رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الرابع
اختك؟
ابتسم آدم وهو يومئ، بدأت اشعر بأنه يستمتع باثارة هذه التساؤلات في عقلي والتلاعب بأفكاري.
اختي ماتت في هذه الغرفة اشار آدم بإصبعه نحو غرفتي ولم تفارقه الابتسامة، هنا بدأت اشك بمدى وعيه.
هي توأمي، توفيت بين تلك الجدران وهي تنادي باسمي ضحك آدم رغم الحزن الظاهر في عينيه، لطالما شعرت بأنها جزء مني وانا لست بجزء منها، عيني الزرقاء هي انا وعيني الخضراء التي تشبه عينيها الخضراوتين هي روحها وكأنني اخذت من جينها ومن روحها. تنهد آدم وهو ينظر من خلالي الى الغرفة وكأنني لستُ موجودة امامه.
رغم موتها الا انني اشعر بها. اشعر بروحها وهنا صفعني آدم بجملة لم اتوقع ان اسمعها.
الايمان بحياة اخرى من بعد الموت، الايمان بالروحانيات وبالارواح هو جرم لا يغتفر، شعرت بالهلع من بعد ما قاله ونظرت حولي وانا خائفة بأن احدهم قد سمعه، رغم غرابة اطواره ورغم تصرفاته الغريبة فلا اريد ان يتم قتل حليفي الوحيد الآن.
ضحك آدم نحن هنا بسبب ما نظنه ونفكر به يا جوهرة، نحن هنا نملك حرية التفكير والتعبير، لا تخافي.
ماذا تقصد؟
دخل آدم الى غرفتي دون أن أأذن له ثم اخذ يتجول في الغرفة وهو يلامس الجدار بأظافره ويغمض عينيه.
ميرنا. كيف حالك؟ سأل آدم وهو مغمض العينين.
هل نحن في مصح عقلي؟
سألت وانا انظره اليه خائفة من تصرفاته الغريبة، ها هو امامي يتحدث مع اخته الميتة التي قد تكون من محض خياله. ماذا ان كنت حقاً مجنونة؟ هل يعقل بأن كل ما حدث لي هو وهم؟ اعدام والدي، خيانة والدتي، قيس. ماذا ان كان كل ذلك محض خيال؟ هل اعاني من الانفصام والهلوسة؟ هل انا وآدم مرضى في مصح؟
التفت إلى آدم ونظر إلى بنظرة ثاقبة نحن في مكان أسوأ، في مكان لن نخرج منه ابداً احياء او اموات.
ضرب آدم الارض بقدمه بقوة وقال دفنوها تحت هذه الارض. لم يدعوها تخرج حتى بعد وفاتها. دمعت عينا آدم واستطعت رؤية الم وحقد في هذه العينين، حقد ولد لهيباً عدوانياً جعلني اتراجع.
مسح آدم دمعته فوراً تباً. ميرنا لا تحب رؤية دموعي ابتسم آدم مجدداً.
ماذا فعلوا بها؟ سألت وانا لا اصدق ما يحدث، هل هذا سجن؟ ولكن منذ متى يسجن الحراس الناس، كان الاعدام دوماً العقاب الوحيد لكل من يخترق قواعد الكون، ولم اسمع يوماً بمكان كهذا.
لم يفعلوا بها شيئاً. ولكن تعجبوا من روح اختي المرحة وايجابيتها وايمانها القوي بالروحانية وبالطاقة الايجابية، بالجنة ما بعد الموت. بتلاقي الارواح. فراقبوها بصمت، ووضعوها في هذه الغرفة لاشهر طويلة مغلقين الباب، ارادوا رؤية روحها ان كانت ستذبل ام لا، كنت استطيع زيارتها في البدء والتحدث معها من وراء الباب ولكن سرعان ما منعوها عني، وضعوني في غرفة ووضعوها في غرفة ليراقبان ما سنفعله، بعد ايام طويلة دون التحدث مع انسان، دون رؤية الشمس، دون سماع اي صوت، وضعوا لها سكيناً ليروا الى متى ستبقى عاقلة، تركوها في هذه الغرفة لوحدها، دون شيء، دون كتاب تقرأه، دون شيء، ليسلبها هذا السكون الحياة شيئاً فشيئاً، وفي يوم ما قررت اختي الاستسلام وطعنت نفسها بالسكين، هذا المكان هو الجحيم بعينه جوهرة، وضعوننا هنا ليختبروا انسانيتنا. مشاعرنا، ايماننا، اوهامنا، هم هنا ليدرسوا لم نحن بين الجميع نتبع مشاعرنا ورفضنا اتباع الكتاب الكوني. حتى الآن هم يراقبونني. ويراقبونك، لعلهم يدونون الملاحظات الآن. لم يزور آدم هذه الغرفة كل يوم؟ لم جوهرة سمحت له بالدخول؟ لم آدم وجوهرة يتحدثان؟،.
شعرت بالدوار شاعرة بالصدمة مما قاله ولم تستطع قدماي حملي فجلست على حافة السرير، اخرج آدم مكعب الروبيك وبدأ يحرك الاجزاء.
لن يستطيعوا اختراق عقلي كما اخترقوا عقلها، وكلما زارتني تلك الاصوات التي زارتها وحثتها على فعل ما فعلته، اخرجت هذا المكعب، فالعقل يا جوهرة هو سلاحنا، هم يريدون عقولنا، لا تسمحي لهم بالولوج الى عقلك.
هل يريدون حبسي ايضاً؟
سألت هامسة خائفة ونظر إلى آدم مبتسماً.
عديني اننا سنبقى حليفين، اصدقاء،
نظرت اليه وما نفع ذلك ان كنا سجناء ولا حول لنا ولا قوة.
اقترب آدم سأذكرك دوماً وستذكرينني دوماً، سأبقيك عاقلة وسأمنعك من فقد الامل وستفعلين ذات الشيء لي.
لم انا؟
لأن اختي اصبحت جزءاً منكِ ايضاً، استطعت الشعور بها عندما رأيتكِ
تباً حليفي الوحيد مجنون.