رواية قد زارني الحب للكاتبة سارة ح ش الفصل الثامن عشر
شبه سعادة
هل جربت من قبل أن تحب لدرجة تثق أن المحبوب يبادلك المشاعر ذاتها فتبدأ بصنع عوالم اخرى من تصرفات غير مقصودة لترزمها مع المقصود وتصنع حزمة من لحظات حب وهمية؟
ربما هذا أكثر ما دفع مرام للبكاء لحظتها. تلك الرزمة الوهمية من مواقف غيرة ونظرات سرية جعلها تعوّل على حب رامي وتثق من أنه لن يتمكن من التخلي عنها بعد الان. لم تدرك أنها الحقيقة وليس وهم!
جلست في غرفتها تنتحب مقررة القيام بخطوتها التالية بترك المنزل. ولكن ماذا ستترك خلفها؟ كل المشاعر التي اختلجتها ستضيع وكل اللحظات العائلية الحميمة ستندثر. ستضحي بكل هذه السعادة لتحمي من تحب. فقط من أجل هذا الذنب!
لم تتوقع للحظة أن رامي سيفكر بالدخول من بعدها. ولكنه فعل!
رفعت نظراتها المدهوشة نحو عينيه المنكسرتين النادمتين. كطفل لا يملك أحد ليحتضن تلك البراءة المغتالة بداخله.
أغلق الباب من بعده وجاء ليجاورها الجلوس على السرير وكلاهما لا ينظران لبعضهما. هي تطالع الارض باكية وهو يحدق أمامه بأسى.
لحظات من الصمت حتى خرج صوته الضعيف مهزوزاً:
-أسف.
أغمضت عيناها بألم وقالت من وسط بكائها بينما تلتفت نحوه:
-لا تفعل ذلك. لست أنت من يجب أن يعتذر.
وبلحظة لم تدرك مرام كيف حصل هذا وجدته ينظر نحوها بذات العينين المتوجعتين وقال بنبرة كانت وكأنها تطلب الاستغاثة وليست تفصح:
-أنا أحبكِ.
هنا توقف كل شيء. أنها لحظة لن يتمكن أحد من وصفها كيف ستكون. حتى وأن أدركتم الحب فالأمر سيبقى بذات التأثير حين تسمعونها لأول مرة. ستشعرون أن لا شيء يستحق أن تحزن من أجله وستتخيل أنه لن يصيبك الحزن بعد هذه السعادة. رغم أن بداية كل حب هي نهاية لسعادة لن تحصل عليها بعد الان!
هي لم تشعر بالضمأ ولكن فمها جاف الان
بطنها لم تكن تؤلمها ولكنها الان منقبضة بشكل موجع.
حروفها كانت تتجمع خلف شفتيها والان ابتلعتهم جميعاً.
عليها أن تقول شيء. أن تخبره أنها تحبه ايضاً ولكن كل ما كانت تفعله هو التحديق بوجهه القريب بعينين واسعتين وانفاس مضطربة
فأكمل هو وعيناه تزداد ألماً وكأنه يشكي لها مرضاً أصابه:.
-لم أشأ أخباركٍ. لكن عليكِ أن تفهمي لما أعاملكِ بهذا الشكل. لِما مرعوب من فكرة أن تكوني على اتفاق معهم. لما أبعدك تمام البعد عن أي شيء سيثير الشبهة حولكِ حتى لو انا من كان سيتهمكِ
انكسرت نبرته بغصة كانت تبدو وكأنها ستدفعه للبكاء لدرجة أنه كان يهمس بحديثه يخشى رفع صوته فينهار بين يديها:.
-أنا اخاف أن أخسركِ مرام. مرام التي يجب ان تكون ابنة اعدائي أنا واقع بغرامها الى أبعد ما يكون عن المنطق ومن دون سبب مقنع
-رامي أنا.
-اشششش. لا تتحدثي
أخرست حروفها فوراً لا سيما مع امتداد يده نحو وجهها يمرر أصابعه على ملامحها دون أن يلمسها فعلاً وهو يقول:
-الامر مؤلم. ولكن لا اريدك أن ترحلي. لا تتركيني. حتى لو كنتِ ابنتهم لا بأس. أبقي معي!
أغمضت عيناها بابتسامة فتساقطت دموعها مع نزول اصابعه ثم نظرت نحو عينيه وقالت بنبرة لم يدرك رامي في يومها نوعها. هل كانت متألمة؟ أم محذرة؟
-رامي. مهما حصل ومهما فعلت فلا تظن للحظة إني سأفعل أي شيء سيؤذيكم. كل ما أريده هو حمايتكم وحمايتك أنت بالاخص أقسم لك. لذلك مهما حصل أو سيحصل فلا تظن للحظة إني من الممكن سأخونكم. أريدك أن تتذكر هذا جيدا.
وقبل أن يرد بشيء لم يتفاجئ إلا بباب الغرفة يفتح بقوة. ومن غيرها؟
التفت رامي بضجر فلما رأت منظرهما تبسمت فوراً بشقاوة وهي تنادي على أمها في المطبخ:
-أمي؟ هل عندنا بعض الليمون؟
رغم جدية الموقف لم تتمكن مرام سوى من كتم ضحكتها بصعوبة على طريقة كلام رزان وتلميحاتها التي استمرت بمشاكستها وهي تغمز لرامي:
-صديقك بالصالة. فارق حبيبة القلب قليلاً واخرج لتجالسه!
هز رأسه بيأس مستغفراً ثم قال:.
-من أي بلاء أتيتِ أنتِ؟
-علمياً من ظهر أبيك ورحم أمك. مكانياً من الصالة للغرفة أما زمنياً فقبل دقيقتين
توجه نحوها وهو يدفعها عن طريقه ويخرج نحو فادي تاركاً لها فرصة التحقيق المتاحة مع البلهاء الاخرى كما كان يطلق عليها.
أول ما خرج رامي قفزت بجوارها على السرير وهي تقول بحماس ونظرات مشرقة: -إذاً؟
فادعت مرام الملل وهي تقول: -استغفر الله ربي واتوب اليك.
فهتفت بها رزان فوراً: -لا انظري سيدة رابعة البدوية أم العدوية لا يهم. لكِ ساعة تثرثرين معه لم تتململي الان جاءت رزان تذكرتِ أن تستغفري ربكِ؟ اما أن تخبريني بكل شيء وألا أقسم سأخرج الان وانفصل عن فادي
ضحكت مرام بقوة وهي تقول: -وما ذنب فادي؟
-سيكون ضحية عنادكِ
قالت مرام بخجل:
-لم يحصل شيء. نحن فقط تصالحنا!
-ولِما توهج وجهكِ؟ هل قبّلكِ مثلاً؟
شهقت مرام بخجل وهي تضربها على كتفها قائلة:
-تأدبي!
أعادت لها رزان الضربة وهي تجبرها على الاعتراف:
-اعترفي فوراً وألا سأفضحكم أقسم بالله. ماذا قال؟ هل اعترف؟
ضمت مرام شفتيها وبقيت تطالعها بينما تراقص حاجبيها. كانا فادي ورامي يخوضان حديث جاد ولم يسمعا إلا صوت زغرودة رزان فنظر فادي فوراً بشك مضحك نحو رامي وهو يقول:
-ولد أم بنت؟
هز رامي رأسه ضاحكاً بيأس وهو يقول:
-وانا الاحمق الذي ظننت أنك ستربي رزان واخلاقها المنحرفة!
-أربيها؟ دعني أستر على نفسي منها اولاً. هل يجرؤ أحد على تربية اختك؟
خرجت رزان من الغرفة تتحدث الى امها قاصدة أسماع رامي:
-حضري لنا الخواتم بدل الليمون يا ندى
فهتف بها رامي موبخاً:
-كفى سخافة!
فضحكت بكل قوتها وكأنها هي من حصلت على هذا الاعتراف لتغمرها هذه السعادة!
رغم سوء اليومين الماضيين لكن هذا اليوم كان قد قلب الموازين. عادت الضحكة وتلك الاجواء الحميمة ونظرات الحب السرية ولحظات الغيرة المكتومة.
عادت مرام لتستغل لحظات السعادة هذه لتعيش كل جزء فيها قبل أن يحرمها القدر من هذا الشيء
انتهى وقت الغداء وخرج رامي للشرفة يستنشق بعض الهواء ويحاول أن يستوعب ما ارتكبه من حماقة هذا اليوم. لكنها حماقة كانت تدفعه للابتسام كلما تذكرها!
أغمض عيناه يستذكر ملامحها القريبة فغزت فوراً انفاسه رائتحها ظنها جاءت محملة مع الذكريات. لكن صوتها جعله يدرك أن قفزت من مخيلته لواقعه!
التفت نحوها وهي تحمل كوب الشاي وتقول وقد لاحظ الخجل في نبرتها:
-أحظرته لك. أعني أعطيت للكل ولم يتبقى سواك
-وأنتِ؟
-ما بي؟
-أين كوبكِ؟
-في الصالة
ثم تبسمت مردفة:
- ويمكن أن يكون في الشرفة!
بادلها ابتسامة رضا كعلامة على ترحيبه بهذه الفكرة.
احضرت كوب الشاي الخاص بها وانضمت اليه بصمت أول ثلاث دقائق. ولكن حماسها وسعادتها كانت تمنعها من التغاضي عن السؤال:
- منذ متى؟!
نظر نحو عينيها الخجولة وقد كان واضحاً على ملامحها أنها كانت تصارع لتلقي سؤالاً كهذا.
تبسم وهو يرد:
- منذ متى ماذا؟!
فقالت تلومه:
- بالله عليك لا تمارس خبثك الان!
ضحك ليرتشف من كوبه محاولاً تضييع الوقت لاستفزازها أكثر مستمتعاً بلهفتها من اجل حبه.
نظر نحوها بعد تعذيب كافي وقال بأكثر ابتسامة دافئة طالعها بها منذ قدومها:
- اشياء كهذه لا تعرفين متى تقعين بها. أنتِ فجأة تجدين نفسك بخضمها!
لمعت عينيها ويكاد يقسم أنه يسمع ضربات قلبها تتراقص فأكمل:
- ولكن تيقنت بشكل نهائي بعد أن لاحظت إني اكره احمد بدون سبب مقنع!
ضحكت لترد:
- ما مشكلتك مع المسكين؟ هو حتى لو يلمح لي!
- لن يجرؤ أن يفعل.
سكت للحظات ثم قال:
- وكذلك.
سكت لوهلة فشد كامل انتباهها له ليكمل:.
- أدركت إني أريد اكون معكِ مع كل تلك صباحات العطلة التي أستيقظ فيها فأجدكِ امامي تتحدثين الى امي أو تمازحين رزان. شعرت أنكِ تنتمين لنا. لهذا المنزل. ولي أنا!
غزت عينيها نظرة دافئة مع عبارته الاخيرة ثم قالت بشيء من الخيبة:
- ونهايتنا؟!
حينها تحول فوراً للجدية مع حفاظه على نبرته المحبة:.
- مرام. لا تتوقعي للحظة إني سأقدم على خطوة الاعتراف دون ان اضع بالحسبان إني سأفعل المستحيل لنرتبط بشكل رسمي وشرعي. لست أنا من يتلاعب بالحب
تبسمت مطمئنة ظاهرياً ومقتولة من الداخل. فهي أكثر من يدرك أن لا نهاية لهما!
في الوقت الذي كانا يحدقان ببعضهما بُهيام علني لأول مرة كانا فادي ورزان يطالعانهما من الصالة فقالت رزان بابتسامة سعيدة:
-كم يبدوان جميلان معاً. يا للرومانسية!
فرد فادي بينما يلوي شفتيه:.
-يا ليت الله يرزقني برومانسية مماثلة!
نظرت له بطرف عينها وهي تقول:
-من يسمعك يقول إني حرمتك من شيء!
-وكأن اخاك يعطيني فرصة لأتغزل بك حين أزورك!
-كفاك تحجج. أنا معك في المستشفى سبع ساعات وحتى يدي لا تمسكها
فقال بينما يضيق عينيه بشكل مضحك:
-لِما اشعر أحياناُ أنك تحاولين اغرائي للانحراف والتحرش بكِ؟
بالكاد سمع صوتها وهي تتذمر بخفوت وترتشف شايها:
-وكأنه جاء بنتيجة اغرائي!
فلكزها بينما يغمز لها:.
-إذاً ما رأيكِ أن نتخلص من ازعاجات أخيكِ ونحسم الامر ونتزوج!
نظرت نحوه وابتسمت ببلاهة وهي تقول:
-أنا وأنت!
فرد بامتعاض:
-لا. أنا واحمد. لقد غيّر ميوله بعد أن هجرته مرام!
ثم ضربها بخفة على رأسها وهو يقول:
-أنا ومن مثلاً عداكِ؟
أبعدت يده بتذمر عن رأسها وقالت بتأفف بينما تستعدل بجلستها:
-أي زواج ايها الحالم. ألا ترى الظروف؟
فهتف بضجر:.
-ما شأني بالظروف أنا يا رزان؟ أنها الظروف ذاتها منذ شهرين وربما ستستمر على الوضع ذاته ليوم اخر أو لشهر اخر وربما لسنة. هل نؤجل زواجنا الى أن تحل القضية؟
وفجأة اخترقهم صوت مرام وهي تدخل من الشرفة قد لامس مسامعها كلمة زواج:
-من الذي سيتزوج؟
فرد فادي بتذمر مماثل:
-أنتِ ورامي!
تحول وجهها للأحمر فوراً لولا أن انتشلها فادي من صدمتها وهو يصفق يديه ببعضهما قائلاً:
-تفضلوا! أينما حلت رزان تنشر معها وباء بلاهتها.
فقالت رزان فوراً:
-لا أقسم لك جاءتنا هكذا من اهلها لم نتلاعب بها.
فقالت فوراً بينما تنضم لهما بالجلوس تحاول اغتيال الخجل الذي وضعاها به:
-ألا تأخذان أي شيء بجدية أنتما الاثنان؟ كيف سيكون اطفالكما في المستقبل؟
وهنا اخترقهم صوت رامي وهو يسأل:
-من حامل؟
فنظر فادي بطرف عينه نحو رزان فقالت فوراً:
-هذا أعترف أنه انتقل له الوباء.
فجلس على ذات الاريكة التي تجلس عليها مرام وهو يقول:
-ماذا هناك يا ظريفان؟
فقال فادي محاولاً أقناعه حين لم ينفع مع رزان:
-اختك الحمقاء ترفض ان نتزوج الان تقول لي الظروف لا تسمح
فردت مرام فوراً:
-وما شأن زواجكِ بالظروف عزيزتي؟
فقالت رزان بحيرة:
-لا اعلم. ولكن لا اظنه الوقت المناسب لذلك. أعني قد يحصل أي شيء
-ولهذا السبب بالضبط عليكِ أن تتزوجي. أفرضي حصل أي شيء. ألن يتأجل زواجكِ لشهور أو لسنة إضافية؟
فقال فادي يوافقها الرأي:
-وهذا ما أقوله لها بالضبط!
انضمت لهما ندى من المطبخ وقد كانت الوحيدة التي سمعت أطراف الحديث الصحيحة فجلست وهي تضع صحن الفاكهة بينهم وتقول:
-وأنا فكرت بهذا الامر ايضاً. أعني كلما استعجلتم بالزواج كان افضل
فقالت رزان بتذمر بينما تكتف يديها لصدرها:
-أجل لتتخلصي مني بأسرع وقت. أقسم لكِ أن بيتك سيكون جحيم وممل من بعدي
ضحكت ندى وهي تقول لها:
-لذلك نريد ان تستعجل بالزواج. قبل أن تغير رأيك بسبب طفولية ابنتنا!
كان الجميع حينها يضحك على تذمر رزان وروحها الوردية التي ستنشر البسمة إينما حلت ورغم حزن الجميع لأن روح كهذا ستفارق المنزل إلا ان الجميع كان يود فرحة تدخل البهجة لقلوبهم تنسيهم هذا الواقع الاسود الذي يعيشونه. لم يدرك أحد أن يوم رزان الابيض سيكون يوم مرام الاسود!
لم يدرك أحد أن مزاح فادي الذي بدأ صدفة قد تحول للجدية وبدأوا بتحضيرات الزفاف في المنزلين.
كانت مرام منهمكة الى حد كبير مع تجهيزات رزان ولأنها لم تكن تستطع مرافقتهما للتسوق لجهاز زفافها لذلك تولت كل أعمال المنزل من طبخ وتنظيف وغسل ملابس أو ترتيب اشياء رزان في الحقائب يلنقلها فادي الى بيتها الجديد
كانت اجواء تحب مرام بشدة أن تعيشها وتشعر بكل جزء بها من أنها جزء من هذا المنزل!
واخيراً حان يوم الزواج. يوم مملوء بدموع الفرح وتمنيات أبدية سعيدة وبدت فيه رزان كأميرة قادمة من قصة خيالية بفستانها الابيض وشعرها الاشقر!
عانقتها مرام للمرة الاخيرة بداخل منزلها ونظرت لها بدموع غزيرة وابتسامة سعيدة فقالت رزان بينما تحرك يديها أمام وجهها تمنحه بعض الهواء وهي تقول:
-أياكم أن يبكيني أحدكم. أتركوا المشاعر العائلية اتوسل اليكم أن سال كحلي سأبدو كالباندا وسيسخر مني فادي طوال الليل.
ضحكت مرام وضمتها اليها مرة اخرى وهي تقول:
-سأفتقد ازعاجاتكِ هذه كثيراً
بادلتها رزان عناق أشد وهي تقول:
-أشكر الله الذي وضعكِ في طريقنا. كوني سالمة يا مرام!
ثم ودعت مرام العائلة ليذهبوا نحو قاعة الزفاف وتبقى لوحدها. نظر لها رامي بأسى قبل أن يخرج وهو يقول:
-أتمنى لو كان بإمكانكِ مرافقتنا
-وأنا اتمنى ذلك ايضاً. لكن لا أريد خلق الشك حولي أو أن يصادفني أحد ويعرفني.
-حسناً. أغلقي الباب جيداً وسأتصل بكِ كل نصف ساعة لأطمئن عليكِ
-حسناً
ثم استدار يريد الرحيل فنادت أسمه بتردد التفت اليها فشاهد تلك العيون الدامعة والحروف المغتالة على شفتيها فالتفت اليها التفاتة كاملة وهو يقول يحثها على الحديث:
-نعم؟
فقالت بابتسامة عاشقة وهمس تخشى وصوله حتى إليه:
-أحبك.
فتح عينيه بدهشة وفرحة فأكملت بذات الهمس الخجول:
-أدرك انك تعرفها دون أن أقولها لكن لطالما أحببتك. أريدك أن تعرف هذا.
تبسم ومد يده بتردد ليلمس لها حجابها ثم ضمه بين أصابعه وقرّب رأسه ليشم رائحتها فجمدها هذا في مكانها واضطرب لها كامل توازنها فبادلها الابتسام وقال دون أن يرفع رأسه:
-وسأعرف كل شيء. اليوم سنتحدث!
ثم استقام بجسده وقال:
-اتفقنا؟
أومأت برأسها موافقة وابتسامة عريضة تزين لها وجهها وهي تنتظر عودته بلهفة ولولا أنه زواج اخته لربما منعته من الذهاب ليبقى أمامها أطول فترة ممكنة!
ودعته واغلقت الباب من بعده لتحرر شعرها من قيد الحجاب وتتجه نحو غرفتها لتحظى ببعض النوم قبل عودتهم بعد يوم متعب
لم تستغرق الكثير ليستسلم جسدها للخدر ويبدأ بالخضوع لعالم الاحلام
كانت الشقة تغط بسكون عميق لا شيء يُسمع سوى ضربات قطرات الماء في المطبخ وتكتكة عقارب الساعة.
تيك توك. المفتاح يدور في الباب. تيك توك. خطوات ذات صدى
هي تهذي. امتزج الواقع بالحلم دون أن تدرك أيهما أصح؟
هنالك أحد ما معها في الغرفة. تشعر بصوت أنفاس أحدها قربها والاخرى بعيدة عنها. هناك همس لصوت تعرفه ولكن لا تتذكره.
فتحت عينيها بتثاقل وركزت. ركزت جيداً تحاول الاستيعاب وفي اللحظة التي استوعبت بها قفزت من استلقائها مفزوعة لتشهق وتصرخ برعب ولكن يداً اخرى كتمت لها صرختها فوراً. فاستنتجت أنها يد علاء. فالقابع أمامها كان زيد!