قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل التاسع عشر

رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم كاملة

رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل التاسع عشر

في اليوم التالي وقت تناول الفطور جلس ثلاثتهم على مائدة الطعام في سكون فتنحنح "ريان" وهو يقلب طعامه عارضًا على ريم وعمر:
-ايه رأيكم نخرج انهارده؟
لمعت عيون ريم قبل عمر ليجيب كلاهما في آن واحد:
-بجد، هنروح فين؟
ابتسم ريان سعيد برد فعلهم الحماسي ثم حرك كتفه يترك الامر مفتوحًا أثناء تناوله قطعة من الخبز في فمه مردفًا:
-انتوا عايزين تروحوا فين؟
-الملاهي!

هتف كلاهما في سرعة خطفت ابتسامه من شفتيه المكتنزة، ليقفز عمر من مقعده مصفقًا في سعادة راكضًا كي يقبل والده هاتفًا:
-أنا بحبك أوي يا بابي ... مواه.
ضحك ريان ليخبره بابتسامته الجانبية الجذابة:
-وانا بحبك، يلا بطل دلع وافطر عشان نلحق ننزل.
تحرك عمر في سرعة فرفع ريان نظراته الشقية نحو ريم المبتسمة تلك الابتسامة المشعة كشروق الشمس ثم قال في نبرة مشاكسة:
-وبحب ريم كمان.

-وريم كمان بتحبني وبتحبك.
ضحكت ريم التي احمر وجهها في خجل لسرعة استجابته عمر واجابته عنها، فأعترض ريان في مرح:
-وليه مش بتحبني أنا الأول وبعدين بتحبك انت.
-عشان أنا ابنها طبعا لازم أكون الأول.
أجابه عمر في ثقة بكتفين مضمومين كأنه يؤكد كلماته، فضحك ريان ممسكًا بيد ريم مدافعًا عن مكانته داخل قلبها مردفًا في مشاغبة:
-ريم قولي لعمر انك بتحبيني أنا الأول!

ضغطت ريم على اسنانها في ابتسامه خجلة وكادت تخبره بالعكس لكنه اوقفها بهجومه على جانب جسدها مدغدغًا إياها محذرًا:
-أحسن لك تقوليله انك بتحبيني انا الأول.
صرخت ريم ضاحكة وحاولت الابتعاد عنه لكنه وقف يلاحقها راكضًا خلفها مستمر في هجومه بإصرار وابتسامته كبيرة مستمتعة:
-كفاية، بحبك انت.. ايوة ايوة بحبك انت كفاية هموت...
قالت ريم بنبرة متقطعة بين ضحكاتها، فصرخ عمر وهو يحاول إنقاذ ريم الغارقة في ضحكاتها من أصابع أبيه هاتفًا:
-أنت بتغش بتغش...مش محسوبة بتحبني أنا ... انت بتغش..

ترك ريان زوجته وجثا يلتقط عمر كي يدغدغ جانبيه حتى انفجر ضاحكًا هو الآخر لينتفض جسده الصغير بين أصابع أبيه القائل في زمجرة:
-داهيه لتكون بتحب ريم اكتر مني، قول ياض بتحبني انا الأول ولا ريم..
-بحبببك، بحببك اااه الحقيني يا ريم.
جثت ريم جوارهما تلتقط أنفاسها وسط ضحكاتها العالية ثم مدت ذراعيها تختطف عمر من ذراعيه لأحضانها.

لكن سرعان ما صرخ كلاهما في ذعر ومرح حين لمعت عيون ريان في عزم ومشاكسة قبل أن ينتفض على كلاهما يدغدغ الحياة من قلبيهما...
قطع مشاكساتهم رنين الباب فوقف ريان يلتقط أنفاسه أمرًا بابتسامه واسعة:
-ادخلوا غيروا هدومكم وأنا هشوف مين.
وقف كلًا من ريم وعمر يعدلان ملابسهم بأنفاس متقطعة ووجه أحمر، رمقته ريم بحنق طفولي فخرجت منه ضحكة خفيفة ليتحرك سريعًا مبتعدًا عن سحر عينيها عندما دق الباب من الجديد هاتفًا:
-أيوة ... ثواني...

فتح الباب فقابلته سيدة تبدو في اواخر الثلاثين من العمر ترتدي سروال من الجينز الضيق التي ترتفع ثنايا أطرافه لمنتصف ساقيها حرفيًا وترتدي بلوزة تميل من فوق كتفها وتكشف عن جزء من صدرها في وقاحه بمعنى أخر هي ترتدي ملابس لا تناسب عمرها او جسدها أبدًا، وجديًا هو لا يرغب في تفحص وجهها المطلي بأطنان من مواد الزينة، خرج من بؤرة فحصها على صوتها الرفيع المتسائل:
-هو مش ده بيت ريم؟
-ايوة هو، مين حضرتك؟
سأل وهو يعقد ذراعيه امامه لا يعجبه ابدًا أن زوجته على معرفة بتلك المرأة المريبة فأجابته في تعجب:
-أومال انت تبقى مين؟
-أنا ريان جوزها.

رمشت مرتين تطالعه من أعلاه لأسفله في صدمه وفم مفتوح لتخبره بلهجة مريبة يشوبها الرقة الحادة المصطنعة:
-ااوه أنت ريان طليق ريم.
ضاقت عينيه وشعر بمؤشر غضبه يرتفع فان تأكدت ظنونة سيجن جنونه على زوجته الحبيبة ولتريه كيف ستتمكن من الهروب من بين براثنه، جز "ريان" على أسنانه متسائلًا بشكل ساخر:
-العروسة مش كده؟
ارتفع حاجب المرأة منبهرة في إعجاب بصراحته ووضوحه ثم مدت أصابعها ترحب به قائلة:
-أسمي سونيا، ريم حكتلي عنك قبل كده، بس مكنتش متخيلة اني هشوفك انهارده والا كنت جهزت نفسي أكتر من كده.

قالت سونيا بابتسامه متقطعة سخيفة مثلها، بينما كل ما يدور في عقل ريان هو ماذا كانت لتفعل ان علمت بوجوده أكثر من ذلك ولما بحق السماء تحضر له ريم سيدات مريبة بأخلاق أكثر ريبة فهو لن يتمكن حتى من النظر إليهم ناهيك عن الزواج بإحداهما، أو ربما هي تتعمد إحضارهم لأنها متأكدة من رفضة.
تلك المشاغبة الصغيرة الذي سيستمتع كثيرًا بصفع مؤخرتها كالأطفال...!
سعل بخفة عندما نظرت له سونيا متعجبة من وقوفه هكذا دون رد فعل فسأل يحاول استيعاب الموقف:
-ريم عزمتك مش كده؟

-مش اوي الحقيقة هي كلمتني من فترة وكنت بحاول اتواصل معاها بس تلفونها كان مقفول، وبالصدفه كنت معديه لقتني تحت بيتها قولت أطمن عليها.
تغاضت عن إخباره بأنها ظلت منذ أسابيع متحمسة للتعرف على طليق ريم الذي ستوفق بينها وبينه بنفسها على حد قولها وقد علها الانتظار عندما انقطعت أخبار ريم فقررت الحضور بنفسها للاطمئنان.
وكم هي سعيدة لحضورها وأسعد لما تراه أمامها من رجل جذاب مثير، لمعت عيناه الحالمة قبل ان تسأله في غنج لا يليق بعمرها:
-احنا هنفضل على الباب كتير؟
أعاد ريان رأسه يحاول إخفاء اشمئزازه من طريقتها ونظراتها الوقحة لكنه تمتم:
-اتفضلي.

انزاح ريان من امامها بشفه مزمومه في غضب وتفكير، ربما عليه تمالك عضبه فتلك ال "سونيا" تخبره بأن زيارتها جاءت دون ميعاد ولكن فكرة اتفاق ريم معها منذ البداية يلعب على اوتار أعصابه وتزيده حنقًا.
سعل ثم التفت نحو سونيا التي وقفت تتفحص المكان حولها متسائلًا:
-هو انتي تعرفي ريم منين؟
-من المحل، زبونه عندهم بس حقيقي ريم كلها ذوق هي وأحمد.
انكمشت ملامحه في تقزز عندما سمع أسمع أحمد ولكن قاطعهم خروج ريم التي اتجهت للخارج عندما وصلها صوت أنثوي لتتسع عيناها وهي ترى سونيا تحادث ريان في انسيابيه.
-سونيا!
-ريم قلبي، وحشاني يا صغننه.

تسمرت ريم في مكانها فتوجهت نحوها سونيا التي احتضنتها، دون ان تنتظر اجابتها، انتقلت نظرات ريم المتوجسة نحو ريان الذي وقف يحدق في وجهها الشاحب بجمود ليخبرها ساخرًا وهو يجز على أسنانه:
-واضح انك فرحانه أوي لدرجة مش قادرة تردي على صاحبتك.
-اه ... طبعا... وحشتيني بردو.

تابع اشارات ارتباكها كالصقر فعاد الأمل ينغرس في صدره ولمعت عيناه في فكره شيطانية خاصة عندما ضاقت عيون ريم في حده لمقوله سونيا الغير واعية عما يدور بينهما:
-شوفتي جيت في الوقت المناسب، عشان اقابل ريان ازاي دي أكيد اشارة من ربنا بالقبول...
قهقهت على مزحتها بينما قلبت ريم شفتيها في غيرة واضحة وشعر ريان بأنها ستدق عنق السيدة فأبتسم في تشفي مردفًا في سماجة مبالغ فيها:
-شوفتي سخرية القدر يا ريم، اشارات الرضا والحظ دلوقتي...

اشار بأصبعه للأعلى كناية عن ارتفاع اسهم كلاهما في سخرية فحدقته ريم بنظرة قاتلة متعجبة من الابتسامة المغيظة المرتسمة على وجهه لا تعلم انه ينوي أن يرد لها الصاع صاعين.
اقترب ريان من سونيا التي وقفت تتابعه بأعين سعيدة حالمة وكأنها ترتب اجراءات الزفاف في عقلها فقال في امتنان مخادع متحاملًا على نفسه:
-انا مبسوط أن ريم رشحتني لواحدة جمالها مبهج زيك كده.

لامست سونيا وجهها كناية عن خجلها الزائف لتضحك تلك الضحكة المستفزة والتي تجعله يرغب في فض طبلة أذنه بنفسه، فتجيبه بلهجة مسرورة راضية:
-ميرسيي لذوقك أوي انت مش بس جان في نفسك لا وجنتل كمان، قدرتي تسبيه ازاي بس يا ريم؟
قلد ريان نفس ضحكتها وهو يضع اصبعه أسفل ذقنه متسائلًا في تسلية واستمتاع أكثر مما ينبغي:
-ايوه صح تسيبي واحد زيي ازاي يا ريم؟
جزت ريم على أسنانها وبدأ عنقها يميل للون الأحمر من الغضب فقالت في حدة:
-انا مسبتهوش!
نظرت لها سونيا بعيون واسعة لتسأل في حده:
-قصدك أيه؟

-قصدها ان أنا اللي سيبتها، محدش يقدر يسيبني عشان انا جان وجنتل.
قال ريان في ثقة بالغة قاطعًا حربهم النسائية فهتفت ريم دون شعور:
-وحياة أمك، لا بقى على فكرة ده جوزي.
-جوزك يعني ايه جوزك، انتي هتستعبطي ولا احلو في عينك دلوقتي!
هتفت سونيا مستنكرة وهي تلوي أصابعها امام عينيها في حركة شعبية بحته لتتسع أعين ريان قبل أن ينفجر ضاحكًا خاصة عندما ابتعدت ريم خطوتين للخلف في ذهول.

لكنه أعجب بشجاعتها حين أصرت على موقفها وهي تقترب من ريان تمسك ذراعه لتقربه منه مؤكدة حروفها في قوة:
-لا محلوش في عيني ولا حاجة هو اللي مقدرش يطلقني ولا يبعد عني.
-لا مش للدرجادي...
كاد يستكمل ريان اجاباته الساخرة لكنها قرصته في غضب هاتفة في نبرة محذرة عالية:
-ريان احترم نفسك متجننيش.
-هو في ايه بالظبط، انتي بتهددي عشان يبقى معاكي، وبعدين مالك كده يا حبيبتي ولا أنتي مش متحمله المنافسة.
-نعم، منافسة ايه يا وليه يا قرشانه، ده انتي قد أمي!

رفع ريان كفه موقفًا لسان سونيا المتأهب للرد قائلًا في غيظ موجه نحو ريم:
-لا خليها عنك المرة دي.
التفت ريان نحو ريم يمسك أذنيها بين كفيه يمطهما في الخارج في غضب مردفًا بنبرة مستنكرة:
-ولما هي قرشانه وقد أمك بتجبيهالي ليه ما هي قرشانه وقد امك بتجبهالي ليييه!
-افندم انتوا بتهزروا، وديني وما أعبد ما انت راجعلها انت هتتجوزني يعني هتتجوزني...

زمجرت سونيا في صوت غليظ تظهر جانبها الحقيقي فانتفضت ريم تختبئ خلف كتفه تنظر نحوه في ذعر ليوبخها من بين اسنانه ناظرًا للخلف:
-عجبك التهزيق ده من عجل البحر، سونيا ازاي دي فهميني!
-عجل البحر وربنا ما هسيبكم.
انقضت تهاجمهم بحقيبتها فتفادى ريان ضرباتها بكفيه قائلًا في ذهول:
-استني، استني بس يا مدام سونيا هفهمك.
-أنسة يا خويا، أنسه، اتفضل فهمني!

-بصي اتفضلي حضرتك دي ريم معاكي ربع ساعة حاولوا تتفاهموا بهدوء سوا، وانا هروح أغير هدومي عشان رايحين الملاهي.
جذب ريم المصدومة من خلفه ليضعها أمامها مباشرًا قبل ان يتحرك هاربًا، فصرخت ريم وهي تركض تلاحقه تختبئ في جسده، فامسكها يبعدها عن مرمى حقيبة سونيا التي كادت تتقابل مع رأس ريم، ليخبرها ريان في جدية:
-لا ده انتي ولية قليلة الأدب بقى، وانا عمال اقول ست ومينفعش أمد إيدي على ستات بس شكلك كده مش هتتهدي غير لما تاخدي على دماغك.
-لا ونبي مد ايدك عليا عشان اقطعهالك.

-اما انتي وليه سئيلة بصحيح هو الجواز بالعافية مقالتلك بحبها ومتمسك بيها يلا امشي من هنا وورينا عرض كتافك قبل ما اروح فيكي في داهية.
دفعها ريان جسدها الممتلئ دفعًا نحو الباب قبل ان يدفعها بشكل نهائي للخارج مغلقًا اياه في حده بوجها قائلًا في غيظ وهو يتقدم من زوجته:
-دي ست دي، جيبالي حيزبونه اتجوزها.

وضعت ريم كفيها فوق فمها ورغم ما حدث إلا انها انفجرت ضاحكة، وضع ريان يده حول خصره في حزم ثم نظر لها في اتهام وغضب قبل ان يومأ رأسه بقلة حيله ويتنهد مشاركًا إياها ضحكاتها في استسلام خاصة وهما يستمعان إلى صوت سونيا المبتعد في اعتراض.
-بابي الست المجنونة مشيت؟

جاء صوت عمر الذي يمد رأسه من خلف باب غرفته ليحرك ريان رأسه متهمًا صغيره في خيبة أمل:
-ولما أنت عارف انها مجنونة سايبنا ومستخبي ليه يا ابن الكلب!
-الله، أنا طفل صغير مينفعش أتضرب معاكم.
أشار ريان نحو عمر مخبرًا ريم في انزعاج:
-شوفتي دلعك اهو طلع خرع يعني مش لمض وبس لا لمض وخرع.

-أحسن هو عنده حق، مش دي اللي انت سعيد اني رشحتك ليها!
قالت بشفاه مقلوبه ساخرة وهي تتجه بأنف مرفوع نحو عمر تحتضنه ليهز ريان رأسه في ذهول من غضبها قائلًا:
-انتي اللي جبتهالي مش انا انتي حولة !
-خلاص الموضوع انتهى ممكن نروح الملاهي بقى.

قال عمر وهو يفتح ذراعيه يفض شجار وهمي لتخبره ريم مقلده نبرات سونيا الضاحكة:
-هلبس أهوه وأكيد بابي معندوش مشاكل اني اتأخر لانه مش بس جان ده كمان جنتل.
تحركت في خطوات عسكرية نحو الباب ثم اطلقت سراح ابتسامتها ما ان اغلقت الباب خلفها ودقات قلبها تتراقص مستمعة بضحكاته المدوية التي تلاحقها.

جلست والدة وسام في الردهة تنتظر وصول بيجاد من العمل فوقفت تحيه بنظرات معاتبة، اقترب منها يقبل رأسها قائلًا دون تأجيل:
-عارف وحقك، انا مقصدتش أزعلها هي اللي بتستنتج تخاريف من دماغها.
جلست والدة وسام في مكانها وقالت مؤكدة على تفهمها لموقفه:
-عارفة يا ضنايا ومقدرة بس دي حامل بردو ومش حمل البهدله دي كلها، دي مكلتش لقمة من إمبارح.
رمى بيجاد بجسده على الأريكة جوارها يفرك رأسه الحليقة حديثًا ليسأل في حيرة:
-طيب أعمل أيه؟

انا بعمل اللي هي طلبته مني من البداية وهي بردو اللي مش مدياني فرصة أصفي ذهني.
-تصفي ذهنك من ايه بس يا حبيبي، ما انت ما شاء الله عليك زي الفل اهوه.
ابتسم بيجاد ثم ربت فوق يدها الممسكة بقبضته معترفًا في صدق:
-لا يا خالتي مش زي الفل، بما أوصل اني امد ايدي على مراتي الحامل ابقى مش زي الفل.
-ما هي بردو...

رفع بيجاد كفه يقاطع مبرراتها متمتمًا في خجل:
-ملهاش مبررات يا خالتي كان ممكن ارمي عليها يمين الطلاق وامشي وساعتها كنت هبقى مرتاح، مكنتش هحس ان في جبل من الذنوب على كتافي بسببها.
زمت شفتيها مشفقة عليه قبل ان تقترح:
-طيب ما تقعد معاها وتقولها الكلمتين دول وطلعوا كل اللي في قلبكم.
ارتفع جانب وجهه في سخرية وهو يستقيم معللًا:
-للاسف يا خالتي مينقعش اللي في قلبي صعب أوي وكتير، ومش هعرف اترجمه من غير ما اجرحها او اراعي شعورها.
-طيب بص ادخل اقنعها تاكل ومش لازم تصالحها.

هز رأسه بالموافقة بعد تفكير ليسأل:
-هي فين؟
-في اوضتكم.
-طيب معلش لو هتعبك ممكن تجبلها الأكل وأنا هتصرف.
حرك كتفيه في حركة إحماءيه قبل ان يندفع في مرونة وهدوء إلى الغرفة، اعتدلت وسام من جلستها فوق الفراش لتسند جسدها للخلف قبل ان تتفحصه بحاجب مرفوع في غموض يفوح برائحة الشك.

وقف يبادلها نظراتها الحادة قبل ان يرفع نفس الحاجب في تحدي ويبدأ في خلع ملابسه مكانه دون ان يتجنبها كما دأب في الأيام السابقة.
ارتبكت وسام بسبب نظراته الغريبة الغامضة التي يطالعها بها أثناء خلعه لقميصه، لمعت عيناها وهي تتابع عضلات جسده الرائعة ليقطع جموح أفكارها المخجلة طرقات الباب.
فتح بيجاد في هدوء مستلمًا صينيه الطعام من والدتها ثم أغلق الباب بعد أن شكرها متجهًا في صمت نحو وسام التي تتابعه بحاجب لا يزال مرفوع في تعجب خاصة حين جلس على طرف الفراش بجوارها كاسرًا قواعد التجاهل خاصته واضعًا الصنية فوق فخديها لتخبره في اعتراض ضعيف:
-أنا مش جعانه!

لم يعيرها أي اهتمام وبدأ يتناول الطعام في نهم وكأنها غير موجودة انفرج فمها في ذهول ليباغتها بدس قطعة من الطعام في فمها.
تريد الاعتراض والرفض والتمسك بغضبها متذمرة ولكن طبول قاعات الأفراح التي يطلقها قلبها مسحت المتبقي من كرامتها، مضغت الطعام في صمت دون اعتراض فهي متلهفة للشعور بقربه حتى وان كان يدس الطعام في فمها في سكون مبررة قبولها بخانة الهرمونات فهي تستحق التدليل حتى وان كان بالإجبار.
-عايزة ملوخية.

همست في دلال تحاول كبح حمرة الخجل فاتجهت اصابعه في لهفة يقطع الخبز ويغمسه في الحساء الأخضر قبل ان يرفعها أمام فمهما لتلتقطه في رضا ودون أي تذمر منه.
في الحقيقة لقد كانت تستمتع بلمساته أكثر مما ينبغي والاكثر باهتمامه بها فهي تعلم داخلها انه يهتم ولا يزال يعشقها كما تفعل هي ولكنه يكابر في غباء.

تمامًا كما كانت تفعل هي سابقًا حتى انتهى بها الحال مضيعة أفضل أيام عمرهما في الخصام والتكهنات المتشائمة سارقة منهم فرصة العيش في هناء متناسية عن عمد بأن كل ما يحدث في الحياة سيتم بمشيئة الله ودعواتهم.
تعلقت عيونها في عتاب عيونه الجامدة ولكنها طمئنت قلبها وهي ترى لمعة الحب التي يختصها بها داخلها فمهما حاول إخفاءها فهي لن تخطأ في تفسيرها والتعرف عليها أبدًا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة