قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين فصل خاص برأس السنة

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين فصل خاص برأس السنة

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين فصل خاص برأس السنة

تنويه هام
قارئاتي العزيزات، قبل قراءة هذه الحلقة وجب التنويه أنها حلقة فانتازيا ولا تمت بصلة لواقع سير الرواية، بل كتبتها بناء على رغبة بعض متابعاتي ممن كانوا يتمنون زواج عز المغربي وثريا بعد قرائتهم لرواية عبق الماضي وتعاطفهم الشديد مع ما مر به عز
والان سأترككم للإستمتاع مع الحلقة مع تمنياتي بأن تنال إعجابكم
أميرتي.

ياليت لي الحق بضمتك والدخول لعالمك المبهر.
ولتسمحي لي بدلوفي لأحضانك كي بدفئها أتنعم.
والنيل من شفتيك الوردية والنظر لعينيك بتمعن.
ولترأفي بحالتي وتسقني من شهدك المكرر.
كي ينتهي بتذوق عسلك رحلة عذابي وتألمي.
خاطرة عز المغربي
بقلمي روز امين.

بعد مرور عامان وفاة أحمد المغربي، وبرغم تألم روح عز وهو يري ذبول ثريا يوم بعد الاخر منذ فراق روحها التي دفنت مع حبيبها الأبدي، إلا أن روح العاشق الكامنة بداخله تحركت وثارت عليه، رغم عنه تحرك قلبه وصرخ مطالب إياه بأن يحقق له مناه ويجلب له حب العمر التي طالما خلم به وتمناه.

ذهب إلى المكان المتواجد به أباه، حيث كان في الأراضي الخضراء الواسعة المملوكة للعائلة، ألقي التحية على والده، فرحب به محمد وأشار بكفه في دعوة منه بالجلوس
جلس صامت لأكثر من خمس دقائق مرت عليه كدهر
رأي محمد ربكته فتحدث بنبرة مشجعة كي يحسه على الكلام: مالك يا عز، عاوز تقول حاجة يا إبني؟
تحمحم عز وتحدث بقلب يرتجف خشية جرح قلب أبيه الغالي: الحقيقة يا حاج فيه موضوع حابب أفاتح حضرتك فيه.

وأكمل بنبرة مرتبكة وجبين يتصبب عرق: بس خايف تفهمني غلط
دقق محمد النظر داخل مقلتاي نجله وتحدث بنبرة جادة: خش في الموضوع طوالي ومتخافش يا سيادة العقيد، وأستطرد بنبرة لائمة لفهمه حديث نجله بالخطأ: أبوك الراجل الفلاح بيفهم وبيعرف يوزن الأمور بردك
نطق عز سريع نافي: أستغفر الله يا حاج، أنا ما أقصدش بكلامي كدة أبدا.

ضيق محمد عيناه منتظرا تكملة حديثه، فأخذ عز نفس مطولا ونطق بشجاعة: أنا عاوز أتجوز ثريا بنت عمي وأربي ولاد أخويا جوة حضني
وأسترسل بإحترام: ده طبعا من بعد إذنك
إتسعت عيناي محمد ونظر عليه بعدم تصديق، فتسائل عز متوجس: أنا غلطت في حاجة يا حاج؟!
تنهد محمد بأريحية ظهرت على ملامحه: حاشي لله يا أبني.

وأكمل حديثه بإنسجام ورؤي متطابقة: أصل بالصدفة كنت بكلم أمك في الموضوع ده من حوالي شهر، وأمك هي اللي عجزتني ووقفتني إني افاتحك فيه، قالت لي إنك مش هتوافق علشان متزعلش منال وتيجي عليها
إنتفض قلبه وسأل والده متلهف: يعني إنت معندكش مانع يا حاج؟
تنهد محمد وتحدث بأسي ظهر على وجهه: من ساعة موت أخوك الله يرحمه وأنا قلبي واجعني على عياله اللي لسه صغار، ولا بنته اللي فاتها وهي حتة لحمة حمرا.

وأكمل بتمني: بقي كل اللي شاغلني إني أطمن عليهم قبل ما أقابل وجه كريم
هتف عز بحماس: ربنا يديك طولة العمر وتعيش لحد ما تجوزهم يا حاج
هز رأسه بوهن وأبتسم ونطق بيأس: أجوز مين يا ابني، البركة فيك تربيهم مع أمهم وتسلم البنات بإيدك لرجالتهم
واستطرد قائلا: أنا هكلم عمك صلاح وأطلب منه ثريا ولو إني عارف إنه مستنيها وشوفتها في عنيه كام مرة، ما هو اب هو كمان وعاوز يطمن على بنته.

وأكمل بإيضاح: وما تعتلش هم مراتك، أنا هفهمها بالراحة، وأعرفها إن الجوازة لازمن تتم علشان خاطر العيال يتربوا مع عمهم
تنهد وأردف: إن شاء الله يا حاج، إن شاء الله
بالفعل تحدث محمد إلى صلاح وابلغه بما طلبه منه عز مما أسعد صلاح وشعر بالطمانينة على إبنته وصغارها
داخل حجرة الجلوس المتواجدة بمنزل العائلة، يجلس صلاح وزوجته عزيزة وأولادهما، على وفريد وحسن وثريا
وأيضا محمد، وزوجته منيرة واولادهما، عز وعبدالرحمن.

أغلق محمد الغرفة بإحكام وطلب من زوجات اولادهم ان يصعدوا إلى الاعلي هم وأطفالهم وأخبرهم أنه وشقيقه وأولادهم سيتحدثون في موضوع خاص بالعائلة
تحدث صلاح موجه حديثه بنبرة حازمة كعادته: عز طلب إيدك على سنة الله ورسولة يا ثريا، وأنا وافقت وإن شاء الله كتب الكتاب الشهر الجاي.

شعور بالإرتياح إجتاح جميع المتواجدون بالحجرة حتى والدة أحمد التي كانت تريد الإطمئنان على صغار نجلها الراحل وذلك بعدما أصيبت بأمراض عديدة بفضل حزنها على فقيدها الغالي
عدا تلك الثريا التي جحظت عيناها من حديث والدها المهين لها والذي يبلغها بعدما حدد لها مصيرها هي وأولادها دون حتى إسنادها حقها الشرعي في الموافقة من عدمها.

شعر عز أيضا بمرارة من حديث عمه المقلل من شأن أميرته العالية وكاد أن يعترض لولا صوت تلك الحزينة التي إعترضت بنبرة هادئة إحترام لوجود والدها وعمها: بس أنا مبفكرش في الجواز تاني يا بابا
وحولت سريع بصرها لذاك الفارس الجالس بأنفاس مكتومة وعيناي مترقبة بشدة لنطقها للقرار الذي سيحيي قلبه ويجدد له الأمل، نعم فقد باتت تعلم بعشقه الهائل لها وهذا ما اخبرها به أحمد وهو على فراش الموت.

وأردفت بهدوء جابرة لخاطر ذاك الخلوق: إنت راجل محترم يا عز، وأنا طول عمري وأنا بشوفك زي على وفريد وحسن
وأكملت بنبرة زائفة لعلمها الحقيقة: وعارفة ومقدرة تضحيتك براحتك مع مراتك وولادك علشان خاطر ترضي عمي ومرات عمي
نظر لها بعيناي تكاد تصرخ ألم من شدة حزنها،
وحدث حاله قائلا: أهكذا ترين طلبي لتقربي من قلبك غاليتي؟
إني أهيم عشق وأكاد من ألم الإشتياق أذوب وأنتهي.

أضناني بعدك وجفاني نومي وبت على تلهف قلبي لضمتك غير قادر
هتف صلاح بنبرة حادة معنف صغيرته: عز ما بيرضيش حد يا بنت صلاح، عز راجل وهو اللي فكر لحاله من غير ما حد يكلمه، وقرر إنه ياخد ولاد أخوه في حضنه ويحاجي عليهم وعليكي، وأنا خلاص وافقت
تحدثت بإعتراض: وأنا قولت لحضرتك إني مش هتجوز بعد أحمد الله يرحمه.

تحدثت منيرة بنظرات مترجية: وافقي يا بنتي علشان خاطر ربنا، نفسي أموت وأنا مطمنة على ولاد أحمد علشان لما أقابله أطمنه عليكم
بات الجميع يضغط عليها كي توافق، منهم من إستخدم معها إسلوب الترهيب مثل أبيها، ومنهم من توسل إليها وترجاها تارة، وتحدث بالعقل تارة اخري.

كان ينظر إليها بعيناي متوسلة مترجية أن ترحم قلبه العاشق، بعدما وجد رفضها التام حزن من داخله وثارت عليه كرامته، فتحدث إلى صلاح لحفظ ماء الوجه: خلاص يا عمي، مفيش داعي تضغط عليها أكتر من كدة، أنا مش هجبرها ترضي بيا بالغصب.

حزنت لأجله وتألم قلبها لنبراته ونظراته التي يظهر بهما كم الألم الذي يعتصر قلبه ويتعرض له كيانه، وتحدثت لمراضاته: إفهمني من فضلك يا عز، أنا خايفة على ولادك وبيتك من التشتت والضياع، إنك تكون زوج وفاتح بيتين دي في حد ذاتها صعبة أوي
واسترسلت بتعقل: وصدقني إنت اللي هتتعب أكتر واحد في الموضوع كله، ده غير إني أكلت أنا ومنال من طبق واحد ولا يمكن أوافق على دبح. ها بأديا.

كانت هناك من تقف خلف الباب وتتنصت على ما يقال، إنها راقية التي إستمعت وهرولت إلى الأعلي لتنبه منال وتطلعها على كل ما جري، وبسرعة البرق نزلت منال بقلب يستشيط غيظ ودفعت الباب حينما إستمعت لكلمات تلك الثريا.

فوجئ الجميع بإقتحام منال للغرفة وتحدثت بهيأة غاضبة موجهة حديثها إلى ثريا التي إنكمشت على حالها: عملالي فيها محترمة وطيبة أوي وخايفة على مشاعري، ألاعيبك دي ووش الملاك اللي لابساه طول الوقت بليق عليهم كلهم إلا عليا
واسترسلت بحدة: فوقي يا ثريا وبلاش نغمة الطيبة دي لأنها مش لايقة عليكي، فوقي وشوفي أنا مين وإنت مين
وأكملت بقامة مرفوعة عاليا بغرور: - أنا منال العشري سليلة أكبر عائلات إسكندرية كلها.

واسترسلت بإهانة وتقليل من شأنها: تيجي إيه إنت في جمالي وشياكتي، ولا أصلي وتعليمي
هب واقف من جلسته وصاح بنبرة غاضبة بعدما إستمع لإهانة صغيرته على يد تلك المتعالية: منال، كلمة تانية وهتسمعي اللي مش هيرضيكي
وأكمل متسائلا بنبرة حادة مهينة: ثم إنت إزاي يا محترمة يا سليلة أكبر العائلات تقفي تتصنتي علينا وتقتحمي الباب من غير حتى ما تستأذني
هتف محمد بنبرة حادة: يا عيب الشوم عليك.

ضحكت ساخرة وربعت ساعديها ووضعتهما أمام صدره. ا وتحدثت وهي ترمق الجميع بإستهانة واحتقار: ربنا بعتني في الوقت المناسب علشان أسمع بوداني وأشوف بعنيا ندالتكم وإنتوا بتتفقوا إنكم تجوزوا جوزي من أرملة أخوة من ورايا
تحدث محمد بهدوء كي يمتص غضبها ولكي لا يجعل بيت ولده ينهار: احنا مكناش هنعمل حاجة من وراكي يا بنتي، إحنا كنا بنحاول نقنع ثريا الاول وبعدها كنا هنبلغك ونقنعك ونراضيكي.

رمقته بنظرة إشمئزاز وصاحت بنبرة لا ترتقي بمعاملة والد زوجها: إنتوا أكيد إتجننتم، إنت فاكر إن أنا أو عيلتي هنقبل بالمسخرة والتخاريف اللي بتقولوها دي
منااال، كلمة قالها عز بنبرة حادة وهو يرمقها بنظرات تحذيرية
وأكمل مهددا: صبري على قلة أدبك وتجاوزاتك في الكلام ليه حدود
أردفت قائلة بنبرة ساخطة: هو أنت لسه شفت تجاوزات يا عز بيه.

واستطردت بكبرياء وهي تشير إليه بسبابتها بإشمئزاز: بقا أنت يا عز يا مغربي، عاوز تتجوز عليا أنا
نطقت منيرة في محاولة منها لتهدأة تلك الثائرة: ده مش جواز زي ما أنت فاكرة يا بنتي، ده هيكتب كتابه عليها علشان يخلي باله من عيال أخوه ويربيهم مش أكتر من كدة
ضحكت ساخرة وتحدثت بإهانة: هو حضرتك شيفاني جاهلة للدرجة دي ولا فكراني مغفلة علشان أصدق الهبل اللي بتقوليه ده.

إلي هنا ولم يستطع إهانتها لوالدته، هرول عليها وقام بصفعها على وجنتها وصاح بنبرة غاضبة وعيناي تطلق شزرا: كدة إنت إتعديتي خطوتك الحمرا ووجب عليا تأديبك
صعقت من صفعته لها، فلم تتوقع حتى بأسوء كوابيسها بأن عز المهذب والمعروف باللباقة وحسن الخلق أنه سيتخلي عن تهذيبه ويقوم بصفعها على الملاء وأمام العلن، وضعت يدها تتحسس موضع صفعته حيث علمت أصابعه على وجنتها جراء شدة الصفعة.

رمقته بنظرات كارهة وهتفت بغضب بعدما فقدت السيطرة على حالها قائلة بإهانة: إنت بتضربني يا جربوع، جت لك الجرأة تضرب منال العشري
وبدأت تتناقل بنظراتها إلى الجميع بتقزز وكراهية وتحدثت: مش كفاية إني إتنازلت أنا وعيلتي ورضيت بيك وبعيلتك وأهلك الفلاحين
إتسعت أعين الجميع وهم يشاهدون ويستمعون بأذنهم إهانتهم الصريحة من تلك المنال ومشاهدتها وهي تتعالي عليهم جميعا.

هتفت عزيزة بنبرة ساخطة: إخص عليك قليلة أصل وناكرة للجميل
أما منيرة التي صاحت ناهرة إياها: الفلاحين دول أشرف من أهلك المفلسين المديونين واللي سيرة فلسهم بقت على كل لسان
وأكملت موبخة إياها: الفلاحين اللي بتعايريهم دول خيرهم عليكي وعلى عيلتك ومغطيهم من ساسهم لراسهم يا بنت العشري.

إشتعلت نار صلاح وتحدث بنبرة حادة: إحنا فلاحين أه، بس عندنا من الأطيان والإملاك اللي خلت أهلك ولاد الحسب والنسب يجروا ورانا ويلهثوا زي الكلا، علشان يناسبونا،
منال، كلمة حادة نطق بها عز
رمقته بنظرة غاضبة فأكمل هو بثبات: إنت طالق، طالق يا بنت الاكابر
شهقت ثريا واضعة كف يدها فوق فمها، في حين هتفت منال قائلة بجنون: هي حصلت تطلقني يا عز؟

هتف محمد بنبرة حماسية مساندا نجله: عاشت البطن اللي شالتك يا سيادة العقيد
واسترسل حديثه وهو يرمقها شزرا: الحرمة اللي تتكبر على جوزها وأهله، متستحقش تعيش وسطيهم تاني ولا تاكل من خيرهم
رمقته منال شزرا وهتفت بغضب: هتدفع تمن كلامك ده غالي أوي، كلكم هتدفعوا التمن غالي، وحياة بابا لأخلي عيلتي تعرفكم مقامكم صح يا فلاحين يا جرابيع.

هتف عز بحدة متمالك غضبه بصعوبة بالغة: أنا ماسك نفسي عنك بالعافية وده علشان خاطر ولادي،
واستطرد مهددا: لكن هتقلي أدبك بكلمة تانية قسما بالله هرميكي برة البيت بالهدوم إلى عليك دي
كانت تستمع إليه بعيناي تطلق شزرا وقلب يشتعل من شدة نارها، حول عز بصره ونظر إلى شقيقه عبدالرحمن قائلا بنبرة صارمة: عبدالرحمن، جهز العربية على ما المدام تجهز شنطة هدومها علشان هنوصلها لحد بيت أبوها.

وأكمل متهكم وهو يشير إليها بإتجاه الباب: إتفضلي قدامي يا بنت الأكابر
هرولت والغضب يتطاير من عيناها وتحرك هو خلفها
تحدثت ثريا إلى الجميع: عاجبكم كدة، أهو عز بيته إتخرب من ورا إقتراحكم
وأكملت بنظرات ملامة للجميع: وأنا طلعت الحرباية خرابة البيوت اللي خطفت الراجل من مراته، يارب تكونوا إرتاحتوا
نطقت منيرة مبررة: وإنت ذنبك إيه في اللي حصل يا بنتي، هي اللي ست قليلة أصل وأهلها قصروا في ربايتها.

وجوازها من إبني كانت غلطة
صاح محمد بنبرة إستحسانية: واهو طلع راجل من ظهر راجل وصححها يا أم عز
أما صلاح الذي نطق بنبرة هادئة في محاولة منه لإمتصاص غضب شقيقه: بلاش خراب البيوت يا محمد يا أخويا، كفاية يوديها عند أهلها تترمي لها هناك شهر ولا إتنين لحد ما تتعلم الأدب وبعدها يردها علشان العيال
أبدا، عظيم تلاتة ما هي داخلة بيتي تاني عديمة الرباية دي. جملة نطقها محمد بنبرة حانقة.

تحرك عز صاعدا الدرج بجانب تلك المتعالية حتى وصلا معا إلى مسكن الزوجية، وجد ياسين يحمل الرضيع عمر ويجاوراه وطارق وشيرين وهم يداعبون الصغير
هتفت منال بنبرة حادة وملامح وجه غاضبة وهي تنظر إلى ياسين: ياسين، إدي عمر لطارق وقوم لم معايا هدومك إنت واخواتك علشان هنروح نعيش في بيت جدو
نظر لها الصبي وتسائل بإستفهام: وإحنا إيه اللي يخلينا نسيب بيتنا يا ماما؟

نظرت على عز الواقف ينظر عليها بغضب وأكملت: هنسيب بيتنا علشان المحترم بباك طلقني وهيتجوز الحقيرة اللي إسمها ثريا
إشتعل قلبه بالغضب عندما إستمع لسبابها لحبيبته صاحبة الخلق، أمسك ذراعها وقام بسحبها بعنف وتحرك بها داخل غرفتهما الخاصة وذلك حفاظ على مشاعر أطفاله، وهتف بنبرة تحذيرية بعدما أغلق باب الغرفة: إحترمي نفسك وخلي عندك كرامة بدل ما اخليها تنداس تحت الجزم.

وأكمل وهو يدفعها لتسقط فوق التخت: قدامك نص ساعة تكوني لميتي فيها كل حاجة تخصك
واسترسل موضح لها: وموضوع عيالك ده تنسيه نهائي، مش عيلة المغربي اللي عيالها يتربوا في بيوت الأغراب ويسيبوا خير أهاليهم
واسترسل متهكم: وبعدين لو فرضنا إني هوافق أديهم لك، تقدري تقولي لي هتعيشيهم وتصرفي عليهم منين؟
اجابته بغرور وتعالي: أهلي هيجبروك تجيب لي فيلا أعيش فيها معاهم وتصرف علينا غصب عنك.

ضحك ساخرا لتناسيها أو تغافلها عن منصبه الرفيع وتحدث قائلا: يظهر إنك ناسية إنت واقفة وبتتكلمي مع مين
واسترسل بصرامة اربكتها: - انا العقيد عز المغربي يا مدام، ليا وضعي في جهاز المخابرات وعندي السلطة اللي تخليني أخسف بأهلك اللي فرحانة بيهم دول الأرض
واستطرد مهددا: فمن الأحسن ليكي وليهم إنكم تبعدوا نهائي عن سكتي وتتقوا شري.

رمقته بنظرة إشمئزاز وتحدثت بنبرة حاقدة: خليهم لك إشبع بيهم حاليا، وأنا متأكدة إنك مش هتكمل شهرين وهتيجي تترجاني إني أخدهم، وإبقي وريني الهانم هتتحمل أربع أولاد إزاي
ضحك وأردف متهكم: ده على أساس إن سيادتك اللي بتربيهم مش أمي وثريا؟!
وأكمل بتذكير: ده حتى في الرضاعة، ثريا كانت بترضع طارق وشيرين مع رائف ونرمين أكتر ما رضعتيهم سيادتك
في الخارج.

وضع ياسين الرضيع فوق الأريكة وتركه في رعاية طارق، وتحرك إلى غرفة والداه وطرقها مرتان، سمح له والده بالدخول، وبالفعل خطي بساقيه وجد والدته تجمع أشيائها بهرولة وهيئة غاضبة، ووالده يرتدي ملابس تناسب الخروج من المنزل
تحدث على إستحياء إلى والدته: حضرتك بتعملي إيه يا ماما؟
هتفت بنبرة حادة لائمة صغيرها: سايبة البيت وماشية علشان بباك يتجوز عمتك ثريا اللي حضرتك بتحبها براحته.

وأكملت بنبرة غاضبة: وبعدين أقعد إزاي وأنا إطلقت، أبوك طلقني علشان يخلي له الجو مع الخسيسة اللي رمت شباكها عليه وهو زي الأهبل وقع على بوزه
إستاء ياسين من اللهجة البذيئة التي تتفوه بها والدته عن أباه
في حين صاح عز بصوت يشتد كظم: إحترمي نفسك وبلاش نخليني أقل من قيمتك قدام إبنك، على الأقل حافظي على شكلك كست محترمة قدامه.

إبتلع ياسين لعابه بإضطراب وأردف متسائلا بنبرة قلقة: بابا، الكلام اللي ماما بتقوله ده حقيقي؟
وأستطرد: حضرتك فعلا طلقتها علشان هتتجوز عمتي ثريا؟
ربعت ساعديها ووضعتهما أمام صدره. ا وهي تنظر إلى عز بحقد منتظرة بتمعن إجابته على نجلهما
أما عز الذي تحدث لإبنه قائلا بنبرة حذرة: من الافضل إنك متدخلش نفسك في الموضوع ده يا ياسين.

صاحت تلك الشامتة به قائلة بإحتدام: إيه يا سيادة العقيد، مكسوف تحكي لإبنك إنك ما صدقت أخوك يموت وقوام بصيت لمراته واتمنيتها
رمقها بنظرة إحتقار وهتف بإشمئزاز: إنت ست مريضة وغلطة عمري إني إرتبط بإنسانة بشعة وحقودة زيك
ثم حول بصره لإبنه وأردف شارح: أنا طلقت أمك لما غلطت في عيلتك يا ياسين، والدتك المحترمة بنت الأصول، هانت جدودك تحت وقالت لهم يا فلاحين يا جرابيع.

إتسعت عيناي ياسين بذهول وحول بصره إلى والدته سريع وهتف متسائلا بعدم إستيعاب: حضرتك فعلا قولتي لجدي محمد وجدي صلاح كده يا أمي؟
رفعت قامتها لأعلي بكبرياء وأردفت بصفاقة: مش دي حقيقتهم ولا أنا بفتري عليهم
وتسائلت بوقاحة: ولا هي الحقيقة بقت بتزعل وتوجع أصحابها؟

غصة مرة تملكت من قلب ياسين وأصابته بالحزن، أما عز الذي جن جنونه مما جعله يركض سريع إلى خزانة ملابسها المفتوحة وأختطف منها ما تبقي من الثياب بطريقة عنيفة وهرول إلى الحقيبة الموضوعة فوق التخت وقام بإلقاء الملابس بإهمال وقام بغلقها
وتحدث بنبرة حادة تنم عن وصوله إلى قمة غضبه: إتفضلي قدامي علشان أوصلك على بيت أهلك قبل ما أفقد أعصابي.

بالفعل تحركت منال وأوصلها عز إلى منزل شقيقها وأبلغه بما بدر منها تحت غضب شقيقها من عز
في اليوم التالي ذهب شقيقيها إلى منزل المغربي ليتحدثا فيما جري وطالبا بمنزل مستقل لشقيقتهم وأن يردها عز إلى عصمته من جديد، وتشرطا عليهم بعدم زواجه عليها،.

رفض محمد وعز حديثهما بل وكادا أن يطرداهما من المنزل بعدما تعدوا على العائلة ببعض الإهانات بجانب التعالي والتفاخر اللذان كانا يتحدثان به مما جعل محمد يستشيط غضب ويقرر مع صلاح سرعة عقد قران عز على ثريا تحت نفور وحزن وألم ثريا مما جعل الحزن يسكن قلب ذاك العاشق.

تم عقد القران الذي عقد بحضور جميع عائلة المغربي، وبعدها صعد عز بجانب ثريا إلى مسكن زوجيه جديد، حيث طلب عبدالرحمن من أبيه تبديل مسكنه بمسكن أحمد، وذلك كي لا يزيد من حزن شقيقه وهو يري زوجته تعيش بجانبه في نفس المكان التي عاشت به أجمل سنواتها بأحضان حبيبها الراحل
فتح عز الباب وأشار لها بيده لتدلف، تحركت بساقان مهتزتان وتنفست بضيق وقلب محمل بأثقال الهموم.

تحمحم عز وتحدث بقلب يكاد يتوقف من شدة سعادته، برغم معرفته أنها مرغمة على تلك الزيجة: نورتي شقتك يا ثريا
نظرت إليه بعيناي ظهر بهما الإرتباك وأردفت قائلة بنبرة خافتة: متشكرة
شعر بخجلها الذي يعتريها فتحدث وهو يشير لها بكف يده إلى إحدي الأرائك المتواجدة بالردهة، وذلك كي يطمئن قلبها: تعالي إقعدي يا ثريا، أنا عاوز أتكلم معاك شوية.

إرتبكت لكنها بالفعل تحركت ووصلت للأريكة وجلست بطرفها، وجلس هو بالطرف الأخر مبتعدا عنها كي لا يزعجها
وتحدث بنبرة هادئة: من فضلك بصي لي يا ثريا وإسمعيني كويس
نظرت له على إستحياء فاستطرد هو: أنا عارف إنك إنجبرتي على جوازك مني، وعارف كمان إنك مش متقبلاني كزوج في حياتك، بس أنا عاوزك تطمني وتتأكدي إني عمري ما هجبرك على أي حاجة إنت مش عوزاها.

نظرت إليه وتحدثت بنبرة خجلة: أنا مش هنكر إني مكنتش حابة أتجوز بعد أحمد الله يرحمه، وده مش رفض لشخصك لا سمح الله، لكن طالما بقيت مراتك رسمي، فأصبح ليك عليا كل الحقوق
وأسترسلت بنبرة شديدة الخجل والإرتباك وهي تفرك كفيها ببعضهما: ولازم تتأكد إني عمري ما همنعك من حلال ربنا وحقك فيا كزوجة شرعية ليك.

إبتسم بتفهم وتحدث بهدوء وصل إليها: وأنا مش حيوان للدرجة دي يا ثريا، أنا لو محسيتش إنك عوزاني عمري ما هقرب منك
وأسترسل بنبرة صادقة: وصدقيني أنا مش هحاول أضايقك خالص في الموضوع ده لحد ما أشوف القبول في عنيكي وأحس إن إنت بنفسك اللي عاوزة ده يحصل بينا
نظرت له بإستغراب، هي على دراية كاملة بعشقه الهائل لها، كيف له بأن يكون بكل هذا التسامح والصبر، كيف له أن يستطيع ويصبر على البعاد بعدما أصبحت زوجته شرعا.

نظر لها وابتسم بهدوء وتحدث لطمأنت روحها: قومي إدخلي اوضتك وغيري هدومك ونامي،
وأشار إلى غرفة الأطفال وتحدث: أنا هنام في أوضة الأولاد النهاردة، ومن بكرة هجيب لك ولادك من تحت علشان يناموا في أوضتهم
وأكمل وهو يشير لها على تلك الأريكة: وأنا هبقي أنام هنا على الكنبة.

في تلك اللحظة زاد إحترام ثريا له أضعاف مضاعفة، وتنهدت بإرتياح، وقفت وتحدثت بنبرة هادئة: لو عوزت شاي أو أي حاجة إنده عليا، أنا مش هعرف أنام وأنا بعيدة عن الأولاد
نظر لها بعيون العاشق وأردف قائلا بنبرة صادقة: لو تحبي أنزل أجيبهم لك حالا من عند مرات عمي
أشارت له بكف يدها ونطقت سريع قبل أن يتحرك: بلاش يا عز، واسترسلت وهي تنظر للأسفل متطلعة على قدميها خجلا: هيقولوا علينا إيه وقتها.

إبتسم على خجلها الذي جعل قلبه يرتجف من شدة لهفته وعشقه الجارف لها، وتحدث بهدوء مطمأن إياها: ثريا، من هنا ورايح مش عاوزك تعملي حساب لأي حد في حياتك غير للي يريح بالك ويطمن قلبك وبس
رفعت نظرها تتطلع إليه بإحترام وتقدير فأسترسل هو مكملا: حتى لو كان الشخص ده أنا شخصيا
وعاوزك تتأكدي إني عمري ما هجبرك على أي حاجة، ولا في يوم هقف عقبة في طريقك
أردفت بإبتسامة خافتة: تصبح على خير يا عز.

كان هائم في عالمه الحالم، تدركه مشاعر جياشة سيطرت على كله من مجرد نطقها إسمه من بين شفتاها بذاك الخجل وتلك الهيئة التي وبرغم حزنها إلا أنها رائعة، فقد بدت بثوبها الجميل وزينة وجهها البسيطة كحورية ذات طلة ساحرة هاربة للتو من إحدي الأساطير
ضل متسمرا بوقفته ينظر عليها كالمسحور حتى وصلت إلى باب الحجرة واغلقت بابها وهي تنظر عليه بخجل، صرخ قلبه معنف إياه ومطالب بالهرولة إليها والدخول لجنة غرامها السامي.

تنهد وخطي بساقية نحو غرفة الأطفال، خلع عنه حلة بذلته ونظر حوله وتذكر حينها أنه لم يحضر ثياب له من غرفته، تهلل وجهه وخطي مهرولا إلى غرفتها يسوقه قلبه إليها ودقات قلبه تتسارع وتتعالي من شدة سعادته، وما أن فتحت له الباب حتى تسمر بوقفته وتعلقت عيناه فوق منامتها الرقيقة الحريرية التي صنعت خصيص كي ترتديها تلك فاتنة الجمال
إستعاد وعيه عندما أخرجت صوتها العذب وسألته بإستفسار: فيه حاجة يا عز؟

إنتبه وتحدث بنبرة مرتبكة شعرت هي بها: أنا اسف يا ثريا، بس اصلي نسيت أخد بيچامتي اللي هنام بيها
وأسترسل وهو ينظر للداخل پعيناه: هتلاقيها عندك على الفوتيه.

هزت رأسها بطاعة وخطت للداخل تحت نظرات ذاك الولهان وحملت بين كفاها منامته وعادت إليه وناولته إياها بصمت، أخذها وعاد إلى حجرة الأطفال بعد أن شكرها، وما أن أغلق باب غرفته حتى إحتضن منامته ورفعها لمستوي أنفه وبدأ بإستنشاقها بشدة، ثم وضع وجنته عليها وبات يتلمس موضع كفاها الرقيقة بحالمية عاشق.

مرت ليلتهما صعبة على كل منهما، ثريا التي قضتها بدموع عيناها الغزيرة وتوجع روحها كلما تذكرت أنها نقضت الوعد التي قطعته على حالها أمام حبيبها الراحل، وبين تأوه قلبها على إبتعادها ولأول مرة عن صغارها التي تشتم برائحتهم وتري بوجوههم حبيبها الغائب،
وذاك المتيم لحبيبته التي باتت قريبة جدا بالمكان لكنها مازالت بعيدة بروحها.

مرت الأيام والشهور ومازال الوضع بينهما على حاله، ولكن قربت العشرة بينهما وهيأت أجواء عائلية دافئة بينهما وأولادهم
أصبحت ثريا مسؤلة مسؤلية كاملة عن أطفال عز، تهتم بكل أمورهم بعدما أنشئ الحاج محمد منزل مستقل مجاورا لمنزل العائلة كي يسع أولاد عز وأحمد معا، وانسجم الأطفال سريع واندمجوا وذلك لما وجدوه من حنان وإهتمام زائد من ثريا التي وبالأصل كانت تهتم بهم في وجود منال.

سكن عز بغرفة مشتركة مع ثريا، وقد ذاق الأمرين من إقترابه الشديد من ثريا ونومه بجانبها في تخت واحد لا يفصل بينهم شئ سوي إستمرار عدم قبول من ثريا لإتمام زواجهما وجعله فعلي وشرعي، كان يتمدد كل يوم بجوارها وكأنه ينام على جمر يكوي جسده وقلبه.

أما شقيقي منال فقد ارسلا إلى الحاج محمد وعز وطلبا منهما أن يرد عز شقيقتهم إلى عصمته من جديد، وأبلغاه أنهم موافقون على إستمرار زيجته من ثريا، لكن محمد رفض وبشدة دخولها بينهم من جديد بعدما أهانتهم تلك المتعجرفة ونعتتهم بالفلاحين وحقرت من شأنهم.

بعد مرور خمسة أشهر مضت على زواج عز وثريا
، داخل منزل العائلة كان الجميع مجتمع على طاولة العشاء كعادتهم، يتناولون طعامهم في جو ملئ بالأولفة، بعد قليل جلس الرجال يتناولون مشروب الشاي وهم يتبادلون الأحاديث بينهم
أما النساء فتوجهن إلى المطبخ، جلست عزيزة ومنيرة على الطاولة المستديرة تصنعن مشروب القهوة فوق السبرتاية ووقفت ثريا وراقية تجليان الأواني.

وجهت راقية سؤالا خبيث مثلها: إيه يا ثريا، مش ناوية تفرحينا وتجيبي لنا نونو جديد ولا إيه؟
وأكملت بلؤم: ولا يكونش عز مش عاوز يخلف منك؟
شعرت بالخجل من تلميحات تلك الغليظة وأردفت بنبرة هادئة وهي تتابع الجلي دون النظر إليها: أنا وعز عندنا أولاد كفاية، ومتفقين من الأول إننا مش هنخلف.

هتفت منيرة بنبرة حادة لتوقيف تلك دائمة التداخل في غير شؤونها: ما تسيبك يا اختي من ثريا وعز وخليكي في جوزك اللي طول الوقت قاعد مهموم وشايل طاجن سته وعامل زي اللي زرعها مانجة طلعت بطيخ
قهقهت عزيزة وابتسمت ثريا تحت إستشاطة راقية التي رمقتها بنظرات حقودة على المساندة والدعم التي تتلقاه تلك الثريا دائما من جميع أفراد العائلة.

إنتهت السهرة وعاد عز بعائلته إلى منزلهم المجاور، جلس عز داخل بهو المنزل وأمسك الجريدة وبدأ بتصفحها، جاوره ياسين الذي أشعل جهاز التلفاز وبدأ بمشاهدة أحد الأفلام، ودخلت ثريا بالأطفال إلى الحمام حممتهم وأدخلتهم داخل غرفهم ودثرتهم جيدا تحت أغطيتهم لتدفئتهم وخرجت
تحركت إلى المطبخ صنعت مشروب باردا وقدمته إلى عز وياسين وأردفت بهدوء: عملت لكم برتقال فريش
تناول عز الكأس وتحدث بإبتسامة: تسلم إيدك يا ست الكل.

إبتسمت له وحولت الصنية إلى ياسين الذي إبتسم وشكرها قائلا: تسلم إيدك يا عمتي
بالهنا والشفا يا حبيبي. جملة حنون نطقت بها ثريا إلى ياسين ثم جاورته الجلوس وتناولت مشروبها وبدأت ترتشف منه بهدوء وهي تشاهد فيلم السهرة مع ياسين
بعد إنتهاء الفيلم قام ياسين وانسحب لداخل غرفته ليغفو، نظرت ثريا إلى عز وسألته بإهتمام: أعمل لك حاجة تشربها يا عز؟

نظر لها بقلب يتألم وينكوي بنار جمر الهوي من عدم سماحها إلى الان بدلوفه إلى عالمها الذي طالما تمناه وحلم به وتحدث بلباقة بنبرة خافتة: أكون شاكر لو تعملي لي فنجان قهوة
واسترسل بأدمية: ده طبعا لو قادرة، لكن لو تعبانة بلاش وأنا هقوم أعمله لنفسي
ردت سريع وهي تقف: حالا هيكون عندك فنجان القهوة المظبوط.

سارت بإتجاة المطبخ وأستندت بظهرها على الحائط واغمضت عيناها بألم وقلبها يصرخ على ذاك العاشق التي لم تستطع حقا إعطائه حقه الشرعي، جمعت شتاتها وتحركت، أمسكت الركوة ووضعت بها مسحوق القهوة ودمجته مع السكر والماء وتحركت إلى الموقد ووقفت أمامه تحرك بالملعقة.

تنهدت ونظرت للاعلي شاردة في حالها، إنتبهت على صوت فوران القهوة، أمسكت الركوة سريع وكانت ساخنة للغاية فأحرقت أصابعها مما جعلها تصرخ بتأوه وتركتها سريع لتقع على أرضية المطبخ ويتناثر السائل
إستمع عز إلى صوتها ولم يدري بحاله إلا وهو أمام باب المطبخ، إتسعت عيناه رعب حين وجدها تقف بملامح وجه منكمشة، ممسكة بكف يدها وهي تزفر به بفمها كي تبرد من سخونته.

هرول إليها وأمسك كف يدها يتفحصه وسحبها إلى حوض المطبخ وتحدث بلهفة بعدما أدار صنبور المياة الباردة ووضع كف يدها تحتها: إهدي يا حبيبتي، إهدي ومتخافيش، بسيطة إن شاء الله
حدثته بملامح وجه يبدوا عليها التألم: أنا أسفة يا عز، القهوة إدلقت غصب عني والله، أنا هعمل لك غيرها حالا
أجابها بذعر: قهوة إيه بس اللي بتتكلمي عنها.

وأسترسل بصدق بين وما زال ممسك بكف يدها ويثبته تحت الماء: أهم حاجة عندي سلامتك وإني أطمن على إيدك
واستطرد متلهف وهو ينظر إلى ساقيها ويتفحصها بعيناه: إوعي تكون القهوة إندلقت على رجليكي؟
هزت رأسها سريع بنفي لطمأنة ذاك المرتاع: أنا كويسة يا عز، متقلقش.
لو ماخفتش وقلقت عليكي، هخاف على مين يا ثريا، جملة صادقة نطقها عز بعيناي تقطر عشق.

إنتفض قلب ثريا من نظراته وقربه وملامسة كف يده، سحبت يدها بهدوء من بين راحة يده وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه الموقد: إيدي خلاص هديت، هعمل لك قهوتك
ومالت على الأرض تلتقط الركوة، أسرع عليها ومال يلتقطها بدلا عنها، نظرت عليه وألتقت العيون، أمسك الركوة بيده وانتصب بوقفته وأوقفها معه وتحدث: سيبي كل حاجة وروحي غيري هدومك، وأنا هنضف الأرضية والبوتجاز
هزت رأسها قائلة بإعتراض هادئ: لا طبعا، مايصحش.

تحدث بإقتصار: وبعدين معاك يا ثريا، إسمعي الكلام أومال
بالفعل تحركت إلى غرفتها ومنها إلى الحمام المرفق بها، إغتسلت وبدلت ثيابها وخرجت وجدت ذاك العاشق ينتظرها بلهفة كي يطمئن عليها، تحرك إليها وسألها مستفسرا وهو يمسك بكفها وينظر به بعناية واهتمام: إيدك عاملة إيه؟

شعرت بحرارة ورعشة تسري بكل جسدها لمجرد لمسة يده، شعر بها وبرعشتها، رفع راحة يدها لمستوي فمه وقام بوضع قبلة رقيقة داخل باطن كفها تحت إرتفاع دقات قلبها، ثم رفع عيناه لتلتقي بعيناها، كانت نظراته تلتهم ملامح وجهها بوله وعشق، وهنا قررت تلك الجميلة أن ترحم قلب هذا المتيم الذي أذاب الغرام قلبه وانهي عليه.

رفعت يدها ووضعتها على شعر رأسه وتخللت بأصابعها داخل خصلاته شديدة السواد مما أثار جنونه ونطقت هي بنبرة حنون: إنت طيب وحنين أوي يا عز
وبحبك أوي يا ثريا، كلمات نطقها بنبرة متأثرة وعيناي هائمة
إبتسمت له وتحدثت بإعتذار: أنا عارفة إني تعبتك أوي معايا
واسترسلت بعيناي متأثرة: أنا أسفة
مال برأسه يترجاها بعيناه بأن يكون ما وصله منها صحيح وإلا سينتهي قلبه ويقضي عليه، وصلها سؤال عيناه فأبتسمت له وأومأت بإيجاب.

شعر بدقات قلبه بدأت تتزايد بوتيرة عالية حتى كادت أن تتوقف أمسك كتفاها بيداها وجذبها برقة وأدخلها بأحضانه، وأغمض عيناه وبدأ بالتأوه بصوت مسموع قائلا: أه يا ثريا، لو تعرفي قد إيه أنا حلمت باللحظة دي وإستنيتها، بس أخيرا ربنا حققها لي.

ضل محتضن إياها مستمتع بطعم حضنها الدافئ الذي طالما وطالما تمناه وحلم به، وصلتها سعادته الامتناهية، وبدأت تشعر ببعض المشاعر الإيجابية تجاهه، لفت ساعديها حول كتفاه مما جعله يشعر بتحليقه هائم في سماء عشقها
إبتعد قليلا ثم إحتضن وجنتيها براحتي يداه وتعمق بوله داخل مقلتيها وتحدث: إنت جميلة أوي يا ثريا، وجمالك بيكمن في رقتك وخجلك اللي بيميزك عن غيرك.

إبتسمت له فمال برأسه واقترب على شفتاها ليتذوق ويقتطف أولي قبلاتها الشهية، والتي بدأت برقة سرعان ما تحولت لشغوفة
بعد قليل، كانت يتمدد فوق تختهما محتضن إياها بإحتواء ومشددا عليها، من شدة وصوله في لذة العشق إلى منتهاها، كان يرغب في شق صدره وإدخالها بين ضلوعة ليخبأها بمكانها الأمثل، بجانب قلبه.

رفع ذقنها لأعلي لتتلاقي أعينهم في نظرات مختلفة بين العشق والهيام والخجل، إبتسم لها وتحدث بنبرة حنون: أخيرا يا حبيبتي رضيتي على عز المسكين.

إبتسمت بخجل وشعرت بتعطشه للحنان وحرمانه من المشاعر الصادقة، فقررت أن تضحي بحالها وتجنب مشاعرها الخاصة بزوجها الراحل ومتيم روحها، وتسعد قدر ما أستطاعت ذاك العاشق الذي قضي حياته مطرودا من جنة عشقها، فكم من المرات التي رأت بها أهات وصرخات قلبه الظاهرة بعيناه بعدما أخبرها أحمد عن عشق عز لها.

وضعت كف يدها وتحسست وجنته برقة عالية ونظرت بحنان داخل عيناه التي تكاد تصرخ من شدة سعادتها وأردفت قائلة: إنت جميل أوي يا عز وتستاهل أحسن ست في الدنيا
وأنا بشوفك بعيوني أحسن وأجمل وأرق ست في الكون. جملة صادقة نطق بها عز بنبرة رجل عاشق حتى النخاع
أمسكت رأسه وأدخلتها بلطف داخل صدرها الحنون مما جعل هرمون السعادة يقفز لأعلي معدلاته، شعر بقلبه المسكين سيتوقف من وصوله لمنتهي ما تمني بل وأكثر.

ما شعر بحاله إلا وهو يحاوطها بذراعيه ويشدد من ضمته لها دافن وجهه أكثر داخل حضنها العطوف، وبدأت هي بوضع يدها فوق شعر رأسه وأطلقت العنان لأصابعها لتتخلل بحنان داخل خصلاته مما جعله يغمض عيناه ويستسلم لها بإستمتاع عميق
أردف مستفسرا بصوت هائم وهو يشدد من ضمتها: ثريا، هو إنت بجد وخداني في حضنك وبتلعبي لي في شعري، ولا ده حلم وهصحي منه ألاقي نفسي لسه مطرود من جنتك؟

إبتسمت بألم على ذاك الولهان الذي تعذب كثيرا وتحدثت وهي تحتويه بذراعيها أكثر: اللي إحنا فيه ده حقيقة وعلم يا عز، ومن النهاردة أنا هكون لك الزوجة اللي عشت عمرك تحلم بيها وأكتر كمان
تنهد وشعر بالسكينة تغزو روحه وتتوغل، وبعد قليل تمدد بجسده ومال برأسه فوق الوسادة ثم قام ببسط ذراعه وسحب حبيبته وأدخلها بأحضانه واضع رأسها فوق ذراعة واحتواها به، ولأول مرة يغفو بقلب مطمئن وروح سالمة وكيان مستسلم بتراخي.

بعد مرور عامان
داخل حديقة المنزل الكبير المتواجد بحي المغربي والذي أنشأه عز وأشقائه وبعض من عائلتهم على قطعة الأرض التي قامت العائلة بشرائها من ذي قبل، كان ياسين يجلس فوق أحد المقاعد ممسك بيده بكتيب ويقرأ به، وتجاوره يسرا ونرمين وعمر وشيرين، أما طارق ورائف كانوا يمارسون لعبة كرة القدم المفضلة لديهم.

خرجت ثريا من باب المنزل هي وإحدي العاملات وكلتاهما تحملتان صنيتان موضوع عليهما بعض المعجنات الساخنة والحلوي والمشروبات الباردة المحببة لدي الأطفال
وقف ياسين سريع وتحدث وهو يحمل الصنية من يدها: عنك يا يا عمتي
نظر للمعجنات بتشهي وهو يشتمها وأردف قائلا بإشادة: تسلم إيدك يا عمتي، ريحة الكيك وشكل القراقيش يفتحوا النفس.
إبتسمت له وتحدثت بحنان: بألف هنا على قلبك يا حبيبي.

جري عليها طارق ورائف الذي هتف بسعادة: الكيك جه في وقته يا ماما، أنا جعان جدا.
وأكمل طارق على حديثه: وأنا كمان، الجري ورا الكورة جوعني
أردفت إليهم بوجه بشوش: إدخلوا إغسلوا إديكم على ما اصحي بابا ونيجي ناكل مع بعض
ونظرت إلى يسرا واسترسلت: خدي عمر وشيرين ونرمين وخليهم يغسلوا إديهم كويس يا يسرا
أجابتها الفتاة: حاضر يا ماما.

خطت للداخل حتى وصلت لغرفة ذاك الذي يغفو فوق تخته وقت القيلولة، سارت على أطراف أصابعها حتى بلغت مكانه، جلست بجانبه ووضعت كف يدها على وجنته وهمست بنعومة: عز، عز، إصحي يا حبيبي
حرك أهدابه وبدأ بفتح عيناه، ثم تمطئ بجسده وتحدث بنبرة متحشرجة: الساعة كام يا حبيبتي
أجابته: الساعة خمسة والولاد مستنيينك في الجنينة.

جذبها من خصرها وثبتها فوق جسده مما جعلها تطلق ضحكة خجولة وتحدثت بتذمر: وبعدين معاك يا عز، يلا قوم وبطل جنان
إبتسم لها وهو يرفع رأسه ويضع قبلة سريعة فوق شفتاها: وهو فيه أحسن من الجنان معاكي يا حب عمري
إبتسمت وأردفت وهي تتملص منه ونزلت بجسدها عنه: طب يلا قوم بقا الكيك والقراقيش هيبردوا
إنتفض سريع وتحدث: طالما فيها كيك وقراقيش يبقا لازم أقوم.

وقف قبالتها وأقترب منها محاوط خصرها وهمس أمام عيناها: بحبك يا ثريا.
إبتسمت بسعادة واتجه هو إلى الحمام، وبعد قليل كان هو وهي وجميع أطفالهم يجتمعون بالحديقة ويتناولون الطعام في جو ملئ بالألفة والحب والسعادة
تحدثت يسرا إليه بإستفسار: هو إحنا هنروح بكرة نزور جدي ونينا يا عمي؟
أجابها مبتسم: وهو إحنا نقدر نفوت يوم جمعة من غير ما نقضية في بيت العيلة يا يسرا، كان جدك محمد وجدك صلاح يقيموا علينا الحد على طول.

هلل الأطفال وصفقوا بسعادة، بعد مدة إنتهوا من تناول الطعام وقام الأطفال يمرحون من جديد،
وجلس الثنائي يحتسون قهوتهما، تنهد عز وأرجع ظهره للخلف بإسترخاء ونظر لها وتحدث بسعادة وارتياح: اللهم لك الحمد والشكر على كل السعادة اللي منحتها لي
ثم تعمق بعيناها وأردف بهيام: وأولهم حبيبة عمري اللي أهدتني حبها ورزقتني رضاها عليا
تنهدت براحة وأمسكت كف يده وأردفت بعيون تقطر حنان: إنت طيب وحنين وتستاهل كل خير يا عز.

واسترسلت بحنان: ربنا يخليك لينا ويبارك في عمرك
أجابها بعيناي سعيدة: ويخليكي ليا يا حبيبة قلبى
ثم تنهد ونظر على الأطفال من حوله وأبتسم برضا وسعادة.

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة