قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية على الرقاب قدر نافذ للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

الرحيل الذي نجبر عليه يكون رحيلا ماديا أما الأرواح فتبقى عالقة بالمكان، عالقة باللحظة، البدايات الجديدة تستند على عكاز الماضي مهما بدت يافعة وبقدرتها التقدم بلامبالاة، والذكريات التي تشيخ في القلب كعجوز عزيزة تتغلب دائما على المنطقية فحين نرحل على حنين قلوبنا تكون محملة بأشجان لاقِبل للبدايات بها.

هذا اليوم ماطر آخر لكنه هاديء جدا، مطره خفيف ينشر دفء من نوع ما، هذا اليوم يشبه تماما ذلك اليوم الذي اختفت فيه (شذا )، في الواقع كل شيء أصبح يربط (مهران )ب(شذا )، جلس يرتشف قهوته بالمطبخ باكرا وقد أعدها لنفسه وأشعل سيجارته وراح يفكر في كل الأحداث منذ عودته، الفكرة الوحيدة التي كانت ترهقه تعامله مع( بدارة ) إنه قطعيا لايشعر بانجذاب حتى نحوها، لا يستطيع منحها شيء لاحبه ولاقربه ولا أي عاطفة كانت تتعدى الواجب وهذا يجعله يظلمها وخاصة أنها تحبه كثيرا..

عاوده الصداع من جديد فأمسك بيده رأسه وأخذ يئن بألم كانت رؤيته مشوشة وبدأ نزيف أنفه، سحب منديلا من العلبة وهو يدفع فنجاله جانبا ثم استقام يحاول تثبيت خطواته وجسده يترنح بسبب الدوار..
دخل غرفته وأنارها ثم بدأ يبحث عن دوائه الذي يساعده على تسكين هذا الألم، استيقظت (بدارة) إثر دخوله الغرفة وفزعت من منظر الدماء مرة أخرى فقالت:
فيك ايه ياسي مهران، يالهوي النزيف عاودلك من تاني!

أمسكته من يده وساعدته على الجلوس طرف السرير وقد قال بصوت متقطع:
الدوا، دوري اهناك، عجلي نفوخي عيتفجر.
أشار لها نحو الخزانة فاتجهت تبحث عنه إلى أن وجدته فناولته حبة منه وكأس ماء ثم أتته بمنديل مبلل وبدأت تمسح دمائه حتى توقفت.
تمدد بجذعه على السرير وهو يمسك برأسه و(بدارة) بجانبه مرتبكة لاتدري ماتفعل لمساعدته، مضى القليل من الوقت حتى هدأ الصداع وهدأت أنفاسه المتضاربة، اعتدل جالسا وقال:.

جلجت نومتك اعذريني، لكن الدوا ده بيخفف عني الوجع لمن يشتد غير كدا ماكنتش جلجتك اكده، آسف، ارجعي نامي.
واستقام فاعترضت طريقه وقالت:
خليك!
كانت تحدق في عينيه بحب ووله وكان يحدق في عينيها الدامعتين بقلة حيلة، أمسكت يده وهي تقترب منه فأزاح يده من يدها وحاول التقدم فوضعت يديها الاثنتين تحد تقدمه إلى الخارج وهي تقول:.

ماتعاملينش بجفى أحب على يدك، خابرة ان جوازنا كان بسبب اللي عيعملوه فيا أهلي لكن دا جدرنا، بجينا تحت سجف واحد بجيت مرتك ومتسمية على اسمك ويشهد الله إني حبيتك ومعاوزاش في الدنيا ديه غير رضاك عني، ماطالباشي حاجة منيك، حتى لو مش بتحبني دلوك هياجي يوم وعتحبني بس افت...
أنا عشجان!
قالها (مهران) فطالعته (بدارة )بصدمة وعدم فهم فأردف وقد أمسك يدها وأجلسها طرف السرير وجلس بجانبها يمسك بكلتيا يديها بين يديه:.

الجواز ديه كانت ظلم لينا إحنا التنين، أيوه أنا عشجان وجلبي مش ملكي ولا جادر أرجعه ليا،
أنا بحبها جوي ومش بفكر غير فيها، حبها زي اللعنة على جلبي وعليّ، متملكاني وماعرفشي آخرة الحكاية دي إيه، ماجدرش أوعدك بحاجة دلوك أنا محتاج شوية وجت لحدن ما اوالفك، عتجدري تتحمليني يابدارة؟
اجهشت بالبكاء فضمها إليه فقالت:
أول مرة تنادي باسمي.
فأخذ يردد:
-سامحيني، سامحيني يابنت الأصول!

فتمددا سويا جنبا إلى جنبا وهو يحتضنها ويبكيان قلبيهما اللذان استحوذ عليهما عشق لاسلطان لهما عليه.

انتصف النهار الرمادي فاستقبل الحج (عسران) الشيخ (وهدان )في بيته، فجلس الشيخ بالمندرة كما يطلقون عليها وأخذ يقرأ الرقية الشرعية بصوت مرتفع يملأ البيت بكله، وقتذاك كانت( ثريا )تبحث عن( مهران )الذي لم تجده في غرفته التي كان يقيم فيها بعيدا عن( بدارة )، اتجهت نحو غرفة (بدارة) وفتحت الباب دون أن تستأذن وهي تقول:
لسه نايمة ياضنايا؟

فعادت لتغلق الباب بسرعة بعد أن تململا مكانها على صوتها فابتسمت وهي تردد:
-الحمد لله شكله عجل وعينه منيها.
أما (مهران) و(بدارة) فاستفاقا وجها لوجها لم يتحركا بل واصلا في التحديق ببعضهما فقال:
صباح الخير ياست البنات.
فقالت:
ماعايزاشي أكون حبيبتك، يكفيني نكون صحاب أنا وإنت ومتخابيش عليا حاجة، نجدر نكونوا اكداه؟
فابتسم وقال:
وه، وانا أطول أبجى صديج جمر زييكي.
فقفزت جالسة وضحكتها تزين وجهها وقالت:.

شايفني جمر صوح ياسي مهران، حتى بعد ماشعري ابيّض.
فقال وهو يقبلها على جبينها:
الشعر الأبيض نورك وزادك زين ياست البنات.
ابتسمت بخجل فاستقام مغادرا فالحقت به مهرولة وامسكت بيده وقالت برجاء:
مش عايزة نبجى كيف الغرب كل حد منينا فى أوضة ابجى معايا والنبي.
فأومأ برأسه وهو يربت على خدها وما ان فتح الباب حتى وجد والدته تقف خلفه فطالعها وهو يرفع حاجبه وألقى عليها تحية الصباح فقالت مرتبكة:.

أبوك الحاج تحت مع الشيخ وهدان ورايدكم تنزلوا كلياتكم لتحت، وانتي كومان يابتي اتستري وانزلي.
انصرفت( ثريا )فضحك( مهران) على تصرفها وهو يضرب كفا على كف.

حالة الضياع التي وصلت إليها( نوار )كانت تنعكس على تصرفاتها ومزاجها حتى أن( زبيدة )لاحظت تغيرها وطبعها الذي بدأ يميل إلى الحدة فكانت كلما تحاول التودد إليها تعنفها (نوار) وتخرج من البيت إلى الحقل الكبير تتجول قليلا على أمل لقاء( راجي) صدفة، هناك شيء قوي بداخلها يجعلها تصدق أنه تخلى عنها بعد ماحدث بينهما وقد أدركت كم كانت غبية حين وثقت في شخص لا تعرف عنه سوى إسمه فتجلس تدس وجهها داخل وشاحها وتبكي حتى تحمر وجنتاها وترتفع حرارتها فيتقلص شعورها ببرودة الجو التي تلفح وجهها ثم تعود أدراجها إلى بيتها وتنكمش داخل سريرها مكتئبة قليلة الكلام، قليلة النوم قليلة الأكل حتى ظهر عليها شحوب المرض، انقضى أكثر من أسبوع على حالها ذاك فلم تستطع( زبيدة )أن تسكت عنها فاقتربت منها وكانت (نوار) لاتزال قابعة في فراشها وقالت:.

حالك مش عجبني يانوار، فيكي إيه يابتي؟
فردت (نوار) باقتضاب:
زين ياماي ماتجلجيش عليا.
أمسكت (زبيدة )بيد ابنتها وقالت:
كيف ماجلجش وانتي لابجيتي تاكلي ولا تتحدتي ولا تروحي لبيت خالك كيف سابج، لتكونيش مكسورة من جوازة مهران من بت الجبايلة؟ شوفي يمي...
قاطعتها( نوار )قائلة وهي تستقيم وقد تناولت معطفها وشالها الوثير:.

ماهمنيش في مهران ولا بدارة، يتهنوا ببعضيهم أنا مخنوجة من كل حاجة، حاسة الدوار كله طابج على نفسي، همليني ياماي الله يباركلك.
وهمت خارجة فاستوقفتها (زبيدة )متسائلة:
على فين العزم يابت عباس؟
التفتت نحوها نوار وابتسمت نصف ابتسامة وقالت:
على جدري.
غادرت( نوار )و(زبيدة) تحدق في طيفها ثم وضعت خمارها على رأسها وشدت معطفها وهي تردد:.

منا لازمن أعرف جرارك يابت عباس كنه وراكي موال ولازمن أعرفه، أما نشوف الخنجة دي من ايه عاد.
كانت (نوار) تسير في طريقها إلى الكوخ الذي أخذها إليه( راجي) تلك الليلة و(زبيدة) في أثرها وحين اقتربت انتفضت إثر يد تسحبها فوجدته( راجي) فدفعته بكلتا يديها بقوة وهي تقول:
عملت فيا اللي عملتو وهملتني ياخاطي وانا اللي عشجتك وأمنلتك، حرام عليك عملتك إيه أنى؟

مسك معصميها بقوة ثم جرها نحو الكوخ بينما كانت (زبيدة) مذهولة مما رأته فضربت على صدرها عدة مرات وهي تردد:
-راجي، مع بتي! ولد عوالي.
ثم لحقت بهما بسرعة نحو ذاك الكوخ ووقفت تتلصص عليهما من فتحة النافذة المكسورة.
كان( راجي) يحتضن( نوار) بقوة وهي تقاومه وتبكي وتردد:
وخر عني، ماعدشي تجرب مني، كرهانتك وروحي مش مسامحاك لو عملت ايه..
فقال:.

أنا مهملتكيش ياجطعة من جلبي، يمين الله ماهملتك، كنت بموت وأنا بعيد عنك كنت مجبور أسافر ومالحجتش أجولك كنت فاكر هعاود بسرعة بس الموضوع طول، وهيه رجعتي من اهناك جيت فز عنديكي.
فقالت وقد توقفت عن مقاومته:
مسافر فين؟، كيف ماجدرتش تجولي، ماأنا كنت راجدة جنبيك، انت هملتني مش فاهمة حاجة كيف البت اللي مش زينة، جضيت معاها وجت وسيبتها موطرحها ومشيت، تفهمني ايه برجعتك؟
فقال وهو يحتضن وجهها:.

إنتي بجيتي مرتي يانوار، ملكي، مني، حد يفرط في حاجته يابت الناس؟! أنا ماحلتيش غير المخروبة دي ودي مش من مجامك، أنا رايد أجيبلك بيت كيف البنات، عندنا أرض كنا بنسترزج منها أنا وأمي الله يرحمها وبعد ما ماتت هملتها ولما لجيتك جلت بجى ليها عازة، رحت بعتها وجبت فلوسها..
أخرج من جيبه كيسا به ملغا كبيرا من المال ووضعه بين يديها وأردف:.

لجيت بيتين للبيع عنروح انا وانتي واختاري اللي يعجبك وعتفرشيه كيف مايعجبك هيبجى مملكتك وانتي ملكتي، يابوووي.
فعانقته وهي تقول:
وحشتني ياراجي كنت هموت من غيرك ماتعملشي فيا اكده تاني.
بينما (زبيدة )مذهولة تراقبهما كانا لايشعران بشيء آخر غير الحب الذي يلهب قلبيهما، كان (راجي) يحب( نوار) كثيرا أو بالأحرى مسحورا بها بينما هي تحبه بصدق وقد رمت بكل الاعتبارات عرض الحائط في سبيل حبها.

عادت( زبيدة) إلى دارها بخطى متثاقلة وقلبها يخفق بسرعة كأنها تركض هربا من أفكارها جلست على الأرض تلطم رأسها وتردد:
- يافضيحتك يازبيدة، يافضيحتك بين الخلج.
بقيت على حالها تولول و تلعن( نوار )لبعض الوقت ثم استجمعت نفسها وخرجت قاصدة بيت( عوالي) والشياطين تتقافز حولها وصلت إلى هناك وقرعت الباب بقوة ففتح لها ( راجي) وهو يقول:
حيلك ياللي بتخبط ماحناش بجفى الباب.

وما ان فتح حتى انقضت عليه تمسك بعنقه وهي تقول بينما يحاول تخليص نفسه من بين يديها:
مالجيتشي فى عرض البلد كولاتها غير بتي ياكلب تلعب بيها هجتلك وأبرد ناري.
قال من بين أنفاسه:
وخري ياولية عتموتيني!
قالت بغضب:
الموت جليل فيك ياجليل المُروة، فاكر بعد عملتك السودا هتنفد مني اياك.

ظهرت( عوالي) على صوتهما وهي تهرول فحاولت دفع (زبيدة) القابضة على رقبة (راجي) الذي احمر وجهه وبدأ في الاختناق، نجحت في ابعادها عنه فانحنى يلتقط أنفاسه وهو يسعل، استدارت نحو (زبيدة )وصفعتها بقوة وهي تقول:
جنيتي ياحرمة جاية داري ومتهجمة على ولدي كيف البومة جرا لمخك حاجة ولا إيه؟
اشارت (زبيدة) إلى (راجي) وهي تقول:.

اسألي ولدك عمل ايه في بتي، ولدك داس على شرف بتي ياست عوالي بجى دي آخرتها، انا وبتي عملنالكم ايه عشان تأذونا..
وزعت( عوالي) نظرها بين( زبيدة وراجي) وقالت بعدم استيعاب:
-بتك نوار؟، مع ولدي؟ مع راجي؟بتخرفي وعتجولى إيه ياحرمة، ماتنطج ياراجي، المرة دي بتجول ايه فى يومك المطين انت وهي.
وقف( راجي) يلهث ويستند بيده على الحائط وقال:.

أنا بعشج نوار وهي بجت مرتي ولو رايدة فرح هعملها إنما أسيبها ماتحلميشي، نوار ملكي محدش يجدر ياخدها مني..
صفعته والدته بقوة وهي تقول:
-مرتك كيف يازفت الطين؟ عملت في البت إيه ياناجص؟
ليقول بغضب:
أنا دخلت عليها عشان بحبها مش عشان العب بيها كيف مابتجولو وعتجوزها محدش ياجدر يمنعني..
هم ليخرج فأمسكت به كل من هما من ذراع ودفعاه للخلف حتى ارتطم بالجدار، رفعت (عوالي) يدها لتبعد (زبيدة ) والتفتت نحوه قائلة:.

عتتجوزها كيف، كنك نسيت إنت إيه، تحب أفكرك ياراجي بيه!
قال(راجى)بقوة:
أنا كنت كيف سابج بسببك إنتي، وبسبب النسوان اللي كيف العجربة دي ماعيحبوش غير الشر، حب نوار خلاني أفتح عيني على الحجيجة، من النهاردة ماليش صالح بيكم ولا بشغلاناتكم ومحدش يجرب مني ومن نوار هنبعد من اهنا، هنبعد عن شركم.
فقالت (زبيدة )بغضب:
نجوم السما أجربلك من بتي ياناجص.
فقال مهددا:.

جربوا اكده اوجفوا جصادي وعفضحكم جدام خلج ربنا واجول للعمدة على كل حاجة بتعملوها
هو اكداه ياموت وخراب ديار، يانوار.
تركهما مذهولتان وخرج غاضبا لايرى أمامه، جلست (زبيدة) على الكرسي وهي تضع كلتا يديها على راسها قائلة:
هتك عرض بتي، ولدك مرمغ راسي في الوحل.
ثم انتفضت فجأة واقتربت من (عوالي) قائلة:
لتكوني عملتي عمل لبتي عشان تحب ولدك، يمين بالله لو عملتيها لجتلك واحرج عفاريتك جواتك.

دفعتها( عوالي) لتجلس وقالت:
طول عمري بجول عليكي هبلة، اعمل ببتك ايه عاد، اسمعيني زين احبسي بتك او هربيها من اهنا ماليش صالح المهم اخفيها لو عرفوا اهل البلد اللي بنعملوا هيجتلونا لازمن نتصرف جوام.
فقالت (زبيدة)وهي تلطم:
وينفعني بايه تهريبها، ولدك بيجول مرتي يعني بتي ماعدتشي تنفع حد ياختيييي.
قالت(عوالى)بنفاذ صبر:.

وجفي ولولة يابعيدة واسمعيني، ماتخافيش هنرجعها صاغ سليم كيف لول، اعرف داية زينة كنت ببعت ليها البنات المتنيلات ترجعهم كيف سابج وبيتشكروا فيها جوي، مش عنغلب المهم اخفيها والباجي عندي.
فقالت (زبيدة ):
ماتعمليلو عمل تصرفيه عنها.
قالت بحسرة:
ماجدرش، متحصن مني لانه ولدي عملي ماعينفعش معاه.

خرجت (زبيدة )تجر قدماها الواهنتان إلى دارها بقلة حيلة وحين وصلت وجدت( نوار) تقف في المطبخ تعد العشاء فجلست تطالعها بينما الأخرى منهمكة في حشو الحمامتين بين يديها فالتفتت وقد انتبهت إلى وجود والدتها فقالت:
إنتي جيتي ياأماي، جلت اعمل حمام محشي جيه على بالي.
قالت( زبيدة) وهي تستقيم:
شايفة رجعت فيك الروح وبجيتي مروجة على الاخر.
قالت:
الحمد لله ياماي بجيت زينة.
فأردفت( زبيدة):.

لمن شفتك متضايجة جلت أبعتك لعمتك فى الاجصر تروحي تغيري جو كلمتها وهي مستنياكي هكلم خالك يخلي كامل يوصلك.
تركت( نوار )مابيدها واقتربت من امها ممتعضة وقالت:
لاه مارايداش اروح لعمتي، جوزها دمه تاجيل ومالياش صحبة مع بناتها، لاه ماريحاشي موكان انا بجيت زينه اهه.
حدجتها بنظرات غاضبة ثم قالت:
جصري يابت عباس جولتلك عتسافري مابعدشي تاني، مات الحديت وياكي، اجهزي.

غادرت (زبيدة) متجهة نحو بيت أخيها تاركة( نوار) واقفة مكانها كأن على راسها الطير لاتستوعب ماطلبته والدتها توا.

كما توقع الشيخ (وهدان) مع أول تلاوته ظهرت علامات السحر على أهل البيت فتوقف عن التلاوة والتفت نحو الحاج (عسران) وقال:
اتوقعت اكده، السحر صايب أهل بيتك كلاتهم ياحاج عسران.
فقال (عسران):
لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، والعمل ياشيخنا؟
فقال الشيخ وعلى وجهه ابتسامة بشوشة:
القرب من ربنا ياحاج عسران، بس لازمن تعزلوا من البيت فترة عشان لازمن يترقي وانتم كمان.
وأردف:.

تعرف ياحاج عسران! عشانك وأهل بيتك مواضبين على الصلاة والذكر كان خفيف عليكم،
شفتوا رحمة ربنا بعبده الجريب منه؟ عشان اكدا بجولكم خليكم جريبين من ربنا وداوموا ع الذكر والتلاوة وشغلوا سورة البقرة دايما..
سورة البقرة فيها إعداز وشفى ماوصلوش العلم ولا الطب لو شغلتوها يوم هتطرد الشياطين لتلات ايام بحالهم، صلوا على النبي كومان، صلوا عليه صلاة تنفرج بها الكرب وتنحل بها العقد عليه افضل الصلاه والسلام..

ههملكم دلوك ولمن تعزلوا ارجع أرجي البيت أنا أو الشيخ عبد الرحمن وانتم خليكم على الرجية الشرعية، ربنا يرفع عنكم ابتلاءه، السلام عليكم.
خرج الشيخ بعد أن ودعه الجميع رفقة( كامل) ليوصله إلى المسجد بينما جلس الحاج( عسران) مثقلا بالهم حامدا شاكرا على قضاء الله في أمره ثم قال:
نعزل نروح فين والدنيا ساجعة اكدة؟
فقال( مهران):.

نروح المدينة يابوي، نروح بيتنا اللي جنب الاوتيل واكده نكون جريبين على شغلنا اللى هملناه بجالنا شهر.
فقال الحاج( عسران) يخاطب زوجته:
إيه جولك ياحاجة؟
فقالت( ثريا ):
الجول جولك ياحاج انا يهمني تبجو كلاتكم بخير وصحه وسلامه اهنا ولا اهناك مافرجاشي دامنا متجمعين.
فقال الحج (عسران) وهو يقف:.

على بركة الله، البيت اللي اهناك مفروش وجاهز عنروح المسا، جهزوا لبسكم وكافي اللي نعوزه نجيبه من اهناك، وباذن الله ماعنجعدشي اهناك كتير ونعاود دارنا.
وقتذاك دخلت (زبيدة) فقال (عسران):
بت حلال يازبيدة جيتي فى وجتك، هنعزلوا لبيت المدينة جهزي نفسك عنطلعوا المسا ماتكتريش اغراض اللي تعوزيه نجبهولك من اهناك.
هزت( زبيدة )رأسها وقد اكتسحتها برودة جعلتها كتلة متجمدة بدون روح.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة