قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

نهضت حنين من الفراش ببطئ، إكتسى ملامحها نوعًا من الألم الذي سببته قدمها فكانت تتأوه بصوت مكتوم...
أمسك حمزة بذراعها قبل أن تنهض ليسألها متوجسًا: -أذيتك؟
هزت رأسها نافية وزينت ثغرها ابتسامة تخفي الكثير خلفها: -لا، متقلقش
احاط وجنتها بيده ثم همس بحرارة: -بحبك أووي يا حنين، أوعي تبعدي عني!
وضعت يدها على يده يداه التي تحيط وجهها، لتهمس بولهٍ: -وأنا بعشقك والله ومستحيل أبعد عنك.

كان إصبعه يتحسس شفتاها برقة، فابتلعت هي ريقها بتوتر لتجده اقترب بوجهه منها وعيناه مثبتة على شفتاها، كادت شفتاه تلتهم شفتاها إلا أنها وضعت يداها على صدره تمنعه وهي تهمس بنبرة مذبذبة: -حمزة كفاية، خلينا نقوم نخرج في أي حته عشان لو هنرجع القاهرة!
هز رأسه نفيًا ولم يبتعد عنها بل أزاح يداها برفق متابعًا: -لأ، مش عايز أخرج
لامس ثغرها بشفتاه ببطئ قبل أن يهمس: -خليكِ معايا بس..!

لم تدري لمَ شعرت بشيئ من الرفض، ربما لأن اثار صفعته لم تُمحى بعد...!؟
او ربما لأن حاجز كرامة الأنثى داخلها يعيق مشاعرها نحوه؟!
لا تدري، ولكنها لم تكن بطبيعتها اطلاقًا!
ابتعدت عنه ببطئ قبل أن ينغمس في قبلته، لتهتف بهدوء جاد بعض الشيئ: -حمزة لو سمحت، أنا تعبانة
ابتعد عنها قليلاً ليسألها بنبرة قلقة نوعًا ما: -مالك يا حبيبتي؟

هزت رأسها نافية وحاولت إصطناع الأبتسامة وهي تخبره: -مفيش حاجة، تعبانة عادي وعايزة أخرج لو سمحت يا حمزة
تسطح على الفراش بهمدان، كان صدره يعلو ويهبط بزفير عالي، ثم قال بصوت أجش: -مش عايز أخرج في حته يا حنين، مش عارف أتعامل عادي وكل الوساويس دي في دماغي!
ربما أصرارها يكمن بين جوانح رغبتها في إنفصاله عن ذاك العذاب النفسي..؟
وضعت أصابعها على طرف صدره العاري، ثم اقتربت منه هامسة بدلال: -ولو عشان خاطري؟

تأتأ بضيق مفكرًا، ليجدها تقترب أكثر لتطبع قبلة خفيفة على لحيته هامسة برجاء أشد: -عشان خاطري يا حمزة، أنا إتخنقت من القعدة دي بجد، عشان خاطري يا حبيبي؟!
نظر لها بطرف عيناه بخبث، ليجدها ترفع كتفيه وبصوت أكثر بحة تتابع همسها المدلل: -عشان خاطري، وحياتي
قبض على خصرها فجأة بيداه الخشنة، ليتنهد مغمغمًا على مضض: -ماشي موافق، بس هانرجع القاهرة على طول!
اومأت مؤكدة وقد شقت الابتسامة عبوسها بحماس: -أيوة أكيد.

كادت تنهض ولكنه سحبها له فجأة بقوة لتصطدم بصدره، فرفعت عينيها له بتوتر، قال بعبث وهو يقترب منها ببطئ: -أنتِ رايحة فين، خليكِ هنا أحنا مش هنقوم من السرير النهاردة
شهقت هي مصدومة وكادت تعترض وبشدة ولكن وجدته يلتهم شفتاها في قبلة عاصفة أهتز لها كيانها المرموق بعشقه..
فشلت محاولاتها في البُعد عنه فطوقت عنقه بذراعيها ببطئ رقيق، وما كان منه إلا ان ازداد تعمقه في إلتهامه شفتاها بنهم...

يداه تعرف طريقها لمنحنيات جسدها، ومشاعره الملتهبة تعارك ذاك الرفض المذبذب داخلها..!
إلى أن ابتعد قليلاً ليلتقطا انفاسهم اللاهثة، ثم همس يشاكسها: -أصلي مش هكون فاضي في القاهرة، ورايا شغل، ومهاب، واسر..
ومع كل نهاية كلمة كان يختمها بقبلة سريعة لجوار فكها...
إلى أن تخللت اصابعه اصابعها الناعمة، ليهبط ببطئ لرقبتها، وهي غارقة في تلك المشاعر التي تكتسحها معه، معه فقط دون غيره...!

نهضا اخيرًا بعد فترة، دلف حمزة إلى المرحاض ليغتسل، بينما كانت حنين تجلس على الفراش متنهدة..
تراودها أكثر من فكرة والاف الوساوس في آنٍ واحد!
أصبحت وكأنها تنتظر حلول الكارثة القادمة باستعداد للجذر القادم بين ثنايا روحها...
خرج حمزة بعد قليل يلف المنشفة حول خصره عاري الصدر، ليقترب منها وهو يردد بنبرة ذات مغزى: -يخربيت السرحان اللي واخدك مني.

نهضت بهدوء تكاد تغادر نحو المرحاض دون أن تنطق، لتجده يسحبها من يدها متساءلاً بجدية: -مالك؟
هزت رأسها نفيًا، لتجده يشدد من قبضته على يدها مكررًا سؤاله: -قولت مالك؟
هزت رأسها نافية بجدية خرجت حادة رغمًا عنها: -مفيش يا حمزة مفيش، سيبني بقا أخش استحمى ولا لسة التحقيق مخلصش!؟
لا يدري هو الاخر لمَ سألها ذلك السؤال الغريب في ذاك الوقت: -حنين أنتِ مبسوطة معايا؟

صمتت برهه وكأنها تبحث عن تلك الأجابة التي يُغيم عليها الشفق الحالي...
ولكنها قالت مؤكدة بابتسامة مضطربة بعض الشيئ: -أنا لو مش مرتاحة معاك ومش بحبك مفيش حاجة هتجبرني أقعد معاك لحظة، لكن المشكلة إني بحبك!
رفع حاجبه الأيسر مرددًا بنبرة مصطنعة الصدمة: -مشكلة! ااه يا مجرمة طلعتي مش طايقاني وحُبي بقا مشكلة
فجأة سحبت ذراعه وهي تهتف باستعجال: -حمزة تعاالى
ذهب خلفها وهو يسألها متعجبًا: -في أية يا حنين؟!

دلفت إلى نفس الغرفة التي هدمت مقابلها أميالاً مزروعة بعشقًا غائر، لتتنفس بعمق قبل أن تسأله مشيرة نحو الفراش الذي لم يمسه شخصًا منذ ذاك الوقت: -مش ملاحظ حاجة؟
هز رأسه نفيًا وقد إنعقد ما بين حاجبيه، لتقترب هي من الفراش أكثر، ثم وبنبرة ذات مغزى مُحرجة نوعًا ما تردف: -أنت مش ملاحظ إن آآ، مفيش أي حاجة على الملايه..!

لم يفهمها في بادئ الأمر ف راحت تشرح له بحرج خفي: -يعني لو، آآ لو كان حصل بينكم حاجة، وهي المفروض أنسة كان هيبقى في على الملايه...
قاطعها مستطردًا بسخرية خشنة: -مهو أكيد اللي كان معاها دا وبيضربها مش خرونج، أكيد جوزها! ف حتى لو حصل حاجة او محصلش، مش هنعرف الا منها يا حنين ريحي نفسك.

تأففت أكثر من مرة، ثم احاطت عنقه بذراعيها فجأةً، وبدلال يليق بنعومتها همست امامه: -طيب بما انك مش ناوي تخرجني الليلة، ممكن تجيبلي شيكولاته
أزاح يدها ببطئ وهو يخبرها قبل أن يتنهد: -احنا كدة كدة راجعين القاهرة هبقى اجيبلك في الطريق
إتسعت حدقتاها صدمةً، ثم صرخت بوجهه مزمئرة ؛
-نعمم! وهو حد قالك إني كنت محتاجة مصيف ينكد عليا، أنا كنت عايزه انبسط، والحمدلله اتكيفت اووي!

قالت كلمتها الأخيرة ببوادر سخرية ترفع شعار الألم الفطري...
لتجده يحيط وجهها بيداه ثم يهمس اسرًا رفضها المزعوم: -حبيبي، أنا عارف انك تعبانة معايا خصوصاً الأيام دي، لكن أوعدك بس نفوق من الهم اللي احنا فيه، وساعتها يعتبر حياتنا سوا هتبتدي!
ابتسمت بهدوء لتبتعد ببطئ..

بينما أنهى هو ارتداء قميصه، ليشير نحو الخارج وهو يردد بجدية: -أنا خارج يا حنيني، هاخد جولة اخيرة يمكن الاقي البت دي، وهارجع بسرعة مش هتأخر عليكِ
اومأت موافقة بصمت، وبالفعل غادر هو لتتنهد هي ثم تدلف إلى المرحاض لتغتسل..

بعد ساعات...
دلف حمزة إلى ذاك الشاليه وهو ينادي بصوت هادئ: -حنين، حنين
دلف إلى الغرفة ليجدها تجلس أمام المرآة وتمشط خصلاتها برقة، اقترب منها محيطًا كتفيها، ثم اخرج شيكولاته من جيبه مشيرًا لها بصوت حاني: -الشيكولاه يا روحي
انتصبت مسرعة وهي تلتقطها منه مهللة كالأطفال: -ميرسي اوووي يا احلى ميزو!

ثم قبلت وجنته قبلة خاطفة أشعلت عاطفته المزمومة نحوها، سحبها من ذراعها بنعومة ليجلس على الفراش ويجلسها على قدميه، فحاولت هي الإفلات من بين ذراعيه مغمغمة: -حمزة، حمزة اوعي بقا هاكل الشيكولاته
هز رأسه نفيًا، وحاول أن يمزح متشبثًا بأنفاسه التي كادت تُزهق: -تؤتؤ، عاوزة تاكليها لوحدك يا طفسة، دي اخرتها!
مدتها له ببراءة مرددة: -طب خد، اما نشوف مين اللي طفس!

ابتسم بخبث، ثم فتحها ببطئ ليخرجها، قطع منها جزء صغير جدًا، ليضعها على طرف شفتاها
ابتسمت هي بحرج وكادت تأكلها كاملة، الا انه قاطعها عندما هز رأسه نافيًا وبصوت عابث همس: -كدة انا اعرف اخدها
لم يعطها تلك الفرصة للإندهاش فاكتسح شفتاها يلتهم تلك الشيكولاته التي تلونت بطعم شفتاها بين شفتاه...
كانت قبلته عميقة، متطلبة وناعمة تمامًا كسارق النسمات من حولك سرقت هي أنفاسه..

سرقتها كانت جناية، وهو أحب القضاه ليقتنص منها بطريقته الخاصة...!
تحسست يداه ظهرها بطريقة مثيرة، فانتفضت هي تبتعد عنه وهي تقول من بين أنفاسها: -يخربيتك يا حمزة، سيبني في حالي بقا أنت مابتشبعش ولا بتزهق!؟
ضحك بخشونة على توترها الواضح، ليهز رأسه نفيًا وهو يقترب منها ببطئ خبيث: -تؤ تؤ، وهو حد بيشبع من الحلويات اللي معاه.

اصبحت ملتصقة في الحائط، فتابع هو وحروفه قد غُمست بنوعًا من المرح العابث: -لو معاكِ علبة شيكولاته، وادامك 24 ساعة، مش هتاكليها كلها؟!
اومأت مؤكدة بحماس: -هاكلها طبعًا!
-وانا عايز اكلها اهو يا حبيبتي وإنتِ اللي منعاني!
قالها وهو يقترب أكثر منها، وكأنها بجملتها أطلقت النيران بين جوارحه النازفة بعشقها الذي بات كأدمان لا يستطع السيطرة عليه!
هبط بشفتاه نحو رقبتها الظاهرة أسفل ذلك -البُرنس-.

حاولت السيطرة على تلك الرعشة التي إرتجف القلب منها!
وضعت يدها على صدره املاً في إبعاده، ولكنه قبض على يداها ليضمهم معًا، ويداه الاخرى تفتح رابطة ذلك البُرنس..
أغمضت عيناها بشدة، ليزيحه هو عنها بسرعة مُتشوقة وجائعة!
ليمد يده أسفل قدماها ويحملها فجأةً ولم يقطع قبلاته المتفرقة...
وضعها على الفراش ولكن ربما تألمت فزمجرت فيه: -ااه ضهري يا حمزة حرام عليك براحه!

ابتسم هو بخبث قبل أن يستطرد بحنق مصطنع: -بتفصليني من اللحظة يا حبيبتي، كدة مينفعش على فكرة، أنا شاب أملك من العمر واحد وتلاتين سنة ونص ونفسي أفرح بعيل قبل ما اموت، الله دا مش أسلوب!
رفعت حاجبها الأيسر وهي تقول من بين ضحكاتها: -تملك من العمر..! طب قوم يا حمزة قوم، عليا النعمة ما هتفرح بالعيل النهارده، اوعى كدة قومني.

ضحك هو الاخر بمرح حقيقي، صدح صوت ضحكاتهم سويًا ولأول مرة منذ زواجهم يشعر أنه بلا هموم!
أنه خالي كالزبد في البحر الهادئ بلا موجات...
إلى حين إشعار اخر!

كان شعور مُهاب في تلك اللحظات أشبه لشعور مريض حُمى سكبوا عليه الثلج المتتالي فجأةً!
ولكن تلك الثلوج تحولت مع مرور الثواني لنيران مشتعلة أحرقته داخليًا..
فركض كالثور نحوهم ليجذب سيلين من خصلاتها بقوة حتى صرخت متأوهه بألم، وكاد ذاك الرجل يركض الا انه جذبه من ملابسه ليضربه بعنف صارخًا: -انت مين يابن ال!
كان يكيل له اللكمات بكل الغل الذي تكور داخله كوحش يكشر عن انيابه الان..!

دفعه الرجل فترنج وكاد يسقط، فركض الرحل بأسرع ما يمتلك من قوى...
ركض خلفه مُهاب الذي جن جنونه تقريبًا فركض عائدًا ل سيلين التي كانت تقف في الغرفة متجمدة..
صفعها مُهاب بقوة مزمجرًا بصوت عالي: -بتخونيني يا سيلين؟ بتخونيني انا يابنت الكلب
كان صوته عاليًا جدًا فاجتمع على اثره الخدم بالمنزل، وبمقدمتهم المسؤلة التي تدخلت بتوتر تسأله: -في حاجة ولا أية يا مُهاب بيه؟

صرخ بها وهو ممسكًا بشعر سيلين التي كانت تبكي صارخة من الألم: -غوري في داهية ملكيش فيييييه
انتفضت تحدق به برعب، لاول مرة تراه على تلك الحالة، اشارت للبقية ثم استداروا وغادروا بالفعل!
بينما كان مُهاب يسدد لها الصفعات المتتالية حتى سقطت ارضًا وهي تهتف بوهن: -كفاية حرام عليك سبني بقا
ضربها بقدمه في بطنها حتى صرخت من الألم فظل يصرخ بهيسترية: -بتخونيني في بيتي!؟ يابجاحتك يابنت الكلب يا يا زباااااااالة!

كانت تهز رأسها نافية، لا تستوعب شيئ من حولها!
تشعر انها في دنيا غير الدنيا...
تسطحت على الأرض من كثرة ضرباته فهمست: -كفاية ابوس ايدك، مش قادرة!
جذبها من شعرها فجأة ليجعلها تنهض بعنف، ثم سار نحو الخارج مسرعًا، هبط بها متجهًا نحو باب المنزل حتى فتحه وهي لا تتوقف عن نحيبها...
رماها في الخارج مغمغمًا بازدراد: -بره يا قذرة، مشوفش وشك هنا تاني، وبكرة هكون مطلقك!

ثم صفع الباب بقوة، ليستند بظهره عليه وهو يشعر بتنفسه يضيق وبشدة...
بينما في الخارج احتضنت هي نفسها بذراعيها وهي تهز رأسها باكية بجنون: -عملت اية، عملت اية،!؟!

بعد حوالي خمس أيام...
وفي منزل أسر كان يتحدث في الهاتف مع حمزة الذي لم يستعب شيئ من حديثه: -مش فاهم بردو يا أسر، يعني مراتك مالها ومال حنين!
صرخ فيه أسر بعصبية: -مش وقته يا حمزة، هات حنين وتعالى مطرح ما قولتلك وهتفهم بعدين بطل رغي بقا!
تنهد حمزة موافقًا على مضض: -حاضر يا أسر حاضر، مسافة السكة
-سلام
-مع السلامة
أغلق أسر الهاتف ليضعه في جيبه، ثم دلف إلى الغرفة التي تقطن فيها لارا.

لارا التي رفضت وجود أي ممرضة تعتني بها فكانت توبخها حتى تعتذر عن العمل وتغادر..!
وما يكبت غضبه أنها تقريبًا ليست بوعيها الكامل، تستيقظ لتصرخ فيه أن يبتعد عنها وتهذي بالكلام، ثم تسرقها غيبوبة النوم السريعة التي تنقذه من عذابه النفسي معها...
وجدها كالعادة تنام على الفراش منكمشة في نفسها تحتضن بطنها وكأنها تخشى فقدان ما فُقد وانتهي الامر؟!

جلس لجوارها، مد يده يربت على شعرها بحنان، رغم ذبولة وجهها الا انها مازالت تحتفظ بلمسة سحر عميقة ترتكز داخل روحها...
اقترب منها يطبع قبلة خفيفة على جبينها، وشوقه القاتل إليها كان يكبله من تلابيبه ليقتنص منها قبلة صغيرة، قبلة واحدة فقط يشعر فيها بملمس شفتاها الناعمة!
وبالفعل اقترب ببطئ من ثغرها، ليلتهم شفتاها في قبلة قصيرة، قبلة مُشتاقة تغير زمنها للتو عندما شعر بملمس شفتاها التي كاد يموت شوقًا له...

استيقظت هي شاهقة بفزع، لتبعده بقوة صارخة بهيسترية: -ابعد عني أنت عايز مني أية تاني!
هز رأسه نفيًا بسرعة وراح يبرر متوجسًا: -اهدي بس يا حبيبتي، اهدي يا لارا انا مش هقربلك انا كنت، آآ أنا
ضمت ركبتيها لصدرها وصارت تبكي مغمغمة بصوت مبحوح: -سيبني في حالي بقا أنا مش عايزاك تاني قولتلك أنا بكرهك
حاول الامساك بيدها وهو يهمس لها بحزن متألم: -بس أنا عايزك!

نفضت يده عنها، واصبحت الشهقات يهتز لها جسدها كله بعنف، وصوته يكاد يسمع رغم أنه من المفترض صراخ: -أنت مش عايزني، أنت عايز مجرد جسم ل متعتك زي ما قولت قبل كدة، حتى أبنك ماعتقتهوش!
ثم صارت تبتسم بسخرية مُشققة وهي تهز رأسها: -بس تصدق عندك حق، لما فكرت فيها أكتشفت إن معاك حق، أزاي كنت عايزة أخلف من واحد اناني وحقير أوي كدة!؟

ابتلع تلك الغصة التي احكمت حلقه، ثم حاول النطق مبررًا: -لارا صدقيني أنا مش كدة، أنا كنت بحاول أبقى كدة عشان أبرر لنفسي واثبت إني مش بحبك
ثم اقترب منها وهو يستطرد هامسًا: -بس اكتشفت إني مش هقدر أكمل من غيرك، أنتِ بقيتي روحي يا لارا
هتفت من بين أسنانها بحقد: -وأنت بقيت أكتر واحد بكرهه يا أسر، أكتر واحد بستحقره في الدنيا دي.

حاولت النهوض رغم محاولته لمنعها وهو يزمجر بغضب مكتوم: -لارا اقعدي، اعقلي بقا هتروحي فين
لم تعبئ له ونهضت بالفعل، استدار هو نحوها يقف امامها قبل أن تخرج، ولم يشعر بنفسه سوى وهو يصرخ فيها عاليًا بحدة: -أنتِ عايزة أييييية؟! عايزة أية وبتعاقبيني على أية! هو أنا اللي نزلت اللي ف بطنك؟!، ولا أنتِ بتحبي تعيشي دور المظلومة وانا القاسي القاتل ابن ستين جزمة!

إنكمشت هي في نفسها بفزع، وقد أصابتها رجفة مرتعدة حاولت تخطيها وهي تجهر بسبه بقدر كل الغل الذي يعتمل داخلها تجاهه: -أنت واحد وخ، هو خدوهم بالصوت لايغلبوكم ولا أية! أنا بعيش دور المظلومة سيبني في دوري وابعد عني بقاااااا
رفع يده عاليًا وكاد يصفعها فأغمضت عيناها بفزع مرتعد بحق وقد إلتصقت بالحائط من خلفها وبدأت تبكي وهي تغمض عيناها وتخبأها بيدها..

اقترب منها فجأةً ليحتضنها ملتصقًا بها رغم محاولاتها في الابتعاد عنه...!
رغم كل شيئ هو عصبي، عصبي بطبيعة أي رجل بل أشد..
ولكن امامها سيحاول التحكم في تلك العصبية بالطبع!
ضمها له بقوة وقد غمس وجهه عند رقبتها المغطاه بشعرها ليهمس لها بندم: -أنا أسف، حقك عليا، أنا آآ أسف بس مش بعرف أتحكم في عصبيتي
ثم رفع وجهه لها يتابع بحرارة: -لارا أنا بحبك، والله العظيم حبيتك حبيتك أوووي!

كانت تبكي بين أحضانه بغلب، إلى ان سمع صوتها الواهن وهي تردد: -وأنا تعبانة، تعبانة أوي والله وحاسه إني جبت أخري خلاص
رفع وجهها له برقة، ثم ملس على وجنتها بحنان مستطردًا: -أنا مش عايزك تحاولي فوق طاقتك، إنما ماتقفليش على نفسك باب الألم على طول!
ثم تنحنح قائلاً بجدية هادئة: -حنين مرات حمزة صاحبي هتيجي معاه، يمكن لما تتكلموا مع بعض تهدي شوية.

لم ترد عليه ولم تكتم شهقاتها، سمع صوت الباب فتركها ببطئ ليتجه نحو الباب يفتحه ل حمزة الذي دلف وهو يهتف مرددًا بقلق: -في أية يا أسر؟ قلقتني يا راجل، تقعد كل دا ماتردش على تليفونك وحتى مش قاعد ف بيت ابوك، ويوم ما ترد ترعبني كدة
أشار نحو الداخل وهو يقول بصوت أجش: -خش يا حمزة، خشي يا مدام حنين اتفضلي
دلفوا جميعهم بالفعل بهدوء ليجلسا في الصالون..

تنهد أسر قبل أن يبدأ يشرح لهم باختصار ما مر خلال تلك الأيام، إلى ان قال: -عايزك يا حنين لو مش هيزعجك تقعدي تتكلمي معاها كأنك متعرفيش حاجة، هي مارضيتش تتكلم مع الدكتورة وبتقول انا مش مجنونة، فلما تتكلم مع شخص عادي مش هتحس إن دا عيب، هتبقى مجرد فضفضة لكن يمكن ترتاح شوية
اومأت حنين موافقة بسرعة، ثم هتفت بشفقة تتساءل: -طب هي فين ادخلها؟
اشار لها نحو الغرفة لتنطلق بحماس نحو الداخل...

بينما قال له حمزة بعتاب: -كدة يا أسر، منعرفش حاجة عن بعض غير في المناسبات والمصايب والتليفونات كل فين وفين، من امتى واحنا كدة؟!
تنهد أسر محاولاً رسم ابتسامة سخيفة على ثغره: -الدنيا يا صاحبي، الدنيا دوامة مش أي حد بيعرف يدور معاها!
اومأ حمزة مؤكدًا، علاقته ب مُهاب الذي يعرف عنه معلومات سطحية او ب أسر لم تكن كذلك يومًا..
ولكن فعليًا الدنيا دائرة، دائرة تتعمق في رسمها لضياع الأقدار كل حين أكثر!

بينما في الداخل كانت حنين تحاول إقناع لارا التي تكورت اعلى الفراش صامتة: -والله العظيم انا ما دكتورة، لكن انا مخنوقة زيك ومش لاقيه حد افضفض معاه
ثم اقتربت منها تشجعها بخفوت: -بصي يا لارا، أنا معرفش عنك حاجة وإنتِ كمان نفس الكلام، هتبقي حاجة كويسة لو كل واحد طلع اللي جواه لشخص ميعرفوش عشان مايحسش أنه متعري ادامه!

نظرت لها لارا دقيقتان مفكرة، إلى ان بدأت تتحدث بحروف متقطعة: -أنا اصلاً مش عارفه مالي بالظبط عشان أتكلم، أنا حاسه، آآ حاسه إني تايهه، مش عارفه أنا مخنوقة عشان معرفش عن امي حاجة، ولا ميتة بعد ما خسرت اول طفل كنت متأملة يفرحني، ولا زعلانة لإن جوازي كان غلطة والمفروض اصلحها، عارفه انا حاسه بأية؟

نظرت لها حنين باستفهام لتكمل ساخرة: -حاسه بالظبط زي اللي لسة طالع من خناقه، خناقه اتضرب فيها لما اتطحن، فلما جه يعالج جروحه مابقاش عارف انهي جرح اللي بيوجعه اكتر عشان يداويه!
تأثرت حنين كثيرًا بعمق كلماتها الموجوعة، موجوعة كجسد تقطع من كثرة الصفعات اللاتي تشرخن فيه!
كانت تنصت لها باهتمام وهي تفرغ ما بحوذتها من اختناق قاتل..
مر الوقت عليهم ولم يدريا طول الحديث الذي افرغ شحناتها السالبة...!

وصل حمزة وحنين إلى منزل حنين الذي عادوا له منذ أيام قليلة..
ف باتت حنين تشعر بالانتماء وكأنها لا تشعر بالألفة سوى بالمكان الذي يحمل رائحة والدتها...
دلفت إلى المطبخ مباشرةً وهي تقول لحمزة بهدوء: -هدخل اعمل غدا بسرعة..
ولكنه امسك بها قبل أن تغادر ليهز رأسه نفيًا: -لالا انا مش جعان، انا عايز اتكلم معاكي شوية قبل ما اروح ل مهاب.

اومأت موافقة ثم جلست بجواره، ليتنهد هو مبتسمًا إلى حدًا ما ويهتف: -مسألتنيش أنت رجعت مبسوط لية في اليوم اياه!
ضيقت ما بين حاجبيها لتسأله: -يوم أية؟
غمز لها بطرف عينيه ليقترب من شفتاها هامسًا بنبرة عبث ذات مغزى: -يوم الشيكولاته، والاكل والطفاسة!
ضحكت هي برقة واضعة يدها على صدره تومئ مؤكدة: -خلاص خلاص افتكرت انت ما بتصدق!
ابتسم هو الاخر ثم قال فجأةً بصوت أجش متحمس ؛.

-أنا افتكرت يا حنين، افتكرت اني ماقربتش منها!
ثم طوق خصرها فجأة بيداه قبل أن يلتصق بها متابعًا: -أنا مالمستش غيرك يا روح الروح
شهقت متأثرة وقد إحتلت الصدمة ملامحها البيضاء، ف راحت تستفسر بفضول: -ازاي مكنتش فاكر وازاي افتكرت فجأة طب؟

رفع كتفيه متنهدًا وقد تأكلته الحيرة: -مش عارف بس انا لما عصرت مخي افتكرت طشاشات كدة بس ماجتش فرصة اقولك وبيني وبينك مكنتش عايز افتح الموضوع دا تاني لحد مانلاقيها بس قولت لازم تعرفي بردو
اومأت حنين موافقة بابتسامة واسعة، ثم صرخت بطفولية: -اخيرررررررا ظهر الحق!
كاد يقترب منها وهو يردد بضحك: -طب انا عايز اخد حلاوة الحق اللي ظهر بقا.

ضربته على صدره برقة خجولة، ثم نهضت وهي تخبره بجدية مصطنعة: -لا كفاياك حقوق بقا، قوم روح شوف صاحبك الله لا يسيئك يا حمزة
صدح صوت ضحكاته الرجولية قبل أن يومئ وينهض مغادرًا بالفعل...
بينما دلفت حنين إلى الغرفة لتتسطح على الفراش متنهدة بارتياح..!

مرت فترة لا تدركها...
استيقظت على يد تهزها برفق، فتحت عيناها الخضراء لتنتفض بفزع وهي تراه امامها..
نظرت له متساءلة برعب: -أحنا فين يا شريف وعايز مني أية!
اتسعت ابتسامته، ثم اتجه نحو الشرفة ليزيح الستار...
إتسعت حدقتاها صدمةً قبل أن تهمس بصوت مبهوت: -أحنا، أحنا ف أم امريكا!
اقترب منها ببطئ وهو يهز رأسه مؤكدًا بثقة خبيثة: -بالظبط كدة يا حبيبتي، كويس إنك عرفتي وماتعبتنيش معاكِ.

صرخت فيه مصعوقة وحاولت النهوض ولكن وجدت نفسها مكبلة فصرخت تهز نفسها بعصبية مفرطة: -أنت عايز مني اية يا حقيير، أنت ازبل واحد شوفته ف حياتي، غور بعيد عني وسيبني بقاا
وضع اصبعه على شفتاها هامسًا بحزم مصطنع: -اشششش، هي في واحدة تقول لجوزها كدة برضه يا حنونه؟! لا شكلك نسيتي الأصول كدة ازعل منك!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة