قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل السابع والعشرون

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل السابع والعشرون

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل السابع والعشرون

تنهد سفيان بخفة حينما لاحظ حالة الجو المتوترة، قبل ثلاثة أيام هاتفوا الشرطة للقدوم و القبض على عبد القادر، ومع توسلاته التي لا تنتهي وصراخه لم يهتموا أبدًا.

كانوا قد حصلوا على اعترافًا كاملًا بجرائمه وجرائم ابنه، وبالتالي رائف أصبح محل شبهه ومطلوب للتحقيق معه، لكن رائف مختفي، ولا أحد يعلم له طريق، كل ما يعرفونه أنه هنا في الصعيد، أين بالتحديد أو ماذا يفعل لم يكن لهم علم بهذا، ولهذا أمر داوود بتشديد الحراسة ومنع خروج النساء من البيت إلا للضرورة القصوى، وعلى الرغم من الهدوء الظاهري إلا أنهم يعرفون بأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، طب إيه؟، هنفضل قاعدين محلك سر كده كتير، قال صالح وهو يتثائب بملل، فنظر له فرغلي بسخط قبل أن يلكمه في كتفه، يا بيضة، زهقانة؟، غور من وشي يا صالح علشان مش فايقلك، قال فرغلي فضحك صالح بسخرية قبل أن يجيبه، طب ما تسمعوا الخطة بتاعتي طيب، بدل من الخوف والقلق ده، نظر له سفيان بترقب وكذلك داوود ناظره باهتمام بينما أدهم كان سرحًا في خياله، إحنا ننصب ليه كمين، قال صالح بحماس، وحين رأى نظراتهم المهتمة أكمل قائلًا، يعني إيه أكتر حاجة توجع رائف، إن سفيان اتجوز عائشة، وده أصلًا إللي مجننه، وعلشان نقدر نطلع الفار من جخره نرميله حتة جبنة، يعني إيه برضوا، يعني هنجوز سفيان لعائشة، بفرح حلو كبير كده أهالي الصعيد تحكي وتتحاكى بيه، وهوب رائف يسمع يتجنن يطلع من الجحر بتاعه، حين أنهى صالح جملته انعقد حاجب سفيان بتفكير وكذلك داوود الذي حك ذقنه هو ال?خر، بينما فرغلي لكم صالح بقوة قائلًا بفخر، كنت عارف إن الدماغ دي متكلفة، ابتسم صالح بغرور وهو يعيد خصلات شعره للخلف ثم سرعان ما نظروا لبعض وقهقهوا سويًا، بس مامت عائشة لسه ميتة من فترة قريبة.

قال داوود بأسف فنظر له سفيان قائلًا، هما كل إللي يهمهم أصلًا هو حق والدتهم إللي ماتت بأبشع طريقة، عمومًا أنا هقول لمروان كل حاجة ولو وافق كان بها، لو موافقش يبقا نشوف حاجة تانية، أومأ صالح له بخفة وكذلك أيده داوود وفرغلي، نظر سفيان لأخيه بتعجب فوجده جالسًا يناظر الفراغ وبالتأكيد هو لم يسمع أي شيء مما قالوه، فرقع سفيان أصابعه بخفة أمام وجهه ففزع ال?خر ناظرًا له بسخط، مالك؟

قال سفيان باستغراب فتنهد أدهم بضيق ولم يتحدث، فهم الآخر أنه لن يتحدث أمامهم فنهض جاذبًا إياه وتحركوا ناحية غرفته، مالك يا أدهم مش على طبيعتك بقالك كام يوم، وإحنا اتعودنا منخبيش حاجة على بعض، أنا سيبتك وقلت ضغوطات وزعلان علشان شغله بس لأ ده مش بسبب الشغل، مالك بقا؟

قال سفيان بهدوء وهو ينظر لأخيه بترقب، فتنهد أدهم بضيق وقد غص صوته قائلًا، رهف، رهف صعبانة عليا أووي، أنا مش، مش عارف أعملها إيه، عارف ليه مبتظهرش في البيت كتير بسبب نظراتهم ليه، كلها شفقة وأخرها من كام يوم سمعت وردة بتتخانق معاها وبتقولها يا مُعاقة، رهف مقالتش لحد حاجة بس أنا كنت معدي بالصدفة وسمعتها، مقدرتش أرد وهيا بصت ليا ونظرتها كسرتني، مش عارف يا سفيان، مش عارف بس عايز أجيب حقها وخايف أتدخل هيا تزعل وتفتكره شفقة، أنهى أدهم حديثه وهو يقبض على خصلات شعره بضيق، وردة دي بت حيزبونة كده دحلابة، وأنا هخلي داوود يقفلها، بس ليه؟، ليه خايف رهف تفتكر إنها شفقة؟، بص يا أدهم أنا مش عارف إنت بتبصلها إزاي أو بتفكر ليه أصلًا بس رهف إنسانة رقيقة خالص ومش حمل وجع قلب، بص يابن أبويا وأمي لو عايز تتسلى، لأ رهف خط أحمر، حاسس بحاجة ناحيتها أتأكد الأول من احساسك وبعد كده خد خطوة ناحيتها، أما رهف فهي مش حمل وجع قلب، كفاية إللي هيا شافته طول عمرها، قال سفيان بهدوء وعقلانية، هو يعلم بأن أخيه تائه الآن ولا يعرف ما طبيعة هذه المشاعر التي يحس بها ناحيتها، ولكن أدهم متهور وإذا سيطرت عليه مشاعره سيتدهور الحال من حولهم، كما أنا رهف أنثى عانت طوال حياتها وبالتالي إذا أظهر لها أدهم أي اهتمام سيفهم بطريقة أخرى وهي الشفقة، ولكن إذا تأكد أدهم من مشاعره هو يثق بأنه سيتصرف بالطريقة الصحيحة ولن يجرح رهف أبدًا، تنهد أدهم وهو يهز رأسه بتفهم، هو يعلم بأنه أخيه خائف عليه وعلى رهف، أنا مش عيل لا مؤاخذه علشان أتسلى بواحدة، أنا راجل يا سفيان وفي فرق شاسع بين الاتنين، قال أدهم ببرود فابتسم سفيان بتفهم وهو يربت على كتفه قائلًا، عايزك تعرف إني هكون معاك في أي خطوة هتاخدها، فسيبك من كلام الناس لإن البنت محترمة بس هتتعب معاها شويتين تلاتة، البنت تعتبر فاقد الثقة في إللي حواليها، وقف أدهم قائلًا، أوعدك إني عمري ما هأذيها، أنا هصلي صلاة استخارة وإللي فيه الخير ربنا يقدمه بإذن اللّه، احتضنه سفيان وهو يبتسم بينما نظر أدهم للسماء قائلًا بهمس، يا اللّه يا معين...

في مكان آخر بعيد نسبيا عن بيت عائلة الدرملي، كان يجلس رائف بكل عنجهية يحيطه رجاله يقفون بكل صلابة ويتلقون أوامره، دلوقتي أنا مهينفعش أظهر في الصورة خالص، بس الخطة هتمشي زي ما خططت، وهتتنفذ زي ما أنا عايز وأي غلطة راسك يا حيلتها إنت وهو قصادها، أظن كلامي واضح، قال رائف ببرود وهو يستنشق من سيجارته قبل أن يطفئها في قبضته واستقام أمامهم ينظر لهم، الخطة بسيطة وواضحة وضوح الشمس، هتهجموا عالبيت باليل، تقتلوا سفيان وتجيبوا عائشة، ماشي؟

قال رائف خطته البسيطة لرجاله الذين لم يظهروا أي رد فعل على خطته الحمقاء من وجهة نظرهم جميعًا، الرجل يريد الفتاة بأي طريقة حتى لو كان هذا يعني إرسالهم للموت في سبيل حصوله عليها، أي بيت سيهجمون عليه؟، الرجل أخذ كل احتياطاته وأحاط المنزل بالرجال، وكذلك المنازل الأخرى التي بها أقاربهم، بالتأكيد لم يقولوا هذا الكلام في وجهه فقط اجابوا عليه بالموافقة، بينما كان هناك رجل منهم يقف وينظر لمروان بسخط، هذا الأحمق الذي دمر كل شيء من حوله بسبب هوسه بفتاة كل ما تريد في حياتها هو تدميره، بس يا فندم البيت متحصن كويس و...

لم ينهي هذا الرجل جملته إلا وسقط أرضًا فاقدًا حياته، أعاد رائف سلاحه خلف ظهره وهو يتنهد بحزن، يا خسارة محدش قالك إني بكره حد يقاطعني، ثم ركل الكرسي بغضب وهو يصرخ بهم، البيت متحصن، البيت متزفت مليش فيه، كل إللي يهمني إن كلامي يتنفذ، وأظن شوفتوا إللي بيعارضني بيحصل فيه إيه، عالعموم أنا برضوا طيب وبفهم، قدامكوا بالظبط خمس أيام تخططوا براحتكوا وتجيبوا ليا عيوشة وراس سفيان ماشي؟، أظن كده متفقين، قال رائف بابتسامة ثم حين وجدهم لازالوا واقفين أمامه، إيه مستنيني أخد الخطوة الأولى ولا إيه؟، متتزفتوا تشوفوا وراكوا إيه.

صرخ بهم رائف فتحركوا بعجل من أمامه أما هو فارتسمت ابتسامة خبيثة على فمه وقهقه بمكر قائلًا، أيام يا عيوشة، أيام، ثم ضحك مرةً أخرى وكل من بالخارج حين سمعوا ضحكته أصابتهم القشعريرة، ذلك لم يكن صوت ضحكة طبيعية، هذه ضحكة رجل مصاب بالمس والجنون، هذه حتمًا ضحكة لشيطان ما، وبالفعل الشيطان كان يضحك بدناءة متحمسًا لفكرة عودة لعبته الصغيرة لاحضانه مرةً أخرى.

جلس الفتيات في الغرفة يضحكون ويتبادلون الحديث فيما بينهم، وعلى الرغم من ملامحها الضاحكة لكن عيناها كانت منطفئة، حديثها لا زال يرن في أذنها، وهي تقسم بأنها لم تخطئ أبدًا، كانت تسير في الممر ببطئ تستند على عكازها وتتمتم بإحدى الأغاني التي تحبها، حتى ظهرت تلك الفتاة ترمقها بنظرات ساخرة لم تهتم بها رهف وأكملت طريقها، ثم فاجئتها الفتاة حين وضعت قدمها أسفل عكازها وحين نظرت لها رهف باستغراب صرخت بها شاتمة إياها، كان هذا أمام أدهم الذي كان ذاهبًا لغرفته واضعًا أعينه في هاتفه وحين سمعها تنعتها بالمعاقة، وقف مصدومًا في مكانه من قسوة حديثها وقلة حياءها، تصنمت رهف في مكانها وتلك الغصة تتمركز في حنجرتها حتى ظنت بأنها لن تستطيع التنفس أبدًا، لم تستطع الرد، لقد باغتتها بوقاحتها وبخت سمها وتركتها واقفة تنظر لكل شيء عدا أدهم الذي وقف ينظر لها متألمًا وكم تكره النظرات الغريبة المرسومة في عينيه، ترجمتها بأنها نظرات شفقة ولم تعلم بأنه يشعر ناحيتها بكل شيء عدا الشفقة، رهف.

نادت هايدي عليها باستغراب فنظرت لها رهف بابتسامة هادئة، نعم يا حبيبي.

قالت رهف فأكملت هايدي حديثها قائلة، بنادي بقالي مدة وإنتِ مش هنا خالص، المهم بقولك وردة و طنط عنايات جايين هنا معرفش ليه، عايزاكِ بقا تصلبي نفسك كده وإللي يرميلك كلمه رديها بعشرة، قالت هايدي بتشجيع فابتسم رهف عليها بضعف، ولم تخف تلك الابتسامة على عائشة التي لاحظت تجعد ملامحها عند ذكر اسم وردة، فنهضت ناحية أختها ببطئ، تعلم بأن هناك شيء ما حدث بينهم، نظرات وردة الساخرة التي توجهها لأختها، ونظرات رهف المتألمة التي تنظر لكل شيء عدا وردة، هيا عملت فيكِ حاجة يا رهف؟

قالت عائشة بتساؤل، فابتسمت رهف بتوتر قائلة، مين دي؟

رهف، مش تستعبطي، وردة عملت فيكِ إيه، قالت عائشة بجمود وهي تقبض عليها وتراقب ملامح أختها التي تحولت للبكاء وأعينها التي أحمرت دلالة على حبسها لدموعها، رهف، إنطقي متعصبينيش، عملت فيكِ إيه، قالت عائشة بصراخ فنهض الفتيات بسرعة وتوجهت هايدي ناحية رهف التي بكت بضعف، وبينما الشيماء حاولت أن تهدئ من روع عائشة، نظرت ماريا لهم بتوتر ثم انسحبت لتهاتف مروان، فلم يغب عنها خوف رهف وغضب عائشة، مروان هو الوحيد الذي سيفهم ماذا حدث، إهدي يا حبيبتي، إهدي خالص، وبعدين يا عائشة بتزعقي ليه، قالت هايدي بهدوء وهي تحتضن رهف التي ترتجف بخوف في حضنها، لم تجب عائشة عليها ولا على شيما التي تحاول إبعادها عن أختها، عملت فيكِ إيه؟، علشان خاطري قوليلي، قالت عائشة بغصة وهي تكتم دموعها، لم تستطع رهف التحمل فارتمت بأحضان عائشة وهي تخبرها عما قالته لها، شهقت هايدي بصدمة وكذلك شيما نظرت للفراغ ونظرات الحقد تملئ عينيها، أما عائشة فبعدما استوعبت ما أخبرتها به رهف، ابتعدت عنها ببطء وذهبت ناحية الباب وعلى وجهها يرتسم أسوء معالم الغضب، لحقت بها هايدي بعدما صرخت في الشيماء التي كانت غاضبة كذلك أن تجلس مع رهف، اعترضت الأخرى ولكن هايدي لم تترك لها الفرصة وخرجت تركض وراء عائشة التي توجهت نحو مجلس النساء بالأسفل...

توجه مروان بسرعة نحو ماريا حينما نادت عليه بملامح يملؤها الفزع، ماذا حدث؟

قال مروان بهدوء فأخبرته ماريا بتلعثم عن حالة عائشة الغاضبة وقبل أن يستفسر أكثر ويسأل سمع صوت صراخ عالي قادم من ناحية مجلس النساء، ظن بأن رائف اقتحم المكان فسقط قلبه من مكانه وركض بسرعة مخرجًا سلاحه من وراء ظهره وكذلك رأى الرجال جميعهم يحملون أسلحتهم ويتوجهون بسرعة ناحية مصدر الصوت، نظر سفيان لمروان بقلق فعلم أن الآخر يفكر مثله ولكنهم تصنموا في مكانهم حينما رأوا الحالة الهوجاء التي تحدث أمامهم، عائشة تمسك وردة من حجابها وتكيل لها الصفعات واللكمات في كل مكان والأخرى تصرخ بفزع وتحاول الهروب من بين يديها، وكلما تقترب من امرأة تصرخ بها عائشة بغل فتبتعد الأخرى بخوف، وهايدي تقف بقلة حيلة تراقبها دون أن تنبذ بأي كلمة، والشيماء تقف باستمتاع رهيب وهي تحتضن رهف الواقفة بجمود وفخر يرتسم في عينيها، عائشة، قال سفيان بغضب وهو يحاول فصلها عن الفتاة التي كادت تفقد الوعي بين يديها، احترم داوود سفيان ولم يتدخل على الرغم من احساسه بالغضب، أدهم يبتسم بشماتة وسخرية ثم انسحب حينما نظر لرهف فوجدها تناظره باستغراب، غمزها بخفة فشهقت ليبتعد وهو يصفر باستمتاع، وكذلك انسحب صالح وفرغلي ووقف مروان يراقب ثورة أخته العارمة بهدوء ومن نظرات أخته رهف علم بأن ما يحدث له سبب، فلم يتدخل ووقف بهدوء شديد تجاوره ماريا الفخورة بعائشة كذلك، حاول سفيان جذبها من الشجار لتصرخ به بغل، سيبني، أنا هربيكِ يا عديمة الرباية، قالت عائشة بصراخ لتسبها عنايات قائلة، مفيش حد عديم الرباية إلا إنتِ، فقدت عائشة أعصابها أكثر فصرخت قائلة، بتعرفي تردي يا طنط، طب كنتِ ربيها بدل لسانك إللي طلقاه علينا ده، شهق النساء بخفة وأطلقت الشيماء قهقهة عالية سرعان ماكتمتها بسبب نظراتهم نحوها، ولكن لا تزال تلك الابتسامة الشامتة ترتسم على وجهها، أما عنايات فلم تنبس بأي حديث آخر بل أشارت للنسوة بالخروج وكذلك خرجت هيا تحاول الحفاظ على ماء وجهها، ابتسمت هايدي بخفة بينما سفيان نظر لعائشة بتعجب قبل أن يلفها ناحيته صارخًا باسمها بغضب، نظرت له عائشة بضعف لينظر لها بألم، لا يعرف ماذا حدث معها لكن نظراتها المتألمة أوجعت قلبه، في إيه؟

قال سفيان بحنان وهو يمرر يده على وجنتها فأشارت إلى وردة التي ارتمت في حضن داوود تأن بضعف، بتقول، بتقول لرهف، لم تستطع عائشة اكمال جملتها، لتلتفت نحو وردة التي انكمشت حين رأتها وتكومت في حضن داوود الذي ينظر لعائشة بفقدان صبر، المعاق مش معاق الشكل يا زبالة، المعاق معاق الفكر والعقل، المعاقة دي إنتِ ياللي أهلك مش ربوكِ، وسابوكِ تنشري سمومك علينا يا زبالة، يا حقيرة، قالت عائشة بصراخ فنظر داوود لأخته بصدمة وقد فهم يث الأخرى وحين لاحظ نظراتها المتهربة منه نهض تاركًا إياها، ثم ذهب و كأنه يخبرها بأن تتحمل نتيجة خطئها، ووقف أمام سفيان ومروان ناظرًا لهم بإعتذار قبل أن يومأ سفيان بهدوء ولكن مروان نادى عليه قائلًا، شكرًا ليك على كل حاجة يا داوود، وجميلك ده فوق راسي بس لحد هنا وخلصت، أنا هاخد اخواتي وأروح أسكن في مكان تاني ولما تعرفوا تسيطروا على بنتكوا يبقا ساعتها لينا كلام تاني، ثم نادى على رهف وعائشة يأمرهم بتحضير الشنط كل هذا تحت نظرات سفيان الهادئة، وقف داوود ينظر لأخته بغضب وشراسة ولو أطلق العنان لغضبه لأضحت أخته جثة، اقترب من مروان قائلًا، أنا عارف إن أختي غلطت وحقك عليا، بس خروج من هنا مينفعش خالص دلوقتي، ربت مروان على كتفه بهدوء وشكر، لا يريده أن يحزن أو يحمل نفسه اللوم ولكن الجلوس هنا يسبب لأخوته الألم وفقط، وهذا مالا يرضاه، أهون عليه أن يموت، ولا حالتهم هذه، نظرت عائشة لسفيان فوجدته يركز بأنظاره عليها وحين ناداها مروان مرّة أخرى تحركت بضعف تجر قدميها الثقيلة، قبل أن تشهق بخفة حينما أمسك سفيان بيديها بقوة ونظر لها بمكر أخافها، ثم أعاد نظراته نحو مروان، عائشة مراتي أنا، يعني كلامي أنا إللي هتسمعه، ومفيش خروج من هنا وده مش عند يا مروان ده عقل، قال سفيان بهدوء وهو يمسك بعائشة بين يديه فنظر له مروان ببرود قائلًا، أنتوا يا دوب كاتبين كتاب فمش تسوق فيها، أختي هتيجي معايا، ضحك سفيان باستمتاع قائلًا، يعني علشان كاتبين الكتاب بس، طيب يا سيدي أنا وعائشة فرحنا بعد بكرة، توسعت أعين عائشة بصدمة، بينما أطلقت هايدي زغروطة عالية وتحركت شيما بفرحة ناحية عائشة ولم تنسى أن تدعس على يد وردة التي صرخت بضعف، قهقهت رهف بخفة على طفولتها وتحركت ناحية الفتيات أيضًا، أما مروان فوقف ببرود شديد وصلابة، يبقى اتغطى كويس وإنت نايم لإن واضح أحلامك بقت مش طبيعية شوية، ابتسم سفيان على جملته وتقدم ناحيته قبل أن يترك يد عائشة بعد أن طبع عليها قبلة خفيفة، أنا حققت أحلامي كلها يا مروان بفضل ربنا، ولو ده حلم كمان فبإذن اللّه هحققه حتى لو آخر حاجة في حياتي هعملها، قال سفيان بهمس في أذن مروان الذي تشدد جسده بغضب، اقترب داوود منهم بهدوء، قبل ما تحكم على حاجة تعالى نتكلم سوا وبعدين اعمل إللي تعمله، نظر مروان لسفيان الهادئ أمامه ولم يخفى عليه أعينه اللامعة من السعادة، وكذلك عائشة التي نظرت له بأعين متلألأة فتنهد بخفة، ثم سحب سفيان من ياقة قميصه متوجهًا نحو المكتب، طب قول مبروك حتى، أي حاجة، ده حتى كان بينا سندوتشات كفتة، قال سفيان فتنهد مروان مبتسمًا عليه، ضحك سفيان بخفة بين يديه ولم يردف بأي حديث، وكذلك ذهب وراءهم داوود بعدما نظر لأخته بتوعد، أما وردة التي لا زالت مرمية أرضًا تجاورها والدتها وينظرون للفتيان الذين يخرجون من الغرفة يضحكون بفرح، نظرن لبعضهم بغضب شديد والشيطان يهيئ لهم الخطط الخبيثة لتعكير صفو حياتهم، ويبدو بأنهم أخذوا قرارهم بالفعل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة