قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السادس والثلاثون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السادس والثلاثون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السادس والثلاثون

ولحديث العيون معك إرتواء
فكيف لدفئ حضنك في العناق
خواطر يزن النعمانى
بقلمي روز امين.

إبتسمت له ثم وقفت وأدارت ظهرها إستعدادا للخروج، إستمعت لصوته يناديها: أمل
إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عشق وصوت هائم: أني عاشجك
إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مترقبه لردة فعلها: أني رايدك لچل متكوني مرتي في الحلال يا أمل.

جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل، هي تعرف في قرارة نفسها أنه جاد في طلبه للزواج بها، ومتيقنة من حبه لها بل عشقه الهائل الذي بدأ يتملك منه وشعرت هي به من خلال الرسائل التي كانت تبثها موجات عيناه ويصل إشعارها الن. اري لعيناها ومنها لقلبها البرئ، الذي شعر به قريب من الروح والكيان.

لكنها خائفة بل تمو. ت رعب من مجرد تخيلها لفكرة تكرار خوضها لداخل تلك التجربة المريرة، لذا فقد قررت عدم أخذ حديثه على محمل الجد للتخلص من طلبه
تحدثت بدعابة كي تخرج حالها من هذا المأزق: تفتكر ده وقت هزار يا باشمهندس؟

تحرك إليها بطوله الفارع، وقف قبالتها ونظر داخل عسليتاها وهمس بنبرة رجل عاشق: بس أني معهزرش يا أمل، أني عاشجك وعاشج لعنيك، وطالب أنول الرضا بموافجتك لچل متكوني ملكة جلبي وتاچ راسي وخليلة أيامي.

إبتلعت سائل لعابها من شدة تأثرها بهياته المهلكة لقلبها النابض بعشقه رغم كبحها لذلك العشق وضغطها الدائم عليه كي لا يخرج ويعلن عن ميلاده، إلا أنه تسلل داخلها وتمكن من أسر قلبها، بل وتملكه وطبع بوشم يزن النعمانى وأنتهي الامر
بصعوبة بالغة أخرجت صوتها وتحدثت بنبرة ضعيفة يائسة: مش هينفع يا يزن، أنا بعد تجربتي المريرة أخدت عهد على نفسي بإني أقفل باب الحب والجواز وما أفكرش فيهم تاني.

إبتسم وأردف قائلا بنبرة حنون: عتضحكي عليا ولا على حالك يا أمل، حب إيه يا بت الناس اللي جفلتي بابه دي،
وأكمل هامس بعيون عاشقة: أومال اللي عيطل من چوة عيونك الحلوين دول وعيحضن جلبي ويطبطب عليه، يبجا إسمه إيه دي لو مهواش عشج، وعشج شديد جوي كمان
تهربت بعيناها وسحبتها بعيدا عنه وكأنها تبحث عن اللاشئ وانتفض قلبها جراء حديثه المعسول وعيناه التي تصرخ من شدة إحتياجها لعشق الحبيب.

تحدثت بنبرة حادة صارمة وكأنها تقص على مسامعه تقرير من إحدي صفحات جريدة الصباح: من فضلك يا باشمهندس، بلاش تستخدم إسلوب إبتزاز المشاعر ده معايا، أنا لا حبيتك ولا عمري اديت لك أي إشارة توحي لك إني بحبك، وأنا قولت لك رأيي بمنتهي الوضوح والمفروض عليك إنك تحترمة.

قاطعها يزن مكذب إياها بقوة: كدابه يا أمل، إنت عتحبيني كيف مابحبك بالظبط ويمكن أكتر، ولو فعلا معتحبنيش كيف معتجولي، يبجا تجوليها وإنت عتبصي چوة عيوني
إبتلعت سائل لعابها وتلعثمت فهدر يزن قائلا بقوة: خليك چريئة وبصي چوة عيوني وجوليها يا أمل.

حولت بصرها إليه وما أن نظرت لعيناه حتى سبحت وغاصت داخل بحرهما العميق، تناست حالها داخل نظراتها الصارخة التي تطالبها بالرحمة وإنهاء تلك المسرحية الهزلية كي ينعما داخل أحضان بعضهما ويرزقا بالحب الحلال
بدون سابق إنذار إنهمرت دموعها أمامه كشلال وهي التي أقسمت بألا تزرفها أمام أيا من كان، يبدوا أن روحها قد شعرت به خليل ولهذا إرتضت وسمحت لدموعها الأبية بالخروج.

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة منكسرة: خايفة يا يزن
أجابها متلهف بنبرة هائمة: جلبي عيطمنك يا أمل، چوة حضني عتلاجي أمانك، عكون لك السند والضهر والحماية، و وعد عليا معخلي الدموع تعرف لعيونك طريج
وأكمل بإلحاح: بس إنت وافجي وريحي جلوبنا يا أمل، واسترسل لإقناعها: أني وإنت تعبنا كتير في حياتنا، وان الاوان إننا نرتاح ونلاجي الراحة والسكن چوة أحضان بعض.

نظرت إليه بتشتت وتيهه، فهتف هو بعيون راجية: جولي موافجة يا حبيبتي
إرتعش جسدها وهزة عنيفة زلزلت قلبها من نطقه لكلمة حبيبتي، علمت حينها أنها لم تعرف للعشق طريق قبل ذاك اليزن، فها هي معه تغزوها مشاعر ولأول مرة تشعر بها، لعشقه طعم لذيذ لأول مرة تتذوق حلاوة لذته
هز لها رأسه عدة مرات متتالية كي يشجعها على أخذ تلك الخطوة، إبتسمت له وأعلنت رفع راية الإستسلام لغزو عشقه الراقي والذي يشبه عشق الملوك في سموه.

تهلل وجهه وأنير، وأنفرجت أساريره من شدة سعادته حتى ظهر صف أسنانه وتحدث متلهف: وعد عليا معخلي الندم يعرف طريج لجلبك يا غالية، ومن إنهاردة أني راچلك وإنت مسؤلة مني، وأي حاچة عتحتاچيها عتكون تحت رچليك في التو واللحظة
أشارت إليه بيدها ليتوقف وتحدثت برفض قاطع: أرجوك يا يزن تهدي شوية وبلاش التهور اللي إنت فيه ده.

إبتسم لها بسعادة وأردف قائلا بنبرة حماسية: هو إنت لساتك شوفتي تهور، ده لولاش رجدت عمي زيدان كان زماني طاير على چدي ومصحيه من أحلاها نومة، وچبته لحد عنديك لچل ما يطلب لي يدك الغالية
وأكمل وهو يغمز لها بعيناه: وفي خلال أسبوع بالكتير بجيتي مرتي ومجفول علينا باب واحد.

خجلت من كلماته المتهورة التي تظهر كم إشتياقه لها وتعجله لإتمام زيجته بها، تحدثت بنبرة هادئة: بيتهئ لي إن الموضوع محتاج شوية وقت يا يزن، يعني، لسه إجراءات طلاقك لبنت عمك، وترتيب المكان اللي هنتجوز فيه
وأكملت بخجل: ده غير إني محتاجة وقت علشان أتعرف عليك أكتر، وكل واحد مننا يدرس شخصية التاني ويكتشف عيوبها ومميزاتها، علشان نقدر نتأقلم على طباع بعض بسهولة بعد الجواز.

بهتت ملامح وجهه وأختفت إبتسامته التي كانت تنير وجهه، تحمحم لينظف حنجرته ثم تحدث بهدوء: كل اللي تأشري عليه عيتنفذ وأكتر كمان يا حبيبتي،
وأكمل بتلعثم: بس أني كنت عاوز أشرح لك ظروف چوازي من ليلي
وأكمل شارح للوضع: سبج وجولت لك إن أني وليلي في حكم المطلجين، أني معاييش وياها في الشجة، وأكمل على إستحياء: ومبيحصلش بيناتنا أي حاچة من اللي بتحصل بين أي راچل ومرته.

أومأت رأسها بخجل وتحدثت دون النظر لعيناه: أيوة أنا فاكرة إنك قولت لي الموضوع ده قبل كده، واللي فهمته وقتها من كلامك إن موضوع طلاقكم مسألة وقت مش أكتر
وأكملت بصدق: وبصراحة ده السبب الرئيسي اللي خلاني أتمادي وأسمح لنفسي إني أحبك حتى ولو بيني وبين نفسي.

أخذ نفس عميق ثم زفره بقوة إستعدادا للحديث، وأردف قائلا بنبرة هادئة: للأسف يا أمل، أني معينفعش أطلج ليلي، وأكمل مؤكدا: لو السما إنطبجت عاللأرض چدي معيوافجش
قطبت جبينها غير مستوعبة لحديثه فأكمل هو: جانون النعمانية إكده، مفهوش طلاج
ضيقت بين عيناها وسألته مستغربة: تقصد إيه بكلامك ده يا يزن، إنت عاوز توصل لي إن ممكن جدك مايوافقش فعلا على طلاقك لبنت عمك؟

هز رأسه نافي، ونطق بتأكيد: هو مش ممكن يا أمل، هو الأكيد إنه معيوافجش
أردفت قائله بنبرة قاطعة: بس إنت أكيد هطلقها يا يزن
تنهد بيأس وتحدث: حاولت والله يا أمل بس منفعش، الكلمة الاولي والاخيرة في المواضيع اللي كيف دي بتبجا لچدي لحاله وممنوع النجاش فيها
قطبت جبينها بإستغراب شديد ثم أخذت نفس عميق وتحدثت بصرامة لن تقبل النقاش: بس أنا هتجوزك إنت يا يزن مش هتجوز جدك!

وأكملت بنبرة قوية مدافعة بها عن ليلي متناسية أنها غريمتها وتشاركها حبيبها: وبعدين إنت إزاي هاجرها وهي لسه على ذمتك يا يزن؟
شرع ده حرام وظلم بين ليها.
وأكملت بضيق لأجلها: ده غير إنه فيه إهانة كبيرة لكبريائها وإنوثتها، والمفروض إنها هي اللي كانت تثور لهدر كرامتها، وتطلب الطلاق من جدك وتصر كمان عليه.

وأكملت بإتهام: وعلى فكرة بقا، إنت كمان عليك إثم كبير في هجرك ليها، لأن المفروض إن ليها حقوق شرعية عندك وواجب عليك إنك تديها لها مهما كان زعلك منها أو إختلافك معاها، وأسترسلت بتعقل: وعلشان تتخلص من الإثم ده يبقا لازم تطلقها يا يزن
وأكملت بنبرة صادقة: وممكن جدا بعد ما تطلقها تتجوز حد تاني يقدر يحتويها ويكون لها العوض، ويمكن تلاقي معاه الحب والتقدير اللي ما قدرتش تلاقيه في تجربتها معاك.

وأكملت بكبرياء وشموخ إمرأة: ده غير إن عمري ما هقبل على نفسي إن يتقال عليا إني خطفت راجل من مراته، وأسترسلت حديثها بإصرار: علشان كده أنا مصممة جدا على رأيي في إنك تطلقها قبل ما يتم بينا أي شئ رسمي.
عتعجديها ليه يا بت الناس؟ جملة قالها يزن بعيون راجية
أجابته بنبرة حنون: مش بعقدها والله يا يزن، أنا كل اللي طالباه إني أعيش معاك في هدوء ومن غير حاجة تنغص علينا حياتنا أو تسبب لنا مشاكل إحنا في غني عنها.

وأكملت والغيرة تظهر داخل مقلتيها: ده غير إني مش هقدر أتحمل فكرة إن يكون لي فيك شريكة حتى لو كان مجرد جواز على الورق
إنفرجت أساريره وهتف بنبرة تشير إلى شدة سعادتة: هي الدكتورة عتغير على حبيبها ولا إيه؟
إرتبكت بوقفتها وقررت الإنسحاب من أمام ذلك الولهان وهيأتة العاشقة وتحدثت متلعثمة: أنا رايحة أطمن على عمك وأشوف لو صفا وطنط محتاجين حاجة
أخذ نفس عميق وتحدث بعيون عاشقة: عاشجك يا أمل.

وأكمل: حاضر، هروح لچدي وعجوله إني لازمن أطلجها لجل ما أريح جلب حبيبتي
إبتلعت لعابها وأسرعت للخارج قبل أن تضعف وترتمي لداخل أحضان ذاك الفارس المغوار التي دائما ما حلمت بشخصيته ببداية صباها وبدأ رسم شخصية فارس أحلامها الوردية
تنهد هو براحة وذهب من جديد إلى أريكته وجلس فوقها وشعورا هائل من السعادة والعشق يتملكان من قلبه الجميل الذي لم يحمل بداخله يوم سوي الحب والخير للجميع
- -.

أصبح القلب لا ينبض إلا بحضورك
وكأنه وشم بعشقك اللعين وحسم الامر
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

شق الصباح نوره ليعلن عن إنتهاء الظلام وميلاد يوم جديد يتأمله الجميع بأن يكون أفضل من الأمس الذي عان منه الجميع وذاقوا به الأمرين.

كانت تغط في ثبات عميق، ويرجع أسبابه لشدة إرهاقها بعدما عانته بالأمس من توتر وقلق ورعب على غاليها ثم ضغطها داخل غرفة العمليات، بالإضافة إلى أنها بالأساس تعاني بشدة في الفترة الاخيرة من إصابتها بحالة من الخمول والنعاس الدائم نتيجة التغيرات الهرمونية التي حدثت لجس. دها جراء الحمل.

فتح عيناه بثقل وبات ينظر حوله بإستكشاف وإستغراب للمكان، حتى وعي على حاله وتذكر ليلة أمس العصيبة، حول بصره متلهف يبحث عنها، إطمئن قلبه وشعر بهزة عنيفة أصابت قلبه لمجرد رؤياه لملاكه الغافي بسلام، إعتدل بجلوسه ثم وضع كف يده فوق شعر رأسه وأرجعه للخلف في محاوله منه لهندمته، أخذ شهيق عاليا ثم زفره،
ثم وقف منتص. ب الظهر وتحرك إليها، بات ينظر إلى كل إنش بملامحها بإشتياق جارف.

سحب مقعدا بهدوء شديد وجلس عليه أمامها، نظر بإرتياب إلى أحشائها التي تحمل جنينه الذي حرم من الإحتفال معها بقدومه، غصة مرة تملكت من قلبه حين تذكر حاله وحبيبته وما وصلا إليه من حالة مزرية، مد يده بحنين يتحسس موضع جنينه بأحشائها
إنتفضت فزعة من نومتها تتلفت حولها، أمسك كتفها سريع ليهدئ روعها وتحدث متلهف بنبرة هادئة: إهدي يا جلبي، أني قاسم يا حبيبي.

هدأت بالفعل وأطمأنت وأرجعت رأسها فوق الوسادة من جديد بعدما تيقنت أن اليد التي تحسستها هي لحبيبها، تنهد ووضع كف يده فوق أحشائها من جديد
إحت. رق قلب تلك الغاضبة وأمسكت يده ودفعتها بعيدا عنها بطريقة عني. فة قائلة بنبرة ح. ادة: بعد يدك عني
وضعها من جديد فأعادت فعلتها بطريقة أعن. ف فتحدث إليها بهدوء: إهدي يا صفا.

ثم أعاد وضع يده فكررت ما فعلت وتحدثت بصياح غاض. ب وهي تتأهب للنهوض: جولت لك شيل يدك عني وبعد عن طريجي
إشتع. ل جسده من طريقتها الفظة وأسلوبها العني. ف فأمسك كتفها وأرغم. ها على الرجوع للخلف والتمدد من جديد وتحدث بنبرة صوت ح. ادة وملامح وجه غاض. به: صفاااا، معتسمعيش الكلام ليه.

إبتلعت لعابها وأستكانت خشية من هيأته الغاض. بة التي ولأول مرة تراه عليها، أغمض عيناه وزفر بقوة وما زال ممسك بكتفها ليرغمها على التسطح، فتح عيناه من جديد ونظر لأحشائها بحنان وأشتياق وكأنه يري جنينه أمام عيناه، ومن جديد وضع كف يده وبدأ يتحسس موضع جنينه وكأنه يتلمسه.

إنتفض جسدها أثر لمسته، أخذ نفس عميق وتحدث إلى جنينة بصوت مسموع وكأنه يطمأنه: متخافش يا حبيبي، لما تاچي بالسلامة كل حاچة هتبجا زين بإذن الله
حول بصره إلى تلك الغاضبة التي تشيح ببصرها عنه وتحدث: صحيح أمك كيف الفرسة الجامحة، بس أبوك خيال صح وهيعرف يرودها ويرچعها لعجلها ولحضنه من چديد
رمقته بنظرة حادة وأردفت بنبرة تهكمية: اللي بتفكر فيه دي بعيد عن أحلامك.

إبتسم بجانب فمه وتابع تلامسه الحنون على جنينه وسألها بنبرة جادة: عنده كام شهر بالظبط
برغم غضبها الشديد منه ومن إج. بارها على الخ. ضوع إلا أنها أجابت لتيقنها أن سؤاله من حقه المشروع: عمره تلات شهور وتلات أسابيع
سألها وهو ينظر إلى أحش. ائها بحنين: عملتي سونار وعرفتي نوعه؟
أجابته بإقتضاب: عملت من شهر وأطمنت على نبضات جلبه، نوع الچنين مبيظهرش غير لما يكمل أربع شهور.

إبتسم بحنين وتحدث ومازال ينظر لموضع جنينه: إوعي تفتكري إني عاوز أعرف عشان نفسي في واد،
وأكمل بنبرة راضية ويقين: كل اللي يچيبه ربنا فضل ونعمة
ثم نظر لها وأكمل مفسرا: أصل أني حلمت إن عمي زيدان چاي وبيمد لي يده ويچولي سمي بالله ومد يدك وخد عطية ربنا ليك، جولت له إيه دي يا عمي، رد وجال لي ده مالك، ربنا بعتهولك عوض لجل ما تملك بيه زمام أمورك.

كانت تستمع إليه بإستغراب فأكمل هو بإبتسامة في محاولة منه بإسترضائها: بس لو عليا أني، أني نفسي في بنت تكون وارثة عجل وچمال وجوة أمها
إستغلت تراخي ج. سده وتراخي يده المكبلة لها بسبب حالة النشوة التي أصابته من حديثه عن جنينه، وانتفضت واقفة غير مبالية بحديثه المعسول.

تنهد بأسي لفعلتها وتحرك مستسلم إلى الأريكة مواليها ظهره وتحدث وهو يلتقط حلة بدلته: تعالي نطمن على عمي وبعدها هوصلك للبيت تاخدي لك حمام دافي لجل ما يريح چسدك وتلبسي هدوم نضيفة وتاچي تاني
وأكمل بنبرة جادة: وأني هروح المركز لجل ما أتابع التحجيج مع الم. چرم اللي إسميه كمال
نظرت إليه وتحدثت متناسية خصومتهما: عوزاك تبذل كل چهدك لچل ما الخسيس دي ياخد أجسي عجوبة على اللي عمله في أبوي.

أجابها وهو يتحرك بإتجاه الباب ويشير إليها لتتقدمه: متجلجيش يا صفا، الله في سماه معخليه يخطي برچله ويشوف الشارع تاني
تحركت أمامه داخل الرواق في طريقهما إلى غرفة العناية، لتجد يزن وفارس وحسن يجلسون أمام طاولة أحضرها لهم أحد العاملين موضوع عليها بعض الاطعمة التي أحضرتها لهم العاملة المصاحبة لرسمية التي أتت مهرولة منذ أن شق الصباح نوره لتطمإن على غاليها.

تحدث يزن إلى كلاهما متناسي خلافه مع قاسم: تعالي يا قاسم إنت وصفا لجل ما تفطروا، نظر له قاسم وتحدث بنبرة هادئة: بالهنا والشفا على جلبكم
وتحرك بجانب صفا متجهين داخل غرفة العناية، إرتدا كلاهما الثياب المعقمة ودلفا للداخل، وجدا رسمية وعثمان و ورد ملتفون حول زيدان الذي مازال غائب عن الوعي، ويقف بجانبه ياسر يتفحصه.

هرولت صفا وتحدثت بأسف وأسي إلى والدتها: حجك عليا يا أم صفا، سيبتك لحالك ونمت من كتر التعب محسيتش بحالي
أومأت لها بتفهم فتحركت صفا إلى والدها وبدأت بفحصه والحديث مع ياسر بشأن الحاله
وجه قاسم سؤالا إلى ياسر بوجه مقتضب: هو ليه عمي مفاجش من الغيبوبة لحد دلوك
أجابه ياسر بنبرة واثقة: دي مش غيبوبة حضرتك، دكتورة صفا حقناه بجرعة منوم علشان يتخطي أل. م ما بعد العملية اللي ماكنش هيقدر يتحمله.

تحدث عثمان متسائلا بقلب يتألم لأجل صغيره: ميتا ولدي عيفوج ويفتح عنيه؟
تحدثت صفا التي تتفحص والدها وتفتح عيناه لتنظر بداخلها بعدستها الطبية: عيفوج في خلال من خمس لعشر دجايج يا چدي
وأكملت بنبرة هادئة طمأنت بها الجميع: الحمدلله، مؤشرات وظائف الچسم الحيوية كلياتها تمام
إطمأن الجميع ثم حول عثمان بصره إلى قاسم وتحدث: مروحتش على المركز لجل ماتحضر التحجيج من أوله ليه يا قاسم؟

أجابه قاسم بجدية: المأمور كلمني بالليل وجال لي إن التحجيج هيبدأ الساعة تسعة، يعني لساته فاضل له ساعتين
أومأ له جده بتفهم
تحرك قاسم وإقترب من ورد التي مازالت على وضعها كما تركها، ممسكة بيد زوجها وكأنها تطمأنه وتذكره أنها هنا، بجانبه ولن تتحرك بدونه، تحدث إليها بهدوء وأحترام: جومي يا مرت عم إفردي ضهرك في أي أوضة برة، ولما عمي يفوج هاچي أصحيك.

هزت رأسها وأردفت قائلة برفض قاطع: معجومش من مكاني ولا هتحرك غير لما زيدان يفتح عنيه، ومهخرجش من إهنيه غير ورچلي على رچله
تنهدت رسمية وتحدثت إلى قاسم بإستسلام: ريح حالك يا ولدي، أني إهنيه بجا لي ياچي ساعة، ومن وجت ماچيت وأني عماله أتحايل عليها لجل متجوم حتى تحرك رچليها بره شوي، مرضياش كيف ما أنت شايف
وأكملت بتقدير ومفاخرة: طلعتي أصيلة يا بت الرچايبة.

تحدثت صفا إلى الجميع قائلة: من فضلك يا چدي، ياريت تطلع تجعد إنت وچدتي بره وخدوا وياكم المتر عشان ممنوع التجمع إهنيه، وأني لما أبويا يفوج هدخلكم عنديه
وأكملت حديثها إلى ياسر قائلة بنبرة عملية: وإنت يا دكتور، إتفضل حضرتك لچل ما تچهز طجم المستشفي لإستجبال الحالات، وأني هجعد إهنيه أتابع الحالة.

أومأ لها بموافقة، وحزن داخل قاسم من معاملتها الجافة له أمام الجميع، كاد الجميع أن يتحركوا إلى الخارج حسب تعليمات صفا، لولا ورد التي كانت تحتضن يد زوجها وتتمسك بها وكأنها تطالبه بأن يتمسك بالحياة لأجلها، صاحت و إنتفض جسدها بالكامل حين شعرت بأصابع يد حبيبها وهي تتحرك بين راحة يدها، هتفت قائلة بنبرة حماسية: أبوك عيحرك يده يا صفا.

وقف الجميع بإنتباه وترقب بقلوب مرتجفة داعية المولي بإفاقة غاليهم، أمسكت صفا جفن عين غاليها وبدأت بفتحه، إستجاب زيدان وبدأ بتحريك أهدابه محاولا فتحها، وبالأخير إستطاع فتح عيناه، كان يتطلع أمامه وكأنه داخل حلم، يستمع لصدي أصوات مهلله وتنادي بإسمه، لكنه لم يستطع تمييزها،.

بدأ بالإستيعاب شئ فشئ، نظر على وجه صفا التي تقف وتميل عليه وتناديه لتسحبه من داخل تلك الدوامه وتخرجه إليهم لعالمهم من جديد قائلة بنبرة جادة: أبوي، فتح عنيك يا حبيبي، إنت سامعني، لو سامعني حرك عنيك.

حرك أهدابه ليطمأن رعبها التي وبرغم وقوفها صامدة إلا أنه رأه داخل مقلتيها الصافيتان، حرك عيناه ببطئ يبحث متلهف عن صوت معشوقته الذي يستمع إليه كصدي داخل حلم، وقعت عيناه على تلك العاشقة الواقفه وممسكة بيداه بشدة وكأنها تخشي إضاعته والتي تتحدث بنبرة سعيده وعيون تدمع فرح: حمدالله على سلامتك يا تاچ راسي، الشمش طلعت ونورت برچوعك يا غالي.

إنتعش قلبه لرؤياها التي تسر قلبه وهمس بصوت ضعيف متقطع: ماتبكيش يا حبيبتي، أني بخير
أسرع عليه عثمان الذي شعر بعودة الروح لجسده الهزيل والذي شعر بإفتقادها مع فقدان ولده لوعييه
ورسمية التي هتفت وهي تبكي وتميل على وجنة ولدها لتقبلها بإشتياق وكأنه غائب عنها منذ زمان: حمدالله على سلامتك يا جلب أمك.

إبتسم لوالديه وطمأنهما بعيناه، ونظر إلى قاسم الواقف يترقب عودته بعيون لامعة سعيدة وأومأ له بإمتنان، قابله قاسم بإبتسامة وتمني له السلامة،
فتحدثت صفا إلى الجميع بنبرة صارمة: كله بره يا چماعة لو سمحتم، وأكملت إلى ياسر وطلبت منه جهاز معين لفحص جميع وظائف والدها الحيوية لتطمأن عليه
- -
في القاهرة الكبري
وبالتحديد داخل إحدي المجمعات السكنية الراقية والتي يقطنها ذوي الأموال الطائلة.

كان يجلس فوق مقعده المخصص له على تلك الطاولة الكبيرة المخصصة لتناول الطعام، يتناول وجبة إفطاره لحاله وهو يرتدي حلته السوداء، مرتديا نظارته الطبية التي جعلت منه وقورا يليق بمنصب مدير مشفي إستثماري كبير كالذي أسسها له والده الدكتور الشهير
تحركت إليه إلهام والدة زوجته وتحدثت وهي تسحب مقعدها لتقابله الجلوس: صباح الخير يا وائل.

أجابها بملامح وجه مقتضبة ذاك الذي لم يعد يطيق الجلوس بالمنزل الذي إشتراه ليسكن به بعد زواجه من ريماس ووالدتها التي تسكن معهما: صباح النور
إبتلعت لعابها من هيأته الغاضبة وتحدثت إليه بنبرة باردة وهي تمد يدها وتلتقط إحدي الشطائر: مالك يا وائل، فيه حاجه في الشغل مضايقاك؟
نظر لها وتحدث بنبرة حادة: اللي مضايقني هنا في البيت حضرتك، مش في الشغل.

وأكمل بنبرة معترضة: تقدري تقولي لي أنا بفطر وأتغدي لوحدي كل يوم ليه؟

إرتبكت بجلستها فاكمل هو متهكم: أقولك أنا ليه، علشان الهانم اللي أنا متجوزها علشان تريحني وتشاركني حياتي مش فضيالي، الهانم بتنام لحد الظهر لأنها سهرانة مع أصحابها في الديسكوهات طول الليل وراجعة خلصانة، وبعدها تصحي وبدل ما تستني جوزها اللي راجع هلكان من المستشفي وتجهز له الغدا وتقعد معاه كأي زوجة طبيعية، بتروح النادي علشان تقابل شوية التافهين أصحابها ويبدأوا يومهم اللي مبيعملوش فيه أي حاجة مفيده لا ليهم ولا لغيرهم.

تحدثت إليه إلهام بنبرة مهدأه: معلش يا وائل إصبر عليها شوية لحد ما تتعود، إنتوا لسه متجوزين من أربع شهور بس وهي لسه ما أخدتش على جو المسؤلية، وبعدين ريماس لسه صغيرة وطايشة وعاوزة تتمتع بحياتها
وقف وائل غاضب وتحدث بنبرة تهديدية: صغيرة، طايشه أنا مليش دعوة بكل الكلام ده، أنا صبرت عليها كتير وأتكلمت معاها في إنها تراعيني وهي لحد الوقت مطنشه كلامي، ياريت تتكلمي معاها وتعقليها لأن صبري عليها قرب يخلص،.

وتحرك إلى الخارج بدون حتى توديعها
قورت إلهام يدها ودقت بها فوق الطاولة وتحدثت بضيق وهي تلعن إبنتها بنبرة طامعة: غبية يا ريماس، هتضيعي من إدينا مغارة على بابا اللي ما صدقنا إنها فتحت.

خرج وائل وأستقل سيارته وقادها بغض. ب، أخرج هاتفه وأخذ نفس عميق لضبط النفس ثم ضغط على نقش إسم أمل برقمها الجديد الذي تحصل عليه من خلال إحدي صديقاتها التي تعمل لديه بالمشفي، بعدما أقنعها أنه يريد التفاوض معها بشأن العودة مرة اخري إلى المشفي، حيث أنها قامت بتغيير رقمها كي تبدأ حياة جديدة بإناس جدد، وإلقائها بالماضي وإناسه خلف ظهرها.

كانت تقف داخل غرفة الكشف الخاصة بها، تقوم بتنظيفها بجانب عاملة النظافة كي تجعلاها جاهزة لإستقبال مريضاتها اللواتي أصبحن يأتين إليها للمشاورة حتى بأمورهن الشخصية وذلك لجمال روح أمل وتفهمها لهن ولأوضاعهن المختلفة، وإعطائهن النصائح التي تساعدهن في إدارة حياتهن بشكل أفضل.

صدح صوت هاتفها الموضوع داخل جيب معطفها الأبيض الخاص بالاطباء (بالطو) أمسكت هاتفها ونظرت بشاشته، زفرت بضيق حين ظهر لها نقش إسمه من جديد على تطبيق التريكولور، ضغطت زر رفض المكالمة ووضعته من جديد لداخل جيبها وتابعت التنظيف بجوار العاملة كي تنهيا سريع.

زفر وائل بضيق، ثم قام بتسجيل رسالة صوتية قائلا بمحتواها بنبرة صوت يبدو عليها الندم الشديد: أرجوك يا أمل تردي عليا، أني عارف يا حبيبي إني غلطت في حقك وظلمتك وظلمت نفسي، بس عاوزك تتأكدي إني ندمت ندم يكفيني عمري اللي جاي وحقيقي عرفت قيمتك، أخذ نفس وتحدث بصدق: أمل أنا إكتشفت إني عمري ما حبيت ولا أتمنيت في حياتي غيرك، هي كانت ن. زوة وأنا للأسف إتشديت وإنبهرت بحاجة كانت جديدة عليا، أنا هطلق ريماس لأنها كانت السبب في بعدك عني، هي اللي خطفت. ني منك يا أمل، ده غير إني إكتشفت إنها إنسانة أنان. ية وكل همها في الحياة نفسها وراحتها هي وبس.

وأكمل في رسالة اخري: أنا عارف يا حبيبي إنك زعلانه مني كتير، بس أنا هعرف أراضيكي يا أمل، خليني أشوفك ونتكلم ونتصافي وشوفي أنا هعمل إيه علشانك
وأكمل بنبرة حنون: بحبك يا أمل ومستني تكلميني بعد ما تسمعي رسالتي، وأكمل مؤكدا: هستناكي ومش هيأس.

إنتهي من تسجيل الرسائل وزفر بضيق وتابع القيادة وهو يلعن غباؤه على التفريط في جوهرة ثمينة مثل أمل واللهث خلف تلك الفارغة المسماه بريماس والذي إكتشف أن بريقها كاذب حين إقترب منها وأكتشف صدق مقولة، ليس كل ما يلمع ذهب خالص.

أما أمل التي خرجت من غرفتها بعدما إستمعت لصوت وصول الرسائل وتجاهلتها، كانت تتحرك داخل الرواق بثقة في طريقها إلى غرفة العناية المشددة كي تطمأن على حالة زيدان قبل أن تنغمس داخل دوامة عملها،
وجدت شباب منزل النعمانية يلتفون حول تلك المائدة يتناولون طعامهم، فتحدث يزن الذي طار قلبه حين رأها تقدم عليهم: تعالي إفطري ويانا يا دكتورة
إبتسمت له بخفوت وتحدثت بنبرة جادة: متشكرة يا باشمهندس، بالهنا والشفا.

أراد أن يداعبها فتحدث بإصرار: طب عليا الطلاج من ليلي لتاچي تفطري معانا
إستطاع أن يرسم البسمه على وجهها بفضل مداعباته لها والتي تفهم مغزاها جيدا
رمقه فارس بنظرة حادة وزجره قائلا: وإيه اللي چاب سيرة ليلي ودخلها في الفطار يا يزن؟
أجابه بمراوغة ونبرة ساخرة: ده بس لجل متعرف غلاوة أختك عندي كد إيه يا حبيبي.

هتف حسن قائلا بدعابه: يزن بيجول إكده عشان متوكد إن الدكتورة معترضاش تاكل ويانا، ويبجا بإكده ضرب عصفورين بحجر واحد، منه خلص من ليلي ومنه ياكل وكل الدكتورة
قهقه يزن وفارس وإبتسمت أمل لروح الأخوة والمحبه السائدة بين أفراد تلك العائلة المترابطة
وتحدث يزن إليها بنبرة هادئة متحكم في مشاعرة لأقصي درجة: تعالي كلي ويانا يا دكتور.

إنتفض قلبها من نبرته الحنون ونظرته التي تشملها بالرعاية برغم مجاهدته بألا يظهر عليه أية مشاعر لحين إنتظار الوقت المناسب الذي سيفاتح به جده اولا بنقطة إنفصاله عن ليلي وايضا زواجه من تلك الجميلة ساحرة قلبه
تحدث فارس بمداعبه كي يستدعي مرحها ويجعلها تجلس وتتناول الطعام معهم: إجعدي كلي يا دكتورة بدل ما يزن ياخدها حجه ويطلج فيها ليلي.

وأكمل مازح: هي صحيح تستاهل بلسانها اللي عايز جطعه، بس مهما كان بردك دي أختي ومرضلهاش الأذية
شعرت بالخزي من حديث فارس عن شقيقته، فأمسكت إحدي اللقيمات ووضعتها بفمها على إستحياء وتحدثت بنبرة حزينة شقت بها قلب حبيبها: وأنا مايرضنيش الاذي لأختك يا أستاذ فارس
إرتعب داخل يزن من كلماتها خشية من أن تتتراجع جراء كلمات فارس لها، تحدثت متسائلة بإهتمام: مفيش أخبار عن زيدان بيه؟

أجابها يزن سريع: فاج الحمدلله وصفا جالت إن حالته بجت مستجرة، وكلها كام ساعة وهتنجله على غرفة عادية بس لما تطمن عليه
أومأت له وأردفت بإستأذان بنبرة هادئة: حمدالله على سلامته، هروح أطمن عليه قبل ما أبدأ شغلي
تحركت أمل بطريقها وتحدث فارس وهو يقتضم إحدي وحدات البيض: سبحان الله، صدج المثل اللي عيجول عرفت فلان؟ جال اه، جاله عاشرته؟ جاله لا، جال يبجا متعرفوش.

وأكمل شارح حديثه: أهي أمل دي أكبر دليل على صحة المثل دي، أول ما شوفتها إهنيه يا بووووي، الله الوكيل ماكت بطيجها، دمها كان تجيل و واجف على جلبي، بس من ساعة وجفتها ويا صفا لما تعبت وكمان وجفتها معانا إمبارح وخوفها اللي ظاهر في عنيها غلااها عندي جوي، وبين لي إنها بنت أصول ومعدنها طيب
وضع يده على مقدمة رأسه وتحدث بتفكر: بس باين عليها وراها حكاية واعرة جوي، أموت وأعرفها.

تنهد يزن بأسي ووقف وهو ينفض يداه ببعضهما قائلا: أني هروح المركز ويا قاسم لجل ما أتابع التحجيج مع ولد المركوب وإنتوا خليكم چار چدكم وعمكم
أومأ له وخرج قاسم وتحرك معه يزن متجهين إلى المركز بعدما رفضت صفا الذهاب معه إلى المنزل وترك والدها ولو لمجرد دقائق
- -.

عودة لداخل فيلا ريماس، بعد خروج وائل مباشرة، إنتفضت إلهام من جلستها وبوادر الغضب تكسو ملامحها وتحركت إلى الطابق العلوي حيث جناح صغيرتها التي تغفوا داخله
إقتح. مت باب الغرفة وذهبت سريع إلى الستائر السوداء وقامت بفتحها بطريقة عنيف. ة جعلت تلك الغافية تفيق من ثباتها وتجلس سريع وهي تتطلع حولها بإرتياب، زفرت بضيق وهتفت إلى والدتها بصياح غاضب: فيه إيه يا مامي، حد يدخل يصحي حد بالطريقة المرعبة دي؟

إقتربت عليها إلهام وتحدثت بنبرة غاضبة: قومي يا هانم وإتعدلي كده وفوقي لي، وائل شكله كده ناوي لك على حاجة
قطبت جبينها وتسائلت بطريقة ساخرة: وحاجة إيه دي بقا اللي ناوي لي عليها الدكتور؟
ردت عليها إلهام بتعن. يف: بدل ما أنت قاعده تتريقي على كلامي، فوقي لنفسك وخلي بالك من جوزك بدل ما تضيعية منك بإستهتارك.

تأففت وهي ترفع وجهها لأعلي بتمرد: أوف بقا يا مامي، إرحميني بقا إنت وهو من كلامكم ده، إنتوا عاوزين مني إيه بالظبط، عاوزني أدفن شبابي وأفنيه وأنا قاعده في البيت زي أمينه أستني سي السيد لحد ما ييجي من برة وأغسل له رجليه بالمايه والملح؟
ماتسبوني أعيش حياتي بالطريقة اللي تريحني.

واكملت بصياح وجنون: دي حياتي أنا وهعيشها بالطريقة اللي أنا رسماها لنفسي، ومش هسمح لأي حد يقرر لي ويخطط لي أعمل إيه فيها أو أعيشها إزاي
تنهدت إلهام بيأس من تلك المتمردة التي ستفقدهما حياة الترف والبزخ اللتان دخلتا إلى عالمهما عن جديد.

تحدثت إليها بتعقل: ماحدش طلب منك إنك ما تعشيش حياتك، بالعكس، عيشي وأتمتعي بالعز بس بالعقل، نظمي وقتك وأدي لجوزك جزء منه ودلعية وإهتمي بيه، بدل ما يسيبك ويروح لغيرك وترجعي تندمي
وأكملت بإرتياب: ونفقد مكانتنا الإجتماعية اللي إكتسبناها هنا في سكنا في الكومبوند وسط الناس الراقية، ونرجع تاني لعيشتنا في وسط زحمة القاهرة وقرفها.

نظرت لها ريماس وألقت رأسها فوق وسادتها وتحدثت بلا مبالاة: أخرجي وإقفلي الستارة وخليني أنام يا ماما، وأنا أوعدك لما أفوق هبقي أسمعك
تنهدت إلهام بأسي وعادت إغلاق الستائر من جديد وخرجت تاركة خلفها تلك الفارغة من داخلها التي لا تعي لخطورة الموقف.

- -
داخل حجرة نوم قدري وفايقة، فاقت من نومها وجدت ذاك الواقف بجانبها ينتظر صحوها، نظرت إليه بإستغراب
وتحدثت وهي تفرق عيناها بتعب وإرهاق: مالك يا قدري، واجف ليه إكده
وأكملت بإرتياب ورعب ظهر بعيناها: ليكون زيدان چرا له حاچة؟
مال بجزعه عليها وسألها بفحيح وعينان تطلقان شزرا: ومالك مرعوبه جوي إكده عليه؟

إبتلعت لعابها وتحدثت بتلبك: حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري، إنت معايزنيش إتخلع على إبن عمتي وأخو چوزي؟
أجابها بفحيح وهو يقترب من وجهها: أخو چوزك!
من ميتا الحنيه دي يا فايقة، الله الوكيل لو كت أني اللي إنطخيت ماكنتي عتتخلعي عليا إكده
وبدون سابق إنذار أمسك خصلات شعرها وقبض عليها بعنف وسألها من بين أسنانه بنبرة مستشاطة: إيه اللي كان بينك وببن زيدان يا واكله ناسك؟

إنتفض جسدها وارتعبت وتحدثت متلعثمه وهي تقف في محاولة بائسة منها للفكاك من بين قبضته: كنك إتچنيت يا قدري، حديت إيه الماسخ اللي عتجوله دي؟
فاجأها بصفعة قويه أدمت شفتها السفلي أثرها وتحدث بعيون متسعة من شدة غضبها: إيه اللي خلاكي وجعتي من طولك لما سمعتي خبر زيدان يا مره يا فاچ. رة
هتفت بنبرة مرتعبه وهي تحاول إمساك يده لتبعدها عن وجنتها خشية تلقيها بصفعة اخري: معايزنيش أزعل على ولد عمتي إياك!

ناولها صفعتها الثانية التي وقعت على الأرض أثرها وتحدث وهو يدنو من مكانها ويقبض على خصلاتها من جديد ويجذها ليجبرها على الجلوس وتحدث إليها: فاكراني مختوم على جفايا لچل ما أصدج حديتك الخيبان اللي معيفوتش على عجل عيل إصغير دي؟
وأكمل بإقتضاب وهو يقبض على فكها ويهزها بعنف: من ميتا وإنت عتخافي على حد ولا عتعملي حساب لحد غير فايقة يا واكله ناسك.

هتفت بكذب ومراوغة وكأنها وجدت السبيل إلى النجاة: صح كنت خايفة ومرعوبة كمان، بس خوفي مكانش لجل خاطر عيونه، أني خفت عليك وعلى عيالي من أخد التار وال. دم اللي عيسيل لو كان زيدان چرا له حاچة
وأكملت بتمثيل بارع ودموع التماسيح: خفت على قاسم وفارس ليغرجوا في بحور ال. دم اللي أبوك كان عيشجها ويغرج الكل فيها لو ولده الغالي اللي عيفضله عليك وعلى منتصر چرا له حاچة.

نظر لها بتشكيك لحديثها وتحدث بقهرة رجل ذبحت كرامته على يد زوجته بل ومتيمة روحه: ريحيني يا بت سنيه وجولي لي إيه اللي كان بينك وبين أخوي زمان؟
وأكمل بقلب يتمزق وعيون مشتعلة بنار الغيرة وهو يقبض على خصلاتها تكاد أن تخلع من جذورها من شدتها: كتي عشجاه؟
إنطجي يا مره وريحيني، جلبي جايد ناااار.

إستغلت إشتعال صدره وتحدثت بعيون عاشقه ونبرة حنون أجادت إصطناعهما بمنتهي الحرفية: معشجتش غيرك يا قدري، نمت في حضنك وخلفت منيك عيالي، جبت لك راچلين يسدو عين الشمش بتتباهي بيهم وسط النچع كلياته
وأكملت بضعف ودموع كاذبة: وف اللاخر چاي تتهمني في شرفي وتجولي إني كت عاشجه أخوك؟
وأكملت بنعومة كحية رقطاء وتحدثت بإستعطاف وضعف كي تستجدي تعاطفه وعشقه اللعين لها: مكانش العشم يا چوزي، يا حبيبي، يا أبو رچالتي.

لانت أعضاء جس. ده وارتخت قبضت يده، أغمض عيناه بإرهاق ثم تركها ووقف منت. صب الظهر وتحدث بنبرة صارمة وهو ينظر عليها بغضب: الله الوكيل لو عدتي عملتك السودة دي تاني، ولا طلع فيه حاچة أني معرفهاش، لأكون متچوز عليك وجاهرك وچايب لك ضره إهنيه تذلك وتجلل من جيمتك جدام الكل.

مازالت مستنده بكفيها على الأرض، رفعت وجهها الملطخ بفضل سواد الكحل العربي الذي ساح من أثر دموعها الكاذبة ولطخ وجنتيها، ونظرت إليه بمقلتان مشت. علتان وتفوهت بنبرة حق. ود: إعملها لو تجدر يا قدري، وأني كنت أجت. لك وأجت. لها
نظر لها بإشتعال فأكملت هي بثقة لعشق ذلك الأبله لها: أني خابرة زين إن عشجي عيچري چوة دمك كيف المايه معتچري في الترعة.

رمقها بنظرة غاضبة وتحدث بفحيح: رچلك متخطيش بره الشجه دي، وإلا إنت خابرة اللي هعمله فيكي زين
وخرج من الغرفة والمسكن بأكملة كالإعصار، تطلعت هي عليه بتوعد ورد الصاع صاعان ولكن بطريقتها، طريقة المنع والتمنع كعقابها له والتي تتبعها معه منذ زواجهما وللان.

بعد مرور ثلاثة أيام
ليلا
داخل غرفة عادية بالمشفي كان يقطن زيدان الذي تحسنت حالته بفضل الله ثم إهتمام ورعاية صفا الزائدة له وأيضا بفضل إلتفاف عائلته وغمره من قبل الجميع بالعناية والإهتمام، حتى قدري الذي كان يغمره بالإهتمام والحب الاخوي الصادق برغم كل ما حدث لعلمه الشديد حبه لورد.

كان يتمدد فوق التخت وتجاوره عاشقة روحه التي لم تغادر المشفي إلا الان رغم توسلات الجميع إليها حتى زيدان بذاته، وبعدما يأس الجميع جلبت لها صفا ثياب نظيفة من المنزل واخذت حمام دافئ هنا وبدلت ثيابها وضلت بجوار حبيبها التي أقسمت ألا تترك المشفي وتعود إلى منزلها إلا وساقاه تسبقها بخطوة.

كانت تجاوره الجلوس واضعة فوق ساقيها صحن به فاكهه متنوعه، ممسكه بيدها قطعة من ثمار التفاح وتقربها من فم متيم عيناها، إقتضم نصفها واقتضمت هي النصف الاخر وهي ترمقه بنظرة حنون، إبتسم لها بعيون عاشقة، أمسكت قطعة اخري وكادت أن تقربها منه فأشار بيده رافض بنبرة ضعيفة: بكفياك يا ورد
قالت بإصرار وهي تقربها من فمه: عشان خاطري يا زيدان تاكل الحتة دي
أبعد يدها بهدوء قائلا: مجادرش يا حبيبتي، شبعت خلاص.

طب لچل ورد: جملة قالتها وهي تنظر لعيناه بترجي
فتح فمه وتحدث وهو يقتضمها: أني لچل عيون ورد الحلوة، أعمل أي حاچة
إبتسمت له وتحدثت بعيون هائمة في سماء عشقة: ربنا يبارك لي فيك يا حبيبي ويديمك في جلب ورد
أردف بنبرة صوت عاشقة تظهر كم عشقه الهائل لتلك الحنون: عحبك يا زينة الصبايا
ضحكت له بدلال انثوي فأردف هو بجنون عاشق: يا بووووي على ضحكتك اللي عتشفي العليل يا ورد.

أخرجهما من حالة الهيام إستماعهما لطرقات خفيفة فوق الباب، دلفت صفا بعد إستماع صوت والدتها بالسماح لها
تحركت إلى والدها وقبلت جبهته وسألته بإهتمام: كيفك دلوك يا حبيبي
إبتسم لصغيرته وتحدث بوجه بشوش وافتخار: اني بخير طول ما بتي الدكتورة عتراعيني
إبتسمت بسعاده فأردف هو بتملل: عتروحيني ميتا يا بتي، زهجت من المستشفي ونفسي أعاود لبيتي لچل ما أرتاح فيه.

أجابته وهي تفرغ تلك الحقنة داخل الكانيولا الموضوعة بيد غاليها: يومين كمان بالكتير وهكتب لك على خروچ يا حبيبي،
وأكملت بدلال لتهون عليه: زهجت مني إياك؟
إبتسم لها واستمعوا لطرقات من جديد، دلف قاسم حاملا معه عدة أكياس وتحدث بإبتسامته مشرقة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الجميع السلام، وابتلعت تلك العاشقة لعابها من طلة ذاك الأسر لقلبها، فبرغم كل ما حدث إلا أن لقلبها الملعون رأي أخر.

لكنها وبرغم ذلك لم ولن تستسلم لمحاولاته إلا بعد تنفيذه لشرطها، إكفهرت ملامحها وتحرك هو إلى المنضدة الموضوعة بمنتصف الغرفة ووضع الاكياس قائلا: يلا يا مرت عمي هاتي صفا وتعالوا ناكلوا لجمه سوا
وأكمل: أني چايب لكم معاي من المركز مشويات إنما إيه، ريحتها بس تفتح النفس على الوكل
أردفت ورد بنبرة حنون: ملوش لزوم تتعب حالك وتكلف نفسك كل يوم يا ولدي، ما أنت عارف إن چدتك بتبعت الوكل مع حريم السرايا.

أكمل على حديثها زيدان الذي لان كثيرا من ناحية قاسم لكنه لم ينسي ما حدث لإبنته على يده: بكفياك جاعدة في سوهاچ لحد إكده وإرچع لشغلك يا ولدي، من يوم اللي حصل وإنت فايت شغلك وحالك وجاعد چاري
نظر له وتحدث بنبرة صادقة: فداك الشغل والدنيي كلياتها يا يا عمي، إن شاء الله لما تخرچ بالسلامة وتروح على دارك هبجا أسافر.

وأكمل شارح: أديني جاعد بتابع التحجيجات ويا مدير الامن، وبرچع أبات وياك إنت ومرت عمي وصفا، وفي نفس الوجت بتابع شغلي بالتلفون، يعني مافيش حاچة متعطله بإذن الله
كانت تستمع إلى حديث والديها معه بوجه كاشر وملامح مقتضبة.

فتح إحدي الأكياس وأمسك زجاجة عصير طارجة جلبها من إحدي المحال الشهيرة في المركز، وتحرك بها إلى عمه وتحدث وهو يفرغ له بعض منها داخل كأس زجاجيه: إتفضل يا عمي، دي عصير برتجال على بنجر ومحلي بعسل أبيض، خليت الراچل عصره لك مخصوص لجل ما يجويك ويعوضك عن الدم اللي فجدته
إبتسم له وتحدث بإمتنان: مش بكفايه دمك اللي عيچري في شراييني يا ولدي، كمان چايب لي عصير.

أجابه بنبرة صادقة فهو دائما ما كان يري في زيدان الاب الحنون والناصح الامين له: أني أفديك بروحي يا عمي، الحمدلله إنك جومت لنا بالسلامة
جلس هو و ورد يتناولا طعامهما بعدما إمتنعت صفا وأصرت عدم تناولها لأي شئ يجلبه هو، وهذا ما جعله يتناول بعض اللقيمات البسيطة بدون شهية.

خرجت صفا متجه إلى مكتب أمل لتجاورها الجلوس بعيدا عن ذلك الذي تصيبها رؤيته بالغضب والضيق، تحمحم بعدما إنتهي من تناول طعامه وخرج ليبحث عنها
تحدثت ورد إلى زيدان بنبرة حزينة: عتعمل إيه مع قاسم بعد كل اللي عمله معاك يا زيدان؟
وأكملت بتساؤل مهموم: عترچع له البت بعد اللي عمله فيها؟
تنهد بقلب محملا بالهموم وتحدث: اللي عيزاه بتي هو اللي عيكون يا ورد، أني مع بتي في أي جرار تاخده.

تنهدت ورد بأسي لعلمها برأس إبنتها اليابس فهي حقا بين نارين.

أما بالخارج، دلف لغرفة أمل بعدما علم بوجود متيمة روحه بالداخل وقد إستغل الفرصة وتحدث إلى أمل بنبرة جادة لعلمه عدم رفض صفا لطلبه أمام أمل، ويرجع ذلك لعزة نفسها وأحترامها لذاتها أمام الجميع
قاسم بنبرة جاده: بعد إذنك يا دكتورة، عاوزك تعملي سونار دلوك لصفا لجل ما نطمن على الچنين، إنت واعيه بنفسك لليومين اللي فاتوا والضغط اللي صفا إتعرضت له، فكنت حابب أطمن عليها وعلى اللي في بطنها.

كادت أن تعترض لكن سبقتها أمل واقنعتها بصحة حديث قاسم
بعد دقائق، كانت تتسطح فوق الشيزلونج الخاص بالكشف، وقف هو بجانبها ونظر بترقب على شاشة الجهاز الذي بدأ ببث صورة جنينه، شعر بهزة عنيفة إقتحمت قلبه حينما إستمع إلى صوت نبضات قلب صغيره، تعالت صوت نبضاته واختلتطت بنبضات جنينه التي يستمع إليها وكأنها أعظم سيمفونية إستمع لها
إبتسمت أمل وهي تزف لهما الخبر السعيد قائله بإبتسامة: مبروك، نوع الجنين ظهر.

نظر لها مترقب فتحدثت أمل: ناوي تسمية إيه يا متر؟
إنتفض داخله وسألها متلهف: هو ولد؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وتحدثت بتأكيد: ولد إن شاء الله
لا يدري لما شعر بالفخر والإعتزاز برجولته، فهكذا هو حال كل الرجال بوطننا العربي، دائما يشعرون بالفخر عندما يرزقون بالذكور، ومهما أعلنوا عكس ذلك فيبقي الشعور الداخلي والتمني دائما للذكر.

نظر لحبيبتة وأمسك كف يدها وضغط عليه بقوة ممزوجة بحنان ولهفه وحب، نظرت له ولا تدري لما شعرت بسعادة الدنيا تتغللها عندما رأت لهفة سعادته داخل عيناه، ضل ينظر كلاهما للأخر بعيون عاشقة هائمة في بحور الهوي والسعادة غير عابئين بوجود تلك الأمل
فهل سترضخ صفا لقلبها وتقبل العودة من جديد لأحضان قاسم وعفي الله عما سلف؟
أم أنها غفوة وستصحو منها إبنة زيدان الأبية لتعود إلى قوتها وكبريائها من جديد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة