قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية غرامة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

عصرًا، في القاهرة...
كان يسير بخطى هادئة حتى أصبح امام باب منزلهم، بحث بعينيه عن مكان المفتاح الذي أخبرته به إبنة عمته منذ قليل المفتاح تحت المشايه يا حمزة، اوعى تنسى ترجعه لما تدخل وانا خلاص جاية اهوو
ابتسامة ساحرة زينت ثغره الأسمر وهو يفتح الباب بهدوء، وما إن أغلق الباب وإلتفت حتى وقعت عيناه على مشهد أثر فؤاده..

تلك المعشوقة تتمدد على الأريكة وعلى ما يبدو أنها نامت أثناء جلوسها، إبتلع ريقه وهو يقترب منها ببطئ، يشعر بأنذارات تتدفق بين تشابك مشاعره التي تفيض ما إن يقترب منها!
اصبح امامها تمامًا، وتلقائيًا كانت يده تستجيب لنداء بعيد عن مرمى ذاك العقل الذي يحتم عليه بالإبتعاد، ليتحسس خصلاتها السوداء المتمردة على وجهها الأبيض..

والعقل تقريبًا تخدر تحت إطراب وشغف تلك اللمسة لوجهها الناعم، وأصابعه التي تحسست شفتاها دون ان يشعر!
كانت مستكينة تمامًا، ملامحها الجذابة ساكنة تحت سكنات النوم المُرهق...
ليجد نفسه يقترب ببطئ حتى جلس لجوارها، ولا يدري ماذا حدث إلا أنه اخيرًا تذوق شهد شفتاها الذي حُرم عليه منذ أن أخترقت هالات جديته المعتادة!

بدأت تتململ تحاول الفكاك من بين أسره، ليتردد صوت ما يقتل شعوره بالنشوة للحظات دي حنين بنت بنت عمتك يا حمزة ..!
لينتفض هو في ثوانٍ يحدق بها مصدومًا من نفسه قبل أي شيئ!
لم يكن اقترابها بتلك الطريقة في الحسبان ابدًا!؟
بينما فتحت هي عينيها باتزان، لتهمس ببلاهه: -أنت بتعمل إية هنا يا حمزة؟!
ثم استدركت نفسها سريعًا تتابع: -قصدي، كنت بحلم، انت ازاي جيت يا أنكل حمزة؟

أغمض عيناه بضيق يحاول مقع تلك الرفرفة التي تعتلي دقاته وهو يسمع اسمه منهت بتلك الطريقة..
ليصدح صوته الرجولي مغمغمًا بضيق: -قولت لك مليون مرة انا مش نيييلة انكل يا حنين، وإنتِ مابقتيش صغيرة عشان تقولي انكل دي! إنت أنسة محترمة هتكملي 20 سنة دلوقتي!

نهضت بكسل تحاول الفرار سريعًا قبل أن ينكشف وحش عصبيته المفرطة معها، فهمست وهي تسير: -اسفة، بس أنت كمان ابن خال ماما يعني في مقام خالو، بغض النظر عن أنك لسة اعزب 31 سنة!
كلما ذكرته بتلك الفروق من دون قصد، شعر أن قلبه يزداد تصدعًا وإنكسارًا تحت هجوم الطبيعة!
كادت تدلف لغرفتها إلا أنه زمجر بغضب ربما إنفرط منه دون قصد متضاربًا بغضبه من نفسه: -اية اللي إنتِ لابساه ده! إنتِ كنتِ في الكلية بالمنظر ده؟

نظرت لبنطالها الضيق والتيشيرت - نصف كم الذي ترتديه - لتمط شفتيها مغمغمة بحنق: -على فكره عادي أنا كنت لابسه بورلو بس قلعته ونمت وانا مش حاسه هنا! وبعدين يا انكل أنت بتحب تزعق لي وخلاص!؟
صرخ بحدة نفضت اطراف المرح التي كادت تتسحب بين حروفها: -لا يا هانم مش بتلكك بس ده مش منظر تنزلي بيه، وبعدين إنتِ سمعتك من سمعتي يعني لازم تحاولي تكوني محترمة شوية! على الاقل مثلي الاحترام انا مش ناقص كلمة من حد!

صمت برهه ينظر لوجهها الذي امتقع ليكمل بحدة متزايدة: -واساسًا امك قالت إنك في الكلية اية اللي جابك بدري؟
هجوم كاسح من البكاء وتشققات الصمود شعرت بها تهفو على أفق عينيها الزيتونية، لتجيب بصوت مبحوح: -المحاضرة الاخيرة إتلغت ف جيت وملحقتش اكلم ماما اقولها
استدارت وكادت تسير ولكنه اوقفها باستمرار زمجرته المخيفة: -لما اكون بتنيل واكلمك تقفي زي مابكلمك، ولا إنتِ مابتعرفيش تحترمي صغير ولا كبير!؟

بدأت تبكي وهي تخبره بصوت عالي الى حدًا ما: -لا انا محترمة جدًا، وطالما ماما عايشة وموافقة خلاص، انا مابقتش صغيرة وحاضر هحترم نفسي، ما اصل بابا لو كان عايش مكنش حد قالي كدة، عن اذنك يا استاذ حمزة
وغزات متتالية إنقضت تُمزق إطار الأحتواء الذي كان يحيطها به منذ أن كبرت على يديه بعد وفاة والدها!
الان هو من تسبب في لفحة مرارة اليُتم لها مرة اخرى؟!

اقترب خطوتان وكاد يندفع لها يجذبها لأحضانه، ولكنه تمالك نفسه يجبر نفسه بصعوبة على المغادرة حتى لا يأخذها في احضانه كما تمنى دومًا!
وبالطبع هذا الاقتراب لا يجوز، ولن يجوز!؟

على الطرف الاخر في احدى المدن الواحات
كان يقف هو، مُهاب عز الدين حماد
يتحسس خصلاته السوداء القصيرة، وصوت أنفاسه الخشنة تعلو بوضوح كموسيقى لرفضًا مأسور بين دائرة الإصرار!
نظر لوالده الذي يقف امامه عاقدًا ذراعيه ومنتظرًا رده: -أنا مُش هفضل مستني زي خيبتها كدة كتير يا مُهاب! الناس مستنين بره يلا؟

إلتفت له اخيرًا بمنكبيه العريضين، لتحتد نبرته وتُحيا خواطره المعُاكسة وهو يخبره بنزق حاد: -بابا أنت متخيل الموقف؟! أنت جبتني في محافظة تانية ومن غير ما تقولي عشان تفاجئني عايزني اكتب كتابي دلوقتي! لا ومتفق مع الناس ماشاء الله.

تنهد والده بقوة، قبل أن يتجلى صوته وهو يحاول إقناعه: -اسمع يا مهاب، أنت عارف إن دي صفقة عمل لو ده اللي هيخليك توافق، لو مافيش بيننا وبين الناس دي علاقة تربطنا عمرها ما هيتنازلوا لنا عن الارض اللي عاوزين نبني عليها المشروع!
وعندما لم يجد ردًا منه أكمل في حماس: -ثم إن البنت مش وحشة، دي بنت ناس ومحترمة وألف من يتمناها.

هنا لم يتمالك نفسه عند تلك النقطة التي يحور حوله رفضه المطلق: -دي مش أي واحدة، دي طفلة! أنت عايزني أتجوز طفلة عندها 16 سنة لسة؟!
رفع الاخر كتفيه هامسًا بقلة حيلة: -دي اكبر بنت، مفيش اكبر منها، وبعدين مالها 16 سنة، ده أنت حتى هتربيها وتكبرها على طريقتك؟
أغمض عيناه بقهر، لأول مرة يُجبر على شيئ..!
ولكن إن كانت مجرد صفقة، فهو من سيُحركها كيفما شاء، بل ويُبدل خيوطها إن اراد...

نظر لوالده يهتف في هدوء يشبه هدوء ما قبل العاصفة: -موافق، بس افتكر إنك قولت إنها مجرد صفقة، محدش هيعرف إني اتجوزتها ابدا؟
اومأ والده يتنهد باستسلام: -ماشي، المهم ننزل دلوقتي عشان المأذون مستني، وماتنساش يا مهاب أنا فهمتهم إنك كنت مسافر وإنك عايز تكتب الكتاب عشان تبقى براحتك ولو محصلش نصيب خلاص.

تقوس فمه بابتسامة ساخرة تنم عن صراع مُربك يدور بين ثناياه، قبل أن يسأله: -والطفلة بقا اية اللي هيجبرها على واحد زيي؟
ظهرت ابتسامة مُتنامية على ثغره المجعد وهو يخبره بثقة: -اهلها كمان عاوزين يتمموا المشروع، أنا عرفت أصلاً إن ابوها اتوفى، وعمها هو اللي مسؤل عنها، وانتم هتقعدوا في القاهرة اساسا، فالموضوع امان ماتقلقش
اومأ موافقًا بضيق..
-اما نشوف اخرتها، بس يا انا يا هي!

هبطوا جميعهم بهدوء يحاولوا رسم تلك البسمة على وجوههم..
وما هي ألا دقائق حتى هبطت زوجته المستقبلية، عفوًا طفلته المستقبلية!
فرحة بحياة العزوبية تُسن تحت ضغط والده!
لو والدته معهم الان فلن يتم هذا الزواج، ولكن اسفًا سلبها الموت منه!
وعلى أي حال، هو لم ولن يخسر، سيتزوج مرة واثنان وثلاثة وعشر...!
اخيرًا تم عقد، ليصدح صوت عمها مهللاً بابتسامة هادئة: -الف مبروك يا ولاد.

اشار للفتاة التي تنكس رأسها ارضًا، وكأنها تخفى عنهم رفضها المبطن لتلك الزيجة الخانقة!
وتخفي حُفر كان من المفترض أن يشقها قمر السعادة، ولكن صدمتها شمس الحياة القاسية فصارت تنزف السعادة كدماء الخسارة!
لتسمع عمها يقول: -تعالي يا سيلين سلمي على جوزك يلا يا حبيبتي
ابتلعت ريقها بازدراء هامسة: -حاضر.

اشار لها مهاب قبل أن تصل له، لتخترق جملته الرجولية التي زينتها نبرته الجادة الرجولية: -بعد اذنكم انا عايز اقعد انا وهي لوحدنا، اعتقد احنا كتبنا الكتاب عشان نبقى على راحتنا بقا
اومأ عمها في حبور: -طبعًا، وأنت محل ثقة أنت ووالدك، احنا هنخرج بره وانتوا خدوا راحتكم
وبالفعل ما هي إلا ثواني حتى خرج الجميع لتبدأ هي في فرك اصابعها وهي تراه يجلس لجوارها تمامًا، بل يكاد بكون ملتصقًا بها!

فجأة شعرت بيده تمسك بيدها يحطيها بكفه العريض، وتلقائيًا حاولت الابتعاد عنه مغمغمة: -لو سمحت يا استاذ مهاب
وكانت تلك اول مرة ترفع له وجهها فيرى عينيها التي كانت كسطحًا شهيًا من القهوة!
بعد صمت تعمق فيه النظر لعينيها همس بسخرية وهو يشدد من قبضته على يدها: -مالك يا عروسة؟ ده انا زي جوزك يعني؟
عضت على شفتها السفلية تهمس بصوت يكاد يسمع: -احنا محتاجة شوية وقت اخد عليك فيه الاول لو سمحت.

لم يمنع نفسه من التفوه ضاحكًا: -تاخدي عليا؟ أنا لو اتجوزت كان زماني مخلف قدك يا سيلين!
نكست وجهها ارضًا، حاولت تخطي الموضوع، حاولت التأقلم مع من اصبح زوجها اجباريًا، لتقول: -ممكن نتعرف شوية، أنت أكيد عرفت عني كل حاجة لكن انا معرفش عنك الا اسمك وانك شريك عمي بس!

رفع وجهها بعنف فجأة، ليُقبلها مكتسحًا شفتاها بقوة جعلتها تشهق من المفاجأة وهي تستشعر فقدان عذرية شفتاها، بينما يداه تضمانها له بعنف، حاولت دفعه بضعف وهي تنطق: -لو سمحت، مينفعش كدة، ابعد عني
ابتعد اخيرًا يلهث متابعًا بصوت اجش: -ودي اول حاجة لازم تعرفيها عني، إنتِ مراتي، يعني انا حر اعمل اللي انا عايزه، حتى لو خدتك وخليت الدخلة النهارده
ثم اكمل بحدة بدأت تظهر في علو صوته: -سامعة ولا لا؟

اومأت موافقة، ليخرج صوتها مبحوحًا على وشك البكاء: -سامعة
رفع وجهها بقوة يزمجر بغضب: -ماتعيطيش، انا مش ناقص شغل اطفال من اولها! هي ناقصة قرف!
بدأت تشهق في البكاء الحاد، اصبح متيقنة أن حياتعا ستصبح بابًا جديدًا من ابواب الجميع!
امسكها من كتفيها يرفعها وهو يهزها بقوة: -قولتلك بس، مابحبش الضعف ده هه، مش كفاية جواز، كمان نكد!

ثم تركها فجأة لتترنج حتى سقطت على الأريكة مرة اخرى متأوهة، ليغادر هو دون ان يعيرها اهتمام...!

بعد مرور بعض الايام...
كان أسر صديق مهاب يجلس في مكتبه داخل الشركة الكبيرة المشتركة بينه وبين مهاب ووالده..
على كرسيه يستريح بجسده للخلف، حتى سمع صوت السكرتارية تخبره بخفوت: -استاذ اسر، دلوقتي جه دور البنت اللي ممعهاش خبرة وعايزة تشتغل اي حاجة
اومأ موافقًا بهدوء: -تمام، روحي إنتِ ودخليها اما نشوف حكايتها!
وبالفعل خلال دقائق كانت الفتاة تدلف، وكانت الصدمة له..
اذ هي نفس الفتاة التي رآها ترقص حينها!

فلاش باك
كان يجلس في البهو، يُشاهد الراقصات وهن يرقصن بتناسق مع الاغاني احتفالاً بعقد قرآن صديقه مهاب المفاجئ..
كان يدخن بشراهة وهو ينظر لهن، يبتسم بسخرية كلما تذكر صديقه الذي تزوج..
ليلفت نظره فتاة ما ترقص وسط هؤلاء الراقصات...
ولكنها لم تكن مثلهن، سحبت انظاره بتوترها الذي لا يعرف له سبب!
بالطبع ليست مشاعر نغماتها مذبذبة من الأساس في قانون حياته، ولكن ربما الرغبة؟!
الرغبة في انثى استطاعت جذب انظاره!

ولكن فجأة انسحبت مسرعة، وكاد ينهض هو خلفها، ولكن سمع صوت مهاب يناديه، فعكس اتجاهه وذهب له...

باك
استفاق من شروده على صوتها الواهن وهي تشير له بهدوء: -استاذ اسر؟
اومأ موافقًا بابتسامة عريضة متسلية: -البت الرقاصه؟!
حدقت فيه ببلاهه متوترة: -نعمم!؟
اعتدل في جلسته، لتُرهبها لوهلة هيئته الجادة!
اشار لها ان تتحدث باستحقار مردفًا: -انجزي يلا قولي عايزة اية؟

ابتلعت ريقها بازدراء لتهمس له وهي تنظر ارضًا: -انا سمعت ان حضرتك عايز موظفين، انا لسة جديدة في القاهرة، وحد قالي على الشركة، فكنت عايزة حضرتك تساعدني واشتغل هنا؟
وهي الرقاصة هتسيب الرقص في الواحات وتيجي القاهرة لية؟!
همس بها بين خواطره بسخرية، ولكن يبدو أنها تحاول إظهار الاحترام من تلك الملابس المحتشمة وشعرها الذي غطته الان!؟
ولكن يومها لم تكن تغطي تلك الخصلات التي يتذكرها جيدًا...

ومن دون مقدمات وجد نفسه يخبرها: -موافق، بس هتشتغلي في الكافترية؟ وتنظمي لي شوية ورق لو احتاجت
نظرت له بعينيها السوداء التي تخفي خيوط رقيقة من الكسرة، لتهمس وهي تومئ مضطرة: -ماشي موافقة مع اني كنت نفسي اي شغلانة تانية؟
ظهرت السخرية واضحة في مقدمة حروفه: -معنديش شغل غير كدة، وابقي قابليني إن لقيتي شغل تاني!

لا يدري ما الذي جعله يقول ذلك، ولكن ربما لأنه تيقن أنها لم تراه في تلك الليلة، بينما هو رآها وبوضوح وهي تتراقص امام جميع الرجال!
لم تجد مفر، فهمست بضعف: -ماشي، موافقة يا فندم!
وتقريبًا تلك كانت بداية جديدة لظلم آخر ستتعرض له، وما باليد حيلة!
اشار نحو الخارج يخبرها بجدية شابتها الحدة: -اخرجي والسكرتارية هتوريكِ مكان شغلك عشان تيجي بكره تستسلمي.

اومأت موافقة لتغادر بهدوء، بينما همس هو بشرود: -لياليكِ سودة معايا يا رقاصة يا شريفة!

كانت حنين تقف في تلك الشرفة التي تطل من خلالها على الشارع الشبه خالي من السكان...
ولمَ لا، المنطقة التي يعيشون فيها قليلة السكان، لذلك كان حمزة دائمًا يرافقها في مواعيدها المتأخرة دومًا...
وصدفةً وجدته يهبط من سيارته اسفل المنزل، هو يسكن بالقرب منهم، فلماذا السيارة اذًا؟!
وجاءتها الاجابة على هيئة تلك الفتاة السكرتارية الخاصة به تهبط من السيارة ويدها متشابكة في يده بطريقة حميمية!

لم تعرف ما الذي كور موجات داخلها بالحنق الان، ولكنها لا تحب تلك الفتاة ابدًا...
بينما في الاسفل، وقفت تلك الفتاة فجأة تمسك بيد حمزة، فالتفت لها يسألها في هدوء: -في إية يا شذى؟ وقفتي لية؟
كادت تنطق بشيئ ما، ولكن اقتربت منه كثيرًا حتى لامست لحيته الخفيفة بشفتاها الناعمة، وصوتها المؤثر كان كتعويذة تحاول القاؤوها على اذنيه: -لا يا حبيبي بتأكد من مظهرك بس، اصل مشهد الوداع لازم يبقى حلو.

كاد يدفعها عنه صارخًا، انا لا احبك!
ولكن شيئ ما غيم على تلك الضجة ليسود الصمت القهري بعدها داخله
حنين لن تكون ملكك يومًا، حتمًا ستصبح لأخر، وانت، انت مجرد خالها!
حاول الابتسام يجاري تلك شذى التي تحاول رسم حياة اخرى معه لتكون فيها زوجته، وهو يعلم ذلك...
ويحاول ترك المساحة الكافية لنفسه لينفرد بقرارته دون تدخل مشاعر هوجاء تقوده نحو رفض اي انثى!

وصلوا امام الباب، فطرق حمزة الباب ولم تمر ثانية حتى وجد حنين تفتح الباب مندفعة وهي تهتف ببلاهه: -كل ده، انا قولت انتوا جرالكم حاجة في المدخل!؟
كان ينظر لهيئتها الغير متزنة، فشعر بيدا تلك تُقيده وكأنه تصك ملكية لم تُطبع بأسمها يوما!
لينظر لحنين متساءلاً: -امال فين والدتك يا حنين؟
اجابته ولم ترفع عينيها عن شذى : -في المطبخ، تعالى يا حمزة!

تعمدت نطقها دون حواجز، نطقها بحرية بل والتمتع بالاقتراب ولو لمجرد اسم...
دلفت شذى تمسك بيد حمزة بثقة، وفجأة لوت حنين كعب قدمها عن قصد فمالت على حمزة فكان هو الاسرع يمسك بها قبل أن تسقط...
وتلقائيًا اصبحت بين احضانه، فتفرقت يداه عن شذى على الفور، اغمض عيناه مستمتعًا بذلك القرب الذي رفع الحصار عن مشاعر ساخنة تلهب كلاهما!
وكأن القدر قرر الغطف عليه بتنفيذ أمنيته الوحيدة!

انتبه ل شذى التي هتفت بضيق: -مش تاخدي بالك يا حنين
امسكت حنين بقدمها وحمزة يمسكها برفق متساءلاً بشيئ من القلق: -رجلك مالها؟ وجعاكي!
همست بخفوت: -شوية
بينما داخلها تبتسم بخبث، واخيرًا انتبه حمزة لنفسه التي تتسرب رويدًا رويدًا خاضعة لتلك الدقات اللعينة
ليترك حنين على الفور في نفس اللحظة التي اتت فيها والدتها مرحبة: -اهلا يا حمزة، تعالى ادخل مستني اية؟

هز رأسه نافيًا بجدية: -معلش يا كاميليا، انا جاي اسلم عليكم عشان مسافر امريكا ف شغل النهاردة، وشذى معايا طبعا، ويمكن اطول هناك!
كانت حنين تحدق به مصدومة، سيبتعد عنها!؟
هي اعتادت وجوده الاساسي في حياتها، استفاقت من شرودها على صوت والدتها تقول بحزن: -لية كدة يا حمزة، أنت زي اخويا اللي عوضنا عن وفاة ابو حنين ووحدتنا بين اربع حيطان!؟

تنهد بقوة ليسارع بالقول قبل ان يستسلم: -معلش شغل مضطر بقا، اشوفكم على خير
سلم على والدتها وهي تراقبهم بصمت تام، ليمد لها يده ونظراته متشبثة بالتوهة بين عينيها، لترفع يدها ببطئ تختضن كفه بوهن!
وبالفعل خلال دقائق معدودة كان يغادر مع تلك الخبيثة التي تهللت داخيا..
وقلبه يصرخ فيه احمق أنت لتبتعد عنها بأرادتك !؟
وغادروا والغضب هو فقط من يحتل صدارة مشاعره وحياته..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة