قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل الأول

رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل الأول

كان نائما واضعا رأسه براحة على فخذيها تتخلل خصلات شعره وتملس عليه بهدوء كم كان وسيما وهو نائم...مغمضا عيناه ...دارت بعينيها على ملامح وجهه بالكامل ...شعره مائل للون البنى يلمع عندما يتعرض لأشعة الشمس بدأت يديها تستكشف وجهه برفق ...رغم أنها وضعتها مئات بل آلاف من المرات.. لكنها لا تمل ابدا من ملمس بشرته ...بشرته بيضاء بيضاء للغاية تظهر الدماء بهم ...وتظهر حمرة أذنه وانفه وذقنه وجبهته عندما يغضب ...حمرة تزيده جمالا ووسامة وقوة ...بعد ذلك لمست انفه بسبابتها لقد كان دقيقا ليس كبيرا او صغيرا فقط انف دقيق يعلو قليلا بشموخ ...وبعد ذلك نزلت الى فمه لامسته برفق بدات بالسفلى ثم بعد ذلك العليا شفاهه غليظة كم تتمنى أن تتذوق طعم حلاوتها ...ثم تجولت بنظرها على جسده الراقد أمامها على السرير ..لقد كان طويلا طويلا للغاية ..جسده يشبه أبطال الإغريق القدامة مفتول العضلات وصاحب اكتاف عريضة (ربما هذا الجسد قد ورثه من والده ...فهى قد رات والده عدد قليل من المرات وكان جميعها بالصدفة ...ولكنه لا يشبهه شكلا قالت ذلك فى نفسها )

ظهرت ابتسامة على وجهها وهى تتذكره وهو نائم على السرير الذى قبل هذا وقدماه تتدلى من على حافة السرير ...فقامت بتغير السرير بل غرفة النوم بأكملها حتى يشعر بالراحة وهو نائم ...
سرعان ما تغيرت الابتسامة التى كانت تزين وجهها الى اخرى حزينة عندما تذكرت انه لا ياتى إليها إلا عندما يكون ..حزينا او منزعج من شئ ...

تذكرت ليلة أمس عندما كانت تقوم بإنهاء لوحاتها ووضع اللمسات الأخيرة عليهم
سمعت صوت جرس الباب ..قلبها أخبرها بأنه هو ...ركضت مسرعة إلى الباب فتحته نظرت إليه لحظة كان واضعا يده على جدار الباب ...دخل إلى الشقة بدون بنت شفه وعندما تكلم قال -انا جائع

ما ان نطق هذه الكلمة حتى أسرعت إلى المطبخ ..أعدت طعاما بسرعة هائلة ...ووضعته على طاولة الطعام ...
رأته خارجا من الحمام شعره ووجه مبلل ببعض قطرات الماء ...حتى لم يقم بتغير ملابسه ..قالت فى نفسها ذلك وهى منزعجة ...فهى تعلم جيدا إذا طلبت منه تغير الملابس لكى يجلس براحة فسيرفض ...جلس على كرسى طاولة السفرة تناول طعامه بنهم ...حزنت لملامحه الحزينة وعلامات الضيق والانزعاج التى ظهرت على وجهه...شعرت بغصةفى قلبها لحزنه ...تمنت لو تستطيع سواله عن حزنه ومواساته...لكنها تعلم أنه سيغضب...تذكرت مرة عندما سألته عن سبب حزنه حتى ثار عليها غاضبا وتركها ...بقى أسبوعان لا تراه ولا حتى تتحدث معه ...لولا أنها اتصلت به تقسم بأنها لن تتدخل فى شئ ابدا...ولولا ذلك لما أتى إليها ...وبعد ذلك قال (انا لا أتى إلى هنا إلا من أجل الراحة ...لذلك لا تتحدثى معى فى اى شئ )...لذلك من يومها وهى لا تتجرأ على الحديث معه فى شى ...قطعت شرودها عندما سالته

-هل تريد أن تشرب شيئا. .
-اجابها فقط ..عصير وبعد ذلك توجه إلى غرفة النوم طالبا للراحة والاسترخاء...

توجهت إلى المطبخ أعدت كوبا من عصير التفاح الذى يحبه ...وذهبت إليه ..ناولته إياه ...ثم قام بشربه دفعة واحدة ...أخذت الكوب ووضعته على الكومود الموجود بجانب السرير ثم جلست بجواره وهو ملقى بجسده على السرير...كانت عيناه حزينة رافعا إياها فى سقف الغرفة لم ينطق بشئ ...وعندما جلست على السرير الوثير وضع رأسه على فخذيها ...ظلت هكذا لم تغفل لها جفن فكيف تنام وهو معها ..فكيف تضيع سحر النظر إليه وهو نائم. ...ظلت هكذا إلى أن تخللت أشعة الشمس الغرفة معلنة بدأ يوم جديد ...أبعدت قدماهأ عن رأسه ...ثم سحبت أحد الوسائد ووضعتها ببط تحت رأسه ...وتوجهت إلى المطبخ لتعد لها بعض القهوة لعلها تعيد لها بعض النشاط ...ثم قامت بتشغيل آلة القهوة وامسكت بالكوب شاردة ...تتساءل هل يحبها ... مثلما هى تحبه ...

وتذكرت أيضا طلبه أن تترك شقتها القديمة وتنتقل إلى أحد الشقق فى العقار الذى قام ببنائه حديثا ...اعتقدت بانه قديطلب منها الزواج بعد ذلك ولكنه لم يفعل ...حتى انه لم يظهر اى شى قد يظهر نيته بالزواج بها بعد ذلك ...تذكرت ايضا فرحتها بميجاها الى الشقة كانت كبيرة ...وكل شى بها جاهز للعيش بها ...كل شى فى هذه الشقة هو من قام باختياره

قطع شرودها سقوط الكوب من يدها وتهشمه على الأرض مصدرا صوتا عاليا
-تبا...أرجو إلا يكون أستيقظ قالتها متاففة

استيقظ من الصوت المدوى بالخارج ...وضع يده على رأسه من شدة التعب فهو لم ينم منذ عدة ايام للحصول على تلك الصفقة التى جعلته يبذل الكثير من المجهود فما كان ينتهى من اجتماع حتى يبدأ بالآخر حتى استنذفت كل قواه خلال تلك الأيام ...تحرك من السرير مبتعدا فاتحا عيناه ببط ...متوجها حيث مصدر الصوت
كانت جالسة القرفصاء تقوم بتجميع القطع المتناثرة على أرض المطبخ الرخامية ...رأته واقفا أمامها بشموخ ...ناظرا إليها ...قطعت نظراته اليها وقالت
-هل ايقظتك...
-لا...لقد كنت أريد الاستيقاظ مبكرا ولكنى نسيت اخبارك ...أين سترة بذلتى قالها ببرود وعين مازالت تحمل آثار النوم
-هل ستذهب هكذا ...بسرعة ...ساعد لك كوبا من القهوة على الأقل ...ووقفت بسرعة لتعد له كوب قهوة إلا أنه قاطعها
-لا...يجب أن اذهب ..هناك أعمال يجب على انهاءها ...اجلبى لى السترة ..قالها بنبرة خافتة ولكنها قاطعة لا تحتاج لجدال
-حسنا...قالتها باستسلام
جلبت له السترة وقام بارتداءهاوذهب
كانت تريد ان تطلب منه اخذ حمام دافئ وارتداء بذلة نظيفة ..لكنها تعلم أنه سيرفض فهذه ايضا احدا قواعده فى المجى اليها

دخلت غرفة النوم تستنشق عطره الذى ملئ هواء الغرفة كم تعشق هذه الرائحة ...رائحة عطره الرجولى ...اقتربت من السرير ..تتحسس مكان نومه ودف المكان الذى نام به
سقطعت دمعة متالمة من عيناها التى تشبه لونى القهوة تتألم لحالها ...ماذا تكون بالنسبة له ...هل هى عشيقة ...لكن طوال الفترة التى كانت فيها بقربه ...لم يحاول يوما الاقتراب منها ...لم يفعل يوما حتى أنه لم يقبلها مجرد قبلة ...لقد ساعدها نعم تعلم أنه ساعدها كثيرا لولاه لما كانت لما هى عليه الآن ...ولكن هل يحبنى ...خرجت تنهيدة ألم وضعف وحزن منها ...اااااااااه وألقت بجسدها على السرير تبكى حرقة والما

بعد خروجه من العقار صعد سيارته متوجها إلى قصره سيقوم بأخذ حمام بارد لعله يطفئ نار الانتقام التى اشتعلت بجسده وقلبه منذ سنين... ويرتدى بذلته ...ثم يذهب إلى الشركة
كان العقار يبعد ساعة عن قصره ...فقد كان حريصا ان يكون بعيدا عن أعين جده
وقف بسيارته أمام بوابة عظيمة وقبل أن يصدر صوتا بسيارته ...قام الحارس بفتح البوابة لسيده ...دخل بسيارته أمام منزل كبير يشبه قصور الحكايات ...ترجل من سيارته متوجها إلى درجات السلم الرخامية القليلة صعدها. ...ثم اتجه إلى السلالم الداخلية للقصر ...صعد عددا منها ...إلى ان اوقفه صوت رجولى قوى

-سيف
-أدار جسده ناظرا إلى ذلك العجوز الواقف أمامه الذى مازال يحمل الكثير من قوة شبابه رغم سنواته السبعون ويزيد
-نعم ياجدى ماذا تريد؟...يجب أن أبدل ملابسى
-أين كنت؟ ...ولماذا لم تأتى البارحة ؟
-كانت لدى بعض الأعمال فى الشركة
-حسنا ...عندما تنتهى أعمالك تعالى ولا تبت ليلتك بالخارج قالها لحفيده ناظرا اليه بحدة
-حسنا

ثم تابع صعوده ...متجها حيث غرفته ...كانت غرفة تتسم بالطابع الرجولى ...وذات ألوان قاتمة ...دلف مباشرة إلى الحمام ...لك يأخذ حماما باردا رغم برودة الطقس الشديدة ...إلا أنه كان يشعر بنيران فى جسده وقلبه تزيده اشتعالا والما. ...ألما على كل ماماضى. ...على الماضى الذى لن يجعله يرحل او يتناسى إلا عندما ينتقم ...نعم ينتقم
أنهى حمامه وخرج واضعا منشفة حول خصره ...يظهر عضلات صدره ...وقوة صاحبها ...لم يكتسب كل هذا من فراغ فمنذ ان كان صغيرا وجده كان حريصا على تعليمه كل فنون القتال وفنون الدفاع عن النفس ...حتى استطاع أن يصل إلى ماهو عليه ...رجلا يهابه الجميع ليس لأنه حفيد رشاد السيوفى او سليمان الحسينى فقط ...بل لأنه استطاع أن يثبت قوته منذ أن كان صغيرا ...أخرج بذلة من غرفة الملابس وقام برتداءها ...وارتد حذائه. ..مشط شعره ...ونثر رذاذ عطره الرجولى ...ووضع ساعته حول معصمه

وخرج متجها إلى شركته
...
لقد كان هذا القصر وكل ما يحيط به ملك لسليمان الحسينى ...رجل ثرى منذ الازل من عائلة مرموقة ومشهورة فى الصعيد ذات اصول تركية ... وعندما اصبح شابا قرر و أراد أن يكون اعماله الخاصة بعيدا عن أعمال العائلة ...فاستقر فى العاصمة ...استطاع أن يكون مجموعة شركات كبيرة بها وأصبح له اسم كبير فى بلده وفى البلدان العربية والاجنبية. ...تابع هذه الأعمال من بعده حفيده الوحيد سيف ...الذى قام بتحويل هذه الشركات إلى إمبراطورية كبيرة ...إمبراطورية سليمان الحسينى

سليمان الحسينى رجل فى عقده السابع له نظرة حادة للأمور قوى الرأى والشكيمة. ..حاد الطباع حتى ان حفيده قد ورث الكثير من هذه الطباع ...لم يكن لديه غير ابنة واحدة فقط وحيدته أنجبت سيف وماتت
جلس هذا الرجل فى غرفة مكتبه شاردا بفكره فى حال حفيده الوحيد ...وعلاقته مع تلك الفتاة ...رغم ان سيف لم يخبره بشئ عنها إلا أن كل الأخبار كانت تصل إليه ...كانت علاقته مع تلك الفتاة منذ الصغر عرفها وارتبط بها ...يعلم ان الأمور لم تصل بينهما إلى علاقة مشبوه او محرمة ...لكنه خائف

(دينا)ليست فتاة سيئة يعلم أن حفيده (سيف)لا يحبها لكنه يقترب منها لكى يشعر بما فقده ...حنان الام الذى لم يحصل عليه بسبب وفاة والدته ...لقد كانت دائما بجواره وتسانده منذ ان تعرف عليها ...فازداد ارتباطه بها ...حتى انه علم ان حفيده قد جعلها تنتقل الى ذلك العقار منذ ان قام ببناءها ...يجب ان ينهى كل هذا يجب أن يجعله يبتعد عنها ...ما يشعر به حفيده نحوها ليس حبا بل مجرد احتياج ...لذلك يجب أن يتصرف ...لكى يجد حفيده الفتاة التى تستحقه وتكون بجواره ...يجب ان يجعله يستيقظ حتى لا يظلم تلك الفتاة التى تتعلق به أكثر وأكثر ...فمن خلال نظرته الحادة علم أنها تحبه ...بل تعشقه. ...وحفيده لا يشعر بذلك

وقفت سيارته الموزين السوداء أمام شركته الكبيرة ...مرتديا بذلته الزرقاء وقميصه ناصع البياض ...متوجها إلى باب الشركة ...وماان راءه العمال والموظفين حتى توقف كلا منه ترحيبا وتقديرا ومهابة له ...يحمل كلا منهم فى عينيه سعادة وفخر لعمله فى إمبراطورية سليمان الحسينى ...دخل إلى المصعد حتى توقف فى الدور الرابع حيث مكتبه ...توجه إلى غرفةمكتبه بعد ان رحبت به سكرتيراته الحسناء ذات الشعر الأحمر المصبوغ ...دلفت وراءه مباشرة ...تسير على سجادته التركية الفخمة باتزان ...كانت غرفة المكتب واسعة مصممة على أحدث الديكورات...وقفت أمامه تحمل بعض الأوراق لتوقيعها. ...ظلت تنظر إليه بهيام ...لقد كان رجل بكل ماتحمله الكلمة من معنى ...فاحش الثراء من كلا العاءلتين عائلة والده وعائلة والدته ...وفوق كل هذا وسيم وسيم للغاية. ..هل يوجد مثله فى هذا العالم حدثت نفسها بذلك ...قامت بجمع شتات نفسها بسرعة حتى لا تقع صريعة فى حبه

-سيد سيف هذه الأوراق تحتاج إلى توقيع
-حسنا..اتركيها وأتى لى بفنجان قهوة واطلبى من ماجد المجى إلى
خرجت من الغرفة وبعد ذلك أدخلت إليه فنجان القهوة وخرجت من المكتب بهدوء
بعدها بدقائق ...دخل رجل ليس بفارع الطول يظهر على وجهه البشاشة وترتسم على وجهه ابتسامة هادئة
-مبارك لنا الصفقة قالها ماجد وعلى وجهه ابتسامة
أبعد سيف نظره عن الأوراق ونظر إليه فشاهد ابتسامته
-لاتبتسم كثيرا مازلنا فى البداية
-لكنها بداية مبشرة بالخير
-هل فعلت ما طلبته منك
-تماما كما أمرت
-حسنا ..جهز لاجتماع بعد ثلاث ساعات
-حسنا...استاذنك الآن
بعد خروجه وقف سيف مبتعدا عن مقعد مكتبه ناظرا إلى السماء الزرقاء من نافذة مكتبه بعينين جامدتين
-مازالت الحرب فى بدايتها...فأنا لم أبدأ بعد قالها وقد ظهر الغضب على وجهه

كان يركض بسرعة فى أرجاء المشفى باحثا عنها بعينيه يتمنى أن يجدها ...فهى الوحيدة التى ياتمنها ...او بالأحرى الوحيدة التى يعرفها فى هذه المشفى ويعرف مدى تفوقها ...وأيضا هو لايعرف أطباء غيرها فهو لم ياتى إلى المشفى الا منذ وقت قصير ولم يكون صداقات او علاقات مع أحد ...ظل يتجول ويبحث بعينيه عنها ويسأل الأطباء والممرضات إلى أن اخبره فى الإستقبال أنها فى غرفة الطوارئ تتابع بعض المرضى ...


بعد أن وصل إليها بانفاس لاهثة من كثرة الركض وقف وجدها تقف برداءها الابيض واقفة عند احد الأسرى تتكلم مع احد المرضى وتخبره عن حالته وماذا يجب ان يفعل ...ظل واقفا عدة دقاءق الى ان انتهت ...اقترب منها بسرعة

-جيد إننى قد وجدتك قالها بنبرة ضعيفة وهو مازال يحمل آثار الركض

-ماذا هناك يا ماهر قالتها وهى تنظر إلى أوراق احد المرضى
-ريم هل يمكننى أن اطلب منك طلبا ...وأرجو الاترفضى قالها برجاء
-وما هو ذلك الطلب قالتها بعد أن أبعدت نظرها عن الأوراق التى بيدها
-جدتى ...جدتى مريضة وقد اتصلوا بى من منزل خالى وطلبوا منى الحضور لرؤيتها ولكنك كما تعلمين عندى عملية بعد نصف ساعة ولا أستطيع الذهاب ...ثم تابع بنبرة راجية أكثر
أنها مريضة للغاية وخاءف ان تصاب بغيبوبة سكر مرة أخرى ...هل يمكنك الذهاب لرويتها ومعاينتها. ..ثم تابع وهو يقترب منها ويمسك يدها بين كفيه ...أعلم أن الأمر صعب لكن ارجوكى ... لا ترفضى طلبى
أبعدت يدها عنه بسرعة تحاول تجميع شتات نفسها..تنظر إليه نظرة عتاب كيف يطلب منها هذا الطلب وهو يعلم أنه مرفوض .

-ماهر ...لا أستطيع اطلب من اى طبيب غيرى
-ريم...انا لا أعرف اى أحد غيرك هنا فى هذه المشفى منذ أن أتيت ...ارجوكى
-حسنا ...يكفى ...سأذهب لأغير ملابسى وأذهب
-شكرا لك وأنا سأقوم بكتابة العنوان واتركه مع ممرضة الاستقبال. ...وشكرا لك مرة أخرى قالها بابتسامة صغيرة وهو يركض مبتعدا عنها
-لا داعى ...أنه عملى قالتها باستسلام
خلعت زيها الأبيض وخرجت وأخذت العنوان وخرجت من باب المشفى ...وصعدت سيارتها متاففة وتفكر عما ستقدم عليه إلى أن قطع تفكيرها صوت رنين الهاتف وضعت السماعة على اذنهافسمعت صوت شهقات وبكاء
-نعم...أروى ماذا بك
-ريم ...جدتى مريضة تعالى بسرعة قالتها وهى مازالت تبكى
-لا تقلقى. .انا ذاهبة إليها الآن
توقفت عن البكاء برهة وقالت-كيف من أخبرك
-اخاكى. ..هو من طلب منى ان اذهب بدلا منه لأن لديه عملية ...وأنا فى غنى عما أقوم به الآن قالتها بصوت عالى
-لا ارجوكى...لن يحدث شئ لكن لا تتاخرى. ...وأنا سأذهب الآن نصف ساعة وساصل ماذا عنكى ؟
-انا سأصل فى خلال عشر دقائق إلى اللقاء الآن
-إلى اللقاء

وما هى إلا فعلا عشر دقائق ووصلت أمام بوابة كبيرة اوقفها الحارس وآمال نحو نافذة سيارتها قائلا
-من انتى ؟...هل لديكى موعد ؟
-انا الطبيبة ...التى أرسلها الطبيب ماهر
-حسنا ...وقام بفتح البوابة لها لتمر فقد أخبره سيده بمجى أحد الأطباء
صفت سيارتها ومن ثم توجهت حيث باب ذلك المنزل الكبير
وقفت أمام المنزل برهة تحاول تهدئة نفسها ببعض العبارات
وما هى إلا لحظات حتى وجدت باب ذلك المنزل يفتح تلقائيا وأمامها رجل طويل ...ليتسمر أمامها الشخص الذى فتح الباب ناسيا أن يزفر شهيقه للحظة فامامه كانت حورية من حوريات البحر ...صبية فى جمال القمر ذات عينان زرقاوان متسعة كزرقة البحر ...حتى قطعت تامله فسمع صوتها يخرج بنبرة جادة

-السلام عليكم ...انا الطبيبة التى أرسلها ماهر
فبدلا ان يرد على التحية التى يحفظها عن ظهر قلب
-سبحان من سخر وصور ...بسم الله ماشاء الله
ارتبكت وهى تسمع مديحه من ذلك الواقف أمامها بينما عيناه تنظر إلى عيناها بجراء لم تشهدها من قبل مرورا بجسدها ...ظل ينظر إليها لا يريد أن يقطع أحد تامله ...فتابع حركت يدها وهى تحاول إدخال بعض خصلات شعرها النافرة داخل حجابها ...فلاحظ ارتباكها ...واحمرت وجنتاها
حاولت قطع نظراته فقالت بصوت يحمل بعض من الحدة

-أرجو إلا أكون قد قطعت تاملاتك ...ولكن يجب أن أدخل الآن فهناك مريضة بالداخل ويجب أن أراها بسرعة
اعادته بكلامها بسرعة وهى تذكره بجدته المريضة بالداخل ...وهو قد نسى أمرها منذ رأى تلك الحورية ...بعد أن كان الجميع ينتظر وصول الطبيبة بفارغ الصبر التى أخبره بها ماهر أنها ستاتى بدلا عنه
-اه تفضلى قالها مفسحا لها المجال للدخول

اوصلها بسرعة إلى غرفة المريضة وكان يوجد بالغرفة رجل يبدو أنه فى منتصف عقده الخامس ويشبه لدرجة كبير ذلك الذى قام بفتح الباب لها ...وامرأة يظهر عليها ملامح الشباب لكنها لم تهتم لتحديد عمرها ...فاتجهت بنظرها مباشرة حيث تقبع تلك المرأة ويظهر المرض على وجهها بشدة ...
اقتربت منها وفحصتها بعناية وبعدها أخبرتهم بأنها تحتاج إلى الراحة والبعد عن التوتر ...واتباع نظام غذاءى صارم ...وخرجت مباشرة بعد أن أنهت حديثها متبعها ذلك المتأمل ...حتى وصلت إلى الباب
-ما اسمك قالها وهو ينظر إليها مبتسما

-ماذا ؟
-اسمك ماذا ...أليس غريبا ؟
فنظرت إليه بتهكم ونظرات مشتعلة إليه
-لا شأن لك قالتها وهى تحاول إبعاد نظرها عنه
فخرجت مسرعة حيث سيارتها تلعن حظها الذى جعلها تأتى إلى ذلك المنزل بالذات ...أكيد هى قد جنت ...

كانت جالسة على سريرها كتمثال الكاتب المصرى وأمامها الحاسوب وبعض الكتب والكثير ...الكثير من الأوراق المبعثرة على السرير وفى أرجاء الغرفة
جامعة شعرها بطريقة مبعثرة بأحد الأقلام ونظارتها المستطيلة التى تزين عيناها الرمادية التى تتغير بتغير مزاجها واضعة قلم آخر فى فمها الصغير الذى يشبه حبة الكرز ... كمحاولة منها للتركيز
-تبا ..تبا قالتها بصوت مرتفع وعينان دامعتان ثم أكملت ...ما هذا ...لماذا هذه القضية صعبة هكذا للغاية
قطع حديثها مع نفسها دقات كانت عند باب غرفتها حاولت تجاهلها فى بادئ الأمر ولكنها استمرت أكثر جعلها تتافف غاضبة

-أدخل قالتها وهى مازالت ناظرة إلى حاسوبها
دخلت الغرفة سيدة يبدو عليها أنها ربما تكون فى عقدها الرابع من عمرها قائلة. ..سيدتى الغداء جاهز والسيد ياسين بانتظارك ويقول أنه لن يقبل أية اعزار اليوم ويطلب منك النزول بسرعة
-حسنا يا هدى ساتى قالتها بعد أن تركت ما بيدها من أوراق و ابعدت نظرها من الحاسوب
بعد أن خرجت تلك السيدة من الغرفة
دلفت أولا إلى الحمام وقامت بغسل وجهها ببعض الماء محاولة منها أبعاد الإرهاق الظاهر على وجهها
-نزلت درجات السلم المصنوعة من أفضل أنواع الخشب فى تلك الشقة الكبيرة فى أحد الأحياء الراقية ...كانت الشقة تتكون من طابقان وهى ملك للمستشار ياسين المنشاوي أحد أشهر القضاة ...لا يسكن بها غيره هو وابنته الوحيدة
وقفت أمام طاولة الطعام (السفرة )يجلس فى مقدمتها رجل فى منتصف عقده الخامس يظهر عليه علامات الوقار والطيبة الظاهرة على وجه يصاحبها بعض من الجد
-ما هذا ...يا نور قالها ياسين الناظر إلى ابنته التى يرثى لها
كانت ترتدى بنطالا من القماش وقميصا قصيرا ضيقا يصل إلى خصرها من القطن وشعرها مشعثا رغم أنها تجمعه بذلك القلم هذا بالاضافة الى نظارتها ...وحالتها التى يبدو عليها الأرق
كان الأب مذهولا من ملابس وشكل ابنته التى يرثى لها

-ماذا ؟..يا أبى قالتها وهى تقوم بسحب أحد الكراسى بجوار والدها وجلست عليها
-ماذا؟...كل هذا وماذا .. اصبحتى تهملين نفسك بطريقة لا يمكننى السكوت عليها ثم تابع وهو يمرر نظره على ملابسهاو وجهها ...انظرى إلى عيناكى وملابسك. ..بالإضافة إننى لم أرك منذ يومان بحجة انكى تدرسين تلك القضية وتعملين ثم قال بحدة ..لو كان العمل سيجعلك هكذا فأنا أرفض هذا العمل
قاطعته ...أبى أنه عملى وأنا أحبه ولن أتركه ابدا ...لذلك أرجوك لا تقل هذا مرة أخرى
-حبيبتى انا اخاف عليكى ..اصبحتى تذبلين يوما بعد يوم ..انظرى إلى نفسك بالمرأة هل هذه صغيرتى الجميلة قالها بنبرة حانية

-لا تقلق ساخلد قليلا إلى النوم وسأكون بخير
نظرة إليها بطرف عيناه ثم قال
-حسنا ...ساوافق على عملك لكن لدى شرط قالها بنبرة شديدة
-ما هى قالتها وهى تمسك بقطعة من الخبز فى يديها تقربها من فمها
-عندى لك عمل فى شركة محامة كبيرة يمتلكها أحد اصدقائى ... أخبرته أن ابنتى خريجة كلية الحقوق فاقترح على أن تعملى فى شركته ..ما رأيك قالها مبتسما
-من يكون صديقك هذا قالتها وهى تتابع تناول الطعام
-أنه أحد أصدقائى القدامة من ايام الشقاوة قالها مبتسما غامزا لها
وما كان منها إلا أن أصدرت منها ضحكة عالية وقالت
-شقاوة ...أيها الشقى
-اصمتى ...ايتها الشقية المدللة قالها بعد ان ضربها بأطراف أصابعه على مؤخرة رأسها ثم تابع
-انا المخطئ لأننى أتحدث معك من الأساس

ابتسمت ابتسامة واسعة وقالت
-لا ...لا ساستمع ما اسم صديقك هذا ...ألم تقل لى أنكم كنتم مجموعة منذ الثانوية
-نعم ...لقد كنا مجموعة والدك الذى أمامك أصبح مستشارا ...ومراد الذى يملك شركة المحاماة التى أخبرتك بها ومحمود وسليم وهذان الاثنان أخوة يملكان مجموعة من الشركات الضخمة والعملاقة وعادل الذى يملك تلك المشفى الكبيرة فى منتصف المدينة وقد تزوج من أخت محمود وسليم الصغرى
ثم تابع وابتسامته تتسع ...لقد كنا نحن الخمسة كالاخوة كل منا يحب الآخر ...ثم خرجت منه تنهيدة وهو يتذكر تلك الأيام وقال...كانت ايام
-إلا تلتقوا
-أحيانا ...لكن لم نعد نلتقى كالسابق فكل منا لديه مسؤوليات وأعمال ثم تابع بعد ان شعر ان ابنته تحاول التملص من موضوع العمل فقال
-نور ماذا قلتى عن العمل
-قالت برجاء ...أبى لا أريد
-نور..أما أن تقبلى العمل ..او اعلمى انى ارفض عملك بتاتا
-ماذا ...قالتها وهى تظهر على وجهها الامتعاض
قاطعها. ..هذا ما عندى ..ماذا قلتى
-نظرت إلى والدها وهى تعلم أنه لا يوجد مجال للجدال او المناقشة مع والدها أكثر
-حسنا...موافقة ...وبعد ذلك وقفت من على الكرسى مبتعدةعن طاولة الطعام
-ايتها الشقية انتى لم تنتهى من تناول طعامك بعد
-لا أريد أن آكل ...لقد شبعت وتوجهت إلى الدرج
-نور ان كنتى تعتقدين انكى هكذا تلوين ذراعى فانتى مخطاة لن يحدث إلا ما أريده ..هل فهمتى سأتصل به واحدد معه مقابلة لكى لذا قومى بتجهيز اوراقك
-حسنا قالتها على مضض وبعد ذلك توجهت إلى غرفتها
دلفت إلى غرفتها تفكر فى حديث والدها ...كم كانت تتمنى أن يكون لها مكتبها الخاص ولكنها تعلم والدها جيدا وسيرفض. ...قاطعت أفكارها صوت رنين الهاتف فاتها الصوت
-مصيبة ...كارثة
-ماذا؟ ما هى المصيبة ماذا هناك يا ريم
-لقد ذهبت إلى حد منازل عائلةسليم رشاد
-ماذا ؟...لماذا ؟
ظلت تتمتم ببعض الكلمات التى لم تفهمها نور
-انتظرى...انتظرى انا لا أفهم شيئا مما قلتى ...لو تفرغتى تعالى إلى ولنتحدث
-حسنا ...سارى واهاتفك إلى اللقاء الآن
-إلى اللقاء ...وما أنهت المكالمة حتى ارتمت على السرير بجسدها
********************************************
تعالت الأصوات العالية فى ذلك المنزل الكبير معترضة الزوجة على كلام زوجها ويبدو أن الحديث بينهما قد اشتد هذه المرة
قالت بنبرة عالية غاضبة ...ابدا ابنى لن يعمل معه ...ابدا ...ابدا يا مراد
قال بنبرة حاول أن تكون هادئة محاولة منه لامتصاص غضب زوجته
-نورا ...ارجوكى اهدءى لماذا كل هذا الانفعال والعصبية الزائدة
-لا يا مراد ...انا لم أتدخل يوما بعملك ولم أحاول منعك من العمل معه ...لكن ابنى لا ...لن يعمل معه
-نورا...ارجوكى انسى الماضى لقد كان القدر ...أنه شئ مقدر ...حبيبتى ...لم يكن...
قاطعته بحدة وصوت غاضب

-لا ليس كذلك ...لن انسى ابدا ثم تابعت بنبرة خافتة وعينان ملئ بالدموع ...لن انسى ابدا بأنه كان السبب فى موت صديقة عمرى قهرا ...لقد ماتت بسببه نعم بسببه
ثم بدأت دموعها بالانهمار أبية التوقف
ركض إليها يضمها إليه بشدة مقربا جسدها أكثر إلى صدره ...وهو يربت على ظهرها وشعرها بخفة
-حسنا حبيبتى اهدءى فقط...لماذا نستبق الأحداث ...حازم لم ياتى بعد لكى نقرر بدلا عنه ثم طبع قبلة على رأسها وتابع

أريد لابنى ان يكون قريبا منى ...يكفيه بعادا عنى ...أريده ان يتولى ويهتم بأمور الشركة ...لقد كبيرت لم أعد أستطيع أن أدير كل شئ بنفسى...وهو لن ياتى إلا بهذه الطريقة ...و أريد أن اهتم بك لقد اهملتك فترة طويلة بسبب القضاياة...وعندما ياتى أريد أن اتفرغ للاهتمام بك ...وأيضا ألم تشتاقى لحازم ...إلا تريدنه ان يستقر هنا ويعيش معنا
قالت بعد أن قل بكاءها
-بالطبع أريد ...لقد اشتقت لابنى ...أنه نور عينى يا مراد
قال بنبرة يشوبها بعض الغيرة
-ماذا ؟...من هذا نور عينك انا فقط هو نور عينك ...ثم تابع بعد أن ابعدها قليلا عن صدره ناظرا لعيناها تلك العينان التى عشقها منذ أن راءها. ..تلك المرأة التى جعلته يحارب الجميع فقط من أجلها ...المرأة التى جعلته يقع صريعا فى حبها وقال بنبرة تحذيرية

-إياك ان تهملينى عندما ياتى ابنك ...وإلا ساحزن ...هيا قولى انك لن تفعلى ...وإلا لن أجعله ياتى
ظهرت ابتسامة على ثغرها وقالت
-لا لن أفعل ...يا طفلى الصغير
فضمها إلى صدره أكثر محتضنا إياها بتملك فرغم زواجهم الذى استمر ثلاثون عاما إلا أنه لم يقل يوما حبه لها بل كان يزداد أكثر وأكثر ...تلك المرأة التى عشقها ...التى جعلته يقف أمام الجميع لكى يتزوجها ...لقد فعل الكثير من أجلها ...وسيفعل حتى آخر نفس فى حياته ثم قال

-هل أخبرك متى سياتى ؟
-لا لم يخبرنى. ..قال بأنه سيتصل بى قبلها يخبرنى متى موعد مجيئه
-ذلك الشقى. ..أنه لم يتحدث معى منذ فترة طويلة ...ولكنه يتصل بوالدته يوميا
صدرت منها ضحكة رنانة
-بالطبع أنه حبيب والدته كيف يتوقف عن التحدث معى واخبارى باموره
-نورا ...ألن تتوقفى عن قول حبيبى ..ونور عينى ...أقسم ساجعله يبقى هناك ولا ياتى
ضحكت بصوت أعلى
-ما هذا يا مراد هل تغار من ابنك
-نعم اغار من ابنى ...وأن شعرت بأنك تهتمين به وتهملينى ساجعله يعود من حيث أتى ...هل فهمتى
-لا أعدك ...لقد غاب عنى كثيرا وعندما ياتى ساضمه إلى احضانى...ولن أتوقف عن الاهتمام به
قال من بين أسنانه
-تلك المرأة التى ستجعلنى اجن ... قالت ستضمه...حسنا ساجعلك تضمينه فقط ...
-حسنا

كان جالسا على كرسى مكتبه الوثير مستندا بظهره ورأسه عليه مغمض العينان صامت ...يبكى ألما على فراق حبيبته التى يعشقها ...وابنه ...اااااه ابنه الذى يكره ويرفض حتى رويته أخرج تنهيدة شديدة من قلبه المتألم رغم صلابته ...إلا أن قلبه يحمل الكثير من الألم
فتح عيناه ناظرا إلى تلك الصورة الموضوعة على مكتبه ...قرب يده إليها ممسكا بها ...كانت لامرأة شديدة البياض ذات عينان زرقاوان بلون السماء وشعرها النارى الطويل ...وثغرها الذى زين وجهها بابتسامة ساحرة ...لقد كان يشعر كمن يملك السماء والارض فقط عندما تتبتسم له

تنهد تنهيدة ألم قبل أن يقول
-اااااه ياحبببتى كم اشتقت اليكى. ...يا فيروزتى ...ابنك يكرهنى. ..ابنك الذى انجبتيه من أجلى ...يكرهنى ...يريد أن يهزمنى ويكسرنى. ...حربه لن تنتهى ...إلا عندما يرانى منهزم ومكسور أمامه ...ماذا أفعل ...أخبريني
أخرجه من أفكاره صوت دقات الباب تابعه دخول امراة فى عقدها الرابع
-لقد تم تجهيز الغداء سيد سليم
-حسنا ...ساتى...هل أتى مالك او ماهر
-لا لم ياتى أيا منهم اليوم
-إذا احضرى إلى القليل من الطعام هنا لا داعى لان اجلس على سفرة الطعام لوحدى
-حسنا ..سيدى
ثم انصرفت الخادمة مغلقة الباب ورائها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة