قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثاني

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثاني

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل الثاني

جوهرة صوت والدتي الناعم الدافئ ايقظني لأفتح عيناي وأراها جالسة بجانبي، بشعرها الجميل الكثيف الذي يلمع تحت اشعة الشمس التي تلامس اطراف وجهها.

نظرتُ نحوها وكم شعرتُ بالاشتياق لها، ولضحكتها، ولحضنها الدافئ ولكن تذكرت فوراً، وهجمت على اللقطات المخيفة، والدتي التي ظننت بأنها ماتت، التي تركتني ابكي ليال طويلة على فقدانها، التي تعمل جاسوسة لدى الحرس، التي خدعت والدي وخدعتني. هذه ليست والدتي بل وحش بقناع انسان. هلعت فلم أردها ان تلمسني، او تنظر إلي. حاولت التحرك ولكن يداي مقيدتان بالسرير، لاحظت والدتي انفعالي وابتسمت ابتسامة باردة. ثم وقفت وغادرت الغرفة، الممرضة حاولت تهدئة جسدي الذي لم يتوقف عن الحركة ورأيت نظرات الصدمة في عينيها، نظرت اليها بتساؤل.

الممرضة ابتسمت وحقنتني بحقنة اخرى لا اعرف مادتها. جسدي هدأ وشعرتُ بتخدر اطرافي. بعدها لم أر احداً لمدة اربعة عشر يوماً، كنت اعد الايام كل ما صحوت ونظرت الى ضوء الشمس او نور القمر، ولربما بقيت لاكثر من اسبوعين، لكن كانت تلك الايام ثقيلة وطويلة، لا يحدثني احد ولا يجيب على اسئلتي احد، الممرضة تكتفي بابتساماتها المزيفة والطبيب تجاهلني وكأنه ميكانيكي يصلح آلة بلا مشاعر، اين قيس؟ تساءلت وانا اناديه بلهفة، قيس الذي لطالما كان يساندني في مثل هذه الاوقات، قيس الذي وعدني بأنه لن يتركني للحظة، اين قيس؟ هل جننت؟ هل كان كل ما حدث محض خيال؟

في ليلة منتصف الشهر، كانت ليلة باردة جداً وادركت بأنه فصل الشتاء، اردت الخروج، اردت الخروج من هذه الغرفة، ودون ان اتحكم بمشاعري او جسدي، شعرتُ بهلع مفاجئ يتحكم بجسدي، اردت الخروج، اريد الخروج من هنا، اريد الخروج، شعرت وكأن الغرفة قد ضاقت جدرانها وستسحقني هذه الجدران ان لم اخرج، ثقل الهواء الذي استقر فوق صدري آلمني، اريد الخروج، جاولت التحرر من القيود وتحركت ورجف جسدي وصرخت بأعلى صوتي اخرجووووني او اقتلووووني، اخرجووووني او اقتلووووني صرخت وشددت يدي محاولة الهروب من القيود حتى جرحت يداي ليسيل الدماء منهما. فُتح الباب فإذا بقيس. بثيابه العسكرية، شعره الكثيف، لحيته التي تغطي وجهه، عيناه العسليتيين الكبيرتين. يدخل الغرفة ويغلق الباب. ركض قيس باتجاهي.

اهدئي، اهدئي همس قيس وهو ينظر إلى وقد اصبح سريري يهتز من ارتجاف جسدي، قطع قيس القيود ثم ساعدني على الجلوس، وضع ذراعيه حولي ومسح رأسي بيده اهدئي، انتي بخير، انتي بخير قالها قيس هامساً، هدأ جسدي الذي شعر بالأمان للحظة، دمعت عيناي وانا اتمسك بقيس بيدي حتى كادت اظافري ان تغرس في ذراعيه.
اريد الخروج قبل قيس رأسي ثم اخرج حقنة من جيبه.
لا تنفعلي. الانفعال يضركِ؟ شعرت بوخز الحقنة في ذراعي.

اخبرني ماذا حدث؟ اليس من المفترض اننا هربنا من هذا العالم؟ لماذا ترتدي هذه الثياب؟ لماذا انا هنا؟ رفعت ناظري لارى قيس الذي لوهلة ينظر إلى بالعينين اللتين اشتقت لهما.
لقد تم وضعي هنا لحراستك وقد اخبرونني بأنك تكنين لي عاطفة خاصة. لكن لا املك الاجوبة التي تظنين بانني املكها.
صدمني جواب قيس.
هل انت قيس؟ سألته خائفة، شعرت بأنني قد فقدتُ عقلي.
نعم
اخبرني عن طفولتك، عن والدك ووالدتك.

رأيتُ نظرة الصدمة في عيني قيس، ما الذي حدث؟ الا يتذكر اخباره لي بهذه الأمور؟
هذه امور خاصة لا احب التحدث فيها قالها بنبرة جافة وابعدني عنه ثم احضر قماشاً من المنضدة ليغطي يداي المجروحتين.
اين بدر؟
سألته وانا ابدأ بالشعور بالخمول، لعله مفعول المخدر، لم يجبني قيس بل دفعني برفق لاستلقي مجدداً وعندما اراد الابتعاد تمسٌكت بياقته ونظرتُ في عينيه.

اين قيس؟ سألته وانا بدأت اشكك في عيني، هذا الشاب يملك وجه قيس، وعيناه ولكن لم يتصرف وكأنه لا يعرفني. شعر قيس بالارتباك ثم ابعد يدي عن ياقته، وبدأت انفاسه تتسارع ثم اتجه نحو الباب ولكن توقف للحظات والتفت نحوي.
هل كنا عشّاق؟ سألها بنبرة هافتة تحمل الخوف والخجل. نظر إلى قيس ثم خرج من الغرفة فوراً وكأنه ندم على هذا السؤال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة