قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والثلاثون

في منزل فرح عبد الحميد
دلفت فرح إلى داخل المرحاض لتغتسل وتبدل ثيابها بعد أن انتقت لنفسها عباءة والدتها السوداء لكي ترتديها..
في حين بقى يزيد في المطبخ يعد طعام الإفطار لكلاهما..
بعد عدة دقائق، خرجت هي من المرحاض، وتوجهت ناحية غرفة والدتها، وجلست على فراشها، وظلت تمسح بيدها عليه، وعينيها تلمعان من الحزن و...

-فرح بنبرة شبه باكية: وحشتيني أوي يا ماما، البيت من غيرك وحش، مالوش حس، أنا بقيت لوحدي من بعدك، محدش هايحس بيا، معنتش هلاقي اللي يضمني ولا اللي يحميني من غدر الزمن.

ثم انحنت برأسها للأسفل، وتمددت على الفراش، وظلت تبكي فراقها بحرقة..

في نفس الوقت كان يزيد قد انتهى من إعداد الإفطار، وقام برصه في صينية كبيرة، ثم دلف به خارج المطبخ، وتوجه ناحية غرفتها، ودفع الباب بقدمه وأجفل ببصره، ثم تنحنح بخشونة و..
-يزيد بجدية: احم، أنا عملتلك فطار ميري بس معتبر.

لم يجد يزيد أي رد، فرفع رأسه للأعلى، ونظر حوله، ولكنه تفاجيء بعدم وجودها، فشعر بالقلق والريبة، ثم أسند الصينية على مكتبها، وسار مسرعا خارج الغرفة و...
-يزيد بنبرة عالية، ونظرات متوجسة: فرح!

بحث عنها في أرجاء المنزل، ولكنه توقف عن الحركة حينما سمع صوت نحيبها يأتي من غرفة والدتها، فتنهد في ارتياح، ثم سار في اتجاه الباب، وطرقه طرقة خفيفة قبل أن يدلف للداخل.

اعتدلت فرح على الفراش حينما رأته واقفا على الباب، ثم كفكفت دموعها بأنامل يدها، ورمقته بأعينها المنتفخين بنظرات حادة و..
-فرح بضيق جلي: افندم، جاب هنا ليه؟
-يزيد بنبرة هادئة: تعالي افطري
-فرح بتبرم: لأ، سيبني لوحدي
-يزيد بنبرة جادة: لأ مش هاسيبك.

نهضت هي عن الفراش، ووقفت على مسافة منه، و...
-فرح بنبرة متذمرة، ونظرات قوية: انت ايه مش بتزهق؟ أنا تعبت، ومعنتش عاوزاك معايا، خلي عندك شوية احساس وامشي من هنا.

عض يزيد على شفتيه في غيظ، وأخذ نفسا عميقا ليبقى هادئا ولا ينفعل، ثم تقدم خطوة واحدة للأمام و..
-يزيد بنبرة صارمة: أنا أعدلك هنا، ومهما عملتي برضوه مش هيأثر معايا، لأني عارف كويس إن الكلام ده من ورا قلبك
-فرح بغضب: قلبي! أنهو قلب بالظبط؟ اللي انت كدبته واتهمته بالخيانة؟ ولا اللي خدعته ومقولتلوش على آآ...
-يزيد مقاطعا بنبرة هادئة: فرح، أنا أسف، أسف عن كل حاجة عملتها فيكي، بس ده كان والله غصب عني!

توقف عقلها للحظة عن التفكير ليستوعب ما الذي قاله توا، هل حقا قد اعتذر لها عما بدر منه من قبل، أم أنها تتوهم ما سمعته..
لاحظ هو شرودها، فاقترب منها مجددا، و..
-يزيد متابعا بنبرة رخيمة: حقك عليا يا فرح، سامحيني عن أي لحظة كنت فيها غبي معاكي.

أفاقت فرح من شرودها، فوجدته قد أصبح على بعد خطوتين منه، فتراجعت للخلف بخطوات متعثرة، وهي تبتلع ريقها في توتر..
حدجها هو بنظرات متفحصة لثيابها السوداء الفضفاضة والتي تصل إلى ما بعد قدميها و..
-يزيد متسائلا باستغراب: ليه السواد ده كله؟ هو انتي لابسه هدوم الحاجة فوزية؟

أجفلت عينيها لتنظر إلى نفسها، ثم رفعت رأسها ورمقته بنظرات قوية قبل أن تصدح ب...
-فرح بنبرة قوية وعالية وهي تشير بيدها: وإنت مالك؟ انا حرة في لبسي، اتفضل برا.

رمقها هو بنظرات متحدية، ثم قام بنزع ( تي شيرته ) الأبيض ليقف أمامها عاري الصدر، فشهقت على الفور، ووضعت كلتا يديها على شفتيها وتراجعت خطوة للخلف..
وقف هو أمامها يستعرض عضلاته، فحدقته بنظرات خجلة، ثم أشاحت بوجهها المتورد للناحية الأخرى و...
-فرح بنبرة متلعثمة: انت، انت اتجننت، ازاي ت، تقلع كده قصادي.

-يزيد بصوت آجش: عادي يا فروووح، انتي مش غريبة، وبعدين أنا محتاج أخد شاور، مش معقول يعني هاستحمى بهدومي
-فرح بنبرة معترضة: اقلع هدومك في الحمام مش هنا
-يزيد مبتسما بلؤم: جوا زي برا، ماهو أنا كده كده هافضل من غير هدوم لأني معنديش حاجة ألبسها
-فرح بنبرة حادة: يبقى مافيش داعي إن تستحمى من أصله
-يزيد مازحا: ليه بس، ده حتى الجو حر، والمياه منعشة للي زينا.

-فرح وهي تتنحنح في خجل: احم، من فضلك، انا مش بحب التلميحات دي
-يزيد بنبرة هادئة ورخيمة: طيب شوفي حل للموضوع ده يا فرووح، أنا عاوز أستحمى، وماجبتش معايا هدوم، وهافضل كده!
-فرح وهي تزفر في ضيق: اووف، ماشي، طب وسع كده.

اعتلى فمه ابتسامة واثقة، ثم تنحى جانبا، وأشار لها بيده لكي تمر، وبالفعل سارت هي في اتجاه خزانة الثياب وكادت تتعثر في طرف عباءة والدتها، ولكنها أمسكت بطرفها، ورفعتها قليلا عن الأرضية لتكشف عن ساقها اليمنى، فابتسم بخبث هو لرؤيته إياها..

ثم قامت بفتح الدلفة الخاصة بملابس والدها الراحل، وأرخت قبضة يدها عن عباءة والدتها لكي تتمكن من البحث بداخل الخزانة، ثم أخرجت ( منامة ) رجالية قديمة من اللون الأزرق المخطط بالطول، ومدت يدها بها في اتجاهه، و..
-فرح بإقتضاب: خد البس دول مؤقتا
-يزيد باستغراب: ايه دول؟
-فرح بنبرة جادة: دول هدوم المرحوم بابا.

تناول هو المنامة من يدها، وظل يتفحص موديلها الذي ( إنقرض ) من وجهة نظره و..
-يزيد مازحا، وهو يغمز لها: ماشاء الله، أبوكي كان بيلبس زي اسماعيل يس، حاجة أخر شياكة، مافيش بعد كده..!
-فرح بضيق: انت هتهزر!
-يزيد مبتسما بسعادة وبنبرة أقرب للهمس: لأ طبعا، أي حاجة من ايدك حلوة، حتى لو هلبس زي شوكو كوكو!

قاومت فرح شبح ابتسامة خفيفة تكافح للظهور على شفتيها، فابتسم هو أكثر لها، ثم تابعت هي ب...
-فرح بنبرة شبه جادة رغم ارتباكها: أنا ماليش في الكلام ده، أنا هنزل شغلي، فياريت لما أرجع تكون انت خدت بعضك ومشيت.

رفع يزيد يده ليستند على الدلفة، ثم حدجها بنظرات قوية و...
-يزيد متسائلا بجدية: وده مين اللي هايسمحلك بكده؟
-فرح بنبرة عالية: أنا صاحبة قراري، ومحدش ليه حكم عليا، خليك فاهم ده كويس.

أخذ هو نفسا عميقا ليسيطر على نفسه حتى لا ينفعل عليها، ثم رمقها بنظرات محتقنة و...
-يزيد بنبرة شبه منزعجة: مش هايحصل!

ثم صمت لثوان قليلة ليتابع ردة فعلها، فوجدها على وشك التعصب، فبادر ب...
-يزيد على مضض: على الأقل مش الوقتي
-فرح بنبرة متشنجة: تقصد ايه بكلامك ده؟
-يزيد بجدية: أقصد ان مايصحش تخرجي من غير اذني، انا جوزك وانتي ملزمة مني
-فرح بنبرة منفعلة: مش حقيقي، أنا خلاص هانهي اللي بينا
-يزيد بحسم: وأنا قولتلك مش هايحصل
-فرح وهي تزفر في انزعاج: يوووه، أنا مش هاخلص بقى
-يزيد مبتسما بسعادة: لأ طبعا أكيد هتخلصي.

-فرح متسائلة بلهفة: امتى؟
-يزيد بإيجاز: على الأربعين إن شاء الله
-فرح متسائلا بنبرة متحمسة، ونظرات مشرقة: يعني انت هاتمشي من هنا بعد الأربعين؟
-يزيد وهو يوميء برأسه إيماءة خفيفة، وبنبرة مؤكدة: طبعا يا روحي، أكيد في ذكرى جوازنا الأربعين هاكون رحلت للدار الأخرة.

ثم مال بجسده العاري ناحيتها، فتوردت وجنتيها أكثر، وتراجعت خطوة للخلف، وكادت أن تتعثر في طرف عباءة والدتها، وتسقط على ظهرها، فمد يده ليمسك بها، ولكنه أفلتها، فسقط كلاهما على الأرضية الصلبة..

أسند يزيد جسده بكفي يده، فحال دون سقوطه فوقها، ولكنه حاصرها في نفس الوقت بين ذراعيه، بينما أغمضت هي عينيها، وتأوهت من الآلم، ووضعت يدها خلف رأسها تتحسها، ثم فتحت عينيها لتتفاجيء به مقتربا منها إلى حد كبير، ومحدقا في عينيها بنظرات رومانسية عاشقة، فارتبكت على الفور، وارتجف جسدها لقربه الشديد منها، في حين قرر هو أن يستغل الفرصة و...
-يزيد بنبرة خافتة وعميقة: هو في أحلى من كده.

-فرح بنبرة متلعثمة للغاية، ونظرات خجلة: م، من فضلك، آآ، ابعد عني!
-يزيد مبتسما في لؤم: وأبعد ليه، ده المفروض ميعاد تمرين الضغط بتاعتي
-فرح وهي تبتلع ريقها في توتر: آآ، افندم!

ابتسم هو من زاوية فمه، ولم يحيد بعينيه عن عينيها اللامعتين، و...
-يزيد متابعا بنبرة شبه جادة: أنا متعود ألعب ضغط يوميا، يعني حاجة كده في حدود 30، ولا 40 ضغطة، وأنا ناوي النهاردة أكمل ال 100 ضغطة بعون الله
-فرح فاغرة شفتيها في ذهول: هاه.

اعتلى ثغره ابتسامة أكثر ثقة، ولم يترك لها فرصة القرار، حيث بدأ في ممارسة تمارين الضغط المعتادة، والتي يتم رفع ثقل الجسم للأعلى والنزول به للأسفل عن طريق الذراعين..

حاولت هي أن تزحف للخلف هاربة منه، ولكنها لم تستطع، فقط بدأ في تمرينه المعتاد، فحصرت أكثر، وبدأ صدرها يعلو ويهبط في توتر مع كل ضغطة يقوم بها، كما إزداد خفقان قلبها مع اقترابه ( المحظور ) – من وجهة نظرها - منها، فأغمضت عينيها لتتجنب النظر إليها، واستدارت بوجهها للجانب، بينما استمتع هو بشدة بقربها الذي ينشده، وألهب مشاعره حيائها الملحوظ منه، وخاصة ذلك التورد الشديد البادي على وجنتها، فقرر أن يختطف منها قبلة سريعة، وبالفعل استطاع أن يسرق قبلة سريعة من على وجنتها الناعمة أثناء هبوط جسده خلال تمرين الضغط، فشهقت هي على الفور، وجحظت عينيها في صدمة، واستدارت برأسها ناحيته لتعاتبه، فخطف هو منها قبلة أخرى ولكن من على شفتيها ليتذوق طعم السعادة منهما...

للحظة كادت أن تستسلم لتلك المشاعر المفاجأة والفياضة، ولكنها تداركت نفسها، ودفعته بقبضتي يدها من صدره بكل قوة، فتعمد أن يبتعد عنها ويلقي بثقل جسده للجانب ليخفف من توترها الشديد وبالتالي تتحرر من حصاره..

نهضت فرح من على الأرضية ووجهها ملون كليا بحمرة الخجل، وجسدها يرتجف بشدة، وأنفاسها تتلاحق في توتر، فأولت ظهرها له، ثم أغمضت عينيها، وحاولت أن تسيطر على أنفاسها اللاهثة، فأخذت نفسا مطولا، وزفرته على مهل، ثم استدارت لتواجهه فوجدته قد وقف على قدميه، وواضعا لمنامة والدها على كتفه العاري و...
-فرح بنبرة شبه مضطربة، وبنظرات خجلة: انت، انت ازاي تعمل كده، أنا، أنا آآ...

-يزيد مقاطعا بهدوء مستفز: عادي، مراتي وببوسها، وممكن أعيد تاني.

ثم انتصب في وقفته أكثر، ورمقها بنظرات متفرسة لجسدها، فارتبكت هي أكثر منه، وخشيت أن ينفذ ما يقول، لذا تراجعت بحذر للخلف، و...
-فرح بخجل شديد، وبنبرة محذرة وهي تشير بيدها: أخر مرة تعمل كده، أنا مش هاسمحلك.

رمقها هو بنظرات حادة، ثم سار في اتجاهها بخطوات ثابتة، فإزداد توترها و...
-يزيد بنبرة جادة: محدش يقدر آآ..
لم يكمل عبارته الأخيرة حيث سمع كلاهما قرع جرس الباب، فتنفست فرح الصعداء لأنه توقف عن الحركة، واستدار برأسه للخلف، و..
-فرح بنبرة متحمسة، وأعين لامعة: أكيييد دي إيلين، أنا كلمتها، و، آآآ.

ثم صمتت فجأة عن الكلام حيث أدركت أن لسانها قد زل، وبالتالي مخططها ربما يكشف، لذا حاولت أن تبدو تصرفاتها أمامه طبيعية، ولكنه رمقها بنظرات ضيقة..
تنحنحت هي في حرج، ثم أطرقت رأسها، وسارت بخطوات حذرة في اتجاه باب الغرفة، ولكنه ركض في اتجاه الباب، ومن ثم وضع يده عليه ودفعه بشدة ليغلقه، فتفاجئت هي بما فعل، وتسمرت مكانها، وحدجته بنظرات مغتاظة و..
-فرح بنبرة حادة: ابعد عن الباب خليني أعدي.

-يزيد بنبرة جادة، ونظرات ثاقبة: لأ
-فرح بنبرة شبه متعصبة: يوووه، أوعى بقى
-يزيد بنبرة متحدية: لأ، مش هاتخرجي يا فرح من هنا.

عقدت حاجبيها في انزعاج، ثم زفرت مجددا في ضيق، و...
-فرح بنبرة متشنجة: ابعد أحسنلك بدل ما أصرخ وأعملها فضيحة.

رمقها بنظرات حادة، ثم تنحى جانبا وأشار لها بيده لكي تمر، فابتسمت له بسخرية من زاوية فمها، ثم أمسكت بمقبض الباب وفتحته، ودلفت إلى الخارج وعلى وجهها ابتسامة انتصار، ثم سارت بخطوات راكضة ناحية باب المنزل، ولكنها تفاجئت به يجذبها للخلف من ذراعها الذي قام بلويه خلف ظهرها، ثم أحاطها بذراعه الأخر، وضمها إليه، ثم انحنى على رأسها ليقبلها بشغف من شفتيها بشفتيه، حاولت هي أن تصرخ، أن تتنفس ولكنها عجزت عن هذا، فقد أطبق فمه عليها، وشعرت بأنفاسه الحرارة تخترقها، تلهب مشاعرها، تدفعها إلى الجنون..

فتلوت هي بين أحضانه لتتحرر منه، ولكنه حاصرها أكثر، وبث إليها أشواقه واشتياقه الشديد لها، ولوهلة أغمضت عينيها، وبدأت تستسلم لذلك العشق الذي أغرقها هو في بحوره، فشعر يزيد بتجاوبها معه، فاعترته الفرحة الجلية، واستمر في إغداقها بحبه الصادق من على شفتيه.

ظل جرس الباب يقرع، وصوت رفيقتها إيلين يأتي من الخارج، و..
-إيلين بنبرة شبه عالية: فرح، انت موجودة يا بنتي؟ فرووووح!

لم تجد إيلين أي اجابة رغم قرعها المستمر على الجرس، وطرقها على الباب، بينما على الجانب الأخر لم يكف يزيد عن تقبيل زوجته التي يعشقها بجنون..
في النهاية اضطرت إيلين أن ترحل حيث ظنت أن فرح غير متواجدة بالمنزل..
أبعد يزيد رأسه عن فرح ليتأمل وجهها المشتعل من حمرة الحب، فوجدها قد ذابت في بحر غرامه، بينما كانت كل ذرة في كيانها ترتجف وبشدة من ذلك التيار القوي الذي أسلمت نفسها له رغما عنها..

ثم أرخى ذراعيه عنها، ورمقها بنظرات رومانسية، فإنسلت هي من بين أحضانه، وأمسكت بطرف عباءة والدتها، وركضت في اتجاه غرفتها، ثم أغلقت الباب خلفها بقوة، فابتسم هو لخجلها منه، ورفع يده ووضعها على رأسه ليحكها في سعادة، وسار في اتجاه غرفة والدتها ليحضر تلك المنامة لكي يغتسل ويرتديها...

إستندت فرح بظهرها على الباب بعد أن أوصدته، وحاولت أن تضبط أنفاسها اللاهثة، ووضعت يدها على صدرها تتحسس خفقان قلبها الذي كان ينبض بكل ما أوتي من قوة..
لم تعرف ما الذي أصابها لكي تحنث بالوعود التي قطعتها على نفسها لتبتعد نهائيا عنه وألا تسمح له بالإقتراب منها، ولكن هناك شيء ما يأسرها ويجعلها تتنازل عن كل شيء فقط لتحظى بحبه الصادق..

جاهدت لتقنع نفسها بالعكس، وتعهدت لنفسها من جديد ألا تنساق مجددا وراء تلك المشاعر التي انجرفت نحوها، وبخت نفسها بشدة، وأجبرتها على أن تكون قاسية، ومتحجرة القلب أمامه حتى وإن كانت مازالت تحبه، فهو لا يستحق حبها هذا حتى وإن اعتذر لها ألف مرة..
وأقسمت مجددا لنفسها بأن تصبح قوية، حرة الإرادة، مستقلة...

انتهى يزيد من الاغتسال وارتدى تلك المنامة الرجالية، والتي بدت عليه غريبة إلى حد كبير، فالبنطال قصير نوعا ما عليه، والسترة ضيقة عليه، فلم يشعر بالارتياح، ولكنه مضطر لإرتدائها لحين إحضار آدم لحقيبة ملابسه من منزله..
وقف هو أمام المرآة ليتأمل هيئته المضحكة و...

-يزيد لنفسه بعدم اقتناع وهو يرفع أحد حاجبيه: هو أبوها كان حجمه أد ايه بالظبط، ده لو حد شافني بالشكل ده هيقول عني ايه؟ عندي تضخم في العضلات، ولا البيجاما انكمشت مع الغسيل!

ثم وضع يده على شعره ليمسده و...
-يزيد بنبرة مازحة: أسرح بقى شعري عشان الوجاهة تكمل، أهو على الأقل أقدر اتمنظر شوية.

وبعدما تأمل نفسه لمرة أخيره، توجه ناحية غرفة المعيشة وجلس على الأريكة، ثم أمسك بجهاز التحكم، وظل يقلب في محطات التلفاز المختلفة، وعينيه مسلطة على باب غرفة فرح..
ثم سمع هو صوت قرع على باب المنزل، فنهض عن الأريكة، وسار في اتجاه الباب بخطوات واثقة، ثم قام بفتحه ليجد آدم وابنته الصغيرة سلمى أمامه..
ما إن رأته الصغيرة بتلك الهيئة حتى تعالت ضحكاتها عاليا و...

-سلمى بنبرة طفولية وهي تشير بإصبعها: هههههههههه، شكلك ضحك آمو زيت هههههههههههه ( شكلك يضحك يا عمو يزيد ).

عقد آدم حاجبيه في اندهاش، وفغر فمه في ذهول، و...
-آدم بنبرة متعجبة: انت غيرت استايلك امتى؟

لوى يزيد فمه في تهكم، ثم فتح الباب على مصراعيه ليسمح لكلاهما بالمرور، ومد يده ليأخذ حقيبته الخاصة من آدم و..
-يزيد بنبرة ممتعضة: البركة في المرحوم حمايا، هو اللي سترني
-سلمى متسائلة ببراءة وهي تنظر حولها: فين فلح ( فين فرح )؟

أشار لها يزيد بعينيه، و...
-يزيد بهدوء: هناك في أوضتها، روحلها يا لوما
-سلمى بنبرة متلهفة: ماسي.

ثم ركضت الصغيرة في اتجاه الغرفة، ووقفت أمام الباب محاولة لوصول للمقبض، ولكنها فشلت بسبب قصر قامتها، ثم قامت بالطرق بقبضتها الصغيرة عليه و..
-سلمى بنبرة عالية: فلح ( فرح )، أنا لوما، افتحي!

سمعت الصغيرة صوت مفتاح يدور في الباب، ثم وجدت فرح تطل برأسها من الباب و..
-فرح بخفوت: تعالي.

دلفت الصغيرة إلى داخل الغرفة، فأوصدت فرح الباب خلفها بسرعة..
تابع كلا من يزيد وآدم ما حدث بأعين مترقبة و...
-آدم باستغراب: ماشاء الله، ده البت سلمى سرها باتع
-يزيد مبتسما بغرور: طبعا، أومال أنا عاوزها ليه معايا
-آدم وهو يمط شفتيه في سخرية: يدوب تبقى صوباعك اليمين.

ثم مد يده ليعطي يزيد حقيبة أخرى صغيرة من اللون البامبي ولى رسومات كرتونية و..
-آدم متابعا بمزاح: استلم ( مخلة ) – حقيبة عسكرية – الملازم أول سلمى
-يزيد وهو يتناولها منه، وبنبرة عادية: هاتها، بكرة أرقيها وتبقى العقيد سلمى
-آدم ساخرا: ايوه هي العقيد، وأنا الفقيد آدم..
ضحك يزيد على دعابة آدم، فتابع هو ب...
-آدم مكملا بنبرة عادية: المهم المدام بتوصيك عليها وعلى فرح..

-يزيد بجدية: اطمن، الاتنين في عينيا
-آدم بهدوء: ماشي، هستأذن أنا بقى، ولو في حاجة كلمني يا باشا
-يزيد مبتسما في إمتنان: كتر خيرك يا آدم على اللي بتعمله معايا
-آدم بنبرة دبلوماسية: يا سيدي ماتقولش كده، انت لو كنت مكاني أكيد كنت هاتعمل أكتر من كده وزيادة
-يزيد بجدية: أكيييييد
ثم صافحه يزيد، واحتضنه، وقام بإصطحابه للباب، و...
-آدم بنبرة ساخرة: ان ما عزمتني على كوباية مياه حتى.

-يزيد مبتسما بسعادة: المرة الجاية أبقى أعزمك على شربات
-آدم متسائلا باستغراب: شربات مين؟
-يزيد وهو يغمز له، وبنبرة متحمسة: شربات دخلتي إن شاء الله
-آدم بنبرة متشوقة: يا راجل، هو انت آآآ...
-يزيد مقاطعا بجدية: قدم المشيئة بس، وإن شاء الله خير
-آدم بنبرة متفائلة: يا ميسر يا رب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة