قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل التاسع والعشرون

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل التاسع والعشرون

رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل التاسع والعشرون

يتسلل كاللص وعلى وجهه ترتسم أبشع ابتسامة قد يراها أحد...

يمني نفسه بنجاح خطته فيتحرك بعنجهية واضحة لداخل المنزل، هو لا يعلم في أي غرفة هم تحديدًا ولكنه يسير وراء تلك الفتيات اللاتي يتضاحكون سويًا، وصلت الفتيات إلى الغرفة فتخبأ وهو يتصنت على حديثهم، أستاذ سفيان قال كله ينزل من الأوضة ويسيب عائشة لوحدها، هو جاي، قالت الفتاة وهي تضحك بخبث، فضحكن جميعًا وخرجوا من الغرفة لتصبح عائشة بمفردها تمامًا، تنهدت عائشة بهدوء شديد وهي تجلس على الأريكة معطية ظهرها للباب، فتح الباب بعد دقائق قليلة فنهضت عائشة بخجل تخبأ وجهها في كفيها، مرّت ثواني عديدة ولا زال الصمت يحيط بالمكان فالتفتت عائشة باستغراب نحو الباب، لتصرخ بصدمة حين رأت أسوء كوابيسها يستند بمرفقه على الحائط بجانب الباب، قهقه رائف بسخرية حينما لمح حالتها الخائفة، كان قد خلع القبعة وأزال القناع الطبي من على وجهه فظهرت ملامحه الخبيثه لعينيها، توء توء توء، مكنش ده العشم يا عيوشة خايفة مني أنا، وأنا إللي قلت هتفرحي لما تشوفيني، بس الظاهر طلعت غلطان.

قال رائف بسخرية وهو يتقدم ناحيتها، نظرت عائشة حولها بهلع تحاول الهروب منه ولكنه دمر كل آمالها وهو يمسكها من مرفقيها ثم ضربها في الحائط من خلفها بعنف مكممًا فمها يمنعها من الصراخ.

إيه ده، إنتِ بتعيطي من دلوقتي، أنا لسه معملتش حاجة، أنهى جملته وقد اسودت ملامحه من الغضب، أرتجفت عائشة ببكاء، وحاولت الهروب من بين يديه ولكنه قوي كالصخر، فأمسك بكفيها بقوة، مش قلتلك متعيطيش؟، إنتِ ليه مصرة تزعليني منك وإنتِ عارفة إن زعلي وحش أوي، راقب رائف ملامحها الخائفة بتلذذ شديد، بدءًا من حجابها الكامل بلونه الأبيض الملائكي و فستانها المماثل في اللون للحجاب بقصته البسيطة، كانت جميلة في عينيه، ولكنها أبدًا لم تكن ملكًا له، ولهذا هو قد جن أمامها، بتهربي مني، بتهربي مني يا عيوشة، قال رائف بهوس وهو يمسح دموعها بقوة ويربت على رأسها...

عضته عائشة بقوة فأفلتها صارخًا ولكن قبل أن تركض ناحية الباب جذبها من شعرها وهو يسبها بغضب، صرخت عائشة بألم وقد أحست باقتلاع شعرها من جذوره...
مش تتقلي حسابك معايا، فاهمة يا.

أغمضت الأخرى عينيها بتقزز من كلماته التي تفتقر للأدب، فتحرك الآخر نحو الأريكة ليجلس عليها وألقى عائشة أرضًا فأصبحت تجلس أمامه، ابتسم في وجهها بغل وقد شعر بأنه في أقصى مراحل السعادة، هو يستمتع بألمها، نظرت له بهدوء شديد تصبر نفسها بأنها يجب أن تكون أقوى، لأجلها، لأجل أمها وأبيها وأختها وأخيها، لأجل زوجها. سفيان، لسه عيونك بتبصلي بقوة، عيونك دي مصيبة، لإني عارف إنك مرعوبة مني بس، عينيكِ مش مبينة حاجة، علشان كده مش بأذيكي إنتِ، علشان عارف إنك مش بتخافي على نفسك قد خوفك عليهم، سكت عن الكلام حين لاحظ ارتجاف حدقة عينيها بألم، فابتسم ببرود مكملًا حديثه، تعرفي، الأوضة مقفولة علينا، يعني محدش هيقدر ينقذك من إيدي، ولا حد هيقدر يبوظ خططتي، سحبها من وجهها ممسكًا بفكها بقوة آلمتها، عارفة إيه خطتي يا عيوشة، هقتل كل حد فكر يهربك مني وأولهم حبيب القلب، سفيان، هقتلهم كلهم وقدام عينك. زي كل مرة، فاكرة، فاكرة لما قتلت باباكِ، طب فاكرة قتلته إزاي، قهقه رائف بتلذذ مريض وهو يتذكر جريمته التي نفذها أمام عينيها، كان بيحاول يهربك مني، وشوفتي إللي حصله؟ مات بأبشع طريقة، دبحته بالسكينة قدام عينك. لسه حاسس بدمه على إيدي، هو كان عايز يحرمني منك وأنا حرمته من الدنيا كلها، أنهى جملته وهو يضحك بهستيرية شديدة والأخرى عينيها تدمع بألم وتلك الغصة التي تسكن حنجرتها تشعر بأنها لن تفارقها أبدًا، دمه، صراخها، ضحكات رائف المريضة، ارتجاف جسده وروحه تنسحب منه، رائف ممسك بها ويصرخ بها بأن تفتح عينيها.

تآوه صغير خرج من بين شفتيها وهي تراقبه بغل جعله يقهقه بسخرية، بس إنتِ راح عليكِ الأحلى بقا. أمك، كانت طيبة وبنت حلال بس، أنا كنت عايز أقهرك زي ما قهرتيني، فقتلتها، ورميتها قدام بيتك إللي افتكرتي إنه هيحميكِ مني، عريانة، عريانة يا عائشة، قهقه بحماس وهو يراقب ردات فعلها المتألمة التي يعشقها، كانت تبكي بألم. تريد الصراخ ولكنها تشعر بأنها بكماء، لا يوجد شيء يخرج من فمها، فقط دموع، دموع وألام تسكن قلبها، آلام لن تتخلص منها أبدًا، ششش يا عيوشة، إللي حصل ده نقطة من إللي جاي، صدقيني إللي هيحصل أسوء م...

شهق رائف بصدمة وتلك الحقنة تخترق عنقه وعائشة تصرخ به بغضب، دفعها بقوة فسقطت بعيدًا عنه ونهض هو بترنح يحاول الاستقامة في وقفته، تخدر رأسه وسقط على ركبتيه فرأى عائشة تضحك بشماتة وملامحها تختفي تدريجيًا، وقبل أن يفقد وعيه تمامًا رأى سفيان يخرج من الشرفة وحينها فقد رائف وعيه، وقد نجحت الخطة نجاحًا باهرًا،.

تجلس على الأرض متكومة وهي تبكي وتضحك في آن واحد، تبكي نفسها وعائلتها، وتضحك على ملامحه المصدومة قبل فقدان وعيه، حين أخبرها سفيان بالخطة التي سينفذونها، هي التي اقترحت بأن يتركوه لها، كان من المفترض أن يقبض عليه في لحظة دخوله ولكنها أخبرتهم بأنه يجب عليه أن يعترف بجرائمه أولًا، ولهذا قد فتحوا أمامه الأبواب ليصل لعائشة، ولم يتركوها أبدًا دون حماية، فسليم وفرقة قوية جدًا من رجال الشرطة كانوا مختبئين من حولها لحمايتها، وسفيان حين علم بأنه أصبح معها أشار لأصدقائه وتوجه هو نحو غرفة عائشة باستخدام السلم الذي وضعوه على الشرفة، قفز في الشرفة ببطء وأشار لهم بالمثول بالأسفل وظل هو يراقب ما يحدث معها بغضب مشتعل، راقب انهيارها وتألمها، راقب ما فعله رائف بها ولكنها فرصتهم الوحيدة، كما أنه قد أعطى لها وعدًا، هي ستأخذ انتقامها من رائف، هي من ستنفذ الخطة، ششش خلاص، خلصنا، خلصنا يا عائشة، قال سفيان بهدوء وهو يحتضن جسدها المرتجف بحنان، نظرت له بألم قبل أن تنهار بالبكاء أمامه، لقد انتهت لعبة رائف، وبدأت نهايته هو شخصيًا، أمسك به رجال الشرطة وقيدوه، ولكن سفيان قد أمر سليم بأن يضعه في المخزن مؤقتًا، يريدونه أن يستيقظ هنا أولًا، يريدونه أن يراهم ويرى سعادتهم، يرى فشله في تحطيمهم، وتحت ضغط سليم عليهم وافق رجال الشرطة على اتفاق منهم أن يأخذوه في صباح الغد، لم يستمع مروان لكلام رائف الذي سجلته عائشة، ورفض سفيان كل محاولاته في الاستماع إليه، كان سيترك هذا جرحًا هائلًا في صدره، وبالتالي لن تكون عائشة بمفردها من ستحتاج الدعم، نامت عائشة بعد ثورة البكاء خاصتها ونامت رهف بجوارها، لتراقبها هي تعلم بأن تلك الليلة لن تنقضي دون كوابيس، انتشرت الأخبار في المنزل بأن هناك شخص حاول اختطاف عائشة، فلاحت فكرة صغيرة في رأس وردة وستعمل بكل تأكيد على نجاحها.

ونست وردة بأن من حفر حفرة لأخيه، سقط فيها، وسيكون سقوط هذه الوردة مدميًا للغاية،.

صوت ضجيج، وضحكات خافتة أزعجت أذنه وجعد حاجبيه بانزعاج بسببها، وفجأة سكتت تلك الأصوات وعم الصمت المكان، ولكنه شهق بصدمة حبن ارتطم ذلك الماء البارد بجسده، نظر حوله فرأى ظلام فقط، الظلام يحيط بالمكان وهو مقيد على كرسي، صرخ رائف بغضب متذكرًا ما حدث، سبها بسخط وحاول أن يفك قيوده ولكنه فشل، قبل أن تضييء تلك الغرفة فجأة فوجد سبعة رجال يقفون أمامه، أغمض رائف عينيه ليعتاد الضوء ثم فتحها مرة أخرى لتظهر ملامحهم الشامتة له، صحي النوم يا بيضة، بقالك كتير نايم خضيتنا عليك يا أخي، حبل المشنقة إللي مستنيك ده كنا هنعمل فيه إيه؟

قال سفيان بسخرية فقهقهوا عليه بنفس النبرة، أما هو فنظر لهم بغضب وغل، أما مروان فنظر للآخر بعتاب مصطنع:.

بس يا سفيان عيب كده، ده إحنا حتى بنخبي السكينة من الجاموسة لما نيجي ندبحها، كده تزعل رائف مننا، إيه يا جدعان الجو السخيف ده، المهم متزعلش يا رائف إحنا مش هنعدمك، الحكومة هي إللي هتعدمك، قال صالح ببلاهة وهو يربت على كتف رائف الذي صرخ به بغضب وهو يحاول فك قيده، متحاولش يا باشا، رابطينها جامد، فهتتعب نفسك عالفاضي، نظر لهم رائف بغضب، فمه مكمم ولولا هذا لأسمعهم من الكلام مالا يطيقونه، عارف شكلك عامل زي إيه، زي الكلب ولو إني ظلمته جامد، همس بها سفيان في أذن رائف، ثم ابتعد للوراء قائلًا بشماتة، حاولت، وخططت، ونفذت وزي العبيط وقعت في الفخ، قتلت عمك، ومرات عمك وخسرت فلوسك وده كله علشان عائشة، وبقت مراتي في الآخر، لبستني في جريمة قتل أخوها علشان تكرهني، بس أبوها عرف وجه طلعني، حبستها في البيت علشان مش أقدر أوصلها بس بص ربنا كان كاتبها من نصيبي من الأول، ومهما عملت ومهما حصل عائشة بقت بتاعتي أنا، صرخ رائف بصوت مكتوم وهو ينظر لهم، يريد قتلهم وسيفعل فقط يخرج من هنا وسيريهم مقامهم، إنت لوحدك يا رائف، فرداني وأنا معايا ربنا ومعايا صحابي، وإنت معاك شيطانك إللي وصلك لحبل المشنقة، سلام يا، يا بوص.

أنهى سفيان جملته بسخرية وتحرك للخروج ووراءه الشباب تاركين إياه يصرخ بشراسه وعروقه نفرت من الغضب، نظر له مروان بسخافة ولم يكن قد خرج معهم، ثم اقترب منه لاكمًا إياه بقوة وبشكل متتالي عدة لكمات أدمت وجهه ولم تشفي غليل الآخر، بصق في وجهه وقال باشمئزاز، كنت ناوي أموتك بس ورايا حياة محتاج أعيشها، ورايا شركات أبويا تاني وورثك وورث عمي بعد موتكوا، متخافش هحافظ عليه وهكبره، والحق إللي حرمتني منه زمان، جه لحد عندي دلوقتي، وكل الناس عرفت جرايمك ال يا بن عمي، خرج مروان وهو يصفر باستمتاع والآخر قد بدأ ينظر حوله يحاول بكل قوته الهروب من هنا، ولم يعلم بأنه أصبح أسير مؤقت قبل أن تأتي الشرطة بعد عدة ساعات لأخذه،.

تسللت وردة في منتصف الليل وقبل الفجر بساعات قليلة وهي تراقب المكان من حولها، شيطانها هيأ لها بأن خطتها تلك ستنجح، وكم من أشخاص عديدة سقطوا في هذا الفخ، رأت رجلان من رجال الحراسة يقفون أمام باب المخزن فوقفت تنظر لهم بسخط، ثم أمسكت حجرًا كبيرًا نسبيًا وخبطته في مكان بعيد نسبيًا تحركَ رجلاً من الرجال ناحية مصدر الصوت فأسكت بحجرًا آخر رامية إياه عليه فصرخ متألمًا ليركض صديقه ناحيته أما هي فابتسمت بخبث على نجاح خطتها، تحركت بسرعة ناحية الباب وأمسكت بحجرًا آخر لتكسر القفل وتدخل بسرعة، أشعلت الأضواء فوجدت رجلًا ينظر لها ببرود وعينيه الفارغة من الحياة آخافتها، اقتربت منه بسرعة قائلة، إنتَ إللي كنت عايز تخطف عائشة، قالت وردة بسرعة وهي تلهث بخوف ليميل رائف برأسه مراقبًا أياها بترقب، أنا ممكن أهربك من هنا بس بشرط، تاخد عائشة تحرقها تموتها تعمل فيها إللي إنتَ عايزه، بس تخلصني من بنت دي.

سكتت وردة عن الكلام حين سمعت همهمته الغاضبه بذكر عائشة بالسوء، استمعت لصوت خطوات قريبة من المكان فأخرجت السكين لتقطع الحبال التي كانت تحيط بجسده، نهض رائف بسرعة وأزال اللاصقة من على فمه ثم سحب السكين من يدها بسرعة، لتنظر له بترقب فابتسم ببرود شديد، وقام بسحبها ناحيته مكممًا فمها، صرخت وردة بهلع وقد أحست بالخطر فظلت تضرب به لتحرر نفسها ولكنها شهقت فجأة حين طعنها بغتة أغمضت عينيها بألم.

ده بس علشان متغلطيش فيها تاني.
قال رائف ببرود ولم يكتفي بل أخرج السكين وطعنها مجددًا ومجددًا، حتى فقدت الوعي فأخرج السكين من معدتها ماسحًا الدماء في قميصه، ثم خرج من الباب مسرعًا، وهو يتحرك بتسلل للخروج من المنزل، على أمل العودة مجددًا لأخذ حقه منهم جميعًا،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة