قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عندما يعشق الرجل الجزء الثاني الفصل الثاني عشر

عندما يعشق الرجل الجزء الثاني

رواية عندما يعشق الرجل الجزء الثاني الفصل الثاني عشر

ترجل من السيارة أولا .. ثم دار للجهة الاخرى .. وبكل لباقة فتح باب السيارة ومد يده لها لتستند عليها أثناء خروجها ..
نظر لها بعشق وافتتان لن يستطيع يوما الخلاص منه .. كانت جميلة ورقيقة للغاية وكأنها فراشة زرقاء على وشك التحليق ..
فستان أزرق من الشيفون طويل ضيق من فوق واسع إلى الأسفل ..كان هناك قطعة قماش خفيفة للغاية على كتفيها واسعة تشبه جناحى فراشة غطت ذراعيها و صدرها حتى المنتصف .. وتركت كتفيها عاريان ..
لم تضع على شفتيها غير ملمع للشفاه بلون الورد .. وظللت جفونها باللون الأزرق الفاتح الذى عاكس لون عيناها الرمادية التى تلمعان بالحياة ..
شعر حازم بضيق أنفاسه وهو يراها بهذا الجمال أمامه .. هل اخطاء بالحضور إلى هذا المكان .. فهو لم يكن مجبرا على الحضور .. وخصوصا انه لم يكن يوما محبا لمثل هذه الحفلات الصاخبة ..
أمسك بأصابع يدها برفق وكأنه خاءف من ان تكسر .. ووضعها على ذراعه .. شعر برجفة أصابعها من لمسته .. لكنه تغاضى عنها وبدأ فى السير سويا نحو القاعة الكبيرة .. التى اكتظت بالمدعوين .. فقد ضمت القاعة عددا من المحامين الكبار أصحاب الصيت الكبير .. ولم تخلو أيضا من بعض المستشارين .. و بعض المبتدئين فى مجال المحاماة ..
لقد كان هذا الحفل ..حفل زفاف ابنة إحدى القضاة الكبار .. وبصفة الرجل أحد أصدقاء والده وأيضا بسبب شهرة والده الكبيرة .. تم إرسال دعوة إليه .. فعرض حازم على والده الذهاب بدلا منه ..
اقترب منه صاحب الحفل بوجه بشوش وابتسامة مجاملة .. بعد ان حياه وحى نور بايماءة بسيطة ..
جلسا على أحد الطاولات الصغيرة .. وكلا منهما صامت .. لكن عينا حازم كانت تبحث عن شئ خاص .. حتى وجدها اخيرا تقترب منهما .. تخفى وراء وجهها ضيقا رغم ابتسامتها البشوشة التى حاولت رسمها ..


" نور "
هتفت بها الفتاة من خلف نور التى رفعت رأسها للواقفة أمامها واتسعتا عينا نور ذهولا
وهمست بحشرجة
"هايدى !"
لوت هايدى فمها بابتسامة وهتفت بنبرة حاولت جعلها رقيقة
"كيف حالك؟ .. لم أرك منذ زمن .. وأيضا مبارك على الزواج "
قالتها وهى تمد أصابع يدها لتحية نور .. التى مدت أصابع باردة إليها .. بينما لامست كلا منهما أصابع الاخرى بتحية شكلية فقط ..
" حقا تفاجأت عندما علمت بزواجكما .. عندما عدت إلى الشركة .. مبارك "
قالتها هايدى وهى تجلس على الكرسى الفارغ الذى بجوار نور ..
حاولت نور رسم ابتسامة على ثغرها رغم ضيقها وقالت بهمس
" شكرا لك"
حيت حازم بايماءة من رأسها وابتسامة عابرة .. فهى تعلم جيدا انه لا يطيقها ..
اقترب مازن من الطاولة بلهفة لم يستطع إخفائها ما ان لمح الطاولة التى تجلس عليها نور .. لم يكن يتوقع حضورها اليوم بتاتا .. خصوصا انه علم بزواجها و عدم استمرارها فى عملها بعد الزواج .. كما تفاجأ بزواجها من حازم .. كان يعلم بمشاعره ناحية نور .. لكنه لم يتوقع انها أيضا تكن له مشاعر وقبلت بالزواج به .. بعد ان كانت تحبه هو فقط ..
لكنه لماذا هو يلومها من تركها له؟.. أليس هو من تركها أولا! ..
لكن يا ترى هل هذا الزواج قد حصلت منه على السعادة ؟.. ام انها مثله تعيش ببؤس !..
يعلم بحب هايدى العميق له .. لم يتزوجها إلا ليغطى على خطياته بالتقرب منها وحصوله على أكثر مما ينبغي .. شعر بالذنب من أخذ عذريتها لذلك أراد أن يغطى على كل هذا بالزواج .. لكنه رغم كل هذا ما زال هناك مشاعر ناحية نور ..
هايدى تحبه .. وقد ظهر هذا الحب جلى .. بمساعدتها له فى أكثر ازماته شدة .. لكنه هو هل اخطاء بكل ما فعله لظلمه للفتاتان؟ ..
الأولى جرحه لها بعد ان رأته مع غيرها
والثانية شعورها الدائم بمشاعره ناحية نور التى لم تختفى يوما .. رغم أنها بذلت المستحيل لتظهر حبها ..
ضيق عيناه وهو يرى عبوس حازم ونظرته الوحشية التى اختبات خلف نظرته الباردة .. لكنها لم تستطع إخفاء جلوسه متاهبا لأى شئ ..
لم يخطأ هو فى إرسال الدعوة إليهم فهو بداخله كان هناك بعض الشكوك من عدم حضور حازم .. وخصوصا انه على علم ان حازم يعلم أن الحفلة هى لقريب زوجته (هايدى) .. لكنه أيضا أمل حضوره .. وفعلا هو حضر كما تمنى ..
دنا من الطاولة حتى وقف قبالتهم جميعا ينظر إلى نور التى تفصلها عنه هايدى ..
وقال بنبرة هادئة ومرحبة
" أهلا يا نور .. كيف حالك ؟"
كان سيمد كفه ليحيها لكنه تراجع للحظة الأخيرة عندما رأى نظرات حازم التى تقول له بوضوح
" إياك "
أبتسم بخفوت ..
" بخير .. كيف حالك انت؟ "
قالتها بثبات .. وهى تشعر بأنها تكاد تطير لعدم شعورها باى شئ من اقتراب مازن منها .. مازن حبها القديم !.. الذى اعتقدت بأنها عندما تراه مرة أخرى ستسقط دموعها قهرا والما .. لكنه لم يحدث مازن يقف أمامها .. وقلبها لم يضطرب لم يخفق بسرعة بل على العكس كان طبيعيا تماما ..
"بخير .. شكرا لك "
رد بهدوء .. ثم سحبته هايدى خلفها بتملك .. بعد ان حيا حازم مثلما فعلت زوجته
حدق حازم بها يراقب كل خلجاتها .. نقاءها .. وهشاشتها .. تخبره .. بأنه لن يجد امرأة مثلها يوما .. ما حدث الآن شعر به نبرتها كانت واثقة .. يشعر بأنها اسعدته .. رغم شعوره بالغيرة .. ما حدث الآن أمام عينه يدل انه لم يكن هناك شيئا بينهما .. وأنها كانت مجرد أكاذيب و ادعاءات . . سيكذب ان قال انه لم يشعر بهذا .. لقد شعر بعذريتها فى كل شى يقوم بفعله معها .. قبلاته لها .. وجهها الذى يحمر خجلا .. لكن ما جعله يتراجع خطوة للخلف هو ما حدث ليلة أمس .. وكأنه تقول له انا أمامك امتلكنى .. ولكنه كان أحمق وأضاع من يده ليلة كانت ستفرق لكليهما .. لكنه لن يضيع ليالى أكثر من ذلك ..
اجفلت نور عندما وجدت نفسها تسحب ببط.. وتتحرك برسمية بين المدعوين .. بينما حازم يمسك بيديها .. حتى وقفا فى منتصف القاعة .. وحاوط خصرها بيد .. وباليد الاخرى أمسك يدها .. بينما وضعت يدها الاخرى على صدره بسرور ..
وبدأ فى الرقص وكلا منهما ينظر إلى الآخر بهيام ..
منذ ليلة أمس وهى تشعر بالذهول التام .. كلماته .. ألم يقل سابقا انه لن يمتلكها إلا عندما تكون راضية وهى أصبحت كذلك ليلة أمس .. لماذا إذا رفضها؟! .. لقد أخبرها انه يريد امتلاكها بالكامل .. لا يريد مجرد مشاعر ستستمر لدقائق. . فهو يريد امتلاك قلبها وروحها مثلما سيمتلك جسدها ..
رغم أن كلماته كانت غريبة إلا انها علمت .. انها تحب هذا الرجل .. انه يتجسد أمامها كما هى تمنت سابقا .. انه فارس أحلامها ..
لدقائق ظلا يرقصان بمهارة وتناغم شديد وهما يدوران على الساحة المخصصة للرقص .. حتى بدأت الموسيقى تبدو أكثر هدوء وحميمية فوضعت يديها على صدره .. ووضعت رأسها تماما عند قلبه .. وهى تستمع لدقاته التى كانت تعزف سنفونية خاصة مع تلك الموسيقى
" تبدين جميلة جدا اليوم .. "
همس بها حازم قرب اذنيها
نبرته جعلت جسدها يقشعر وحاولت إخفاء ابتسامتها لكنها لم تستطع والتمعت عيناها فرحا ..
" هل تعلم .."
نطقت ثم توقفت قليلا وهى تنظر مباشرة لعيناه .. بلعت ريقها وقالت بعد تفكير عميق
" مازن كان .. "
ترددت كلماتها وهى تنظر إلى عيناه .. التى حاول جعلها لا تظهر غضبه من نطقها لاسمه..
لكنها رغم ذلك تابعت
" كان صديقا قديما .. اعتقدت يوما إننى أكن له مشاعر .. او اننى .."
صمتت لثوانى وهى تشعر بجسده الذى تصلب بتاهب وغضبه الذى ظهر أكثر ..
اردفت بابتسامة حتى تهدأ الأجواء بينهما
" اننى أحب..."
قاطعها بحدة وهو يصتك على اسنانه ويقربها منه أكثر
"ششش.. إياك يا فراشتى ان تقولى انك كنتى تحبين رجلا آخر أمام رجل شرقى مثلى ..حتى لو كانت مجرد اعتقادات .. فأظن إننى اكتفيت بكلمة اعجبتى به .. رغم أنها لا تروقنى أيضا .. لكنى ساتغاضى عنها .. لكن إن نطقتى كلمة أكبر من هذه ..حينها انا نفسى لن أعرف ردة فعلى "
تشدق فمها بابتسامة .. ووجها شعرت بحرارته بسبب توترها.. هل أخطأت فى البوح بما كان يعتمل فى صدرها سابقا .. هل أخطأت فى الإفصاح له .. لكنها لم تستطع ألا تخبره بشئ قديم .. فهى أرادت أن يكون كل شئ بينهما معروف .. وخصوصا من جهتها هى .. هل اعترافها هذا سيسبب يوما ما مشكلة لها .. ام انه سينسى تماما ما قالته ..
شعرت بجسده الذى تصلب وقربها منه و يداه تقبض على خصرها بتملك ..
وكأنه كان يشعر برأسها الذى يضطرب من التفكير ...فقال بنبرة هادئة للغاية ومتفهمة
" نور .. انا أحترم للغاية .. افصاحك لى عن مشاعرك السابقة .. إياك ان تخافى او تقلقى .. من ان يكون هذه النقطة قد تسبب مشكلة ما بيننا .. بل على العكس انا أحترم للغاية .. صدقك معى واتمنى أن تكونى معى هكذا دائما.. وألا تخفى يوما عنى شئ"
ابتسمت لصراحته .. توقفت الموسيقى .. وبدأت أخرى .. لكى يرقص العروسان.. وهما جلسا مكانهما ..
حازم انشغل بالأعمال والتحدث عن بعض الأشياء التى تخص إحدى قضاياه ما ان اقترب منه أحد الأشخاص ..
أما هى فقد اندمجت مع العروسان اللذان يظهران كم كل منهم يحب الآخر .. بعناقهما لبعضهما بينما السعادة والفرحة تتجلى على وجه كلا منهما
وحمدت الله فى نفسها .. انها لم ترى أيا من هايدى او مازن أمامها مرة أخرى .. وعندما لمحتهم وجدت كلا منهم يتحدث مع بعض الأشخاص ..
دارت رأسها للناحية الاخرى ما ان لمحت نظرات مازن لها من بعيد .. وما ان دارت حتى وجدت نظرات حازم هو الآخر تراقبها بأعين صقرية..
مررت أصابعها على وجهها من التوتر وهى تؤنب نفسها
" هل أخطأت بالاعتراف ؟! .. تبا .. ما كان يجب عليها ان تنطق .. لكنها لم ترد ان تبدأ حياتها معه و هناك شئ تخفيه عنه "
اجفلت وهو يميل إليها ويهمس قرب اذنيها أنهما يجب ان يذهبا ..اطاعته.. وخرجت معه خارج صخب الحفل ..
صعدا للسيارة فى توتر من ناحيتها .. لكنها حاولت أن تكون مرحة و ان تخفى هذا التوتر بالحديث .. بينما هو يرد عليها بخفوت ..
صرخت بقوة .. جعلته يجفل فى مكانه وهى تقول برجاء ما ان رأت إحدى العربات لباءع متجول للفاكهة على إحدى جانبى الرصيف
"أرجوك هل يمكنك أن تترجل من السيارة وتحضر لى بعض البرقوق "
" ماذا ؟!" هتف بها حازم مستغربا
فردت بسرعة
" برقوق .. ذلك الأحمر الصغير ويوجد منه أصفر أيضا .. هيا يا حازم .. "
حرك اهدابه باستغراب .. ثم ترجل من السيارة .. متوجها نحو ذلك البائع الذى يقف من بعيد ..
عاد وهو يحمل كيسا به برقوق من اللونين الأحمر والأصفر ..
أخذته منه بلهفة .. ثم بدأت فى مسح إحداها و التهامها .. وهى تغمض عيناها من مذاقه وهو ينظر اليها بتعجب ..
"هكذا.. قبل ان يغسل "
همس
ضحكت من كلماته وقالت بابتسامة
" لقد مسحتها .. كما أيضا واحدة لن تفعل شئ .. هل تريد واحدة "
" لا .. انا لا أحبه "
قال برفض
شهقت مستنكرة وهى تقول باستغراب
" حقا .. هل هناك شخص لا يحب البرقوق انه رائع "
ثم تابعت كلامها وهى تمسح باصابعها على واحدة أخرى .. وقربتها منه و تقول بابتسامة
" تذوقها واحدة لن تفعل شيئا.. "
لم يستطع رفض يديها .. و التقط تلك الحبة بفمه .. و التهمها وعلى وجهه يظهر بعض الإزعاج ..
ضحكت من تعابير وجهه .. وهو يقول بهدوء
"بها حموضة "
ضحكت لكن هذه المرة بصوتا عالى .. ثم قالت
" وهذا ما أحبه بها .. انها بها بعض الحموضة فى النهاية .. لا احبها ان تكون مسكرة دائما "
وقف بسيارته ما ان توقف بها أمام المنزل ..
ضيقت عيناها وهى ترى ابعاده لحزام الأمان عنه ثم اقترابه وميله منها ليفعل المثل لكنه توقف للحظات ينظر اليها .. ولم يستطع منع نفسه .. ومال أكثر ملتقطا شفتاها ..
دف شفتاها بعث موجات من الحرارة فى أنحاء جسده .. و وضع إحدى يديه على خصرها ليقربها منه ما أن وجد يديها حول رقبته ..
شعرت بأن قلبها يكاد يحترق وهو يقبلها بحرارة هكذا ..
ابتعد عنها وهو يسند جبهته على جبهتها.. بينما تنفسهما يزداد اضطرابا ..
بلع ريقه .. وبيد مهتزة فك الحزام عنها .. و ترجل من السيارة .. و أخرجها هى الأخرى منها ..
توقفا لثوانى ما أن وجدا نورا تجلس منتظرهما .. لم تستطع نور إخفاء خجلها وخصوصا بهياتها تلك التى بعثرها حازم لها فى السيارة .. وجهها وشفتاها المتورمتان. . بالإضافة لشعرها الذى كان مجموعا فى تسريحة بسيطة .. حرره حازم بيديه وجعله يسقط على كتفيها ..
ركضت هى أولا نحو السلم .. وتركته مع والدته يشتعل رغبة ..
" حازم .. أريد ان أتحدث معك قليلا "
قالتها نورا رغم أنها تشعر ببعض التوتر
" إلا يمكن أن يتاجل الحديث للغد "
همس بصوت مبحوح
صمتت نورا للحظات .. فهى حقا لم تستطع النوم وتتمنى حقا لو تستطيع ان تتحدث مع ابنها قليلا ..
ابتسمت ثم اردفت
" حسنا فلنتحدث غدا .. "
ما ان نطقت حتى ركض حازم ناحية الدرج ..
...
اجفلت نور مكانها ما ان أغلق حازم الباب.. وهى تحاول أن تسحب بعض الدبابيس التى كانت تجمع بها شعرها بيد مهتزة ..
تجمدت مكانها وهى تنظر إليه بتاهب.. وجسدها يهتز رعبا ..
وهو يقترب منها بافتتان ورغبة وعلى وجهه ترتسم ابتسامة متلاعبة ..
وقف قبالتها وما كاد يحاوط خصرها حتى وجدها تشهق ولكى تدارى بسرعة على رجفة جسدها قالت
" البرقوق .. انه فى السيارة لقد نسيته تماما .. أرجوك يا حازم احضره لى .. "
" ماذا ؟! .. لا وقت للبرقوق الآن .. تعالى يا فراشة إلى "
قالها وعلى وجهه ابتسامة مريبة وماكرة. . جعلتها ترتجف .. لكنها أحبت اللعبة .. تفهم ما فى رأسه .. لذلك ستنتقم. . عندما يريد أن يقترب يقترب وعندما يريد أن يبتعد يبتعد ..
حسنا هى ليست تحت أمره .. عليه ان يتعلم من الآن .. أن نور ليست من يقول لها لا .. ونور ليست من تجرح .. و نام بهناء ليلة أمس بينما هى تكاد تجن من التفكير والإهانة التى لحقت بها ليلة أمس ..
اسبلت اهدابها وقالت برجاء وهمس يحمل بعض الإغراء
" أرجوك يا حازم "
لم يستطع الرفض من نبرة صوتها وتوجه ناحية الباب .. وقبل أن يغلقه وراءه قال بسرعة
" إياك أن تخلعى هذا الثوب .. ساساعدك انا فى خلعه "
ثم تبع كلماته بغمزة من عيناه اليسرة.. وأغلق الباب خلفه ..
ضحكت بانتصار فهى ستنتقم منه اليوم .. وبخطوات سريعة اخرجت إحدى المنامات القطنية وتوجهت ناحية الحمام ..
دلف إلى الغرفة وهو يحمل أحد الأطباق بعد ان وضع بها حبات البرقوق وقام بغسلها.. فهو لا يريدها ان تمرض .. وأيضا تجنبا من محاولاتها لابعاده عنها .. فهو يفهم هذه الحركات جيدا ..
بحث عنها بعيناه لكنه لم يجدها سمع صوت تدفق المياه .. فتجهم وجهه و عبس وهو يقترب من باب الحمام .. فها هى أول خطواته قد فشلت لقد تمنى وأراد بشدة نزع هذا الثوب عنها بيديه هو ..
ظهر الإزعاج على وجهه وهو يقضم حبة برقوق أخرى .. ولوى فمه من حموضتها وكأن من حظه تلك الحبات التى تحمل الحموضة ..
خرجت من الحمام وهى تتمطى بجسدها بتعب وتتثاءب.. ونامت على السرير براحة وهى تقول بهدوء
" يمكنك ان تضع البرقوق على الطاولة فأنا سانام "
عبس وجهه و تكدر مكانه وهو يراقب تدثرها بالغطاء واغلاقها لعيناها ..
لكنه وضع ذلك الطبق اللعين جانبا ..
وقال وهو يدنو منها وعلى وجهه ابتسامة
" يجب ان نأكل برقوق اليوم .. فالليلة ليلة البرقوق "
اتسعت عيناها من نبرته الماكرة .. ونظرت إليه بتعجب ..
وهو يقترب أكثر وعلى وجهه ابتسامة تكاد تصل إلى عنان السماء و يردد
" الليلة ..ليلة البرقوق "
قالها ثم تبع كلامه بفك أزرار قميصه وهو يغمز لها .. ثم نام بجوارها معانقا إياها بشوق غامر ...

أنهت ايميلى أعمالها بالمكتب.. ثم ركبت سيارتها وظلت تدور بها فى أنحاء المدينة وأفكارها تعصف بها ..
فهى لم تره منذ آخر يوم كانت به بمنزله ..
وهو يقول لها بكل جفاء انه لا يريد ان يقترب منها ..
لا يريدها ان تكون حبيبته .. فهو خائف عليها .. ضحكت بسخرية وهى تقول باختناق..
" خاءف عليها من ماذا من نفسه !"
إلا يشعر بحبها له .. ألا يحبها مثلما تحبه .. أليس هو من اقترب أولا رغم محاولاتها لابعاده .. أليس هو من فعل كل هذا .. وسبب مما هى فيه الآن ..
من دون أن تشعر وجدت نفسها تقف أمام معرض السيارات الخاص به .. وتترجل من السيارة
دلفت إلى المعرض سألت عنه فاخبرها أحد العاملين انه لم ياتى منذ ايام .. بسبب مرضه
ارتجف قلبها خوفا عليه ..

وصعدت سيارتها و من دون حتى ان تفكر توجهت حيث منزله ..
وقفت واوصالها ترتجف منتظرة وصول المصعد .. دلفت داخله .. ثم بعد تفكير استمر لدقائق وهى تنتظر داخل المصعد ضغطت على رقم شقته ..
وقفت أمام باب الشقة وهى تضغط باسنانها على شفتها السفلى حتى كادت أن تدميها من التفكير ..
ظلت تضغط مرة ثم اثنين وثلاثة على جرس الباب .. لكن لا توجد اى إجابة ..
ارتجف قلبها رعبا وخصوصا عندما تأكدت من حارس المبنى ان وليد بالداخل ولم يغادر شقته منذ ايام ..
بعد سلسلة من التفكير قررت الاستعانة بالحارس لكسر الباب .. فربما قد أصابه شئ وهو بالداخل ..

ما ان كسر الحارس باب الشقة ..ودلفت اليها وجدت التلفاز مضاء وصوته عالى بالإضافة إلى الفوضى من الملابس وأكياس الطعام الجاهزة تملأ المكان .. ركضت تبحث بين غرف الشقة .. حتى دلفت إلى غرفة النوم .. دنت من السرير .. وجدته عبارة عن كومة يحتضن جسده .. وجسده يرتجف و وجهه بأكمله يتصبب عرقا .. واسنانه تصتك ببعضها من .. ربما من البرد ..

وضعت يديها على جبهته بسرعة ولهفة .. و خوفها عليه قد تجاوز كل شئ ما ان وجدت حرارته عالية .. للغاية
وضعت أصابع يدها على وجهها وهى تبحث فى الغرفة عن هاتف .. حتى وجدته اخيرا .. واتصلت بالطبيب الوحيد الذى تعرفه ..
فحصه الطبيب .. و اوصل يده بخرطوم شفاف موصول بمحلول مغذى ..
انصرف الطبيب بعد ان أخبرها بارتفاع ضغطه بالإضافة إلى ضعف جسده ..
جلست بجواره بعد ان أحضرت طبق به ماء مثلج وقطعة قماش .. وبدأت فى عمل الكمادات له كما أمرها الطبيب .. و انتزعت الخرطوم من يده ما ان انتهى المحلول.

بعد ساعات من مراقبتها له وقد أسدل الليل ستاءره .. وجدته يفتح عيناه وجسده يتلوى من الألم ..
اتسعت عيناه من الدهشة حتى انه اغلقهما وفتحهما عدة مرات .. ليتأكد من وجودها أمامه
"ما الذى تفعلينه فى منزلى؟! "
سألها وليد بخفوت
تفاجأت من نبرته الهجومية .. ونطقت بتلعثم و توتر
" لقد كنت .. مريضا .. الطبيب ..و "
اجفلت وتراجعت قليلا للوراء وهى ترى قبضته التى ضربها بقوة على السرير وتاوهه من الألم بسبب تحركه المفاجئ ..

" حسنا شكرا لك على اهتمامك يمكنك الذهاب الآن"
قالها بنبرة حادة باردة
" لماذا تعاملنى هكذا .. انا لم أكن يوما سيئة معك .. لماذا تعاملنى بجفاء يا وليد "
هتفت بها ايملى بغضب عاصف وهى تبتعد عن الكرسى تحاول أن تتمسك برباطة جاشها .. وتمنع دموعها من السقوط
" لهذا أريدك أن تبتعدى. . لأنك لستى سيئة. . لانكى لا تستحقين رجلا مثلى .. لانكى أنقى من ان تكونى مثلى "
هتف بها بصوت اجش ونبرة حادة ..
دارت بجسدها نحوه وهى تنظر إليه بذهول .. وهتفت بصوت مختنق
" لماذا تقول على نفسك هذا ؟!.. لماذا! "
صرخ بصوتا عالى
" لأننى فعلت كل شئ سىء فى هذا العالم .. كل شئ وكل ما تتوقعينه فعلته .. أريد ان أعيش وحيدا وإن تبتعدى عنى .. لأنك ان اقتربتى انتى من ستدفعين الثمن وحدك "
بلعت ريقها ولم تستطع أن تخفى نظرتها التعجبية منه .. لأول مرة فى حياتها تقابل شخص مثله .. اقترب منها وها هو يبعدها. . هل هو مختل او مجنون .. وما الذى يجعله هكذا ..

" تستطيع ان تبدأ من جديد .. "
همست باختناق
" هل تعتقدين هذا "
سألها بنبرة منخفضة
فاؤمات برأسها ..
" يجب ان يبدأ كل منا من جديد ما ان يخطئ .. فلا يوجد إنسان لم يخطئ "
" حقا "
سالها ساخرا
نظرت إليه بارتباك وقالت بثبات بعد ذلك وتشجيع
"أيا كان خطاك يمكنك ان تصلحه .. بدلا من الهرب وترديد كلمة انا سىء .. "
صمتت ما ان لمحت نظرته التى تعبر عن غضبه .. فيبدو أن كلامها لم يعجبه
وقال ببرود لايقافها من الاسترسال أكثر فهو لا يريد تذكر اى شئ
" يمكنك الذهاب .. وشكرا لك "
خرجت من الغرفة كما أمرها ..واستغرب عندما لم يسمع صوت إغلاق الباب .. لكن بعدها بدقائق وجدها تدنو نحوه وهى تحمل صينية صغيرة عليها طبق من الشوربة .. وضعته أمامه ..
وقالت بهدوء
" يمكنك ان تتناول هذا وبعد ذلك سأذهب "
لم يرد الجدال معها وبدأ بتناول ما فى الطبق بهدوء .. سحبت الصينية من أمامه وتركته .. ثم عادت ..

حدق بها لكى تذهب .. لكنها بدلا من هذا بدأت تتحرك نحو الخزانة تخرج ملابس نظيفة ..
وهى تقول بلهجة أقرب للأمر
" هيا لكى تستحم وتبدل ملابسك "
زفر باختناق وهو يقول بعجرفة
" إلا تفهمين .. معنى كلمة غادرى "
لون فمها من عجرفته ولكنها قالت بهدوء وكأنها لم تستمع لكلماته
" استحم وبدل ملابسك وبعد ذلك يمكننى أن اذهب "
تنهد بقوة وقال من بين أسنانه
"يمكنك الذهاب . وأنا ساستحم بنفسى .. شكرا لك "
لكنها وللمرة الثانية لم تستمع له .. وبدأت فى الاقتراب من والسرير ليتحرك. .
ابتعد عن السرير وما ان لامس قدميه الأرض حتى شعر بدوار .. وطعنات فى رأسه جعلته يءن ألما
فركضت نحوه بلهفة .. لكنه طمانها بيديه .. وبدأت تساعده فى التحرك حتى دلف إلى الحمام ..
استقبل تدفق المياه الدافئة بتعب .. جسده منهك ومتعب للغاية ..

تلك الفتاة تجعله يخرج عن رشده .. هى تريد ارتباطا وعائلة وهو لم يفكر فى هذه الأشياء يوما .. منذ أتى إلى هذه البلد وهو لا يفكر إلا فى الاستمتاع بحياته ووقته ... يجب عليه ان يكون أكثر هدوءا وتوازنا بدل من سرعة غضبه تلك ..
لا يريد ان يقترب منها .. ولكنه فى نفس الوقت يتمنى احتضانها بقوة .. جميلة ..ومثيرة .. كل شى بها ..
يجن من قوة تحمله من عدم الاقتراب منها .. لقد حارب طويلا .. وطويلا .. وهو لا يعلم أن كان يستطيع أن يجعل يده بعيدة عنها أكثر من ذلك ..
أدار صنبور الماء .. ثم سحب منشفة كبيرة ولفها حول جسده ..

أغلق عيناه بقوة ما ان وجدها ما زالت موجودة فى الغرفة .. وتقوم بتبديل ملأت وأغطية السرير بأخرى نظيفة ..
راقب حركتها بخفة ورشاقة .. رغم جسدها الممتلئ فى بعض الأماكن .. إلا انها تبدو مثيرة أكثر مما ينبغى ..
انها كالزهرة المفعمة بالرحيق.. وهو كالنحلة التى يتمنى تذوق هذا الرحيق ..
شهقت بقوة وهى تجد ذراعه حول خصرها .. وقبل ان تنطق باى شئ كان يديرها نحوه .. لم يمهلها لحظة للتكلم .. و التقط شفتيها بجوع سرمدى..
ألقاها على السرير .. نظرت بذهول إليه و صدرها يعلو وينخفض من مشاعرها ..

حاولت التحرك لكنه منعها بجسده الذى قيد حركة جسدها .. وأمسك بيديها بقوة يمنعها الحراك
حاولت بشتى الطرق التملص من قبضة يده وجسده .. حتى انها ترجته ببكاء. . لكنه لم يستمع كانت رغبته بها .. قد تعدت كل شى .. لدرجة أصمت أذنيه ..

ابعدته عنها بقوة وهى تحاول أن تدارى جسدها الذى انتهك بانياب ذءب مفترس ..
دفنت وجهها بين يديها وهى تجهش بالبكاء .. تحركت مبتعدة وهى تبحث فى الظلام عن ملابسها .. ارتدت قيصها الأبيض والتنورة..
راقب تحركها وهو يلعن نفسه حاول التكلم بهدوء
" ايملى انا .."
لكنها قاطعته بقوة وصراخ وهى تغلق أزرار قميصها
" اصمت.. فلتذهب إلى الجحيم .. انا أكرهك "
قالتها وخرجت من الغرفة .. تحاول ان تجمع شتات نفسها .. بعد أن انتهك حرمت جسدها ..
خرجت من المصعد .. وهى تبكى وتسبه وتلعنه ومعه نفسها ..

كان هناك توتر عميق ما ان جلست بثينة على تلك الطاولة ولم تستطع أن تخفى ضيقها او قبولها لجلوسها مع تلك المرأة .. لطالما كانت بثينة فاشلة فى إخفاء مشاعرها أمام الآخرين و خصوصا أن كانت تشعر بعدم القبول او الضيق من شخصا ما ..
وتلك المرأة الجالسة قبالتها الآن هى من ضمن الأشخاص الذين لم تستطع إخفاء او حتى تمثيل الراحة والقبول أمامهم ..
بيد حاولت جعلها واثقة أمسكت بفنجان القهوة وارتشفته بهدوء ظاهر .. لكنه يخفى الكثير ..

والمرأة الاخرى تنظر إليها بثقة و ابتسامة ماكرة على ثغرها .. كل هذا جعل بثينة تشعر بعدم الثقة .. والاضطراب ..منذ أن دلفت إلى هذا المطعم .. وهى تشعر بمعدتها التى تتلوى من الخوف لا تعلم سببه .. منذ ان اتصلت بها تلك المرأة التى رأتها سابقا فى تلك الليلة ..
" لقد كنا انا وحسام أكثر من صديقان .. هل أخبرك شئ عنى؟! "
نطقت عزة بنبرة ناعمة بعد صمت طويل استمر بينهما لدقائق
حاولت بثينة تحريك شفتيها لترسم ابتسامة لكنها لم تستطع ..
ونطقت بهمس وكأنها خائفة من الكلام .. مثلما هى خائفة الآن من الجلوس أمامها .. وهى تتساءل فى نفسها .. ما معنى أكثر من صديقان ..
" لا ".

ارتفع حاجبى المرأة بتفكير او ربما استغراب كاذب .. تبعه لوى شفتيها بتهكم .. وقالت
" حقا .. حقا انا مستغربة من هذا! .. الم يخبرك أيضا أننا كنا متزوجان .. وانفصلنا لكى يستطيع الزواج بك "
جمدت بثينة فى مكانها وكان عاصفة قد أصابتها جعلتها متخشبة فى مكانها .. ماذا متزوجان ..
راقبت عزة بانتصار ملامح بثينة الجامدة والمصدومة .. لكنها لم تكتفى بهذا بل تابعت
" وأيضا هو قد عرض على الرجوع له ..".

ظهر الحزن على وجهها واردفت بنبرة خبيثة
" لكنى أخبرته انه متزوج .. ولديه طفلة أيضا .. ولكنه اجابنى بأن الشرع قد حلل له أربعة .. وهو رجل يتمنى أن يجد امرأة بجواره خصيصا عندما ذهبتى مع والدك "
حدقت بها بثينة بذهول .. وهى تؤكد فى نفسها ان المرأة ليست مدعية .. والدليل انها تعرف ما لا يعرفه الأقربون منها .. كيف علمت انها تركته ..
و بآلية وجدت بثينة يدها تمتد ناحية حقيبتها و ابتعدت عن الطاولة بسرعة .. تحت نظرات المرأة الاخرى المنتصرة ..

دلفت إلى المنزل وكأنها عاصفة هوجاء .. وجه محمر غضبا وحزنا وضيقا .. كل مشاعرها كانت هوجاء فى هذا الوقت .. بعد ان استمعت لكلمات تلك الحية الشرانية..
صرخت بجنون وهى تبحث بعيناها عنه .. لقد فاض الأمر بها .. ولم تعد تستطيع التحمل هل فى كل مرة ستكتشف شيئا مختلفا عنه وكأنها لا تعرفه .. انها حقا لا تعرفه .. هى مجرد زوجة بالنسبة له يجدها متى يحتاجها .. ويتلاعب من خلفها بمكر كالثعالب ..
خرجت من الجناح .. وتوجهت نحو الشاطئ للبحث عنه ..

وجدته واقفا قرب الشاطئ ويحمل ميا بين ذراعيه وهى ترتدى ثوب سباحة مكون من قطعتين .. وهو يرتدى بنطالا قصيرا و قميص نصف ازراره مفتوحة ينظر إلى البحر أمامه و ميا تتحرك بسعادة بين يديه ..
تألم قلبها من هذا المنظر .. لقد كانا راءعين .. حسام يعامل صغيرته بكل حب واهتمام .. وهى من أجل هذا تحملت كل شى من أجل طفلتها تحملت كل ما كانت تعرفه سابقا .. تحملت معاملته و قسوته ..
حتى انها تكتمت على الصور التى أرسلت لها سابقا .. لكن ان يتزوج عليها هذا ما لن تتحمله .. ستطلب الطلاق وتأخذ ابنتها وترحل تماما .. فهى لم تعد تطيق اقترابه منها ..

ابنتها الشئ الوحيد الذى جعلها تصبر ..لا تريدها ان تعيش مع عائلة مضطربة او منقسمة .. مثلما هى تربت وعاشت من دون أب ولا ام ..
وهى ستكون بجوار ابنتها ستكون لها الأب والأم طالما والدها لن يفكر غير فى نفسه ..
ابتعد عن الشاطئ والامواج قليلا وأنزل ميا على الرمل ما ان وجد بثينة تقف أمامه ..
حاول عناقها لكنها منعته بذراعيها .. أستغرب فعلتها نظر إليها بحب .. فقابلته هى ببغض وكره ..
" لماذا تفعل بى هذا؟ ".

صرخت به وهى تنظر إليه بشر وغضب
ثم تابعت بجنون وهى تدور فى المكان وشعرها يتطاير حولها بجنون ماثل جنونها
" ما الذى فعلته لك؟! .. ما ذنبى! .. لماذا حظى سىء دائما!..لماذا لم اجد دف من والدى ؟!.. ولا حتى زوجى .. لقد تغاضيت عن أمور كثيرة .. فقط من أجل أن أعيش بسعادة .. كنت أبتسم بينما انا أصرخ ألما .. لماذا لا أجد الاحتواء منك ؟! .."
هز رأسه بعدم فهم وعيناه تضيقان .. لكن كل ما فعله انه حاول الاقتراب منها وضمها .. حتى يهدء من ثورتها تلك لكنها منعته ..

وظلت تبكى بألم و شهقاتها تعلو
" ماذا بك! .. اهداى واخبرينى بما أخطأت به؟! .. هل فعلت شيئا؟!.. "
تهاوت على الأرض .. وهى تبكى وتقول بحشرجة وصوت مبحوح ..
" علاقتك مع تلك المرأة .. أن كنت لا تريدني اخبرنى .. وأقسم إننى ساتركك .. لكن لماذا تصر على ايلامى وطعنى مرة تلو الاخرى .. وفى كل مرة تنغرز بقوة فى صدرى .. لقد تعبت اتمنى أن أعيش سعيدة لمرة واحدة فى حياتى "
جثى بركبته نحوها .. ومال عليها وهو يسألها بحزن
" اى امرأة .. أقسم إننى لم أعرف اى امرأة عليك منذ ان تزوجتك .. "
" ميا ..".

صرخت بها بثينة وهى ترى صغيرتها التى انشغلت عنها تقترب من المياه التى تتلاطم بقوة .. وهى تكاد تأخذها بين امواجها
ركض حسام نحوها بسرعة كبيرة .. يحاول أن يلحق بها قبل ان تدخل إلى أعماق البحر .. وتشتد ثورتها ..
هزت رأسها بجنون وهى تضع يديها على اذنيها و تصرخ والدموع متحجرة فى أعينها ...
وهى ترى الأمواج تسحب كليهما زوجها وابنتها ..

ارجعت اروى راسها للخلف تستند على ظهر الأريكة التى تجلس عليها وقبالتها تجلس ريم عابسة..
كلامها كان شاحبا وصامت .. و يتنهدان بضيق واختناق ..
فقطعت اروى ذلك الصمت وسالتها بهدوء
" ماذا بك؟! .. لماذا انتى صامتة اليوم ؟"
وضعت ريم سليم فى المهد الصغير ما ان نام بين ذراعيها ..
واحتضنت جسدها بذراعيها وعيناها غاءرتان من دموع حبيسة .. وقالت بهمس
" لقد ذكر ليلة أمس انه يريد طفلا ..انه يريد أن يكون له طفل منى "
نظرت لها اروى وقالت بهدوء
" وما المشكلة؟! ".

ردت بخوف وصوت متهدج من الحزن
" المشكلة اننى .. إننى خاءفة .. خائفة من ان يكون العيب منى .. خائفة من الا امنحه ما يريده "
ابتسمت اروى لها .. واقتربت منها وهى تربت على ظهرها
" تفاءلى بالخير ستجديه. . سيرزقك الله بالتأكيد بطفل رائع .. "
ثم تابعت بصرامة
" هيا تحركى يكفيكى جلوسا معى واذهبى إلى زوجك واعدى له طعام شهى. . فأنا من ساقف أمامك ان علمت بتقصيرك معه "
ابتسمت ريم بخفوت رغم حزنها و تحركت مبتعدة عن الكرسى .. ثم مالت نحو المهد وطبعت قبلة طويلة و دافئة على وجنتى الطفل .. ثم تابعتها أخرى على أصابع يده الصغيرة ..

سألت ريم ما ان تذكرت شيئا ما
" والدتك لم أرها اليوم "
" لقد ذهبت لشراء بعض الأشياء .. و الجلوس مع بعض صديقاتها "
ردت اروى بهدوء
و دعتها ريم ثم تركتهما .. سليم نائم .. واروى هائمة بمشاعرها وحيدة ...
وضعت قدم فوق الاخرى .. وهى تشعر بأنها على حافة الاقتراب فى دخول موجة من الاكتئاب .. تشعر بالاختناق .. والضيق والوحدة .. ايام تلو الاخرى تمر وهو لم ياتى .. لقد تعبت .. من الانتظار .. احيانا تضع ألف سبب لغيابه .. واحيانا كثيرة تلعنه وتبكى ألما .. فهو حتى لم يتصل بها مجرد اتصال ..
انها تموت ببط من غيابه .. قلقة وحزينة .. عليه وعلى نفسها ..
وعلى طفلها الذى لم يوضع أول مرة بين يدى والده .. الذى حرم من دف أحضان والده كما حرمت منه هى ..

اعتدل أسامة فى وقفته واتسعت ابتسامته ما ان وجد سيف يخرج من البوابة الكبيرة للمطار .. ويقترب منه بسرور ..
احتضن الصديقان كلا منهما الآخر و أسامة يردد بسعادة
" حمدا لله على سلامتك وعودتك بخير "
أبتسم سيف بهدوء
فاردف أسامة متسائلا
" هل كل شىء بخير "
" اتمنى هذا "
همس بها سيف لنفسه .. ثم تابع بشوق
" هل رأيته "
أبتسم أسامة ونظر إلى صديقه بفخر وقال
" الحقيقة لم أجرؤ على طلب رؤيته وخصوصا أن زوجتك وريم .. تكادان تكونان حارستان له .. لا يقترب منه أحد غيرهما .. بالإضافة إلى أن زوجتك كادت أن تتعلق بعنقى وتقوم بخنقى ما ان راتنى أمامها ولم تجدك .. حقا ما كان يجب ان تتأخر هكذا "
ضحك سيف بقوة على كلام صديقه وقال بشرود
" لم يكن بيدى "
صعدا للسيارة ..فسأله أسامة
" إلى أين؟"
" إلى منزل عمتى أولا ".

اجابه سيف بهدوء وهو يحارب رغبة قوية فى الركض إليهما بدلا من الجلوس هكذا فى السيارة وانتظار إشارات المرور حتى تسير بهما السيارة ..
ترجل من السيارة بثبات ما ان وصل أمام منزل عمته .. وهو يحمد ربه .. على سلامة كلا من زوجته وطفله حتى عودته .. هكذا يستطيع ان يطمئن عليها معه ..
على حسب كلام إحدى حراسه الذين وضعهم من أجل حمايتها فقد قال له انها وحيدة فى المنزل ولا يوجد أحدا ما معها ..

دلف إلى المنزل بسعادة .. يعلم انها ستقيم عليه حربا مسلحة ما أن تراه .. لكنه يدعو ربه إلا تشتد هذه الحرب وتنتهى بعودتها معه ..
صعد إلى غرفتها فلم يجد أحد بها .. لمح المهد الصغير الذى يحتل جزء من الغرفة .. و يوجد على الأرض العاب كثيرة بالإضافة إلى الملابس الصغيرة المتراصة على جانب السرير بتنظيم .. خفق قلبه بشوق من رؤية كل هذه الأشياء
لوى فمه ونزل درجات السلم وهو يبحث عنها لكنه لم يجدها ولم يسمع اى شئ يدل على بقاء أحد بالمنزل .. توجه ناحية حديقة المنزل .. وهو يتخيلها جالسة هناك وبين ذراعيها طفلهما تحتضنه بحب ..

شعر ببعض القلق يتخلل اوصاله .. وهو لا يجد لها اى أثر فى المنزل ..
توجه للناحية الاخرى من المنزل حيث حمام السباحة .. دار بعيناه فى المكان لكنه لم يجدها ..
وما كاد يستدير بجسده عائدا حتى تسمر مكانه وقلبه يكاد يخرج من صدره ..
وهو يرى جسد زوجته عائما فى الماء ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة