا وبس..
اقتربت الصغيرة بحماس وضيقت عيونها بتركيز تحاول استيعاب حديث خديجة، فعادت خديجة تكرر حديثها مرة واثنين وثلاث حتى قالت ايلين: خلاص يا مامي حفظت...

نهضت خديجة وعدلت من ثيابها ثم جذبت ايلين بيديها وخرجت من الغرفة، ضيقت عيونها عندما لم تجد عمار، تقدمت عدة خطوات تبحث عنه، فوجدت باب غرفتها مفتوح على مصرعيه دخلت وهي تقطب حاجبيها ولم يستمر انفاعلاتها هكذا بل زدات وشهقت بصدمة عندما وجدت عمار يعبث بثيابها، هتفت بصدمة: بتعمل ايه..

القى بوجهها فستان طويل وواسع ليقول بحدة: البسي ده أحسن من المسخرة اللي انتي لبساها دي..
وضعت يديها بخصرها بحنق تجادله وبداخلها كان يتراقص فرحاً لردة فعله هذه: وليه بقى اللبس دا عليا قمر، هاروح فيه..
جذبها من مرفقها ف التصقت بصدره رفعت وجهها ترمقه وجدته حاد الملامح وعيونه تنطلق منها شرارت الغضب: البسي الفستان ده والا هاطلع ايلين برة والبسوهلك انا...
هتفت بتوتر وهي تبتعد عنه: طيب هالبسه، اخرج برة، وسيب ايلين معايا..

وقبل ان يغادر الغرفة كان ينحنى بجذعه العلوي يقبل الصغيرة من وجنيتها بحنان بالغ وتحولت ملامحه لللين في لمح البصر حتى نبرته أصبحت أرق: وحشتيني يا قلبي، ايه القمر ده..
درات حول نفسها بسعادة لتقول: بجد يا عمار حلو .
أكد برأسه ليقول: طبعا حلو وجميل، تعالي نلعب بره لغاية ما خديجة .. .
قاطعته خديجة سريعًا تهتف بتلعثم: لا سيبها معايا تساعدني، اخرج انت.
رمقها بشك لتوترها وتلعثهما في الحديث، ولكنه تجاهل ذلك والتفت يغادر الغرفة ..، وفور خروجه تنهدت هي براحة واتجهت صوب المرحاض تبدل ثيابها...

نهضت من فراشها بإرهاق وتعب يكاد يفتك بجسدها، نظرت في المرآة وجدت وجهها شاحب اللون وضعت يديها على صفحات وجهها تتفحصها ف شعرت بإرتفاع درجة حرارة جسدها، اتجهت للمرحاض وبللت وجهها بالماء البارد، ف سرت رجفة قوية بجسدها..أغلقت المياه واتجهت للخارج تحضر شيئاً ساخناً يساعدها على التدفئة، خطواتها ليست متزنة، بحثت بين الأدوية ب لهفة على دواء يهدأ من ألم جسدها ولكن لم تجد همست بضعف: مكنش يبقى معايا مالك دلوقتي..

آه على قلبها الضعيف ف حتى بعد مكالمته الجافة لها والتي كسرت قلبها ولكن بررت تصرفه ذلك بسبب ضغط عمله، التقطت هاتفهها تجري اتصالاً به ولكن كالعادة جواله مغلق، وضعته جانباً وبدأت بإحضار شيئًا يساعد على تهدئة وجع حلقها، ف صدح رنين هاتفها اتجهت له بسرعة نظرت به وجدت عمها رأفت، لا شك ان أمالها خابت ف كانت تتمنى مالك وليس عمها.. أجابت بهدوء ..
_ ازيك ياعمو، وحشتني.

ظهر صوت رأفت معاتباً: يا سلام مش باين الوحشة دي، متتصليش ولا تتطمني عليا..
حاولت كبح دموعها فقالت بنبرة مهزوزة: أسفة بس محبتش أشغلك في شغلك..
شعر رأفت بإن هناك خطب ما ف فقال بقلق: انتي زعلانة من حاجة يا ندى ؟
هزت رأسها بنفي وكأنه يراها لتقول بخفوت: لا.
صمت رأفت لبرهة ثم عاد وقال: مالك فين؟!.
حاولت ان تجعل نبرة صوتها عادية: في شغله.

الأن أدرك سبب نبرتها الحزينة، مالك بدء بتنفيذ خطته واتفاقه معه، شعر بمشاعر مختلفة متناقضة، ما بين السعادة لتنفيذ مالك وعده والحزن لصوتها الحزين...
ندى بتوتر: هو حضرتك يعني، تليفون مالك مقفول على طول بحاول اتصل لو يعني...
قاطعها رأفت: ندى معلش مضطر أقفل سلام..

اغلق الهاتف وهي انفجرت بالبكاء من كل شئ، الوحدة بدت وكأنها حبل قوي يشنقها وهي لم تعد لديها الإرادة حتى تقاومه، بدأت تغرق بها وتستلم لها هي وآلام جسدها، رقدت بالفراش تحتمي به ف هو أصبح ونيسها في هذه الفترة وخاصة وسادته التي مازال عبقه عالق بها، جذبتها تحتضنها برقة لعلها تشعر بوجوده وبذلك الامان الذي أشتاقت له كثيراً

دلفت الى غرفة يارا وجدتها ترتدي حذائها، رمقتها ماجي من رأسها الى أخمص قدمها ف ارتفعت أحد حاجبيها قائلة: ايه اللي انتي عاملة ده يا يارا ؟
تقدمت يارا بخطوات بطيئة نحو المرآة وهي تقول ب لهجة باردة: وايه اللي انا عامله، لبست فستان واتمكيجت علشان نحتفل بعيد ميلاد فارس..
اقتربت منها ماجي بغيظ قائلة: ولما يا هانم احنا هانحتفل ب عيد ميلاد فارس والمفروض ان احنا نعمله مفاجأة تعزمي سراج ليه..
ابتسمت يارا والتفت برأسها نحو والدتها قائلة باستفهام: هو سراج جه!.

هزت ماجي رأسها قائلة ب نبرة غاضبة: اه تحت ياهانم، هو اخوكي مش منبه علينا متشوفيش سراج.
قالت يارا ببرود: طيب هو انا قابلته بره، احنا عندنا مناسبة بنحتفل بيها كل سنة عيد ميلاد فارس يبقى لازم نعزمه..
هتفت ماجي ب لهجة تحذيرية: يارا، الحرب الباردة اللي انتي متباعها مع فارس دي مش عجباني، واظاهر انك فهمتي كلامي غلط من الاول، كلامي كان واضح..

صمتت لبرهة ثم عادت تشير نحو قلبها: انا قولت ان ده من حقه يعيش تاني، ولقيت سراج مناسب ف تاخدي فرصتك معاه، لكن تستخدمي سراج علشان تستفزي فارس علشان يقولك سبب جوازه من ياسمينا ف ده غلط ومينفعش لو مش عاوز يقول براحته، لو انتي هاتتقبلي فارس كده وتقدري تكملي معاه اوك ده قرارك، لو مش هاتقدري يبقى تكملي مع سراج وافتحيله قلبك وشيلي فارس من دماغك، الخيار في ايدك، انا نازلة...

التفت بجسدها واتجهت صوب الباب وقبل ان تخرج استدرات ترمق يارا ب تفحص فرأت ملامح وجهها خالية من اي مشاعر ف قالت: ياريت منزعلش فارس انهارده هو مالوش أهل واحنا أهله وجايبنه نحتفل معاه ونبسطه.
غادرت ماجي، ف احتدت ملامح يارا لتقول: لا أبدًا انا ه احرق دمه بس مش هازعله...

اوقف السيارة جانبًا مشيرًا لهم بأن يخرجوا منها، امتثلوا لامره، وقف امامهم بطوله الفارع قائلاً بً لهجه تحذيرية قوية: احنا هاندخل يا خديجة، تعتذري عن اللي حصل ببساطة وتقولي انك بنت خالتي وبس ودي بنت جوزك...
هتفت ايلين ببراءة: وبنت مامي خديجة كمان.
هبط ببصره نحوها يرسل لها ابتسامة هادئة: طبعاً يا قلبي، يالا..

مسك يديها الصغيرة وتقدمت معه صوب شقة علياء التي كانت في الطابق السفلي، اما خديجة فنظرت له بضيق وعزمت بداخلها على ما اتفقت عليه مع ايلين، قرع الجرس ف ظهرت علياء وكأنها كانت تقف خلف الباب، ودت خديجة ان تبصق بوجهها لتشعر براحة وخاصة عندما رأت ابتسامتها اللزجة، رحبت علياء ب فارس ترحيب شديد وتجاهلت خديجة مجددًا، وفور دخولهم اتجهت ايلين نحو خديجة ورمقت علياء ب غضب طفولي..
رحب والد علياء بهم باقتضاب قائلاً: اتفضلواا.

جلسو جميعهم، وتجاهلتهم والدة علياء وتصرفت بكبرياء، رمقها عمار من اعلاها لاسفلها بنظرة مستنكرة، عم الصمت المكان، حتى قاطعته علياء لتقول: ماما، بابا عمار طلب مني ياخد معاد علشان يجي ويكشف كذب خديجة ..
لمح خديجة بطرف عينيه ترمقهم بحزن، ف كور قبضته بضيق، انتبه على حديث والد علياء: وانتي كذبتي ليه يا مدام..
بلعت تلك الغصة بحلقها قائلة بثبات: ومين قالك ان انا كذبت...

تشجنوا جميعاً لحديثها، فتجاهلت نظرات عمار لها لتقول بلهجة باردة مستنكرة: هو في واحدة في مكاني هاتضطر تكذب واكذب ليه، اكذب مثلا زي ما بنت حضرتك كذبت واتهمتني بشرفي قبل كده في الجريدة واتهتمتني بالسرقة لمجرد ان عمار طلب منها كده..
وقفت بكبرياء وقالت ب نبرة قوية وهي تشير على عمار: عمار ده يبقى جوزي وابن خالتي، وايلين دي تبقى بنته.
نظرت ل ايلين وقالت: مين يبقى بابكي يا ايلين؟! .
تقدمت ايلين نحو عمار وجلست على ساقه قائلة: عمار يبقى بابا..

تقدمت خديجة منه وجذبت ايلين لتقول بحزن: انا بدافع عن حقي فيك، وده ابسط حقوقي، لكن دلوقتي ميهمنيش اتجوزها لو حابب، يالا يا أيلين..
تسمرت وجوههم مما تقوله وتفعله، ف وقفت والده علياء تقول بغضب: ايه المهزلة دي..، انت جاي تضحك علينا، طمعان فينا...
نهض عمار ليقول بغضب مماثل: ده انا اشتريكي واشتريكوا كلكوا، بنتك اللي بتجري ورايا، تصدقي بالله انا لو كان الجوازة دي مشيت، كنت هاطلقها من تاني يوم علشان خاطرك..
هتف والد علياء بعصبية: وقح.

كظم عمار غيظه وحاولت علياء تهدئة الوضع، ف فشلت عندما نهرتها والدتها وهي تشير لهم: بره بيتي..
خرج منه سبة نابية لهم وجذب خديجة خلفه، فور خورجهم التفت ينفجر بوجهها ف سابقته هي ولاول مرة تتحدث بصراخ حاد: متكلمنيش ومتزعقليش وملكش دعوة بيا، انا زهقت منك ومن كل حاجة، واوعى تفكر انك تخوفني بحاجة مبقاش يهمني حد، حتى انت.

انتفضت الصغيرة برعب لصراخها واتجهت صوب عمار تحتمي به.. فرأت خديجة تصرفها ذلك لعنت نفسها انها تصرفت بهذا الشكل الهمجي أمامها، هبطت دموعها كالشلالات واتجهت صوب الطريق تركض ودموعها تسبقها، تعالت شهقاتها وانفاسها الهائجة، ف جذبها عمار ليقول: انتي رايحة فين...
أشارت على عنقها لتقول بنبرة مختنقة: هتنخنق مفيش هوا، سبني اتنفس، ولا حتى دي هاتعاقبني فيها..
نفضت يده واتجهت صوب الطريق تُكمل سيرها بخطوات واسعة وكأنها تحارب كل شئ لتحصل على ذرة هواء..
رغم ان هناك نسمة باردة تلطم وجهها ولكن لم تشعرها بالراحة...

اما هو فاستقل سيارته هو والصغيرة وسار خلفها يتبعها ولاول مرة يأنب نفسه على فعلته الحمقاء بها .. زفر بهدوء عندما لاحظ بكاء الصغيرة وهي تتابع خديجة من الزجاج ف قال لها عمار ب لهجة حانية: خلاص يا ايلين متعيطيش مامي خديجة بس مخنوقة .
التفت ايلين نحوه لتقول بحزن طفولي: هي زعلانة علشان انت هاتتجوز علياء دي...
ربت على شعرها بحنان قائلاً: خلاص مش هاتجوزها..
ابتسمت بسعادة والتفت برأسها تفتح الزجاج وهتفت بنبرة مرتفعة: خلاص يا مامي عمار مش هايتجوزها...
وقفت فجأة لتقول بحنق: ميهمنيش..

هتف أحد الشباب مستنداً على عمود إنارة: طبعا ماهو لازم ميهمكش يا قمر...
اوقف عمار السيارة جانباً بسرعة وخرج منها بسرعة البرق متجهًا للشاب بعدما رأه يتحدث لخديجة وعلى وجهه ابتسامة وقحة: قولتلها ايه ياله، قولتلها ايه .
عادت خديجة ب لهفة وحاولت جذبه: خلاص ياعمار مقاليش حاجة ..
ابعدها عنه بعنف قائلاً بشر: قولتلها ايه...
تلعثم الشاي قائلاً بخوف: مقولتش، مكلمتهاش..

وجه له عمار لكمة قوية بوجهه وبطنه قائلاً: انا مش اهبل ياله، بقولك قولتلها ايه...
نجحت خديجة في جذبه بعيداً: خلاص وحياتي، خلاص يالا نروح يالا...
تنفس عمار بغضب وابتعد عن الشاب قائلاً بحدة: من حظك ان انا مسمعتكش...
ركض الشاب بعيدًا عنه، تنفست خديجة باطمئنان، قائلة بنبرة هادئة: يالا، ايلين بتعيط..
التفت برأسه نحو الصغيرة وجدها ترتجف بخوف، زفر بقوة قائلاً: حضرتك خلصتي انهيارك ولا لسه، البت خايفة مننا...
رمقته بتعالي لتقول: اه خلصت.
هتف مستنكرًا: الحمد لله لما نشوف أخرتها معاكي..

نظر لهداياهم قائلاً بنبرة هادئة: متشكر يا جماعة ..
نظرت ماجي ل يارا بغضب شديد، ف تجاهلتها يارا وجلست بجانب سراج، اقتربت ليله منه قائلة: انت زعلان من حاجة يا أبيه.
التفت فارس اليها ليقول: لا عادي..
قالت مريم بضيق: معلش يا فارس انا حاسة بيك، متزعلش بكره يارا تعرف قيمتك..
شجعتها ليله بالحديث: فعلًا يا أبيه هي بس السكينة سارقها بس انت اوع تزعل..
هتف فارس مستنكرًا: والله يا جماعة انا مقدر مجهوداتكو دي، بس هاحبكوا اكتر لو مشيتو العيل السئيل ده..

اقترب منهم عمرو قائلاً: انتو بتقولو ايه...عاملين اجتماع القمة .
التوى فم فارس ليقول باستهجان:. شوفت أخرتي ليله ومريم .. الله يسامحها المعتوهة اختك..
تقدمت منهم يارا وسراج قائلين: ايه بتتكلمو في ايه..
رفع فارس بصره اليهم ليقول بنبرة مشمئزة: امممم سوري هاقوم انا الجو بقى خنقة ..

نهض متجهًا صوب الشرفة يقف بها، لم يكذب ف بالفعل شعر باختناقه وخاصة كلما وقعت عيناه عليها وبجانبها ذلك السمج، قبض بيديه على حافة الشرفة عندما تذكر ثيابها وأحمر شفاها التفت برأسه وجدها تتشاجر في الحديث مع ليله ومريم والاخر انشغل بالحديث مع شريف .. عاد برأسه للفراغ يحدق به مفكرًا بنهاية قصته معها، صدح رنين جواله فأجاب على الفور عندما وجده مالك..

_ ألوو..اخبارك يا مالك.
_ كويس، ندى شوفتها!.
_ لأ من أخر مرة مشوفتهاش، تحب لما أروح أطمن عليها..
_ ماشي ياريت، وابقى طمني، انت فين؟!.
_ عندكو، عاملين عيد ميلاد ليا..
_ فارس متزعلش، انا اسف يا صاحبي نسيت، بس انت عارف اللي فيا..
_ مش زعلان الله يكون في عونك..

استمع لصوت حذائها خلفه، فتحدث باقتضاب: سلام انت دلوقتي..
اغلق الاتصال والتفت اليها ملتزم الصمت، حدقت به تستشف معنى هدوءه الليلة، ماذا به، رمقها باستفهام قائلاً: خير جاية ليه وسايبة العبيط.
هتفت بدلال مستنكرة حديثه: متقولش عبيط، ده خطيبي..
ارتفع جانب وجهه بغلظة قائلاً: خطيب الا ما يلهفك، اتعدلي واتظبطي في الكلام معايا.
ضحكت بخفة لتقول: انت ليه مش مقتنع يا فارس بالحقيقة .
حدجها فارس بقوة هاتفًا: لا هو انتي اللي مش مقتنعة بالحقيقة .
رفعت حاجبيها قائلة: اللي هي؟!.

أشار اليها قائلاً بتملك: انت ليا انا مهما عملتي، ومهما بسلامته هو عمل، انت ليا انا، جيتي يمين جيتي شمال في الاخر ليا..
تقدمت منه ثم جذبت يده ووضعت بها هديتها لتقول بسخرية: كلها طموحات وأماني، وانا بقى مبمنعش حد انه يحلم، كل سنة وانت طيب..
قبض على يديها والهدية معاً ليقول بتحدِ: وحياتك عندي ما حلم، ولما يتحقق وتبقى حقيقة ووقتها لما تكوني مراتي هاطلع عينيك يا يارا.
نظرت له بتحدِ أقوى: لما نشوف يا.. يا أبيه..
تركته وغادرت الشرفة التفت هو يقبض على هديتها بيده وحاول التنفس بهدوء بعدما نجحت في اشعاال فتيل غضبه..

وضعت الصغيرة بفراشها وغادرت الغرفة وجدته يجلس مغلقا عيناه مستمتعا ببعض من الهدوء بعد تلك العاصفة والغضب الذين احتلو صدره ومشاعره وعقله، اقتربت منه قائلة بنبرة هادئة: ايلين نامت خلاص..
فتح عيونه يرمقها بتفحص: اممم زعلانة، مين المفروض يزعل..
أشارت اليه بعدم التحدث قائلة ب لهجة حاسمة: عمار لو سمحت بلاش نتكلم، كفاية أوي اللي حصل انهارده..

هز رأسه موافقاً ثم اخرج تنهيدة قوية من صدره تحت نظراتها المتعجبة من تبدل حاله، رمقته بتعجب أكبر عندما وجدته يمد يديه لها هتفت بعدم فهم: ايه في ايه..
اعتدل في جلسته وقربها اليه واحتضن خصرها بهدوء نظرت له وهو أسفلها يحتضن خصرها بتملك وقوة، هتفت بخفوت: انت فيك حاجة ؟
هز رأسه وهتف بهمس ضعيف: محتاج حضنك..
اتسعت عيناها بصدمة لما يقوله، فقالت بتلعثم: انا..، يعني..

ابتعد عنها ثم جذبها لتجلس على الأريكة وجعلها ترقد عليها..وهي مصدومة مما يفعله، رمقها بهدوء وهو يعتدل بجلسته ورقد بجانبها محتضنها بقوة يدفن وجهه بعنقها
تاركاً كل الافكار السيئة هو الان في أمس الحاجة لها، في أمس الحاجة لحنانها ودفئها، في أمس الحاجة بأن يشعر انها اصبحت ملكه وله وحده...اغلق عيونه مستسلماً لنومه هنيئاً لاول مره منذ سنين...

اما هي فلم تحتاج وقت كثير في ان تتعود على الصدمة، بل انفاسه الساخنة عند عنقها جعلتها تبتسم بحنان له وهي تجذبه نحوها أكثر، مدت أصابعها الصغيرة تعبث في خصلات شعره الصغيرة مقررة عدم النوم، للاستمتاع بكل لحظة بجانبه قد لا تتكرر مره ثانية .

لم تعرف كم مر من الوقت وهي على هذا الحال .. غرقت بافكارها وهي تتخيل حياتها معه هادئة خالية من صراعتهم ..انتبهت لقرع الجرس .. قطبت جبينها وهي تنظر في ساعة يديها من سيأتي في هذا الوقت .. نهضت بصعوبة من جانبه حتى لا توقظه واتجهت صوب الباب تفتحه .. وجدت ندى تستند على الحائط ووجها شاحب وتكاد تلتقط انفاسها: ندى ...
خرج صوتها ضعيف للغاية: انا تعبانة أوي..
وبعدها استسلمت لظلام حالك أحاطها من كل اتجاه وفقدت وعيها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة