قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني

رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني

ماتت البراءه، قتلت نفسها بالخطأ بذالك المسدس الذي كان موضوع بخزنة والداها، هي لم تكن تعلم أنه جاهز للضرب، ظنت أنه خالى من الرصاص أو هكذا ظنت، لكن نفذ الآمر، هي بنظر الجميع لم تدنس فقط بل قتلت نفسها كافره
بعد مرور ثلاث أيام
أمام منزل العراب
عزاء إبنة عائلة العراب التي ماتت حظأ وهي تلعب بسلاح والداها، تلك كانت الكذبه أمام الناس خارج ذالك المنزل، وئد السر بين ساكنى جدران هذا المنزل فقط
بصوان الرجال.

وقف ناصر بين قماح والنبوى، يتقبلان العزاء...
ناصر منكس الرأس عيناه رغم عدم بكاؤه لكن إختفى لونها خلف شعور الغضب الممزوج بالحسره على إحدى فتياته عقله يكاد يشرد منه، كيف فعلت همس تلك الخطيئه من الذي فرطتت له بعفتها، والسؤال الآخر. لما قتلت نفسها، لآخر لحظه كان لديه أمل أن يعرف لما فعلت ذالك، أكان غصبا عنها، كان له قلب سيغفر لها تلك الخطيئه لو أباحت بسرها له.

النبوى يتلقى العزاء هو الآخر حزين للغايه كذالك قماح حزين همس كانت له مثل أخته الصغيره تفاجئ بكل ما حدث من إتصال هاتفى من والده، هو لم يكن بالبلده اليومان السابقان كان بالقاهره يعقد بعض الصفقات، عاد قبل ساعات خصيصا من أجل العزاء.

آتى لجوارهم ذالك الأحمق رباح الذي حتى لم يرسم الحزن على وجهه، وقال: المقرئ بقى مخلص أكتر من خمس أورده من القرآن، ولسه فيه معزيين موجودين بالصوان، قولت له يريح شويه ويرجع تانى يقرأ.
أماء ناصر برأسه صامتا.
بينما رأى رباح دخول بعض المعزيين
فعاد بنظره لقماح وقال: شايفين مين اللى جايين العزا.
نظر قماح بلا مبالاه
بينما ناصر والنبوى، نظروا بتفاجؤ.

بينما قال رباح: ده رجب السنهورى وإبنه نسايبك القدام يا قماح، والله عندهم واجب. وناس باقيه عالعشره.
نظر له قماح بسخريه وظل صامتا غير مبالى بوجودهم حتى حين إقتربوا منه وقدموا واجب العزاء تعامل معهم بحياديه. رغم محاولتهم جذب حديثه لأكثر من مره مقدمين واجب العزاء بحبور.
بينما بقاعه كبيره بداخل المنزل
كان عزاء النساء.

كانت قدريه بداخلها شعور النشوه كم ودت إفتضاح آمر همس الخاطيه بالبلده، لكن كلمة هدايه أن تختفى الحقيقه بين جدران هذا المنزل جعلها تصمت، لكن سربت لبعض الأقربين منها بعض الكلمات التي تدل على إنتحار همس، ليس كما يقولون أنها ماتت بلعبها بالسلاح دون علم، كان هنالك همسات وهمهمات بين النسوه. منهم من هو بالفعل حزين.

علي تلك الأم المكدومه على زهرتها التي سقطت قبل أن تتفتح، كانت نهله تجلس بين النساء سابحه في ملكوت خاص بها عينيها كأنها تحجرت لم يعد بها دموع آلم يفتك بقلبها ليتها تنهض وتصرخ وتصرخ ربما يخف ذالك الآلم الذي يكاد يفجر قلبها بداخلها، بعقلها تلوم همس ليتها أخبرتها بما حدث لها ربما كانت فعلت لها شئ، لكن أى شئ كانت ستفعله لها همس إقترفت ذنب لا غفران له خانت أمانتها وإستباحت الخطأ حتى أنها صمتت لم تبوح بمن فعلت معه ذالك، ربما كانوا أصلحوا الخطأ، لكن حتى هذا لم تفعله وفضلت الموت على ذالك آثمه.

هدايه رغم جبروتها وأنها هي من قامت بتغسيل جسد همس، لكن هاهى الدموع تسيل من بين عينيها تحفر نيران حارقه في قلبها، حفيدتها الثلاث كن أصحاب معزه خاصه بقلبها، وهمس كانت أكثرهن تشبهها في الملامح لكن ليست بقوتها من تشبهها في القوه هي سلسبيل.
بينما هدى كانت تجلس بحضن سلسبيل دموعهما غزيره.

بين ليله وضحاها، إنقلبت الحياه أصبحن إثنتين فقط رحلت من كانت بالمنتصف بينهن، من كانت تبث لهن روح المرح دائما، رغم إنطفاء مرحها في الأيام الأخيره، إبتعدت عنهن وحين كن يسألنها كانت تتهرب من الجواب، بأنها مرهقه من الدراسه وإقتراب ألامتحانات، كيف صدقن ذالك وإستسلمن وتركاها لوحدتها بأيامها الأخيره
جالت عين سلسبيل بالمكان، رؤس نساء تتشح بالسواد ودموع وأيضا دماء بريئه سالت.

تلك كان هو تفسير ذالك الطيف التي رأته قبل أكثر من شهر، زاد هطول دموع عينيها.
آتى المساء، إنفض العزاء.
دخل ناصر منكس الرأس وخلفه النبوى من ثم قماح ورباح الى تلك الغرفه التي كان يجلس بها النساء.
نظرت لهم هدايه وقالت: العزا تلات أيام بكده العزا خلاص إنتهى من بكره كل واحد يرجع تانى لشغله، كفايه تعطيل مشاغل لحد إكده.

تداعت عطيات الخبث ومثلت الدموع قائله: والله المرحومه كانت غاليه عيندى، ربنا العالم قد أيه، ربنا يرحمها ويغفر لها وزرها.
نظرت هدايه لزهرت بزغر وقالت بحسم: ربنا يرحمنا چميعا بكفايه عاد وچودك هنا، روحى دار بجالك تلات ليالى فايته دارك وإبنك وچوزك المريض، لازمه رعايه ربنا يشفيه.
ردت عطيات: يارب، والله لما زهرت إتصلت عليا وجالتلى عاللى حصل أنا مصدجتش همس تعمل إكده إزاى؟
ليه تجتل نفسها؟

ردت هدايه بحزم وهي تنظر ل زهرت بتوعد: همس مجتلتش نفسها، همس ماتت بالغلط، مكنتش تعرف إن السلاح متعمر، وزى ما جولت العزا خلاص إنفض والسيره دى كمان إنفضت يا عطيات.
صمتت عطيات وغادرت المنزل
بينما نهضت كل من سلسيبل وهدى تسيران جوار بعضن كآن هن يستدن على كتف بعض، وخرجن من الغرفه بصمت
كانت عين قماح تنظر الى وجه سلسبيل الشاحب بشده منذ أن دخل الى الغرفه رغم ذالك لم يشعر بشفقه إتجاهها.

تحدثت قدريه بوسواس: بعد إكده مش لازم بنت تتعلم وتروح الچامعه حتى هدى ملهاش لازمه الچامعه لا تسوى كيف أختها، المره دى ربنا لطف بينا ومش رايد لينا الفضيحه.
تحدثت زهرت الشيطانه الآخرى: أمى لما خدت الدبلوم رفضت إنى أكمل علام بعده عندها حق لما قالتلى العلام العالى للبنات مبيجيش من وراه خير، وأها، همس...

لم تكمل زهرت حديثها حين قاطعتها هدايه بحسم قائله: جولت العزا خلص ويلا كل واحد يروح مطرحه، وبلاش كلام فارغ، هدى هتروح چامعتها وتكمل دراستها، وسر همس هيندفن إهنه بين حيطان الدار وإياك إسمع بس طراطيش كلام باللى حصل للناس بره الدار مفهوم، وزى ما جولت من شويه كل واحد على مطرحه تصبحوا على خير.
رددن زهرت وقدريه، عليها وغادرن الغرفه وهن شامتات رغم حديث هدايه الحازم والمهدد لهن.

بينما نهله صامته حتى البكاء لم تبكى عينيها تحجرت تشعر بنزيف بقلبها فهو الذي يبكى بدل عينيها، خرجت هي الأخرى من الغرفه صامته تجر ساقيها ببطئ شديد.
كذالك رباح ذهب خلف زوجته سريعا.
بينما ظل قماح وناصر والنبوى بالغرفه...
نظرت هدايه ل ناصر المنكس ليس فقط الرآس، بل القلب والوجدان خالى العقل...

إقتربت هدايه منه وهي تشعر بحزن شديد، وضعت يدها فوق كتفه بمواساه، رفع ناصر وجهه ونظر لعين هدايه وبلا سابق إنذار إرتمى بحضنها يبكى بوجع شديد يقول بحسره: أنا مستحقش اللى حصل عمر عنينا حتى ما بصت لواحده نظره مش كويسه، كنت بخاف ربنا، ليه يحصلى كده، ياريتنى كنت...
وضعت هدايه يدها على فم ناصر وقالت له: إستغفر ربك يا ناصر، كل شئ قدر من ربنا وعد ومجدر يا ولدى.

نظر لها ناصر يقول: اللى قهرنى إنها فضلت الموت عن إنها تتكلم وتقول ليه عملت كده ومع مين، ليه دارت عليه، بشرفى لو عرفته كنت خليته يسكن القبر قبلها، وحتى لو كان غصب عنها ليه سكتت كانت تقول.
طبطب النبوى على ظهر أخيه وقال بحنو: خلاص يا ناصر، زى أمى ما جالت كل شئ قدر ومكتوب.

كان قماح يقف صمتا، لكن بداخله حزين على عمه الذي رأها لأول مره يبكى، عمه كان قدوته في الشجاعه، كيف إنهزم هكذا فجأه بداخله أيقن أن نساء هن فقط القادرات على هزيمة الرجال، وهو لم ولن يسمح لواحده أن تهزمه أبدا.
بعض قليل
بشقة زهرت ورباح، بغرفة النوم.

خلعت زهرت ذالك المئزر من فوق جسدها الغض تظهر فتنتها ونثرت إحدى العطور كذالك طلاء شفاه أحمر مثير، في ذالك الوقت دخل عليها رباح، نظر لها بإثاره وإقترب منها ووضع يديه حول خصرها. وإنحنى كى يقبلها لكن. تدللت ونفضت يديه من حول خصرها قائله بدلال خادع سهل على رباح الوقوع تحت تأثيره: إبعد عنى، كفايه اللى إحنا فيه؟
رد رباح: وأيه اللى إحنا فيه، إحنا حلوين أهو.

نظرت له زهرت قائله: حلوين فين، مش شايف معاملة جدتك لأمى دى شبه طردتها من الدار، حتى أنا لما إتكلمت إتوففت ليا، ياريتها عملت كده مع بنت عمك يمكن مكنتش جابت العار لينا.
تحدث رباح: بس بلاش تجيبى سيرة همس زى جدتى ما قالت، وبعدين أمك بنت جوزها وعارفه طباعها قد أيه شديده، خلينا في نفسنا، يا زهرتى قميص النوم ده يجنن.
تدللت زهرت بغنج قائله: مش قميص النوم هو اللى يجنن، القالب غالب يا عزيزى.

تبسم رباح يعيد قولها: القالب غالب فعلا وأنتى هوستينى بجمالك من زمان قوى يا زهرت ولسه بتهوسينى.
تبسمت زهرت بدلال تجيد صنعه على ذالك المعتوه الذي يسقط في براثنها بسهوله، بعد قليل
تنحى عنها يشعر بنشوه، وهي تقترب منه وتنام على صدره بخبث قائله: ضحكت عليا، بس أنا لسه زعلانه من كلام جدتك القاسى لماما.

وضع رباح يده على ظهرها وقال: فوتى يا زهرت جدتى ست كبيره وكلمتها بتمشى عالكبير قبل الصغير في البيت ده، بلاش تتوقفى لها وحاولى تقربى منها أكتر، شايفه مرات عمى نهله وأمى نفسهم ماشين بأمرها، حتى بابا وعمى كمان كلمتها لهم واحده.
ردت زهرت: بس قماح الوحيد اللى مش بيمشى بأمرها، إشمعنا هو؟

رد رباح بحقد: مش عارف ليه قماح الوحيد اللى مش بتقدر تتنى عليه كلمه ومع ذالك بتفوت له، حتى لما كان غايب عنا هنا وعايش في اليونان مكنتش بتبطل سيرته كأنها كانت خايفه إننا مع الوقت ننساه، ولما رجع تانى كأنها لقت كنز، وهو منفوخ علينا كلنا، وقال أيه هو اللى زود أسم واملاك عيلة العراب بذكاؤه، وده كله حظ مش أكتر.

نظرت زهرت لرباح ترسم بسمه خبيثه، جعلته يتمنى المزيد من الغرام معها بالفعل حيلتها معه تنفع وسرعان ما يسقط معها بتلك المشاعر الخادعه التي تسلبه بها
بشقة ناصر
جلست سلسبيل على فراشها، تشعر بسحق قلبها، دموعها تسيل، لكن آتت لها هدى تبكى هي الآخرى قائله: قولى لى اللى إحنا فيه كابوس وهصحى منه هلاقى همس عايشه بينا.

مش قادره أصدق إن خلاص همس راحت ومعتش هشوفها ولا هسمع صوتها، أنا مش مصدقه اللى حصل عقلى مش مستوعب إزاى ده حصل، همس مش...
لم تقدر هدى على تكملة قولها ونظرت لسلسبيل
التى فردت يديها لهدى والتي سرعان ما قطعت تلك الخطوات وإرتمت بين يديها، تبكى بحرقه كذالك سلسبيل هي الأخرى...
حضنت هدى قائله بتآلم: متأكده همس مش خاطيه...

ولا أنا قادره أصدق كل اللى حصل، ولا قادره أنسى منظرها وهي بتموت بين إيديا، مش فاهمه حاجه عقلى هيشت منى.

بغرفة ناصر ونهله، إتشحت نهله بسواد ليس الملبس فقط بل العقل أيضا العقل يرفض ما حدث، إحدى فتايتها ذهبت دون عوده
نظرت لناصر الذي يجلس فوق الفراس ينكس رأسه. وقالت بسؤال: قولى غلطنا في أيه علشان همس تعمل فينا كده، أنا يعلم ربى من يوم ما دخلت الدار دى صونت لسانى عن الغلط في أى حد وعاملت ربنا فيك وفي بناتى ليه همس ظلمتنا الظلم ده.
صمت ناصر.

عاودت نهله القول: قولى سبب للحسره اللى سابتها ليا همس في قلبى، قولى يا ناصر
هنا إنفجرت الدموع التي كانت متحجره في عينيها، إنفجرت تحفر مكانها على وجنتي نهله السنة لهب حارقة، بكت أخيرا بكت لكن لم تبكى فقط، بل خارت ساقيها عن تحملها وجثت على رسغيها تنوح في البكاء، قلبها يتآلم مفجوع.

نهض ناصر و جثى لجوارها وقام بضمها له وقال جملة هدايه: قدر ومكتوب يا نهله وعلينا بالصبر، حتى قدام بناتنا. بلاش يشفونا مهزومين كده.
بمكان خالى شبه صحراوى
كان كارم يمسك بين يديه ذالك السلاح الذي قتلت همس نفسها به
صورتها وهي تنزف أمامه لاتفارق خياله، قولها الأخير أنها ليست خاطيه، للحظه صدقها لكن السؤال إن لم تكن كذالك، لماذا قتلت نفسها، جاوب قلبه. ربما إغتصبت.

سخر منه عقله وقال: كانت تقدر تقول ووقتها كنت هصدقها
رد قلبن: كنت هتصدقها أيوا هصدقها، همس مستحيل كانت تغلط الغلطه دى، همس كانت ملاك.

سخر عقله منه مره أخرى يقول: عليك اللعنه أيها القلب، ربما لم تبوح لها بمكنون قلبك، لكن لمحت لها أكثر من مره، ماذا كنت تنتظر، لما لم تبوح بمشاعرك ربما كانت تحاوبت معك وبقيت حيه، لكن فات الوقت، همس ماتت ولم تقتل نفسها فقط بل قتلتك معها، ضع هذا السلاح الآن برأسك وألحق بها في جهنم.

بالفعل قام بتعمير السلاح وصوبه ناحيه رأسه، وكاد يطلق الرصاصه، لكن رأى عيون حمراء تقترب منه، كان أكثر ذئبا، يبدوان ضالين وجائعين، فكر عقله
أيقتل نفسه الآن ويكون جسده طعام لهما، لأ يا كارم.
هكذا سمع صوت من خلفه، يصحبه إطلاق رصاص.
هرب الذئبان بعيدا بعد سماع صوت الرصاص...
نظر كارم خلفه
رأى قماح مازال يرفع سلاحه.
نظر له وقال بذهول: قماح!

رد قماح: بلاش اللى بتفكر فيه يا كارم، صدقنى الموت مش هيريحك من الآلم اللى حاسس بيه، لو الموت كان بيريح كان زمانى موتت من زمان، بلاش تبقى إنهزامى كده، همس مش آخر بنت في الدنيا صدقنى، شيل الوهم اللى في دماغك، خلينا نرجع للبيت من تانى.
إستسلم كارم لقول قماح وقال له، إركب عربيتك وإنا هركب عربيتى وأمشى وراك.

بالفعل صعد قماح لسيارته لكن مازال عيناه تنظر بترقب ناحية كارم، إستراح قليلا حين رأه يصعد لسيارته، وبدأ في قيادتها، كذالك فعل قماح وسار خلفه عائدين الى المنزل.

لتنتهى ليلة تبدأ بعدها مرحلة أخرى بحياة الجميع.
بعد مرور أكثر من خمس شهور ونصف.
فجرا
كانت سلسبيل تقف بغرفه حولها من كل إتجاه ستائر، وكان خلف إحدى تلك الستائر طيف رجل، للحظه توجست سلسبيل، لكن فجأه هبت رياح بالغرفه وأطارت بعض الستائر منها من طار عليها، جذبتها بيديها على جنب، كى ترى ونظرت أمامها، ذهلت عندما رأت وجه من كان طيفه خلف الستائر، وقالت: قماح!

نظر لها بلا مبالاه، وهو يقترب منها بخطوات وهي تعود للخلف، أختفت من أمامه خلف إحدى الستائر، لكن قماح جذب طرفي الستاره ونظر لها، وإقترب منها لم يعد أى شئ فاصل بينهم، فجأه مد يده وإنتزع من عليها ملابسها، أصبحت أمامه شبه عاريه، جذبت الستاره كى تخفى جسدها عن عيني قماح، لكن تبسم ساخرا، وإقترب منها وجذبها لتقبع بحضنه وفجأه كاد يقبلها...

فى ذالك الوقت نهضت سلسبيل من النوم فزعه، رغم أن الطقس في بداية الصيف ولم يغزو الحر بعد. لكن كانت تتصبب عرقا.

ظل عقلها يعيد ذالك الحلم التي رأته قبل قليل، لما يتكرر هذا الحلم معها منذ مده طويله حتى من قبل طلاقه من زوجته الثانيه، هي تخشى قماح، وتتجنبه لا تعلم لما حين ينظر لها تشعر كأنها أمامه عاريه، كما ترى في أحلامها، صلتها بقماح شبه فاتره، مجرد أحاديث قليله فقط ولأسباب، كثيرا تنجنب حتى الجلوس بمكان هو موجود به.

فاقت من تفكيرها على صوت آذان الفجر، نفضت عن رأسها ذالك الحلم ونهضت من على الفراش تستغفر، وظنت أن هذا الحلم أيقظها من النوم من أجل قضاء صلاة الفجر، ربما هذا تنبيه من الله لها.

بعد العصر
بمنزل العراب
تفاجئ الجميع بذالك الضيفان اللذان أتيا دون سابق ميعاد
إستقبلهم
النبوى ومعه ناصر، قماح الذي كان وجوده اليوم بالمنزل بهذا الوقت صدفه، ربما دبرها القدر
كذالك هداية إستقبلتهم بترحاب بسيط
تحدث أحد الضيفان وقال: أنا بعتذر يا جماعه إننا جينا بدون ميعاد وأتمنى الآمر اللى جاي علشانه يغفرلنا مجينا بدون حتى إتصال مننا ناخد منكم ميعاد.

نظرت هدايه للضيف ثم لقماح وقالت: لأ أبدا، يا رجب إنت مش غريب، إتفضل بلاش الوجفه دى، أنا هخليهم يچهزوا الوكل حالا.
رد رجب: لأ يا حجه هدايه خيرك وكرمك سابق أنا كل اللى عاوزه كوباية شاى نشربها وإحنا بنتحدت مع بعضينا في الآمر اللى جاين عشانه.
ردت هدايه خير، ثوانى هجولهم يسولنا الشاى وراجعه تانى.
بعد دقائق عادت هدايه وخلفها إحدى الخادمات بالمنزل تحمل صنيه موضوع عليها أكواب الشاى.

جلست هدايه ترحب مره أخرى ب رجب ومن معه.
قائله: خير يا رجب جولى أيه الآمر اللى جاي عشانه.
رسم رحب بعض الحزن وقال: خير يا جحه هدايه، بصراحه أنا عارف ومقدر حزنكم على المرحومه، وإن ممرش وقت كبير على رحيلها، بس ده ميمنعش الخير اللى جايين علشانه.
تنهدت هدايه بآسى، وقالت: خير إدخل في الأمر مباشر.
نظر رحب ناحية قماح الذي كان يجلس يضع ساق فوق أخرى، ينتظر بترقب معرفة سبب مجئ رجب وإبنه اليوم دون سابق ميعاد...

وقال: إحنا جايين نطلب إيد سلسبيل ل (نائل)إبنى، وقبل الرد منكم هقول الجواز مش هيكون قبل سنه.
نظرت هدايه نحو قماح الذي تغيرت ملامحه، ليس ملامحه فقط من تغيرت، بل جلسته تغيرت إعتدل في الجلوس وأنزل ساقه من فوق الأخرى، ونظر بتحفز ناحية هدايه التي تبادلت معه بعض النظرات، ثم قالت: للأسف جيت متأخر يا رجب، وسلسبيل إتخطبت وفرحها كمان إتحدد بعد شهر.
تعجب رجب وقال: بس اللى أعرفه إنها مش مخطوبه أمتى إتخطبت.

كذالك ذهل كل من النبوى وناصر، من رد هدايه وصمتا الاثنان.
بينما قماح رسم بسمه طفيفه على شفاه وهو ينظر لرجب وإبنه المذهولان.
عاودت هداية القول: سلسبيل كانت إتخطبت جبل ما موت المرحومه همس، بس اللى حصل آجل الأعلان، بس خلاص مالوش لازمه التأجيل أكتر من إكده.
تنحنح نائل وقال: ومين العريس حد نعرفه؟
نظرت هدايه ناحية قماح وقالت بمفاجأه: قماح هو عريس سلسبيل.

صدمه ألجمت جميع الجالسين بالغرفه عدا قماح الصامت لم يعطى أى رد فعل.

تحدث رجب الذي لايشعر فقط بخزو، بل بخيبه أيضا هو كان بتمنى أن يعيد قماح إبنته زوجه له، وخطوبة سلسبيل كانت خطوه ربما تمهد لذالك، لكن صدم من رد هدايه عليه الذي يقطع كل الطرق أمامه لإسترداد نسب عائلة العراب مره أخرى، ونائل أيضا الذي لديه بعض مشاعر الإعجاب ناحية سلسبيل التي رأها أكثر من مره سابقا أثناء زيارته لأخته الزوجه السابقه لقماح.

برد فعل تلقائى نهض رجب وخلفه أبنه مهزومان وقال: عالعموم ألف مبروك وربنا يتمم بخير وآسف مكنتش أعرف بس العيب مش عليا.
ردت هدايه: فعلا مش العيب عليك والموضوع في أى عيب أساسا كل شئ نصيب وسلسبيل نصيبها قماح، ربنا يرزق نائل بالخير يارب.
تبسم رجب بخفوت وقال: نستأذن إحنا.
أمائت هدايه برأسها وقالت: نورتم قوم مع الضيوف يا نبوى وصلهم للباب.
إنسحب رجب وخلفه إبنه برفقتهم النبوى.

بينما بالغرفه تحدث ناصر المتعجب من قول والداته ومتعجب أكثر من صمت قماح: كلام فارغ أيه اللى قولتيه لرجب ده يا أمى، كنا رفضناه وخلاص، أسهل من كده، ومالوش لازمه نورط قماح في كلام فاضى.
نظرت هدايه لقماح وقالت: جول لعمك يا قماح حديتى اللى جولته من هبابه كلام فارغ.
نظر قماح لناصر وقال: كلام جدتى مش فارغ يا عمى وأنا بطلب منك إيد سلسبيل.

صدمه ألجمت ليس فقط ناصر، بل سلسبيل نفسها التي كادت تدخل الغرفه بعد رؤيتها لمغادرة الضيوف للمنزل، كانت آتيه لجدتها من أجل أن تقول لها أن هنالك إحدى النساء تنتظرها بغرفه أخرى تريدها أن تداوى لها ساقها المجذوع، لكن نسيت هذا وقالت: بس أنا مستحيل أتجوز دلوقتي همس مكملتش سنه ميته، مش بفكر في الجواز أصلا.

نظر لها قماح ود لو سحقها الآن بين يديه، كز على أسنانه التي تصتقك بقوه، يحاول تهدئة نفسه كى لا يرد عليها بطريقه تستحقها على حديثها هذا، والذي معناه المباشر، الرفض.
لكن قالت هدايه بتصميم: بس ناصر موافج يا سلسبيل، هتصغرى أبوكى جدامنا إياك.

تفاجئت سلسبيل ونظرت بإتجاه والداها، أماء رأسه لها بموافقه، ذهلت أكثر، حين دخلت والداتها وقالت: ده يوم المنى قماح عريس أى بنت تتمناه سلسبيل قالت كده من المفاجأه بس، ربنا يتمم بخير والله لو مش الظروف كنت زغرطت.
نظرت سلسبيل لوالداها ثم لوالداتها هي متفاجئه من رد فعلهم، كأنهم لم يكونا مصدقين او كانا ينتظران ما قاله قماح قبل دقائق، لا تعرف لما صمتت تشعر بداخلها بخيبة أمل من رد فعل والديها.

تحدثت هدايه: طالما موافجه يبجى خير البر عاجله، وزى ما جولت من هبابه، فرح قماح وسلسبيل بعد شهر يكون قماح جهز الشجه (الشقه)الچديده لسلسبيل والعفش نشتريه چاهز وكمان الفرش وحاچات العروسه كمان.
شهر!
هكذا قالت سلسبيل قبل أن تكمل حديثها: بس همس لسه مكملتش سنه يا جدتى، الناس هتقول أيه.

ردت هدايه بآلم: همس بتنا وأنتى كمان بتنا وقماح ولدنا، يعنى الحزن بتاعنا والفرح بتاعنا، ومحدش ليه عيندنا حاچه واصل، الفرح بعد شهر، وأنت يا قماح چهز الشجه اللى في الدور التالت جصاد شجة رباح، سلسبيل مش هتدخل في الشجه اللى إتچوزت فيها جبل إكده.
تهكمت سلسبيل بداخلها، كأن الشقه هي التي ستغير من أطباعه السابقه...
لكن مازال وقت ربما تقدر على إقناعهم بالعدول عن ذالك الزواج لاحقآ.

بائت كل محاولات سلسبيل بفض تلك الزيجه بالفشل، كأنهم كانوا يتمنون إتمام ذالك الزواج قبل ذالك.
مر الشهر واليوم هو الزفاف. أو الدخله كما يقولون، فهو زفاف سيكون بسيط لائق بعائلة العراب وكذالك غير مبهرج حفاظا على حزنهم على فقيدتهم الشابه التي فقدوها قبل أشهر، لكن أين هذا الحزن، انهم يقدموها كقربان ل قماح
قالتها لها والداتها صريحه.

طلب قماح للزواج منك فرصه كبيره لم تكن تتوقعها بعد معرفته بخطيئة همس التي طالتها وصمتها ليس هي فقط وهدى أيضا ربما تعانى من تلك الوصمه، لكن زواجها من قماح الآن فرصه كبيره لها.
علي يد توقظها من النوم لم تفيق سلسبيل من النوم مازالت بعيون نعسه لكن كأنها ترى أمامها همس، تبسمت بتلقائيه وقالت همس، إنتى عايشه صح أنا كنت في كابوس، الحمدلله، همس أنا كنت خايفه يكون اللى في الحلم حصل حقيقى.

قالت سلسبيل هذا ونهضت تحتضن من كانت توقظها.
ربتت من تحتضنها على ظهر سلسبيل وقالت: أنا ماما. همس ماتت يا سلسبيل، فوقى من الهلاوس دى بقى، الليله زفافك على قماح.
ازاحت سلسبيل يديها عنها وعادت للخلف تنظر لها بتمعن، حقا ما رأته ليس كابوس بل واقع حدث بالفعل، وهي من ستدفع ثمنه مع ذالك العنجهي قماح.

تعجبت نهله من نظرات سلسبيل التي تغيرت بشده وقبل أن تحدثها، نهضت سلسبيل من على فراشها وأخذت أحد إيسدالاتها وارتدتها فوق منامتها وخرجت سريعا، بداخله لن يتم هذا الزواج وواحده فقط هي القادره على إيقاف هذا الزواج، ستذهب لها الآن وبالتأكيد ستساعدها وتفعل لها ما تريد.
.

نزلت سلسبيل ودخلت الى تلك الغرفه الخاصه بجدتها تلك المرأه التي هرمت من العمر لكن مازالت قوية الكلمه، كلمتها سيف على رقاب إبنيها الرجال ونسائهم وايضا أولادهم كلهم
عدا ذالك القاسى الذي يسير الجميع خلفه وتنفذ كلمته، رغم أنه الولد الثانى لإبنها الأكبر.
وجدت جدتها تجلس مغمضة العين بمقعدها العتيق ذو الطابع الأثرى القديم تمسك بيدها مسبحه تحرك يدها حباتها تسبح وتستغفر.
للحظه فكرت سلسبيل أنها نائمه.

لكن تحدثت هدايه: تعالى يا سلسبيل. عاوزه أيه؟
تنحنحت سلسبيل أكثر من مره تخشى الحديث كأن الشجاعة السابقه لديها إختفت.
لكن قالت الجده: جولى اللى چايه عشان تجوليه وبطلى نحنحه، بلاش تضيع وجت
عشيه دخلتك على (قماح) ولازم تچهزى علشانه.
نزلت دمعه من عين سلسبيل وإنحنت أمام ساق جدتها تقول بإستجداء: آحب على رچلك يا چدتى إنتى الوحيده اللى جادره توجفى چوازى الليله من قماح.

قماح معندوش حدا غالى يا چدتى وأنتى خابره إكده، دى إتزوچ مرتين وهو لساته مكملش التلاتين سنه وأكتر چوازه فيهم يادوب عمرت معاه سنه، ليه عتظلمونى إمعاه إنى ماليش ذنب أشيل...
تحدثت تلك الجحود التي دخلت وجهها ينظر بشر قائله بوعيد: كملى ليه وجفتى حديت، تشيلى خطية أختك اللى حطت راسنا كلياتنا في الوحل وبعدها مجدرتش تجول مين اللى فرطت في شرفنا معاه وفضلت تنتحر وتموت مش بس خاطيه لاه وكمان كافره.

ردت سلسبيل بعنفوان: أنا متأكده أختى لا خاطيه ولا كافره يا مرت عمى، وأنا مش بتحدت إمعاكى أنا بتحدت مع چدتى، بترچاكى يا چدتى بلاش تأخدونى بذنب غيرى وتچوزونى قماح.
ردت زوجة عمها بشرر وإستفزاز قائله: ماله قماح زين الرچال ألف بنته تتمنى تراب رچليه، ولا إنت كيف أختك عاشجه. وهتكملى بجية عارها ونتفتضح چدام الناس بالكفر.

نهضت سلسبيل واقفه تنظر لزوجة عمها بعنفوان قائله: لاه أنا مش عاشجه. بس كمان ما ريداش إتچوز من قماح، قماح اللى مفيش ست من الإتنين اللى إتچوزهم جدرت تتحمل طبايعه الصعبه الله أعلم كان بيعاملهم إزاى، أنا شوفته بعينى كان بيضرب واحده منيهم عشان عصت أمره وراحت تزور أمها العيانه وبعدها طلجها، ده واحد مريض نفسى محتاچ علاچ.

صفعتها زوجة عمها بقوه على وجنتها بقوه ودفاع قائله: إتحشمى ولمى لسانك عاد، تجصدى أيه بمريض نفسى، قصدك إن ولدى مچنون...
إنتى تحمدى ربنا إنه طلب يتچوزك ويلمك بدل ما تچيبى لينا العار مره تانيه كيف أختك الخاطيه.
نهضت هدايه وقالت بحده: جطع يدك...

ليس هذا فقط بل ردت الصفعه أقوى على وجه قدريه التي وقفت مذهوله غير مصدقة ما فعلته هدايه، هذه أول مره تفعلها مر على عيشها معها أكثر من خمس وثلاثون عام، كزت قدريه على أسنانها تمثل البكاء والآلم والعتاب لهدايه.
تجاهلت هدايه ذالك وضمت سلسبيل لحضنها تمسد على كتفها بحنان
بذالك الوقت دخلت نهله الى الغرفه ورأت صفع هدايه ل قدريه ذهلت هي الآخرى وتلجم لسانها للحظات.

بينما أكملت هدايه وهي تمسك يدي سلسبيل قائله بحنان وتطمين: سلسبيل إعلمى كويس عمرى ما هسمح لأى حد يذلك حتى لو كان قماح نفسه.
شعرت نهله بفرحه في قلبها المكدوم وقالت: في بنتين چم عشان يزينوا سلسبيل.
تبسمت هدايه وهي تمسد على ظهر سلسبيل، عروستنا زينه مش محتاچه لا لأحمر ولا أخضر، بس مفيش مانع نظهر چمالها أكتر، روحى مع نهله يا سلسبيل وإطمنى.

رغم عدم إقتناع سلسبيل المذهوله هي الآخرى من فعلة جدتها لكن ذهبت مع نهله.
كادت قدريه التي تشعر ليس فقط بغيظ لكن تشعر بكراهيه تزداد، أن تخرج هي الآخرى من الغرفه خلفهن...

لكن قالت هدايه بحده: إستنى يا قدريه، بصى يا بت الناس أنا صبرت عليكى كتير من زمان جوى جوى، من يوم ما دخلتى دارى، كنت بفوتلك وأجول أم ولادنا، وإتحملتك عشانهم، زمان كانوا صغار خوفت يفارجوا حضننا، زى اللى كان مفارج (مفارق)، لكن دلوق مش هجول أنهم زينة الشباب، بس هجول بجوا شباب ويعرفوا مصلحتهم كويس، وإنتى اللى فاضلك هي طلجه (طلقه) واحده وبعدها تتحرمى على ولدى، لو عاوزه تكملى بجية حياتك مع ولادك يبجى تبعدى عن سلسبيل وقماح وأوعاكى أسمع عن مشكله حصلت بيناتهم بسببك، وجتها متلوميش غير نفسك، أوعى تفكرينى ساذجه ومصدجه كلامك الماسخ، قماح في جلبى زى ولادى، إنتى أكتر إنسانه كرهتيها في حياتك كانت كارولين أم قماح إنتى فرحتى في موتها وإرتاحتى أكتر لما قماح سافر مع چدته لليونان بعدها، رجوع قماح صحى في جلبك الحجد(الحقد) الجديم، أوعاكى تقربى من قماح وسلسبيل يا قدريه، وإلا هتتحرمى من خير عيلة العراب اللى نفسك فيه لولادك لوحدهم بعيد عن قماح وبنات ناصر ولدى، مش هتكسبى حاچه من فرقة ولاد العراب يا قدريه في ثانيه هچمعهم بين إيديا، رچاله كيف ما أنا رايده يكونوا في ضهر بعض.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة