قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني عشر

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني عشر

دلفت للبناية ثم رفعت نظارتها الشمسية وتحدثت للحارس: استاذ فارس موجود فوق؟
هتف الحارس: اه يا هانم، مين حضرتك؟!.
ماجى: انا والدة صديقه، باين عليك جديد.
الحارس: اه متعين من تلات شهور،نورتي ياهانم، هاطلب لحضرتك الاسانسير...
دلفت للاسانسير وشكرته، وصلت الطابق الذي يسكن به فارس لاحظت باب شقته مفتوحًا على مصرعيه، دلفت ببطء وهي تناديه: فارس، فارس، سايب باب شقتك مفتوح ليه كده.

جعدت جبينها وهي تبحث بعيناها عليه في ارجاء الشقة: فارس، باين عليه مش موجود.
جلست فوق اقرب مقعد بجوار باب الشقة، وقررت انتظاره نظرت لارجاء الشقة بتعجب وخاصة باب شقته المفتوح بهذه الطريقة هامسة: في حد يسيب باب شقته مفتوح كده ويمشي!، خليني قاعدة لغاية ما يجي.

بينما في الاعلى استطاع مالك أخيراً فك حصار خديجة من يد والدها الغليظة وهو يقول: ابعد يا راجل انت.
تنفس والدها بغضب قائلاً: بقولك سيبني اخد بنتي وامشي.
تلقاتها ندى باحضانها ف شعرت برجفتها القوية، ربتت على ظهرها بحنان قائلة: متخفيش.
هتف فارس موجهاً حديثه ل علي: بنتك بتصوت وبترتعش ومش عاوزه تيجي معاك، ايه هي بالعافية .
هز علي رأسه بجنون قائلاً: اه بالعافية لما تكون ماشية على حل شعرها يبقى اخدها بالغصب.

زفر مالك بعنف ليقول: اما انت راجل مش محترم بصحيح، اللي بتتكلم عليها دي تبقى بنتك.
وجهه فارس حديثه لخديجة مستفسراً: فين جوزك يا مدام خديجة؟!.
همت بالتحدث ولكن سبقها والدها مصفقاً بيده قائلاً بسخرية: هايكون فين، اكيد اخد غرضه ورماكي يا كلبة .
شهقة قوية صدرت من ندى بعد حديث والد خديجة الوقح، تحول وجهه مالك للون الاحمر من حديث ذلك الرجل، فانقض عليه يمسكه من تلابيب قميصه الازرق قائلاً بغضب: واقسم بالله لو مسكتش لاقتلك وانت واقف، في حد بيتكلم عن بنته كده يا راجل انت، والله اسجنك ودلوقتي.

_ اه يا باشا فيه، حضرته عادي يتهم بنته باوهام لمجرد انها اتجوزت ابن خالتها وتحامت فيه من ظلم ابوها.
وما كان هذا الا صوت عمار الذي كان يقف بشموخ على اعتاب الشقة يرمق بقوة والد خديجة، حاول علي الانقضاض عليه ولكن يد مالك وجسده منعوه من ان يتخطى خطوة واحدة ..
عمار باستهجان: ايه عاوز تضربني ولا تقتلني اتفضل مش هامنعك.
همست خديجة بضعف: عمار لو سمحت.

نهرها عمار بصوته الحاد: عمار ايه وزفت ايه، انا سبتك بس علشان اشتري طلبات، ارجع الاقيه عاوز ياخدك ويتهمك بكلام قذر، انتي اللي مانعني عنه على فكرة.
رفع علي يديه قائلاً بشر: لا وعلى ايه يا عمار، انت جاي تمثل دور البرئ عليها، بس انا بقى هالعب نفس لعبتك وبقولك ياخديجة انتي حرة في قرارك وفي اللي هايعملوه هو فيكي.

اتجه صوب باب الشقة وقبل ان يغادر رمق خديجة وعمار بشر متوعداً لهم ب اشد انواع العذاب..
وفور مغادرته ارتمت بجسدها فوق الاريكة تبكي بانيهار، مسدت ندى على يد خديجة قائلة بنبرة حزينة: معلش، اهدي انتي بس.
انتبهت على يد مالك وهي تحاوطها هامساً لها: يالا جوزها موجود مبقاش له لزمة نقعد هنا.

هزت ندى رأسها بايجاب ثم انحنت بجذعها العلوي وهمست باذنها قبل ان تطبع قبلة اعلى رأسها: هابقى اطمن عليكي بعدين.
اعتدلت في وقفتها ثم غادرت الشقة مع زوجها وفارس، شكرهم عمار وعبر عن امتنانه لما فعلوه مع زوجته وفور اغلاقه للباب، التفت فارس لمالك قائلاً بتعجب: عمري ما شوفت في حياتي أب كده، يا ساتر، دي كانت بترتعش منه من الخوف .
هتف مالك بضيق: والله ثانية كمان وكنت هاخده القسم، ده راجل...

قطع حديثه فارس وهو يشير بعيناه على ندى، فالتفت مالك لها وجدها تمسح بعض القطرات المتعلقة بجفنيها وظهر تورد انفها فقطب جبينه بقلق: مالك ياندى؟!
همست بنبرة حزينة يتخللها شهقات من البكاء: مفيش...
واندفعت صوب باب شقتها تدلف سريعاً وتختبئ باحدى الغرف تبكي بانهيار..
رمقه مالك باستفهام قائلاً: هو انا عملت حاجة يا فارس؟!.
هز رأسه نافياً وهو يقول بتفكير: علمياً انت معملتش اي حاجة، عملياً فانت وقعتك سودة ومهببة علشان الستات دول نكديين.
ضربه مالك بقوة في ذراعه قائلاً: ده وقته هزارك يا بارد.

ضغط فارس على زر المصعد قائلًا بلامبالاة:ياعم سيبك، يالا ننزل واطقطقلك رقبتك.
راقب لوحة الشاشة الإلكترونية التي يظهر عليها ارقام الطوابق باهتمام، انتظر رد مالك ولكن لا فائدة فالتفت قائلاً بتعجب: مالك مسهم على شقتك كده ليه!.
مالك وهو يدلف لشقته: انزل انت، هاشوف ندى الاول وبعدين انزلك.
اغلق الباب في وجهه تزامناً مع وصول المصعد، فاستقله فارس وهو يقول بسخرية مقلدًا صديقه: هاشوف ندى الاول، ابقى خليها تتطقطقلك هي رقبتك، عيل بارد قفل في وشي الباب.

وصل الى شقته ودلف وهو يلعن والد خديجة وخديجة ومالك ايضاً افسدوا عليه اهم طقس من طقوسه الصباحي الا وهو كوب القهوة الساخن..
_ انت كنت فين يا فارس؟!.
انتفض للخلف برعب قائلاً: اوبااا، طنط ماجي !؟.
ماجى بتعجب: اه طنط ماجى اللي جت ولقت باب شقتك مفتوح وحضرتك مش موجود.
أشار الى الاعلى قائلاً بتوتر: اصل يعني، كنت فوق علشان جارتي كان عندها مشكلة فطلعت جري على الصريخ.
ماجي بقلق: وهي كويسة يابني؟!

هز رأسه ليقول بنفس التوتر بصوته: اه الحمد لله، خير يا طنط حضرتك جاية ليه؟!.
عقدت حاجبيها قائلة باستنكار: جايه ليه !، دي مقابلتك ليا.
نهض فارس قائلاً بأسف: معلش بقى اصل اتخضيت لما لقيتك موجودة، ثواني نعمل فنجانين قهوة ونيجي نتكلم.
جلست باريحية ثم قالت: ماشي متتأخرش.
دلف الى مطبخه ثم اخرج هاتفهه بتوتر قائلاً برجاء: يارب متنزلش يا مالك، يارب الحق اتصل بيك!..

بشقة مالك
جلس بجانبها فوق حافة الفراش، قائلا بقلق: هو انا عملت حاجة ضايقتك.
هزت رأسها بنفي وهي تضع وجهها بكلتا يداها، اكتفت بتلك الحركة ولم تتفوه بأي حديث، مد يديه ثم ازاح حجابها بعيداً عن رأسها، فتناثرت خصلات شعرها على وجهها، حاول ابعاده عن وجهها وهو يهمس: ندى في ايه قلقتيني.
لم تصدر عنها اي أجابة، فابعد يديها بقوة عنها ثم مد اطراف اصابعه يرفع وجهها وهو يقول: في ايه، ليه العياط ده كله.
هتفت بضعف وحزن: علشان الدنيا دي مش مريحة حد، انا اهو يتيمة الاب وبتعذب نفسيا بسبب كده، وخديجة دي اهو عندها اب ومينفعش يتقال عليه اب، انا زعلانة عليها وعليا.

زم شفتاه بضيق ليقول بهدوء: ربنا مبيعملش حاجة وحشة في حد، افتكري كده كويس.
هزت رأسها باستسلام وهي تمسح دموعها بكف يديها كالاطفال: صح، بس ربنا يهديه، لان حرام اي بنت بتشوف ابوها سند ليها، وخديجة دي حسيت انها معندهاش سند زي.
اقترب منها بوجهه قائلاً بعتاب: ايه ده يعني انا مش سند.
سكتت ولم تتحدث، فعاد هو حديثه ولم يتخلى عن العتاب به: يعني انا مش سند.

عادت دموعها تأخذ مجراها فوق صفحات وجهها قائلة: مبحبش اتعلق بحد بسرعة، علشان متكسرش بعد كده.
مسح دموعها برقة، ليقول وهو يحتضنها بقوة: كده انتي بتزعليني على فكرة .
استكانت داخل أحضانه وأغلقت عيناها تستمع بذلك الدفئ الذي شعرت به بنبرة صوته، اما هو ف لوهلة نسي اتفاق رأفت وسبب زواجه بها، تجرأت وتحدثت بما تشعر به، فقالت بخجل: يعني انت هاتوعدني ان عمرك ما تسيبني ابداً.
رفعت وجهها ترمقه بأمل، وقبل ان يتحدث كان هاتفهه يصدح بالنغمة المخصصة له وكأنه ينقذه من قطع وعداً أخر مخالف تماماً مع وعده السابق...
_ ايوه يا فارس.

فارس: امك تحت اوعى تنزل..
انتفض من جانبها واقفاً هاتفاً بصدمة: ازاي وايه ج...
بتر حديثه عندما وجدها ترمقه باستفهام، فقال فارس على الجهة الاخرى: معرفش متسألنيش، انا دخلت لقيتها.
مالك بتوتر: طيب روح انت يا فارس وابقى طمني.
أغلق الهاتف وهو يقول: اظاهر ان في مشكلة في شغل فارس، المهم مش هانفطر يا ندوش.
انهى كلامه بقبلة خفيفة على وجنيتها.. لاشك تلك هي المرة الاولى التي غنجها بها، شعرت بحلاوة مذاقها وسينفونية نطقها، لابد انها خرجت من اعماق قلبه لتكون بهذه الروعة، ف عندما يغنج الرجل امراته سواء منتظرا منها شئ ام لا، فتأكدوا انها ستخرج افضل ما لديها لتحصل على ذلك الغنج مرة اخرى وتتجرع حلاوة عشقه بهدوء مستمتعة به بسعادة.

بشقة خديجة..
تحرك بغير هدى قائلاً بعصبية: شوفي حل في الموضوع مش كل مرة اجاي الاقي الجيران متجمعين والفضايح دي .
رفعت وجهها ترمقه بحزن قائلة بصوت مبحوح: ده اللي همك يا عمار، الفضايح، كان هاياخدني يا عمار، كان هاياخدني.
أنهت حديثها وانهارت بالبكاء مجدداً، مرر اصابعه بين خصلات شعره بعصبية ليقول وهو يجثي على ركبتيه امامها: انتي عاوزه تجنيني يا خديجة، حرام عليكي بقى بقيت محتار في عذابك ولا اضمك لحضني وانسى اللى عملتيه فيا زمان.
همست بضعف: والله غصب عني، مكنش بايدي، كنت خايفه عليك.

برزت عروق وجهه من شدة غضبه فقال: من ايه، من ابوكي، ده أمين شرطة، انا جتلك يا خديجة، جتلك وسيبت الدنيا كلها ورايا وشغلي واحلامي، جتلك علشان اخدك وابعدك عنه، وانتي وقتها رفضتي، رفضتيني، متمسكتيش بيا، موقفتيش في وشه، محاربتيش علشاني.
هتفت من بين شهقاتها: والله ما بايدي، كان هايسجن أمي بوصل الأمانة، وكنت خايفة عليك يقتلك او يعملك حاجة يسجنك..
ابتعد عنها ليقول بشراسة: لأ، انتي كذابة، انتي مقولتيش كده زمان، ولا وافقتي تتجوزي واحد اكبر منك ب ١٢ سنه وعنده بنت الا علشان خايفة تعصي ابوكي فاتجبيله العار صح، خايفة عليه مش عليا انا..

ضرب بيده على صدره بقوة قائلاً: انا، انا يا خديجة، حتى البت اللى جوه دي وقفتي قصاده علشانها، وانا فين بعمل ايه معرفش، بقيت عمار المجنون اللي عايش ينتقم من خديجة وابوها، ارتحتي كده، ارتحتي ؟
لفظ كلمته الأخيرة بغضب، فانتفضت بخوف منه، راقبته وهو يدور حوله نفسه بغضب، لاحظت انتفاضة جسده وصوت نفسه المرتفع وكأنه يصارع الموت، قبضت على يديها بخوف من هيئته المريبة تلك، وناجت ربها ان تمر بسلام..لم تعلم لما جاء بذهنها ايلين، لم تظهر حتى الان، أيعقل لم تستقيظ حتى الان في وسط تلك الضجة، وقفت بقلق وهمست: عمار..

وقف فجأة قائلاً بصوتٍ جهور: ايه..
ارتعدت للخلف عدة خطوات بخوف، أشارت له على غرفة ايلين: ايلين لغاية دلوقتي مصحيتيش..
هتف بجمود: وانا مالي ..
تحركت نحو غرفتها قائلة: لا في حاجة غلط، دي نومها خفيف جداً..

دخلت غرفتها وغابت لدقائق، فسمع بعدها صوتها يناديه بلهفة، دخل غرفة الصغيرة يلبي ندائها، وجدها تجلس بجانب الصغيرة وتبكي بانهيار: حرارتها مرتفعة وبتهلوس، مبتردش عليا..
اقترب عمار من الصغيرة ولمس بطرف اصابعه جبينها، فشعر بحرارتها المرتفعة، حول نظره لخديجة: تعالي هانوديها للدكتور.
انتفضت قائلة بلهفة: اه يالا بينا بسرعة.
أشار على ثيابها قائلاً باستنهجان: كده، هاتنزلي كده، مش كفاية وقفتي قدام جيرانك بلبسك ده.
نظرت لمنامتها فشعرت بخجل منه قائلة: فتحت كده علشان بابا يعني..

توجهت نحو الباب: هاغير هدومي بسرعة، وانت اعملها كمدات بسرعة يا عمار..
غادرت الغرفة بعجالة، رفع احد حاجبيه مستنكراً حديثها: كمدات!، على اخر الزمن هاعمل كمدات.
توجه للمطبخ بحنق وبداخله يلعن غبائه وتهوره، وضع خطته ليحرق قلبها ومن الواضح ان الاحتراق من نصيبه هذه المرة أيضاً.

بشقة فارس..
وضع القهوة امام ماجى، ثم جلس امامها وبداخله فضوله سيقتله لمعرفة سبب مجييئها المفاجئ، فقررت بعد ثاني رشفة التكرم والتحدث: طبعا انت هاتموت وتعرف سبب مجيتي ليك صح!.
حمحم بحرج قائلاً: هو بغض النظر انك تيجي في اي وقت، بس حقيقي اه عاوز اعرف في ايه!.
وضعت ساقًا على ساق قائلة بنظرات قوية: عاوز ايه من بنتي يا فارس.
رفع حاجبيه قائلاً بتعجب: ايه الدخلة دي!. في
ماجى بضيق: لازم ادخلك كده، علشان أعرف نيتك ايه من ناحيتها يا فارس!.

فارس بضيق مماثل: طب ما انتي عارفة وكل الناس عارفين اني بحبها..
مطت شفتيها للامام قائلة: كويس أوي، ومبتجيش تخطبها ليه؟!.
قطب ما بين حاجبيه قائلاً: قولت بدل المرة ألف، وهي بترفض، وحضرتك عارفة كده كويس!.
أنزلت ساقها لتقول بجدية: وهي ليه بترفض يا فارس تقدر تقولي!.
نهض من جلسته قائلاً بحنق: علشان اللي حصل زمان، طب اعمل ايه ظروف، كل حاجة كانت غصب عني.

استدار بجسده يحدق بالفراغ، اما هي فنهضت ووقفت خلفه قائلة بضيق: مانت لو تقولنا ايه اللي جبرك وغصبك تتجوز صاحبتك اللي كانت في مقام أختك انت ومالك، هنرتاح والله، بس حضرتك اللي نازل عليك ظروف، ظروف ايه دي يابني اللى تجبر شحط زيك بالجواز من واحدة هو مثلاً مش عاوزاها.
التفت بجسده يقول بعصبية: ايوه مكنتش عا...

بتر جملته سريعاً ثم زفر بقوة، جاذباً سجائره يلتقط واحدة ينفث غضبه بها..عقدت ماجى ذراعيها قائلة: ها يا فارس ايه كان السبب!، تقدر تقول، انا عن نفسي مش عاوزه اعرفه، بس هي من حقها تعرفه على فكرة علشان تقدر تفكر في عرضك للجواز، هي ايه ضمنها انها توافق مثلا وتيجي انت على أخر لحظة تتجوز واحدة تانية ؟!.

قالت حديثها الاخير بنبرة تهكمية، احتدت ملامح وجهه، جذبت حقيبتها واتجهت صوب الباب وقبل ان تغادر وقفت تلقي بحديثها الاخير: بص يابني، انا جيت هنا علشان خاطر بنتي، والوجع والقهر اللي هي بتحسه كل يوم بليل قبل ما تنام مفيش ليلة واحدة عدت عليها معيطتيش فيها بسببك، يارا تعبت يا فارس لو بتحبها بجد روحلها وصارحها بسبب جوازك من ياسمينا، اما بقى لو مكنتش لسه قادر تواجهه، فانا بعتذرلك وبطلب منك تبعد عنها، انا مش هاضيع عمر بنتي في البكى عليك، لا، هاجوزها وهاتعيش حياتها.

التفت لتغادر وقبل ان تخطو خطوة واحدة، كان هو يهتف بتحدِ: يارا مش هاتكون الا ليا أنا وبس يا طنط.
التفت بنصف جسدها قائلة بتحدِ مماثل: مين قالك، زميلها في المدرسة اتقدملها وانا شايفه مناسب، وموافقة، هانتظر تيجى تقعد معاه لغاية ما مالك يجي ويشوفه، سلام.

غادرت الشقة وفور خروجها كان هو يمسك بتحفة ثمينة والقاها ارضاً بعصبية فتهشمت الى قطع صغيرة أسفله، نظر لتلك القطع وأغلق عيناه بقوة، فهي تماثل حال قلبه وهو يعتصر ألماً مما يحدث، التقط هاتفهه ثم أجرى اتصالاً بصديقه، وبعد ثواني اتاه صوت مالك: خير، طمني.
هتف فارس بشراسة: انزلي حالاً.
أغلق الهاتف قبل ان يستمع لرد مالك، القاه على الاريكة ثم كور يديه في قبضة قوية قائلاً والشر يتطاير من عيناه: سراج ده انا هاقتله، هاقتله..

غادر المشفى وهو يحمل الصغيرة بين احضانه، والاخرى مستكينة وتنظر له ببراءة، طبع قبله أعلى جبينها ثم همس: انتي كويسة صح!.
هزت رأسها بايجاب واغلقت عيناها بنعاس من شده مرضها، وضعها في المقعد الخلفي ثم استقل السيارة واستمع لحديثها: الحمد لله كنت هاموت من الخوف عليها.
عمار بعصبية مكتومة خوفا من ايقاظ الصغيرة: مكنش له لزمه عياطك والدكتور بيكشف عليها، اخد باله منك، الموضوع كان بسيط نزلة برد .
حاولت التبرير فاشار لها قائلاً: خلاص يا خديجة علشان انا على أخري اصلاً.

وجهت وجهها للجهة الاخرى وسمحت لعيناها بالبكاء، رأها هو تبكي بصمت فضرب بيده على المقود قائلاً: مش كل ما اكلمك تعيطي انا زهقت.
التفت اليه تهتف بعصبية، بعدما فشلت بالتحكم بنفسها كعادتها: امال انت عاوزني اعمل ايه يا عمار، اتكلم مش عاجب، اعيط مش عاجب عاوزني اعمل ايه!.
هتفت الصغيرة بصوت ضعيف: في ايه يا مامي..
زفرت خديجة بقوة ثم التفت اليها وحاولت اخراج نبرة صوتها طبيعية: مفيش يا حبيبتي انا كويسة، نامي انتي.
استكانت الصغيرة مرة اخرى، فاغلقت عيناها ونامت، اما هو فجز على اسنانه واخفض صوته قائلاً: حسابنا بعدين، علشان تبقي تعلي صوتك عليا تاني .

تحرك بغير هدى وهو يقول: الكلب بيتحداني ورايح يتقدم لامك يا مالك، والله لاقتله.
وضع مالك يده على وجهه بنفاذ صبر، لقد توعد فارس بالقتل لذلك السراج للمرة الالف تقريباً منذ نزوله من شقته..
مالك بنفاذ صبر: طيب اقعد نتكلم..

اندفع فارس نحوه فجأة وانحنى بجذعه العلوي صوب مالك، فتراجع مالك للخلف مراتباً من نظرات صديقه الغريبة، قد تكون جنون، او، لا هو جنون فعلاً، تأكد من ذلك عندما وجده يقول: بتقولي تعال اقعد معاه وتتكلموا، امك عاوزه تموتني يا مالك، والكلب التاني بيتحداني، طب والله لا...
قاطعه مالك وهو يشير بيده ثم أكمل بدلاً عنه: لاقتله، خلاص يا فارس عرفت انك هاتقتله، ايه ده، اقعد يا أخي نتكلم .

جلس بجانبه يلهث من شدة غضبه، فقال مالك وهو يضيع بيده كوب من الماء المثلج: خد اشرب ده وروق، انت وشك قرب يجيب نار.
وضعه فارس بقوة على المنضدة فتناثرت المياه في كل مكان، التفت الى مالك بعصبية: تصدق بالله انك بارد، انت عاوز تجنني يا اخي مية ايه اللي اطفحها، بقولك عاوز يتجوزها وامك موافقة .

زم مالك شفتيه بضيق: رغم انك متستاهلش بسبب طولة لسانك، بس هاقولك ان الموضوع ده في ايدي انا اولا وفي ايد يارا ثانياً، بس في نقطة لو ماما قدرت تقنع يارا بيه، يارا هتوافق عند فيك، وامي ممكن تقنعها بالحتة دي، انا عارف دماغ امي على ايه، وانا لو يارا موافقة وانا مقدرتش اجيب في عيوب ف هاوافق.
صرخ فارس في وجهه قابضاً على مقدمة قميصه: ااااه، انت عاوز تجنني، فين الحل؟!.

أشار له مالك قائلاً: ببساطة فيك انت!.
لانت ملامح فارس لهدوء قائلاً بابتسامة: تصدق يا مالك، انا عرفت هاقتل مين، هاقتلك انت..
قال جملته الأخيرة بغضب، فنهره مالك هاتفاً: بس بقى، سيبني اتزفت واكمل كلامي، يا زكي مفيش حاجة هاتم طول مانا مش موجود، وانا غايب الفترة دي، يبقى استغل انت الموقف، قابله انت، وعلمه الادب بس من تحت لتحت، لغاية ما انا اعمل تحريات عليه واشوف اخرته ايه.
هتف فارس بضيق: هاقابله ازاي وانا قايل قدامه اني خطيبها، منظري هايبقى وحش أوي.
ابتسم مالك باستفزاز: لا هو هايبقى عرة خالص.

لكزه فارس بذراعه قائلا: بس يا بارد.
نهض مالك ليقول بمزاح: والله انك انت اللي بارد، ابقى بقدملك كل الحاجات دي وتقول عليا كده في الاخر، انت المفروض تشكرني.
ضيق عيناه قائلا: انت رايح على فين يا مالك.
اشار لاعلى برأسه: فوق، شقتي، لندى.
هتف فارس بتوعد: يمين الله ما هاتتحرك الا لما تفكر معايا في كل حاجة، هي ندى طلعلتلي في البخت، مش كفاية انك السبب في كل ده.
اشار على نفسه باستنكار: انا!، ليه بقى، انت جيت زمان تاخد رأي، وانا قولتلك رأي بامانة، وقولتلك لو مكانك كنت هاعمل كده.

عقد حاجبيه كالاطفال قائلا بحنق: طب متمشيش بردوا.
جلس مالك مرة اخرى: طيب قوم اعملنا اتنين قهوة .
فارس وقد استعاد جزء من هدوءه: انت صح، وانا اقول مالي مش متظبط ليه، اتاريني عاوز اشرب قهوة، ثواني وهاجيلك.
اتجه للمطبخ فقال مالك: خد وقتك، عاوزاها مظبوطة .
اجابه فارس من الداخل: طيب.

مرت ثانية سمعه مالك بدء في اعدادها فنهض بخفة وهو يتسلل للخارج، واغلق باب الشقة خلفه، زافراً براحة: هربت منه عيل مجنون بصحيح.
صعد لاعلى فوجد باب شقته مفتوحاً على مصرعيه، قطب مابين حاجبيه بقلق ثم دلف وهو ينادي عليها: ندى!، ندى،سايبة باب الشقة مفتوح ليه...
لم يأتيه رد، تقدم بخطوات واسعة يبحث عنها في ارجاء الشقة لم يجدها، التفت حوله هامساً بتفكير والقلق بدء ينهش صدره: ندى .

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة