قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عشق للكاتبة عفت بشندي الفصل السابع

رواية عشق للكاتبة عفت بشندي كاملة بجميع فصولها

رواية عشق للكاتبة عفت بشندي الفصل السابع

عاد احمد واوصله السائق الى منزله.. نظر له من بعيد.. وجد شكله قد تغير فى ناظريه.. لم يعد يرى فخامته وجمال بنيانه.. بل رآه قاتما موحشا تفوح منه رائحة الحقد والظلم.. لم يستطع الدخول.. امر السائق ان يوصله الى والده فى الشركة..

دخل مكتب والده.. يراه بعين جديدة هو الآخر.. فقد كان دائما ما يراه كالجبل الصلب بلا قلب .. خاصة عندما يرى تعامله مع زوجته ماجدة حيث لا مكان للمشاعر.. لكن بعدما عرف ما حدث قديما عرف ان ذلك نتيجة حتمية لجرح قلبه.. وفقدانه حبيبته بهذه الطريقة واحساسه بمرارة الخيانة من اقرب الناس اليه.. حبيبته وصديقه..
وجد اباه يوليه ظهره.. ينظر من النافذة غير شاعر بما حوله.. اقرب منه..
- بابا..

التفت محمد .. فصدم احمد.. لقد كبر عشرات السنين فى ايام .. ملامحه متغضنة وعيونه ذابلة .. احتضنه احمد بشوق.. فقد احبه هذه الايام اكثر من سنوات عمره جميعها..
جلسا سويا.. وبدأ احمد يسأل عن احوال جده واخيه وحال العمل.. ومحمد يرد بردود مقتضبة .. وفجأة قاطع حديثه وقال بلهفة:
- احمد.. شفتها؟

- احم.. ايوة شفتها
- عاملة ايه..
- كويسة
- ما سألتكش عنى
- مش محتاجة تسأل.. هى بتعرف كل اخبارنا اول باول
- بجد... يعنى لسة
- لسة ايه
- ابدا.. طيب هى عايشة ازاى .. شكلها باه ايه.. احكيلى
- عايشة كويسة مع.. عمى رمزى .. وبنتها
- هى خلفت
- ايوة
- يعنى ايه.. كانت فعلا بتخونى مع..

- بابا.. دى قصة طويلة .. وماما ما خانتكش.. والدليل ان بنتها سمتها عشق
- عشق؟
دمعت عيناه فى هذه اللحظة .. وحاول المقاومة ولكن لم يستطع.. ونزلت دمعته حارة
- بابا.. اول مرة اشوف دموعك..

- لانك اول مرة تشوفنى اصلا.. انا كنت تقريبا ميت السنين اللى فاتت.. من لحظة ما شككونى ف راوية وانا ميت على وش الدنيا
راوية.. حتى الاسم لما بنطقه برتاح.. بحس انى بطبطب على قلبى
- للدرجادى كنت بتحبها..

- كنت؟ انا اللى معيشنى لحد دلوقتى هو ذكرياتى معاها، وحاولت اقنع نفسي انهم اتنين، واحدة خانتنى ودى بتناساها، وواحدة حبيبتى وماتت لكن عايش على ذكرياتى معاها لحد اللحظة دى
ثم نكس رأسه وقال باحباط وانهزام:
- بس خلاص.. بعد اللى عرفته عرفت انها عايشة .. وعايشة مع واحد تانى وليها ذكريات معاه.. وكرهتنى
- مين قالك كدة..

- مش اتجوزت رمزى وخلفت منه كمان
- الموضوع مش كدة خالص.. انا هحكيلك ..
وسرد له كل ما سمعه هناك من امه.. وما حكاه له رمزى.. كان محمد يسمع ودموعه لا تتوقف.. كان كالزرع الزابل الذى ترويه كلماته وتبعث فيه الحياة من جديد..
تغيرت ملامحه بعد رواية احمد.. وبدأت تشرق من جديد..
- يااااااه.. امك دى جبل شافت كتير اوى..

- فعلا.. ورغم كدة مسامحة وخلتنى اعاهدها على انى اسامح انا كمان
- يعنى هى مسامحانى بجد.. وعارفة انى اتخدعت يا احمد
- ماما مازعلتش منك اصلا.. بالعكس.. زعلت عشان المك
سرح محمد بابتسامة حالمة وقام من مكانه ليفتح درج مكتبه ويخرج صورتين احداهما لراوية والاخرى لهما معا
تركه احمد لذكرياته .. ورجع مرغما على القصر.. فقد بلغ منه الارهاق مبلغه..

دخل القصر قابلته تحية .. مربيته منذ كان طفلا .. والتى كانت طوال عمره تعوضه عن ابتعاد والدته..
احتضنته بشوق وقالت:
- حبيبى يبنى وحشتنى اوى .. القصر كان مضلم من غيرك
- حبيبتى يا دادا وانتى اكتر
- هحضرلك العشا حالا
- لا تعبان محتاج انام ولما اصحى اكل
- نوم العافية يبنى..

على السلم قابل احمد شقيقه محمود.. محمود طالب بالثانوية العامة .. يمتاز بالطول الفارع والجاذبية الشديدة.. ولا يعيبه الا روحه اللاهية حيث عودته والدته على حياة الاثرياء الجوفاء اللاهية
- حمادة ازيك يا طبيب
- اهلا محمود وحشتنى .. ما فكرتش مرة تتصل يا ندل تطمن عليا..

- انت عارف.. الشغل والمدام والعيال واخدين وقتى كله يا عم عيالى
- هههههههههه .. طب خلى بالك لا جيجى هانم تسمعك بتتكلم كدة تقيم عليك الحد
- لاااا اجرى انا بسرعة.. هشوفك تانى يابو حميد
- ماشى بس ابقى طمنى على مذاكرتك
- ما تقلقش.. هدخل معهد الطب زيك تمام
- شكلك اخرج تمرجى
وضحكا سويا وخرج محمود..

ذهب احمد للاطمئنان على جده.. وارتاح لانه وجده نائما حيث كان يريد الانفراد بنفسه قليلا بعد خضم احداث الفترة الماضية.
دخل غرفته واغلقها خلفه.. واتصل باحد الارقام:
- وحشتينى اوى

فى صبيحة اليوم التالى نزل احمد لتناول الافطار .. ليجد امامه ماجدة .. تلك التى لم يعد يطيق رؤيتها لكن عهده لجده وامه جعله يكتم كراهيته داخله ..
- بونجور يا دكتور
- صباح الخير يا طنط ماجدة
- طنط وماجدة.. انت قاصد تضايقنى .. اسمى جيجى .. ولا سفرك نساك
- بالعكس .. سفرى خلانى عرفت الاصول اكتر.. ولقيت انه عيب انادى حضرتك باسمك من غير القاب..

- انا عاوزة كدة .. وما بحبش حد يناقشنى وانت عارف..
نظر لها ببرود ولم يعلق.. وفكر فى نفسه ..اين هى من دفء ونقاء ورقة والدته..
- هاااا... رحلتك كانت كويسة
- جدااااااا..
- للدرجادى ..
- واكتر
- مالك بترد كدة كلمة بكلمتها.. ما تتكلم وتحكى عملت ايه..

- هيكون عمل ايه يا جيجى هانم .. اكيد عرف بنوتة عسل قضى معاها الاجازة
كان هذا محمود الذى نزل كى يفطر معهم .. وينشر الابتسامة على وجوههم كعادته.. ولكنهما لم يكونا فى مزاج يسمح باى ابتسامة

ذهب احمد لغرفة جده .. فقد ارسل له فرحانة ابنة تحية يطلبه فى حجرته
- ازيك يا جدى
- حمدلله ع السلامة .. ايه اللى عرفته خلاك مش عاوز تشوفنى
- انا جيت ودخلتلك بليل بس لقيتك نايم
- يعنى مش هتعمل زى ابوك وتكرهنى يا احمد
- لا يا جدى.. رغم وجع قلبى من كل االى سمعته.. لكن عاهدتك وعاهدت امى انى اسامح..

- امك؟ امك طلبت منك كدة؟
- ايوة .. وقالتلى مافتحش اى حوار قديم مع اى حد حتى طنط ماجدة.. لان الكلام مش هيرجع اللى فات ولا هيصلح حاجة.. جرح وهيتفتح ولو اتفتح عمره ما هيرجع يقفل تانى
- طول عمرها عاقلة وراسية
- طب..
- ايه .. عاوز تقول ايه
- مفيش..
- قول السؤال اللى على طرف لسانك..

- معلش هنقض عهدى ف حاجة صغيرة.. لما انت شايف ماما كدة ليه عملت اللى عملته زمان
- تصدقنى يبنى لو قلتلك معرفش.. شيطانى اتلم على شيطان ماجدة ونادية وحمدى.. خلانى عملت كدة بدون عقل.. وحاسس انى عجزت والشلل دا جالى بسبب اللى عملته.. ويمكن شللى اللى ندمنى .. لما لقيت ماجدة ولا بتسأل عنى ومشغولة بخروج وسفر .. لو كانت راوية كان زمانها شالتنى جوة عنيها..

- هى طنط ماجدة عرفت انى عرفت
- اعتقد .. تقريبا كانت بتتصنط علينا
- ههههههههه وعرفت ازاى يا راجل يا عجوز
- دخلت تجر ناعم وترغى وتقول انا اتغيرت وفى حاجات زمان عملتها لو الزمن رجع ما كنتش عملتها.. فهمت انها بتتصنط
- ههههههههه والله وعامل تعبان..

- بص يا احمد.. ماجدة كمان مسكينة .. مكروهة من ابوك اللى فتحت عينيها على الدنيا عليه.. وحتى كل اللى عملته دا ولا لقت منه حب ولا استجابة ولا عاش معاها كزوج
- ازاى مش فاهم
- ابوك رجع ماجدة على ذمته من الحاحى عليه.. واستعطافها ليه.. لكن رفض يعاملها كزوج نهائى
- طب ومحمود؟

- ماجدة عندها مشكلة ف الخلفة .. ما ينفعش معاها الا عملية عشان تحمل.. بعد محايلة منى سنين اداهم العينة بالعافية.. وسافر وخدك معاه لما عرف بحملها .. ورفض يعرفنى او يعرف اى حد مكانه.. وهى قاطعتنى فاكرانى عارف مكانه ورجع لما كلمنى مرة وعرف انى تعبت.. وانا كنت اضطريت اعمل كدة عشان ارجعه لما بلغتنى انها ولدت..

سرح احمد بتفكيره.. وتذكر قصة انجاب اخته عشق... قد تختلف التفاصيل ولكن تتشابه النتائج ..
- روحت فين
- معاك يا جدى
- اخبار العروسة ايه
- عروسة ايه
- مش على جدك يا واد.. هتقابل ابوها امتى
- هتفق مع بابا واقولك.. سلام يا راجل يا عجوز
وذهب لعمله.. وهو يتأمل سخرية القدر.. حيث له اخت واخ غير شقيقين .. كل منهما جاء للحياة بقصة عجيبة ... ولكن هو فقط من جاء ابنا للحب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة