قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس

وما أن إنتهي قاسم من سرد التفاصيل حتى نظر إليها يترقب ردة فعلها على ما قام بقصه على مسامعها منذ القليل
أما إيناس فظلت تستمع إلية بملامح وجه مبهمة
ثم تحدثت بتعقل ومنتهي هدوء: طبعا التصرف الوحيد اللي المفروض إني أعملة حاليا هو إني أقويك وأقول لك متوافقش على قرار جدك مهما حصل
واسترسلت حديثها بتعقل وهدوء إستغربه قاسم: لكن أنا عمري ما هعمل كدة يا قاسم لسبب واحد.

وأكملت بنظرات هائمة مصطنعة: لأني بجد بحبك وأهم حاجة عندي هي مصلحتك حتى لو كانت على حساب جرح مشاعري
أخذت نفس عميق وشبكت كفي يداها وقامت بوضعيهما أمامها فوق المنضدة ثم أردفت قائله بنبرة جادة عملية: خلينا نتريس ونتكلم بالعقل يا قاسم، أنا من خلال حكمي على شخصية جدك اللي كونته بناء على كلامك اللي إنت حكته لي عنه قبل كده، أقدر أؤكد لك إنه مينفعش حد يقف قدام قراراته ويعترض على كلامة،.

وأردفت بأسي: و للأسف، من الواضح كدة إنه أصدر قرارة بخصوصك وإنتهي الأمر
وأكملت بنبرة تهديدية: لازم تعرف يا قاسم إنك لو عارضت جدك إنت الوحيد اللي هتخسر،
وأكملت بدهاء وحكمة: جدك شخص ذكي وعنيد لأبعد الحدود، علشان كده لازم له تخطيط صح علشان تتقي شرة وغضبة،
وعلشان كدة لازم تلاعبه بذكاء وتحبك له قصه معقدة تقدر من خلالها تقنعة برفضك للجوازة دي وبكل بساطة،.

ورفعت سبابتها في الهواء وأكملت: وإلا مصيرك هيكون زي مصير عمك زيدان اللي إنت بنفسك حكيت لي عنه، وقلت لي عقابة كان قد إية قاسي لمجرد بس إنه مسمعش كلامة وإتجوز على مراتة، وساعتها إنت كمان هتخسر كل حاجه زية بالظبط
كان ينظر لها بتيهه مشتت العقل والكيان، صدقا معها كل الحق.

فأكملت هي بذكاء لإرعابه والضغط على عزيمتة: عمك زيدان الحظ كان حليفه، وتجارته اللي بدأها من تحت الصفر كبرت بسرعة البرق، لكن إحنا يا حبيبي مش مستعدين نجازف بمستقبلنا اللي عملناه ونخسر حقك وحق أولادنا اللي هييجوا بالسهوله دي
ضيق ببن عيناها وتساءل عن ما تقصد بحديثها ذاك: أنا مش فاهم إنت تقصدي إية بالظبط بكلامك ده يا إيناس؟
إنت عوزاني أتجوز صفا؟

فأجابته بذكاء وخبث: عوزاك لما جدك يسألك عن موضوع دخول بنت عمك كلية الطب تقول له إنك موافق ومعندكش أي مانع، وأتحجج بتأجيل الجواز لبعد البنت ما تخلص كليتها،
وأكملت وهي تشيح بيدها بلامبالاة: قول له إنك خايف على مصلحتها وخايف كمان من إنها متعرفش تركز في دراستها بسبب الجواز، وده طبعا بسبب إن دراسة الطب صعبة جدا ومحتاجة تركيز عالي، وإستحالة ده هيتحقق بعد الجواز.

وأكملت بدهاء محكم: و وقت الجواز اللي هو بعد ماتكون خلصت جامعتها، هييجي يطلب منك إنك تحدد ميعاد الفرح علشان تتمم جوازك منها
وأبتسمت ساخرة وأردفت بغرور: وساعتها بقا هترمي له القنبلة الكبيرة اللي هتزلزل عرشة وتخلية واقف قدامك وهو متكتف،.

وأكملت وهي ترفع قامتها لأعلي وتمثل التأثر: هتقف قدامة وتفاجأه وتقول له بكل تأثر وعيون حزينة، أنا حقيقي أسف يا جدي، كان نفسي أنفذ لك أوامرك، بس أنا لما راجعت نفسي كويس لقيت إني مش قابل على رجولتي ولا كرامتي إني أتجوز واحده تعليمها وتصنيفها المجتمعي أعلي مني
وأكملت بتأكيد: وأكيد وقتها هيقتنع بكلامك ويشوفه مظبوط جدا، وبكدة تكون خلصت نفسك من التدبيسة السودة دي وطلعت منها بدون أي خسائر.

كان يستمع لها بذهول واشمئزاز، هز رأسه برفض تام وأجابها بإستنكار: أنا لايمكن طبعا أوافق على الكلام الفارغ ده، دي خطة دنيئة وأساسيتها بتعتمد على الغش والتلاعب، وأنا عمر ما كان ليا في الأساليب الرخيصه دي وإنت عارفه كده كويس
هتفت بنبرة تعقليه: مش أحسن ما يحرمك من ورثك ويسحب منك المكتب اللي عملهولك بفلوسه، وقتها يا متر مش هنعرف حتى نأجر شقه نتجوز فيها؟

وأردفت قائلة بنبرة صارمة: دي حرب من أجل البقاء يا قاسم والحرب خدعة، وجدك هو اللي إبتدي بحربه البارده وبالتهديد بسحب كل إمتيازاتك
أجابها رافض بقوة: متحاوليش تقنعيني بحاجة ضد مبادئي وعمرها ما هتحصل، أنا لو عملت اللي بتقولية ده هحتقر نفسي كل يوم ألف مرة،
وأكمل بملامح وجة مشمئزة: إزاي أغش بنت بريئة زي صفا وأدخلها في لعبة قذرة لمجرد إني أنول رضا جدي وأطلع من الموضوع بدون خسائر؟

وأردف متعجب بنبرة لائمة: للأسف يا إيناس، إنت فكرتي إزاي نتلاشي ونتجنب الخسارة المادية، لكن نسيتي تحسبي خسارتي المعنوية والأخلاقية
وأكمل بإشمئزاز من حاله: أنا لو فعلا عملت في بنت عمي كدة مش هقدر أحترم نفسي وأبص لإنعكاس شكلي تاني في المراية
إبتسمت بجانب فمها وأردفت قائله بنبرة ساخرة: إنت لية محسسني إن بنت عمك دي هتحبك وتتعلق بيك وياحرام هتتصدم وتتوجع وتتقهر لما سيادتك تقرر تسيبها؟

واكملت بإستهجان: دي مجرد بنت صغيرة يا قاسم، يا أبني دي واحدة جايبة مجموع طب، يعني من الاخر كدة موس مذاكرة
و أكملت بإستخفاف لمشاعر صفا: بمعني أدق دححة ومعندهاش وقت للمشاعر أصلا، ولسه كمان لما تدخل كلية الطب وتتسحل فيها، دي مش هيبقا عندها وقت تفتكر فيه حتى إسمك.

وأكملت بدهاء لإقناعه: ثم إنت لية بتبص على الموضوع من ناحية إنك بتأذيها، بص له من الناحية الإجابية، وهي إنك الشخص الوحيد اللي هتقدر تساعدها في تحقيق حلمها
ضيق عيناه مستغرب حديثها فأكملت هي مفسرة: تقدر تقولي لو إنت رفضت موضوع جوازك منها هيكون مصيرها إية؟

وأكملت بذكاء: خلينا أنا أقول لك اللي هيحصل، ببساطة كدة جدك هيجوزها لأخوك أو إبن عمك زي ما أنت بنفسك لسه قايل ده لبباك في مكالمتك معاه، يعني البنت حلمها هيضيع ويتدمر يا قاسم، وتحقيقة أصبح في إيدك إنت وبس
وأكملت بتأكيد لتنويم ضميره: يعني زي ما انت هتستفاد هي كمان هتستفاد وأكتر منك كمان.

ضلت تتحدث إلية وتبرر له شرعية مخطتها الأنانى الخالي من اية أخلاق وبدأ هو بإقتناعة بصحة حديثها رويدا رويدا، وبرغم عدم موافقته على تلك الخطة إلا أنه لم يري لها بديلا كي يخرجه من تلك الحفرة التي وضعه بها عتمان بتحكماته وتسلطته وتجبرة، وهذا إذا أراد الخروج من عباءة جده وتحكماته.

نفض رأسه من تلك الأفكار ثم تحدث بتساؤل جاد كي يجعلها تستفيق من غفوتها تلك: طب خليني فقدت عقلي وإتزاني و وافقتك على خطتك المجنونة دي، تعرفي ده معناه أية يا أستاذة؟
قطبت جبينها وانتظرت باقي حديثه فأكمل هو بنبرة معترضة: معناه إننا مش هنتجوز غير لما صفا تخلص كليتها واللي هي سبع سنين، إنت متخيلة يعني أيه هنقعد من غير جواز سبع سنين؟

وأكمل لينبهها: يا إيناس إنت عندك 23 سنه، يعني بعد سبع سنين هيكون عندك 3 سنه، إنت مدركة للجزئية دي؟
تنهدت وتحدثت بهدوء وهي تفكر بأمواله وأموال جده الطائلة التي ستظفر بها مؤخرا وتحيي بها حياة الأميرات بعد معاناتها التي عاشتها من قبل: للأسف يا حبيبي، مفيش في أدينا حل تاني، لازم نصبر ونتحمل علشان ننول رضا جدك علينا!

نظر لها مطولا متعجب لأمرها ثم هز رأسه بنفي وأردف قائلا بنبرة قوية رافضة: إنسي التخاريف اللي قولتيها دي كلها يا إيناس، أنا لا يمكن أعمل كده في عمي اللي طول عمرة بيعاملني على إني إبنة اللي مخلفهوش
وأكمل بقوة وإصرار ظهر بمقلتاه: أنا هروح لجدي وهواجهه بكل قوتي ويعمل اللي عاوز يعمله.

هتفت بنيرة غاضبة مستوحشة: وهتسيب له المكتب اللي ليك خمس سينين بتبني فيه يا قاسم، هتقف تتفرج على حلمك وشغلك وتعب السنين وجدك بيهده لك قدام عنيك؟
هنبدا مع بعض تاني من الصفر وهنبني روحنا بروحنا، جملة قالها قاسم ليطمأن روحها
صاحت به بغضب وكأنها تحولت إلى غول: وأنا مش موافقة يا قاسم، أنا مش مستعدة أجوع وأبدأ من الصفر تاني.

أمسكت كف يدة الموضوع فوق المنضدة واحتضنته برعاية وتحدثت وهي تتوسل لعيناه: صدقني يا قاسم إنت مش قد الجوع والعوزة، مش هتقدر تستحمل إسألني أنا،
وأكملت بغشاوة دموع صادقة تكونت داخل مقلتيها: مالك بالجوع والعوزة إنت يا ابن الذوات، إنت واحد مولود وفي بقه معلقه دهب.
تعرف إية إنت عن الجوع يا قاسم، عارف يعني إية يبقا نفسك في الحاجة ومتطولهاش، نفسك في أكلة حلوة ومتقدرش تاكلها لأن ببساطة ممعكش تمنها،.

وأكملت بدموع حقيقية وقلب يتمزق: أنا تعبت كتير أوي في حياتي مع أهلي يا قاسم، دوقت العوز والحوجة والجوع، ومصدقت إني خلصت من الشعور ده ونسيته من وقت ما أشتغلت وكبرت معاك
وشددت على يده بقوة وأردفت بتوسل ودموع تقطع أنياط القلب: أرجوك يا قاسم متخلنيش أعيش التجربة المرة وأدوق العذاب دة تاني، أرجوك.

كان ينظر لها بقلب مفطور لأجلها، تعاطف معها لأبعد الحدود وأردف قائلا وهو يحسها على التوقف عن نوبة البكاء المريرة التي دخلت بها: إهدي يا إيناس من فضلك وبطلي عياط،
ثم نظر حولة يتطلع إلى الاشخاص المحاطين به داخل المطعم وهم يترقبون وينظرون بأعينهم إلى تلك المنهارة
ثم أردف متعاطف: الناس بتبص علينا، من فضلك إهدي و أنا هعمل لك كل اللي إنت عوزاه.

إنتفض داخلها بسعادة وتساءلت بلهفة: بجد يا قاسم، يعني هتكلم جدك وتقوله إنك موافق؟
كان يشعر بتمزق وحرب شرسة دائرة بداخلة، حرب بين الضمير والبقاء، وللاسف إنتصر داخلة حب الذات مثله كمثل كثيرا من البشر إلا من رحم ربي
دقق النظر إليها بتشتت وهز رأسه بإيجاب متحدث بهدوء و تردد: حاضر يا إيناس، حاضر
ضحك وجهها بسعادة وتحدثت بنبرة شاكرة وكأنها تحلق فوق السحاب من فرط سعادتها: ربنا يخليك ليا يا حبيبي.

إبتسم لها إبتسامة خافته تدل على عدم راحته ثم أكملا عشائهما بتشتت وعاد هو إلى سكنه الفخم بعد أن أوصلها لمسكنها.

داخل منزل زيدان
كانت تجلس بغرفتها تبكي بحرقة قلب، حزن عميق أصاب داخلها جراء أحلامها التي تسربت من بين يديها وتبخرت بين ليلة وضحاها، وخصوصا بعدما إستنجدت بوالدها وطلبت منه العون والوقوف بوجه جدها ومحاولة إقناعه، فأبلغها زيدان أن جدها ما زال يفكر في الأمر وبالتالي عليها ألا تقلق، ولن يبلغها بالتأكيد حديث أبيها عن إنتواءه لخطبتها من قاسم.

أما بحجرة زيدان، كانت تجاوره تختهما وهي تبكي وتنتحب وأردفت قائلة بمرارة: أني مجدراش أفهم لحد دالوك كيف طاوعك جلبك تكسر فرحة بتك وتوافج أبوك على حديته ده،
وأكملت بصياح وعدم تقبل للوضع: كيف يعني مستجبل بتي وتحديد مصيرها يتحط في يد قاسم
تنهد بألم متحدث إليها ليهدئ من روعها: متسبجيش الاحداث وتجدري البلا جبل وجوعه يا ورد، قاسم راچل صح ومحترم وعجله واعي وأكيد هيوافج إن صفا تجدم في كلية الطب.

أجابته سريع بتيقن: ده لو كان الجرار جراره ومن راسه يا زيدان،
وأكملت بتساؤل حزين: فكرك يعني قدري وفايقة هيسبوة يوافج بالسهولة دي ويخلوني أفرح ببتي؟
أخذ نفس عميق وأخرجه لتيقنه من صحة حديثها،
ثم تحدث بقوة وتمرد ظهر بعيناه: لو اللي بتجولي علية دي حوصل وجتها أني اللي هجف في وش المدفع وهحمي بتي بكل جوتي،
وأكمل بنبرة حزينة: حتى لو كانت دي هتبجا الناهية بيني وبين أبوي،.

نظر بعيناها وأخبرها مؤكدا: عاوزك تتوكدي إن عمر مهخلي بتي تتكسر وأبوها لساته عايش على وش الدنيي
ثم نظر أمامه وأكمل بنبرة بها جبروت مدفون: ما عاش ولا كان اللي يذلك ويكسر فرحتك يا بت زيدان
ثم إلتفت لتلك المنتحبة وسحبها وأدخلها لداخل أحضانه بحنان
وأردف قائلا بهدوء: إطمني وإهدي يا حبيبتي وحاولي تنامي لك إشوي لجل مترتاحي، عيونك دبلت من كتر البكا.

لم تنطق بحرف بل ظلت تبكي ويواسيها هو حتى غفت بين أحضانه ودثرها داخل الغطاء بإحكام وغفي بجانبها بعد تفكير دام لساعات، وذلك جراء حزنه الشديد على ما حدث لإبنته وشعوره بالضعف المهين أمام صغيرته وهو يقف مكتف الأيدي أمام ضياع مستقبلها وقبوله لأوامر والده بكل رضوخ وخنوع،.

ولكن كفا، لم يسمح لحالة بالرضوخ ولا بالإستسلام بعد، هو فقط سينتظر إجابة قاسم على جده، وإن لم تكن بالإجابة المنصفة والعادلة لصغيرته، قسما سيحرق الأخضر واليابس لأجل عيناي تلك الصفا.

بنفس التوقيت
دلفت مريم إلى مسكن عمها قدري بعدما إستقبلتها فايقه، وتحركت مباشرة بإتجاة غرفة ليلي المتواجدة داخل مسكن والدها، حيث أن كل رجل منهما يحتضن إبنته داخل مسكنه الخاص للتأكد من حمايتها، أما الشباب فلكل منهم غرفته المستقلة بالطابق الثالث عدا قاسم التي تتواجد غرفته والمسكن المخصص له بعد الزواج بالطابق الثاني.

دلفت مريم إلى غرفة ليلي وجدتها تجلس فوق تختها، ممسكة بقنينة طلاء الأظافر وتضع منه فوق أظافر قدميها وهي تتمايل وتتراقص بجسدها بتناغم وتماشي مع عزف الموسيقي التي تستمعها من جهاز سماع الموسيقي الموضوع بجانبها
جلست مريم بجوارها بوجه عابس وتحدثت بنبرة يكسوها الحزن: رايجة جوي وعتترجصي وعتحطي مانوكير كمان.

ضحكت بتشفي وأجابتها بنبرة حقودة وهي ترفع حاجبها: ومروجش وأرجص ليه، واللي كان نفسي فيه حصل، و بت ورد شوكتها إتكسرت، و وجعت على جدور رجبتها وإتزلت بعد ماكانت عيشا لنا في دور الدكتورة وشايفه حالها علينا هي وأمها من دالوك
تنهدت مريم بضيق وتحدثت بنبرة مهمومة: أني خايفه جوي يا ليلي، ممطمناش لحديت چدي اللي جاله إنهاردة،
واكملت بتساؤل قلق: إشمعنا يعني إختار لها تدخل الكلية اللي إتخرچ منيها قاسم بالذات.

ضحكت ليلي وأجابتها بنبرة ساخرة: معرفاش صح ولا مجدراش تنطجيها يا مريم، دي حاچة باينة كيف عين الشمش، چدي جرر يچوز صفا لقاسم
إرتعب داخل مريم وإكفهرت ملامحها في حين تحدثت ليلي قائلة بإطمئنان: بس أني معيزاكيش تجلجي، بت ورد مهياش في دماغ أخوي قاسم من الاساس
ولا أنت كمان، وأطلقت ضحكه ساخرة إستفزت بها مريم
أردفت مريم قائلة بتمني: بس أني حاسة إن چدي غرضة من إكدة حاچة تانية.

ضيقت ليلي بين حاجبيها وتساءلت مستفسرة: وتطلع إية الحاچة التانية دي يا أم العريف؟
أخذت نفس عميق وزفرته وأردفت قائلة بهدوء: كلياتنا خابرين زين كيف چدي بيحب قاسم وبيعتبرة كيف ولدة مش بس حفيدة اللكبير،
وأكملت وهي تضع سبابتها على مقدمة رأسها بتفكر: چدي معايزش حد منينا يعلي على مجام قاسم، ولجل إكدة بالخصوص هو مرضاش إن صفا تبجا دكتورة وأعلا من حفيدة البكري.

وأكملت بإرتياح وإطمئنان لا تدري من أين مصدرهما: وزي ما كلنا خابرين العادات إهني زين، الحفيد الأكبر بيتچوز الحفيدة الأكبر سنا،
وأكملت بإبتسامة هائمة إرتسمت على محياها وهي تشير على حالها بسعادة: واللي هي أني يا ليلي، مش صفا كيف ما جولتي
نظرت لها ليلي وبلحظة دب الرعب داخل صدرها، إنتفض قلبها وإكفهرت ملامح وجهها بعبوس وتحدثت بنبرة مرتعبة: دي تبجا وجعة مربربة لو چدك طلع بيفكر إكدة صح.

إبتسمت مريم وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: وجتها الإحتمال الأكبر إن صفا هتكون من نصيب يزن أخوي، إكمنها يعني وحيدة وچدك مهيطلعش مال عمك زيدان برات البيت
وما أن دلت بدلوها بتلك الكلمات حتى تحول وجه تلك الليلي للغضب التام
وتحدثت بفحيح وشر: الله في سماه لو چدك عمل إكدة، لولع لهم في بت ورد وهي لابسة فستان فرحها، وبدل ما تبجا ليلة دخلتها هخليها لهم ليلة خرچيتها.

ظهر اليوم التالي
وبالتحديد داخل غرفة الحاج عتمان
كان يجلس فوق تخته يفكر بشرود، قاطع شروده دلوف رسميه إليه وجلوسها بجانبه وبعد مده تحدث هو إليها: بجولك أيه يا رسميه، أني كت بفكر في موضوع إكدة شاغل بالي بجا له فترة ووصلت فيه لحل زين، بس محتاچ لك وياي لجل ما يتم
ردت عليه بلهفه وطاعة: عيني يا حاج، أؤمرني يا أخوي
إبتسم لها وأردف قائلا بحنو: تسلم عينك يا بت الأصول،.

وأكمل وهو مطأطأ الرأس بنبرة حزينة: أني مهخبيش عليكي يا رسمية، أني بجا لي فترة ضميري بيأنبني لجل اللي عملته في زيدان زمان، كيف جدرت أحرمة من مالي وأحرم خيري عليه هو وبته ومرته؟
وأكمل بنبرة متألمه وعيون منكسرة: كيف سمحت لحالي أجعد أكل على السفرة ولامم عيالي وأحفادي حوالي وأعزهم وأغلاهم مجاعدش چاري؟
كيف حرمت صفا من إحساسها بالدفا وسط أهلها وناسها، كيف جدرت أحرمها من إنها تحس بعزوتها وتفتخر بيهم؟

تأثرت رسمية بحديثه حتى أن دموعها العزيزة الأبية إنفرطت وزرفت رغم عنها
وتحدثت لترفع عنه كاهل حزنه: هون على حالك يا واد عمي، اللي حصل حصل والعند والشيطان دخلوا بيناتنا وفرجونا عن ولدنا
تنهد مهموم ثم أخذ نفس عميق وزفره وتحدث بنبرة جادة: لجل إكده أني فكرت ولجيت حل زين يعدل الميزان، وفي الوجت ذاته ميجللش من كرامتي ويهز كلمتي اللي جولتها جبل سابق
تساءلت بترقب: حل إية دي يا حاچ؟

نظر لها بتمعن قائلا: أني عاوزك تكتبي العشرين فدان اللي ورثتيهم عن عمي الله يرحمه لصفا، وأنا هكتب لك غيرهم من أرضي من غير ما حد يدري، وبكده أبجا رضيت ربنا وسكت ضميري اللي مهيريحنيش واصل، وأديت لزيدان حجه في ورثتي من غير ما أرجع في تهديدي ليه،
وأكمل: وأني هبجا أحط لصفا جرشين بإسمها في البنك لجل ما اضمن لها مستجبل زين وأكون وفيت بديني في حج زيدان للاخر.

نظر إليها مترقب قرارها فهتفت رسمية بإستحسان: عين العجل يا واد عمي، كلامك زين
إطمئن بموافقتها وهز لها رأسه وهتف قائلا: ناوليني التلفون ده لجل ما أتصل بقاسم وأخليه ياجي بكرة عشان أخبره بموضوع چوازه من صفا وأخد رأيه في الكليه اللي هي ريداها
اطاعته وأخذ هاتفه وتحدث إلى قاسم وطلب منه الحضور في الصباح الباكر، وكالعادة أطاعه قاسم بإحترام.

في الصباح الباكر
توجهت صفا إلى الخارج بعدما قررت عدم الإستسلام والرضوخ للأمر المفروض عليها، ذهبت متجهه إلى إمام المسجد المجاور لمنزل والدها كي تشتكي له همها بحكمه صديق مقرب لجدها ويحترمه عتمان كثيرا ويقدرة،
طلبت العون منه والتدخل والذهاب إلى جدها لمحاولة إقناعة كي يسمح لها بالإلتحاق بكلية الطب وتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة وتداوي جراح المرضي وتسكن ألامهم بفضل الله،.

وبالفعل إنساق الشيخ إلى رغبتها وذهب على الفور إلى منزل جدها للتحدث إليه
تحدث الحاج عتمان إلى الشيخ حسان بنبرة صوت موقرة لهذا الشيخ الجليل وذلك بعدما إستمع منه لطلبه: خطوتك تعز على يا شيخ حسان، وعشان إكده أني هجول لك على اللي في دماغي ومش هدارية عليك،.

وأكمل بنبرة محملة بالهموم: إنت خابر زين إن صفا وحيدة ومهيبجا لهاش ضهر يحميها بعد أبوها، وأني بعد ما فكرت زين لجيت إن قاسم واد قدري ولدي هو الوحيد إللي أجدر أئتمنه على صفا وأموت وأني مطمن عليها،
وأكمل مفسرا: وزي ما أنت خابر إن قاسم محامي جد الدنيي، بس بردك صفا لو بجت دكتورة هتبجا أعلي منية، وأنت أدري الناس بعوايدنا إهني، لازمن الراچل منينا يبجا أعلي من مرته في كل حاچه،.

وأكمل مبررا بإبتسامة هادئة: أومال كيف يا سيدنا الشيخ ربنا جال في كتابه العزيز، الرچال چوامون على النساء
تحدث شيخ المسجد بإحترام بعدما أعطي له المجال من الإنتهاء من حديثة: أولا ربنا يبارك في عمرك وف عمر أبوها وتفضلوا سندها بعد ربنا يا حاج عتمان،
وأكمل معترض: ولو إن البنت المتربية صح بتبجا سند لحالها وسواعي لأهلها كمان،.

ثانيا بجا إحنا فاهمين الجوامه اللي ربنا سبحانة وتعالي ذكرها غلط وبنفسروها على مزاچنا،
وأكمل مفسرا بهدوء وأستكانة: ربنا سبحانه وتعالي لما جال في كتابه العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.

كان يقصد جلالته إن الراچل يسعي لمصلحة الست ويحميها ويجوم على خدمتها في الأمور اللي فيها مصلحة ليها، وأظن يا حاچ عتمان إن مفيش مصلحة أكتر من إن صفا تبجا دكتورة وتخفف عن أهل بلدها ألامهم وأوچاعهم،
وأكمل بذكاء كي يستدعي حماسه: ده أني كمان طامع في كرم أخلاج حضرتك في إنك تبني لها مستشفي في النجع إهني لخدمة أهل بلدك لچل ما تطيب جراحهم وتداويها بيد بتنا صفا،.

نظر له وقد شعر بأهمية ما نطق به وتحدث بإعجاب واستحسان: والله حديتك زين يا شيخ حسان ويستحج التفكير، وأني إن شاء الله هكلم قاسم وأشوف رأيه أيه وربنا يعمل اللي فيه الصالح للچميع
هم الشيخ حسان بالوقوف وهو يتحدث بإنسحاب: إن شاء الله يا حاچ، أستأذن أني
وقف عتمان وأردف قائلا بإستماته: والله ما يحصل ولا يكون جبل ما تتغدا وياي، ده أني دابح خروف وجدي عشان مچية قاسم من مصر ولازمن حضرتك تشرفني وتتغدي وياي.

وبعد جدال طال إستسلم الشيخ الجليل وأنساق لرغبة عتمان وأنتظر يتسامران لحين وجوب وجبة الغداء.

روايه قلبي بنارها مغرم
أما داخل منزل زيدان
دلف يزن بعد الإستئذان وجد والدته تجلس بجانب زوجة عمه وتربت على كتفها في محاولة منها لتهدأتها مما أصابها من خيبة أمل وصدمة جراء ما حدث بالأمس
تحدث يزن لزوجة عمه لإهتمام: صفا وينها يا مرت عمي
أجابته بدموعها: حابسة حالها في أوضتها من وجت اللي حصل، دمعتها مفارجتش خدها ومداجتش للزاد طعم من عشية.

غلي الدم بعروقه وشعر بغصة مريرة إقتحمت صدره جراء ما حدث لصغيرته، شعر بحاجته الملحة في أن يصعد إليها ويحتضنها والأن كي يضمد جراح قلبها النازف،
لو كان الامر بيده لشق صدره لنصفين وأدخلها بين ضلوعه كي يخبأها عن عيون البشر والعالم بأسره
حدث حاله بتألم وهو ينظر للأعلي بمرارة،.

اه واه عليك صغيرتي، لو كان الامر بيدي لأختطفتك من ذاك العالم الذي لا يمت لأرواحنا السابحة بصلة ولا يشبهها، وفررت بك حيث الخلود، لنحيي حياة تليق بقلوبنا وأرواحنا الحالمة، ما أصعب ان يشعر المرء بالعجز والإنكسار أمام إمرأته، اه عليك واه على غاليتي.

إنتابه شعور سئ وتملك منه الغضب، تحدث بنبرة غاضبة حادة: أني هروح أتحدت ويا چدي وهجوله إن اللي بيعملة فينا دي حرام وأكبر ظلم كمان، وإنه بإكدة بيخنجنا وبيجتل أرواحنا وبيدمرها، وإننا خلاص مهنسكتوش على الظلم والإفتري دي أكتر من إكدة.

إلتفت ناحية الباب وكاد ان يتحرك إلى الخارج، إنتفضت نجاة من جلستها وجرت عليه وأمسكته من ذراعة وتحدثت بتوسل: رايح فين يا يزن، إعجل يا ولدي بدل ما يغضب عليك ويخرچك من الدار كلاتها، وساعتها مهتلاجيش مكان يلمك يا حزين
نفض ذراعه من يد والدته وتحدث بروعنة شباب: سبيني يا أما أروح له و أواچهه بحجيجته المرة وأعريه جدام روحه.

وقفت ورد وتحركت إلى يزن سريع وهي تجفف قطرات دمعاتها وتحدثت إلية: إسمع حديت أمك يا يزن وإستهدي بالله يا ولدي، إصبر لحد مانشوف چدك هيجول إية في الإچتماع اللي عاملهولنا عشيا دي
إبتسم بجانب فمه ساخرا وتحدث: فكرك هيغير رأية في موضوع صفا؟
، چدي عتمان دي چبروت ماشي على الارض ومهيتراچعش عن جرارة إلا أما حد منينا يجف في وشه ويفوجه من الغيبوبة اللي حابس حالة وحابسنا وياه فيها دي.

باتت السيدتان تهدأه بكلماتهم وبالكاد إقتنع وهدأ قليلا، ثم ذهب إلى أبية في إحدي الأراضي الزراعية كي يشرف على العمال ويتابع جنيهم للثمار.

في المساء إجتمع جميع أفراد العائلة في بهو منزل الحاج عتمان بناء على رغبته وذلك ليستمعوا إلى قراراته المهمه التي أتخدها بشأن أحفاده الغوالي
كانت رسميه تجلس وسط زوجات أولادها وجميع أحفادها إلا من صفا ووالدتها التي بعثت لهما حسن لتخبرهم أنه وجب عليهم الحضور وذلك حسب أوامر عتمان.

أما الحاج عتمان فكان بداخل حجرته الخاصه بصحبة أبناءه الثلاث حيث كان يخبرهم بما إتخذه من قرارات بشأن أحفاده كتحصيل حاصل ليس إلا،
فهكذا هو عتمان النعماني وهذة هي شخصيته المتجبرة
دلفت صفا بجانب والدتها مطأطأت الرأس حزينة لما أوت إليه من إنهيار حلمها الذي تبخر بين ليلة وضحاها بعدما كان أقرب إليها من حبل الوريد.

نظرت ورد إلى وجوة الحاضرين المترقبه والقلق والتوتر يسيطران على ملامحهم جميع، إلا من تلك الجالسه براحة وأبتسامة نصر تظهر فوق ملامحها، إنها فايقه لا غيرها
ألقت ورد التحيه على الحضور فردها الجميع
إنتفض يزن من جلسته واقف وتحدث إلى تلك التي إنتفخ وجهها من كثرة بكائها المتواصل: كيفك يا صفا؟
لم تستطع رفع وجهها إلية وأكتفت بهز رأسها وهي تنظر أرض بإنكسار وردت بنبرة خافتة: الحمدلله.

إحترق داخل ليلي من ذاك الإهتمام وتلك اللهفة التي رأتها بداخل أعين حبيبها بل ومتيم روحها والذي تعتبره ملكية خاصة،
تمالكت من حالها لأبعد الحدود كي لا تطع أفكارها الشاذة التي تطالبها بإلحاح بالوقوف على الفور والتحرك لتلك المشعوذة وجلبها من شعر رأسها والبطح بها أرض كي تبرحها ضرب وتشفي منها غليلها.

تحدثت رسميه إلى ورد بإحترام ولكن من الداخل مازالت تكن لها غضب وكره لظنها طيلة الوقت أنها هي من حرمتها من أن تسر بصرها وتسعد قلبها بذكر لزيدانها الغالي قبل أن تواراي الثري وتذهب عن هذا العالم ويفني جسدها،
وكان ذلك بفضل وشي تلك الأفعي المسماه بفايقة لها، والتي توشي لها طيلة الوقت بأحاديث كاذبة كي تزيد من كره رسمية ل ورد وتجعلها تحقد عليها أكثر
تحدثت إليها رسميه قائله بنبرة إحترام: إجعدي يا ورد.

وأكملت وهي تفتح ذراعيها على مصرعيهما لإستقبال غاليتها وتحدثت مبتسمه: تعالي في حضن چدتك يا بت الغالي
تحركت إلى جدتها بساقان بطيئتان وما أن جلست بجانبها حتى سحبتها رسميه لداخل أحضانها وربتت على ظهرها بحنان
مما أشعل غضب ليلي ومريم وهما تنظران لها بإحتقان وغيرة.

خرجت من بين أحضان جدتها ونظرت إلى رسمية وتحدثت بنبرة توسلية: لو أني غالية عنديكي صح كيف ما بتجولي تكلمي چدي وتقنعيه يتراچع عن جرارة ويخليني أجدم في كلية الطب
أجابتها رسمية وهي تبتسم وتنظر إلى قاسم الجالس بملامح وجه محتقنة بالغضب مكفهرة: موضوع كلية الطب دي مبجتش في يد چدك خلاص، بجت في يد حد تاني.

نظر لها يزين وتملك الرعب من داخله حين فهم مغزي حديث جدته وهي تنظر بعيناها إلى قاسم وتحدث بحده: تجصدي أيه بحديتك ده يا جدتي؟
وليه من الاساس چدي رافض دخول صفا كلية الطب؟
نظرت له فايقة وإجابته بإبتسامة ساخرة لعلمها ما يكنه ذاك اليزن داخل قلبه البرئ لتلك الصفا: إتجل وأصبر على رزجك يا يزن، متبجاش مسروع إكدة.

أما ليلي التي تحدثت إلى صفا بنبرة شامته كي تنتقم منها: يا خسارة تعبك وسهر الليالي اللي راحوا على الفاضي يا صفا، وأبتسمت وأردفت ساخرة: يظهر إن كلية الطب ملهاش نصيب تفتخر وتتشرف بدخولك ليها يا بت عمي
إبتسمت فايقة بشماته أما الجده فرمقت ليلي بنظرة نارية أرعبتها ففضلت الصمت خشية إثارة غضب جدتها أكثر
وحزنت ورد على ما أصاب صغيرتها من خيبة أمل وشماتت أصحاب النفوس الضعيفة بها.

أما قاسم فكان جالسا يغلي داخليا وخصوصا بعد حديث والديه إليه وتهديده بأن يقبل بكل ما يقال من جده وحديث إيناس أيضا الذي يراه غير أخلاقي بالمرة ولكن ما بيده ليفعله، فقد وضعه جده للمضي قدما داخل هذا الطريق بعد أن سلبه عتمان حق الإختيار
خرج عتمان أمام أنجاله فوقف الجميع إحترام وتقديرا له، جلس برأس الجلسه وأشار إليهم بالجلوس.

تحدث بوقار وجبروت لا يليق إلا به: طبعا كلكم خابربن زين إن إنتوا عزوتي اللي طلعت بيها من الدنيي دي وأني بتمني أشوفكم أحسن الناس
هز الجميع رأسه بطاعه وموافقة فأكمل هو: وزي ما أنتوا خابرين زين إن عوايد النعمانيه بتمنع نچوزوا بناتنا بره العيله والعكس، عشان إكده أني جعدت مع أبهاتكم وإتفجنا على اللي أني شايفه صح ومجبول وفي صالحكم كلياتكم.

نظر إلى قاسم وتحدث بإبتسامةهادئة قائلا: نبدأ بحفيدي الكبير العاجل، زينة شباب النعمانيه، وعشان إكده إختارت له أغلي الغوالي على جلبي
ثم حول بصرة إلى صفا الباكية الحزينه وأكمل: صفا الغاليه
وفجأه توقفت عن البكاء وإنتفض داخلها بسعاده وأتسعت عيناها غير مستوعبه ذاك الخبر التي إنتظرته منذ أن أصبحت شابه وفهمت معني العشق، ولكن برغم تلك الفرحه تظل فرحتها ناقصة غير مكتملة.

وأكمل الجد وهو ينظر إلى يزن الذي يكاد يصرخ ويعترض على إنتساب معشوقته لغيرة، ولولا رعبه من جده لو قاطع حديثه لصرخ وأسرع إليها وجذبها إلى صدره بحماية أمام الجميع وليحدث ما يحدث، لكنه تمالك من حاله وفضل أن ينتظره حتى يفرغ ما بجعبته دفعت واحده وبعدها سيعترض
وأكمل عتمان: والباشمهندس يزن زينة الشباب هيچوز ليلي
نظرت له ليلي بسعادة لم تستطع مداراتها.

أما تلك المريم التي نزل خبر خطبة قاسم وصفا على قلبها ومسامعها كصاعقة كهربائية زلزلت كيانها بالكامل فنظر لها جدها وتحدث: وست البنته مريم هتتچوز من فارس
نزلت تلك الجمله لتكمل على ما تبقي من صبرها وتماسكها الهش فبدأت ببكاء مرير إستغربه جميع الحضور،
وجحظت عين فارس وكان أول المعترضين، وذلك لعشقه الجارف لإبنة خالته حين تحدث بنبرة غاضبه: ومين جال لحضرتك إني رايد أتچوج دالوك ولا رايد أتچوز من الاساس يا چدي.

نظر عتمان إليه وتحدث بنبرة ساخرة: هتترهبن إياك يا واد قدري؟
وتلاه يزن الذي تحدث بنبرة معترضه: وأني كمان مموافجش على الطريقه المهينه اللي هتعاملنا بيها دي يا چدي، يعني أيه متاخدش رأينا في الحريم اللي هتعيش ويانا وهنكملوا وياهم باجي حياتنا؟
ثم نظر إلى صفا وتحدث معترض: وليه صفا بالذات تختارها لقاسم، ليه متكونش من.

نظرت له بعيون متسعه وقاطع حديثه عتمان بضيق وهو يدق بعصاه الأرض ناهرا إياه بعنف: ما شاء الله عليك يا أبن منتصر، كبرت يا واد وطلع لك حس وعتعليه على چدك وتراچعه في جراراته
نظر قدري إلى منتصر وتحدث مستغلا الوضع لصالحه كعادته: متشوف ولدك وتوعيه وتعلمه كيف يحترم چده ويوجرة يا منتصر.

تحدث منتصر بتلبك وهو ينظر إلى يزن بنظرات تحذيريه معتزرا لأبيه: يزن ميجصدش يا أبوي، ما عاش ولا كان اللي يراچع حديتك، كلامك وجراراتك سيف على رجابنا كلياتنا
زفر عتمان بغضب ثم نظر إلى قاسم وتحدث بحده: وإنت يا قاسم، مهتعترضش إنت كمان على حديت چدك الخرفان؟

نظر قاسم لأبيه فرمقه قدري بنظرات تحذيريه فحول قاسم بصرة مرة أخري إلى جده وأجابه بنبرة صوت حاده وملامح جامده خاليه من أية تعبير يدل عن ما بداخله: العفو يا چدي، أني موافج على كل اللي حضرتك تؤمر بيه
طار قلب تلك العاشقة وحلق بالسماء
حين إبتسم الجد وتحدث بتفاخر: عفارم عليك يا قاسم، عمرك مخيبت ظني بيك
تفاخر قدري ورفع قامته لأعلي وتحدث لإرضاء والده: اومال يا حاچ، قاسم دي راچل صح، رباية يد الحاچ عتمان بصحيح.

تنهد زيدان مهموم وتحدث إلى أبيه متساءلا بجدية: وموضوع چامعة صفا يا أبوي؟
نظر الجد إلى قاسم وتحدث بإبتسامة: موضوع كلية صفا أصبح في يد قاسم، جولت أيه يا قاسم؟
تنفس عاليا وبدا على وجهه علامات الضيق ثم حول بصرة إلى تلك الحابسه أنفاسها تترقب جوابه وتحدث بهدوء: جدمي في الكلية اللي إنت رايداها يا صفا، أني عمري ما هجف عجبه في طريق تحجيج أحلامك.

إتسعت عيناها بذهول وأردفت متسائلة بنبرة سعيدة غير مستوعبة: صح موافج يا قاسم؟
لا يدري لما شعر بالخجل من حاله لإقبالة على المشاركة في خداع تلك الملاك البريئ، ولكن ما بيده، ألا لعنة الله على الظالمين،
فابتسم بمرارة وأجابها: صح موافج يا صفا
إبسمت ورد ونظرت بعيون سعيده إلى زيدان الذي تخطت سعادته بذاك الوقت عنان السماء والجد والجده لم يكن حالهما بأقل منهما سعادة.

أما تلك الفايقه التي إنتفضت بجلستها كمن لدغها عقرب وهي تنظر إلى قاسم بنظرات ذات معني ومغزي وتطالبه بأن ينفذ ما أمرته به
وأردفت قائلة بنبرة كسي عليها الغل والغضب والتي لم تستطع مداراتهما عن أعين الجميع: موافج كيف يعني يا قاسم، موافج إن مرتك تبجا أعلي منيك في العلام؟
ظهر الضيق على ملامحه من حديث والدته المصره على أن تهدم لصفا أحلامها لمجرد معاندتها لزوجة عمه وإفساد سعادتها بإبنتها.

تحدث موجه حديثه إلى والدته بحنق وبرود: يا أما الدني إتغيرت ومبجاش حد بيبص على الطب والهندسه على إنهم أعلي من باجي الكليات لمجرد إنهم بيجبلوا من مجموع أعلي، وبعدين الطب مهنه سامية وده حلم صفا من زمان،
وأكمل صادق: يبجا ليه أخنج حلمها وأضيعه لمجرد فرد السيطرة والهيمنه الذكورية الكدابه.

نظر عتمان إليه بإعجاب وتحدث معظم إياه: طلعت راچل صح يا قاسم وأثبت لي إن إختياري ليك في إنك تبجا سند وظهر لبت عمك كان في محلة صح
وصدق زيدان على حديث والده: عندك حج يا أبوي، تسلم وتعيش يا قاسم
وأكملت ورد على حديثهما بتأكيد قائلة بنظرات يغلفهما الشكر والعرفان: ربنا يبارك فيك ويحميك لشبابك يا ولدي.

نظرت الجده بسعاده إلى صفا التي لم تعد معهم إلا بجسدها فقط، أما روحها فقد سرحت في السماء هائمة من شدة سعادتها فقد تلقت للتو خبر تحقيق أسعد حلمان كان يراوداها في صحوها قبل منامها
وتحدثت الجده مهنئة غاليتها ومدللتها: مبروك يا نور عين چدتك، مبروك يا دكتورة
وقعت الكلمه على قلبها فزادت من شدة سعادته التي إرتفعت ووصلت إلى عنان السماء وأجابتها بفرحه: الله يبارك في عمرك ويخليكي ليا يا جدتي.

إبتسم داخله لسعادة الجميع التي رأها بعيونهم وخصوصا صفا، وقد خففت سعادتها تلك من شعورة المميت بالذنب تجاهها
أما تلك الفايقه التي أشرفت على إصابتها بذبحه صدريه عندما إستمعت إلى لقب، دكتورة،
نظرت لذاك القدري بنظرات تحذيريه كي يتدخل ويمنع تلك المهزله، فتحمحم قدري بعدما قرر التدخل كي يرحم حاله من الدخول داخل جولة نكدية مؤكدة لا محال من تلك الغاضبه ذات الطابع القوي المتجبر.

وأردف قائلا لقاسم وهو يغمره بنظرات ذات معني ليحسه على التراجع الفوري: كلام أيه اللي عتجوله ده يا قاسم، كيف يعني تجبل إن مرتك تبجا دكتور وتشتغل في المستشفيات وتتحرك بين الرچال وتنهشها عيون اللي يسوي واللي ما يسواش؟!
لو إنت جابلها على حالك أني مجبلهاش على مرت ولدي، جملة قويه تفوة بها قدري مهددا بها ولده.

تراخت عضلات جسد فايقه بجلستها بعد حديث قدري القوي الذي نزل على صدرها وأثلجه ونظرت إلى قاسم تترقب جوابه
وليس فايقه وحدها هي من ترقبت جوابه، بل الجميع أصابه صمت تام ينتظر إجابت قاسم بلا أو نعم
أما صفا التي إرتعبت وأهتز داخلها وبدأ الرعب يتسلل لقلبها البرئ وهي تنظر إلى قاسم بنظرات مترجية متوسله زلزلت داخله
#?MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#.

كانت نظرات الجميع مسلطة فوق ذاك القاسم لإنتظار نطق كلماته الأخيرة في تحديد مستقبل تلك المسكينه
تنهد قاسم ونظر إلى صفا ووجه حديثه إليها بقوة بنبرة جادة: أول ما يفتح موجع التنسيج جدمي فية، وچهزي ورق التجديم واني بنفسي اللي هجدم لك في الچامعة يا دكتوره.

أطلقت تنهيده حاره بعد كتم أنفاسها الذي دام الكثير وهي تنتظر تحديد مستقبلها، وكأنها تقف خلف القضبان وتنتظر نطق الحكم عليها، وذلك بفضل تلك العادات العقيمه البالية التي عفا عنها الزمن وبرغم ذلك ما زال للأن من يلتزم بها ويطبقها بحياته بكل حزافيرها،.

وخصوصا أصحاب النفوذ والمال خشية على خروج أموالهم الطائلة التي جمعوها على مدار سنوات نتيجة الشقاء والتعب، فلذلك يصعب الأمر عليهم أن يفرطوا بها ويسلموها لاشخاص غريبة بكل تلك السهولة
هكذا هو تفكيرهم البالي
إنتفضت فايقه بجلستها وتحدثت بنبرة صوت غاضبة: حديت أيه اللي عتجولة ده يا قاسم؟

نظرت لها ورد وكادت أن تتحدث بإعتراض لولا حديث عتمان الحازم الذي أخرص الجميع وأعلم كل شخص حدوده التي يجب ألا يتخطاها: كنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا مرة، عتعترضي كمان على حديت الرچالة إياك؟!
إرتعب جسد فايقة وأخذ بالإنتفاض من صوت عتمان الجهوري الغاضب وابتلعت كل ما في جوفها من حديث جراء نظرته الثاقبة فوقها.

ثم أكمل بنبرة صارمة مخيفة: طب أيه رأيك بجا إني كنت مجرر دخول صفا للطب، وسألت قاسم بس لجل معرف رأيه، وحتى لو رفض كت بردك هدخلها وهتبجي دكتورة غصبن عن الكل
ثم نظر إلى صفا وتحدث إليها بنبرة حنون: فكرك كت هتخلي عنيكي بعد مارفعتي راسي وشرفتيني وغلبتي ولاد المحافظة كلياتها، ميتا كت إتخليت عنيك أني يابت زيدان؟

إتسعت عيناها بإستغراب لحديث جدها وأبتسمت له بسعاده حين أكمل هو: مش بس إكده يا صفا، ده أني نويت بأمر الله أبني لك مستشفي إهني في النچع وأچهزها لك بكل اللي تحتاجيه من أجهزة، وهبدأ فيها من السبوع الچاي وإن شاء الله على ماتخلصي كليتك تكون چهزت
ثم حول بصره إلى قاسم وتحدث بثناء مستحسن قراره: عمرك مخيبت ظني فيك يا قاسم.

إبتسم لجده بجانب فمه ونظر مهموم إلى صفا وفرحتها العارمة، وأحتقر حاله لأجل خداعه الغير نبيل لتلك البريئة
وإشتعل داخل فايقه وزادت نار حقدها على ورد وزيدان اللذان لم تسعهما الفرحه حين إستمعا لحديث عتمان
أما صفا التي نظرت إلى جدها بإندهاش وجرت عليه وجثت فوق ركبتيها وهي تميل برأسها وتقبل كفي يداه بسعاده وتحدثت: ربنا يديمك فوج راسي ويخليك ليا يا جدي.

ربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بملامه مصطنعه ودعابه جديده عليه إستغربها الجميع: رايحه تشتكيني للشيخ حسان يابت زيدان؟
خجلت وأنزلت بصرها أرض وتحدثت بنبرة هادئة: ينجطع لساني لو فكرت إني أشتكيك في يوم لحد يا جدي، أني بس كت محبطه و روحت له وأني عشمي في وجه الله كبير إنك تسمع منيه، وده لاني عارفه إن مقدارة عنديك كبير وبتجدرة.

إبتسم لها وأردف قائلا وهو يربت على ظهرها بحنان قائلا: يا زين ما أختارتي يا دكتورة
وقفت مريم بعدما طفح بها الكيل، وتحدثت إلى جدها بجرأة لم تعهد عليها من ذي قبل: خلاص إكده يا چدي، فرحت الست صفا وإطمنت عليها زين؟

إختارتها لقاسم اللي إنت متوكد إنها موافجه عليه ومرحبة، وكمان دخلتها الكلية اللي هي عيزاها وهتبني لها مستشفي بحالها، إكده يبجا كله تمام، وأكملت وهي تنظر إلى جدها وجدتها بنظرات ملامه: ما هي أهم حاجة عنديك إنت وجدتي راحة الاستاذة صفا ودلالها، وإن شالله يولعوا البجية
ومش مهم عاد الباجي إذا كان إختيارك ليهم عاجبهم ولا حارج جلوبهم، مين إحنا لجل ما تفكر في راحتنا ويشغلك رضانا!

تحدث إليها منتصر بلهجة شديده: إخرصي يبت، والله عال، مين ميتا وإنت عتتكلمي جدام جدك بقلة الحيا دي؟
شدت حياه إبنتها من يدها وأجلستها بجوارها وتحدثت بنبرة مرتعبه: إجعدي يا مخبلة، كنك ناويه على موتك إنهاردة
وقف يزن هو الأخر وأردف قائلا بنبرة معترضه: تخرص ليه يا أبوي، عشان بتجول الحجيجة وتطالب بأجل حجوجها كبني أدمة، طب أيه رأيك إن أني كمان مموافجش على چوازي من ليلي.

نزلت كلماته تلك على قلب ليلي أحرقته وبدون مقدمات نزلت دموعها بألم كاد يمزق صدرها الأسود
كلام أيه اللي هتجوله ده يا باشمهندس، جملة تفوة بها الجد مستغرب حديث يزن
وقف فارس متشجعا من موقف مريم ويزن وأردف قائلا بشجاعه وأعتراض: أني كمان مش موافج على جوازي من مريم يا چدي، أني بحب بت خالتي ورايدها وچدتي عارفه إكده زين.

تحدث الجد بنبرة جدية محاولا إمتصاص غضب أحفادة وإرغامهم على تقبل الواقع بصدر رحب: بت عمك أولي بك يا ولدي، بكرة هتشكرني على إختياري وتجولي كان عنديك حج يا چدي، وأدي أبوك وعمك قدري جدامك أكبر دليل على حديتي دي
أجابه يزن بندية: وليه مذكرتش حكاية عمي زيدان، مهو إعترض ورفض جوانين العيله وأهو جدامك أهو، بيحب مرته وبيعشجها ومبسوط مع عيلته وعايش أحسن عيشه، مش مچرد حياة روتينية زي اللي عايشينها أبوي وعمي!

إستشاطت فايقة من ذكر يزن لسعادة ورد وزيدان التي تجعل نارها تشتعل،
فأرادت ان تحرق روحيهما وأجابته فايقه بنبرة ساخره: عيلته؟
هي وينها عيلته دي يا يزن، طب ده حالة عمك زيدان وعجاب ربنا ليه لازمن يكون درس ليكم وعبرة عشان تسمعوا كلام أهاليكم وتعرفوا إن اللي هيعارض أهله هيكون مصيرة زي عمكم زيدان.

نزلت تلك الكلمات على قلب ورد أحرقته، أما زيدان الذي إنتفض بجلسته وهب بها هادرا: وياتري أيه هو بجا عجابي يا ست فايقه اللي حضرتك شيفاه ده؟
أجابته بنبرة خبيثة: هو أني بس اللي شيفاه يا واد عمي، ده العيلة كلاتها بتتحدت وبتجول إن ربنا عاجبك وحرمك من خلفة الواد عشان عصيت أمك ومسمعتش كلامها وكسرت جلب خيتي الغلبانة بدور
نظرت لها رسمية بنظرات حارقة تحثها على الصمت ولكن فايقه لم تهتم بتلك النظرات التحذيريه.

أجابها زيدان بفخر وأعتزاز وهو ينظر لتلك الجالسة بحنان: لو عجاب ربنا كله بالشكل ده يبجا ياريت حياتي كلياتها تبجا عجاب
وأكمل بعيون محبه وهو يتبادل النظر بين أبناء شقيقاه بفخر وأعتزاز ونبرة صادقة: وبعدين مين اللي جال لك إن ربنا مرزجنيش بالواد، ده أني عندي بدل الراچل اللهم بارك أربعة
تحدث قدري بتشفي وحقد ظهر بنبرة صوته: بس مش من ضهرك وصلبك يا واد أبوك
نزلت الجملة على قلب زيدان و ورد أحرقته.

قدري، إحفظ لسانك اللي عم ينجط سم على أخوك إنت ومرتك ده، معيزش أسمع صوتك إنت وهي لحد الجعدة دي متخلص، جملة شديدة اللهجة تفوة بها الحاج عتمان بنبره غاضبه وعيون محذرة تطلق شزرا
كاد قدري أن يتحدث فأخرصه حديث عتمان قائلا: جولت معايزش أسمع صوت حد فيكم، ويلا الجميع على مكانه
تحدث قاسم إلى جده قائلا بهدوء: بعد إذنك يا چدي أني عندي طلب.

توقف الجميع عن الحركة ونظروا إلى قاسم بترقب لحديثه فأذن له جده فتحدث قاسم: مفيش چواز هيتم غير لما صفا تخلص چامعتها، معايزش أشغلها عن مستجبلها، كلية الطب تجيله ومحتاچه مذاكرة كتير والچواز أكيد هيشغلها ويشتت تركيزها
هتف والده بإعتراض فهو ينتظر ذاك الزواج بفارغ الصبر ويتمني حدوثه البارحة قبل اليوم حتى يطمئن على إستيلاء صغيره ووضع يده على ثروة زيدان التي تضخمت مؤخرا بشكل مبالغ فيه مما أثار جنونه.

قدري بإعتراض: إنت واعي للي عتجوله ده يا قاسم، على حد علمي إن الطب دي خمس سنين
قاطعه قاسم بنبرة باردة وتصحيح: سبعه يا أبوي، الطب البشري اللي صفا ناوية تدخله دراسته سبع سنين
دبت فايقة بيدها فوق صدرها بذهول وتحدثت: يا مصيبتي، إنت عاوز تموت عيالك في ضهرك يا واد قدري، ده أنت عنديك خمسة وعشرين سنه وحط عليهم سبعه يبجا إتنين وتلاتين، هتخلف وتربي عيالك ميتا يا حزين؟

وبعد معارضة وجدال طال بين الجد والجده وقدري وفايقه مع قاسم، رضخ الجميع لرأي قاسم بعد تصميمة وموافقة صفا على رأيه، وبعد مناوشات قرر الجد زواج مريم وليلي ويزن وفارس بعد خمسة سنوات أي قبل زواج قاسم وصفا بعامان وذلك بعدما فشل بإقناع حفيده الأكبر بإتمام زواجه معهما.

وأنفض الاجتماع بعدما حقق أمال البعض وجعلهم يحلقون في السماء من فرط سعادتهم، مثل صفا وليلي وقدري وفايقة، أما البقيه فقد تحطمت أحلامهم أمام جبروت ذاك العتمان المستبد.

بعد مرور مده قصيرة من الوقت كان قدري يجتمع بقاسم وفارس داخل حجرته الخاصة وتجاوره تلك الغاضبه التي تحدثت بنبرة حادة ملامة إلى قاسم: هو ده بردك اللي إتفجنا عليه يا قاسم؟
أني مش جولت لك متوافجش على دخول بت ورد للطب مهما حصل، إكده تفرح ورد وتشمتها فيا يا أبن بطني.

كان يستمع لها بعيون مستغربه بشدة من حالة الغضب المسيطرة عليها وتحدث بعناد: وأني جولت لك قبل سابج تخرجيني من شغل الحريم بتاعك إنت ومرت عمي دي يا أما، لاني عمري ما كت هكسر بخاطر صفا، وكفاية جوي إني سمعت كلامكم و وافجت جدي على جراراته اللي لا يجبلها عجل ولا منطق ولا حتى ترضي ربنا، لجل بس ما أرضيكم.

وأكمل ليهدئ من روع والدته: وأظن حضرتك سمعتي بودنك كلام چدي لصفا وهو بيجول لها إنه كان مجرر موافجته، يعني موافجتي كانت بالنسبه له ليس إلا تحصيل حاصل
وأكمل فارس بهدوء: كلام قاسم صح يا أما وياريت بجا تريحي حالك وتبطلي حديت في الموضوع ده، وبعدين أني مش فاهم إنت ليه كارهه إن صفا تدخل الطب وتحجج حلمها بالشكل دي.

أجابته بنبرة حقودة: ده لو كان حلمها هي يا خيبان، ده حلم العجربه اللي إسميها ورد عشان تتنطت علينا وتتفشخر ببتها الدكتورة
صاح قدري هادرا إياها بحده بعدما طفح الكيل من حديثها العقيم: ما بكفياكي عاد يا فايقه، مهنخلصوش منيه الموضوع ده ولا أية؟
وأكمل بنبرة غاضبة من بين أسنانه: أني اللي جاهر جلبي هو شرط إبنك المنيل اللي جاله لجده، جال أيه مهنتمموش الچوازة إلا لما السنيورة تخلص كليتها،.

وأكمل بحده: عنها ما خلصت ولا أتشندلت على دماغ اللي چابوها، تجبرني ليه أستني على فرحتي بيك وبچوازك كل السنين دي؟
تنهد قاسم وضل يستمع لتوبيخ والديه بصمت تام وذلك لعدم قدرته البوح لهما بما يدور بعقله وأنه فقط يوهمهما بموافقته الواهيه ولكن بينه وبين حاله ينتوي بألا يتمم تلك الزيجة التي لا تعني له شئ على الإطلاق.

داخل شقة رفعت عبدالدايم والد إيناس
كانت تخبرهم بما قررت هي وقاسم فتحدث والدها بحده: إنت إتجننتي يا إيناس، عاوزة تقعدي سبع سنين تستني المحروس لحد ما يتفك سجنه اللي بناه بنفسة مع بنت عمه، بقي بالذمه ده كلام ناس عاقلين؟
أجابته كوثر بنبرة طامعه: ده هو ده العقل بعينه يا رفعت، إنت عارف نصيب قاسم من ثروة جده قد أيه؟

أردف الاب قائلا بنبرة قلقة: وإنت كنت ضمنتي إن جده هيوافق إنه يسيب حفيدته كده بسهوله بعد ما يركنها جنبه سبع سنين بحالهم
أجابته إيناس بنبرة جاده في محاولة منها لإقناعه: أولا يا بابا قاسم هو اللي مستني جنبها مش هي، ثانيا حجة قاسم هتبقا قوية وجده مش هيقدر يجبرة يعيش مع واحده هو شايفها أعلي منه،.

وأكملت بعدم ضمير: ثالثا بقا وده المهم، مش يمكن ربنا يكرمنا وجده يتوفي في السبع سنين دول وقاسم يورث ووقتها ميكونش محكوم من حد ويبقي حر نفسه ونتمم الجوازة من غير أي مشاكل
تحدثت والدتها بتمني: يااااه يا إيناس لو ده يحصل، ده تبقا إتفتحت لنا طاقة القدر
تحدث رفعت بنبرة قلقه ساخطة: يا ناس إفهموني، أنا قلقان على بنتي وده من أبسط حقوقي.

أجابته كوثر بطمأنة: متقلقش يا رفعت وطمن بالك، بنتك طول عمرها شاطرة وحسابتها متخرش المية أبدا
وأكملت وهي تنظر إلى إيناس بتفاخر: وبعدين الولد بيحبها ومبيقدرش يستغني عنها ليوم واحد، وأكيد هيعمل أي حاجة نطلبها منه علشان بس ينول الرضا.

داخل غرفة يزن، كان يجوب داخلها ذهاب وإياب بغل ونار الغيرة تنهش صدرة، فقد تسرب اليوم حلمه العالي من بين يديه وذلك بفضل تحكمات جده
دلفت والدته إليه وتحدثت بتهدئة: وبعدهالك عاد يا يزن، أني مش جولت لك من زمان تشيل موضوع صفا ده من راسك، أني كت خابرة إن چدك حاجزها لقاسم وكام مرة جدتك لمحت بالكلام جدامي لجل ما أواعيك لأنها عارفه إنك عاشجها.

أردف قائلا بنبرة حادة وأعتراض: قاسم مبيحبهاش يا أماي، الله وكيلك ما بيحبها ولا رايدها، قاسم وافج بس لجل ميرضي عمي قدري اللي كلنا خابرين زين إنه طمعان في ثروة عمي زيدان، بس صفا مفرجاش معاه من الأساس، محدش عيحبها ولا هيخاف عليها زيي
تحدثت إلية بدموع ونبرة حنون: يا ولدي إرحم حالك وأنساها وريح بالك وريح جلبي معاك، صفا مش مجسومه لك ولا هي من نصيبك،.

وأكملت كي تهدئ من غضبة: وليلي ست البنته كلياتها، هي بس محتاچة اللي يجرس على ودنها شوي وهتبجا زي الفل، إرضي بنصيبك يا وليدي،
وأكملت بيقين كي تؤثر عليه: وإن شاء الله ربنا هيحليها في عينك ويزرع عشقها في جلبك وبكرة تجول أمي جالت
نظر إليها بتألم ظهر بعيناه وأردف قائلا بوجع: مش بيدي يا أماي، عشج صفا متملك من جلبي وعجلي، مشايفش غيرها جدامي.

هتنساها يا ولدي، كم من عاشج جبلك فات حبيبة ونسي وكمل حياته، الحياة مبتجفش على حد يا ضي عيني
نظر لوالدته بنظرات يملؤها الإنكسار والرضوخ المخجل، فتحركت إليه بتألم لأجل حزنه وسحبته بين أحضانها وربتت على ظهره بحنان كي تخفف عنه حزنه الذي أصابه من ضياع فتاة أحلامه من بين يداه على يد جده المستبد.

وخرجت من حجرته إلى حجرة مريم و واستها مثلما واست شقيقها ونصحتها بأن ترضي بما كتبه الله لها وسيعوضها الله بالتأكيد على صبرها.

أما تلك الصفا التي ذهبت مع والديها إلى منزلهم وسعادة الدنيا تحوم حولها وتستقر داخل قلبها البرئ، وقفت بشرفتها تترقب خروج قاسم كي تكحل عيناها برؤيته البهيه، ولكن للاسف خجلها ولم يخرج أبدا وبرغم هذا لم تترك مكانها على أمل التلاقي.

أما عند زيدان الذي تحدث إلى ورد متبسم بسعادة: أهو أني بعد موجف قاسم إنهارده وموافجته على دخول صفا للكليه وكمان تأجيلة للچواز لحد ما صفا تخلص، أجدر أموت وأني مطمن عليها وعليكي
إرتعبت أوصالها وشهقت برعب مردفه: بعد الشر عليك يا سيد الرچاله، متجولش إكده يا حبيبي، ربنا يطول لنا في عمرك ويبارك فيك وتچوزها وتچوز عيالها كمان
نظر لها بعيون عاشقه وتساءل بعيون هائمة: خايفه عليا يا ورد؟

أجابته بهيام: لو مخفتش عليك يفضل لي مين أخاف عليه يا نبض جلبي
ثم تنهدت بأسي قائله بنبرة تحمل الكثير من الهموم: بس أني معارفاش أني ليه جلجانه إكدة يا زيدان، جلبي ممطمنش لچوازة صفا من قاسم، دايما چواي إحساس بحاول أكدبه إن الچوازة دي هتكون سبب الحزن لبتي مش سبب سعدها وهناها زي ما كلياتكم فاكرين.

أردف زيدان قائلا بنبرة إستيائية: أباااااي عليك وعلى نكدك اللي عتعشجيه زي عنيك، ده بردك كلام تجوليه في يوم زي ده؟
نظرت إليه وبدون سابق إنذار نزلت دموعها دون إستئذان، إشتعل صدره نارا عندما رأي دموعها التي تنزل على قلبه العاشق تكويه وتؤلمه.

إنتفض من جلسته وتحرك لمقعدها وجذبها من يدها لتقف قبالته وأدخلها سريع لداخل أحضانه وتحدث وهو يمسح بيداه فوق ظهرها بحنان ويهدهدها: مالك بس يا ورد، فيكي إية يابت جلبي، ليه البكا عاد في يوم زي ده؟
وأكمل مفسرا: المفروض تبجي أسعد واحده إنهاردة، بتك وعتدخل الكلية اللي طول عمرها عتحلم بيها وچدها هيبني لها مستشفي بحالها، وإتحجزت للراچل اللي عتتمناها وعتعشجة، بالذمة فيه أكتر من إكده فرحة.

خرجت من بين أحضانه تنظر لعيناه بتألم ظاهر للكفيف، وحاوطت وجهه بكفيها برعايه وأردفت قائلة بنبرة حنون مستسلمة: إتچوز يا زيدان، إتچوز لجل ما تچيب الواد وصدجني أني مهزعلش منيك
إتسعت عيناه بذهول وأردف قائلا بنبرة متعجبة: صح مهتزعليش لو خدت واحده غيرك چواة حضني؟
وأكمل بإتهام وتعجب ونظرة حزن عميقة ظهرت بعيناه: للدرجة دي بيعاني يا ورد؟!

هزت رأسها سريع تنفي عنها إتهامه الباطل وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة: للدرچة دي شرياك يا جلب ورد من چوة، للدرچة دي عشجاك وعاشجة رضاك ومصلحتك، لدرچة إني عتحمل وچع جلبي وناري وجهرتي وأني بتخيلك نايم في حضن غيري لجل بس ماتچيب الواد اللي نفسك فيه ومحدش يعايرك تاني ولا يچرحك بكلمة عفشة
أجابها بنبرة حاده مستفهمة: ومين كان جال لك إني نفسي في الواد؟!
ولو صح نفسي فيه هجعد لحد دالوك من غيرة ليه؟

زفر بضيق ليخرج ما أصابة من غضب جراء حديثها، ثم أحاط وجهها بكفي يداه ونظر بحنو داخل عيناها وأكمل حديثه بنبرة حنون: يا ورد أني إكتفيت بحبك إنت وصفا عن الدنيي كلياتها، ليه مجادراش تفهمي إن عشجك غناني وكفاني ومعاوزش غيرك في حياتي!
أمسكت بتلابيب جلبابه بشده وتملك وتساءلت بجدية وحدة: لساتك بتشوفني حلوة يا زيدان، لساتني زينة الصبايا في عنيك الكحيلة يا واد النعماني؟

إبتسم بهدوء وتحدث بنبرة هائمة: وهتفضلي زينة الصبايا في عيوني لأخر يوم في عمري، حتى لو كان عنديكي 1 سنه وشعرك شاب وملامحك جعدت وكرمشت، بردك هشوفك زينة صبايا الكون بحالة
ودقق داخل عيناها وتحدث بهيام قائلا: عارفه ليه يا ورد؟

نظرت له بتمعن وحنان منتظرة تكملة ترياقه لها فأكمل هو: عشان أني حبيت روحك يا ورد، روحي عشجت روحك جبل الزمان بزمان، شفتك بأحلامي جبل مشوفك جدامي يا غالية، أني عشجان لروحك مش چسدك، وده تفرج كتير جوي يا ورد
إبتسمت بسعادة بالغه وتحدثت بتملك وهي تشدد من مسكتها لتلابيب جلبابه: ربنا يخليك ليا يا زيدان، تنك إكدة إعشج فيا على طول، معيزاش عشجك يجل أبدا لجل مموتش من جهرتي يا سيد الرچال.

إبتسم لها وأردف قائلا بدعابه ليخرجها من تلك الحاله: يدك يابت، هتخنجيني بمسكة يدك الجويه دي، أيه، للدرچة دي عتموتي على زيدان وعتعشجيه يا بت الرچايبة؟
إبتسمت وأجابته بشقاوة وهي تشدد من مسكتها لتلابيبه: وأكتر يا ابن النعماني، وأكثر من الدرچة دي بكتير، ولو في يوم فكرت بس تبص لمرة غيري هجتلك بيدي دي وأجتل حالي وياك.

قهقه عاليا برجوله ثم مال بجزعة وحملها بساعديه القويتان وأتجه بها إلى تختها ليضعها علية بقوة وشراسه متحدث بغمزة من عيناه مداعب بها إياها: على العموم كله هيبان دالوك، وعشجك الجوي اللي هتتحدتي عليه لزيدان هيظهر ويبان
إبتسمت له خجلا وغاصا داخل عالمهما الخاص بهما.

بعد مرور يومان
في القاهرة، وبالتحديد داخل منزل رفعت عبدالدايم
تتوسط إيناس جلسة والديها فوق الأريكه، وبالمقعد المقابل يجلس قاسم مرتديا حلته الكاملة التي جعلت منه وسيم للغايه، ويجاوره عدنان الذي تحدث مستفسرا: بس إنت مش شايف إن سبع سنين كتير أوي يا صاحبي، إنتم كده بتضيعوا أحلا سنيين عمركم في الإنتظار
أجابته إيناس بنبرة معترضه: مش كتير ولا حاجه يا عدنان، السنيين بتمر في لمح البصر.

ثم وجهت بصرها إلى قاسم وتحدثت بنعومه دون خجل من والدها أو شقيقها: وبالنسبه لأجمل سنيين عمرنا، فهي لسه جايه، مش كده ولا أية يا قاسم؟

نظر لها بتعجب جراء جرأتها والتي لم تعجبه إطلاق، فهو شأنه كشأن أي رجل شرقي، يحبز دائما المرأة الخجول ويثيره ضعفها، ولكن مع إيناس إختلف الأمر، فلقد عشقها وأنطلق سهم عشقها التي صوبته عمدا نحوه ببراعه فائقة وأخترق قلبه عديم الخبرة الذي لم يعي ويفهم بعد وأنتهي الأمر، أو هكذا هو تخيل وتوهم!

وجة رفعت حديثه إلى قاسم بنبرة توجسية: متأخذنيش يا أبني في اللي هقوله، بس أنا أب ومن حقي أطمن على بنتي وإنت لازم تعذرني في ده
وأكمل بتساؤل: أنا أيه اللي يضمن لي إن بعد ماتقعد بنتي جنبك سبع سنين، جدك يوافق إنك تتمم جوازك منها؟
أردف قاسم قائلا بإحترام: أنا طبعا عازرك في تفكيرك ده يا عمي لإنك متعرفش رجالة النعمانية كويس، أنا كلمتي عقد وسيف على رقبتي، وطالما وعدت يبقا مش هيمنعني من التنفيذ إلا الموت.

إبتسمت كوثر في داخل نفسها وتحدثت بنيرة صادقة: طولة العمر ليك يا حبيبي، ربنا يبارك في عمرك وتتجوزوا وتتهنوا، بس أنا عاوزة أطلب منك طلب
إتفضلي حضرتك، جملة تفوة بها قاسم
تحدثت كوثر كعادتها معه بنبرة ناعمه ساحبه بها إياه لداخل عالمها الناعم: الأمر لله وحده يا حبيبي، طبعا زي ما إنت شايف إيناس بنتي ماشاء الله زي القمر،.

وأكملت بتفاخر وغرور وهي ترفع رأسها عاليا بشموخ: جسم ورسم وجمال ودلال، وخطابها مش قادرة أقولك قد أيه،
وأكملت مهوله من حديثها كثيرا: لدرجة إن مفيش يوم بيعدي غير لما بيتقدم لها فية عريس
إبتسم بجانب فمه ساخرا لعلمه كذب تلك الشمطاء، وأكملت كوثر حديثها: وطول ما هي مفيش في إيدها دبلة خطوبه هيفضل يتقدم لها عرسان
الان علم المغزي الحقيقي من جراء حديثها المبالغ ذاك.

تحدث إليها بنبرة تعقلية: أنا فاهم قلق حضرتك ومقدرة جدا، بس لازم حضرتك تقدري ظروفي أنا كمان، أنا عمري ماهقدر حاليا أفاتح أهلي في خطوبه وأظن إن انا شرحت لكم ظروفي قبل كدة
هتف عدنان بحماس وذكاء: طب أنا عندي حل للموضوع ده.

نظر له الجميع وهم يترقبون باقي حديثه فأكمل هو بإبتسامة منتصر: أنا شايف إن قاسم يشتري لإيناس شبكتها ويلبسها لها على الضيق ما بينا ونعزم قرايبنا القريبين جدا مننا، وبكده نكون عرفنا الناس إن إيناس إتخطبت وفي نفس الوقت معملناش مشاكل لقاسم مع أهله هو في غني عنها
إبتسمت إيناس وتحدثت بسعاده وهي تنظر لشقيقها بتباهي: برافوا عليك يا عدنان، فكرة حلوة جدا.

وافقتهم كوثر الرأي وتحدثت إلى قاسم: أهو صاحبك حلها لك أهو يا قاسم
أجابها قاسم بدعابه وهو ينظر إلى عدنان بوجه بشوش: عدنان ده حبيبي، نردها له في مشكلة في جوازته إن شاء الله
ضحك الجميع عدا ذاك الرفعت الذي لم يعجبه الأمر من الاساس، ويشعر بريبة منه ولكن بما يفيد إعتراضه أمام جبروت كوثر وأبنائها وضعف شخصيته هو.

بعد يومان أصطحب زيدان صفا وورد وذهب بهما إلى القاهرة كي يجلب لصفا ثياب خاصة للجامعة من بعض دار الأزياء الشهيرة بالقاهرة، ويمكثون يومان بشقته الخاصه المتواجدة بإحدي الأحياء الراقيه والتي جلبها زيدان خصيصا كي يصطحب غاليتاه بها لغرض التنزة من الحين للأخر
أبلغ زيدان قاسم أنه وعائلتة بالقاهرة فقام قاسم بعزيمتهم وإصطحابهم لأحد المطاعم العائمة المتواجدة داخل النيل لتناول الطعام في أجواء مبهجه.

كانت تتحرك بجانبه بسعادة داخل المطعم ويسبقها والديها، وصلا إلى المنضدة التي إحتجزها لهم قاسم، جلس الجميع حول المنضدة وجاء النادل بعد قليل وقد أعطا لهم قائمة الطعام وأختاروا ما أعجبهم بها وأنصرف النادل
وتحدث زيدان ناظرا إلى قاسم: عرفت إن تنسيج الچامعات فتح إنهارده يا قاسم؟
نظر له وأردف قائلا بنفي: لا يا عمي، أول مرة أعرف منيك
ثم حول بصره إلى صفا وتساءل: جدمتي يا صفا ولا محتاجة مساعدتي؟

أجابته بهدوء: حاولت أول ما جومت من النوم بس السيستم كان مسجط من كتر الضغط عليه وموقع التجديم مفتحش معاي، إن شاء الله أول ما أروح البيت هحاول أجدم ويارب السيستم يكون إتظبط
أردفت ورد قائلة بنبرة مثقلة بالهموم: أني معرفاش عتعملي أيه في المدينة الچامعيه وعتخدمي حالك كيف، ده أنت عمرك مغسلتي طبج، كيف عتغسلي هدومك وتنظفي أوضتك لحالك؟

تحدث إليها زيدان ليطمئنها: ومين جال لك إني هسيبها تهين حالها، ده أني بعون الله هچهز لها أوضتها بأحدث الأچهزة وهچيب لها غسالة أتوماتيك لجل ما ترتاح الزينة بت أبوها
إبتسمت لأبيها وتحدثت بنبرة حنون: ربنا يبارك لي في عمرك يا حبيبي ويخليك لصفا
أما ذاك الجالس الذي نزل عليه حديثهم كالصاعقة الكهربائيه وذلك لرعبه من فكرة تواجدها بالقاهرة وإحتمالية علمها بخطبته من إيناس،.

تحدث بنبرة مرتبكة: وهي صفا أيه اللي هيچيبها چامعة القاهرة بس يا مرت عمي، ما عنديها چامعة سوهاچ، وأهي تبجا چارك وتنام كل ليلة چوة حضنك
ضيقت عيناها بإستغراب وأردفت بنبرة معترضة: چامعة سوهاچ أيه بس اللي هروحها يا قاسم، إنت عاوزني أبجي چايبة المچموع ده كلاته وأقدم في چامعة سوهاچ؟
وبعدين مفيش وچه مجارنه بين چامعة القاهرة وچامعة سوهاچ.

تحدثت ورد إلى قاسم: أني كمان جولت لها نفس كلامك ده يا قاسم بس زي ما أنت واعي لدماغها الناشفه
ثم نظرت إلى زوجها مبتسمة وتحدثت بمداعبة: راسها طالعه ناشفه كيف أبوها بالظبط
إبتسم زيدان لمداعبة معشوقته،.

وتحدث قاسم إلى صفا في محاولة خبيثه منه لإقناعها بتغيير رأيها: أني خايف عليك من إهني يا صفا، العيشه إهنه ومعاملة البشر صعبة جوي مهتجدريش عليها، مهتعرفيش تتكيفي ويا زميلاتك في السكن وخصوص إن عمر ما سبج ليك مخالطة الأغراب،.

وأكمل بكذب كي يرعب ورد على طفلتها ويجعلها تخضع لرأيه: البنات إهني حلنجيه ولونيين وإنت بت ناس ومتربية، أخاف تطبعي بطبعهم ويغيروكي يا صفا، وإن كان على الدراسه فأحب أجل لك إن مفيش أيتها إختلاف بيناتهم
بدا الهلع على ملامح ورد التي تحدثت إلى قاسم مؤيدة: عنديك حج والله يا ولدي، ده أني بشوف بلاوي في التمثيليات عن بنات الچامعه إهني في مصر،.

ثم حولت بصرها إلى صغيرتها وتحدثت بإعتراض: خلاص يا صفا، إنت تجدمي في چامعة سوهاچ زي ما قاسم جال لك، وأهو السواج هيوصلك كل يوم ويستناكي لحد متخلصي محضراتك ويعاودك على البيت تاني
إعترضت على حديثهما بشدة ولكن إستطاع ذاك الخبيث أن يقنعها إلى حد ما بعدما تحدث عن غيرته عليها وعدم إطمئنانه لمكوثها هنا بمفردها.

بعد مده جاء النادل إليهم و وضع لهم الطعام و بدأ الجميع يتناولوه بشهيه عالية عدا تلك الصفا التي بدأ العد التنازلي لمستوي أحلامها، بعد الإنتهاء من الطعام بدأ قاسم بالحديث عن عمله موجه حديثه إلى عمه ثم إنتقلا إلى السياسة وكل هذا تحت تملل صفا و حزنها من عدم إهتمام قاسم بها ولا حتى تكليف حاله عناء النظر إلى وجهها.

وقفت بهدوء وتحركت إلى سور الباخرة المتحركة، ثم وضعت يدها عليه لتتشبث به، تطلعت إلى مياه النيل بمظهرها الخلاب وحركة الباخرة تداعبها وتدللها في مشهد خطف أنفاسها وأستولي على بصرها
وبرغم وجود كل هذا الجمال من حولها إلا أن الحزن كسي ملامحها الجميلة وجعلها تبدوا وكأنها إمرأه تخطت الستين من عمرها وتمكنت من ملامحها الأحزان بفضل هموم الزمان.

تحرك إليها شاب يبدوا عليه أنه في منتصف العقد الثالث من عمرة و وقف بجانبها ولكن مع مراعاة إحترامة لبعد المسافات، تطلع بإنبهار إلى جمالها و سحر عيناها و هالتها الغريبه التي إستحوذت على بصره و جذبته لينساق إليها دون أدني إدراك منه،
وأقسم بداخلة أنه لم يري بسحرها يوم، وأكثر ما كان يميزها بعيناه هو صفاء روحها الذي طغي على ملامحها الخارجية مما جعل لها قبولا في قلب وعقل من يراها من الوهلة الأولي.

كانت تنظر للأمام في اللاشئ سارحة بأحزانها لبعيد، حتى أنها لم تشعر بوجوده بجوارها ولا حتى لملامحها التي إنكمشت مؤقتا من شدة حزنها على بدء العد التنازلي لتنازلها و رضوخها أمام إنكماش أحلامها و تقلصها رويدا رويدا،
تحدث حتى يخرجها من صمتها وتيهتها وكي تنتبه لصوته لكي يحظي بطلة ذاك الملاك إليه مش لايق عليك الحزن يا صافيه.

إنتبهت إلية وبسرعة البرق حولت بصرها إليه بإستغراب ثم حولت بصرها سريع إلى والديها وقاسم وجدتهم منشغلون عنها بالحديث ولا يشعرون حتى بوجودها
فابتسم هو وأجابها بهدوء ونبرة صوت مريحه لمسامعها إهدي من فضلك ما فيش داعي للقلق، على فكرة أنا مش بعاكسك صدقيني، ولا حتى من طبعي إني أكلم حد معرفوش وأتطفل عليه.

وأسترسل حديثه بإنبهار ظهر بعيناه لكن معاك الوضع مختلف، أنا كنت قاعد في حالي وفجأة وأنا بستكشف المكان عيوني وقعت عليك وإنت واقفه، ما أعرفش ليه ملامحك خطفتني، شفت جواك صراع وتمرد على وضع مفروض بالنسبة لك وإنت مش قادرة تعترضي ولا تغيريه!
وأسترسل حديثه العميق شفت روحك وهي بتحاول بكل قوتها تزيل خيوط العنكبوت اللي معششه ومتشابكه حواليكي ومقيدة حركة فكرك وإنطلاق روحك وعقلك.

نظرت إليه بإستغراب فأكمل وهو يمد يده ويستعرض أمام ناظريها محرمه ورقية كانت بيده ويعطيها إياها، نظرت بما تحتوية وحينها لم تستطع الصبر على الصمت أكثر، إتسعت عيناها بذهول حين رأت وجهها منقوش عليها بالرصاص بمنتهي الدقة والحرفية، ولكن ما أثارها أكثر أنها رأت دموع تنزف من رسمتها وملامحها وكأنها تصرخ مستنجده بأحدهم.

نظرت لرسمته بإنبهار وحدثت حالها، ماهذا يا إلهي، إنه إبداع بكل المقاييس، كيف له أن يطبع ملامحي بكل ذاك الإتقان وكأنه يعمل عليها منذ أيام وليست من بضعة دقائق فقط
ثم نظرت له وأخيرا خرج صوتها المميز بعذوبته ورقته و أردفت قائلة بنبرة منبهرة: حضرتك مبدع يا أستاذ، إزاي جدرت تطبع ملامحي بالإبداع ده كله في الدجايج الجليله دي، اللي يشوف الرسمه يفتكر إنك شغال عليها من أيام، حجيجي برافوا عليك.

تمعن النظر بوجهها و أردف قائلا بتفهم: صعيدية؟
وأكمل بيقين وهو يميل رأسه قائلا بتأكيد: كده أنا عرفت سبب القيود اللي محاوطة روحك وخنقاكي، العادات الباليه والتقاليد اللي عفا عليها الزمن ولم يعفو عنها البشر
إبتسمت له وأردفت قائلة بنبرة هادئة: كلامك كيف الشعر بيدخل على الجلوب بيمسها ويزلزل كيانها، وأكملت بمرارة ظهرت بنبرة صوتها الحزين: بس في نفس الوجت بيعريها جدام روحها و يوريها حجيجتها المرة.

كاد أن يجيبها لكن أجبره على الصمت هجوم ذاك الشرس الذي إقتحم هدوئهما و سلامهما النفسي بعنف شديد وهو يجذبها من ذراعها ويخبئها خلفه
ويتحدث لذاك الغريب بلكنة قاهرية: إنت إزاي يا حضرة تسمح لنفسك تقتحم وقفتها بالطريقه الرخيصه دي؟
إهدي من فضلك يا أستاذ وخلينا نتكلم كأشخاص متحضرة، جملة قالها ذاك الغريب بنبرة هادئة متعمقه أحرقت قلب قاسم وأشعرته بهمجيته المفرطة.

ولكن إستشاط داخله أكثر من برود وهدوء ذلك الدخيل المتداخل وأجابه بنبرة تهكمية ساخرة: نعم يا أخويا، نتكلم كأشخاص متحضرين، هو أنا أعرفك منين أصلا علشان نتكلم؟
وأكمل بإتهام بشع: إنت مجرد واحد رخيص متحرش جاي تضحك على عقل عيلة صغيرة عديمة خبرة بكلمتين مستهلكين حافظهم من فيلم ساقط.

نزلت كلماته المهينه لشخصها على قلبها أحزنته وقررت التدخل بعدما أهان ذاك المتحضر بتلك الطريقه المنحطه و وصمه بوصف لا يليق بعقله و فكره الراقي التي لمسته من خلال حديثها القليل معه
تحركت من خلفه و وقفت بجانبه كتف بكتف وتحدثت بنبرة حاده لصوت غاضب: أولا يا أستاذ قاسم أني مش عيلة صغيرة ولا عديمة خبرة زي ما انت وصفتني!

أني يمكن سني صغير لكن عجلي كبير و واعي وبقرأ كتب يمكن حتى معدتش على خيال سيادتك ولا سمعت حتى عنيها
نظر لها بغضب تام فأكملت وهي تشير إلى ذاك الغريب بإحترام: ولا الأستاذ المحترم ده يستاهل الوصف البشع اللي سيادتك وصفته بيه، الاستاذ فنان محترم وشخص راقي يستحج كل التجدير.

وكادت أن تكمل لولا أصمتها بصوته الهادر وهو يحدثها بعيون تطلق شزرا: وأيه كمان يا صفا هانم، الله الله، ده أنت عاجبك بقا تلزيق البيه فيك والمسخرة اللي بتحصل دي
إتسعت عيناها بذهول أثر حديثه المهين، وتحرك زيدان و ورد عندما لاحظا تصاعد الوضع وتصاعد وتيرة صوت قاسم وغضبه الذي ظهر فوق ملامحه
تحدث زيدان بنبرة حادة وهو يأخذ صغيرته ويسحبها لداخل أحضانه برعاية وحنان: فيه أيه يا قاسم؟

وأكمل بنبرة صارمة: ومال صوتك عالي على صفا إكده؟
تحدث بنبرة حاده وجسد تظهر عليه علامات التشنج والغضب: الهانم زعلانه مني و بتلومني علشان بوصف البيه اللي إقتحم وقفتها ومعملناش أي حساب، بالمتحرش
أما ذاك الغريب الذي وقف يتطلع لذاك المتجبر الباطش وهو يفرض سيطرته ويمارس سلطته وهيمنته على تلك المسكينة دون أن يعطيها حتى حق الرد.

خرجت من داخل أحضان أبيها وتحدثت بدفاع و إنكار و هي تشير إلى الغريب: محصلش يا أبوي، الأستاذ فنان ولما لجاني واجفه لوحدي رسم صورتي على المنديل ده وجه بكل ذوج وأحترام علشان يجدمه لي
نظر ليدها الممدوده بالمحرمه وبدون أدني تفكير جذبه من يدها بعنف وغيرة وألقاها داخل مياه النيل وتحدث بحده واصما إياها: مش بجول لك عيلة صغيرة وعديمة خبرة.

ثم نظر لعيناها بحده وتحدث بإستهزاء: دي طريجه جديده لمعاكسة الساذجين أمثالك يا أستاذه
وجه الغريب حديثه إلى زيدان بعدما رأي دموع وتشتت صفا الروحي وهي تنظر إلى المحرمه التي جذبتها الأمواج وبدأت بتمزيقها تمام مثل روحها المشتته، الممزقه، التائهه
الغريب: صدقني يا أفندم الأستاذ بيقول كلام محصلش، واللي الأنسه صفا بتقوله هي الحقيقه ولا شئ غير الحقيقه،.

ونظر داخل عيناه وأكمل برجاء: ياريت حضرتك تخلي بالك من بنتك وتراعي روحها أكتر من كده!
ثم أنسحب بهدوء عائدا إلى طاولته مع إستغراب زيدان من حديثه الغريب!
حول بصرة لإبنته التي تزرف دموعها بقهر وهي تنظر لتلك المحرمه بعدما ذابت وتلاشت ملامح وجهها المرسوم بها.

شعر بغصة تقتحم صدره وتحرك إليها وأحتضنها وتحدث إليها بهدوء وبنبرة حنون: تعالي نروح له وأخليه يرسمك من تاني، بس المرة دي على لوحه وأني هبروزها لك بماية الذهب وأعلجها عندينا في الصالون
نظرت له بدموعها فأكمل وهو يجفف لها دموعها بأصابع يده الحنون: ولا تزعلي حالك يا جلب أبوكي
هزت رأسها يمين ويسارا مما جعل قطرات دموعها تتناثر هنا وهناك بشكل يقطع أنياط القلب.

وتحدثت بصوت واهن حزين: ضاعت حلاوة اللحظة يا أبوي، مبجاش ينفع خلاص
أما قاسم فكان يستمع إلى حديثها بقلب حزين لأجلها، فقد وعي لحاله للتو وشعر أنه حقا قد أزادها على تلك الصغيرة فتحدث بنبرة جامدة: متزعليش مني يا صفا، أني خايف عليكي يا بت عمي
حزنت عندما إستمعت لنطقة لإبنة عمه وقد تيقنت بتلك اللحظه أنها لم تكن له سوي إبنة عمه وفقط.

سحبتها والدتها بألم رأه زيدان وحزن لأجله ولصحة حديثها عن أن تلك العلاقه هي بداية حزن صغيرته البريئة
وتحدثت ورد بنبرة حزينة: يلا بينا نجعد يا بتي
تحركت بجانب والدتها وجلست بمقعدها ونظرت لتتطلع على ذاك الغريب، ولكن من العجيب أنها لم تجده، باتت تحرك عيناها هنا وهناك وتجوب بها المكان للبحث عنه ولكن دون فائدة، وكأنه كان سراب وأنتهي.

أكملت جلستها شاردة ناظرة لمياه النيل تحت نظرات ذاك المتجبر الباطش ولكن بقلب حزين متألم لألمها، إنتهت الرحلة النيلية ورست الباخرة وأخذ زيدان ورد وصفا داخل سيارته المستأجرة وذهب بهما بعد رفضه لحديث قاسم الذي عرض عليه أن يذهبوا بصحبته إلى أي مكان أخر حتى يلهو صفا ويهون عليها حزنها ويكون بمثابة إعتذار على ما بدر منه وأزعجها، ولكن رفض زيدان كل محاولاته حفاظا لكرامة صغيرته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة