قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل العاشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل العاشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل العاشر

سألها الشيخ بنبرة لينه: إنت موافجة يا بتي على جوازك من قاسم قدري النعماني
وجهت بصرها إلى قاسم و رمقته بنظرات ثاقبه حاده ثم تحدثت بنبرة قويه شامخة: موافجة يا سيدنا.

لا يدري لما سعد داخله بهذا الشكل العجيب عندما إستمع إلى موافقتها، غريب أمره منذ البارحة، حتى هو إستغرب حاله وبشدة، فمنذ ما حدث بينهما ليلة أمس وهو لم يتواري بلحظة عن التفكير بها وبعندها، إستفزته ثورتها ولهجتها الحادة وهي تحدثه بتحدي صارم وصل لإهانته
تحدث المأذون بإرتياح: على خيرة الله، هاتي بطاجتك يا بتي.

وبالفعل أخذ بطاقتي قاسم وصفا وبدأ في إجراءات عقد القران وبعد مدة تحدث إليهما بوجه بشوش: ألف مبروك يا عرسان
إكده يبجا مفاضلش غير الإشهار يوم الفرح ويبجا كلة تمام بإذن الله
قامت ورد بإطلاق الزغاريد تعبيرا عن فرحتها بعقد قران صغيرتها الوحيدة، وأحتضنتها وباتت تقبلها بسعادة تحت سعادة صفا لسعادتها وفقط.

وبعد ان إستمعن العاملات الجالسات بالخارج إلى زغاريد ورد حتى إنطلقوا أيضا بإطلاق الزغاريد التي صدحت بالمكان لتعلن للجميع عن إكتمال مراسم عقد القران
دلفت عمتيها صباح و علية اللتان حضرتا منذ الصباح الباكر كي تقفا بجانب شقيقهما الحنون الكريم معهما لأبعد حد وبجانب زوجته الحنون
تحدثت علية وهي تحتضن زيدان وتقبل صدغه بحنان: مبارك يا أخوي. ، عجبال متشوف عيالها ماليين عليك الدوار يا نضري.

إبتسم لشقيقته وربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بإبتسامة: في حياتك إن شاءالله يا غالية
تنفس قدري الصعداء وشعر بإنتصار وكأنه فاز للتو بإحدي فتوحات النصر العظيم، ثم وقف وأقترب على ولده واحتضنه بشدة مربت على ظهره قائلا بنبرة سعيدة: ألف مبروك يا أسدي، عجبال التمام
ثم أتجه إلى شقيقه مربت على ظهره بنفاق متحدث: مبروك علينا يا زيدان.

إبتسم له زيدان وتحدث بوجه بشوش وقلب صادق محب: الله يبارك فيك يا قدري، ربنا يجعلها جوازة السعد والهنا عليهم اللهم امين
ثم أتجه إلى قاسم واحتضنه بشدة قائلا: مبروك يا ولدي
إبتسم له قاسم بود وأجابه بإحترام وحب: الله يبارك في حضرتك يا عمي
ثم نظر إلى تلك الجالسه وكأنها تخشبت بجلستها بجانب والدتها وعمتها صباح، مد يده إليها وتحدث بنبرة حنون خرجت عنوة عنه من صميم قلبه الذي بدأ بالميل لها: مبروك يا صفا.

نظرت ليده الممدوده بشرود وبلحظة وجدت حالها تمد يدها إليه، تلمس راحة يدها بنعومة أرجفت جسدها بالكامل ثم جذبها برقه كي يحسها على الوقوف لتقابله وبالفعل حدث ما أراد، نظر لداخل عيناها
وتحدث بنبرة ناعمه وهو يهمس لها بجانب أذنها مما جعل القشعريرة تسري بداخل جسدها بالكامل: مبروك يا حرمنا المصون.

إبتلعت لعابها وبلحظة إستفاقت على حالها حين تذكرت إعترافاته المميته عندما ذبحها وأخبرها بعدم تقبله لها كزوجة وأنه ليس بالرجل الذي يقبل بإختيار غيرة للمرأة التي ستسكن أحضانه
رمقته بنظرة حاده وأبتسمت بجانب فمها ساخرة وبدون كلام إتجهت إلى الخارج تحت إستشاطته من عندها وأفعالها الإستفزازية المقلله من شأنه.

خرجت من الحجرة وجدت عمها منتصر ويزن بوجهها كانا دالفان للداخل، تحدث منتصر وهو يسحيها لداخل أحضانة بحنان: ألف مبروك يا دكتورة
أجابته بنبرة حنون: يبارك في عمرك يا عمي
أما ذاك العاشق الولهان فتحدث مهنئ إياها بنبرة يملؤها الشجن: مبروك يا صفا وعجبال التمام
إبتسمت له بمرارة سكنت داخل عيناها رأها هو وألمته: الله يبارك فيك يا يزن.

هنا خرج قاسم ورأها وهي تتحدث إلى يزن بنبرة حنون. ، إستشاط داخله وأقترب منتصر منه مربت على كتفه ومهنئ إياه وتحركت هي إلى الأعلي منسحبة من الوسط تحت نظراته المسلطة فوقها بتمعن.

في الصباح الباكر، كانت تجلس بجانب زوجها فوق الأريكة ببهو منزلهما يتناولان معا قهوة الصباح التي أعدتها له بحب، في جو هادئ يشوبه الحب والود والأحاديث المعسولة من كلاهما للأخر، إستمع كلاهما إلى صوت فايقة وهي تنادي من خارج المنزل.

فادلفتها العامله وما كان حالها ببعيد عن حال زوجها حين دلف بالأمس ورأي فخامة المنزل وأثاثه، وما جعل النار تشتعل أكثر داخلها هو رؤيتها لزيدان وهو يلتصق بجسده بحميمية بتلك الخاطفه التي سلبته قلبه وعقله وبات يعشق كل ما بها
تحدث زيدان بترحاب: إتفضلي يا أم قاسم.

حين تحدثت ورد التي وقفت إحترام لها رغم الكرة الشديد المتبادل بين كلتاهما للاخري ولكن يضل أصلها وتربيتها الحسنة هما اللذان يحركاها: ده أيه الخطوة العزيزة دي يا أم قاسم؟
وأكملت وهي تشير بيدها لها في دعوة منها للجلوس: إتفضلي، نورتي دارنا
أجابتها وهي تتطلع حولها ببرود كاتمة غيرتها المرة ونارها الشاعلة التي لو إنطلقت لأحرقت المكان بأكملة: الدار منورة بأهلها يا سلفتي.

وأكملت وهي تنظر إلى زيدان بعدما جلست ووضعت ساق فوق الاخري بتعالي وكبرياء: أني كنت جولت لزيدان أولة إمبارح إني هاجي وأشوف اللي ناجصك ونتمموة سوا لجل ما نلحج وجتنا جبل يوم الخميس
أجابتها ورد بمجاملة: كتر خيرك يا أم قاسم، بس مكانش ليه لزوم تتعبي حالك، عمتي صباح وعمتي علية وكمان أم يزن بيساعدوني
أجابتها بإبتسامة ساخرة: ومالة يا سلفتي، إيد على إيد تساعد، و أني مهتعبش لأعز من مرت ولدي الغالي.

كان زيدان ينظر إليها مستغرب حالة التغير الشامل، ولكنه كان على يقين أن قلبها المحمل بالسواد له و لورد لم ولن يصفي مطلقا.

داخل المكتب الخاص بصفا والمتواجد داخل المشفي، كانت تجلس خلف مكتبها وأمامها يجلس ياسر ويزن وايضا الطبيبة أمل التي أصرت على مقابلة صفا لتتعرف على تلك الشخصية التي ستعمل معها.

تحدثت أمل بنبرة جادة عملية موجه حديثها إلى صفا: تمام يا دكتور صفا، إحنا كده تقريبا إتفقنا على كل حاجة، وأنا إن شاءالله هرجع بكرة القاهرة بعد ما أرتب شوية حاجات ضرورية هنا في أوضة الكشف، وياريت تبلغيني قبل إفتتاح المستشفي بإسبوع علشان ألحق أرتب أموري وأحجز طيارتي
أجابها ياسر بنبرة هادئة: أنا هكون على تواصل دائم معاكي يا دكتور وأكيد هبلغك قبل الإفتتاح بمدة كافية.

أومأت له بملامح صارمة واردفت بنبرة عملية: أوك يا دكتور
تحمحم يزن وتحدث إليها في دعوة منه لتلك الغريبة كي تحل عليهم ضيفة ليستطيع إكرامها وتقديم واجب الضيافة لها: ما تجعدي ويانا الكام يوم اللي چايين دول يا دكتورة لچل ما تشرفينا في سراية النعماني وتحضري فرح الدكتورة صفا يوم الخميس إن شاءالله.

نظرت إلية وتحدثت ببرود وكأنها ريبوت: متشكرة لحضرتك، بس أنا الحقيقة مابحبش المناسبات اللي من النوع ده، لأنها بتكون زحمة ونفسيا ما بكونش مرتاحه
ثم إلتفت مرة اخري وتحدثت إلى صفا وهي تهم بالوقوف: مبروك يا دكتورة ونتقابل في الإفتتاح
أومأت لها صفا وتحركت هي إلى الخارج وتبعها دكتور ياسر كي يري ما تريده من تعديلات.

بعد خروجهما تحدث يزن إلى صفا بنبرة رخيمة وملامح وجه منكمشة: يا باااااي، الله الوكيل دمها يلطش اللي إسميها أمل دي، الله يكون في عون العيال اللي عيتولدوا على إيديها، العيال هتتخلع ويچي لهم صرع يا صفا،
وتسائل بنبرة ساخرة: ذنبيهم إيه الحزانه دول لجل ما يشوفوا خلجتها اللي تألبط دي أول خلجة تخبط في وشهم على طول إكده.

وما كان من تلك الصافية غير إطلاق القهقهات العالية التي خرجت رغم عنها بعدما رأت تعبيرات وجة ذاك اليزن وحديثه الساخر، نظر إليها مسحورا بجمال ضحكتها
وتحدث إليها بنبرة حنون: إضحكي خلي الشمس تطلع ونورها يضوي ويملا الدنيي، ملايجش عليكي الحزن، متخلجش علشانك يا بت النعمانية
وكأن بكلماته تلك أرجعها لأرض واقعها المرير، وسحبها من جديد وأدخلها لعالم أحزانها التي سجنت به روحها الشفافه.

إرتسمت فوق ملامحها الأحزان وأطلقت تنهيدة حارة تنم عن مدي وجع روحها،
فتحدث هو بفطانة: أني معارفش إية اللي حصل بينك وبين قاسم وچدك في الليلة إياها و وصلك للي إنت فيه دي، ومعايزش أعرف
واسترسل حديثه مساندا إياها بقوة: بس عايزك تعرفي حاچة واحده بس، إنت صفا زيدان الجوية اللي معيكسرهاش شى، وعاوز أجول لك متخافيش من ايتوها حاچة طول ما أخوكي وأبوكي في ضهرك،.

نظرت إليه بإبتسامة أمل باهته، فأكمل هو بقوة: من إنهاردة أخوكي هيجف في وش أي حد يفكر بس إنه يإذيكي ولا يمس كرامتك بشى، وإطمني، أني مستعد أجف في وش الدنيي كلياتها لچل بس ما تكوني مرتاحة يا خيتي
إمتلئت مقلتيها بالدموع وتلألأت وتحدثت بإمتنان بصوت مختنق بالعبرات: ربنا يخليك ليا يا يزن وميحرمنيش منك واصل، على فكرة يا يزن.

نظر لها بحنان ينتظر تكملة حديثها فأردفت هي بنبرة أخويه حنون: أني طول عمري وأني بشوفك أخوي وسندي اللي إتحرمت منيه، كنت لما تچيب لي كتاب لجل ما أجراه أو تاچي تسألني عن حالي ولو كنت محتاچة لحاچة، كنت بفرح جوي وأجول لحالي هو ده أخوكي يا صفا،.

وأكملت بتذكر. : ولما كت أجعد في دوار أبوي لحالي وأزعل وأني شايفه البيت فاضي على أني وأمي وأبوي، وأسمعك إنت وإخواتك وقاسم وإخواته متچمعين في صالة السرايا وأصوات لعبكم وضحككم واصلالي لحد عندي، كت بحزن من چواتي، وبلحظة أبص ألاجيك سيبتهم وچيت لعندي لجل ما تلعب وياي ومتحسسنيش بوحدتي، عمرك ما حسستني إني وحيدة يا يزن.

وأكملت وهي تنظر داخل عيناه ودمعاتها الغالية تمر عبر وجنتها: طول عمرك وإنت سندي وضهري يا أخوي.

يا له من شعور رائع ذاك الذي أصابه بمجرد نطقها بذاك الإعتراف، لم يستطع تفسير ما إنتابته من مشاعر إيجابيه، لكن كل ما شعر به وتأكد منه أنه فخور بحاله وبما أوصله لتلك البريئة التي وبرغم إهتمام جديها وأبويها بها إلا أن شعورها الدائم بالوحده لم يفارقها وبات يؤرقها طيلة سنواتها المنصرمة، وللأسف لم يشعر بتمزقها و وحدتها أحد.

سخط من داخله على چده وقراراته العقيمة عديمة المنفعة التي أوصلت لتلك الصغيرة شعورها بأنها منبوذة وحيده في ظل وجود عائلتها
جففت دموعها سريع وتحدثت إلية بنبرة جادة: بجول لك إيه يا يزن، متچيب ليلي تكشف عند الدكتورة أمل، الدكتور ياسر جال لي إنها شاطرة جوي، أي ينعم هي لساتها متخرچة من تلات سنين، بس عرفت تثبت جدارتها صح.

إتسعت عيناها وتحدث إليها ساخرا: معيزوش أني الواد اللي هياچي من خلجتها اللي تألبط دي، هي ناجصة فجر يا صفا
تعالت قهقهاتها من جديد حين وقف هو مستأذن ليذهب إلى المحجر ليتابع عمله.

أما قدري الذي ذهب مع ولده باكرا إلى القاهرة بعدما أخبر والده أنه سيذهب مع قاسم لمشاركته فرحة إختيار نجله حلة عرسه
وعند الغروب كان يجلس بجانب قاسم داخل منزل رفعت عبدالدايم بعدما جلب لهم الهدايا الثمينة وقطعة من الذهب الخالص كي يهديها لمن خطفت قلب ولدة تعبيرا عن إمتنانه لها عما ستفعله بقلب إبنة زيدان في المستقبل البعيد،.

وبدأ بقص ما حدث على مسامعهم طالبا إلتماسهم العذر لظروف نجله التي فرضت عليه، وإتمام زواج إبنتهما من نجلة مقتصرا على حضورة هو وزوجته وفقط
أما إيناس التي إلتمعت عيناها بالدموع وهي توجه نظراتها اللائمة إلى قاسم التي سرعان ما تحولت إلى نظرات نارية حارقة، وعلى الفور إنتفضت واقفة واسرعت الخطي إلى حجرتها وأغلقت بابها بحدة متخطية بتصرفها أداب الأصول والتقاليد.

تحدثت كوثر حيث بررت تصرف إبنتها بالغيرة على خطيبها وحبيبها قائلة بكلمات لائمة: متزعلوش من إيناس يا جماعة، بنتي مصدومة من الكلام اللي سمعته منكم
ثم وجهت حديثها إلى قدري قائلة: إنت يا عمدة جاي تطلب منها إنها ترضي وتسلم بأمر جواز خطيبها اللي قعدت تستناه سبع سنين بحالهم علشان يتجوزها بعد ما بنت عمه تتخرج على طول، وفي الاخر جاي يقول لها أنا أتجوزت.

وأكملت بنبرة معترضة: الموضوع صعب عليها وعلينا، حطوا نفسكم مكانا وأحكموا
تحدث إليها قاسم بنبرة هادئة: ممكن بعد إذنك تدخلي لها وتخليها تطلع علشان عاوز أتكلم معاها لوحدنا، وأنا هعرف أراضيها وأخليها تهدي
أجابته بحديث ذات مغزي وهي ترجع ظهرها إلى الخلف بكبرياء: حاضر يا قاسم، بس لازم تحط في بالك انك هتتعب أوي على ما تراضيها، دي بنتي وأنا أدري بيها وبقولك إنها مش هتعدي الموضوع ده بالساهل.

نظر لها قدري بجبين مقطب وتأكد أن تلك السيدة ليست بالهينه وأنها طامعة بمال ونسب وجاه ولده ولكنه لن يشغل حاله بالإهتمام بأمرها الان فهو لدية الأهم، وهو السعي لإتمام زيجة ولده من صفا و وضع يده على مغارة على بابا التي تنتظرة
وأراد أن يتلاعب معها بالحديث متحدث بدهاء: المصلحة حكمت يا هانم، وأظن ما يرضكيش إن قاسم يخسر كل تعب السنين اللي فاتت دي لجل موضوع بسيط زي ده.

صدع رنين هاتف قاسم ليعلن عن مكالمة طارئة من عميل ذو أهمية بالغة فأستأذن منهم وأخذ هاتفه وخرج إلى الشرفة ليتحدث بأريحية
أما عدنان الذي تحدث إلى قدري بدهاء محامي: بيتهئ لي يا عمو إن أول حاجة لازم يطلبها قاسم من جده قصاد موافقته هي إنه يكتب له المكتب والشقة بإسمة بعقد بيع وشراء، على الأقل يضمن إنه ما يقعش تحت تهديد جده مرة تانية وتحت أي ظروف.

أجابه قدري بنبرة قاطعة: أبوي مهيعملش إكدة لو إنطبجت السما على الأرض،
وأكمل لإقناعهم: بس أحب أطمنك واجول لك إن بچواز قاسم من صفا هو إكدة حط يده على كنز النعماني ومهيحتاجش حاچة بعديها من چده من الأساس،
وأكمل بنبرة تدل على مدي جشعة: أخوي زيدان عنديه مال ملوش أول من أخر، وكله هيبجا تحت تصرف قاسم بمچرد چوازة من صفا اللي هي وحيدة أبوها.

وأخيرا قرر ذاك الرفعت الخروج من صمته الدائم وتحدث بإعتراض ونبرة متعقلة: والله يا جماعة أنا شايف إن كل شئ قسمه ونصيب، وطالما قاسم إتجوز بنت عمه يبقا موضوعه مع إيناس أصبح مستحيل ومنتهي.

قاطعته كوثر بنبرة حادة معترضة قائله بنظرة ترهيبية محذرة: موضوع أيه ده اللي منتهي يا رفعت، هو أنت مش عارف قد أيه بنتك متعلقة بقاسم ومتقدرش تعيش من غيره، ده غير الناس اللي هتبدأ تجيب في سيرة بنتك وتسأل، ياتري خطيبها سابها ليه بعد ما قعدت مخطوبة له كل الوقت ده، هنقول لهم إيه يا رفعت؟

صمت ذاك الضعيف الإرادة أمام بطش زوجته وأولاده تحت إبتسامة قدري من داخله على ذاك الذي يعد رجلا ويحسب على قائمة الرجال بالإسم فقط
همت كوثر بالوقوف و أردفت موجهة حديثها إلى قدري: أنا هدخل لها وأحاول أقنعها بإنها تطلع تتكلم مع قاسم
وتحدثت بإنسحاب: بعد إذنك يا عمدة.

وبالفعل دلفت لإبنتها وأقنعتها بأن تخرج إلى قاسم وتحاول فرض سيطرتها عليه مستغله الموقف، ولا يمنع ذلك من قيامها ببعض الدلال عليه كي تشعله وتجعله متعلقا بها أكثر وبعدها ستطلب منه ما تريد وهو سينفذ بدون إعتراض,, هكذا خيل لهما
بعد قليل كانت إيناس تجلس بجانب قاسم داخل شرفة منزلهم المتواضع وتحدث هو في محاولة منه لتهدأتها: من فضلك إهدي يا إيناس وخلينا نتكلم بالعقل وفي إطار المصلحة العامة.

أجابته ببعض الحدة: إزاي بتطلب مني أهدي وإنت جاي بكل بساطة وجبروت تقول لي إنك هتتجوز واحده غيري وتنام في حضنها؟
أجابها بهدوء: جواز مصلحة يا إيناس وإنت عارفة كدة كويس
واكمل بهدوء محاولا تثبيتها: ما أنت عارفة أنا كنت مسافر وناوي على أيه
وأكمل مبررا: بس جدي حطني في خانة اليك، قولي لي بقا كنت هحلها إزاي وأنا شايف شقي السنين اللي فاتت دي كلها بيضيع بكل بساطة من بين إيدايا.

وأكمل بنبرة ترهيبية: إنت فاهمة معني الكلام ده أيه يا إيناس، معناه إن أنا وإنت وكمان عدنان هنبقا في الشارع والمكتب اللي فحرنا بظوافرنا في الصخر لحد ما بنينا إسمة في سنين هيتمحي في لحظة
إبتلعت لعابها رعب من الفكرة وتحدثت بنبرة إستسلامية: خلاص يا قاسم، أنا موافقة بس علشان مصلحتك،
وأكملت بإستغلال: بس ليا شرط
قطب جبينه بإستغراب وتساءل مستفهما: شرط أيه ده كمان؟

أجابته بجشاعة: تغير لي عربيتي لأحدث موديل وكمان تشتري لي شقة غير بتاعة جدك وتكتبها بإسمي
وأكملت بنبرة ضعيفه مستسلمة كي تكسب تعاطفه: على الأقل علشان أضمن إن لو جدك عرف بجوازنا وأجبرك تطلقني ما أترميش في الشارع أنا و أولادك اللي هنخلفهم.

ضيق عيناه وبات ينظر لها مستغرب حالتها وجشعها وطمعها الذي إستشفه من حديثها رغم محاولاتها المستميته لتخبأته ولكنه إكتشفه بما له من فطانة، نعم يحبها أو هكذا يظن، ولكن بالأخير يبقا هو قاسم النعماني
أجابها بنبرة جامدة: إنت شايفه إن ده الوقت المناسب للكلام في الموضوع ده؟
أجابته بعيون حادة مستغله الوضع: ده هو ده الوقت المظبوط يا قاسم، لازم نتفق على كل حاجه قبل أي كلام في موضوع جوازنا.

حك ذقنه النابت بأصابعه وفكر بشرود ثم أجابها: بصي يا إيناس، إنت دخلتي لي الدخلة الغلط اللي متنفعش معايا خالص، ومش دي الطريقة اللي هتكسبيني بيها أبدا، ولو فاكرة إنك هتتشرطي وتتأمري عليا وانا هقف اتفرج وأقول لك أمرك يطاع يا حياتي، تبقي غلطانه وحساباتك خرمت منك المرة دي يا متر.

واكمل بنبرة محذرة بنظرة حادة كالصقر: أنا قاسم النعماني يا إيناس يا رفعت، يعني مليش إيد بتوجعني علشان أتمسك منها، ومش أنا اللي هقبل إن واحدة ست تقعد وتملي شروطها عليا مهما كانت هي أية بالنسبه لي، ولو مش فاهمة كده كويس تبقي غبية
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي لا تخسرة وتسائلت بدموع التماسيح: حتى أنا يا قاسم؟

صاح بها بعيون محذرة: إيناااااس، إسمعيني كويس وركزي في كلامي يا بنت الناس، شقق مش هكتب وما أتخلقش لسه اللي يقدر يجبرني على حاجه أنا مش عاوزها، فهماني
إبتلعت لعابها وبدموع تحدثت بتلون كالحرباء: أنا أسفه يا قاسم، يظهر إن صدمتي من الخبر مش مخلياني قادرة أركز ولا أفكر بشكل منطقي
فعلشان كده ارجوك إنسي كل الكلام اللي أنا قولته ده
اجابها بهدوء جاهد بإخراجه: خلاص، بس ياريت اللي حصل ده ما يتكررش تاني.

واكمل وهو ينهض بملامح وجة مبهمة: يلا بينا نقعد مع الجماعة علشان نتفق على ميعاد الفرح وكل اللازم
وبالفعل إنضم قاسم وإيناس إلى الجلسة من جديد وتحدثت كوثر بنبرة حادة قوية بعدما إستمعت بموافقة إبنتها المتفق عليها مسبق بينهما وأدعت بتفاجأها: أنا كمان موافقة لأن معنديش خيار تاني بعد ما قاسم ركن بنتي جنب منه سبع سنين والكل عرف إنها خطيبته.

واكملت وهي تهز كتفيها بإستياء مصطنع: يعني هقول إيه للناس وابرر لهم إزاي فسخت خطوبتها بعد ما شافوهم مع بعض في كل مناسباتنا
تحدث إليها قدري بإستحسان مزيف وذلك لقراءته لما هو داخلها: عين العقل يا هانم، هو ده تفكير الناس الزين صح
تحدثت كوثر بتشرط وهي تنظر إلى قدري: انا صحيح موافقة بس أنا ليا شرط يا عمدة
وأكملت وهي تنظر إلى قاسم بتحدي: قاسم يتجوز إيناس الأول ويدخل عليها، أنا بنتي مش هتكون زوجه تانية.

أجابها بحقد دفين وغل لشقيقه الذي لم يفعل أو يكن له غير كل الخير: لا يا هانم سامحيني في الشرط ده، قاسم هيدخل على صفا اللول، اني ليا غرض في إكده
وأكمل محاولا إقناعهم بطريقة خبيثة: وبعدين بتك ما تستاهالش يتجال عليها المرة اللي چوزها ملجاش راحته عنديها وراح يدور عليها بره وإتچوز اللي تريحه
نظرت له بإعجاب تقديرا لدهائة وذكائة الكبير.

أما قاسم الذي كان يجلس بجانب والده مستغرب أحواله من كم الإصرار الذي أتي به ليقنع أهل إيناس بتلك الزيجة التي ستذبح قلب إبنة شقيقه لو لا قدر الله علمت بها.

وبلحظة غلت الدماء داخل عروقة من حديث والده المهين لإبنة عمه وتحدث بنبرة حادة صارمة: إية الكلام اللي حضرتك بتقوله ده يا أبوي، الدكتورة صفا ست البنات كلهم ومش هي اللي يتقال عليها الكلام الفارغ ده، وأكمل مبررا ما يحدث بحدة: لولاش بس الظروف هي اللي حطتها وحطتني في الموقف ده
إستشاط داخل إيناس ونظرت له بإستغراب وأردفت بنبرة متعجبة: وإنت إيه اللي ضايقك أوي كده من كلام عمو يا قاسم؟

أجابها بقوة وحزم: علشان مش بنت النعمانية اللي يتقال عليها الكلام ده
ثم وقف بحدة ونظر لوالده الذي خجل من حديث ولده الذي أشعره أمام الناس كم هو ضئيل ودنئ وخسيس، وتحدث بنبرة قوية: يلا بينا يا أبوي.

كان يشعر بكم ندالته ودنائة تصرفه ذاك، دائما ما يصاحبه شعورا بعدم الراحة وتأنيب الضمير المستمر، ذهن مشتت روح ممزقة، دائمة البحث عن راحتها هنا وهناك، طالما صاحبه شعور الغربة حتى بصحبة أهلة، كان دائم البحث عن ذاته داخل كيانه المشتت، لكنه للأن لم يحصل على ذاته، لربما بيوم يهديه زمانه سلامه النفسي وتستريح روحه الهرمة.

بعد مدة قصيرة كان يجلس بالمقعد المجاور لقاسم داخل السيارة بعدما نزلا من سكن رفعت عبدالدايم
تمعن في وجة قاسم الحزين وتساءل بتملل: مالك يا ولدي، مرايجش ليه، كت مفكر الفرحة مهتسعاكش لما نتفج على فرحك من زميلتك دي
أخذ نفس عميق وزفره بعمق وأكمل بنبرة مهمومة: معارفش اللي عملناه دي إذا كان صح ولا غلط يا أبوي،.

ثم نظر لأبيه وتحدث بنبرة مستائة متذكرا: ثم إية الحديت اللي حضرتك جولته على بت عمي جدام الخلج الغريبة دي؟
أجاب ولده بمراوغه: يعني كت عاوزني أجول للحرمة اللي كيف الحرباية دي إيه وهي راسها وألف سيف لتمم چوازك ببتها اللول؟
وأكمل بإلهاء: وبعدين سيبك من الحديت الماسخ دي وحاول تخلص اللي وراك إهني بسرعة لجل ما تلحج تاچي لسوهاچ جبل الخميس
واسترسل حديثه مستفسرا: مجولتليش، ناوي تتچوز زميلتك دي فين؟

تنهد بثقل وتحدث بنبرة مختنقة: أول حاچه ناوي أعملها بكرة إني أسحب كل الفلوس اللي في الحساب المشترك اللي بيني وبين چدي وأفتح لي حساب چديد لحالي وأحط فيه شجي عمري، وهشتري منية شجة بعيده عن الشجة اللي شاريها لي چدي عتمان
أجابه قدري بإستحسان: براوه عليك، دوت اللي كان لازمن يحصل من زمان وأني ياما جولت لك تعمل إكدة بس إنت اللي مكونتش بتسمع الحديت.

أردف قاسم بنبرة قلقة متخوفة: خايف جوي من رد فعل چدي لما يعرف بچوازي من إيناس
أجابه قدري بتملل: وأيه بس اللي هيعرف چدك يا ولدي، ما أنت طول عمرك جاعد إهني لحالك، ميتا كان حد جه زارك ولا عرف حاچه عنيك، وبعدين ما انت هتشتري شجة جديده وتسكن فيها ويا مرتك لجل ما تبعدوا عن العين
وأكمل بهدوء: معيزاكش تجلج واصل طول ما أني وياك وفي ضهرك، ودالوك وصلني للمطار لجل ما ألحق طيارة الساعة تسعة.

نظر لابيه مستغرب وتساءل: طيارة أيه يا أبوي اللي هتلحجها، مش إحنا متفجين إنك هتبات معاي وبكرة الصبح عتسافر؟
أجابه بنبرة زائفة: چالي مشوار مهم ولازمن أرجع سوهاچ وهضطر أبات برة البيت لجل ما المصلحة تنجضي، ولجل إكدة عايزك لو أمك إتصلت عليك تجول لها إني كت بايت وياك إهني،
وأكمل مبررا بنبرة مستاءة: مناجصش وجع راس أني.

إستغرب حديث والده ولكنه فضل الصمت كي لا يزعجه بأسئلته، وبالفعل أوصله إلى المطار وعاد إلى شقته من جديد
دلف للداخل بائس مهموم، ألقي بهاتفه وعليقة مفاتيحه فوق المنضدة الجانبية، خلع عنه حلتة وفك رابطة عنقه والتي كاد أن يختنق بها من شدة ضيقه
إرتمي بجسده بإهمال فوق الأريكه وشرد بالتفكير فيما يفعله غير راضي عن أفعاله، وبرغم عدم راحتة إلا أنه مستمر بإكمال ما بدأه من تمرد على وضعة.

داخل مدينة سوهاج وبالتحديد داخل شقة متوسطة الحال، كانت تلك المرأة شديدة الجاذبية، ذات الثالثة والثلاثون من عمرها، تجلس فوق الأريكة بلباس مكشوفة فاضحة، تضع فوق فخديها صحن ملئ ببذور القرع تتناول منه وهي تشاهد إحدي مسلسلاتها المفضلة على شاشة التلفاز المعلقة أمامها.

إستمعت لرنين جرس الباب فأستغربت من سيطرق بابها بذاك التوقيت المتأخر، رفعت صحن البذور و وضعته فوق المائدة وتحركت إلى الباب تنظر من الفتحة السحرية للباب، إنفرجت أساريرها عندما رأت من تنتظره بالأيام والاسابيع كي يهل عليها ويسعد قلبها برؤياه وينثر عليها ماله وهداياه.

إنه زوجها التي تعرفت عليه في المركز التابع له بلده الصغير، فتزوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات وأشتري لها تلك الشقة وبدأ بالتردد عليها ليقضي معها أوقات تسعد روحه وتنفس عنه
ألقت نظرة سريعه على حالها في المرأة الموضوعة بجانب الباب وعدلت من شعرها بلهفة، ثم فتحت الباب سريع وهي تتحدث بحفاوة: يا ألف خطوة عزيزة يا سيد الناس، أنا أكيد بحلم.

ألقي جانب ما بيده من أكياس محملة بأنواع الفاكهه المتنوعة وبعض المسليات والمشروبات اللازمة لسهرتهما سويا
ثم أمسك ذراعها و دفعها أمامه بعنف متحدث بحدة: كنك ناوية على موتك إنهاردة عاد، كيف عتفتحي الباب بخلچاتك العريانة دي يا واكلة ناسك إنت؟
إرتعبت أوصالها وتحدثت إلية مبررة فعلتها بنبرة مرتجفة: أنا مفتحتش غير لما بصيت عليك من العين السحرية وإتأكدت من إن إنت اللي على الباب.

ثم اكملت بنبرة حزينه وهي تمد شفتاها للأمام بدلال وإنوثه كي تثيره: هي دي بردوا مقابلتك ليا بعد إسبوع سايبني فيه لوحدي من غير حتى ماتسأل عليا بتلفون
وأقتربت عليه تتحسس صدره بإغراء وأردفت قائله: للدرجة دي ما بقتش بوحشك ولا باجي على بالك يا سيد الناس؟

وهنا إنفرجت أساريره ونفخ صدره بتفاخر من دلال أنثاه الجميله له وتحدث بإبتسامة: كيف ما وحشتنيش وأني چاي لك بكل شوج لجل ما أجضي الليل كلياته وياكي وبايت في حضنك كمان
تهلل وجهها من شدة سعادته وتساءلت بلهفه: بجد يا قدري هتبات معايا إنهاردة؟
أجابها وهو يهز رأسه بإيماء: صح هبات وياكي يا ماچدة،.

وضمها لداخل أحضانه وتحدث برغبة: وحشني دلالك على چوزك وچلعك ليه يا بت، چاي لك مشتاج وسايب لك حالي لجل ما تچلعيني كيف ما بدالك
ضحكت بإغراء وتحدثت بخلاعة وهي تسحبه من يده إلى غرفة نومهما معا: بس كده، ده أنا هوريك اللي عمره ما خطر في بالك يا سيد الرجالة
بعد مرور بعض الوقت كانت تجلس بجانبة فوق التخت وتحدثت بإبتسامة: راضي عني يا سي قدري؟

أجابها وهو يدخن سيجارته بشراهه ويتمزج بها بإنسجام: كل الرضي يا ماچدة، كل الرضي
واكمل حديثه بسعادة: عندي ليكي خبر زين جوي، قاسم هيتچوز الأسبوع الچاي
إنفرجت أساريرها وتحدثت بنيرة سعيدة لأجله: أخيرا هتنول مرادك وتجوز قاسم لبنت أخوك
ثم تحدثت إلية وهي تتدلل عليه: طب بمناسبة الخبر الحلو ده، فين الغوايش اللي طلبتهم منك المرة اللي فاتت؟

نظر لها مضيق العينان وتحدث بحدة: هو أنت معتشبعيش واصل يا حرمة، هو أني مش لسه من شهر چايب لك خاتم دهب
نظرت له وأجابته بإستنكار: خاااااتم، خاتم ده إيه يا قدري بيه يا أبن كبير النعمانيه، هو ده بردوا مقام ولاد الأكابر
أجابها بنبرة هادئة وهو يدخن سيجاره بإستمتاع: وأني مهكسفكيش وهاخدك بكرة الصبح أشتريهم لك جبل ما أرچع النچع
هتفت بلهفة وسعادة غير مصدقة: بتتكلم بجد يا قدري؟

أجابها بهدوء: وميتا كنت بهزر وياكي أني؟
إرتمت داخل أحضانه وتحدثت بسعادة: ربنا يخليك ليا يا سيد الناس
ثم خرجت مرة اخري وتساءلت بلؤم رافعه حاجبيها: ويا تري بقا جبت أيه لفايقة بمناسبة الخبر الحلو ده؟
رمقها بنظرات حارقة وتحدث إليها محذرا إياها: وبعدهالك عاد يا بت الناس، أني مش جولت لك جبل سابق لو حابة تعيشي وياي في راحة ملكيش صالح بفايقة ولا تحاولي تجارني بينك وبينها، لأن المجارنة مهتكونش في صالحك واصل.

وأكمل بنبرة لرجل عاشق: فايقة مرتي وأم عيالي وكفتها تطب وتميل
أجابته بحده وغيرة: وأنا كمان مراتك زيي زيها يا قدري ومقلش عنها في حاجة
أجابها بعيون تطلق شزرا: زيك زيها كيف يعني؟
وأكمل متعجب: كنك إتجنيتي إياك، عايزة تساوي حالك بفايقة هانم النعماني ست النعمانية كلياتهم؟!
سألته بحده وغيرة: ولما أنت بتحبها أوي كده إتجوزتني عليها ليه يا عمدة؟

أجابها بإستنكار: إتچوزتك لجل مزاچي وإنت خابرة إكده زين، وبعدين چوازكي منيكي عرفي، يعني عمرك ما هتبجي زييها، وبطلي بجي نغمة أني زيي زيها دي عشان إكده بتخسريني وإنت موعياش
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي تزيل عنه غضبه وتكسب وده من جديد واقتربت عليه تتحسس شعر رأسه بدلال وتحدثت بصوت أنثوي: خلاص يا عمدة حقك عليا، متزعلش مني وإعتبرني ما قولتش حاجه.

وأكملت بإبتسامة جذابة لإلهائه: قولي بقا يا سيد الرجالة، تحب تاكل أيه علشان أقوم اعمله لك بإديا
إنفرجت أساريره وشعر بتفاخر من معاملتها التي تجعله يشعر بأنه حقا سيد الرجال عكس تلك الفايقة التي وبرغم عشقه الهائل لها إلا أنها لا تبادله شعورة ولا تعتني به كزوجة تسترضي زوجها
أجابها بإبتسامة: أي حاچة من يدك هتبجا زينة يا ماچدة.

ضحكت بخلاعة وتحركت وهي تتمايل بجسدها تحت إحتراق روح ذاك المشتاق المحروم من الدلال ولا يجده سوي مع تلك الماجدة.

أتي يوم الأربعاء، يوم حنة العروسان
أجواء مبهجة تعم على المنزل، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل
كانت جميع نساء النجع يجلسن بداخل سرايا زيدان منبهرين بكل ما فيها، يحتفلن بليلة الحنة الخاصة بإبنة النعمانيه المدلله وسط مظاهر البهرجة والبزخ الذي صنعها زيدان إحتفالا بصغيرته الجميلة ووحيدته.

فقد أتي بعاملات من إحدي الشركات الخاصة بتجهيز حفلات الزفاف من القاهره، كن يرتدين زيا موحدا يونيفورم ولقد تخصصن بخدمة الحاضرات وتقديم كل ما لذ وطاب من الأكلات والمسليات والحلوي الخاصة بالأفراح تحت إستشاطة فايقة وغيرتها التي تنهش بقلبها رغم حدوث ما قامت بالتخطيط له بالإشتراك مع زوجها،
ولكن متي هدأت نار الحقود وأستكان داخله.

وجهت شقيقتها بدور الجالسه بجانبها مبتسمه تساؤلا لها: مالك يا فايقة، جالبة خلجتك في وش الكل ليه إكدة؟
مع إن المفروض تبجي أسعد واحدة في الدنيا كلياتها إنهاردة وإنت بتجوزي ولدك البكري اللي عيشتي كتير تحلمي بجوازته دي بالخصوص.

أجابتها من بين أسنانها والغل ينهش بداخلها: معرفاش أفرح طول ما الحرباية اللي إسميها ورد عايشه ودايسه في الخير ده كلياته، مشيفاش بعينك إياك البية إبن عمتك وهو معليها ومخليها فوج الكل، ده جايب لها بنات يخدموا الحريم لجل ما تجومش من مطرحها ولا تتعب حالها.

تحدثت إليها بدور بإستغراب لحالة الحقد التي تتحدث بها شقيقتها: وإنت أيه مشكلتك يا فايقة، وماله لما يريح مرته اللي ياما تعبت وياه لحد ما وصلوا للي هما فيه دي
نظرت إليها بحقد وتحدثت بحدة: مشكلتي إن العز ده كلياته كان من نصيبك إنت وهي اللي سرقته منيكي هو وزيدان.

إبتسمت شقيقتها ساخرة وتحدثت بفطانة وحديث ذات مغزي: إذا كنت انا ذات نفسي نسيت وسامحت في حجي من زمان يا فايقة وجولت جسمة ونصيب، زعلانه إنت ليه بجا؟
واكملت بنظرة ثاقبه: متعملنيش حجتك لأني فاهمه و واعيه زين للنار اللي شاعلة چواتك ومهتحرجش حد غيرك يا خيتي
وأكملت ناصحة لها بحديث ذات معني: إعجلي يا خيتي وإنسي الماضي وإردمي علية بدل ما ناره تحرجك وتحرج عيشتك ويا قدري اللي بيتمني لك الرضا ترضي.

إبتلعت لعابها رعب وتسائلت بنبرة زائفة: تجصدي ايه بحديتك الماسخ دي يا بدور؟
إبتسمت بدور بجانب فمها بطريقة ساخره وتحدثت: جصدي إنتي خبراه زين يا فايقة وبلاش نجلبوا في اللي فات بدل ما ناره تتجدد وتشعلل وتطول الكل وساعتها محدش هيسلموا منيها
إبتلعت لعابها وفضلت الصمت وعدم مجابهة تلك الكاشفة لداخلها أكثر من ذلك
إلتفتت إلى الزغاريد التي إنطلقت بشدة لتعلن عن نزول تلك الحوريه من فوق الدرج.

إشتعلت نيرانها وهي تري صفا تتدلي بثوبها الرائع بلونه الذهبي الذي بالكاد يغطي ركبتيها وحمالاته الرفيعه بصدره المستدير الذي كشفت عن جزء صغيرا من نهديها البض والتي بهرت جميع الموجودات بجمالها وجمال جسدها رائع الجمال وبتن يحسدن قاسم عليها
هتفت رسمية إلى ورد بنبرة حادة غاضبة: أيه اللي ملبساه للبت ده يا مخبوله إنت، عوزاها تاخد عين من الحريم اللي عنيهم تدب فيها رصاصة دول؟

أجابتها ورد بهدوء ويقين: وحدي الله يا مرت عمي، إن شاء الله ربنا هيسترها وهيعدي الليلة على خير
وأكملت مفسرة موقفها: وبعدين أني زيي زيك و مشفتش الفستان غير لما أشترته ويا أصحابها من مصر لما سافرت ويا أبوها.

كانت تتدلي من أعلي الدرج بجانب صديقاتها المقربون وبنات خالاتها بعدما زينتها إحدي الميكب أرتست الشهيرة اللبنانية الأصل والتي تعمل بمركز التجميل الخاص بها بالقاهرة، وقد إستدعاها زيدان بالطائرة خصيصا لتمكث مع إبنته ليلتي الحنة والزفاف وذلك بعدما اغرقها بالمال كي توافق.

كم كان يؤرقها بشدة شعورها بإنتقاص فرحتها وعدم إكتمالها، نعم لقد صنع لها والدها الغالي كل مظاهر البهجة والسعادة ولكنه لم يستطع بكل تلك المظاهر محو ألام روحها المتمزقة، كم كان مميت حديثه الجارح لكرامتها، كلما حاولت التأقلم مع من حولها وتناسي وجعها تهاجمها الأفكار من جديد وتقتحم كلماته المهينة ذاكرتها لتعكر عليها صفوها وتعيدها لنقطة الصفر من جديد.

تحركت ورد سريع نحو الدرج لإستقبال قرة عينها جميلة الروح والشكل والخلق، عزيزة عيناها التي لم ترهقها ولم تحزنها يوم منذ ان أنارت حياتها بمجيأها الغالي، إقتربت عليها وتمعنت في جمالها الأخاذ وبلحظة نزلت دموع السعادة من عيناها رغم عنها،
أحتضنتها بشدة وتحدثت بدموع السعادة: ألف مبروك يا ضي عيني، زي الجمر في ليلة تمامه يا بت جلبي.

وضعت أناملها الرقيقة فوق وجنتي والدتها كي تزيل عنها دموعها الغاليه وأردفت قائلة بنبرة حنون: وحياة صفا عنديكي ما تبكي، مش لايج عليكي البكا يا أماي!
جففت دموعها سريع وتحدثت بنبرة سعيدة: دي دموع فرحتي بيكي يا دكتورة، بس خلاص مسحتهم أهم ومهعيطش تاني لجل خاطرك الغالي.

إرتمت من جديد داخل أحضان والدتها، إختطفتها من تلك اللحظة عمتها صباح التي تحدثت بإنبهار شديد وخوف على قرة عين أخيها الحنون الذي يغمرها هي وشقيقته الاخري علية بحنانه واهتمامه وأيضا أمواله
وتحدثت وهي تسحبها من داخل أحضان ورد وتدلفها إلى أحضانها بحنان: الله أكبر عليكي يا بت الغالي، حصوة في عين كل اللي عتشوفك ولا تصليش على حضرة النبي.

لوت فايقة فاهها وتحدثت عليه هي الاخري: مبارك يا دكتورة، ربنا يتمم فرحتك على خير يا جلب عمتك
إبتسمت إلى عمتيها الحنونتان وتحدثت: تسلميلي يا عمه ويبارك لي في عمرك
تحركت بها ورد إلى جدتها الجالسة تراقب نظرات الجميع على إبنة غاليها وتقرأ المعوذتين في سرها خشية عليها من الحسد وتحدثت ورد بإبتسامة صادقة: جربي يا صفا وميلي على يد چدتك وبوسيها لجل ما تاخدي مباركتها ورضاها عليكي.

نظرت رسمية إلى ورد بإستحسان وهزت لها رأسها وابتسمت برضا مما أشعل قلب فايقة التي تراقب تصرفات الجميع عن كثب بقلب مشتعل وكيان يحترق غلا وكراهية
مالت صفا بجزعها على كف يد جدتها وقبلتها بإحترام، أما رسمية فوضعت كف يدها الأخري تتلمس بحنان رأس صغيرة إبنها المنكبه فوق يدها ثم أمسكت يدها وأجلستها بجانبها واحتضنتها متحدثه: مبارك يا بتي، ربنا يتم لك فرحتك على خير.

وأخرجت علبه كانت تمسك بها منذ أن أتت وفتحتها وإذ بها عقد أثري يرجع تاريخه إلى جدة جدتها تتوارثه الأجيال عبر التاريخ وأختارت الجده صفا لتكون وريثتها بذاك العقد
مما أثار غضب فايقة وليلي وحتى مريم التي حزنت بداخلها على التفرقة المستديمة التي تشعر بها بينها وبين صفا.

تعالت المباركات والهمهمات الجانبية وشعرت الجده بغضب ليلي ومريم فتحدثت إلى الجميع بنبرة زائفة مراوغة لكي لا تحزنا من داخلهما: إوعاكم تكونوا فاكرين إني عطيت العجد ده لصفا إكمنها جريبة من جلبي، كلكم احفادي وغاليين على جلبي ومجامكم واحد عندي، بس أني كنت نادرة ومجررة إني هديه لمرت البكري في أحفادي.

ثم نظرت لتلك الجميلة المبتسمة والتي تعلم عليم اليقين أن جدتها اهدتها إياه وجعلتها وريثتها وذلك لشدة غلاوتها ومكانتها المميزة لديها وهذا ما أدخل السرور على قلبها رغم حزنه
وتحدثت الجدة بإبتسامة: وأهو بجا من نصيب صفا
إبتسمت لجدتها وشكرتها، وقفت فايقة وقدمت المباركة إلى صفا واحتضنتها بنفاق
ثم توجهت إلى مجلسها من جديد وتحدثت إلى ليلي لتحثها على التحرك إلى صفا: جومي يا ليلي باركي لعروسة أخوكي.

أجابتها برفض تام ونظرات يملؤها الحقد: مجيماش ومطيجاش أطل في خلجتها
همست لها فايقة بنبرة حادة: إسمعي الحديت يابت وجومي، عاوزة الناس تجول عليكي أيه يا حزينة؟
اجابتها بحده رافضة: يجولوا اللي يجلوة يا أما، و ريحي لي حالك لأني مجيماش من مكاني إهني حتى لو چدي عتمان بذات نفسية هو اللي جال لي أجوم.

تعالت الزغاريد وأشتغلت الموسيقي الراقصة وبدأن الفتيات تتراقصن وتتمايلن مع نغمات الموسيقي أخذين براحهن وذلك لعدم وجود رجال بالمكان وايضا عدم التصوير بالهواتف حسب تعليمات عتمان الصارمة للجميع بعدم إصطحاب الهواتف لما تسببه مؤخرا من مشاكل ومناوشات، وما كان من الجميع إلا الإنصياع لأوامر كبيرهم خشية بطشه وتحاشيا لغضبه الأعمي
أوقفت ورد صغيرتها للرقص عنوة وذلك بعد محايلات من الفتيات الموجودات بالإحتفال.

أما بالخارج حيث إحتفال الرجال
كان يجلس وسط أصدقائة ومنهم عدنان الذي حضر كي لا يثير الشكوك هو وقاسم ويعطي فرصه لتساؤل الجميع عن سبب عدم حضور أعز اصدقائة،
وكان يجلس أيضا بعض أبناء عمومته فتحدث فارس مداعب أخاه: نجع النعمانية بيودع أشهر عازب فيه الليلادي
وأكمل ساخرا: ما أنت كت بعجلك يا أخوي، مخابرش أيه اللي جري لك لجل ما توجع وجعتنا السودة دي، يلا، هنجول إية، كلنا لها.

وتحدث حسن شقيق يزن الأصغر والذي بعمر صفا: ده كاس وداير على الجميع ولا بد منيه يا شباب
قهقه الجميع عدا ذاك القاسم الذي يشعر بإستياء مما يحدث حوله فهو إلى الان لم ينسي كلمات جده المهينه لرجولته وطريقة حديثه التي عسفت بكرامته وطرحتها أرض وخصوصا أمام صفا المتعالية التي وصمته بعديم الرجولة.

أخرجه من شروده رنين هاتفه الذي لن يتواري عن الرنين منذ أن بدأ الإحتفال، نظر إلى عدنان بيأس وتملل، فهم عدنان انها شقيقته الثائرة فنظر له وحثه بعيناه على أن يتحمل غيرتها ويجيبها،
إستسلم قاسم وتحرك بعيدا عن أصوات الموسيقي الصادحة بزخم كي لا يثير جنونها وايضا كي يستطيع الإستماع والتحدث إليها بعيدا عن العيون المترقبه له.

وما أن ضغط على زر الإجابه حتى إستمع إلى صوت تلك الغاضبة وهي تصرخ بجنون قائلة: ما بتردش عليا ليه يا قاسم؟
وأكملت بإتهام: كنت معاها صح؟

أغمض عيناه وحرك يده فوق شعر رأسه يرجعه للخلف في حركة تدل على مدي غضبة وتحدث إليها بلكنة صعيدية ونبرة تهديدية: وبعدين وياكي يا بت الناس، معطبتليش چنانك دي ولا اية إنهاردة، دي عاشر مرة ترني عليا وأسيب الناس وأجوم أرد عليكي، وعاشر مرة بردك تسأليني نفس السؤال واجولك إني متنيل جاعد في فرح الرچالة
وأكمل بحدة بالغه: وبعدهالك عاد، أني زهجت.

وما أن إستمعت لكلماته وصياحه حتى إنفجرت باكيه بشدة قائلة بعتاب: إنت كمان بتزعق لي وبتتعصب عليا يا قاسم، مش كفاية عليا النار اللي قايدة جوايا كل ما أفتكر إنك بكرة هتاخد واحده غيري في حضنك وتنام جنبها
اجابها بنبرة جادة صارمة: إنت عارفة ظروف الچوازة كويس جوي وموافجة بإكديه، وأساسا كانت فكرتك من اللول
تحدثت إليه بدلال من بين دموعها: خلاص، يبقا تريح قلبي وتوعدني إنك مش هتلمسها.

تنفس عاليا وتحدث بنبرة حادة جاززا من بين أسنانه: إيناااااس، ليكي حدود في الكلام ياريت متتخطيهاش عشان مندمكيش، ويلا سلام لأني مفاضيش لچلع الحريم الماسخ ده
تحدثت بدموع ونبرة منكسرة كي تسحبه إلى عالمها كي لا يغضب عليها: بتسمي غيرتي اللي هتموتني عليك دلع ماسخ، للدرجة دي مش حاسس بناري يا حبيبي.

وأكملت بنبرة أنثوية ساحرة: أنا بحبك وبموت من الغيرة عليك يا قاسم. ، كان نفسي أول حضن و أول بوسه وأول كل حاجة منك تبقا ليا أنا، مش لحد غيري يا حبيبي
تنفس بهدوء متراجع عن حدته وذلك أثر نبرة صوتها الناعمة العاشقة وتحدث بلين ونبرة هادئة: خلاص يا إيناس، إهدي ومتفكريش في الموضوع بالشكل ده
واكمل كي يجعلها تهدأ: عاوزك تفكري في إن انا كمان بحلم باليوم اللي تبقي فيه حلالي وأضمك لحضني.

تنهدت بصوت مسموع واطلقت أهه أشعلت داخله وتحدثت: إمتي بقا يا قاسم ييجي اليوم ده، إمتي
اجابها بنبرة هادئة: هانت يا إيناس، فات الكتير مبقاش إلا القليل
أخرجه من حالته تلك شعوره بحركة خلفه وكأن أحدهم يتسمع عليه
إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن بوجهه ينظر إليه بتمعن
فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك وقت تاني.

ثم دقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب: خير يا يزن، فيه حاچه؟
تري ما الذي إستمع إلية يزن؟
وما الذي سيفعله لو حقا إستمع لحديث قاسم إلى إيناس؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة