رواية عشقها أحياني الجزء الثاني للكاتبة إسراء علي الفصل الثاني والثلاثون
مُنذ أن عرفتك وأنا أجد سببًا لإستيقاظ كل يوم، لمواجهه الحياه، للرقص، للإرتشاف القهوة، للضحك. للكثير من الضحك، والسعادة الحقيقية...
-عجبك المكان
-وضعت قطعة الجُبن في فاها وقالت: جدًا المكان تحفة. عرفته منين؟
-إبتسم وقال: دا سر هبقى أقولك بعدين
ضيقت عيناها غيظًا ولم ترد عليه. ليضحك هو على حوريته. ظل يُراقبها وهي تأكل حتى وضعت الملعقة وقالت ب توتر و خجل
-وبعدين بقى! متبصليش كدا و كُل.
-إستند بيده على الطاولة وبرأسه عليها: طب أكليني
كانت ترتشف من كوب الماء وما أن سمعته حتى بصقته في وجهه. لينتفض هو فزعًا قائلًا ب سخرية
-جرى إيه يا بسنت هو أنا قولتلك قومي بوسيني! دا حيالله أكل. حسبي الله.
ثم جذب المنشفة وأخذ يُزيل قطرات الماء التي تناثرت عليه. بينما هي ترمقه ب حدة قبل أن تقول
-بقولك إيه يا صابر إصطبح و قول يا صبح. ماشي؟
-نظر لها شزرًا وقال ب ضيق: أنا غلطان لأهلك إني بجيبك أماكن نضيفة أخرك ب ملافظك دي أي عربية فول ع الشارع
-زمجرت ب صوت منخفض: صاااابر!
-أشاح بيده في وجهها وقال: أهيه هتتحول. كُلي يا بسنت عشان مخليش نهارك زي وشك السِمح دا
-قالت ب صوت خفيض: قبر يلم
أكمل كِلاهما الفطور دون حديث. وبسنت ترمقه بين فِنية وأخرى لتجده عابث الوجه. تأففت ب ضيق ثم إنتقلت من مقعدها إلى جانبه وأمسكت شوكتها وقربتها من فمه.
ذُهل هو من فِعلتها الجريئة وما أن رفع عيناه لها حتى أهلكته تلك الحُمرة. ليجد نفسه يفتح فاه مسلوب الإرادة. لتبتسم هي ب نعومة قائلة
-بالهنا.
-رفع أحد حاجبيه وقال ب تعجب: أهو أنتي ينطبق عليكي كل دقيقة شخصية
-لترد هي ب ضيق مُصطنع: يعني مش عاجبك؟
وكانت أن تنهض إلا أنه أمسك يدها وأجلسها ثم قال ب مرح
-أنتي بتقفشي بسرعة ليه؟ أحنا بس بنضحكوا معاكي
-رخم.
-غمزها ب عبث وقال: منا عارف و ع قلبك زي العسل مش محتاجة تخبي
لم تستطع كتم ضحكاتها لتضحك ويشاركها هو شاردًا في ملامحها البريئة. توقفت لينظر لها وقال ب هيام
-هو أنا قولتلك إني بحبك!
صمتت خجلًا ثم أغمضت عيناها. ليُمسك يدها قائلًا ب نبرة عذبة
-طب أنا بحبك و بموت فيكي ومقدرش أعيش لحظة من غيرك. أنا رجعت للحياه تاني لما قابلتك.
لم تستطه الرد عليه. بالأحرى خانها لسانها وكذلك جسدها الذي سرى به رعشة وصلت إليه جعلت قلبه يخفق ب جنون. إقترب منها ثم همس في أُذنها
-وحياه رعشة إيدك دي ف إيديا أنا مش هسيبك وهحميكي يا بسنت قلبي. يا حورية خطفت قلبي
ثم قبّل وجنتها ب رقة وحب. لم يستطع الإبتعاد عندما شعر بتلك السخونة التي تضرب شفتاه. تلك الحرارة المُنبعثة من وجنتها كانت كفيلة ب جعل قلبه ك المطرقة بين أضلعه. سمع همسها المُتلعثم.
-ص. صا. بر. مم. ممكن تبعد
إبتعد ولا يعلم أي قوى أمتلكها لكي يبتعد. حدق في قدحي القهوة مُطولًا دون حديث. يشعر وكأن المكان خلى من الجميع عدا منهما. لم يترك يدها ولم يحيد ب نظره عنها. شعر كم الحب الهائل الذي يكنه لها ولو أطلق سراحه لعانت منه الويلات...
-روجيدا ممكن تبطلي عياط بقى
قالها جاسر ب ضيق من كثرة بكاء زوجته. ليتفاجئ بها تُحدثه ب غضب
-وأنت عاوزني أعمل إيه وأنا بحس إنك بتودعني! أقوم أغني مثلًا
-إعتدل في جلسته وقال ب هدوء: مين قال إني بودعك! أنا بس بوصيكي يا حبيبتي مش أكتر. وبعدين كنت عاوز أقولهم من زمان وجه الوقت المناسب أقولهم ف قولتهم
-جلست هي الأخرى تسأله ب نبرة طفولية: يعني مفيش حاجة؟
-جذب الغطاء على جسدها وقال: لأ إن شاء الله مفيش.
ثم مال يُزيل عبراتها ب شفتيه عن وجنتها. ليلمح تلك القطرة التي علقت على طرف شفاها السُفلى. ف إقترب يُزيلها ب نعومة و رفق. إبتعد عنها وقال ب حب
-دموعك دي غالية عليا أوي متخليهاش تنزل. متبقيش ضعيفة عشاني. أنا بطلب منك طلب ليا
-وضعت رأسها على صدره المُعضل وقالت ب إبتسامة: هبقى أقوى عشانك. عشان خاطرك أنت بس.
حاوطها بقوة وإستند ب ذقنه على رأسها وأغمض عيناه يستمتع ب ذلك القُرب. إلتفت ليلمح ذلك المسبح المُرافق لتلك الغرفة خارج القصر والتي يختص بها حينما يتدرب. ليهمس في أُذنها ب عبث
-ماتيجي ننزل حمام السباحة!
بعد الإنتهاء من إجراءات الخروج من الفندق قال مراد وهو يُمسك كف زوجته
-يلا نمشي!
-إبتسمت وقالت: يلا
شعر ب السعادة تغمره عندما إستعادت قُدرتها على الحديث حتى وإن كانت تتكلم بضع كلمات مُقتضبة ولكنه سعيد فقط من أجلها. سارا ب هدوء وقال وهو يفتح لها باب السيارة
-إتفضلي
دلفت وإستدار هو إلى مقعده أخرج نظارته الشمسية وإرتداها وإنطلق ب السيارة. تحدث ونظراته مُسلطة على الطريق.
-إحنا هننزل القاهرة وبعدها هنرجع موسكو عشان شغلي
-أماءت ب خفوت وقالت: طيب
-نظر لها وتساءل ب إهتمام: مالك في إيه! مش عاوزة ترجعي؟
نفت ب رأسها ولكنها أخذت نفس عميق ثم قالت ب تمهل و نبرة ضعيفة
-مش كدا. أنا بس. مش عاوزة. أرجع و أنا. لسه مش. خفيت
-أمسك يدها وشابك أصابعها وقال: طول ما أنا جمبك متخافيش
-إبتسمت وقالت: عارفة. ومتأكدة. بس.
-قاطعها ب هدوء قائلًا: مبسش يا دينا. خليكي معايا وإمسكي إيديا ومتخافيش. لو ما سبتيش إيدي أنا مش هسيبك
-ضغطت ب قوة على يده وقالت: مش. هسيب. إيدك
نظر لها ب حب ثم رفع كفها ولثمه ب رقة. لتفعل هي المثل. فعلتها جعلت قلبه يقرع ب قوة. وقتها علم أن قلبه عاد يضخ عشقًا لها. إبتسم وهو يقول
-بحبك يا دينا
-أغمضت عيناها وهي ترد و وجهه يعتليه إبتسامة: وأنا. كمان.
-تنهد ب إرتياح ثم قال: أخيرًا يا دينا أخيًرا نطقتيها. دا أنا قربت أخلل
ضحكت ب رقة ليبتسم هو الأخر. ليقول بعدها
-إحنا مش هننزل موسكو ع طول يعني مش النهاردة أو بكرة مثلًا. هنرتب أمورنا ونشوف الدكتور وبعدها نشوف هنعمل إيه
-أماءت ب رأسها وقالت: أوكيه...
ظلت ثوان تستوعب ما تفوه به حتى إبتعدت عن صدره فجأة وقالت ب دهشة
-معلش كدا سمعني قولت إيه أصلي مسمعتش!
-إتسعت إبتسامة خبيثة وقال ب خبث يوازي نبرته: بقولك ننزل الماية. إيه اللي مسمعتيهوش؟
-رمشت ب عينيها عدة مرات وقالت ب بلاهه: أنت بتتكلم جد!
-أجاب ب براءة مصطنعة: أه والله جد الجد كمان
-ف ردت عليه ب إستنكار: جاسر إحنا ف الشتا والجو تلج مش برد بس.
-غمزها ب وقاحة وقال: ما أنتي مش لابسة أهو ومش سقعانة إيه بقى!
تضرجت وجنتيها خجلًا و عفويًا جذبت الغطاء على جسدها ولم ترد. ليميل عليها هامسًا ب مكر
-ولا عشان ف حضني مثلًا. يلا ننزل وبلاش حجج!
لم ترد عليه فما زالت خجلة من ذلك الوقح. ليزيل الغطاء فجأة وهو يقول ب عبث
-السكوت علامة الرضا
-شهقت ب فزع وقالت: جاااسر! متعملش كدا
ولكنه لم يرد حملها و توجه ناحية حمام السباحة وقال وهو يقف على حافته.
-معملش إيه! أنا هعمل كدا
ثم قفز بها إلى المياه وسط صرخاتها وضحكاته التي كادت تجعلها تتوق إلى قتله. تعلقت ب عنقه وكادت أن توبخه إلا أنها صمتت فجأة وقالت ب دهشة
-الماية دافية!
-أحاط خصرها وقال ب عبث: فيه نظام تسخين يا جاهلة
-لوت شدقها ب ضيق وقال ب تذمر: وأنا أعرف منين. مش أعرف إن التكنولوجيا دي وصلتلكم
-أقرن ما بين حاجبيه وقال ب سخرية: يا شيخة! طب إتلهي بقى.
زمت شفتيها ب ضيق و صمتت. ليُقربها منه قائلًا ب إبتسامة
-يلا نعوم
ولم ينتظر ردها. ف أعطاها ظهره وأمسك يدها و وضعها حول عنقه ثم بدأ في السباحة بها وسط سعادتها به وسعادته بها. ظلا هكذا قُرابة ساعة وبعدها إستند ب ظهره إلى أحد الأركان وهي في أحضانه ليقول لها و هو يُزيح خُصلاتها عن عيناها
-مبسوطة!
-قبلت وجنته وقالت ب سعادة: جدًا. ربنا يخليك ليا
-إحتضنها بيد واحدة وقال: ويخليكي ليا وميحرمنيش منك ولا من بنوتي.
ليسمعا بعدها صوت هاتفه. ليصعد ثم عاونها هو في الصعود وقبل أن يرد جذب لها الغطاء وأحاط جسدها به ثم إرتدى هو سرواله وتوجه ناحية هاتفه. إلتقطته ليجده رقم سكرتيرته. فتح الهاتف وقال
-أيوة يا ليان خير؟
-أجابته ليان ب عملية: حضرتك في ورق لازم توقيعك
-طب ما تخلي صابر يمضي مكاني
-ما هو مستر صابر مش موجود وبتصل بيه مش بيرد ف حضرتك للزم تكون موجود
-تأفف جاسر ب ضيق وقال: طيب أنا جاي مش هتأخر.
ثم أغلق الهاتف لتتجه إليه روجيدا مُتساءلة
-في إيه يا جاسر!
-إرتدى كنزتة وقال: ورق عاوز إمضتي هروح وأرجع ع طول.
-أماءت ب تفهم وقالت: طيب يا حبيبي
-قبل جبينها وقال: إلبسي هدومك عما أبعت حد يجيبلك جاكيت متتطلعيش بالهدوم دي الجو برد
-إبتسمت وقالت: حاضر. بس متمشيش قبل ما أجي
-مسح على وجنتها ب حب وقال: من عيوني.
ثم خرج. وبعد دقائق خرجت هي بعدما أحضرت لها إحدى الخادمات معطف كما أمرها جاسر. صعدت إلى الغُرفة لتجده يُنهي إرتداء ثيابه.
توجهت ناحيته وجذبت إحدى ساعاته وألبسته إياها وكذلك وضعت عطرها المفضل. وهو يتأملها ب نظرات شغوفة.
نظرت له ب حب ف مال يُقبل شفتيها وكأنها مصدر قوته. إبتعد عنها وقالت ب حب.
-خلي بالك من نفسك
-عاد يُقبل جبينها وقال: حاضر. لا إله إلا الله
-سيدنا محمد رسول الله.
ثم خرج لتشعر بعدها ب إنقباضة في قلبها. يُنبؤها حدثها أن خطبًا ما سيحدث...
بدأت الشمس في الغروب و روجيدا تجيئ وتذهب في غُرفتها وقلبها لا يزال ينقبض من وقت لأخر وذهنها مُعلق ب جاسر بالرغم أنها حدثته مُنذ ما يقرب ساعة وأخبرها ب قدومه خلال ساعتين
إلا أن تلك الإنقباضات التي لا تُفارقها إلا لمامًا هي التي تجعلها على تلك الحالة. أخرجها من ذلك التفكير صوت بُكاء طفلتها ف هرعت إليها وحملتها من مهدها وأخذت تسير بها إلا أنها لم تهدأ. لتقول روجيدا ب خوف.
-أنتي كمان قلقانة ع بابي؟! ربنا يجيبه ب السلامة.
بدأت في إطعامها لتجدها بعد فترة قد نامت. وضعتها في مهدها ثم توجهت إلى أسفل لتجلسمع والدته عسى أن يختفي هلعها عليه. وبالفعل نزلت وجلست مع عمته و والدته تجاذبت أطراف الحديث ب طريقة مُقتضبة.
صدح صوت هاتفها. لتجده رقم غير مُسجل قطبت ما بين حاجبيها وفجأة إرتفع وجيب قلبها وهي تُجيب
-ألو!
-أيوة مدام روجيدا؟
-إنقبض قلبها وهي تقول: أيوة مين؟
-تنحنح صابر وهو يقول ب نبرة متوجسة: أنا صابر
-إبتلعت ريقها وهي تقول ب نبرة خائفة: أيوة يا أستاذ صابر. جاسر حصله حاجة؟
صمت دام لثوان كانت كفيلة ب جعل الرعب يسري ب أوردتها كما السُم. إبتلع صابر هو الأخر ريقه ب صعوبة وهو يرد عليها ب نبرة آسفة
-ج. جاسر. فيه ع. عربية شدته وهربت...
هنزل واحد ثاني على 12 كدةلا تنسوا الفوت و الكومنت.