قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

إستيقظت على رنين هاتفها المتواصل تطلعت إلى مكانه الخالى بإحباط، إنه يوما آخر تستيقظ على غيابه.

ظنت أن اليوم سيكون مختلفا بعد ماحدث بينهما بالأمس عندما فتح كل منهما قلبه للآخر واعترفا بمشاعرهما ليكتشفا تلك الخدعة الحقيرة التى تعرضا لها. ولكن اتضح أنها واهمة فيبدو ان لاشيء تغير، قطبت جبينها وهي تستقيم جالسة تجيب هاتفها الذى رنّ مجددا، لانت ملامحها وصوت (نهال )يأتيها مرحبا لترحب بها بدورها. قالت (نهال) عاتبة:
-زعلانة منك على فكرة لا سؤال ولا تليفون حتى.
قالت(قمر)بخجل:.

-ليكِ حق تزعلى بس انتى متعرفيش مريت بإيه الفترة اللى فاتت دى، اللى حصل فى المزرعة هنا شغلنى عن كل حبايبي.
قالت(نهال)بحيرة:
-يعنى انتِ مكنتيش مسافرة برة تشتغلى؟
عقدت(قمر)حاجبيها قائلة:
-مسافرة!لأ طبعا. مين اللى فهمك كدة؟
قالت(نهال)بحنق:
-وهيكون مين غير أم أربعة وأربعين اللى مرتاحتش غير لما خربتها وخلت ماما تخاصم بابا ولولا فرحى اللى قرب كانت سابت البيت كمان.
ازدادت حيرة (قمر)وهي تقول:.

-طنط سوزان اللى روحها فى عمي حافظ عايزة تسيبه وتمشى!انتِ بتقولى إيه يانهال؟
قالت(نهال):.

-انا كنت بكلمك مخصوص عشان احذرك منها ياقمر. الست دى مش كويسة خدى بالك منها ده الكذب والخداع والشر بيجروا فى دمها، قبل كدة كنت بخاف أحذرك منها لإنها قريبة منك قوى وخوفى من ان عدم ارتياحى ليها يكون شعور شخصي منى وتكون مظلومة منعنى. بس بعد اللى عملته معايا ومع ماما لازم أقولك خلى بالك لتدمر حياتك انتِ كمان. احنا صحيح مش قريبين من بعض بحكم المسافات بس اللى شفته منك زمان يخلينى أهتم بيكِ وأعرفك حقيقة الحية اللى عايشة معاكِ.

قالت (قمر)بجزع:
-انتِ قصدك..
قاطعتها (نوال)قائلة:
-أيوة هي مفيش غيرها. خالتك رجاء.
لتتسع عيون (قمر)فى صدمة.
ما الذى يحدث؟!
من المستحيل ان تصدق أن السيدة التى عاشت معها طوال عمرها وكانت بمثابة أم لها قد تقوم بتلك الأفعال الشنعاء، من المستحيل ان تصدق انها خرّبت عن عمد كل تلك العلاقات. وأرادت السوء بأُناس فتحوا لها أذرعهم وبيتهم فجازتهم بخيانة وجحيم مستعر.
ولكن لمَ لا؟!
عادت بذاكرتها قليلاً إلى الماضى.

تزوج والدها بخالتها لتكون لها أماً بعد وفاة والدتها.
أماً كانت.

ترعاها وتهتم بمأكلها ومشربها وتعليمها ولكنها أبدا ماكانت وطناً يحتوى آلامها ورغباتها بل كانت تترك تلك المهمة للسيدة (فاطمة)رحمها الله فتكون لها الوطن الذى تلجأ إليه عندما تضيق بها السُبل. أرغمتها مع والدها على الزواج من إبنها الوحيد ولم تهتم برفضها واعترافها لها بحبها ل(أكرم)بحُجة أنه سافر ولم يأبه بقصتهما السخيفة على حد قولها فى ذلك الوقت، ولم تُردع(حاتم) عن أفعاله الحقيرة بشأنها بل كانت فقط تخبرها أن تتحمله. هي نوبات غاضبة عابرة فحسب. ومن اجل والدها المريض عليها ألا تكشف أفعاله فيزداد مرض أباها حُزنا عليها. نعم من الجائز جدا أن تفعل خالتها مافعلت بعمها(حافظ)وزوجته(سوزان)فلم تكن الملاك الذى لايمكنه فعل ذلك ويبدو انها قد تركتهما بعد ان أُكتشفت خُدعتها و آذتهما بلعبة شريرة لم تنجح فى مبتغاها ولكنها تسببت بحدوث صدع فى علاقة الزوجين. لم يزل.

أفاقت من افكارها على دلوف خالتها إلى الحجرة دون إستئذان تطالعها بعيون غاضبة. طالعتها (قمر)بدهشة وكادت ان تقول شيئا ولكن خالتها سبقتها قائلة بحدة:
-برضه مطلبتيش الطلاق زي ماأمرتك؟عاجبك العيشة معاه وجاية على هواكى. مش كدة؟
قطبت (قمر)جبينها وهي تنهض وتتقدم بإتجاهها قائلة:
-هو فيه إيه ياطنط؟على فكرة أنا مش لعبة فى إيد أي حد يحركها زي ماهو عايز أنا إنسانة ولية كيان وروح.

تراجعت خالتها للحظة وقد بدا على قسماتها الصدمة من لهجة (قمر)الحادة التى تخاطبها بها للمرة الأولى بينما أردفت (قمر)قائلة وهي تقف أمامها تماماً:
-أنا بحب أكرم وأكرم بيحبنى وأظن مفيهاش حاجة أبدا لو كملت معاه.
احتلت البرودة ملامحها وهي تقول:
- ده آخر كلام عندك ياقمر؟!

شعرت (قمر)بقشعريرة باردة امتدت على طول عمودها الفقري من جليد أرسلته نبرات خالتها لكيانها بالكامل ولكنها قاومت خوفها تستمد قوتها من وجود (اكرم)فى حياتها تهز رأسها إيجابا لترمقها خالتها بنظرة قاسية قائلة:
-تبقى انتِ اللى إخترتي.

لم تدع لها مجالا للرد وهي تغادر من الحجرة بخطوات غاضبة، كادت أن ترتطم ب(أكرم)الدالف إلى الحجرة ولكنه تنحى جانبا بسرعة فمرقت بجواره وكأنها لا تراه، نظر فى إثرها بدهشة قبل ان يعود بنظراته إلى (قمر)التى ماإن طالع ملامحها الشاحبة بحيرة حتى إنطلقت إلى صدره فإستقبلها بين ذراعيه على الفور يضمها بقوة ويتركها تُفرغ دموعها على صدره حتى تستطيع ان تُفضى له بمكنون قلبها.

كان يتمدد على السرير يضمها إلى صدره ويمرر يده بين خصلاتها الحريرية قائلا:
-برضه مش عايزة تتكلمى وتقولى فيكِ إيه؟
تنهدت قائلة:
-أنا كويسة خلاص متقلقش.
-مقلقش إزاي وأنا شايفك فى الحالة دى؟
إستقامت جالسة وهي تمسح الدموع العالقة بين أهدابها قائلة:
-فيه حاجات لازم تفضل مستخبية جوة القلب لإن خروجها منه بيجرحنا.
أمسك يدها قائلا:
-واحنا اتفقنا منخبيش حاجة عن بعض، الأسرار بتإذينا ياقمر.
طالعته بتردد قائلة:.

-لو الأسرار دى تخصنى صدقنى مكنتش هتردد ثانية انى أقولهالك لكن..
صمتت وقد عادت للبكاء فقال بهدوء:
-خلاص ياقمر مش عايز أعرف بس فى نفس الوقت لازم أحذرك، خالتك صورتها غير اللى جواها وثقتك فيها مش فى محلها. لازم تحرّصى منها.
قطبت جبينها قائلة:
-قصدك إيه ياأكرم؟
مسح دموعها بيده الحرة قائلا:.

-قصدى بس تخلى بالك منها. انا من زمان وشايفها على حقيقتها، إنسانة ميهمهاش غير مصلحتها وبس ومتكبرة على الخلق. ده غير انها حاولت توصلى انك مش أمينة على الولاد وده فى حد ذاته يأكدلى شيء واحد. انها متستاهلش طيبتك.
صدمات تلو الصدمات، وماذا بعد؟!
أردف يحاول ان يُخرجها من تلك الحالة التى تعتريها:.

-أنا قاعد من الصبح مع تيام وشمس بنزرع حوض ورد فى الجنينة، وكنت جاي اندهلك تشاركينا. إيه رأيك؟على فكرة انا مش قادر أصبر عشان أقوله انه إبني وإنى أبوه الحقيقى، كل ماعينى بتيجى فى عينه ببقى عايز أخده فى حضني وأقوله الحقيقة.
إذا هذا ما جعلك تفارق الفراش لأصحو دونك وتهيم بى الظنون. تبا لماض ترك بى صدع تنفذ من خلاله الظنون آمل مع نفحات عشقك أن يرأب.
نفضت أفكارها وهي تقول:.

-هنقوله وهيعرف ياأكرم، معلش أصبر علية شوية لغاية مااظبط أموري وأمهد لخالتي، وقوم بينا يلا نروح للولاد وحشونى قوى.
خالتها مجددا. لماذا تهتم بتلك العقربة؟! لابد وأنها طيبة قلبها، هي طيبة يعشقها، ويخشاها.

طالعتهما بعيون عجزت عن الطرف بأهدابها وهما يتضاحكان سويا، تبا لمن فرق بينهما بالماضى ليحرموا الأب وولده من سعادة يرتشفان منها الآن بل ويحرموها هي من مشهد يطيح بخفقات القلب وعشق تعيش لحظاته وتقدسه. حانت منه نظرة إليها فضبطها متلبسة بالنظر إليه، رقت قسماته وهو يبعث لها قبلة مسترقة فإحمر وجهها وهي تبتسم بخجل تراقبهما أعين عجزت عن تحمل ماتراه لتطرق بيدها على سور شرفتها بقوة قبل ان تدلف إلى حجرتها متوعدة.

رنين هاتف(قمر)جعلها تنفض مشاعرها وهى تطالعه فتجد إسم صديقتها على الشاشة، ابتسمت تلقائيا وهي تجيب الهاتف قبل ان تقول:
-مستنياكى طبعا ده انتِ بنت حلال، لا ده فيه حاجات كتير حصلت اليومين دول، لما تيجى، سلام.
أغلقت الهاتف فأشار لها(اكرم)برأسه مستفسرا لتبتسم قائلة:
-أمنية جاية النهاردة مع صادق والولاد.
ليهز رأسه وقد علا ثغره ابتسامة بدوره.

اليوم تبدلت نظرتي للدنيا فصار الحب سيدها ومولاها. ينادى الكون من حولى إسمك فيتردد صداه بقلبي، تلمع عيوني بشغف وحنين إليكِ. أتمنى لو تركت كل شيء ينأى بى عن التنعُم بقربك والذهاب حدك لتحتضن أضلعي روح غابت كثيراً عنى فأضناني الشوق إليها.

كان يبحث عن بعض الأوراق الخاصة بالمزرعة فى أدراج مكتبه، يود حقاً لو ترك كل شيء وأسرع إليها يقضى لحظاته معها ولكنه مُجبراً على العمل فصبراً جميلاً حتى يفرغ من عمله ثم يسرع إليها ليعوض كل مافاته.

عقد حاجبيه وأحد تلك الأدراج لا يُفتح، حاول فتحه فلم يستجب ليجذبه بقوة. وقعت ورقة على الأرض كاد أن يمد يده ليأخذها حين لفت انتباهه دفتراً للرسم. تناوله يمرر أنامله على غلافه بتوق ثم فتحه فوجد رسماً لأحد الأماكن التى يحبها فى المزرعة، قلب الصفحة فظهر رسماً له وهو يقوم بزراعة إحدى زهور الربيع. إعتلى ثغره بسمة حانية.

بارعة هي محبوبته بالرسم كانت وستظل دوما ذات أنامل ترسم أي شيء فيصير حياً. قلّب فى صفحات الدفتر حتى وصل إلى آخره فرأى رسما آخر له وهو نائماً يضع كفه تحت وجنته اليمنى يبدوا مسالماً كما لم يكن يوما، أخذ نفساً عميقاً يحتوى ألماً شقّ القلب إلى نصفين. كان اليوم الذى افترقا فيه على وعد بالزواج فتحطمت أحلامهم وإبتعدا عن بعضهم البعض سنوات طويلة.
-يااااه لقيته فين الدفتر ده؟

قالتها (قمر)بحنين فمسح دمعة تسللت إلى وجنته وهو يستدير مواجهاً إياها بإبتسامة حانية قائلا:
-فى درج مقفول.
ليرفع الدفتر أمامها مردفا:
-كنتي مخبياه؟!
اقتربت منه تهز رأسها نفياً وهي تقول:
-لأ. بابا خده منى غصب عنى ومن يومها مشفتوش.
توقفت أمامه تماماً تسحبه من يده وهي تفتحه وتطالع صفحاته بعيون لمعت حنيناً تقول بصوت ارتعشت نبراته:.

-تعرف إنى من يوم ما خده وقاللى انى لازم أنساك ومفكرش فيك عشان طماع وخاين ومتستاهلش وأنا بطلت الرسم خالص.
رفعت عيونها له فى تلك اللحظة فتأمل عشبيتيها بعشق قائلا:
-كرهتيه زي ماكرهتينى وقتها؟!
هزت رأسها نفياً قائلة:
-الرسم بالنسبة لى زيك تمام مينفعش يتكره. عشقكم بيجرى جوة الدم ونبضه فى القلب ساكن. مهما ادعينا كرهكم واتهمناكم بالغدر والخيانة فأول مابنشوفكم حنينا بيغلبنا وبيجبرنا بس نقع فى العشق من جديد.

أمسك الدفتر من يدها يضعه على المكتب ثم أمسك يديها بين يديه قائلا:
-عملت إيه فى حياتي خلانى أستاهل حب واحدة زيك ياقمر؟
رفعت يديه إلى ثغرها تقبلهما برقة قبل ان تقول:
-طيبتك. شجاعتك. رجولتك. تفاصيل كتيرة لو أحكى عنها هياخدنا الوقت وصادق وأمنية هييجوا وانا لسة مجهزتش الأكل ياحبيبي.
تركت يديه مردفة بإبتسامة:
-يلا بقى خلص شغلك بسرعة وبالليل نكمل كلام.
كادت ان تغادر حين استوقفها صوته العاشق وهو يقول:.

-بحبك قوى ياقمر.
قالت بإبتسامة:
-بحبك أكتر.
ثم أرسلت له قبلة هوائية وغادرت على الفور ليبتسم بعشق وهو يستدير ليكمل عمله فوقعت عيناه على تلك الورقة. مال يسحبها ويفتحها قارئا محتواها. لتتسع عيناه بصدمة.
قالت (أمنية):
-بقى كل ده يحصل وانا معرفش عنه حاجة.
قالت(قمر):
-أعمل إيه بس ماانا كلمتك كتير وانتِ مردتيش واتكسفت اكلمك على تليفون صادق.
قالت(امنية):.

-مااكتشفتش انى نسيت التليفون غير بعد ماوصلنا المنصورة، وبعدين تتكسفى ليه بس؟ده صادق.
هزت (قمر)كتفيها قائلة:
-مش عارفة يمكن عشان قعدنا سنين مش طايقين بعض. هو مفكرنى خاينة وأنا مفكراه صاحب الخاين، ماعلينا المهم مقلتليش عملتى إيه هناك؟
هزت (امنية)كتفيها بدورها قائلة:
-معملتش حاجة زرنا قبر والدة فارس وبعدين ودى فارس لأهل مامته يشوفوه.
قالت(قمر):
-وانتِ شوفتيهم؟

-عرض علية بس انا مرضيتش، انتِ عارفة رايهم فية ونظراتهم لية. مش طالبة نكد، قلتله يفرجنى على المنصورة وقد كان.
قالت (قمر):
-كانت لفتة حلوة منك لما طلب صادق تروحوا تتفسحوا واقترحتى عليه انك تزوروا قبر والدة فارس. أكيد فارس كان مبسوط.
-جدا، الولد ده حساس قوى ياقمر وجواه حاجة حلوة.
هزت (قمر)رأسها فأردفت(امنية) قائلة:
-المهم دلوقتى، امتى هتقولوا لتيام ان أكرم يبقى باباه الحقيقي؟!
قالت(قمر)بحيرة:.

-مش عارفة. خايفة من طنط رجاء لما تعرف، مش هتسكت وهتقلب الدنيا.
قالت(أمنية):
-طيب والحل؟مش معقول أكرم هيصبر أكتر من كدة. ده أب واكيد حابب ابنه يعرف انه ابوه.
هزت(قمر)رأسها قائلة:
-بكرة لازم أفاتحها فى الموضوع.
قالت(امنية)بقلق:
-ربنا يستر بقى.

تسلل القلق إلى قلب(قمر)بدورها وهي تتخيل خالتها وقد ادركت ان حفيدها الذى تعشقه ولطالما تشدقت بأنه جلّ مابقي من رائحة فقيدها ماهو إلا وهم عاشته لسنوات. ليقشعر بدنها بإنتظار رد فعلها. وياله من إنتظار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة