قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

دلف (أكرم)إلى المطبخ ليطلب من (سعاد)فنجالاً من القهوة يخفف عنه وجع رأسه الذى يؤلمه بقوة، وجدها تجلس باكية فعقد حاجبيه قائلا:
-مالك ياسعاد؟بتعيطى ليه؟
نهضت على الفور وهي تمسح دموعها بيديها قائلة بحزن:
-مفيش يابيه بس زعلانة حبتين.
اقترب منها(أكرم)قائلا بشفقة وهو يلاحظ تورم عيناها:
-طب ممكن أعرف السبب؟
طالعته بعيون حزينة قبل ان تطرق برأسها فى حزن قائلة:.

-زعلانة على تيام يابيه، كان ممكن يروح فى الحريقة بتاعة الكوخ وساعتها مكنتش هقدر أسامح نفسى.
عقد حاجبيه قائلا:
-وانتِ ذنبك إيه بس؟
انهمرت دموعها مجددا وهي تقول:
-الست قمر قالتلى أكلم كامل جوزى يصلح الدفاية بتاعة الكوخ لانها معرفتش تصلحها وأنا نسيت خالص، لو كنت افتكرت مكنش حصل اللى حصل، أوريها وشي إزاي بس؟
تبا. تبا. تبا.

لقد حمّلها كل الذنب فيما حدث لطفلها وهاهي بريئة من هذا الإثم، عقد حاجبيه بقوة وهو يتساءل.
لماذا حين هاجمها بقسوة لم تدافع عن نفسها واكتفت بالصمت، لماذا إرتضت دور المذنبة. لمااااذا؟
أفاق من أفكاره على صوت الخادمة وهي تقول بإنكسار:
-أنا لازم أمشى من هنا يابيه، مش هقدر اواجه الست قمر ولا هقدر أبص فى وش تيام وانا حاسة انى كنت هكون السبب فى...
لم تستطع نطق الكلمة وقد غَصّ حلقها بها، ليقول (أكرم):.

-اللى حصل حصل متحمليش نفسك فوق طاقتها، كلنا بنغلط وقمر عقلها أكبر من إنها تحاسبك على غلطة زي دى او تعاملك على أساسها.
طالعته بأمل، قائلة:
-بجد يابيه؟
صرخ قلبه.
أتراها تملك هذا العقل حقا؟أم تراها أنانية غادرة متكبرة؟فليستقر عقلك على خِيار وإلا أصبتنى بالجنون.
نفض أفكاره وهو يقول:
-بجد ياسعاد. كفاية دموع بقى واعمليلى فنجال قهوة سادة بسرعة وهاتهولى المكتب، الصداع هيفرتك دماغى.
قالت على الفور:.

-حالا يابيه. ربنا يريح قلبك زي ماريحت قلبى.
إبتسم إبتسامة باهتة وهو يغادر المكان وكل دقة من دقات قلبه تُؤمّن على تلك الدعوة.
قال( عادل) فى حنق:
-زي ماقلت لحضرتك ياعمى، الشركة مش راضية تدينى أي معلومات عن صاحب الخط بتقول ان دى حاجة بتخترق خصوصية العميل، وانها متقدرش تكشف عن هويته عشان سُمعتها ومصداقيتها.
قال(حافظ)بغضب:
-طب والحل ياابنى، هنفضل كدة مش عارفين مين اللى حاول يإذى بنتى ويشوه سمعتها.

قال(عادل):
-لأ طبعا أنا هحاول بكل طريقة أوصله، ومش هسيبه غير لما أعرفه وأوديه فى ستين داهية كمان.
ربت (حافظ)على كتف (عادل) قائلا بامتنان:
-ربنا يحميك ويبارك فيك ياابنى، أنا مش عارف أشكرك ازاي على كل اللى بتعمله معانا.
طالعه (عادل)قائلا:.

-انت مش قلتلى يوم مااتقدمت لنهال ياعمى انى زي ابنك، يبقى مفيش داعى للشكر لان مفيش أب بيشكر ابنه ده غير ان نهال صحيح لسة خطيبتي بس انا بعتبرها مراتي وسمعتها من سمعتي وده معناه ان اللى بيحاول يإذيها بيإذينى أنا وأنا مستحيل أسيب اللى يإذينى، لازم ألاقيه وأدفعه التمن كمان.

ربت (حافظ) على كتفه مشجعا بينما إنسحبت (رجاء)إلى حجرتها بعد أن إستمعت لحديثهما، تجلس على سريرها وقد شحب وجهها تدرك أنها مسألة وقت قبل أن يعرفوا من وراء الرسالة التى بعثتها إليهما، ووقتها سينهار كل شيء فعلى أقل تقدير سيطردونها وستضطر للعودة ومواجهة هذا الأكرم وهذا مالن تسمح به أبدا، غير أنها لن يخيب أملها مجددا بالفوز ب(حافظ)، لذا عليها أن تفعل شيئا قريبا وإلا إنهارت أحلامها وكل ماتمنته سيصير إلى زوال.

تمر الأيام وأنتظر أن أنسى.
أنتظر أن يتوقف القلب عن ذكر إسمك.
وتتوقف العين عن تمنى رؤيتك.
أنتظر أن تتوقف عن إستوطان أحلامي.
وأن تُمحى ذكريات كنت أنت نبضها.
أنتظر أن أعود كما كنت قبل لقاءك.
ولكنى لا أعود، ويبدوا أننى لن أعود أبدا.
كانت تبكى بين ذراعي(أمنية)التى قالت بحزن:
-خلاص بقى ياقمر كفاية بكا، تيام الحمد لله بخير وهيبقى زي الفل.
خرجت (قمر)من بين ذراعيها تقول بصوت غصه الإختناق:.

-كل ما أفكر انى كان ممكن أخسره أحس انى هتجنن ياأمنية. كلام أكرم بيرن فى ودانى، بيحسسنى انى فعلا أم مهملة..
قاطعتها (أمنية)قائلة بحزم:
-عمرك ماكنتى ولا هتكونى، اللى حصل ده قسمة ونصيب. قدر ربنا خففه ولطف بيه، متفكريش بالطريقة دى تانى والا بجد هتتجننى.
ثم اعتدلت مردفة:.

-وبعدين انتِ من امتى كلامه بيأثر فيكى؟ها. احنا مش اتفقنا انه يكون بالنسبة لك هوا. كأنه مش موجود، وان كل حاجة بيعملها عشان يذلك بيها أو يحبطك تكبرى دماغك منها. والله أنا لسة مصرة انك لازم تمشى من المزرعة ويحصل اللى يحصل، احساسى بيقولى انه مش ممكن يسجنك أبدا وان تهديداته دى كلام فارغ بيقولهولك عشان تفضلى أسيرة عنده يعمل فيكِ اللى هو عايزه.
أطرقت(قمر)بحزن قائلة:.

-كلامه علطول بيأثر فية، متنسيش انى حبيته من كل قلبى وللأسف اكتشفت ان حبه فى قلبى لسة موجود منسيتهوش زي ماكنت فاكرة، وده مخلى كل حرف بيقولهولى يدبحنى وللأسف كمان مش قادرة أصرخ ولا اقول كفاية لانى أستاهل، أستاهل عشان حبيته وسلمتله قلبى وهو طلع خاين مصانش حبي، أستاهل لانى كنت جبانة وخفت على سمعة العيلة فضاع حق الست الغلبانة اللى حبتنى واديتنى كل حنانها ومشاعرها وفى الاخر هربت وسبتها ميتة على الطريق زي قطة ملهاش صاحب، وأستاهل لانى لسة جبانة وخايفة يبعدنى عن ابني. متفتكريش انه بيهدد وبس، لأ. أكرم اللى أنا شايفاه دلوقتى يعملها ويسجنى من غير رحمة لانه بيكرهنى، واذا كان سابنى زمان لانه محبنيش واستغل حبي وطيبتى فهو دلوقتى بيكرهنى بجد وبيتمنى يشوفنى بين القضبان سجينة بس للأسف ده مش هيشفى غليله قد مايشوفنى مذلولة قدامه وبتمنى الموت فى كل لحظة.

قالت(أمنية)بحزن:
-بس دى مش عيشة واللى بيحصلك ده مش عدل.
رفعت (قمر )وجهها تطالعها بعيون دامعة وهي تقول:
-ومن امتى الحياة كانت عادلة معايا؟ده نصيبى ولازم أتحمله.
كادت( أمنية) ان تقول شيئا ولكن خروج(سارة)من الغرفة قاطعها، وهي تقول بلهفة:
-تيام فاق وعايزك ياطنط قمر.
لتنهض(قمر)بلهفة تسرع إلى الحجرة، تتبعها(أمنية).

كان يتجول بين طُرقات مزرعته على ظهر جواده، يتنفس هوائها العليل عله يجد راحته المفقودة، يبعد تلك الذكريات التى تراوده عن مشاعره، يدفن آثارها بداخل قلبه فقد بات هدمها مستحيلا وإعمارها مستحيلا ونسيانها. هو المستحيل ذاته.

فعندما نحب شخصا لا نستطيع تخيل أن يكون هناك وقت لا نكون فيه مع من نحب، فنرسم معه جنة نعيش نفحاتها لا نتخيل يوما أننا قد نجد أنفسنا نعيش جحيما مستعرا لا خلاص منه سوى بالنسيان والنسيان كما قلنا سابقا، هو المستحيل ذاته، فيصبح الألم مرافقا لذكرى لا تبغى الرحيل ويصبح القلب أسير الذكريات مهما جاهد من أجل تحرره، يظل عبدا لحنين تتوق إليه النفس ويحرمها الراحة.

توقف فجأة عند تلك الشجرة، هبط من على جواده واقترب منها بهدوء ظاهري ولكن بداخله تعصف رياح الحنين، توقف أمامها يطالع تلك الأحرف المنقوشة بتوق، مد يده يتلمسها باصابع مرتجفة. تعصف به الذكريات ويستبد به الشوق، يستدعى تلك الفرحة التى كان يعيشها معها وحدها، يستدعى تلك المشاعر التى كانت أشبه بشعاع شمس انار عتمة حياته، يتمسك بأمل يبعث فى قلبه حياة ويعيد إليه نبضاته التى بهتت بفعل الصدمات والهموم، يوقن الآن انه صار مُبتلى بقدره واكبر إبتلاءاته هو عشقها، فلا راحة له فى فراقها ولا سكن، ولن يستطيع نسيانها حتى تفارق الروح البدن.

يدرك الحقيقة الآن وعقله وقلبه يجبرانه على شيء واحد، الاتيان بها للسكن قربه. فى منزل المزرعة، يُسكنها تحت سقف منزله ليشعر بالاطمئنان عليها فكلما فكر فى أنها كادت أن تكون فى هذا الكوخ وقت الحريق يشعر بالجنون، فقد يصرخ أنه يمقتها ويكره غدرها ولكنه فى الحقيقة يعشقها وتستحيل عليه فكرة فقدانها بالموت، فلا قلب له ولا عقل قد يتقبل تلك الفكرة. لذا فهو مُجبر على ان يجعلها حده، حتى وان كان قُربها عذابا فى حد ذاته ولكنه أفضل بكل تأكيد من فكرة فقدانها.

لمس جذع الشجرة مجددا قبل أن يتنهد مبتعدا وهو يصعد على جواده ويسرع إلى المنزل كي يحضر سيارته ويذهب إلى المستشفى ويحضرهما، إلى منزله.
زفرت (هند)بملل وهي تطالع أباها يتحدث مع ابن عمها فى أمور الأرض والزراعة، قبل ان تنهض قائلة:
-عن إذنكم، مضطرة أمشى.
ليقول أباها بدهشة:
-رايحة فين يابتى؟
قالت بلامبالاة:
-رايحة الكوافير يابابا، انت عارف انه بالحجز ومش هقدر ألغى الميعاد.

لتلتفت إلى ابن عمها الذى يطالعها بهدوء مردفة:
-انت اكيد فى بيتك يا عبد الله مش غريب يعنى، وأنا مش هتأخر. سلام.
غادرت على الفور تلاحقها أعين والدها الحانقة بينما يتابعها (عبد الله)بعينيه يتأمل لباسها وخطواتها المتغنجة وفى عيونه استقرت نظرة غير راضية، على الإطلاق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة