قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

قال (حافظ) بغضب:
-انتِ اتجننتي وصوتك بقى يعلى علية ياسوزان؟
قالت(سوزان)بحنق:
-ماهى اللى جننتنى ياحافظ وأقولك مبقتش قادرة يجمعنى بيها سقف واحد تقولى بنت عمتك وميصحش تخرجها من بيتك، طبعا وهو أنا ابقى إيه بالنسبة لك. مراتك بس لكن هى من دمك ولحمك وعادى تقعد وتخرب علية وعلى بناتي.
زفر (حافظ)بقوة قائلا:.

-ياستي انتِ على عيني وعلى راسي. مراتي وحبيبتي وام بناتي بس ده ميخلكيش تبعديني عن الأصول وتخليني أطرد بنت عمتي من بيتي بعد مالجأتلي.
قالت (سوزان)بغضب:
-وهو يعنى اللى بتعمله معانا شوية؟يعنى ايه تغير عفش البيت من غير ماتستأذن؟دى اتجننت رسمي. و مراعتش الأصول اللى بتتكلم عنها دى. تبقى هى اللى جابته لنفسها وتغور من هنا خلينا نخلص من شرها.
اقترب منها (حافظ)يمسك يدها قائلا بصبر:.

-معلش ياسوزان أصبري عليها شوية، أنا هتكلم معاها وياستي لو عملت حاجة تانية أوعدك إنى همشيها من هنا ولو هاخدلها شقة فى عمارتي التانية. ماشى؟

طالعته للحظات بتردد وهى تخشى أيضا إقتراحه الذى سيبعد تلك الأفعى عن عيونها ويجعلها تمارس ألاعيبها من بعيد لتلدغها مرة واحدة فتقضى عليها وعلى عائلتها. لكنها مالبثت أن هدأت وهى تقسم لنفسها ان تكون حذرة فلا تدع لها فرصة لإيذائهم ولو إقتضى الأمر أن توكل احدهم بمراقبتها على الدوام.
بينما كانت هناك من تقف على الباب تستمع إلى حديثهما عاقدة حاجبيها بغضب قبل أن تهمس بشر:.

-بقى كدة ياسوزان!عايزة تمشينى من هنا عشان يخلالك الجو، طب انا اللى همشيكى من هنا وبفضيحة كمان وبكرة تشوفى.
لتسير بخطوات غاضبة إلى حجرتها بينما تراجعت الخادمة بسرعة إلى المطبخ قائلة بحنق:
-لأ كدة الموضوع ميتسكتش عليه أبدا ولازم أحكى لست نهال.

كانت تُعد فنجال قهوة لها عله يخفف ذلك الصداع الذى تشعر به، يومان مرا عليها كدهر بطيئ الساعات منذ تلك اللحظة التى استسلمت فيها لمشاعرها لم تراه قط، يغيب طوال النهار ولا يعود حتى تستسلم هي للنوم لتصحو مبكرا فتجده قد غادر فراشه معيدا الكرة وتاركا إياها تتخبط فى حيرتها، تتساءل عن تلك القبلات التى حملت لها مشاعر جياشة من قِبله لاتصدق أنه يحملها لها فى قلبه، ولكن مذاق قبلاته يُجبرها على أن تصدق، مرت بأصابعها على ثغرها حيث ترك بصمته عليه، لا يُقبل بتلك الطريقة سوى عاشق. يعشقها هو حتى وإن أنكر عشقه. حقيقة تدركها الآن بوضوح ولكن ماذا تفعل بتلك الحقيقة مادام ينكرها وهى إن كانت تعشقه بدورها فلن تعترف له حتى يعترف هو.

أفاقت على صوت فوران فنجال قهوتها فاسرعت تغلق النار عليها فى حين قالت (سعاد):
-مالك ياست قمر، سرحانة فى إيه؟
قالت(قمر)دون وعي:
-أكرم.
طالعتها (سعاد)بدهشة قائلة:
-ماله أستاذ اكرم؟
قالت(قمر)بإرتباك:
-مالوش. بس يعنى بقاله يومين مبياكلش مع الولاد ووحشهم.
قالت(سعاد)بخبث:
-وحش الولاد ولا وحشك انتِ ياست قمر؟
قالت (قمر)بإضطراب:
-وحش الولاد طبعا ويوحشنى أنا ليه يعنى؟
قالت(سعاد)باستنكار:
-مش جوزك يبقى لازم يوحشك.

قالت(قمر)بارتباك خجول:
-آه طبعا، قصدى يعنى...
صمتت فقالت (سعاد)بطيبة:
-مش عيب ياستي انك تحبي جوزك ويوحشك وتتمنى قربه، ده انا لو علية اخلى كامل جنبي طول النهار يقشرلى بصل ويخرطلى ملوخية.
طالعتها(قمر)للحظة بصدمة قبل ان تنفجر ضاحكة لتشاركها (سعاد)ضحكاتها.

اقترب (اكرم)فى تلك اللحظة من المطبخ فاستمع إلى صوت ضحكاتها، كم اشتاق إلى صوت تلك الضحكات التى كانت تشرق يومه بالماضى، صافية كسماء رسمها القدير. ناعمة كخرير شلال مياه عذب، أغمض عيناه وذكرى اخرى تطل برأسه. ذكرى حرمته النوم ليومان كاملان وجعلته يهرب بعيدا عنها. رفع يده يتحسس ثغره الذى وشمته بثغرها فجعلته تائقا للمزيد من شهدها حتى وان ضرب بكل شيء عرض الحائط، فقُربها حياة. ربما سيمنحها فرصة اخرى ويتوسم الخير فإن كانت قد خانت مرة فلن يسمح لها بالخيانة مجددا سيغدقها بمشاعره حتى تستسلم له وقد بدأت بالفعل بالاستسلام ومشاعرها التى وصلته فى قبلاتها تخبره بذلك، ربما احس بتلك المشاعر بالماضى وأضحت زائفة ولكنه اليوم رجلا يختلف عن الرجل الذى كانه وسيحكم مشاعرها بيد من حديد فلن يجعلها تفلت منه وتصير لغيره أبدا.

دلف إلى المطبخ فى ذلك الوقت، فتوقفت الضحكات وتعلقت العيون به خاصة عيناها اللتان رمشتا بخجل ظهر فى طياتهما على الفور بعد ان تعلقا بثغره لتتعلق عيونه بثغرها بدوره، حمحمت (سعاد) قائلة:
-أنا هخرج اجيب نعناع من الجنينة.
قال(اكرم)بهدوء وهو يخرج من تلك الحالة التى اعترته بصعوبة:
-خليكى وانا هقول للجنايني يجيبهم.
ليطالع (قمر)قائلا:
-من فضلك اعمليلي فنجال قهوة وهاتيهولى المكتب.

اومأت برأسها دون كلمة، فاستدار مغادرا بينما قالت (سعاد)بدهشة:
-هو لسة فيه حد بيقول لمراته من فضلك؟ايه الأدب ده كله! فينك ياكمولة تشوف الرجالة بتعامل مراتاتها إزاي؟طب مش عاملالك الشاي النهاردة غير لما تقولى من فضلك ياسعاد هانم اعمليلي الشاي.
طالعتها (قمر)بإبتسامة وهي تهز راسها بقلة حيلة، قبل ان تتجه لتعُد له فنجالا من القهوة بيد مرتعشة تخشى القادم.

يعشقك القلب ويلاحقني طيفك فى كل مكان. مُقيدة بأغلال الهوى لا أبغي حريتي فكيف بسجين الهوى أن يرغب تحررا وقد صار العشق فى دمه كالإدمان. يرتعش كياني ماإن تمر بخاطري فكيف يكون الحال ان ظهرت أمامي، لا اراك بمقلتي بل أراك بخفقاتي فإرحم قلبا ما عشق سواك ولن يعشق آخر حتى آخر الزمان.

طرقت الباب فسمعته يسمح لها بالدخول، ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تدلف إلى المكتب تتقدم بإتجاهه وتضع فنجال قهوته على سطح المكتب دون أن تنظر إليه، وما إن إستدارت لتغادر حتى منعتها يده التى تمسكت بذراعها، إستدارت تطالعه بحيرة فترك ذراعها قائلا بهدوء:
-أقعدى عايز أتكلم معاكى شوية.
اتجهت الى الكرسي وجلست بهدوء لا يعكس اضطراب مشاعرها المترقبة لكلماته وطالعته بتساؤل فقال على الفور:.

-اللى حصل بينا آخر مرة محتاج تفسير، حاولت كتير أحلل الموقف بس معرفتش. ياترى عندك انتِ تفسير ليه؟
أحبك وتحبني. هذا هو السبب الوحيد لما حدث بيننا، مصرّ أنت على الإنكار على مايبدو، حسنا سأنكر بدوري وأتظاهر بالجهل ولنرى إلى متى سيستطيع كل منا الصمود والإنكار؟إلى متى سيستطيع كل منا تجاهل مشاعره؟

أطرقت برأسها تهزها نفيا، فظهرت على ملامحه خيبة الأمل وقد أراد منحها فرصة للإعتراف بما يكنه قلبها تجاهه ولكن يبدو أنه كان مخطئا فى تحليل ماحدث، رفع إليه فنجال قهوته ياخذ رشفة منه بهدوء قبل أن يقول بصوت لم يظهر به غِصة قلبه:
-نعتبرها كيميا بينا خليتنا منقدرش نتحكم فى تصرفاتنا، بس ياريت فى المستقبل نحاول نتحكم أكتر. أنا عارف انك مشتاقة يكون فى حياتك راجل بس أنا مش حابب اكون الراجل ده ياقمر.

رفعت إليه عينان غشيتهما الدموع وهي تنهض قائلة بمرارة:.

-انت ليه مصر تحسسني انى رخيصة قوى ومشاعرى بيحركها الإحتياج والغريزة؟كل ده عشان سلمتلك مرة. كانت غلطة دفعت تمنها غالى أوى ومش مستعدة ادفع أكتر، متلومش علية ضعفي لانى حاولت بكل ذرة فى كياني أقوي قلبي ومقدرتش. لسة بشوف فى نفسي قمر بتاعة زمان اللى انضحك عليها بس لسة خايبة ومبتتعلمش، لكن انت ياراجل ياقوي ياللى قلبك من حديد ومبيلينش حجتك إيه ها؟حاول انت تتحكم فى نفسك وان مقدرتش يبقى تطلقني وتسيبني وكل واحد يروح من طريق خلينا نرتاح بقى.

استدارت لتغادر فإستوقفها صوته الذى قال بعذاب:
-مقدرش أسيبك تمشى أنا رجعت مخصوص عشانك.
استدارت لتواجهه بعيون اطلت منهما الحيرة فنهض مقتربا منها وهو يقول:
-حاولت كتير أكرهك بس معرفتش، قلت أرجع يمكن لما اشوفك أفتكر كل حاجة عملتيها فية، يمكن لما اقرب اقدر اكرهك بس برضه مقدرتش. قربي منك كان بيدوب حتى الغضب اللى كان فى قلبي ليك وميسيبش غير...
صمت يغمض عيناه فصرخ قلبها.
غير ماذا؟!

فتحهما مجددا وصراعا أطل من مقلتيه ليمسك ذراعيها بكفيه قائلا:
-مش قادر أكون قصادك دلوقتي وأنا عارف انك مراتي وملكي وحلالي من غير ماأخدك فى حضني.
ضمها بقوة يدفن وجهه فى عنقها مغمضاً عيناه فإستسلمت لقوة مشاعره خاصة عندما لفحتها أنفاسه الساخنة على جيدها و تسلل إليها صوته الهامس وهو يقول بتنهيدة حارقة:
-مش قادر أكون جنبك وامنع نفسي عنك، عايزك ياقمر وكإنى مش ههدى ولا أرتاح غير لما تكوني ملكي بجد.

كانت كالمغيبة وثغره ينثر قبلات رقيقة على جيدها منتشية بمشاعرها التى رفرفت فى قلبها نتيجة قربه ولمسات اشتاقت لها بقوة، حتى ترددت كلماته فى عقلها تُجبرها على تنحية تلك المشاعر جانبا. هو يرغبها فقط ولا يحبها. يود امتلاكها فقط حتى يتخلص من تلك الكيمياء التى تربطه بها وتضعفه. هو يريد أن يعيد الماضي ثم يتخلى عنها مجددا مخلفا وراءه قلب مكسور غُدر به وطُعن بقسوة. لا لن تسمح بذلك، ابتعدت عنه فعقد حاجبيه بحيرة وهو يطالعها بعيون غائمة بمشاعره لتقول هي بحسرة وهي تشير لقلبها:.

-آسفة. قلبي ضعف ومبقاش زي زمان. مش هيقدر يتحمل من تاني خيانتك ياأكرم والضربة المرة دى هتقتله، عارفة انى ضعيفة من ناحيتك بس مش هسمح لضعفي يقتلني، ابني محتاجني. عايز تنتقم منى وتكمل انتقامك اتفضل انا قدامك أهو بس ابعد عنى وعن مشاعري لانها خلاص يادوب بتعافر عشان تعيش.

قالت كلماتها واستدارت مغادرة على الفور بينما ظل (اكرم)واقفا كتمثال جامد يحلل كلماتها التى أغرقته مجددا فى دوامة من التساؤلات ولكن تلك المرة سيجد لها إجابات.
أعدت لهم البوظة وخرجت من المطبخ لتمنحهما إياها، فراتهم يلعبون بالأوراق توقفت فى مكانها حين قالت (سارة)بملل:
-انا زهقت يافارس.
قال (فارس)وهو يترك اوراقه على الطاولة:
-وأنا كمان.
لمعت عيون(أمنية)وهي تقترب منهم قائلة بمرح:
-الآيس كريم ياولاد.

ابتسموا لدى رؤيتها فوضعت الصينية على الطاولة ومنحتهما كأسي البوظة فأخذاها بإمتنان. وبدآ فى تناولها بينما تجولت (امنية)قائلة بطريقة مسرحية:
-أنا كمان زهقت وضاق خلقي مواعين وبيت، نفسي اخرج وألعب وأتنطط، نروح فين يامنمن. نروح فين؟
ثم استدارت تواجههما مردفة:
-ايه رأيكم نروح المزرعة لطنط قمر وتيام وشمس.

هلل الصغار وهما يضعان البوظة على الطاولة، ويسرعان إليها يحتضناها سويا لتربت على راسيهما بحنان وابتسامتها تتسع لتشمل وجهها بأكمله. See Less.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة