قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل التاسع والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل التاسع والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل التاسع والعشرون

في صباح ذلك اليوم الموعود
وصل يزن إلى المشفي منذ الصباح الباكر كي يتابع أعمالة الخاصة بالمشفي والتي باتت من أهم أولوياتة في الفترة الأخيرة حيث كان يشعر برغبة ملحة بداخلة تحثه وتقودة على الذهاب إلى مكتب أمل وخلق الفرص لمقابلتها وإطالة الاحاديث التي بدأت تشعرة براحة عجيبة لم تنتابة من قبل، والأغرب هي حالة الإنسجام التي بدأت تبدوا على كلاهما أثناء وجوده مع الأخر.

كان يتحرك برواق المشفي ثم توقف فجأة عندما لمح صفا وأمل وياسر مقبلين علية، قاصدين الخارج، نظرت أمل إلية وجدتة يتنفس براحة تبدوا على ملامح وجهة وهو ينظر إليها ويتمعن في ملامح وجهها كعادتة مؤخرا
تفرقت نظراتة على ثلاثتهم بعدما لمح خجلها وتهرب عيناها من نظراتة المتفحصة، وسألهم بوجة بشوش: على فين العزم إكدة أومال يا دكاترة؟

نظر له ياسر بملامح وجة يائس حزين، فهذا أصبح حالة منذ إبتعاد مريم عن عيناة، فمنذ تلك الليلة المشؤمة وهو يحاول الخروج من دائرة عشقها البائس، المدمر لأحلامة الوردية التي راودتة في عشقها، ولكن دون جدوي، فكل يوم يمر علية ما يزيدة إلا تمسك بعشقها الملعون
وأجابة مذكرا إياة بنبرة هادئة: أنا يا إبني مش قايل لك من إسبوع إن عندنا مؤتمر في القاهرة وهنحضرة إحنا التلاتة.

أجابه يزن ساخرا من حالة وذاكرتة التي خانتة: معلش يا دكتور، الزهايمر شكلة إكدة مستعچل على جلة أصلة وياي.
ضحكت كلتاهما على حالة الإنسجام الدائمة بين هذا الثنائي المرح، نظر إلى صفا وسألها مستفسرا: وإنت كمان غيرتي رأيك ومسافرة وياهم إياك؟
اجابتة بإبتسامة هادئة: سفري ده سر ميعرفوش غير چدي وأبوي وأمي وإنت، ومش لازمن حد يعرفة يا يزن
ضيق عيناة وسألها مستغرب: والمتر معارفش بسفرك إياك؟

حركت رأسها يمين ويسارا بنفي مصاحبة لنظرات ذات معني
أمال لها رأسه بتفهم وعلم من مغزي حديثها أنها ستذهب لمقابلة قاسم ومفاجأتة بتواجدها بالقاهرة
نظر من جديد إلى أمل وتحدث بنظرات تتفحص ملامحها التي أصبح يراها جميلة بعد أن كان يبغضها كل البغض، فسبحان الذي يغير ولا يتغير: متتأخريش علينا يا دكتورة، إنت عارفة، مبجناش نجدروا نستغني عنيكي في المستشفي.

ثم فاق على حالة وخشي من ملاحظة الجميع لمشاعرة الوليدة وتحدث مفسرا: إنت خابرة إن مفيش غيرك إهنية تخصص نسا وتوليد
إبتسمت بخفة وأجابتة بنبرة هادئة فهي إلى الان لم تعي على حالتها وتفسر شعور الراحة الذي ينتابها في حضرتة على أنه صداقة بريئة: أكيد مش هنتأخر، إحنا حاجزين تذاكر الرجوع إنهاردة بالليل يا باشمهندس، يعني إطمن مش هنوقف لك المستشفي
إبتسم لها بخفة وتمني لهم السلامة والتوفيق في المؤتمر.

، تحركوا جميعا قاصدين محطة القطار واستقلوة متجهين إلى القاهرة، بعد مدة كانوا داخل القاعة الخاصة بعقد المؤتمر، وبعد حوالي ثلاث ساعات متواصلة قضوها داخل المؤتمر خرج الجميع
تحدث ياسر إلى أمل: أنا هروح أشوف أهلي وأطمن عليهم ونتقابل الساعة 5 المغرب زي ما أتفقنا
ووجة حديثة إلى صفا بجدية: وإنت يا دكتورة، حاولي متتأخريش هنا لو سمحتي، ياريت تكوني في المستشفي بعد بكرة علشان تتابعي حالاتك.

أجابتة بنبرة حماسية: إن شاء الله مش هتأخر، أني هبات الليلة وهرجع في القطر بكرة بعد أذان العصر.

تفرق الثلاث كل على وجهتة، وذهبت أمل مع صديقتها دكتورة مي التي كانت معها بالمؤتمر، وتحركت بصحبتها لقضاء ما تبقي لها من وقت، مع والدة مي التي كانت تنتظر أمل على أحر من الجمر وذلك بعدما علمت بحضورها المسبق من مي، وجهزت لها كل ما لذ وطاب من الأكلات التي تعشقها أمل لتسعد قلبها وتحاول تعويضها فقدانها للأم والشقيقة اللتان إلتهيتا عن إبنتهما بزواج ريماس من رامي وإنغماسهما داخل دائرة الترف وتذوق حياة الأغنياء.

حضر قاسم جلستان بالمحكمة وتحرك بعدها إلى أحد المطاعم الشهيرة، تناول به غدائة سريع كي يتابع باقي أعمالة، فقد كان يومة مزدحم للغاية، وكان لابد أن يبدأ بمراجعة ملف القضية التي تم تحويلة إلى مكتبة من خلال أمجد التهامي بأقصي سرعة لإقتراب موعد المرافعة.

هاتف إيناس وأخبرها أن يتقابلا داخل المكتب كي يدرسا معا الملف، لكنها نبهتة إلى أن وقت إنتهاء العمل داخل المكتب قد قرب على مشارف الإنتهاء، وأبلغتة أنة ليس من المعقول أن يتواجدا في غياب الموظفين داخل مكتبهما وخصوصا أن الجميع يعلم بأمر زواجهما، فكيف سيفسرا حراس الأمن تصرفهما ذاك، وطلبت منة الحضور إلى مسكنهما المشترك فرفض بشدة قاطعة، فأقترحت علية الذهاب إلى سكنة السابق فقابل إقتراحها أيضا بالرفض التام، فأعلنت إستسلامها وتركت له الخيار وبعد تفكير وحيرة وتشتت لم يجد أمامة سوي أقتراحها الأول لينهيا به دراسة تلك القضية التي أجبرتة على العودة مرة اخري إلى الجلوس معها على طاولة عمل مشتركة، ولكنة أقسم لحالة ووعدها أنها ستكون المرة الأخيرة التي يرضخ بها لأمر مجبر على فعلة، ومهما كلفة الامر من خسائر فادحة بالعمل سينفذ ما انتواة، فقد قرر أن تنتهي تلك القضية وسينهي لإيناس وعدنان عقدي عملهما معه وكنوع من التعويض عن ما بذلاة داخل مكتبة من وقت وجهد سيدفع لهما مبلغ مناسب من المال ليبدأ به ويعملا على إفتتاح مكتب خاص بهما وبعدها سيضع تلك الصفحة جانب حتى يمر العام ويحل حالة من ذلك الوعد الأسود الذي قطعة على حالة وبعدها سيغلق تلك الصفحة السوداء ويطويها إلى الأبد.

هكذا مني قاسم حالة ونسي أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
بالفعل توجة إلى الشقة، وبالصدفة البحتة وكأن القدر يريد فضح مخطتة بشكل مرتب، وصلا معا بنفس ذات اللحظة ورأهما حارس البناية ورحب بهما ثم أشار إلى عامل الجراچ ليأخذ سيارتيهما ليصفهما لهما بداخل جراچ البناية كي لا تحدث فوضي بالمكان
بنفس التوقيت.

ذهبت صفا إلى مكتب المحاماه الخاص به دون أن تهاتفه كي تقوم بمفاجأته كما قررت وإتفقت مع والدتها، تحركت لداخل المكتب التي أتت بعنوانه من موقع جوجل، سألت أحد رجال الحراسه الواقف ببداية ممر المكتب، أشار لها على مكتب السكرتارية.
دلفت إلى المكتب وتحدثت بوجهها البشوش: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظرت لها السكرتيرة وأجابتها بنبرة جادة: وعليكم السلام، تحت أمر حضرتك.

أجابتها صفا بنبرة هادئة: عاوزة أجابل دكتور قاسم النعماني.
تنادية دكتور بعد حصوله مؤخرا على الدكتوراة في القانون التي ناقشها قبل زفافة من صفا بعدة أسابيع فقط، ليعزز من مكانتة بين نظرائة من عمالقة القانون.

إبتسمت السكرتيرة وأردفت بدعابة: دكتور قاسم مرة واحدة كده، وأكملت وهي تشير لها بيدها في دعوه منها للجلوس: طب إتفضلي حضرتك إقعدي وقولي لي نبذة مختصرة عن قضيتك، وأنا هقول لحضرتك مين من الأساتذة التلاته اللي هيفيدك أكتر.
إبتسمت لها وتحدثت مفسرة: إنت فهمتيني غلط، أني مش جاية بخصوص جضية، أني جاية أجابل الأستاذ قاسم بنفسه.

أجابتها السكرتيرة: للأسف يا أفندم مش هينفع، لأن دكتور قاسم عندة جلسات في المحكمة إنهاردة وهيخرج من المحكمة على بيته على طول، وأصلا الوقت إتأخر وزمانه خلص ورجع على بيته.
حزنت من حالها عندما تذكرت أنها وإلي الأن لم تعلم عنوان منزل زوجها، فطلبت من السكرتيرة برجاء: طب ممكن تديني العنوان إذا سمحتي.
أجابتها برفض قاطع: للأسف ممنوع يا أفندم، معنديش أومر أدي عناوين الأساتذة لأي حد.

دلفت إحدي المحاميات المعينة في المكتب وتوقفت حين إستمعت إلى صفا وهي تتحدث: من فضلك تديني العنوان، لأني محتاچة المتر في حاچة ضروري.
وأكملت بمراوغة كي لا تتعرف السكرتيرة على شخصيتها وتخبر قاسم لتسعده ويضيع عنصر المفاجأة على صفا: أني جريبته من سوهاچ وكان عندي شغل إهني ومحتچاة في خدمة ضرورية، وللأسف معييش رقم تليفونة لان تلفوني الجديم ضاع بكل أرقامة اللي كانت علية.

تحدثت السكرتيرة بذكاء: بسيطة، خدي رقم التليفون وكلمية وخدي منه العنوان بنفسك.
قاطعتها المحامية قائلة: دكتور قاسم قافل تليفونه من قبل ما يدخل القاعة، وتقريبا كدة نسي يفتحه، لان أنا لسه مكلماه حالا كنت محتجاه في إستشارة ضرورية ولقيت فونه مقفول
وأكملت: وبعدين يا سها الأستاذة بتقول لك إنها قريبته، فيها إية يعني لما تديها العنوان، وأكملت بتهاون: ثم إنت لية محسساني إنها أسرار حربية.

أجابتها سها السكرتيرة: يا أستاذة عبير مينفعش، دي من أبجديات شغلي، ممنوع منعا بات إني أدي لأي حد عنوان الموظفين هنا
خلاص خلاص، متشكرة لحضرتك، كانت تلك كلمات صفا التي تحدثت بها إليهما وانسحبت للخارج بملامح وجة يائسة، وقررت مهاتفتة بعدما فشلت محاولتها في إيجاد حل لتقوم بمفاجأتة.

كادت أن تخرج من باب الشركة لولا صوت المحامية التي استوقفتها قائلة وهي تعطيها ورقة بها عنوان قاسم الجديد، والتي ذهبت إلية بصحبة العاملين في المكتب يوم عزيمة إيناس لهم كي يقدموا التهنئة بمناسبة زواج قاسم وإيناس: يا استاذة، إتفضلي العنوان أهو.

نظرت لها صفا بعيون متسعة غير مستوعبة أن القدر يقف بجانبها والحظ يحالفها والأمور تسير وفق تخطيتها، ثم استرسلت المحامية حديثها قائلة: معرفش ليه حسيت إنك محتاچة تشوفي الأستاذ ضروري وخصوصا إنك جاية من سفر
وأكملت برجاء: بس ياريت ماتقوليش للأستاذ إن أنا اللي إديتك العنوان، علشان ما تتسببليش في مشكلة.

كانت تنظر لها بسعادة هائلة وألتقطت من بين أصابعها الورقة كما الغريق الذي تعلق بقشة وهتفت بسعادة بالغة: أني مش عارفه أشكر حضرتك إزاي، ومتجلجيش، أكيد مهجولش لقاسم أيتوها حاچة
إبتسمت لها عبير وتحدثت بإستحسان وانبهار ظهر بعيناها: على فكرة، إنت جميلة أوي، مش بس شكلك، لا، روحك وحتى لكنتك الصعيدية زيداكي جمال وحلا.

شكرتها صفا بإمتنان وتحركت في طريقها بالسيارة التي كانت قد إستدعتها عبر تطبيق داخل هاتفها الذكي لتوصيلها إلى حبيبها التي تتشوق رؤياة، أعطت للكابتن العنوان وانطلقا إليه.

كانت تشعر وكأن روحها ترفرف بسعادة في السماء، كم كانت تتشوق إلى رؤية وجهة وهي تخبرة بحملها لقطعة منة داخل رحمها الطاهر، تخيلت سعادتة التي ستبدوا على وجهة وهو يتلقي ذاك الخبر السعيد، خجلت وأبتسمت بسعادة عندما تخيلت ليلتها التي ستقضيها داخل أحضانة، كم إشتاقت لضمتة، رائحة عطرة المثيرة لإنوثتها، قبلاتة التي ينثرها بسخاء على جسدها بالكامل، نظرات عيناة التي تنطق عشق وهو يتأملها، تخيلتة وهو يقضم الشيكولا المفضلة لديها كعادتة ويطعمها إياها بفمة لتتناولها منه بإثارة وجنون لكلاهما، إكتست وجنتيها بحمرة الخجل حينما وصل تخيلها وهو يزيدها من عشقة الذي تتلقاه داخل عالمهما الخاص بهما.

عند قاسم وإيناس
خرجا من المصعد سويا وهاتفت هي متجر البقالة وأخبرتهم بقائمة ببعض المواد الغذائية التي يحتاجها مطبخها، وطالبتهم بإحضارها على وجة السرعة
أما قاسم فدلف لداخل المسكن بساقين ثقيلتين مجبرين على الدخول، تحرك سريع إلى غرفة المكتب وخلع عنة چاكيت حلتة ثم وضعة فوق مقعدا جانبيا بعناية فائقة كي لا يفسد مظهرة،.

وضع مفاتيحة جانب وجلس فوق مقعدة، إلتقط نظارتة الطبية من حقيبتة وأرتداها، ثم مد يده من جديد وأخرج ملف القضية وقام بفتحة وبدأ بقرائتة بعناية وتركيز.

أتت تلك التي دلفت لداخل غرفتها لتخلع عنها ثيابها العملية وتبدلها باخري مريحة ولم يخلو الامر من تعمدها الدائم لإثارتة حيث إرتدت متعمدة كنزة بدون أكمام مفتوحة من الامام وتظهر مقدمة نهديها وإستدارته، وشورت قصيرا يظهر سيقانها العارية ونثرت عطرها الإنثوي، تحركت وجلست بجانب ذلك الذي لم يعر لدخولها ولا لما ترتدية أية إهتمام، كظمت غيظها من تعمدة لعدم النظر إليها وإهانتاتة المتعمدة دائما لإنوثتها التي تراها هي هائلة.

بدأ يحدثها وهو ينظر لتلك الأوراق ويحرك قلمة فوق الكلمات المراد ذكرها، وأخبرها عن إكتشافة لوجود ثغرات قانونية داخل المحضر الخاص بإثبات الواقعة، إندمجت معة وبدأ يتناقشان ويدرسان الملف بكل دقة واهتمام،
فجأة شعرت بصداع وتحدثت إلية وهي تمسك بمقدمة رأسها بإرهاق: أنا هقوم أعمل لنا فنجانين قهوة علشان نعرف نركز.

هتف بنبرة حادة أرعبتها وجعلتها تنظر إلية بحدة وأستغراب: مش هشرب حاجه، إعملي لنفسك وياريت بسرعة علشان منضيعش وقت على الفاضي
تنفست بغضب وتحركت إلى المطبخ لصنع القهوة وهي تحاول تهدئة حالها من حالة الغضب التي أصابتها من إسلوبة الحاد.

عند صفا
تنهدت بإرتياب عندما توقف السائق وأخبرها أنها وأخيرا وصلت لمقصدها وتأكدت منه أنها وصلت للعنوان الصحيح المتواجد داخل الورقة، ترجلت من السيارة بعدما أعتطة ثمن رحلتها وشكرتة، وصلت لمدخل البناية وأردفت متسائلة حارسها: الأستاذ قاسم النعماني موچود فوج في شجتة لو سمحت؟
أجابها بنبرة تأكيدية: إيوة يا ست هانم، لساتة طالع من شوية هو ومرتة.

إبتسمت ضاحكة وهتفت من جديد إلى الحارس التي فسرت حديثه على أنة تشابهت علية الأسماء ليس إلا
هزت رأسها يمين ويسارا وتحدثت: أني جصدي على الأستاذ قاسم المحامي اللي ساكن في الدور الرابع.
أجابها بنبرة تأكيدية بها بعض التملل: ما أني لساتني جايل لك إنة موچود يا ست، لساتة طالع من ياچي نص ساعة هو ومرتة الأستاذة إيناس اللي عتشتغل وياة محامية في المكتب بتاعة.

قشعريرة باردة أصابت جسدها وكأنها تلقت موجة صقيع مفاجاة أصابتها برعشة مفاجأة، وبرغم إرتباكها ونفضت جسدها إلا أنها كذبت هذا الرجل وقررت عدم الجدال أمام ذلك الأبلة وتحركت إلى المصعد وأستقلتة وضغطت زر الصعود للأعلي، وهيأت حالها لرؤية حبيبها.

خرجت من المصعد وباتت تعدل من وضع ثيابها وهيأتها، أخذت نفس عميق وهي تحاول طرد حديث ذلك الأبلة التي تكاد تجزم من أنه غائب عن الوعي بسبب تعاطية لمادة مخدرة أفقدتة توازنة وبات غير مدرك لما يخرج من فاهه
إبتسمت وإنتعش قلبها بسعادة ممزوجة بخجل وتوتر لرؤية وجة حبيبها، ضغطت زر الجرس وانتظرت، إنقباضة داهمت قلبها وهزتة بصدمة شديدة حين إستمعت لصوت أنثوي يأتي من الداخل قائلا: إفتح الباب من فضلك يا قاسم.

لكنها تراجعت سريع عن توترها ومنت حالها أن هذا هو العنوان الخطئ وهذا هو التفسير الوحيد للعبث الذي يحدث معها الان
تراجعت للخلف عندما إستمعت لصوت إدارة مقود الباب، لتعطي له مساحة وتعتذر منه على الخطأ الغير مقصود وتغادر على الفور، ثم تهاتف حبيبها ليرحمها من تلك التيهة التي أصابتها عن طريق الخطأ.

وبلحظة تسمرت مكانها وشعرت بدوار شديد غزي رأسها وبأن عالمها ينهار تحت قدميها عندما رأت متيم روحها ومالك زمام أمرها وهو يقف امامها بكامل هيأتة، مرتديا بنطالة وقميصة الذي يشمرة إلى منتصف معصمة، وما أكمل عليها وذبح روحها هو نطق تلك التي تقبع داخل مسكن زوجها وتنادية بحبيبي!
إنتهي الفلاش باااااك
عودة للحاضر.

وصلت صفا إلى الفندق وأستقلت الباص الذي تحرك بجميع الأطباء الذين أتوا من محافظة سوهاج لحضور المؤتمر،
جلست بجانب أمل التي سألتها بإرتياب عندما رأت تغير وجهها برغم إرتدائها لنظارتها الشمسية العريضة التي خبأت نصف وجهها: إنت كويسة يا صفا؟

نظرت لها من خلف نظارتها وهزت رأسها نافية، وأنسابت دموعها كشلالات تچري فوق وجنتيها وكأن شحنة قوة تحملها قد نفذت وحان وقت الإنهيار، سحبتها أمل لداخل أحضانها بعدما شعرت بوقوفها على حافة الإنهيار، رمت حالها بإستسلام وبكت بشدة وانهيار
أسرع قاسم إلى المطار وسأل عن موعد إقلاع الطائرة المتجهة إلى سوهاج، علم أنها ستتحرك في غضون الساعة، ولحسن حظة أنه وجد أماكن خالية بالطائرة،.

علي الفور قام بحجز تذكرة عودة بها وجلس داخل صالة الإنتظار حتى يراها، جاء موعد الإقلاع وبدأ الجميع الصعود على متن الطائرة دون ظهورها مما أصابه بالرعب عليها، أخرج هاتفه سريع وهاتف ورد لتيقنه بعلمها بخط سير إبنتها
تحدث بنبرة مرتبكة خشية من أن تكون صفا قد قصت لها عن ما حدث: أني واجف في المطار والطيارة خلاص جربت تطلع وصفا مجاتش لحد دلوك.

وأكمل كطفل تائة ينظر بعيون زائغة تتلفت هنا وهناك باحث عن مصدر أمانة: معتردش على تلفوناتي ومعارفش أوصل لها
أجابتة بإستغراب: صفا ركبت الجطر من ياچي ساعة وأكتر
واكملت بتساؤل مرتبك: هو إية اللي حصل بيناتكم يا قاسم، طمن جلبي على بتي يا ولدي الله يرضي عليك
أجابها وهو يهرول إلى سلم الطائرة ويصعدة بسرعة فائقة بلحظاتة الأخيرة قبل رفعة عن الطائرة إستعدادا لإقلاعها في الهواء: متجلجيش يا مرت عمي، أني وصفا بخير،.

واكمل بنبرة صوت مختنقة أصابت قلب ورد بالخوف الشديد مما هو قادم: هي بس بتچلع على چوزها لجل متعرف غلاوتها عندية، بس هي متعرفش إنها أغلي الغوالي، والله العظيم أغلي الغوالي ومجامها عالي جوي چوة جلبي
أنهت ورد مكالمتها معه ورمت حالها فوق المقعد بإهمال ونظرت أمامها بشرود تنتظر حضور زيدان من الخارج ليجاورها وهما ينتظرا الكارثة الكبري التي دائما ما كانت تشعر بقدومها بقلب الأم.

وصل قاسم مطار سوهاج وبسرعة الرياح تحرك للجراچ المجاور للمطار والذي يضع داخلة سيارتة الخاصة وذلك ليستقلها إذا عاد يوم متاخرا ولم يرد إزعاج من بالمنزل، إستقلها وذهب سريع متجة إلى محطة القطار
ووقف ينتظر وينتظر بقلب يأن ويصرخ ألم على حبيبة قلبة التي لم يدق قلبه بيوم لسواها.

داخل القطار، كانت تقبع فوق مقعدها المريح التي هيأتة لها أمل واراحتة للخلف كي يكون مريح لها ولا تشعر بمتاعب السفر لاجل جنينها الذي يسكن أحشائها ولا يعرف مصيرة مما يحدث
تحرك ياسر إلى كافتيريا القطار وجلب لهما بعض الشطائر والمشروبات الغازية وتحدث بهدوء وهو يترقب ملامح وجة صفا الصامتة التي لا تنذر بالخير أبدا: جبت لكم سندوتشات معايا لما لقيتكم مش حابين تاكلوا في الكافيتريا.

بسط ذراعه إلى تلك الشاردة التي تنظر أمامها في اللاشئ وكأنها فقدت النطق والحدس: خدي السندوتش يا صفا، إنت مرتضيش تاكلي معانا وإحنا في الفندق وقولتي هتتغدي مع جوزك، وأكيد مأكلتيش لأنك متأخرتيش عندة
لم يتحرك لها ساكن وكأنها لم تستمع إلية من الأساس
تناولت أمل منه الشطيرة وأمسكت كتفها وتحدثت إليها بهدوء كي تحثها على تناول الطعام: لازم تاكلي أي حاجة يا صفا، كدة خطر على حياة الجنين.

إنتبهت على كلماتها الأخيرة وكأنها تناست أمر صغيرها وسط زحمة مشاعرها التي إنتابتها جراء مصابها الجلل، نظرت لأسفل بطنها ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها ومازال الجمود يسيطر على ملامح وجهها، وبرغم قلقها على صغيرها إلا أنها رفضت تناول الطعام رفض قاطع مما جعل امل وياسر يستسلما لرغبتها.

قرب ياسر فمه بجانب اذن أمل وسألها بهمس لم يصل إلى مسامع تلك الشاردة، عن ما جري لها وجعلها تبدوا هكذا كالأموات، أخبرتة أن لا علم لديها وأنها احترمت صمت صفا وعدم رغبتها في الإفصاح عن ما حدث معها أثناء زيارتها المفاجأة لزوجها
مما جعل ياسر على يقين بأنها ظبطتة متلبس بوضع مخل مع إحداهن، وهذا هو التفسير الوحيد لحالتها تلك.

فاقت على إرتفاع صوت رنين هاتفها، إضطرت للنظر بشاشتة لتيقنها أنها والدتها التي تموت رعب عليها ولذلك تهاتفها كل نصف ساعة تقريبا، ابلغتها ورد ان قاسم قد وصل إلى محطة القطار وهو الان بإنتظارها، لم تعلق على حديث والدتها إلا بكلمات بسيطة جدا خشية هلع والدتها عليها وهي بعيدة عن محيط أنظارها
بعد مرور بعض الوقت.

أخرجت هاتفها حينما تيقنت من إقتراب وصول القطار عند المحطة، طلبت رقم يزن الذي كان يجلس بالمحجر بصحبة العمال وهم يتبادلون بينهم الاحاديث المثمرة والضاحكة للتسلية، إبتعد عن العمال ورد عليها مستغرب إتصالها بذلك الوقت المتأخر من الليل: كيفك يا صفا
أجابتة بصوت مهزوز ضعيف يإن ألم: تعال خدني من المحطة يا يزن، إوعاك تتأخر عليا
إرتعب داخلة وهتف سريع بلهفة: خبر إية يا صفا، مالك، إية اللي حصل؟

أجابتة بصوت واهن وكأنها تحتضر: تعال بسرعة يا يزن، عاوزة أنزل المحطة ألاجيك مستنيني يا أخوي.
أجابها مطمأن إياها وهو يستقل سيارتة الچب وينطلق بها بسرعة فائقة: مسافة السكة وهكون عنديكي، متخافيش.

أما زيدان الذي دلف بسيارتة من البوابة الحديدية، وجد ورد تقف بالفيراندا الخاصة بمنزلهما وكأنها تنتظرة ويبدوا على وجهها القلق وهي تفرك كفيها بتوتر شديد، مما جعل الرعب يدب بداخل أوصالة
تحرك سريع إليها بعدما صف سيارتة بعشوائية، قصت له ما حدث فتحدث هو بنبرة مطمأنة لها برغم القلق الذي تملك منه: وإية اللي مخليكي جلجانة جوي إكدة، مش قاسم جال لك إنها عتدچلع علية، يعني بسيطة إن شاء الله.

أجابتة بإرتياب: عتضحك على حالك ولا عليا يا زيدان، أني وإنت خابرين زين إن صفا مش من البنات اللي عتدچلع على رچالتها إكدة، وحتى لو إتچلعت، عتفوتة في مصر وتركب الجطر لحالها من غير متجولة إكدة؟
وأكملت وهي تشير بكف يدها بريبة: لاااااا، أني جلبي عيجولي إن فيه حاچة كبيرة جوي حصلت لبتي في مصر
إرتعب زيدان من تلك التي تشعر دائما بحال إبنتها ولا يخيب حدسها أبدا.

أخرج هاتفة وحدث صغيرته وأبلغها أنه سيذهب لإنتظارها وإصطحابها، رفصت وأخبرتة بصوتها الضعيف الذي أشعل نار زيدان، أنها قاربت على وصولها إلى المحطة وأن لا داعي لذهابة إليها في وجود يزن.

وصل يزن إلى محطة القطار وترجل من سيارتة وما أن رأه قاسم حتى إهتز داخلة وإشتعل نارا، تحرك يزن إلية وتسائل بإستغراب: قاسم؟
عتعمل إية إهنية، ووصلت ميتا من مصر؟
بادله السؤال بأخر قائلا: إية اللي چابك يا يزن؟
أجابه: صفا إتصلت بيا من شوي وجالت لي إنها على وصول، وطلبت مني أستناها لجل ما أوصلها للسرايا
هتف بإقتضاب: مفيش داعي لوچودك إهنية، روح إنت وأني هچيبها وأچي.

أردف يزن برفض إستفز به قاسم: معجدرش أروح إلا لما تاچي صفا وأطمن إنها بخير، وبعدها همشي طوالي وأفوتكم لحالكم
ثم نظر له بتمعن وأردف بنبرة تشكيكية: هي إية اللحكاية بالظبط يا قاسم، صفا تسافر لك الصبح وتجول إنها هتبات عنديك، وبعدها تتصل بيا وتجولي إستناني في المحطة، وأچي ألاجيك واجف إهني مستنيها، مش غريب إشوي الموضوع دي؟

صاح بضيق وغضب، فأخر شخص كان يتمني رؤيتة بهذا التوقيت هو يزن: مليكش صالح إنت بالموضوع دي وروح يا يزن، واكمل بنبرة حادة: واحد ومرتة، عتحشر حالك بيناتنا لية؟

لم يكملا نقاشهما الحاد وتوقف كلاهما عندما توقف القطار وبدأ الركاب بالنزول منه، جري عليها قاسم حين وجدها تترجل بضعف وتساندها أمل بكلتا يداها، تنفس براحة حين وجدها أمام عيناة سالمة، هرول إليها وكاد أن يقترب من وقوفها ليضمها لداخل أحضانة ويطمئن عليها بعد رعبه الهائل الذي أصاب قلبه قلق عليها، بعيدا عن خوفة من إفتضاح أمرة، حتى شاهدتة هي وتراجعت للخلف سريع ووضعت كلتا يداها كسد منيع وهتفت بنبرة تهديدية حادة: إوعاك تجرب مني ولا تحاول تحط يدك عليا.

رفع كلتا يداه لأعلي في حركة إستسلامية وتحدث مهدء إياها: خلاص إهدي، مهجربش منيكي، بس تعالي إركبي معاي العربية لجل ما أوصلك البيت ونطلع على شجتنا ونتكلموا
صاحت به وهي ترمقة بنظرات كارهة مشمئزة مما جعل يزن يقف مزبهلا مذهولا مما يري: لساتك عم تجول شجتنا، إحنا خلاص يا متر، معادش فية حاچة هتچمعني بيك تاني بعد إنهاردة.

إقترب منها يزن فأسرعت هي إلية وأمسكت ذراعة لتحتمي خلف ظهرة وتحدثت بعيون مستعطفة ونبرة ضعيفة قطعت بها انياط قلوب المحيطين حزن عليها: خدني من إهنية ووديني عند أبوي يا يزن.

جحظت عيناة عندما رأها تستنجد بغيرة لتحتمي منة، أشتعلت نار صدرة وجري عليها وجذبها بقوة وأمسك كف يدها بعناية وكأنة يخشي هروبها منه، وبدأ بسحبها خلفة إلى مكان السيارة تحت نظرات المحيطين بهم الذين يشاهدون ما يحدث من حولهم بترقب وكأنهم يتابعون فيلم سينمائي، جري يزن علية حين إستمع لصوت صفا وهي تستنجد به وتحاول فكاك يدها من قبضتة القوية بكل ما أوتيت من قوة، ولكن دون جدوي.

جذبها يزن من يدة بقوة وتحدث إلى أمل التي تشاهد ما يجري أمامها بقلب مرتجف وجسد ينتفض: دخليها عرببتي بسرعة يا دكتورة
أسرعت عليها أمل وساعدتها في الصعود إلى السيارة وأحكمت غلقها عليها تحت دموع تلك التي تنظر على قاسم ويزن وهما يقتتلان بعنف ويحاوطهما بعض من البشر وياسر الذي تدخل لفض تشابكهما الذي وصل لضرب كلاهما للأخر بطريقة عنيفة.

أفلت يزن حالة من بين يداة وجري على سيارتة وأستقلها سريع تحت صياح قاسم الذي يكبل جسدة من قبل المتداخلين لفض الإشتباك، صاح بهما بغضب وخلص جسدة المكبل بغضب، وجري على سيارتة وأستقلها وتحرك خلف يزن بجنون
نظر ياسر إلى أمل وتحدث بإرتياب: العيلة دي كل رجالتها مجانين رسمي.

تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة: من فضلك يا دكتور توقف لي عربية علشان توصلني السكن، وياريت لو كلمت يزن وطمنك على دكتورة صفا تبقي تتصل بيا وتطمني
أماء لها بموافقة وتحركا سويا
نظر يزن إلى صفا وسألها مستغرب: إية اللي حصل يا صفا ووصل قاسم لحالة الچنان اللي هو فيها دي؟

أجابتة بنبرة واهنة ودموع غزيرة شقت بها صدر يزن: ولد عمك دبحني يا يزن، المحامي اللكبير طلع مستغفلني ومتچوز عليا وجاعد ويا عروستة يجضي شهر العسل في مصر
قور يدة ودق بها مقود السيارة بعنف وتحدث من بين اسنانة وهو يسبة بغضب: عملتها يا قاسم ال، خنت ثجت چدك وعمك فيك برغم إني حذرتك
توقفت عن البكاء ودققت النظر للجالس بجانبها وسألتة: معناتة إية الكلام اللي عتجولة دي يا يزن؟
كنت عارف بموضوع چوازة إياك؟

زفر بضيق وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتابع القيادة بسرعة وحذر ليتفادي ذلك المجنون الذي يقود سيارتة بطريقة جنونية ويتتبعة: اللحكاية ليها أصل يا صفا، موضوع عشجة لزميلتة دي من زمان جوي، من ياچي تمن سنين وأكتر.

كانت تستمع إلية بذهول، ذبحت كلماته القاسية قلبها العاشق، شعرت بتداخل أصوات عالية وغريبة وأحداث كثيرة تداخلت وتراكمت فوق بعضها وأحدثت فوضي بعقلها، باتت الذكريات والمواقف تغزو عقلها وبدأت بتذكر ليلة تخرجها وما قاله لها من حديث مميت لكرامتها وانوثتها،.

تيهه وذهول وكأنها داخل دوامة تسحبها داخلها وتمنعها من التركيز، باتت تفرق نظراتها على من يجلس بجوارها وهو يقص عليها كل ما يعرف عن قصة غرام قاسم بصديقة دراستة وعملة والمكالمات الهاتفية التي كان يستمع إليها بالصدفة،.

حتي مكالمتة ليلة الحنة ذكرها لها، حولت بصرها للذي ينادي على إسمها بصراخ وهيأة جنونية وهو يحث يزن على التوقف الفوري ويترجاها بعيناة الصارخة، شعرت بصداع شديد من شدة تداخل الأحداث ببعضها ومن عدم قدرت عقلها على إستيعاب كل تلك المعلومات التي أصابتة بالجنون، ضمت رأسها وأحتوتها بكفيها وهي تضغط بهما فوقها وتهز رأسها يمين ويسارا بعدم تصديق لكل ما يجري من حولها.

ما شعرت بحالها إلا عندما توقفت السيارة عن الحركة فجأة وهي تحدث صوت عاليا نتيجة إحتكاك إطارات السيارة بالأسفلت، نظرت حولها بتيهة وجدت والداها ينتظراها بترقب والقلق يظهر فوق ملامحهما، وما أن إنتوت النزول حتى وجدت سيارة قاسم هو الاخر قد توقفت بنفس تلك الطريقة وكأنة مشهدا مكرر أمام عيناها.

نزل يزن من سيارته وأيضا قاسم الذي جري على صفا وتحدث برجاء، : بلاش تضيعي كل اللي بيناتنا في لحظة غضب يا حبيبتي، تعالي نطلع فوج في شجتنا وأني عجولك على كل حاچة
بكت بدموعها الغزيرة وتحدثت وهي تميل راسها بضعف: مبجاش لية لزوم حديتك.

وأكملت وهي تهز رأسها بضياع ومرارة: معرفت كل حاچة خلاص، عرفت إني أكبر مغفلة لما صدجت واحد الخيانة بتچري في دمة كيفك يا حضرة المحامي، عرفت إني كنت مچرد تسلية عتتسلي بيها في وجت فراغك وإنت جاعد بعيد عن حبيبتك
أمسكها من يدها فنفضت يده وصاحت بصراخ خرج على أثرة جميع من بالمنزل بأكملة: بعد يدك عني يا خاين ناسك
جري عليها زيدان وتحدث بنبرة غاضبة: عتجولي إية يا صفا؟

نظر لها قاسم يهز رأسه بتوسل ويترجاها بنظراتة أن لا تفصح عن ما حدث كي لا تخلق فجوة كبيرة بينة وبين عمة
ضربت بتوسلاتة عرض الحائط وحولت بصرها وهتفت بألم شرخ صدر زيدان لنصفين وتحدثت: عجول اللي عرفتة وشفتة بعنيا يا أبوي، إبن أخوك المحترم طلع متچوز عليا بجالة شهر.

إتسعت عيناي زيدان بذهول حين دبت ورد على صدرها بصرخة مؤلمة دوت بأرجاء المكان، أما فايقة التي كانت تنظر من شرفتها بالطابق العلوي بعدما خرجت سريع على صياح صفا واستمعت بإعترافها، فنزل الخبر عليها كالصاعقة الكهربائية وأرتعب جسدها لعدة أسباب، أهمهما هو غضب عتمان على ولدها وطرده وحرمانة من جنة النعماني وأموال العائلة، ويليه طلاق قاسم لإيناس الذي أصبح مؤكدا وهو لم يلمسها إلى الان، وبالتالي لم تستطع تحقيق إنتقامها الأسود بالشكل الذي يليق بإهانة زيدان لها.

وليلي التي تقف أيضا بشرفتها وهي تربع ساعديها وتضعهما فوق صدرها وتنظر إلى إنهيار صفا التي ترتمي داخل أحضان زيدان بجسد هزيل ينتفض من شدة بكائها المتواصل، إبتسمت بشماتة وهي تهز ساقيها بسعادة وروحها تحلق حول السماء، وكأنها تتراقص على صوت شهقات صفا التي تصل لأذنها كسيمفونية رائعة قام بعزفها أعظم الموسيقيين.

ومريم التي خرجت أيضا بشرفتها وقلبها ينزف دم على إبنة عمها الخلوق التي لم تستحق ما فعلة بها من عشقتة حتى أتي العشق منتهاة، يجاورها ذلك المتألم لأجل إبنة عمة وشقيقة الواقف كالمدبوح
وقدري الذي لا يعلم كيف نزل الدرج وأصبح بجوار نجلة كي يساندة في مصيبتة تلك
توقف الجميع عن الحديث عندما إستمعوا لصوت الجد الغاضب الذي صاح من نافذة حجرتة وتحدث بنبرة صارمة: معايزش أسمع لحد فيكم صوت،.

وهتف بحدة: زيدان، هات بتك وتعالي على المندرة.
ورمق قاسم بخيبة أمل وتحدت بحدة وغضب: وإنت كمان تعالي يا ولد قدري
تنفس بيأس عندما ناداه جده بإبن قدري، فهذا اللقب ينادية به عندما يخيب أملة به.

داخل حجرة الإجتماعات الخاصة بالعائلة
كان جميع من يهمهم الامر يقفون متأهبون لمناقشة تلك المصيبة الكبري التي حلت على رؤوس الجميع بلا إستثناء، عثمان، رسمية، زيدان، ورد، قاسم، صفا، قدري، فايقة، وفقط لا غير، حيث أخرج الجد باقي الحضور لتكون الجلسة لمن يمسه الأمر وفقط
كانت تجاور والدها الوقوف وهو يحتويها بذراعية ويلفهما حولها برعاية ليطمأن روحها المهترئة.

أما هو فكان يقف بمنتصف الغرفة كالمتهم الذي ينتظر النطق بإصدار الحكم علية، مصوب عيناه أمامة في نقطة معينة بالجدار وذلك لعدم قدرتة النظر بكم العيون المصوبة إلية وكم هائل من الأسئلة تدور بأذهانهم وتظهر بأعين الجميع، وأهمها لما؟
كم كان يشعر بخزي وعار لموقفة الذي وضع به أسف
دقق عتمان النظر إليه وتحدث قائلا بنبرة بائسة، نادمة، لائمة: تعرف إية هي غلطتي الوحيدة وياك؟

غلطتي إني إديتك الأمان ومتوجعتش إن الطعنة هتاچيني منيك، أمنت لك وأمنتك على چوهرتي وچوهرة أبوها الغالية، بس نسيت إنك ولد قدري، واسترسل بفحيح وإهانة: نسيت إن الغدر والخيانة عيچروا چوات دمك كيف الماية مبتچري جوات المچري
وأكمل بإهانة: طلعت ولد أبوك صح يا قاسم
وأكمل وهو ينظر إلى قدري بإشمئزاز: وراثة أصلها
ثم دقق النظر إلى قدري وبحديث ذات معني ومغزي تفوه قائلا: بس أبوك غدر باللي يستاهل.

إبتلع قدري لعابه رعب ونظرت فايقة إلى زوجها مضيقة العينان غير مستوعبة ما يقصده عثمان، نفضت رأسها من تلك الأفكار التي طرأت على مخيلتها جراء نظرات وحديث عثمان، فهي الان ليست بحاجة إلى ما يزيذ من تشوش عقلها أكثر
أعاد عتمان ببصره من جديد إلى قاسم الواقف متخشب بصمود وملامح وجه مبهمة واسترسل حديثه: لكن إنت تخون بت أبوها الزينة ليه؟

وصاح بأعلي صوتة، غاضب وهو يدق بعصاه الأرض بحده أرعبت الجميع: تخوني وتخون ثجت عمك فيك ليه، ليه يا ولد قدري ليه؟
وهنا قرر الخروج عن صمته بعدما أستفزة عثمان بنبرتة المرتفعة وحديثه المهين، وسألة بصوت جهوري غاضب وكأنة كان ينتظر لحظة الإنفجار وها هي قد حانت: صح معارفش أني ليه عملت إكدة يا چدي؟

وأكمل بنبرة غاضبة كي يكشف له حقيقتة المرة ويرية حقيقتة العارية أمام عيناة، وكيف فعل بأحفادة عندما قام بإجبارهم، تحدث متناسي تلك التي تقف بكيان مدمر: عملت إكدة لجل ما أكون أخدت جرار واحد لحالي، حبيت أعيش شعور إني راچل وليا رأي وكلمة، حبيت أحس إني إنسان وليا كياني ومن حجي الإختيار، حبيت أخرچ مرة واحده من تحت عبايتك وچلبيتك اللي مغمي بيها عنينا طول الوجت وساحبنا وراك كيف المواشي، كان نفسي أچرب شعور الإختيار وإن مش كل حاچة بالإجبار.

وإنت عشت عمرك كلياته متساج ومليكش كلمة ولا رأي وكنت راضي، ويوم ماتجرر تبجا راچل وليك رأي وجيمة، يكون أول جرار ليك هو دبحي وخيانتك وغدرك بيا؟ جملة تفوهت بها صفا بنبرة ساخطة
تحرك إليها قدري ووقف قبالتها وتحدث بحدة: المرة اللي عتكلم چوزها وتهينة إكدة جدام الرچالة، تبجا مرة ناجصة رباية ومحتاچة اللي يعيد تربيتها من چديد يا عادمة الأدب والرباية.

و قام برفع كف يده لأعلي ليقوم بصفعها، سبقه قاسم الذي جذبها وادخلها بداخل أحضانه ولف أحد ذراعية حول ظهرها والأخر حمي به رأسها التي دفنها داخل صدره بعناية وخوف شديد
وألتف بجسده ليقابل هو والده مخبئ صفا بين أحضانه وتحدث قاسم إلى والده بعيون تشع غضب: أبوووي، بعد يدك وبلاش تحط حالك جدام طوفان غضبي، لأني مهسمحش لمخلوج يمس شعرة واحدة من مرتي طول ما أني عايش على وش الأرض.

جري عليه زيدان الذي جذب تلك التائهة المتخبطة من بين أحضانة وأدخلها بصدره محتويا إياها هاتف بصياح: مرتك مين يا واد اللي عتتكلم عليها دي، إنت فكرك إني عخليك حتى تشم ريحتها بعد اللي عملتة فيها يا بايع ناسك.

شعر بجملة عمة وهي تشطر صدره لنصفين، أحال بصره سريع على تلك الباكية، وجدها تنظر إلية بذهول والمرارة والألم يسيطران على قلبها النازف، حينها شعر بكم الاذي النفسي الذي تلقتة حبيبتة على يدة عندما تحدث بوضوح كي يظهر لعتمان حقيقتة البشعة، ونسي تلك الواقفة التي إستمعت لإعترافاتة المميتة لشخصها ولقلبها العاشق.

حين تحدث الجد إلى قدري بصياح وصدر يعلو ويهبط بغضب عارم: كنك إتچنيت يا عديم المروئة، بجا عاوز تمد يدك على بت أخوك في وجودي ووچود أبوها يا عويل
وأكمل بإهانة لرجولتة: طب ولما أنت راچل إكدة وبتعرف تربي، مش كان من الأولي إنك تربي مرتك وبتك، على الاجل مكنوش كسروا رجبتك وخلوك مسخرة جدام الكل يا دلدول المرة.

أنزل قدري بصرة للأسفل خجلا من نظرات الجميع المشمإزة منه
حين نظر زيدان إلى قاسم بعيون لائمة لنجله الذي لم ينجبة مثلما دائما يلقبة: جبلت بالكسرة كيف على بتي يا ولد أخوي؟
هي دي أمانتي اللي وصيتك عليها وهو دي وعدك ليا؟
وأكمل بعيون شبة باكية هزت كيان قاسم بالكامل: مش جولت لي إنك معتكسرهاش ولا عتزعلها في يوم؟

وأكمل وهو ينظر داخل عيناة ويسألة بحدة: ده أنت وعدتني يا واد، خونت عهدك ودوست على كلامي وكرامة بتي بچزمتك لية؟
وأكمل وهو يشير إلية بكف يده: طب كيف جبلتها على حالك تطلع عيل إصغير ومنتاش جد كلمتك اللي إدتها لي؟

كان يستمع لكلمات عمة وكأنها سياط حاد تنزل على جسده بقوة وبدون رحمة وتجلدة حتى النزف وتمزق كل إنش به، كم شعر بضألتة وخستة بتلك اللحظة، حتى أنة تمني في تلك اللحظة أن تنشق الأرض لنصفين وتبتلعة ويصبح نسيا منسيا
إبتلع سائل لعابة وأجاب عمة مبررا بصوت ضعيف منكسر ونظرة عين خجلة: على عيني كسر وعدي ليك والله يا عمي، كل اللي حصل كان غصب عني واتغصبت علية.

وكاد ان يكمل لولا صوت تلك الغاضبة التي رمقتة بإشمئزاز وصاحت بقوة وصراخ: كذااااب، كذاب ومليكش كلمة ولا عهد يا قاسم
حول بصرة إليها سريع ونظر لها بعينان متسعتان فأكملت هي بنبرة عالية وعيون غاضبة كارهة: كذاب والكذب بيچري چوة دمك كيفة كيف الخيانة، مرتك اللي إتچوزتها دي كانت زميلتك في الچامعة، وبعدها خدتها وشغلتها وياك في المكتب لجل متكون جريبة منيك.

إتسعت عيناه بذهول ودب الرعب بأوصالة، ودار سؤالا بباله، من أين لها بكل هذه المعلومات!
طرحت علية سؤالا وهي ترمقة بعيون متسعة من شدة غضبها: تنكر إنها حب عمرك وبجالك تمن سنين بتكلمها في التلفون وتحب فيها؟

نظر لها بإستعطاف وأمال برأسه لليمن يترجاها بأن ترحم قلبة من نظراتها القاتلة لروحة، وبأن تصمت لحين صعودها معه لمسكنهما الخاص، وحينها سيأخذها بداخل أحضانة ويطيب جراحها أولا، ثم يشرح لها كل ما حدث معه منذ البداية وحتى اليوم،
مسكين أيها القاسم، فيبدوا أنك وإلي الان لم تتعرف جيدا على الوجة الحقيقي لإبنة أبيها العزيزة.

كانت تبادلة نظراتها بكارهة وبلحظة تحولت إلى منكسرة، خانتها دموع الحسرة والألم وأردفت قائلة بنبرة نادمة جالدة لذاتها: بس إنت مش غلطان، أني اللي رخصت حالي لما جبلت أتچوزك بعد ما چيت لي جبل فرحنا بأسبوعين وطلبت مني أروح لچدي وأجولة إني معيزاش الچوازة دي
وأكملت: كان لازم أعرف إن فية في حياتك واحدة تانية لما دبحتني وجولت لي إن مش إنت الراچل اللي هتجبل إن غيرك يختار لك المرة اللي عتنام في حضنك.

إتسعت عيناي ورد ووضعت كف يدها تكتم به شهقتها من ذهولها الذي أصابها من ما أستمعت إلية
أما زيدان الذي إستشاط غضب وأشتعل داخلة من كم الإهانات التي تعرضت إليها صغيرتة وخبأتة بداخلها وتحملتها لحالها كي لا تحزن أبويها
صاح بنبرة غاضبة وهو يسألها بنبرة حادة: كيف سكتي ورضيتي بالمزلة دي يا صفا، ميتا ربيتك على على الرضوخ والمزلة أني؟

حولت بصرها إلى جدها ووجهت إلية نظرات لائمة لتحميلة ذنب كل ما حدث لها وتحدثت بدموع وضعف: إسأل چدي مين اللي خلاني أرضخ وأحط كرامتي وجيمتي تحت رچلين حفيدة اللكبير، كل دي لجل ما يضمن وچودة چارة،
وأكملت بدموع مؤلمة ونبرة منكسرة شقت بها قلب عثمان وأدمتة: مش أني وجتها إترچيتك وجولت لك بلاش ترخصني جوي إكدة يا چدي؟

ورفعت يداها وكتفيها بإستسلام وأكملت بدموعها: شفت وصلتني لفين، سلمتني بيدك للي دبحني وداس على جلبي وكرامتي بأوسخ چزمة عندية
شهقة عالية خرجت من رسمية نتيجة دموعها الأبية نادرة الهبوط والتي زرفتها حزن على صغيرة ولدها الغالي الذي يقف بقلب بأن ألم لأجل صغيرته
أما عثمان فأنزل ببصرة لأسفل قدمية خزي وألم على ما أوصل به تلك الأبية.

نظر زيدان وهتف بأعلي صوتة إلى قاسم أمرا غير مباليا بالجميع: طلجها يا واد، إرمي عليها اليمين.
إنتفض قلبه رعب ونظر لها بعيون مرتعبه وتحدث بقوة وإستماتة: مفيش جوة على وجة الأرض تجبرني إني أطلج مرتي،
ونظر لداخل عيناها الباكية وتحدث بقوة: صفا مرتي ومهيبعدنيش عنيها غير الموت
صاح زيدان بكل صوته قائلا بنبرة غاضبة وكأنة تحول إلى غول: يبجا عطلجها ورچلك فوج رجبتك،.

وأكمل مهددا: يا أما موتك هيبجا على يدي لجل ما أخلص بتي منيك يا خاين العهد
إنتفض قدري رعب من هيأة زيدان الجديدة على الجميع، وفايقة التي كانت تقف كالفرخ المبلول من شدة غضب عتمان وزيدان أيضا
وهنا تحدثت ورد التي صاحت بدموع رافضة حديث زيدان قائلة بنبرة متألمة: معادش ينفع يا زيدان، بتك معينفعش تطلج
حول بصره إليها سريع وتسائل بذهول قائلا: إنت اللي عتجولي إكدة يا ورد؟

نظرت إلية وهتفت بدموع مريرة: بتك حبلة يا زيدان.
إتسعت عيناه من شدة ذهولة، وتسارعت دقات قلبة بوتيرة عالية، كاد قلبه أن يقفز من بين أضلعه ويسرع إليها ليحتضنها ويطبطب على قلبها الجريح، ويضع يده على أحشائها ليطمئن صغيرة من حالة الهلع التي أصابتة بالتأكيد
جحظت عيناي فايقة التي قامت بأطلاق الزغاريد وكأنها وجدت كنزا سمين،.

نهرتها رسمية التي هتفت بقوة أخرستها وجعلتها تنكمش على حالها: إكتمي نفسك يا مرة يا سو لأكتمهولك أني
فرقت نظراتها إلى الجميع بتيهة، وفجأة شعرت بغيمة سوداء تقدم عليها وتبتلعها داخلها، فأستسلمت لها وماشعرت بحالها إلا وجسدها يتهاوي وكاد أن يسقط أرض معلنا عن إستسلامة وعدم قدرتة على التحمل بعد، جري عليها سريع وتلقي جسدها بين ساعدية قبل إرتطامة بالأرض.

حين صرخت ورد بإسم إبنتها التي حملها قاسم بين يدية كجثة هامدة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة